يوم إجازتك
11-7-2010
إنه يوم إجازتك الأسبوعية المنتظر.. هدنة من التجوال عبر الأعمال.. جرعة مكثفة من النوم.. تعِب ما تقدر عليه من العدد الأسبوعي للجريدة المفضلة.. تشاغب صغارك في غرفتهم، حيث تحتبسهم أمهم لتنفرد هي بأتربة الشقة، وعبثهم بأثاثها طوال أسبوع، تسعى فيه لتعاونك على سعار أسعار الحياة.. تستتر بمشاغلة أطفالك؛ لتهرب من نوال حصتك من الغبار ومشاركتها فيما هي فيه.. تريح ضميرك بحديث داخلي أنك لن تتخلى عنها تماما، بل ستتولى مسألة إعداد الغداء، وكأنك تشاركها العناء مثلما تقدم لك، وليس أنك تستمع بممارسة واحدة من هواياتك القديمة.
يستعرضون معك اكتشافاتهم في عالم ألعاب التكنولوجيا.. تعلو بمستوى الحوار فتشرح لهم بعض تقنيات التواصل الحديث.. تستفيض في الكلام عن فوائد العلم والثقافة وعدم الاكتفاء بالحاسوب كأداة تسلية.. يطول حديثك الجاد.. تهرب أذانهم بعيدا عن كلماتك المعقدة.. يسرقون خيط الحديث منك.. يستحثون فيك روح الطفل.. يدعونك فتشاطرهم بعض الألعاب.. تختار واحدا من تلك التي تناسب يداك الثقيلتان على لوحة المفاتيح.. يتفوقون عليك.. البهجة تملأ عيونهم.. ضحكاتهم تعلو..
صرخة مكتومة تتسرب إلى أذنيك من بين صيحاتهم.. تتبعها صرخة أعلى.. دربكة.. يتبعها صوت ارتطام جسد بالأرض..
تصمت لحيظة.. تدرك أن الصرخة آتية من حيث تعرف أن حبيبتك هناك تمارس شغفها الأسبوعي..
تهرع نحو صالة الاستقبال.. الصمت يغلف المكان.. الشباك العريض مفتوح على مصراعيه.. الشمس تحتل نصف الصالة.. ولا أحد هنا إلا آثار انقلاب الأثاث للتنظيف.. تستيقظ الأفكار السوداء في عقلك.. قلبك يثور بين ضلوعك طلبا لرسالة سلام.. تجول بناظريك بحثا عن حبيبتك.. تنادي.. تتناهى إلى مسامعك أنات خفيفة.. وجلا تتقدم نحو الأنين.. عيونك تجري في المكان.. تنتبه أن أحد أذرع النجفة فوق مصدر الأنين مكسور والسلم الصغير يقف وحيدا أسفلها.. تسرع إليه..
على البساط؛ بجوار الطاولة الكبيرة يتكوم جسدها الرقيق فوق بعضه.. تحرك رأسها ناحيتك.. قبس من ضوء ينير فكرك المعتم.. بعيون ذاهلة ترفع إليك نظرة.. بيسارها تمد إليك يمينها المحترق.. قلبك يُسحق أسفا حين تتذكر كم نبهتك سابقا أن النجفة بها ماس كهربائي ويجب إصلاحها؛ ولكنك منذ وطئت قدماكما أرض الغربة، مازلت تجهل أماكن رجال الصيانة المهرة، وتخشى من المدعين وأفعالهم، فتقاعست - كعادتك المستجدة - عن مجرد أن تفصل عنها التيار؛ متشاغلا بحواراتك السخيفة مع أصدقاء وهميين عبر الفضاء المستحدث..
ترتمي بجوارها.. دموعك لا تكفي لإطفاء لهيب الألم المتصاعد من كفها الذي مسح على شعرك مرارا.. تلثم ظاهر يدها بشفتيك معتذرا بلا طائل؛ فقد تأذت حبيبتك فيما تستمتع أنت بصولاتك وجولاتك.. يتجمع حولكما قرودكما الثلاثة.. تطمئنانهم وأنتما لم تطمئنا بعد.. يغمرونكما بقبلات ودعوات بالحفظ والسلامة.. تحضنها محاولا مساعدتها على الوقوف.. تصرخ جراء ألام في الكاحل.. تحملها على ذراعيك كما تحمل أطفالك إلى فراشهم بعدما يغفون أمام التلفاز.. تطلب منهم إزاحة العوائق من الطريق.. تريح جسدها المصعوق على الفراش.. يتحلقون حول الفراش في هلع.. تطلبان منهم الصلاة شكرا.. تهرول نحو باب الشقة.. تكتشف أنك مازلت بملابس البيت وجيوبك خاوية.. لا تنتظر المصعد.. تنهب السلالم نزولا وصعودا حاملا ما يلزم من الصيدلية.. تضمد الكف الحاني بخبرتك الطبية.. تعاين الكاحل برفق.. تلفه بأربطة مساندة.. تحضر لها بعض من العصير الطازج.. بمحبة وتوسل ترغمها على تناوله مصحوبا بحبات دواء.. ترسل أطفالك – بعدما هدأ روعهم قليلا - نحو غرفتهم ريثما تنال هي قسطا من النوم.. تركع بجوار الفراش ووجهك ناحيتها؛ كي ما يتاح لك حضن الكف المحترق برفق.. تصمت طويلا حيث لا قيمة لحديثك.. ينطبق جفناها رويدا رويدا.. يزور نومها اضطراب ما.. تربت على جبينها.. تهدأ.. تستغرق في النوم.. تنظر فإذا أنيسك المحمول – ضرتها كما يحلو لها أن تدعوه - راقدا على الكومدينو.. بيسارك تسحبه في هدوء.. تسكنه فوق ركبتيك.. تفتح بوابته ونوافذه.. تبدأ فتسجل القصة على قرصه الصلب؛ مستغلا سخونة الحدث.. الكلمات تنساب في سلاسة ويسر.. يزورها كابوس ثان.. تعاود المسح على جبينها..
عصافيرك الصغار يتهادون على أطراف أصابعهم، يزقزقون طلبا لما يحفظ لهم الحياة والنشاط.. ببطء تريح يدها على صدرها.. تودع حاسوبك مكانه.. وتنطلق سعيا لاستئناف مسئولياتكما مجتمعة.. محاولا حل معضلتها اليومية العادية؛ والمتمثلة في قدرتها الفائقة على جدولة الأعمال المطبخية، والاحتياجات الطفولية، والرجولية، والأنثوية، بين مواعيد العمل الرسمية.. منهيا إجازاتك إلى ما شاء الله.
11-7-2010
إنه يوم إجازتك الأسبوعية المنتظر.. هدنة من التجوال عبر الأعمال.. جرعة مكثفة من النوم.. تعِب ما تقدر عليه من العدد الأسبوعي للجريدة المفضلة.. تشاغب صغارك في غرفتهم، حيث تحتبسهم أمهم لتنفرد هي بأتربة الشقة، وعبثهم بأثاثها طوال أسبوع، تسعى فيه لتعاونك على سعار أسعار الحياة.. تستتر بمشاغلة أطفالك؛ لتهرب من نوال حصتك من الغبار ومشاركتها فيما هي فيه.. تريح ضميرك بحديث داخلي أنك لن تتخلى عنها تماما، بل ستتولى مسألة إعداد الغداء، وكأنك تشاركها العناء مثلما تقدم لك، وليس أنك تستمع بممارسة واحدة من هواياتك القديمة.
يستعرضون معك اكتشافاتهم في عالم ألعاب التكنولوجيا.. تعلو بمستوى الحوار فتشرح لهم بعض تقنيات التواصل الحديث.. تستفيض في الكلام عن فوائد العلم والثقافة وعدم الاكتفاء بالحاسوب كأداة تسلية.. يطول حديثك الجاد.. تهرب أذانهم بعيدا عن كلماتك المعقدة.. يسرقون خيط الحديث منك.. يستحثون فيك روح الطفل.. يدعونك فتشاطرهم بعض الألعاب.. تختار واحدا من تلك التي تناسب يداك الثقيلتان على لوحة المفاتيح.. يتفوقون عليك.. البهجة تملأ عيونهم.. ضحكاتهم تعلو..
صرخة مكتومة تتسرب إلى أذنيك من بين صيحاتهم.. تتبعها صرخة أعلى.. دربكة.. يتبعها صوت ارتطام جسد بالأرض..
تصمت لحيظة.. تدرك أن الصرخة آتية من حيث تعرف أن حبيبتك هناك تمارس شغفها الأسبوعي..
تهرع نحو صالة الاستقبال.. الصمت يغلف المكان.. الشباك العريض مفتوح على مصراعيه.. الشمس تحتل نصف الصالة.. ولا أحد هنا إلا آثار انقلاب الأثاث للتنظيف.. تستيقظ الأفكار السوداء في عقلك.. قلبك يثور بين ضلوعك طلبا لرسالة سلام.. تجول بناظريك بحثا عن حبيبتك.. تنادي.. تتناهى إلى مسامعك أنات خفيفة.. وجلا تتقدم نحو الأنين.. عيونك تجري في المكان.. تنتبه أن أحد أذرع النجفة فوق مصدر الأنين مكسور والسلم الصغير يقف وحيدا أسفلها.. تسرع إليه..
على البساط؛ بجوار الطاولة الكبيرة يتكوم جسدها الرقيق فوق بعضه.. تحرك رأسها ناحيتك.. قبس من ضوء ينير فكرك المعتم.. بعيون ذاهلة ترفع إليك نظرة.. بيسارها تمد إليك يمينها المحترق.. قلبك يُسحق أسفا حين تتذكر كم نبهتك سابقا أن النجفة بها ماس كهربائي ويجب إصلاحها؛ ولكنك منذ وطئت قدماكما أرض الغربة، مازلت تجهل أماكن رجال الصيانة المهرة، وتخشى من المدعين وأفعالهم، فتقاعست - كعادتك المستجدة - عن مجرد أن تفصل عنها التيار؛ متشاغلا بحواراتك السخيفة مع أصدقاء وهميين عبر الفضاء المستحدث..
ترتمي بجوارها.. دموعك لا تكفي لإطفاء لهيب الألم المتصاعد من كفها الذي مسح على شعرك مرارا.. تلثم ظاهر يدها بشفتيك معتذرا بلا طائل؛ فقد تأذت حبيبتك فيما تستمتع أنت بصولاتك وجولاتك.. يتجمع حولكما قرودكما الثلاثة.. تطمئنانهم وأنتما لم تطمئنا بعد.. يغمرونكما بقبلات ودعوات بالحفظ والسلامة.. تحضنها محاولا مساعدتها على الوقوف.. تصرخ جراء ألام في الكاحل.. تحملها على ذراعيك كما تحمل أطفالك إلى فراشهم بعدما يغفون أمام التلفاز.. تطلب منهم إزاحة العوائق من الطريق.. تريح جسدها المصعوق على الفراش.. يتحلقون حول الفراش في هلع.. تطلبان منهم الصلاة شكرا.. تهرول نحو باب الشقة.. تكتشف أنك مازلت بملابس البيت وجيوبك خاوية.. لا تنتظر المصعد.. تنهب السلالم نزولا وصعودا حاملا ما يلزم من الصيدلية.. تضمد الكف الحاني بخبرتك الطبية.. تعاين الكاحل برفق.. تلفه بأربطة مساندة.. تحضر لها بعض من العصير الطازج.. بمحبة وتوسل ترغمها على تناوله مصحوبا بحبات دواء.. ترسل أطفالك – بعدما هدأ روعهم قليلا - نحو غرفتهم ريثما تنال هي قسطا من النوم.. تركع بجوار الفراش ووجهك ناحيتها؛ كي ما يتاح لك حضن الكف المحترق برفق.. تصمت طويلا حيث لا قيمة لحديثك.. ينطبق جفناها رويدا رويدا.. يزور نومها اضطراب ما.. تربت على جبينها.. تهدأ.. تستغرق في النوم.. تنظر فإذا أنيسك المحمول – ضرتها كما يحلو لها أن تدعوه - راقدا على الكومدينو.. بيسارك تسحبه في هدوء.. تسكنه فوق ركبتيك.. تفتح بوابته ونوافذه.. تبدأ فتسجل القصة على قرصه الصلب؛ مستغلا سخونة الحدث.. الكلمات تنساب في سلاسة ويسر.. يزورها كابوس ثان.. تعاود المسح على جبينها..
عصافيرك الصغار يتهادون على أطراف أصابعهم، يزقزقون طلبا لما يحفظ لهم الحياة والنشاط.. ببطء تريح يدها على صدرها.. تودع حاسوبك مكانه.. وتنطلق سعيا لاستئناف مسئولياتكما مجتمعة.. محاولا حل معضلتها اليومية العادية؛ والمتمثلة في قدرتها الفائقة على جدولة الأعمال المطبخية، والاحتياجات الطفولية، والرجولية، والأنثوية، بين مواعيد العمل الرسمية.. منهيا إجازاتك إلى ما شاء الله.
ـــــــــــــــ
حدثت 3-7-2010،
حدثت 3-7-2010،
تعليق