ركن القصّة الغربيّة/ أقصى عقوبة "ليون تلستوي"

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمد فطومي
    رئيس ملتقى فرعي
    • 05-06-2010
    • 2433

    ركن القصّة الغربيّة/ أقصى عقوبة "ليون تلستوي"

    الأساتذة الكرام،كتّاب و كاتبات ملتقى القصّة.
    يشرّفني أن أخصّص بعون الله هذا الرّكن المثبّت و المتجدّد لتسليط الضّوء في كلّ مرّة على إحدى الأعمال القصصيّة لكبار كتّاب الغرب ممّن كان لهم أثر و كلمة في ميدان الحكاية و القصّة.
    و سأتكفّل بتعريب نصّ قصصي و إدراجه كلّ عشرة أيّام ،ليتسنّى لنا الخوض في غماره و التّوسّع في مداده السّردي و الّلغوي،و تناوله بالنّقد و الدّرس،و المساهمة بنقطة أو نقطتين في تحديد إيجابيّاته و سلبيّاته ،مواطن قوّته و ضعفه،و نقاش أساليبه الفنّيّة و أبعاده الدلاليّة و كيفيّة توظيف أدوات القصّ البلاغيّة من أسطورة و رمز و مبالغة و سخرية و نثر اجتماعي إلخ..
    للتّوضيح و رفعا لكلّ التباس ،ألفت انتباه الأساتذة الكتّاب و الزوّار الأعزّاء، بأنّ البادرة أبعد من أن تكون دعاية أو شهادة لصالح الأدب الغربي أو استنقاصا من شأن أدبائنا العرب أو موروثنا الثّقافيّ و الحضاريّ، الغنيّ عن التّرتيب ؛بقدر ما ستكون إحاطة بمعارفهم و اطّلاعا قصد الاستفادة من سبقهم و مراسهم الطّويل.
    في الأخير أرجو أن تنال البادرة استحسان الجميع.
    محمد فطومي
    ****

    النّوارس المسافرة


    قصّة للكاتب الفرنسي : ألفونس آلّي-1891

    تعريب :محمّد فطومي


    لا أظنّ أنّكم واكبتم تلك الحقبة أو تذكرون شيئا عن جزئيّاتها،أبناء هذا الجيل،و لكن لا بأس سأروي لكم بعض تفاصيلها؛فإرسال البريد المستعجل في المرّات الأولى التي اشتغل فيها البرق الكهربائيّ كان يفرض على المهندسين أنظمة توصيل ذات سلكين؛السّلك الثّاني كانوا يتصوّرونه ضروريّا لنقل الكهرباء.
    في الحقيقة لم يضيع أولئك السّادة الكثير من الوقت لينتبهوا إلى أنّ سلكا واحدا يفي بالغرض ،و فسّروا لنا بثقة و حزم بعد اكتشافهم ذاك ،بأنّ الأرض ستكفيهم السّلك الثّاني.
    و قد ترى من مكانك حيث أنت السّحنة التي تعلو وجوه أولئك الرّجال العظماء،لو أنّ أحدنا أنبأهم بأنّنا يوما ما ليس بعيدا أن نكون على مشارفه ، سنتخلّى كلّيّا عن الأسلاك لنتراسل بين "كاب-كود" في الولايات المتّحدة و "بلدهو" في انقلترا.
    إنّها في الواقع الضّربة القاصمة لسلك البرق،وأستحلف ،من جهتي، قرائي الأعزّاء الذين يحتفظون بعد في حافظات أوراقهم بقيمة من هذا النّوع،أن لا يترقّبوا البتّة تدهور الأشياء و تراجعها..فالمسائل دائما تمضي إلى الأمام.
    و أتساءل عمّا إذا كان قد بلغكم وجه الشّبة بين الذي قلته لأبرهن بأنّ روح التّقدّم في حدّ ذاتها هي أن تكون موازية لنفسها،و بين اقتراب زوال أسطورة الحمام الزّاجل و فقده حظوته إلى الأبد.
    بعد خمس سنين أو ربّما أقلّ من ذلك ،سيبدو لكم الحمام حلاّ كلاسيكيّا،بل بدائيّا و مضحكا كما هو اليوم حال برق الأب "شاب" اليدويّ بذراع التّدوير.
    و يكفي أن نعود للحديث عن النّكات التي ما كان يجب أن تبرح مخيّلاتنا،و نستحضرها من جديد،لنتيقّن من أنّ الحمام ماض في طريقه ليعهد باختصاصه الأزلي للنوارس.إلى أن يأتي اليوم الذي نشاهد فيه ساعي الجوّ الذي يطير.
    و سيهتف النّاس بشتّى الشّعارات حينئذ:
    - " يعيش النّورس ،امنحوا أنفسكم رؤية أنقى و أرحب.."
    - " يعيش النّورس الطّائر القويّ.."
    - " يعيش النّورس ملك البحار و امبراطور الجوّ.."
    و لكن حذار ! ليست المسألة بسيطة كما قد تبدو للوهلة الأولى،و ليس بديهيّا أو هيّنا أن نكون قد حقّقنا هذا النّجاح السّاحق . فكم من الصّبر و الهندسة و السّهر أنفقنا كي يصبح انجازنا متاحا.
    قبطان السّفينة الحربيّة السيّد "دوما دي بوبري" هو الذي انكبّ بنفسه على دراسة و تنفيذ المشروع..مشروع النّوارس ساعية البريد..الحلّ البديل،و فعل ذلك دون أخطاء أو هنّات سهو من ثلاث سنوات.و انطلق يحصي أمامي،و ليس لي،آلاف التّحوّلات المدهشة و المفاجئة التي شهدها بنفسه،دون أن يفارقه مزاجه الرّائق الذي يميّز بحريّتنا الوطنيّة.
    " كانت تلك المرّة الأولى التي أذيع فيها بين النّاس ممّن هم في محيطي ،فكرتي بتطوير و تحسين المراسلات الحيوانيّة، بإقصاء الحمام الأبله،و استبداله بالنّورس المذهل،لمّا دوّت قهقهات لا يزال جرسها يرنّ في أذني حتّى السّاعة..
    النّورس.. ! (جأر أولئك الهمج)..النّورس!..
    دون تتمّة أو حجّة مقنعة.."
    - النّاس بهائم..(عقّبت)
    و أردف:
    "- بالنّسبة لي ،و دون أن أترك لهم فرصة إحباطي و النّيل من فلسفتي،باشرت العمل فورا..حصلت على بيض النّورس و جعلت بطّا يحضنه.و فقست نوارسي،و لأنّها صغيرة جدّا و لا خبرة لها بالتّحليق بعيدا فوق المحيط،فقد جعلتها في البداية تتخبّط من باب الدّربة في برك صغيرة هيّأتها للغرض،و أعددت لها،داخلها،سلفا،مؤونة ضخمة من السّمك الذي يحبّونه.
    و لمّا حان وقت الرّحيل باتّجاه الحياة الحرّة البرّيّة،و مع اقتراب الموعد الذي سأجني فيه ثمرة تعبي،بادرت بتناول سلك معدنيّ دقيق..لابدّ من السّلك ..أغيّبه في أفواهها عميقا،كما لو أنّها ابتلعته عن طريق الصّدفة،و ربطته جيّدا من طرفه الذي معي على مناقيرها..و..حرّرتها متمنّيا لها سفرة موفّقة."
    - بدأت أفهم..(قلت كالعائد من شرود)
    و واصل:
    "- في اليوم الموالي عادت مرتبكة،و منهكة جدّا و ميّتة من الجوع ..ما الذي كنت أراه قد تراجع في مشروعي،أقصد نظامي،غير صغاري الفارّين بالأمس !؟..و أعدتها من جديد إلى ساحة الإقلاع،و عزمت أمري مرّة أخرى..نزعت عنها الأسلاك المعدنيّة العالقة بأفواهها..كافأتها بحفلة طعام..و ركّبت الأسلاك المعدنيّة حيث كانت مرّة أخرى،و عدّت بصغاري للتّمرين من جديد.
    في غضون أيّام من هذا الهرج فقهت نوارسي الدّرس جيّدا ،و لكي لا تنسى أبدا مبدأ الموت جوعا من أجل الحرّيّة،الذي أحتاجه،و ليظلّ طعم الحرّيّة ألذّ لديها بكثير من طعم الإحساس بالشّبع،فقد غرست فيها أنّ أصناف الأكل الّلذيذة تكمن في منصّة إقلاعها؛برج الحمام(لو جاز لنا تسميته مبدئيّا)"
    - نعم..بكلّ بساطة..(قلتها و أنا أهزّ بكتفي،تعبيرا عن متابعتي الواعية لمنطق تدرّج الأشياء)
    و أضاف بنفس الحرص و الحماس للشّرح:
    "- ..و لكن حذار من الاستهانة بالمسائل و التّمادي في الحلم..لا بدّ من الرّصانة في العمل.
    و كما أسلفت،و لكي لا أشتّت فكرك أكثر،فقد خلقت بالتّالي كائنا سمّيته " النّورس الفرد " يملك وازع الانتماء و غريزة العودة إلى رقعة الأرض،تماما كالحمام.ثمّ زاوجته بفصيلة الحمام،فتوصّلت كما خطّطت إلى كائن آخر،عرق آخر،يتمتّع بالفطرة الوراثيّة لأسلافه و ما لقّنتها إيّاها،من حاجة للعودة إلى البيت المرفّه."
    - و ماذا عن حسّ الاتّجاهات؟(تساءلت)
    "-النّورس مجبول على ذلك بطبعه و هو في ذلك أفضل من أذكى حمامة.أمّا بالنّسبة للمسافات التي تقطعها فلا حدّ لها و هي مثاليّة في المقاومة و المكابدة،و باستطاعتها و هي مسافرة أن ترتاح فوق الماء،يهدهدها الموج الّلطيف الرّخو."
    و تفضّل القبطان "دوما دي بوبري" بإخباري بأنّ إطلاقا لدفعة نوارس سيتمّ في قلب المحيط الأطلسي عمّا قريب،و قال بأنّه يتشرّف بدعوتي لحضوره،و بأنّه سيكون سعيدا لو أنّي ألبّي و أعاين تلك التّجربة الخارقة الحاسمة في تاريخ البحريّة الوطنيّة.
    ..و هذا بالتّأكيد ما يجعلني أجزم بأنّي نلت الشّرف الأكبر في العالم على مرّ العصور..
    مدوّنة

    فلكُ القصّة القصيرة
  • عائده محمد نادر
    عضو الملتقى
    • 18-10-2008
    • 12843

    #2
    الزميل القدير
    محمد فطومي
    قرأت الدعوة
    ولم أقرأ النص لأني أردت أن أثني على مبادرتك
    ليس تملقا أو محاباة لك
    لكنه فعلا جهد يستحق التقدير كي يتعرف الزميلات والزملاء على أهم الأدباء وما كتبوه خلال مسيرتهم الأدبية
    وفقك الله
    أنا شخصيا موافقة مليون بالمئة لأنها خطوة إيجابية بحتة
    ليتك لا تنسى ( آلان بو ) لأنه بصمة تستحق التوقف عندها
    سر على بركة الله
    كن بخير زميلي
    تحياتي ومودتي
    الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

    تعليق

    • إبراهيم كامل أحمد
      عضو أساسي
      • 23-10-2009
      • 1109

      #3
      [align=justify]
      الأستاذ محمد فطومي

      خالص الود.. بادرة طيبة تعكس رغبتك الصادقة في أن ننهل من نبع الأدب الصافي أينما كان.. دمت بكل خير.
      [/align]
      [CENTER][IMG]http://www.almolltaqa.com/vb/picture.php?albumid=136&pictureid=807[/IMG][/CENTER]

      تعليق

      • أميرة فايد
        عضو الملتقى
        • 30-05-2010
        • 403

        #4
        أستاذ فطومي ..
        مبادرة تستحق الشكر والتقدير .أتمنى أن يتنوع الإختيار بين أدباء معاصرين وراحلين حتى يتسنى لنا الوقوف على بدايتهم وتطور تجاربهم. ويمكنك إذا شئت الإستعانة بجهد زملاء في المنتدى ممن يمكنهم الترجمة الأدبية.
        [SIZE=3] [B][FONT=Simplified Arabic]http://amirafayed.maktoobblog.com/
        [/FONT][/B][/SIZE]

        تعليق

        • سمية الألفي
          كتابة لا تُعيدني للحياة
          • 29-10-2009
          • 1948

          #5
          الأستاذ/ محمد فطومي

          مرور للتهنئة , ثم لي عودة للوقوف على نهر إبداعك المتدفق

          ربما نهلت وأريد مزيدا

          ياهلا بك وبكل جديد يزيد من بريق قسم القصة


          باقات أنثرها لحين العودة

          مودتي

          تعليق

          • هيثم عبدربه السيد
            أديب وكاتب
            • 08-09-2010
            • 48

            #6
            الأستاذ محمد فطومى /
            لم أعرفك قبل أن أنضم لهذا الملتقى ..وعندما عرفتك وألفتك تيقنت أنى قد فاتنى الكثير من فترة وجودى على الشبكة العنكبوتية ...سيدى الكريم انت مهموم بالكلمة ..مهموم بمن يحملون القلم والمحابر ..مولع بان تحمل قنديلا وتسير لتنير الطرقات لمن حولك ومن خلفك
            وهذه الخطوة التى تعرضها وتقترحها ..اسمح لى بأن انحنى امامها وأجلها لأنها تعبر بصدق عما يموج داخل صدرك من اعباء الكلمة وخاصة فن القصة ...التى اعتقد البعض انها ماتت ..لكن أبدا لن تمت القصة القصيرة مادام فى ركباها من هم أمثالك سيدى ...لن تمت
            تحياتى لقلمك المبدع ...وروحك الطاهرة النقية

            تعليق

            • محمد فطومي
              رئيس ملتقى فرعي
              • 05-06-2010
              • 2433

              #7
              شكرا أستاذة عائدة على المرور الجميل و التّفاعل مع الدّعوة.
              سأكون سعيدا بوجودك الوارف.
              سجّلت ملاحظتك أختي الكريمة.
              مدوّنة

              فلكُ القصّة القصيرة

              تعليق

              • محمد فطومي
                رئيس ملتقى فرعي
                • 05-06-2010
                • 2433

                #8
                مساء الودّ أستاذي الجليل ابراهيم كامل أحمد.
                ممتنّ على التّواصل و التّشجيع.
                محبّتي الدّائمة لك.
                مدوّنة

                فلكُ القصّة القصيرة

                تعليق

                • محمد فطومي
                  رئيس ملتقى فرعي
                  • 05-06-2010
                  • 2433

                  #9
                  أستاذة أميرة فايد،
                  أشكرك على التّواصل و التحمّس للموضوع،شرّفنا حضورك.
                  طبعا أستاذتي لا أشكّ في كفاءات الأساتذة، و لكنّي حقيقة لم أشأ أن تزيغ الفكرة الأساسيّة عن مسار القراءة،و تضيع في نقاش تقنيّات التّرجمة بحدّ ذاتها.
                  لك كلّ المودّة أختي العزيزة.
                  مدوّنة

                  فلكُ القصّة القصيرة

                  تعليق

                  • محمد فطومي
                    رئيس ملتقى فرعي
                    • 05-06-2010
                    • 2433

                    #10
                    الأستاذة الغالية سميّة الألفي/
                    باقة زهور لك،
                    سيزداد قسم القصّة ألقا كلّما التفّ حوله محبّون للمزيد،مُحرّضون عليه.
                    أشكرك صاحبة الذّوق الرّفيع.
                    مدوّنة

                    فلكُ القصّة القصيرة

                    تعليق

                    • محمد فطومي
                      رئيس ملتقى فرعي
                      • 05-06-2010
                      • 2433

                      #11
                      هيثم الجميل،
                      دفء كلماتك و نبرة النّضج و عشق الّلغة فيها يطمئنني،
                      أعرف أنّك مريض بالقصّة،و أوبتها لن تكون إلاّ على يدي أمثالك من الغيورين عليها من التّلف و الهتك و الاستسهال و الزجّ بها نحو الحضيض.
                      أخي أنت كاتب فريد،أحبّ أن أقرأ له.و هذا رأيي فيما تكتب منذ وقعت عيناي على أوّل عمل لك هنا.
                      واصل هيثم أنت مبدع.
                      مدوّنة

                      فلكُ القصّة القصيرة

                      تعليق

                      • شوقي الصليعي
                        أديب وكاتب
                        • 01-10-2010
                        • 31

                        #12
                        الاخ الفاضل محمد فطومي/ انتهاءا من مقدمتك التي تثلج الصدرحول تلاقح الآداب العالمية التي اعشقها. فانني عجبت من توارد الخواطر العجيب اذ انني فوجئت بأول تعليق يقول انه يود الشكر قبل بداية قراءة النص المترجم وكان ذلك هو موقفي ايضا. ظللت طيلة 25 سنة التقط القصص المترجمة العالمية مشغوفا بوحدة الذات الانسانية دون تعصبات عرقية. ان انتقاءك لهذه الزهور فضل كبير علينا. والله ولي التوفيق.
                        التعديل الأخير تم بواسطة شوقي الصليعي; الساعة 02-10-2010, 11:49.

                        تعليق

                        • شوقي الصليعي
                          أديب وكاتب
                          • 01-10-2010
                          • 31

                          #13
                          الأخ الفاضل محمد فطومي اختيارك راقي لهذه القصة التي رغم اعتماد اسلوبها على السهل الممتنع, الا انها تعلق بالمخيلة , وتسيطر على القارئ بجمال أخاذ........ان الترجمة في التعبير الايطالي خيانة , ولكنها اجمل الخيانات على وجه الارض, متعة لا توصف.الف شكر.

                          تعليق

                          • نادية البريني
                            أديب وكاتب
                            • 20-09-2009
                            • 2644

                            #14
                            بارك اللّه في جهدك اخي الفاضل محّمد
                            ستكون لي عودة بإذن اللّه وتعالى للنّص
                            دمت بخير

                            تعليق

                            • محمد فطومي
                              رئيس ملتقى فرعي
                              • 05-06-2010
                              • 2433

                              #15

                              Léon Tolstoï
                              La peine rigoureuse[align=left]
                              Un homme alla au marché acheter un morceau de boeuf. Le marchand le trompa ; il lui donna de la viande de mauvaise qualité et lui fit faux poids.
                              L'homme rentrait à la maison avec sa viande, proférant des injures. Il rencontre le tsar. Celui-ci lui demande :
                              – A qui donc en as-tu ?
                              – Mes injures sont pour celui qui m'a trompé ; j'ai payé le prix de trois livres, et on m'en a donné deux ! de la viande de boeuf qui ne vaut rien !
                              Le tsar lui dit :
                              – Allons au marché, tu me montreras celui qui t'a trompé.
                              L'homme retourna sur ses pas et désigna le marchand. Le tsar fit peser la viande devant lui ; la tromperie était manifeste.
                              Le tsar dit à l'homme :
                              – Eh bien ! à quelle peine veux-tu que je condamne le marchand ?
                              – Ordonne qu'on prélève sur son dos la quantité de chair dont il m'a fait tort.
                              Le tsar dit :
                              – Soit, prends mon couteau et tranche une livre dans le dos du marchand. Mais prends garde que le poids soit exact ; si tu enlèves plus ou moins d'une livre, tu en répondras.
                              L'homme ne répondit pas et s'en retourna chez lui.
                              [/align]

                              أقصى عقوبة


                              قصّة لـ" ليون تولستوي"

                              تعريب :محمّد فطّومي


                              اشترى رجل من السّوق قطعة من لحم عجل.و لكنّ البائع غشّه و أعطاه لحما فاسدا و بخسه في الميزان.
                              عاد الرّجل إلى بيته يسبقه السّباب و الشّتائم تتناثر من حوله،و التقى رئيس المخفر، فسأله هذا الأخير:
                              - ماذا حلّ بك؟من تسبّ يا هذا؟
                              - شتائمي موجّهة للّذي خدعني؛دفعت ثمن ثلاثة أرطال ، فأعطاني اثنين من لحم العجل الرّخيص.
                              قال رئيس المخفر:
                              - بنا إلى السّوق و أرني البائع الذي خدعك.
                              عاد الرّجل أدراجه و نعته على البائع ، فوزن رئيس المخفر قرطاس الّلحم أمامه و تأكّد بأنّه لم يكن يفتري و بأنّه قد تعرّض للخداع فعلا.
                              و قال:
                              - هذا صحيح ! أيّ عقوبة ،إذن، تريدني أن أسلّطها على البائع؟
                              دون تردّد أجاب الرّجل:
                              - مُره أن يقصّ قطعة لحم من ظهره تساوي التّي مكر بي و أمسكها عنّي.
                              عندها قال رئيس المخفر:
                              - فليكن..لك ما طلبت..خذ سكّيني هذا و اقتطع رطلا من ظهر البائع.و لكن خذ حذرك،و كن دقيقا؛فلو أنّك انتزعت أكثر أو أقلّ من الرّطل ستندم لأنّي ساعتها سأقتطعه منك أنت.
                              لم ينبس الرّجل بحرف واحد ،و عاد إلى بيته.

                              ***

                              في الواقع أيّها الأساتذة الكرام،تعمّدت إدراج هذه القصّة ،لنتمثّل سويّة ميل عباقرة الأدب لتبليغ الفكرة بأدوات يسيرة و بسيطة،دون السّقوط في الابتذال أو السّذاجة.
                              هذا ليون تلستوي الغنيّ عن التّعريف و الملقّب بالأسطورة،ظاهرة من ظواهر الأدب العالمي.يكتب كما دلّ المثال بلغة واضحة و بأسلوب مباشر خال من الأخطاء و الزّيف و بمنأى عن الخلط و التكلّف و التملّق ، و لتكن هذه القصّة حافزا لكلّ مبدع فكّر أو حجب و استخفّ فعلا بقسم من أعماله بعد أن أجرى مقارنة - يكون في الغالب قد ظلم بها قدراته و محق بها ثقته في نفسه - بينها و بين أعمال أخرى بدت له أحسن.
                              قصّة بسيطة ،بل كأنّها موجّهة للطّفل لبساطتها،و لكنّها تعلق في الذّهن و تجعلك دون أن تشعر تمرّرها أو ترويها لغيرك.
                              سجّلت أربعة محاور فلسفيّة كبرى في النصّ:
                              1 انصراف الرّجل من باب الجبن و ضعف في المواجهة إلى الشّتيمة كمتنفّس،و هذا ينسحب للأسف على أمم بأسرها.
                              2 التّبجّح بمطالب قبيحة و قاسية و جائرة تتجاوز الجريمة بآلاف المرّات في حضور الحليف(رئيس المخفر)،و الحالة منتشرة كما لا يخفى على أحد.
                              3 دهاء الحليف مهما كان الطّرف المستنجد على صواب.ذاك أنّ الحقوق لا تُأخذ إلاّ غلابا بيد أصحابها.
                              4 خزي و هزيمة المُستجير الذي سكت ساعة يجب أن يطالب،و نطق بالجريمة ساعة فُتِّحت أمامه سبل استعادة مسروقه.
                              في الأخير أتساءل بعيدا عن كلّ هذا:
                              ماذا كان سيحلّ بأهل تلك المدينة أو القرية لو أنّ صاحبنا المظلوم هذا كان هو رئيس مخفرها؟؟
                              و تظلّ مزايا النصّ عديدة،بناءا و مضمونا ...


                              محمد فطومي
                              التعديل الأخير تم بواسطة محمد فطومي; الساعة 25-01-2011, 19:41. سبب آخر: إضافة النصّ الأصلي
                              مدوّنة

                              فلكُ القصّة القصيرة

                              تعليق

                              يعمل...
                              X