انصهار

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • أحمد عيسى
    أديب وكاتب
    • 30-05-2008
    • 1359

    انصهار

    [align=right]
    حين نهضت من نومي ، صرت شابة صغيرة
    تلفت يميناً ، يد قوية مشعرة ذات مخالب
    يساراً ، يدٌ قوية تحمل رمحاً لا تميزه عن اليد / كأنه الجسد
    نظرت في مكاني ، كان السرير الدافئ قد أصبح أغصان شجرة
    والمنزل اللطيف غاباً .
    لملمت أشيائي ، فوجدت كل شيء يختلف .
    هاتفي الشخصي صار ثقيلاً ، يرافقني كظلي ، لكنه لا يصدر رنيناً واضحاً إنما صوتٌ كعواء الذئب
    أما سيارتي فكان صوت صهيل محركاتها يهز القلوب الضعيفة في الغاب .
    أمامي كانت الطريق طويلة ممتدة ، وحولي كل شيء اختلفت معالمه عما ألفت
    فلا الحياة ذاتها ، ولا الملامح تشبه كل ما عرفته ..
    شاهدت طفلاً صغيراً يعجز عن مواصلة الطريق ، فدسته بأقدامي / أو حوافر حصاني
    لا أعلم
    ثم أني ترجلت ..
    بحثت في ملامح المخلوقات عن شيء يشبهني ..
    فما وجدت غير الخوف في العيون .
    رأيت نفسي ملكة متوجة في عيون الخائفين .
    سرني هذا الشعور .. كثيراً جداً ، حتى أن ابتسامة غادرتني وأنا أنهض مثقلة بالهموم ، حافية إلا من أحزاني ، غريبة من كل شيء يشبهني ..

    *********

    منهكة عادت إلى بيتها ، تجر نفسها وأذيال مرارتها ، على عتبة البيت ترددت ، نظرت إلى قدميها الحافيتين ، اسودتا من المشي على الأرض المغطاة بالإطارات المحترقة ..
    هؤلاء الملاعين ..قالتها وفتحت باب بيتها ..
    استقبلها زوجها بنداء خافت هلع ، ثم انه هرع إليها ، فاستراحت على كنبة مجاورة ، أرخت قدميها أرضاً ، وسمحت لها بالاسترخاء في وعاء أحضره لها ، به الماء المملح ..
    ابتسمت لزوجها في حنان ، ثم تجهمت ملامحها في شراسة :
    - هؤلاء الملاعين .
    يظنون أنهم يقاومون ، بئس ما كانوا يفعلون ..
    سنسحقهم حتماً .. كذا قال زوجها في وداعة لا تتناسب وملامحه الحادة ..
    أرخت نفسها على الأريكة ، تراجعت إلى الوراء ، وضعت يديها خلف رأسها ..
    وسمحت لعاصفة من التفكير أن تنزاح ، إلى بئر من النسيان ، حيث يغيب الضمير وترتاح التناقضات كلها ..

    ********

    دوامة تحاصرني ، في مكان غريب عن شعوري ، قريب من إحساس يراودني ولا أصله ، أشعر به ولا ألمسه ، أعدو خائفة مذعورة ..
    قدمي الحافية نبتت بها مخالبي ، قاسية عنيفة ككل شيء يشبهني ، ووجهي استحال مطية تتلون بلون كل شيء ..
    راقبت اختلاف ملامحي في صفحة الماء الآسن ، تركت لنفسي كل عنان
    .. سقطت أرضاً وانقلبت على ظهري ، في دعة سامحة للتيار أن يجرفني ..
    بعيداً ، عن كل احتمال ممكن ..
    أيتها الخائنة ..
    سمعتها من بعيد وأنا ألمس إحساس التطهر يحاصرني ، يحررني ..

    [/align]
    التعديل الأخير تم بواسطة أحمد عيسى; الساعة 01-09-2010, 20:53.
    ” ينبغي للإنسان ألاّ يكتب إلاّ إذا تـرك بضعة من لحمه في الدّواة كلّما غمس فيها القلم” تولستوي
    [align=center]أمــــوتُ .. أقـــــاومْ [/align]
  • إيمان الدرع
    نائب ملتقى القصة
    • 09-02-2010
    • 3576

    #2
    أستاذ أحمد عيسى:
    أرى اليوم في طيّات السطور..
    معانٍ ضاربةٍ في العمق الإنساني..
    خيط ألمٍ يجمع تباريح تداعياتك ..
    حروفك تضجّ بالأنين...من واقعٍ نعايشه بكلّ أحماله الموهنة
    في زمن الخوف ، والسّقم ، والتناقضات، والخيبات..
    في زمنٍ ننشد فيه التخلّص من قيود الرّوح ، والتطهّر من عوالقها..
    خرجت من النصّ بزفرة أسى حملتها معي ومضيت..
    لصدق قلمك..وبراعة تعبيره..
    دُمتَ بسعادةٍ وهناء..

    تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

    تعليق

    • محمد فطومي
      رئيس ملتقى فرعي
      • 05-06-2010
      • 2433

      #3
      الصّديق العزيز أحمد عيسى .
      أنت كاتب يهوى استدراج الأدب إلى أقصى ما يُمكن أن تسمح به الّلغة من بوح.
      تروقني جرأة التّجريب و التّجديد لديك.
      قصّة تدعوك لقراءتها مرّات عديدة.
      أحسنت أخي ،نصّك غاية في العمق و الرّصانة و التّحرّر.
      مدوّنة

      فلكُ القصّة القصيرة

      تعليق

      • أحمد عيسى
        أديب وكاتب
        • 30-05-2008
        • 1359

        #4
        المشاركة الأصلية بواسطة إيمان الدرع مشاهدة المشاركة
        أستاذ أحمد عيسى:
        أرى اليوم في طيّات السطور..
        معانٍ ضاربةٍ في العمق الإنساني..
        خيط ألمٍ يجمع تباريح تداعياتك ..
        حروفك تضجّ بالأنين...من واقعٍ نعايشه بكلّ أحماله الموهنة
        في زمن الخوف ، والسّقم ، والتناقضات، والخيبات..
        في زمنٍ ننشد فيه التخلّص من قيود الرّوح ، والتطهّر من عوالقها..
        خرجت من النصّ بزفرة أسى حملتها معي ومضيت..
        لصدق قلمك..وبراعة تعبيره..
        دُمتَ بسعادةٍ وهناء..
        الأديبة المبدعة : ايمان الدرع

        في ذا الزمن الذي تقصدين . يصبح كل شيء ممكناً ، ولكل شيء تبريره ، ولكل جريمة حجة جاهزة ..
        ان لم نستفق .. ضعنا وان استفقنا ..متنا .

        تحيتي لك وشكراً لوجودك هنا
        ” ينبغي للإنسان ألاّ يكتب إلاّ إذا تـرك بضعة من لحمه في الدّواة كلّما غمس فيها القلم” تولستوي
        [align=center]أمــــوتُ .. أقـــــاومْ [/align]

        تعليق

        • أحمد عيسى
          أديب وكاتب
          • 30-05-2008
          • 1359

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة محمد فطومي مشاهدة المشاركة
          الصّديق العزيز أحمد عيسى .
          أنت كاتب يهوى استدراج الأدب إلى أقصى ما يُمكن أن تسمح به الّلغة من بوح.
          تروقني جرأة التّجريب و التّجديد لديك.
          قصّة تدعوك لقراءتها مرّات عديدة.
          أحسنت أخي ،نصّك غاية في العمق و الرّصانة و التّحرّر.
          محمد فطومي ...مرورك يسعدني صديقي المبدع // ورأيك في قلمي المتواضع يشرفني والله ..لك أحلى تحياتي وأرقها ..
          ” ينبغي للإنسان ألاّ يكتب إلاّ إذا تـرك بضعة من لحمه في الدّواة كلّما غمس فيها القلم” تولستوي
          [align=center]أمــــوتُ .. أقـــــاومْ [/align]

          تعليق

          يعمل...
          X