الزهور الصفراء

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمد المنصور الشقحاء
    قاص
    • 12-12-2008
    • 25

    الزهور الصفراء

    الزهور الصفراء

    [1]
    ارتسمت ابتسامة صغيرة في المكان وأخذت الزهور الصفراء تهتز في خيلاء معربة عن النشوة القادمة من الشمال. حيث أخذت الثلوج تذوب لتجري بين الصخور في طريقها الأزلي نحو النهر الذي تحف به المجمعات السكانية. التي لم تعد تبالي بالفيضان. إذ أصبح موسم خير تتلألأ فيه الثريات معلنة عن مقدم موسم الزواج.

    [2]
    (أزاد) تتجول في غرفتها تقلب الأفكار. فلم تسمع النقر الخفيف الذي استمر دون هوادة على باب الغرفة. اتجهت إلى الباب لتفاجأ بشقيقها الصغير وبين يديه زهرة صفراء تناثرت بعض أجزائها بين قدميه. جلست القرفصاء وأخذت تناغيه تحدثه بلهجته. فغرز بقايا الزهرة في شعرها. ثم أخذ بيدها واتجها إلى غرفة الجلوس. حيث بدأ التلفاز يبث حلقة جديدة من المسلسل العربي الذي تتابعه وتحرص عليه. حتى أنها كانت تكلف الآخرين بتسجيل الحلقة التي لا تتمكن من مشاهدتها (بالفيديو) حتى لا تفوتها الأحداث.

    [3]
    كانت الزهور الصفراء تملأ الشوارع والحدائق المنزلية الصغيرة في مرحلة انتشار عجيب. أوله سكان المنطقة إلى انجراف التربة من جبال الشمال حيث رسمت بصماتها على شواطئ النهر.
    انفض السامر. وانهالت الرؤى فوق الرؤوس توزعت الخطى متجهة إلى المخادع. الساعة تشير إلى الثانية عشرة.. منتصف الليل. وحفيف نسمة الشمال تداعب الأغصان تقلق القطط المتجولة بين براميل النفايات.. حراس الليل.. وزوار الفجر .. الذين يختفون مع بزوغ أول أشعة الشمس. لإعادة الحياة إلى هذا الشق من الأرض.

    [4]
    لم يلاحظ المواطنون الأنفاس الغريبة التي أخذت تتسلل وتندس بينهم وقد ارتدت كما مات ضد الغبار المسموم.

    [5]
    النهر أخذ يرتفع منسوبه. المياه قدمت من الشمال بلون داكن تعبق منها رائحة غريبة نافذة تصرع من حولها.. تقتل الحياة.

    [6]
    (أزاد) تقف خلف زجاج نافذتها المطلة على النهر تسرح شعرها تترقب مرور قوارب الصيادين. وقوارب الأطفال الذين ينقلون الحاجيات والركاب على ضفتي النهر.
    كان النهر مهجوراً وأشعة الشمس تعكس اللون الجديد للمياه. قربت وجهها من زجاج النافذة تتأمل الحدث الغريب وفتحت النافذة أزكمت أنفها الرائحة الغريبة فأغلقت أنفها بيدها ثم سارعت إلى إغلاق النافذة. وهنا لمحت مجموعة من الخوذات المكممة تركض في جميع الاتجاهات وأخذت تمخر عباب النهر قوارب مطاطية ذات لون داكن.
    شعرت (أزاد) بالخدر يسري في عروقها فاتجهت إلى فراشها ثم تمددت وأغمضت عينيها وهي تتدثر بالغطاء. وراحت في سبات عميق.

    [7]
    توقفت الحركة على ضفتي النهر ..

    [8]
    الزهور الصفراء. أخذت تقاوم الغبار المسموم. باهتزازها الناعم في خيلاء رغم انسحاق بعضها تحت أحذية الغرباء الذين أخذوا يتجولون بحرية في كل مكان.. يبنون المتاريس.. يوزعون الأفراد.. يحتلون المواقع الحساسة وتمركز أفراد القناصة في مآذن المساجد.. فوق أسطح الدور العالية وخزانات المياه.
    عندما انتهت المهمة أخذ كل فرد يفتح أزرار قميصه.. ورباط حذائه.. ثم ينزع الخوذة من فوق رأسه.. ويزيح الكمامات عن أنفه والقناع عن وجهه.. ليتم تبادل الحديث بحرية وهدوء بعد انتهاء المهمة التي لم يكن يتوقع الجميع أن تكون بهذا اليسر.
    وتوقفت الكلمات فوق الشفاه التي تهدلت فجأة .. وجحظت المقل.. وأخذت الأنفاس تتلاحق .

    [9]
    الزهور الصفراء تهتز.. تعبر عن وجودها وحبها لضفتي النهر الذي وهبها الحياة فأخذت ترقص جذلاً مستقبلة الفيضان الجديد الذي كان أقل منسوباً من الأعوام السابقة بفضل السدود المقامة حديثاً.

    [10]
    (أزاد) أخذت تتململ في فراشها. نزعت الغطاء عن جسمها. ونهضت من الفراش وارتسمت على شفتيها علامة استفهام ـ حيث نامت بكامل ملابسها ـ وتذكرت مياه النهر الداكنة فأسرعت إلى النافذة. فإذا بالماء صاف يلمع كالرصاص والزهور الصفراء تهتز والقوارب الصغيرة تمارس عملها اليومي فأراحت جبينها على الزجاج لتلمح بزة داكنة مكومة في نهاية الممر.
    -------
    احدى قصص مجموعة الزهور الصفراء الصادرة عن نادي الطائف الأدبي عام 1431 / 2010
  • ربيع عقب الباب
    مستشار أدبي
    طائر النورس
    • 29-07-2008
    • 25792

    #2
    أستاذي الكبير محمد الشقحاء
    أهلا سيدي بعد غيبة طويلة
    أنرت الملتقي بزهورك
    و هذا القص الماتع حد الدهشة
    التى تحققت هنا ، ومن خلال قص موغل
    يكتنفه تغريب مقصود !!

    لا يسعني إلا أن أحتفي بهذا الجمال
    فأنت سيدي مدرسة نتعلم منها الكثير

    آسف على تأخر حضوري إلى هنا


    محبتي
    sigpic

    تعليق

    يعمل...
    X