الأستاذ القدير والأخ الفاضل / ركاد حسين
أتقدم إليك بداية بكل الشكر والعرفان لهذه المسابقة القيمة التي تدفع للعلم والمعرفة ، وتحث على البحث والثقافة ، في وقت قل فيه مثل هذه القيم ، ويشرفني أن أشارك فيها بهذا الكتاب الذي أراه باذن الله تعالى يقدم فكرا جديدا وعلما نادرا وهو كتاب " أخبار الحمقى والمغفلين لابن الجوزي ، وهو أول الكتب التي قرأتها عن الفكاهة الجادة التي لا اسفاف فيها ولا ابتذال ، وأول الكتب التي عرفت من خلالها أن للحمق كتبا وللحمقى أخبارا ، وعندما فرغت من قراءته وجدت سعادة غامرة حتى أنني عدت إليه مرات أخر ، وإني إذ أقدمه اليوم بالمسابقة الماثلة انما يكفيني أنه سيترك بسمة لدى القاريء ويضيف إلى مكتبته وثقافته علما جديدا ربما لم يتطرق إليه من قبل ، والله هو الموفق .
أخبار الحمقى والمغفلين
مؤلف الكتاب هو " الشيخ الإمام جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد بن علي الجوزي " ، والجوزي نسبة إلى محلة في البصرة تسمى محلة الجوز، ولد في بغداد سنة 508هـ الموافق 1114م، وتوفي في شهر رمضان سنة 597هـ الموافق 1201م ببغداد ، كان شغوفا بالعلم والمعرفة ، وكان يقوم برحلات كثيرة في سبيل ذلك ، ويقول عن نفسه في كتابه صيد الخاطر « كنت في زمان الصبا آخذ معي أرغفة يابسة فأخرج في طلب الحديث وأقعد على نهر، فلا أقدر على أكل العيش إلا عند المساء ، فكلما أكلت لقمة شربت عليها، وعين همتي لا ترى إلا لذة تحصيل العلم ».
ترك ابن الجوزي مصنفات كثيرة بلغت أكثر من أربعمائة مصنف بين مطبوع ومخطوط من أشهرها : كتاب الأذكياء وأخبارهم ، روح الأرواح ، تلبيس إبليس ، المنتظم في تاريخ الملوك والأمم ، الذهب المسبوك في تاريخ الملوك،
وفي هذا الكتاب يقدم ابن الجوزي بعض أخبار ونماذج للحمقى والمغفلين ، وتنوعت هذه الأخبار والنماذج حتى يبدو لك أنه لم يدع بابا منه إلا ولجه ، ابتداء بأخبارهم من القراء والمحدثين ورواة الحديث والمصحفين والأمراء والولاة والقضاة وكذا الكتاب والحجاب وأيضا الأئمة والمؤذنين والقصاص وغيرهم ، فكان كتابه جامعاً لذكرهم بحيث يكون مرجعا ومصدرا من مصادر العلم بهم ، وعن سبب اصداره هذا الكتاب يقول في مقدمتة " لما شرعت في جمع أخبار الأذكياء وذكرت بعض المنقول عنهم ليكون مثالاً يحتذى لأن أخبار الشجعان تعلم الشجاعة آثرت أن أجمع أخبار الحمقى والمغفلين ، لأن العاقل إذا سمع أخبارهم عرف قدر ما وهب له مما حرمون فحثه ذلك على الشكر" .أتقدم إليك بداية بكل الشكر والعرفان لهذه المسابقة القيمة التي تدفع للعلم والمعرفة ، وتحث على البحث والثقافة ، في وقت قل فيه مثل هذه القيم ، ويشرفني أن أشارك فيها بهذا الكتاب الذي أراه باذن الله تعالى يقدم فكرا جديدا وعلما نادرا وهو كتاب " أخبار الحمقى والمغفلين لابن الجوزي ، وهو أول الكتب التي قرأتها عن الفكاهة الجادة التي لا اسفاف فيها ولا ابتذال ، وأول الكتب التي عرفت من خلالها أن للحمق كتبا وللحمقى أخبارا ، وعندما فرغت من قراءته وجدت سعادة غامرة حتى أنني عدت إليه مرات أخر ، وإني إذ أقدمه اليوم بالمسابقة الماثلة انما يكفيني أنه سيترك بسمة لدى القاريء ويضيف إلى مكتبته وثقافته علما جديدا ربما لم يتطرق إليه من قبل ، والله هو الموفق .
أخبار الحمقى والمغفلين
مؤلف الكتاب هو " الشيخ الإمام جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد بن علي الجوزي " ، والجوزي نسبة إلى محلة في البصرة تسمى محلة الجوز، ولد في بغداد سنة 508هـ الموافق 1114م، وتوفي في شهر رمضان سنة 597هـ الموافق 1201م ببغداد ، كان شغوفا بالعلم والمعرفة ، وكان يقوم برحلات كثيرة في سبيل ذلك ، ويقول عن نفسه في كتابه صيد الخاطر « كنت في زمان الصبا آخذ معي أرغفة يابسة فأخرج في طلب الحديث وأقعد على نهر، فلا أقدر على أكل العيش إلا عند المساء ، فكلما أكلت لقمة شربت عليها، وعين همتي لا ترى إلا لذة تحصيل العلم ».
ترك ابن الجوزي مصنفات كثيرة بلغت أكثر من أربعمائة مصنف بين مطبوع ومخطوط من أشهرها : كتاب الأذكياء وأخبارهم ، روح الأرواح ، تلبيس إبليس ، المنتظم في تاريخ الملوك والأمم ، الذهب المسبوك في تاريخ الملوك،
ثم ضرب تحت هذا السبب عدة حكم لترويح القلوب منها :-
قول الإمام علي بن أبي طالب :" روحوا القلوب واطلبوا لها طرف الحكمة فإنها تمل كما تمل الأبدان " .
وعن الزهري قال " كان رجل يجالس أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحدثهم فإذا كثروا وثقل عليهم الحديث قال: " إن الأذن مجاجة وإن القلوب حمضة فهاتوا من أشعاركم وأحاديثكم ".
وعن الأصمعي قال سمعت الرشيد يقول"النوادر تشحذ الأذهان وتفتق الآذان" .
ثم يعقب في فصل مستقل ردا على قول قائل " حكايات الحمقى والمغفلين يوجب الضحك ، وقد رويتم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ما مفاده " إن الرجل ليتكلم بالكلمة يضحك بها جلساءه يهوي بها أبعد من الثريا "
فقال : إن النهي هاهنا محمول على أنه يضحكهم بالكذب وقد روي هذا في الحديث مفسراً هو " ويل للذي يحدث الناس فيكذب ليضحك الناس " ، ثم يقول : وقد يجوز للإنسان أن يقصد إضحاك الشخص في بعض الأوقات ، ففي أفراد مسلم من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال " لأكلمن رسول الله لعله يضحك قال: قلت: لو رأيت ابنة زيد امرأة عمر سألتني النفقة فوجأت عنقها ، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم " .
قول الإمام علي بن أبي طالب :" روحوا القلوب واطلبوا لها طرف الحكمة فإنها تمل كما تمل الأبدان " .
وعن الزهري قال " كان رجل يجالس أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحدثهم فإذا كثروا وثقل عليهم الحديث قال: " إن الأذن مجاجة وإن القلوب حمضة فهاتوا من أشعاركم وأحاديثكم ".
وعن الأصمعي قال سمعت الرشيد يقول"النوادر تشحذ الأذهان وتفتق الآذان" .
ثم يعقب في فصل مستقل ردا على قول قائل " حكايات الحمقى والمغفلين يوجب الضحك ، وقد رويتم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ما مفاده " إن الرجل ليتكلم بالكلمة يضحك بها جلساءه يهوي بها أبعد من الثريا "
فقال : إن النهي هاهنا محمول على أنه يضحكهم بالكذب وقد روي هذا في الحديث مفسراً هو " ويل للذي يحدث الناس فيكذب ليضحك الناس " ، ثم يقول : وقد يجوز للإنسان أن يقصد إضحاك الشخص في بعض الأوقات ، ففي أفراد مسلم من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال " لأكلمن رسول الله لعله يضحك قال: قلت: لو رأيت ابنة زيد امرأة عمر سألتني النفقة فوجأت عنقها ، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم " .
وقسم الكاتب أبواب الكتاب إلى
أربعة وعشرين باباً هي تحديدا :-
الباب الأول: في ذكر الحماقة ومعناها.
الباب الثاني: في بيان أن الحمق غريزة
الباب الثالث: في ذكر اختلاف الناس في الحمق
الباب الرابع: في ذكر أسماء الأحمق
الباب الخامس: في ذكر صفات الأحمق
الباب السادس: في التحذير من صحبة الأحمق
الباب السابع في ضرب العرب المثل بمن عرف حمقه
الباب الثامن: في ذكر أخبار من ضرب المثل بحمقه وتغفيله
الباب التاسع: في ذكر جماعة من العقلاء صدر عنهم فعل الحمقى
الباب العاشر: في ذكر المغفلين من القراء
الباب الحادي عشر: في المغفلين من رواة الحديث وتصحيفه
الباب الثاني عشر: في ذكر المغفلين من القضاة
الباب الثالث عشر: في ذكر المغفلين من الأمراء والولاة
الباب الرابع عشر: في ذكر المغفلين من الكتاب والحجاب
الباب الخامس عشر: في المغفلين من المؤذنين
الباب السادس عشر: في المغفلين من الأئمة
الباب السابع عشر: في المغفلين من الأعراب
الباب الثامن عشر: في من قصد الفصاحة والإعراب من المغفلين
الباب التاسع عشر: في من قال شعراً من المغفلين
الباب العشرون: في المغفلين من القصاص
الباب الحادي والعشرون: في المغفلين من المتزهدين
الباب الثاني والعشرون: في ذكر المغفلين من المعلمين
الباب الثالث والعشرون: في ذكر المغفلين من الحاكة
الباب الرابع والعشرون: في ذكر المغفلين على الإطلاق
وسأذكر بعض الأمثلة من بعض الأبواب :-
ففي معنى الحماقة فقال في الباب الأول :
عن ابن الأعرابي : الحماقة مأخوذة من حمقت السوق إذا كسدت فكأنه كاسد العقل والرأي فلا يشاور ولا يلتفت إليه في أمر حرب. وعن ابن الأعرابي أيضا : وبها سمي الرجل أحمق لأنه لا يميز كلامه من رعونته.
وقال عن أبي بكر المكارم : إنما سميت البقلة الحمقاء لأنها تنبت في سبيل الماء وطريق الإبل.
ثم بين في الباب الثاني أن الحمق غريزة فقال
عن ابي اسحاق : إذا بلغك أن غنياً افتقر فصدق ، وإذ بلغك أن فقيراً استغنى فصدق ، وإذا بلغك أن حياً مات فصدق ، وإذا بلغك أن أحمق استفاد عقلاً فلا تصدق ، وقال عن القاضي أبو يوسف : ثلاث صدق باثنتين ولا تصدق بواحدة ، إن قيل لك إن رجلاً كان معك فتوارى خلف حائط فمات فصدق ، وإن قيل لك إن رجلاً فقيراً خرج إلى بلد فاستفاد مالاً فصدق ، وإن قيل لك إن أحمق خرج إلى بلد فاستفاد عقلاً فلا تصدق.
ثم روى ( ما أظنه طرفة )عن الأوزاعي إنه يقول : بلغني أنه قيل لعيسى ابن مريم عليه السلام :
يا روح الله إنك تحيي الموتى قال: نعم بإذن الله.
قيل وتبرىء الأكمة قال: نعم بإذن الله.
قيل: فما دواء الحمق قال : هذا الذي أعياني
وعن اختلاف الناس في الحمق قال في الباب الثالث
الحمق فساد في العقل أو في الذهن ، وكما أن الناس يتفاوتون في العقل وجوهره ومقدار ما أعطوا منه ، فأنهم يتفاوتون في الحمق.
وقيل لإبراهيم النظام : ما حد الحمق فقال: سألتني عما ليس له حد.
وسئل علي رضي الله عن الحمق فقال : ليس من أحد إلا وفيه حمقة فيها يعيش.
وقال أبو الدرداء: كلنا أحمق في ذات الله
وعن مطرف قال : ما أحد من الناس إلا وهو أحمق فيما بينه وبين ربه عز وجل غير أن بعض الحمق أهون من بعض .
وعنه أيضا قال : عقول الناس على قدر زمانهم ، وقوله : هم الناس والنسناس وأرى أناساً غمسوا في ماء الناس.
وقال سفيان الثوري : خلق الإنسان أحمق لكي ينتفع بالعيش
أما عن مردفات الحمق وأسمائه ففي الباب الرابع
أورد مالا يقل عن اربعين اسما له منها " الأحمق ، الرقيع ، المائق ، الأزبق ، الهجهاجة ، الهلباجة ، الخطل ، الخرف ، المسلوس ، المأفون ، المأفوك ، الألق ، الأخرق ، المعضل ..... الخ، حتى قيل: لو لم يكن من فضيلة الأحمق إلا كثرة أسمائه لكفى، وقال من أسماء النساء ذوات الحمق : الورهاء ، الخرقاء ، الدفنس ، الخذعل ، الهوجاء ، القرئع
وعن صفات الأحمق قال في الباب الخامس
صفات الأحمق تقسم إلى قمسين: أحدهما: من حيث الصورة ، والثاني: من حيث الخصال والأفعال.
فمن حيث الصورة قال قال الحكماء : إذا كان الرأس صغيراً رديء الشكل دل على رداءة في هيئة الدماغ ، وإذا قصرت الرقبة دلت على ضعف الدماغ وقلته ، ومن كانت بنيته غير متناسبة كان رديئاً حتى في همته وعقله مثل : الرجل العظيم البطن القصير الأصابع المستدير الوجه ، العظيم القامة الصغير الهامة ، اللحيم الجبهة والوجه والعنق والرجلين فكأنما وجهه نصف دائرة.
كذلك إذا كان مستدير الرأس واللحية ولكن وجهه شديد الغلظ
وفي صفات العين قال : إن كانت العين ذاهبة في طول البدن فصاحبها مكار لص ، وإذا كانت العين عظيمة مرتعدة فصاحبها كسلان بطال أحمق محب للنساء ، والعين الزرقاء التي في زرقتها صفرة كأنها زعفران تدل على رداءة الأخلاق جداً ، والعين المشبهة لأعين البقر تدل على الحمق ، وإذا كانت العين كأنها ناتئة وسائر الجفن لاطىء فصاحبها أحمق ، وإذا كان الجفن من العين منكسراً أو متلوناً من غير علة فصاحبها كذاب مكار أحمق
وفي صفة الشعر قال : إذا كان الشعر على الكتفين والعنق يدل على الحمق والجرأة ، وكثرة الشعر على الصدر والبطن يدل على قلة الفطنة.
وفي صفة العنق والأنف والشفة قال : ومن طالت عنقه ورقت فهو صياح أحمق جبان ، ومن كان أنفه غليظاً ممتلئاً فهو قليل الفهم ، ومن كان غليظ الشفة فهو أحمق غليظ الطبع ، وقال : من كان شديد استدارة الوجه فهو جاهل ، ومن عظمت أذنه فهو جاهل طويل العمر، وقال : حسن الصوت دليل على الحمق وقلة الفطنة ، واللحم الكثير الصلب دليل على غلظ الحس والفهم ،
وقال الغباوة والجهل في الطول أكثر،
وعن صفات الأحمق أيضا قال : صغر الأذن ، وقال : يعرف الأحمق بمشيه وتردده ، وكلام الأحمق أقوى الأدلة على حمقه.
ومن أقوال الحكماء في هذا الباب :
قال الأحنف بن قيس : إذا رأيت الرجل عظيم الهامة طويل اللحية فاحكم عليه بالرقاعة ولو كان أمية بن عبد شمس.
وقال معاوية لرجل عتب عليه : كفانا في الشهادة عليك في حماقتك وسخافة عقلك ما نراه من طول لحيتك..
وقال أصحاب الفراسة : إذا كان الرجل طويل القامة واللحية فاحكم عليه بالحمق وإذا انضاف إلى ذلك أن يكون رأسه صغيراً فلا تشك فيه.
وقال بعض الحكماء : موضع العقل الدماغ وطريق الروح الأنف ، وموضع الرعونة طويل اللحية، وقالوا : يفرح الأحمق بالمدح الكاذب:
وقال الأصمعي : إذا أردت أن تعرف عقل الرجل في مجلس واحد فحدثه بحديث لا أصل له فإن رأيته أصغى إليه وقبله فاعلم أنه أحمق وإن أنكره فهو عاقل ، ويصف بعض الحكماء من أخلاق الحمق " العجلة والخفة والجفاء والغرور والفجور والسفه والجهل والتواني والخيانة والظلم والضياع والتفريط والغفلة والسرور والخيلاء والفجر والمكر ، إن استغنى بطر ، وإن افتقر قنط ، وإن فرح أشر ، وإن قال فحش ، وإن سئل بخل ، وإن سأل ألح ، وإن قال لم يحسن ، وإن قيل له لم يفقه ، وإن ضحك نهق ، وإن بكى خار " .
وقالوا يعرف الأحمق بعدة خصال " الغضب من غير شيء ، والإعطاء في غير حق ، والكلام من غير منفعة ، والثقة بكل أحد ، وإفشاء السر ، وأن لا يفرق بين عدوه وصديقه ، ويتكلم ما يخطر على قلبه ، ويتوهم أنه أعقل الناس " وفي علامات الحمق قالوا " علامة الحمق : سرعة الجواب ، وترك التثبت ، والإفراط في الضحك ، وكثرة الإلتفات ، والوقيعة في الأخيار ، والإختلاط بالأشرار ، والإحمق إن أعرضت عنه أعتم ، وإن أقبلت عليه اغتر ، وإن حلمت عنه جهل عليك ، وإن جهلت عليه حلم عليك ، وإن أحسنت إليه أساء إليك وإن أسأت إليه أحسن إليك ، وإذا ظلمته أنصفت منه ويظلمك إذا أنصفته ، فمن ابتلى بصحبة الأحمق فليكثر من حمد الله على ما وهب له مما حرمه ذاك "وينصح في الباب السادس فيقول : لا تؤاخ الأحمق
فعن الحسن قال: هجران الأحمق قربة إلى الله عز وجل.
عن سلمان بن موسى قال : ثلاثة لا ينتصف بعضهم من بعض ، حليم من أحمق وشريف من دنيء وبر من فاجر.
الناس أربعة : رجل يدري ويدري أنه يدري فذاك عالم فخذوا عنه ، ورجل يدري وهو لا يدري أنه يدري فذاك ناسٍ فذكروه ، ورجل لا يدري وهو يدري أنه لا يدري فذاك طالب فعلموه ، ورجل لا يدري ولا يدري أنه لا يدري فذاك أحمق فارفضوه " .
الناس ثلاثة أصناف : مجنون ونصف مجنون وعاقل ، فأما المجنون ونصف فأنت معهما في راحة وأما العاقل فقد كفيت مؤنته.
عن الأعمش أنه قال : معاتبة الأحمق نفخ في بليسة.
أربعة وعشرين باباً هي تحديدا :-
الباب الأول: في ذكر الحماقة ومعناها.
الباب الثاني: في بيان أن الحمق غريزة
الباب الثالث: في ذكر اختلاف الناس في الحمق
الباب الرابع: في ذكر أسماء الأحمق
الباب الخامس: في ذكر صفات الأحمق
الباب السادس: في التحذير من صحبة الأحمق
الباب السابع في ضرب العرب المثل بمن عرف حمقه
الباب الثامن: في ذكر أخبار من ضرب المثل بحمقه وتغفيله
الباب التاسع: في ذكر جماعة من العقلاء صدر عنهم فعل الحمقى
الباب العاشر: في ذكر المغفلين من القراء
الباب الحادي عشر: في المغفلين من رواة الحديث وتصحيفه
الباب الثاني عشر: في ذكر المغفلين من القضاة
الباب الثالث عشر: في ذكر المغفلين من الأمراء والولاة
الباب الرابع عشر: في ذكر المغفلين من الكتاب والحجاب
الباب الخامس عشر: في المغفلين من المؤذنين
الباب السادس عشر: في المغفلين من الأئمة
الباب السابع عشر: في المغفلين من الأعراب
الباب الثامن عشر: في من قصد الفصاحة والإعراب من المغفلين
الباب التاسع عشر: في من قال شعراً من المغفلين
الباب العشرون: في المغفلين من القصاص
الباب الحادي والعشرون: في المغفلين من المتزهدين
الباب الثاني والعشرون: في ذكر المغفلين من المعلمين
الباب الثالث والعشرون: في ذكر المغفلين من الحاكة
الباب الرابع والعشرون: في ذكر المغفلين على الإطلاق
وسأذكر بعض الأمثلة من بعض الأبواب :-
ففي معنى الحماقة فقال في الباب الأول :
عن ابن الأعرابي : الحماقة مأخوذة من حمقت السوق إذا كسدت فكأنه كاسد العقل والرأي فلا يشاور ولا يلتفت إليه في أمر حرب. وعن ابن الأعرابي أيضا : وبها سمي الرجل أحمق لأنه لا يميز كلامه من رعونته.
وقال عن أبي بكر المكارم : إنما سميت البقلة الحمقاء لأنها تنبت في سبيل الماء وطريق الإبل.
ثم بين في الباب الثاني أن الحمق غريزة فقال
عن ابي اسحاق : إذا بلغك أن غنياً افتقر فصدق ، وإذ بلغك أن فقيراً استغنى فصدق ، وإذا بلغك أن حياً مات فصدق ، وإذا بلغك أن أحمق استفاد عقلاً فلا تصدق ، وقال عن القاضي أبو يوسف : ثلاث صدق باثنتين ولا تصدق بواحدة ، إن قيل لك إن رجلاً كان معك فتوارى خلف حائط فمات فصدق ، وإن قيل لك إن رجلاً فقيراً خرج إلى بلد فاستفاد مالاً فصدق ، وإن قيل لك إن أحمق خرج إلى بلد فاستفاد عقلاً فلا تصدق.
ثم روى ( ما أظنه طرفة )عن الأوزاعي إنه يقول : بلغني أنه قيل لعيسى ابن مريم عليه السلام :
يا روح الله إنك تحيي الموتى قال: نعم بإذن الله.
قيل وتبرىء الأكمة قال: نعم بإذن الله.
قيل: فما دواء الحمق قال : هذا الذي أعياني
وعن اختلاف الناس في الحمق قال في الباب الثالث
الحمق فساد في العقل أو في الذهن ، وكما أن الناس يتفاوتون في العقل وجوهره ومقدار ما أعطوا منه ، فأنهم يتفاوتون في الحمق.
وقيل لإبراهيم النظام : ما حد الحمق فقال: سألتني عما ليس له حد.
وسئل علي رضي الله عن الحمق فقال : ليس من أحد إلا وفيه حمقة فيها يعيش.
وقال أبو الدرداء: كلنا أحمق في ذات الله
وعن مطرف قال : ما أحد من الناس إلا وهو أحمق فيما بينه وبين ربه عز وجل غير أن بعض الحمق أهون من بعض .
وعنه أيضا قال : عقول الناس على قدر زمانهم ، وقوله : هم الناس والنسناس وأرى أناساً غمسوا في ماء الناس.
وقال سفيان الثوري : خلق الإنسان أحمق لكي ينتفع بالعيش
أما عن مردفات الحمق وأسمائه ففي الباب الرابع
أورد مالا يقل عن اربعين اسما له منها " الأحمق ، الرقيع ، المائق ، الأزبق ، الهجهاجة ، الهلباجة ، الخطل ، الخرف ، المسلوس ، المأفون ، المأفوك ، الألق ، الأخرق ، المعضل ..... الخ، حتى قيل: لو لم يكن من فضيلة الأحمق إلا كثرة أسمائه لكفى، وقال من أسماء النساء ذوات الحمق : الورهاء ، الخرقاء ، الدفنس ، الخذعل ، الهوجاء ، القرئع
وعن صفات الأحمق قال في الباب الخامس
صفات الأحمق تقسم إلى قمسين: أحدهما: من حيث الصورة ، والثاني: من حيث الخصال والأفعال.
فمن حيث الصورة قال قال الحكماء : إذا كان الرأس صغيراً رديء الشكل دل على رداءة في هيئة الدماغ ، وإذا قصرت الرقبة دلت على ضعف الدماغ وقلته ، ومن كانت بنيته غير متناسبة كان رديئاً حتى في همته وعقله مثل : الرجل العظيم البطن القصير الأصابع المستدير الوجه ، العظيم القامة الصغير الهامة ، اللحيم الجبهة والوجه والعنق والرجلين فكأنما وجهه نصف دائرة.
كذلك إذا كان مستدير الرأس واللحية ولكن وجهه شديد الغلظ
وفي صفات العين قال : إن كانت العين ذاهبة في طول البدن فصاحبها مكار لص ، وإذا كانت العين عظيمة مرتعدة فصاحبها كسلان بطال أحمق محب للنساء ، والعين الزرقاء التي في زرقتها صفرة كأنها زعفران تدل على رداءة الأخلاق جداً ، والعين المشبهة لأعين البقر تدل على الحمق ، وإذا كانت العين كأنها ناتئة وسائر الجفن لاطىء فصاحبها أحمق ، وإذا كان الجفن من العين منكسراً أو متلوناً من غير علة فصاحبها كذاب مكار أحمق
وفي صفة الشعر قال : إذا كان الشعر على الكتفين والعنق يدل على الحمق والجرأة ، وكثرة الشعر على الصدر والبطن يدل على قلة الفطنة.
وفي صفة العنق والأنف والشفة قال : ومن طالت عنقه ورقت فهو صياح أحمق جبان ، ومن كان أنفه غليظاً ممتلئاً فهو قليل الفهم ، ومن كان غليظ الشفة فهو أحمق غليظ الطبع ، وقال : من كان شديد استدارة الوجه فهو جاهل ، ومن عظمت أذنه فهو جاهل طويل العمر، وقال : حسن الصوت دليل على الحمق وقلة الفطنة ، واللحم الكثير الصلب دليل على غلظ الحس والفهم ،
وقال الغباوة والجهل في الطول أكثر،
وعن صفات الأحمق أيضا قال : صغر الأذن ، وقال : يعرف الأحمق بمشيه وتردده ، وكلام الأحمق أقوى الأدلة على حمقه.
ومن أقوال الحكماء في هذا الباب :
قال الأحنف بن قيس : إذا رأيت الرجل عظيم الهامة طويل اللحية فاحكم عليه بالرقاعة ولو كان أمية بن عبد شمس.
وقال معاوية لرجل عتب عليه : كفانا في الشهادة عليك في حماقتك وسخافة عقلك ما نراه من طول لحيتك..
وقال أصحاب الفراسة : إذا كان الرجل طويل القامة واللحية فاحكم عليه بالحمق وإذا انضاف إلى ذلك أن يكون رأسه صغيراً فلا تشك فيه.
وقال بعض الحكماء : موضع العقل الدماغ وطريق الروح الأنف ، وموضع الرعونة طويل اللحية، وقالوا : يفرح الأحمق بالمدح الكاذب:
وقال الأصمعي : إذا أردت أن تعرف عقل الرجل في مجلس واحد فحدثه بحديث لا أصل له فإن رأيته أصغى إليه وقبله فاعلم أنه أحمق وإن أنكره فهو عاقل ، ويصف بعض الحكماء من أخلاق الحمق " العجلة والخفة والجفاء والغرور والفجور والسفه والجهل والتواني والخيانة والظلم والضياع والتفريط والغفلة والسرور والخيلاء والفجر والمكر ، إن استغنى بطر ، وإن افتقر قنط ، وإن فرح أشر ، وإن قال فحش ، وإن سئل بخل ، وإن سأل ألح ، وإن قال لم يحسن ، وإن قيل له لم يفقه ، وإن ضحك نهق ، وإن بكى خار " .
وقالوا يعرف الأحمق بعدة خصال " الغضب من غير شيء ، والإعطاء في غير حق ، والكلام من غير منفعة ، والثقة بكل أحد ، وإفشاء السر ، وأن لا يفرق بين عدوه وصديقه ، ويتكلم ما يخطر على قلبه ، ويتوهم أنه أعقل الناس " وفي علامات الحمق قالوا " علامة الحمق : سرعة الجواب ، وترك التثبت ، والإفراط في الضحك ، وكثرة الإلتفات ، والوقيعة في الأخيار ، والإختلاط بالأشرار ، والإحمق إن أعرضت عنه أعتم ، وإن أقبلت عليه اغتر ، وإن حلمت عنه جهل عليك ، وإن جهلت عليه حلم عليك ، وإن أحسنت إليه أساء إليك وإن أسأت إليه أحسن إليك ، وإذا ظلمته أنصفت منه ويظلمك إذا أنصفته ، فمن ابتلى بصحبة الأحمق فليكثر من حمد الله على ما وهب له مما حرمه ذاك "وينصح في الباب السادس فيقول : لا تؤاخ الأحمق
فعن الحسن قال: هجران الأحمق قربة إلى الله عز وجل.
عن سلمان بن موسى قال : ثلاثة لا ينتصف بعضهم من بعض ، حليم من أحمق وشريف من دنيء وبر من فاجر.
الناس أربعة : رجل يدري ويدري أنه يدري فذاك عالم فخذوا عنه ، ورجل يدري وهو لا يدري أنه يدري فذاك ناسٍ فذكروه ، ورجل لا يدري وهو يدري أنه لا يدري فذاك طالب فعلموه ، ورجل لا يدري ولا يدري أنه لا يدري فذاك أحمق فارفضوه " .
الناس ثلاثة أصناف : مجنون ونصف مجنون وعاقل ، فأما المجنون ونصف فأنت معهما في راحة وأما العاقل فقد كفيت مؤنته.
عن الأعمش أنه قال : معاتبة الأحمق نفخ في بليسة.
وعن عبد الله بن داود الحربي أنه قال : كل صديق ليس له عقل فهو أشد عليك من عدوك.
أما الباب الثامن ففي ذكر أخبار من ضرب المثل بحمقه وتغفيله
وهؤلاء ينقسمون إلى رجال ونساء.
منهم هبنقة الأحمق واسمه يزيد بن ثروان أو ابن مروان ، أحد بني قيس بن ثعلبة ، ومن حمقه أنه جعل في عنقه قلادة من ودع وعظام وخزف وقال: أخشى أن أضل نفسي ففعلت ذلك لأعرفها به ، فحولت القلادة ذات ليلة من عنقه لعنق أخيه فلما أصبح قال : يا أخي أنت أنا فمن أنا ، وأضل بعيراً فجعل ينادي من وجده فهو له فقيل له : فلم تنشده قال : فأين حلاوة الوجدان ، وفي رواية : من وجده فله عشرة فقيل له : لم فعلت هذا قال : للوجدان حلاوة في القلب.وهؤلاء ينقسمون إلى رجال ونساء.
واختصمت طفاوة وبنو راسب في رجل ادعى كل فريق أنه في عرافتهم فقال هبنقة : حكمه أن يلقى في الماء فإن طفا فهو من طفاوة وإن رسب فهو من راسب.
ومنهم أبو غبشان الأحمق من خزاعة كان يلي الكعبة فاجتمع مع قصي بن كلاب بالطائف على الشرب فلما سكر اشترى منه قصي ولاية البيت بزق خمر وأخذ منه مفاتيحه وسار بها إلى مكة وقال: يا معشر قريش هذه مفاتيح بيت أبيكم إسماعيل ردها الله عليكم من غير غدر ولا ظلم.
ومنهم عجل بن لجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل ومن حمقه أنه قيل له : ما سميت فرسك فقام إليه ففقأ إحدى عينيه وقال: سميته الأعور..
ومنهم جحا الأحمق ( أكثر ما روى عنه المؤلف ) : ويكنى أبا الغصن ، وقد روي عنه ما يدل على فطنة وذكاء إلا أن الغالب عليه التغفيل ، وقد قيل: إن بعض من كان يعاديه وضع له حكايات .
فعن مكي بن إبراهيم أنه يقول : رأيت جحا رجلاً كيساً ظريفاً وهذا الذي يقال عنه مكذوب عليه وكان له جيران مخنثون يمازحهم ويمازحونه فوضعوا عليه.
ومن حماقات جحا: مات جار له فأرسل إلى الحفار ليحفر له فجرى بينهما لجاج في أجرة الحفر ، فمضى جحا إلى السوق واشترى خشبة بدرهمين وجاء بها فسئل عنها فقال: إن الحفار لا يحفر بأقل من خمسة دراهم وقد اشترينا هذه الخشبة بدرهمين لنصلبه عليها ونربح ثلاثة دراهم ويستريح من ضغطة القبر ومسألة منكر ونكير.
وحكي: أن جحا تبخر يوماً فاحترقت ثيابه فغضب وقال: والله لا تبخرت إلا عرياناً ، ووجهه أبوه ليشتري رأساً مشوياً فاشتراه وجلس في الطريق فأكل عينيه وأذنيه ولسانه ودماغه وحمل باقيه إلى أبيه
فقال: ويحك ما هذا فقال: هو الرأس الذي طلبته.فعن مكي بن إبراهيم أنه يقول : رأيت جحا رجلاً كيساً ظريفاً وهذا الذي يقال عنه مكذوب عليه وكان له جيران مخنثون يمازحهم ويمازحونه فوضعوا عليه.
ومن حماقات جحا: مات جار له فأرسل إلى الحفار ليحفر له فجرى بينهما لجاج في أجرة الحفر ، فمضى جحا إلى السوق واشترى خشبة بدرهمين وجاء بها فسئل عنها فقال: إن الحفار لا يحفر بأقل من خمسة دراهم وقد اشترينا هذه الخشبة بدرهمين لنصلبه عليها ونربح ثلاثة دراهم ويستريح من ضغطة القبر ومسألة منكر ونكير.
وحكي: أن جحا تبخر يوماً فاحترقت ثيابه فغضب وقال: والله لا تبخرت إلا عرياناً ، ووجهه أبوه ليشتري رأساً مشوياً فاشتراه وجلس في الطريق فأكل عينيه وأذنيه ولسانه ودماغه وحمل باقيه إلى أبيه
قال: فأين عيناه قال: كان أعمى.
قال: فأين أذناه قال: كان أصم.
قال: فأين لسانه قال: كان أخرس.
قال: فأين دماغه قال: فكان أقرع قال: ويحك رده وخذ بدله.
قال: باعه صاحبه بالبراءة من كل عيب.
وحكي: أن جحا دفن دراهم في صحراء وجعل علامتها سحابة تظلها.
ومات أبوه فقيل له: إذهب واشتر الكفن فقال: أخاف أن أشتري الكفن فتفوتني الصلاة عليه.
وذكر في الباب التاسع أخبار جماعة من العقلاء صدرت عنهم أفعال الحمقى وأصروا عليها مستصوبين لها فصاروا بذلك الإصرار حمقى ومغفلين
فقال : أول العقلاء الحمقى إبليس فإنه كان متعبداً مؤذناً للملائكة فظهر منه من الحمق والغفلة ما يزيد على كل مغفل ، فإنه لما رأى آدم مخلوقاً من طين أضمر في نفسه لئن فضلت عليه لأهلكنه ولئن فضل علي لأعصينه.
ولو تدبر الأمر لعلم أنه كان الاختيار قد سبق لآدم لم يطق مغالبته بحيلة ولكنه جهل القدر ونسي المقدار.
ومنهم قابيل الذي ضل ثم اتبع إبليس في الغفلة والحمق ، فإن من أعظم التغفيل قوله لمن قبله قربانه " لأقتلنك " وهذا من أسمج الأشياء لأنه لو فهم لنظر سبب قبول قربان أخيه ورد قربانه ، ثم من التغفيل أنه حمل على ظهره ولم يهتد لدفنه.
ومنهم فرعون: قد ضرب الحكماء له مثلاً فقالوا: أدخل إبليس على فرعون فقال: من أنت قال: إبليس قال: ما جاء بك قال: جئت أنظر إليك فأعجب من جنونك قال: وكيف ، قال: أنا عاديت مخلوقاً مثلي وامتنعت من السجود له فطردت ولعنت وأنت تدعي أنك أنت الإله ! هذا والله الجنون البارد.قال: فأين لسانه قال: كان أخرس.
قال: فأين دماغه قال: فكان أقرع قال: ويحك رده وخذ بدله.
قال: باعه صاحبه بالبراءة من كل عيب.
وحكي: أن جحا دفن دراهم في صحراء وجعل علامتها سحابة تظلها.
ومات أبوه فقيل له: إذهب واشتر الكفن فقال: أخاف أن أشتري الكفن فتفوتني الصلاة عليه.
وذكر في الباب التاسع أخبار جماعة من العقلاء صدرت عنهم أفعال الحمقى وأصروا عليها مستصوبين لها فصاروا بذلك الإصرار حمقى ومغفلين
فقال : أول العقلاء الحمقى إبليس فإنه كان متعبداً مؤذناً للملائكة فظهر منه من الحمق والغفلة ما يزيد على كل مغفل ، فإنه لما رأى آدم مخلوقاً من طين أضمر في نفسه لئن فضلت عليه لأهلكنه ولئن فضل علي لأعصينه.
ولو تدبر الأمر لعلم أنه كان الاختيار قد سبق لآدم لم يطق مغالبته بحيلة ولكنه جهل القدر ونسي المقدار.
ومنهم قابيل الذي ضل ثم اتبع إبليس في الغفلة والحمق ، فإن من أعظم التغفيل قوله لمن قبله قربانه " لأقتلنك " وهذا من أسمج الأشياء لأنه لو فهم لنظر سبب قبول قربان أخيه ورد قربانه ، ثم من التغفيل أنه حمل على ظهره ولم يهتد لدفنه.
وأيضا تغفيل بني إسرائيل: ومن عجيب التغفيل قول بني إسرائيل لموسى وقد جاوز بهم البحر ورأوا قوما يعبدون العجل " اجعل لنا الها كما لهم ألهة "
تغفيل بني إسرائيل: ومن عجيب التغفيل قول بني إسرائيل لموسى وقد جاوز بهم البحر ورأوا قوما يعبدون العجل " اجعل لنا الها كما لهم ألهة "
ثم تطرق في باقي الأبواب إلى ضرب نماذج وأمثلة للمهن والحرف والمهام
ففي الباب العاشر ذكر نماذج من المغفلين من القراء والمصحفين فقال
الإصرار على الغلط : عن عبد الله بن عمر بن أبان أن مشكدانة قرأ عليه في التفسير " ويعوق وبشراً " فقيل له ونسراً فقال: هي منقوطة بثلاثة من فوق فقيل له النقط غلط قال: فارجع إلى الأصل.حدثنا إسماعيل بن محمد قال: سمعت عثمان بن أبي شيبة يقرأ " فإن لم يصبها وابل فظل "، وعن محمد بن جرير الطبري قال: قرأ علينا محمد بن جميل الرازي " وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يجرحوك ".
قال الدارقطني: وحدثني أنه سمع أبا بكر الباغندي أملى عليهم في حديث ذكره " وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوياً " بضم الهاء وياء.
نصيحة جار لجاره: كان رجل كثير المخاصمة لامرأته وله جار يعاتبه على ذلك فلما كان في بعض الليالي خاصمها خصومة شديدة وضربها فاطلع عليه جاره فقال: يا هذا اعمل معها كما قال الله تعالى: إما إمساك إيش اسمه أو تسريح ما أدري إيش.
ثم ذكر المغفلين من رواة الحديث وتصحيفه في الباب الحادي عشر
فقال تحت عنوان المناظرة تكشف الجهال : قال الدارقطني : وأخبرني يعقوب بن موسى قال: قال أبو زرعة: كان بشر بن يحيى بن حسان من أصحاب الرازي وكان يناظر فاحتجوا عليه بطاووس فقال: يحتجون علينا بالطيور.
وسأل حماد بن يزيد غلامٌ فقال: يا أبا إسماعيل حدثك عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الخبز قال: فتبسم حماد وقال: يا بني إذا نهى عن الخبز فمن أي شيء يعيش الناس وإنما هو نهى عن الخمر.
وعن المغفلين من المؤذنين قال في الباب الخامس عشر
عن أبي بكر النقاش قال: حدثنا أن أعرابياً سمع مؤذناً كان يقول: أشهد أن محمداً رسول الله بالنصب فقال: ويحك فعل ماذا
وعن محمد بن خلف قال: قيل لمؤذن ما يسمع أذانك فلو رفعت صوتك فقال: إني لأسمع صوتي من ميل ، وقال بعضهم: رأيت مؤذناً يؤذن ثم عدا فقلت : إلى أين فقال : أن أحب أعرف إلى أين يبلغ صوتي ، وأذن مؤذن فقيل له : ما أحسن صوتك فقال : إن أمي كانت تطعمني البلادة وأنا صغير.
وعن الأعراب قال في الباب السابع عشر
أعرابي يؤم في البادية قال: كنت في البادية فإذا بأعرابي تقدم فقال: الله أكبر سبح اسم ربك الأعلى الذي أخرج المرعى أخرج منها تيساً أحوى ينزو على المعزى ثم قام في الثانية فقال: وثب الذئب على الشاة الوسطى وسوف يأخذها تارة أخرى أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى ألا بلى ألا بلى فلما فرغ قال: اللهم لك عفرت جبيني وإليك مددت يميني فانظر ماذا تعطيني
وفي الباب التاسع عشر ذكر من قال شعراً من المغفلينفقال قال الجاحظ : أنشد بعض الحمقى : أنشدني بعض الحمقى: مجزوء الرمل : إن داء الحب سقم ليس يهنيه القرار ، ونجا من كان لا يعشق من تلك المخازي
فقلت : إن القافية الأولى راء والثاني زاي ، فقال : لا تنقط شيئاً فقلت: إن الأولى مرفوعة والثانية مكسورة ، فقال: أنا أقول تنقط وهو يشكل.
وحكى بعضهم : قال: اجتمعنا ثلاثة نفر من الشعراء في قرية تسمى طيهاثا فشربنا يومنا ثم قلنا : ليقل كل واحد بيت شعر في وصف يومنا
فقلت : نلنا لذيذ العيش في طيهاثا ، فقال الثاني : لما احتثثنا القدح احتثاثا ، فارتج على الثالث فقال : امرأته طالق ثلاثا .
وفي الباب الحادي والعشرين ذكر أخبارا عن المغفلين من الزهاد
فقال عن أحدهم سأل عن آية سببت له الخشوع والوجد فقال عن الجاحظ : كان لي جار من أهل فارس وكان بلحية ما رأيت أطول منها قط وكان طول الليل يبكي فأنبهني ذات ليلة بكاؤه ونحيبه وهو يشهق ويضرب على رأسه وصدره ويردد آية من كتاب الله تعالى فلما رأيت ما نزل به قلت لأسمعن هذه الآية التي قتلت هذا وأذهب نومي فتسمعت عليه فإذا الآية " يسألونك عن المحيض قل هو اذى " ، فعلمت أن طول اللحية لا يخلف.
ووصف تواضع عجيب غريب لاحدهم فقال : عن محمد المخرمي قال: كنا في مجلس فشممت رائحة أنكرتها فنظرت فإذا رجل قد وضع في شاربه عذرة فقلت له: ما هذا قال : تواضعاً لربي عز وجل.
وفي الباب الثاني والعشرون ذكر بعض المغفلين من المعلمين
فقال قال الجاحظ: كان ابن شبرمة لا يقبل شهادة المعلمين.فقلت : نلنا لذيذ العيش في طيهاثا ، فقال الثاني : لما احتثثنا القدح احتثاثا ، فارتج على الثالث فقال : امرأته طالق ثلاثا .
وفي الباب الحادي والعشرين ذكر أخبارا عن المغفلين من الزهاد
فقال عن أحدهم سأل عن آية سببت له الخشوع والوجد فقال عن الجاحظ : كان لي جار من أهل فارس وكان بلحية ما رأيت أطول منها قط وكان طول الليل يبكي فأنبهني ذات ليلة بكاؤه ونحيبه وهو يشهق ويضرب على رأسه وصدره ويردد آية من كتاب الله تعالى فلما رأيت ما نزل به قلت لأسمعن هذه الآية التي قتلت هذا وأذهب نومي فتسمعت عليه فإذا الآية " يسألونك عن المحيض قل هو اذى " ، فعلمت أن طول اللحية لا يخلف.
ووصف تواضع عجيب غريب لاحدهم فقال : عن محمد المخرمي قال: كنا في مجلس فشممت رائحة أنكرتها فنظرت فإذا رجل قد وضع في شاربه عذرة فقلت له: ما هذا قال : تواضعاً لربي عز وجل.
وفي الباب الثاني والعشرون ذكر بعض المغفلين من المعلمين
وكان بعض الفقهاء يقول: النساء أعدل شهادة من معلم.
وفي الباب الرابع والعشرون ذكر طرفا من أخبار المغفلين على الإطلاق .
ومنها قول أبي العيناء قال: قال لي الجاحظ: كان لنا جار مغفل جداً وكان طويل اللحية فقالت له امرأته: من حمقك طالت لحيتك فقال: من عير عير.
وتحت عنوان أفسد بدل أن يصلح قال : عن إسماعيل بن زياد قال: نشزت على الأعمش امرأته ، وكان يأتيه رجل يقال له : أبو البلاد فصيح يتكلم بالعربية يطلب منه الحديث فقال له: يا أبا البلاد : إن امرأته قد نشزت علي وغمتني فادخل عليها وأخبرها بمكاني من الناس وموضعي عندهم فدخل عليها فقال " إن الله قد أحسن قسمك هذا شيخنا وسيدنا وعنه نأخذ ديننا وحلالنا وحرامنا ، فلا يغرك عموشة عينيه ولا خموشة ساقيه ، فغضب الأعمش عليه وقال " أعمى الله قلبك قد أخبرتها بعيوبي كلها أخرج من بيتي "
وحكي عن أبي الشوارب أنه " احتلم ليلة في وقت بارد وكره أن ينغمس في الماء البارد وطلب شيئاً يسخن فيه الماء فلم يجد ، فنزع ثوبه وعبر النهر سباحة حتى استعار شيئاً يسخن فيه الماء ورجع سباحة ثم سخن فيه واغتسل " .
واستمرالكاتب في شرح وبيان باقي الصفات ، ولولا ضيق المقام لذكرتها كلها ولكن عزائي أن ذلك ربما يكون دافعا للقاريء إلى البحث عن الكتاب والاطلاع عليه . والله هو الموفق
وتحت عنوان أفسد بدل أن يصلح قال : عن إسماعيل بن زياد قال: نشزت على الأعمش امرأته ، وكان يأتيه رجل يقال له : أبو البلاد فصيح يتكلم بالعربية يطلب منه الحديث فقال له: يا أبا البلاد : إن امرأته قد نشزت علي وغمتني فادخل عليها وأخبرها بمكاني من الناس وموضعي عندهم فدخل عليها فقال " إن الله قد أحسن قسمك هذا شيخنا وسيدنا وعنه نأخذ ديننا وحلالنا وحرامنا ، فلا يغرك عموشة عينيه ولا خموشة ساقيه ، فغضب الأعمش عليه وقال " أعمى الله قلبك قد أخبرتها بعيوبي كلها أخرج من بيتي "
وحكي عن أبي الشوارب أنه " احتلم ليلة في وقت بارد وكره أن ينغمس في الماء البارد وطلب شيئاً يسخن فيه الماء فلم يجد ، فنزع ثوبه وعبر النهر سباحة حتى استعار شيئاً يسخن فيه الماء ورجع سباحة ثم سخن فيه واغتسل " .
تعليق