مستقيلةٌ وبدمعِ العينِ أمضي _ إيمان الدرع

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • إيمان الدرع
    نائب ملتقى القصة
    • 09-02-2010
    • 3576

    مستقيلةٌ وبدمعِ العينِ أمضي _ إيمان الدرع

    مستقيلةٌ وبدمعِ العينِ أمضي

    10/10/2010/ الساعة العاشرة ...
    تذكّروا هذا التاريخ جيّداً ، يا من أنتم معي الآن على بعد مسافاتكم ..
    كان موعد الفراق ...إنها الساعة الأخيرة التي غادرتُ فيها أعتاب مدرستي .
    أردْتُه تاريخاً استثنائيّاً لموقفٍ استثنائيّ لن يتكرّر بحياتي ..، غادرتُ بعضاً من شرايين دمي على جدرانٍ أحببتُها، بنيتها لبنةً ، لبنة على أرصفة محطّات روحي .
    كنتُ مرغمةً على انفصالها عنّي قبل الأوان ، قبل أن تحتلّ ملامحي التي ما عادتْ لي ، بل كانت لها ، سكنتني بلا مفارقة
    أردتُ وبقرارٍ مني أن أفصل ذاتي عنها ، لأنها صارت وطناً بكلّ همومه وأحزانه ، وهواجسه، قتلتني بحبّها مدرستي
    قتلني تراب أزقّتها ، أشجارها ، صرتُ رهينة مقاعدها ، طباشيرها ، وعاشقةً لوجوهٍ حفرتْ عميقاً في فؤادي .
    طغتْ على كلّ شيءٍ فما عُدْتُ أرى سواها ، حتى قلمي كنت أسعى جاهدةً في سبيل إذابة الجليد عنه من أجلها .
    قرار الاستقالة أنضجته على نارٍ هادئةٍ ، قلّبتهُ ، أرجحته ، تراجعتُ ، وأقدمتُ ، وحسبتها من جديدٍ .
    وجدتني معانقة لفراقٍ هو الأقوى طالما كان بخياري ، لهفي عليهم من يباغتهم الفراق بطعنةٍ من قدر، أو بإحالةٍ إلى المعاش لانتهاء الخدمة بسبب استنفاذ شرط العمر .
    كان هذا الاحتمال يرعبني وأنا أنظر لملامح من كنت أوقّع قرار تشطيبهم من الذاكرة ، كنت ألمح دمعةً كسيرةً مختبئةً خلف العيون ، يقيناً كنت ألمحها رغم المكابرة ، وكم تحايلت على هذا الموقف بعبارات تشجيعيّة لم تكن تجدي في معالجة الموقف الأصعب في العمر.
    كنت أقف من وراء مكتبي الذي لم يحنّطني يوماً ، احتراماً لشموخهم ، وكدّهم ، ولعمرٍ أهدروه على منصّات الصفوف واقفين ، فغدرهم ، ونسّقهم من الخدمة .
    أقف ...أربّتُ بحنانٍ على أيديهم ، وأشدّها بقوّة ، وأقول لهم : كنتم رائعين ، لن ننساكم ، ستبقى بصماتكم محفورةً في المدرسة جيلاً بعد جيلٍ.
    كنت أخاف هذه اللّحظة ، ليس جبناً ، ولكن حرصاً على إنسانيّةٍ أحاول جاهدةً أن أستبقيها بروحي ما بقي لي من أنفاسٍ .
    وتمثّلْتُ زنوبيا عندما تجرّعت السمّ قائلة : بيدي لا بيدك يا عَمْر .
    حاولت أن أبدو متماسكةً حتى اللّحظة الأخيرة من بقائي فيها ، يجب أن أبقى كالطّود أمامهم ، هكذا كنت أعلّمهم .
    ولأنّي كنت لهم القدوة ، حاولت أن أكتم دموعي التي كانت تتضارب في أعماقي .
    طفتُ بين ردهاتها في الحصّة الثانية ، ظنّني الجميع أني أتفقّد حسن سير الدّروس كعادتي ، أبرزوا أفضل ما لديهم لنيل الرّضا ،والثّقة ، ليستمرّ الحبّ دافقاً بيننا، ولم يعرفوا أني أنثر بعضاً من أوصالي هنا وهناك ..تحرّكني الذكريات،
    تناوشني حتى السّهام الصغيرة منها ، وتحاصرني ، وكأنّ الأماكن قد تحوّلتْ إلى نهر غانج ...أذرّ عليها رمادي.
    وقفتُ على المنصّة ، أتقدّم جميع العاملين بثباتٍ كما اعتادوني في تحيّة العلم ، كان آخر شيءٍ أودّع فيه مدرستي علم بلادي ، وكأنني كنت أوصيهم به ، اتّخذت وضعيّة الاستعداد بشموخٍ مرفوعة الرّأس ، يداي على جانبيّ، مضمومة الأصابع، لستُ أدري لمَ تداخلتْ كلّ الوجوه النّضرة للطالبات مع هذا العلم المرفرف وأنا أودّعها ..للمرّة الأخيرة
    التي أقف بها ، وصارتْ كلّها بالنهاية لوحةً عذّبتني ، أرجحتني للحظات ، كادتْ تهوي بي ، لولا إصراري على ألاّ تهتزّ صورتي أمامهنّ مهما كان الثّمن .
    كنتُ قد أخفيتُ عن الجميع قرار استقالتي ، حتى لا أعذّبهم مثلي ، أعرف كم يحبّونني ، وأعرف عن خبرةٍ تراكميّة أين موقعي منهم على مدار السّنين ، لمَ لا وقد أسّسْت منهم مملكة الحبّ التعليميّة المستقلّة ، لم أسمحْ يوماً أن يغزو حصنها أيّ طامعٍ ، أو مخرّب ، أو دخيلٍ .
    ولكني كنت مرغمةً على التنحّي عنها ، تصوّروا ..لأني أحبّها فارقتها !!! هل الفراق تعبير آخر عن حبّ يفوق الاحتمال؟
    يا إلهي: هل هي قسوة ؟ أم لوثة جنونٍ؟ أم رحمة ؟ كلّ ما أدريه أنني لم أعدْ قادرةً على تسارع حبّها في قلبي ، وكنتُ أعرف أنني سأفارقها بعد سنواتٍ مرغمةً ،بعذابٍ أكبر ، وقد آن الأوان أن أفتح صفحةً جديدةً من عمري في محراب الكتابة والفكر،والأسفار.
    دخلتُ إليها منذ بداية تعييني ، بعد قدومي مباشرة من مدينة حلب ، كنتُ أتخطّى منتصف العشرينات بقليلٍ ، اقتطفتني يد مديريّة التربية ، وفرع القيادة الحزبيّة ، لتزرعني زهرةً نديّةً في دروبها ، ارتأتْ في هذه الصبيّة الواثقة التي كانت تدير أوراقها وتستكمل معاملة انتقالها أن تكون مديرة فيها.
    كنتُ في العمر أصغر الكادر الإداريّ والتدريسيّ ، ولكننّي استطعتُ أن أنفذ إلى كلّ القلوب ، توطّدت مساماتي بكلّ من حولي.وكبرتُ مع المدرسة ، أكثر من ربع قرنٍ وأنا أديرها ، وتفرّعتْ الشّجرة إلى أشجارٍ ، حوّلتها من إعداديّة إلى ثانويّة بفروعها المختلفة العلميّ ، الأدبيّ ، النّسويّ ، التجاريّ.
    وكم يبهجني ويُثلج صدري عندما ضمنت لفتيات البلدة عدم حاجتهنّ لضبابيّة العاصمة وبعد مسافاتها لمتابعة تعليمهنّ
    بعد تحيّة العلم ، دخلتُ غرفة المدرّسين، كاد صوتي يختنق ويبتلع الحروف، غصّتْ شهقتي بين جوانحي ، ألجمتها
    قلت لهم : أتيتُ لأودّعكم ، هذا هو اليوم الأخير لي في المدرسة..
    ران صمتٌ مفزعٌ على كلّ الوجوه حولي ، لم يصدّقوا ما يسمعون ، تفرّسوا في وجهي مستفسرين إن كنتُ أعني ما أقول
    بعضهم لم يستوعبْ ما سمع ، واستعان بمن قربه ليصدّق .
    لحظةٌ عصفتْ بي ما أردتها أن تنفجر وتظهر شلّال دموعي .
    قلت : سأكون بينكم ، بعون الله ، لن يتغيّر شيء، أنتم أحبابي ، وإخوتي ، في القلب ستبقون ، أحبّكم جميعاً ، ولكن لابدّ من الفراق ، لقد آن الأوان .
    وقفتُ قبل أن تدور بي الأرض ، ويسقطُ قناع تماسكي ، كنتُ أرتجف من أعماقي ، محاولةً ألاّ يلحظون ذلك ، ولكنّ نشيج قلبي وصل إليهم ، كيف تسرّب وقد أخفيته عنهم لست أدري ؟؟؟
    صافحتهم فرداً.... فرداً ، وأنا أحاول مضاحكتهم ، وممازحتهم ، كلّ بدعابته الخاصّة التي ألفتها عبر السنين .
    شددْتُ المدرّسات إلى صدري بقوّةٍ ، وكأني أحاول أن أكتنز لحظات عشقٍ استثنائيّ لن يُمحى من حياتي أبداً
    كانت تبلّل وجنتي عبراتهنّ السّاخنة ،فأستنشقها رحيقاً سيسكن ذاكرتي ما حييت ..
    شددْتُ على أيدي المدرّسين : وداعاً يا أغلى إخوةٍ عندي .
    الزّمالة في ثوبها الناصع تصوغ ولادة صادقة ، تأتي من رحم الحياة .
    وتركتهم مذهولين على عجلٍ ومضيتُ إلى غرفة الإداريّات ..
    كانت المحطّة الأصعب ، إنّها عشرة العمر ، سنوات بحلوها ومرّها ، بأفراحها وعذاباتها،
    مناسبات لاتُحصى جمعتنا ، معارض، مهرجانات ، احتفالات، محطّات تكريمٍ ، رحلات، أعراس ،أتراح ، ولقمة واحدة نسترقها خلسةً عن أعين الزّائرين ، وصدى ضحكات حلوة في دبكات عفويّة تشبك أيدينا معاً ..
    وطعم قهوة على شفتي لا يزول ، و طقوس تعامل يوميّ صار كالإدمان... نفتقد جزئيّاته الصغيرة إن تغيّرتْ ،ومُغاضبة ، تتبعها مصالحة ،تزيد من ترابطنا ..والتحامنا ، وتآزرنا ..
    حدّثتُ نفسي : أيتها الكاذبة ، يا من تدّعين الثبات ، كيف تتجرّئين على وداعهنّ ؟ كيف ستنتزعيهنّ من ذاتك ؟
    وتقتلعين غراسك بيديك ..؟؟
    ولكنّي فعلتها ، يا لبؤسي فعلتها ، كنت أواسيهنّ في هذا القرار الذي أربكهنّ ، أرعبهنّ ‘ حسّسهنّ باليتم
    وأنا الشقيّة ، المتعبةُ ،كنت بحاجةٍ لمن يواسيني ، ويهدّئ من روعي.
    وإمعاناً في رسم سيناريو رحيلي بلا دموع ٍ ، ارتشفْتُ بضع قطراتٍ من كوب شايٍ قُدّم إليّ ، ارتجفتْ أصابعي ،
    صدقاً ما استطعتُ حمل الكوب مرّة أخرى لأعيده إلى شفتي ، تركته حتى لا يلحظْن اضطرابي .
    لم أحاول أن أنظر في عيونهنّ التي كانت تمطر سحابات حبّ بلا توقّفٍ ، مازحتهنّ من جديد قائلة:
    لا أريد هذه الدراما الهنديّة الآن ، إنها ليست بمأساة ،هذه أمور ورقيّة ، أنا بينكنّ ، لن أغادركنّ صدّقنني
    وانسحبتُ متوجّهة إلى غرفة مكتبي، دون التفاتٍ إليهنّ حتى لا أعود إلى معانقتهن بنبضٍ ما ارتوى بعد ،فيفضحني
    أغلقت الباب دونهنّ ، ألا يحقّ لي أن أرثي نفسي التي كانت تنسحب مني في معطف الرّحيل ..؟؟ لقد كان بعضي يودّع بعضي ، آن لهذه الدموع أن تنسكب ، لقد عذّبتها طويلاً بكتمانها، أما آن لهذا الفارس المثخن بالجراح أن يلتقط نزفه ؟؟ أما آن لهذا اللّحن الحزين أن تعزفه روحي التي عشقتْ ، فارتكبتْ خيانة الفراق مرغمةً ..؟؟
    كنت كقتيل عشقٍ يُزفّ إلى مثواه الأخير.
    نقراتٌ ملحّة على الباب ، إنها المعاونة ، صديقة الرّوح والدّرب ، اقتحمتْ جنازة الوداع ، تعانقنا خلف الباب ، بكينا بنشيجٍ طويلٍ ، عاتبتها على الحضور ، لأنها رأت دموعي ، ضعفي الموارب كما هو ، لم تُجبْني إلاّ بمزيدٍ من البكاء
    المرتفع ، كانت ترتجف كطفلٍ صغيرٍ .
    الهاتف المحمول في حقيبتي يرنّ ، كنت قد وعدتُ السائق أن يأتي في العاشرة ، موعد رحيلي ...
    تعمّدتُ أن تكون دقائق الوداع سريعةً ومباغتة ، حتى لا نستوعب ما يحدث..
    تعلّلت به لمّا عاود الاتصال ..خرجتُ إلى الباحة متّجهةً إلى الباب الرّئيس، ما بقي في القلب من أنّةٍ جارحةٍ إلاّ واستنفذتها احتضنتني معلّمة الرّياضة البدنيّة ، وسط ذهول الطالبات، اكتنزتْ كلّ ما سبق من وداع ، شدّتني إليها كالتحام الشّجرة الأمّ بالغصن، لدقائق طويلة ، ثمّ قبلتْ يدي ، وبصعوبةٍ سحبتها ..
    الآذنات كنّ على الباب ، اخترقْن آخر قلاع مكابرتي ، آااااه كم تعذّبني دموع البسطاء ، لأنها صادقةٌ ، لا تعرف النّفاق ، ولأنها تعبّر عن أريحيّة لم يلوّثها فخّ المال والسّلطة.
    أشفقتُ عليهنّ من بعدي، وأشفقتُ على نفسي ، كنت أبرّهنّ بحبّ كبيرٍ يحفظ إنسانيّتهنّ ، ويشعرني بإنسانيّتي....
    قلت لهنّ :لن يتغيّر شيء ، لن أنساكنّ ، تعرفْن أرقام هواتفي ..أنا بانتظاركنّ دوماً ..وباب بيتي مفتوح ...
    فتح السّائق باب السيّارة ، لوّحت بيدي المرتجفة لجدرانٍ أودعتها أسرار حبّ قديمٍ لن يغادرني ، أرسم أرقاماً على خدّ الزمن ..
    10/10/ 2010/ العاشرة صباحاً ...
    تذكّروا هذا التّاريخ جيدّاً ، إنه تاريخ مرثيّتي ....
    يا من أنتم معي على بعد مسافاتكم ....كونوا معي .. أحبّكم ....أحتاجكم ......

    تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود
  • يارا سلمان
    كاريكاتورية
    • 05-10-2010
    • 397

    #2
    الاخت أيمان
    لفتنى عنوان موضوعك
    كتير ملفت
    والاكتر الفات هو فحواة
    مؤثر
    متل صاحبيتوا
    موفقة اختى
    فراشة تحوم بعيداً عن الأضواء

    تعليق

    • ربيع عقب الباب
      مستشار أدبي
      طائر النورس
      • 29-07-2008
      • 25792

      #3
      و بعد نيف من حب عاد النهر إلى مجراه !!!

      سأقول ذلك حتى لو قلت هذه مرثيتي

      لأنها لم تكن مرثية سيدة القلم .. بل ولادة جديدة نرتقبها !!


      أهلا بك سيدة القلم بعد غياب طويل

      كم يحن الأدب و القص إليك و نحن !!


      محبتي
      إيمان الوليدة
      sigpic

      تعليق

      • ربيع عقب الباب
        مستشار أدبي
        طائر النورس
        • 29-07-2008
        • 25792

        #4
        لو سمحت أستاذة
        أرجوك
        غيري العنوان

        " ولادة جديدة لإيمان الدرع "
        أو أى عنوان آخر !!

        آسف أن قمت بتثبيت الموضوع فهذا عملكم مشرفو القصة .. !!
        sigpic

        تعليق

        • بنت الشهباء
          أديب وكاتب
          • 16-05-2007
          • 6341

          #5
          حقا والله أيتها المربيّة المتأدّبة ، والمعلمة الودود
          هو
          تاريخ لا يمكن له أن يمحى من الذاكرة لأنك من بعض بعضه ....
          تاريخ حمل معه أجمل معاني الحب والعطاء والوفاء ...
          فهل لمثل هذا التاريخ أن ينساه من أحبوك يا من كنت لهم مثلا للصدق والنقاء والتضحية ....
          هم معك وعلى أقرب المسافات يا إيمان
          فلا تهني ولا تحزني ما دمت كنت وفيّة أمينة لحمل رسالتكِ ....

          أمينة أحمد خشفة

          تعليق

          • حنان علي
            أديب وكاتب
            • 20-07-2010
            • 92

            #6
            الرغبة ملحه ودمع مطواع ما كانت رغبتك في هذا, لكن للوقت............ أطيافها الأولى.
            تغمغمين حزنكٍ في معطف رحيلكِ, تجرين أقدام الرحيل.. وتقرئين الأسئلة المزروعة في شفاه, هناك بقايا ذكرىحنين, قبل أن ترسلٍ دمعاً مدرارا اجتازت قرارات الزمن, اكتفت بيدي لا بيد عمر..!!.وإن ما يدهش في الموعد الرحيل المنشودهو انك أنتِ من ضرب له موعد, شيء يبقيك قيد المولد الثاني ؟ قصتك تجعلني أتنهد وأشتهي قراءته بحواسي جميعها ! , شكرًا لكِ السماء تمطر علينا بوابل إبداعك .

            التعديل الأخير تم بواسطة حنان علي; الساعة 10-10-2010, 13:10.
            لا أعلم أيهما يرتوي من الآخر

            تعليق

            • نجيةيوسف
              أديب وكاتب
              • 27-10-2008
              • 2682

              #7
              [align=center]الأستاذة ، إيمان

              بعضي يصافح بعضك ، وروحي كانت تسبقني بين سطورك تلتقط حبات انهمارك ورذاذ شجنك يملؤني بذكريات تقاطعت مع يومك هذا .
              كل حرف من مرثيتك تلك رثاني ، كل دمعة أخفيتِها سكبتْها روحي مع نشيج قلبك .

              ما أستطيع قوله ، وما يمكن أن يقال فعلا دعوة صادقة من قلب صادق .

              جعل الله كل لحظة مرت من عمرك في مهد التربية والتعليم هذا في ميزان حسناتك .

              تقبلي ودي وعظيم احترامي .
              [/align]


              sigpic


              كلماتنا أرواحنا تهمي على السطر

              تعليق

              • أمين خيرالدين
                عضـو ملتقى الأدباء والمبدعين العرب
                • 04-04-2008
                • 554

                #8
                [align=center]
                [align=center]

                [align=center]
                "مستتقيلة وبدمع العين أمضي"

                الأخت إيمان الدرع
                أكثر من مرة فكرت وأنا أتنقل تحت ظلال حروفك، ألتقط ثمار مسيرة زادت عن ربع قرن... أكثر من مرة وأنا أعانق كلماتك النافذة إلى الأعماق ..أن أترك القراءة لأضيف تقصيرا جديدا من جانبي، فلا أعقب، خوفا من ضعفي ومن خيانة القلم وغدره في عجزه/ي عن ايجاد الكلمات المناسِبَة..
                ولكن إخلاصك ومواقفك وأمانتك وحبك لزميلاتك ولزملائك أثار وأحيا بداخلي بعضا من مسيرتي التي زادت عن ثلاثة عقود كنت فيها معلما لا مديرا
                كنت أقول قبل تقاعدي أنني لن أملك القدرة على رؤية الطلاب ذاهبين إلى مدارسهم، في حين أن اكون أسير هذا التقاعد ألذي لا يزيد عن كونه –في نظري – كذبة كبرى ضارة.
                احببت المهنة واحببت الطلاب ولكن الظروف السياسية والمحسوبيات وفجوات الأجيال واختلافات الرؤى كانت حتما حاتما لخروجي من عمل أعشقه
                حتى أنني احتفظت بعلبة الطباشير الخاصة بي خمسة عشر عاما وبالصدفة اقتلعت نفسي منها قبل أيام.
                أوافق الأخ ربيع عقب الباب بأن استقالتك ميلاد جديد لإيمان الدرع.
                فإذا كان طلابك قد خسروك لكن عالم الأدب والأدباء والكتاب اكتسبوا قلما نظيفا مبدعا وفكرا نقيا منيرا
                اذا كان طلابك وزملاؤك قد خسروك فنحن من طلابك ومن زملائك
                لي ملاحظة أرجو ألاّ أثقل بها : الخروج من العمل ينبغي ألا يعني التقاعد عن العمل( أنا لم أتقاعد بعد خروجي إلى التقاعد)
                توقعت قبل قراءة هذا الخبر أنك بمثل ما كتبت ،
                وبعد القراءةاطمئن إلى أن كل جهودك وتفانيك وإخلاصك وحبك للعمل وللعاملين معك انه سيضاف إلة كفّة ميزان حسناتك الراجحة .

                [/align]
                [/align]
                [/align]
                التعديل الأخير تم بواسطة أمين خيرالدين; الساعة 10-10-2010, 17:46.
                [frame="11 98"]
                لأني أحبُّ شعبي أحببت شعوب الأرض

                لكني لم أستطع أن أحب ظالما
                [/frame]

                تعليق

                • عائده محمد نادر
                  عضو الملتقى
                  • 18-10-2008
                  • 12843

                  #9
                  إيمان الدرع
                  أيتها الرائعة
                  ماذا فعلت بي سيدتي
                  وكأني كنت معك حين رفرف العلم فرفرف قلبي بين جنبات صدري
                  أوجعتني سيدتي وأنا المرأة التي تنوء بالوجع منذ سنين
                  وكأني فارقت الوطن هذا اليوم
                  وبهذا التاريخ الذي أردته أن يكون
                  استطعت اختطاف الدمعة من عيني
                  وكم أحببت هذا الشموخ الذي يسكنك
                  رائعة كنت إيمان
                  ودي الأكيد لك
                  الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

                  تعليق

                  • ريما منير عبد الله
                    رشــفـة عـطـر
                    مدير عام
                    • 07-01-2010
                    • 2680

                    #10
                    غاليتي
                    إن الحياة رسالة فضلى لطالما سعينا لطرقها بيد مطرجة بالفراق
                    فكما قالوا (عاشر من تعاشر لا بد أنك مفارق )
                    ولربما هذا الوداع يؤهلنا لوداع آخر يصبح ساري المفعول في أي لحظة عندما يحتاج القلب إلى مضخة تضخ فيه نغم الحياة
                    ,,
                    كنت هنا بروحي قبل عقلي
                    وأحببتك
                    كما دائما

                    تعليق

                    • وفاء محمود
                      عضو الملتقى
                      • 25-09-2008
                      • 287

                      #11
                      المشاركة الأصلية بواسطة إيمان الدرع مشاهدة المشاركة
                      مستقيلةٌ وبدمعِ العينِ أمضي

                      10/10/2010/ الساعة العاشرة ...
                      تذكّروا هذا التاريخ جيّداً ، يا من أنتم معي الآن على بعد مسافاتكم ..
                      كان موعد الفراق ...إنها الساعة الأخيرة التي غادرتُ فيها أعتاب مدرستي .
                      أردْتُه تاريخاً استثنائيّاً لموقفٍ استثنائيّ لن يتكرّر بحياتي ..، غادرتُ بعضاً من شرايين دمي على جدرانٍ أحببتُها، بنيتها لبنةً ، لبنة على أرصفة محطّات روحي .
                      كنتُ مرغمةً على انفصالها عنّي قبل الأوان ، قبل أن تحتلّ ملامحي التي ما عادتْ لي ، بل كانت لها ، سكنتني بلا مفارقة
                      أردتُ وبقرارٍ مني أن أفصل ذاتي عنها ، لأنها صارت وطناً بكلّ همومه وأحزانه ، وهواجسه، قتلتني بحبّها مدرستي
                      قتلني تراب أزقّتها ، أشجارها ، صرتُ رهينة مقاعدها ، طباشيرها ، وعاشقةً لوجوهٍ حفرتْ عميقاً في فؤادي .
                      طغتْ على كلّ شيءٍ فما عُدْتُ أرى سواها ، حتى قلمي كنت أسعى جاهدةً في سبيل إذابة الجليد عنه من أجلها .
                      قرار الاستقالة أنضجته على نارٍ هادئةٍ ، قلّبتهُ ، أرجحته ، تراجعتُ ، وأقدمتُ ، وحسبتها من جديدٍ .
                      وجدتني معانقة لفراقٍ هو الأقوى طالما كان بخياري ، لهفي عليهم من يباغتهم الفراق بطعنةٍ من قدر، أو بإحالةٍ إلى المعاش لانتهاء الخدمة بسبب استنفاذ شرط العمر .
                      كان هذا الاحتمال يرعبني وأنا أنظر لملامح من كنت أوقّع قرار تشطيبهم من الذاكرة ، كنت ألمح دمعةً كسيرةً مختبئةً خلف العيون ، يقيناً كنت ألمحها رغم المكابرة ، وكم تحايلت على هذا الموقف بعبارات تشجيعيّة لم تكن تجدي في معالجة الموقف الأصعب في العمر.
                      كنت أقف من وراء مكتبي الذي لم يحنّطني يوماً ، احتراماً لشموخهم ، وكدّهم ، ولعمرٍ أهدروه على منصّات الصفوف واقفين ، فغدرهم ، ونسّقهم من الخدمة .
                      أقف ...أربّتُ بحنانٍ على أيديهم ، وأشدّها بقوّة ، وأقول لهم : كنتم رائعين ، لن ننساكم ، ستبقى بصماتكم محفورةً في المدرسة جيلاً بعد جيلٍ.
                      كنت أخاف هذه اللّحظة ، ليس جبناً ، ولكن حرصاً على إنسانيّةٍ أحاول جاهدةً أن أستبقيها بروحي ما بقي لي من أنفاسٍ .
                      وتمثّلْتُ زنوبيا عندما تجرّعت السمّ قائلة : بيدي لا بيدك يا عَمْر .
                      حاولت أن أبدو متماسكةً حتى اللّحظة الأخيرة من بقائي فيها ، يجب أن أبقى كالطّود أمامهم ، هكذا كنت أعلّمهم .
                      ولأنّي كنت لهم القدوة ، حاولت أن أكتم دموعي التي كانت تتضارب في أعماقي .
                      طفتُ بين ردهاتها في الحصّة الثانية ، ظنّني الجميع أني أتفقّد حسن سير الدّروس كعادتي ، أبرزوا أفضل ما لديهم لنيل الرّضا ،والثّقة ، ليستمرّ الحبّ دافقاً بيننا، ولم يعرفوا أني أنثر بعضاً من أوصالي هنا وهناك ..تحرّكني الذكريات،
                      تناوشني حتى السّهام الصغيرة منها ، وتحاصرني ، وكأنّ الأماكن قد تحوّلتْ إلى نهر غانج ...أذرّ عليها رمادي.
                      وقفتُ على المنصّة ، أتقدّم جميع العاملين بثباتٍ كما اعتادوني في تحيّة العلم ، كان آخر شيءٍ أودّع فيه مدرستي علم بلادي ، وكأنني كنت أوصيهم به ، اتّخذت وضعيّة الاستعداد بشموخٍ مرفوعة الرّأس ، يداي على جانبيّ، مضمومة الأصابع، لستُ أدري لمَ تداخلتْ كلّ الوجوه النّضرة للطالبات مع هذا العلم المرفرف وأنا أودّعها ..للمرّة الخيرة
                      التي أقف بها ، وصارتْ كلّها بالنهاية لوحةً عذّبتني ، أرجحتني للحظات ، كادتْ تهوي بي ، لولا إصراري على ألاّ تهتزّ صورتي أمامهنّ مهما كان الثّمن .
                      كنتُ قد أخفيتُ عن الجميع قرار استقالتي ، حتى لا أعذّبهم مثلي ، أعرف كم يحبّونني ، وأعرف عن خبرةٍ تراكميّة أين موقعي منهم على مدار السّنين ، لمَ لا وقد أسّسْت منهم مملكة الحبّ التعليميّة المستقلّة ، لم أسمحْ يوماً أن يغزو حصنها أيّ طامعٍ ، أو مخرّب ، أو دخيلٍ .
                      ولكني كنت مرغمةً على التنحّي عنها ، تصوّروا ..لأني أحبّها فارقتها !!! هل الفراق تعبير آخر عن حبّ يفوق الاحتمال؟
                      يا إلهي: هل هي قسوة ؟ أم لوثة جنونٍ؟ أم رحمة ؟ كلّ ما أدريه أنني لم أعدْ قادرةً على تسارع حبّها في قلبي ، وكنتُ أعرف أنني سأفارقها بعد سنواتٍ مرغمةً ،بعذابٍ أكبر ، وقد آن الأوان أن أفتح صفحةً جديدةً من عمري في محراب الكتابة والفكر،والأسفار.
                      دخلتُ إليها منذ بداية تعييني ، بعد قدومي مباشرة من مدينة حلب ، كنتُ أتخطّى منتصف العشرينات بقليلٍ ، اقتطفتني يد مديريّة التربية ، وفرع القيادة الحزبيّة ، لتزرعني زهرةً نديّةً في دروبها ، ارتأتْ في هذه الصبيّة الواثقة التي كانت تدير أوراقها وتستكمل معاملة انتقالها أن تكون مديرة فيها.
                      كنتُ في العمر أصغر الكادر الإداريّ والتدريسيّ ، ولكننّي استطعتُ أن أنفذ إلى كلّ القلوب ، توطّدت مساماتي بكلّ من حولي.وكبرتُ مع المدرسة ، أكثر من ربع قرنٍ وأنا أديرها ، وتفرّعتْ الشّجرة إلى أشجارٍ ، حوّلتها من إعداديّة إلى ثانويّة بفروعها المختلفة العلميّ ، الأدبيّ ، النّسويّ ، التجاريّ.
                      وكم يبهجني ويُثلج صدري عندما ضمنت لفتيات البلدة عدم حاجتهنّ لضبابيّة العاصمة وبعد مسافاتها لمتابعة تعليمهنّ
                      بعد تحيّة العلم ، دخلتُ غرفة المدرّسين، كاد صوتي يختنق ويبتلع الحروف، غصّتْ شهقتي بين جوانحي ، ألجمتها
                      قلت لهم : أتيتُ لأودّعكم ، هذا هو اليوم الأخير لي في المدرسة..
                      ران صمتٌ مفزعٌ على كلّ الوجوه حولي ، لم يصدّقوا ما يسمعون ، تفرّسوا في وجهي مستفسرين إن كنتُ أعني ما أقول
                      بعضهم لم يستوعبْ ما سمع ، واستعان بمن قربه ليصدّق .
                      لحظةٌ عصفتْ بي ما أردتها أن تنفجر وتظهر شلّال دموعي .
                      قلت : سأكون بينكم ، بعون الله ، لن يتغيّر شيء، أنتم أحبابي ، وإخوتي ، في القلب ستبقون ، أحبّكم جميعاً ، ولكن لابدّ من الفراق ، لقد آن الأوان .
                      وقفتُ قبل أن تدور بي الأرض ، ويسقطُ قناع تماسكي ، كنتُ أرتجف من أعماقي ، محاولةً ألاّ يلحظون ذلك ، ولكنّ نشيج قلبي وصل إليهم ، كيف تسرّب وقد أخفيته عنهم لست أدري ؟؟؟
                      صافحتهم فرداً.... فرداً ، وأنا أحاول مضاحكتهم ، وممازحتهم ، كلّ بدعابته الخاصّة التي ألفتها عبر السنين .
                      شددْتُ المدرّسات إلى صدري بقوّةٍ ، وكأني أحاول أن أكتنز لحظات عشقٍ استثنائيّ لن يُمحى من حياتي أبداً
                      كانت تبلّل وجنتي عبراتهنّ السّاخنة ،فأستنشقها رحيقاً سيسكن ذاكرتي ما حييت ..
                      شددْتُ على أيدي المدرّسين : وداعاً يا أغلى إخوةٍ عندي .
                      الزّمالة في ثوبها الناصع تصوغ ولادة صادقة ، تأتي من رحم الحياة .
                      وتركتهم مذهولين على عجلٍ ومضيتُ إلى غرفة الإداريّات ..
                      كانت المحطّة الأصعب ، إنّها عشرة العمر ، سنوات بحلوها ومرّها ، بأفراحها وعذاباتها،
                      مناسبات لاتُحصى جمعتنا ، معارض، مهرجانات ، احتفالات، محطّات تكريمٍ ، رحلات، أعراس ،أتراح ، ولقمة واحدة نسترقها خلسةً عن أعين الزّائرين ، وصدى ضحكات حلوة في دبكات عفويّة تشبك أيدينا معاً ..
                      وطعم قهوة على شفتي لا يزول ، و طقوس تعامل يوميّ صار كالإدمان... نفتقد جزئيّاته الصغيرة إن تغيّرتْ ،ومُغاضبة ، تتبعها مصالحة ،تزيد من ترابطنا ..والتحامنا ، وتآزرنا ..
                      حدّثتُ نفسي : أيتها الكاذبة ، يا من تدّعين الثبات ، كيف تتجرّئين على وداعهنّ ؟ كيف ستنتزعيهنّ من ذاتك ؟
                      وتقتلعين غراسك بيديك ..؟؟
                      ولكنّي فعلتها ، يا لبؤسي فعلتها ، كنت أواسيهنّ في هذا القرار الذي أربكهنّ ، أرعبهنّ ‘ حسّسهنّ باليتم
                      وأنا الشقيّة ، المتعبةُ ،كنت بحاجةٍ لمن يواسيني ، ويهدّئ من روعي.
                      وإمعاناً في رسم سيناريو رحيلي بلا دموع ٍ ، ارتشفْتُ بضع قطراتٍ من كوب شايٍ قُدّم إليّ ، ارتجفتْ أصابعي ،
                      صدقاً ما استطعتُ حمل الكوب مرّة أخرى لأعيده إلى شفتي ، تركته حتى لا يلحظْن اضطرابي .
                      لم أحاول أن أنظر في عيونهنّ التي كانت تمطر سحابات حبّ بلا توقّفٍ ، مازحتهنّ من جديد قائلة:
                      لا أريد هذه الدراما الهنديّة الآن ، إنها ليست بمأساة ،هذه أمور ورقيّة ، أنا بينكنّ ، لن أغادركنّ صدّقنني
                      وانسحبتُ متوجّهة إلى غرفة مكتبي، دون التفاتٍ إليهنّ حتى لا أعود إلى معانقتهن بنبضٍ ما ارتوى بعد ،فيفضحني
                      أغلقت الباب دونهنّ ، ألا يحقّ لي أن أرثي نفسي التي كانت تنسحب مني في معطف الرّحيل ..؟؟ لقد كان بعضي يودّع بعضي ، آن لهذه الدموع أن تنسكب ، لقد عذّبتها طويلاً بكتمانها، أما آن لهذا الفارس المثخن بالجراح أن يلتقط نزفه ؟؟ أما آن لهذا اللّحن الحزين أن تعزفه روحي التي عشقتْ ، فارتكبتْ خيانة الفراق مرغمةً ..؟؟
                      كنت كقتيل عشقٍ يُزفّ إلى مثواه الأخير.
                      نقراتٌ ملحّة على الباب ، إنها المعاونة ، صديقة الرّوح والدّرب ، اقتحمتْ جنازة الوداع ، تعانقنا خلف الباب ، بكينا بنشيجٍ طويلٍ ، عاتبتها على الحضور ، لأنها رأت دموعي ، ضعفي الموارب كما هو ، لم تُجبْني إلاّ بمزيدٍ من البكاء
                      المرتفع ، كانت ترتجف كطفلٍ صغيرٍ .
                      الهاتف المحمول في حقيبتي يرنّ ، كنت قد وعدتُ السائق أن يأتي في العاشرة ، موعد رحيلي ...
                      تعمّدتُ أن تكون دقائق الوداع سريعةً ومباغتة ، حتى لا نستوعب ما يحدث..
                      تعلّلت به لمّا عاود الاتصال ..خرجتُ إلى الباحة متّجهةً إلى الباب الرّئيس، ما بقي في القلب من أنّةٍ جارحةٍ إلاّ واستنفذتها احتضنتني معلّمة الرّياضة البدنيّة ، وسط ذهول الطالبات، اكتنزتْ كلّ ما سبق من وداع ، شدّتني إليها كالتحام الشّجرة الأمّ بالغصن، لدقائق طويلة ، ثمّ قبلتْ يدي ، وبصعوبةٍ سحبتها ..
                      الآذنات كنّ على الباب ، اخترقْن آخر قلاع مكابرتي ، آااااه كم تعذّبني دموع البسطاء ، لأنها صادقةٌ ، لا تعرف النّفاق ، ولأنها تعبّر عن أريحيّة لم يلوّثها فخّ المال والسّلطة.
                      أشفقتُ عليهنّ من بعدي، وأشفقتُ على نفسي ، كنت أبرّهنّ بحبّ كبيرٍ يحفظ إنسانيّتهنّ ، ويشعرني بإنسانيّتي....
                      قلت لهنّ :لن يتغيّر شيء ، لن أنساكنّ ، تعرفْن أرقام هواتفي ..أنا بانتظاركنّ دوماً ..وباب بيتي مفتوح ...
                      فتح السّائق باب السيّارة ، لوّحت بيدي المرتجفة لجدرانٍ أودعتها أسرار حبّ قديمٍ لن يغادرني ، أرسم أرقاماً على خدّ الزمن ..
                      10/10/ 2010/ العاشرة صباحاً ...
                      تذكّروا هذا التّاريخ جيدّاً ، إنه تاريخ مرثيّتي ....
                      يا من أنتم معي على بعد مسافاتكم ....كونوا معي .. أحبّكم ....أحتاجكم ......

                      قرااااااار سليم فنحن لكل ما فى هذه الحياه مغادرين
                      هناك عمر قادم لم نعشه و طريقا لم نسلكه بعد فلماااذاااانسوق قدمانا دايما مسترشدين بيافطه عدم مراعاه التجديد
                      اخلصناااااااااا كثيرا لشىء فلنعطى الفرصه لشىء اخر ليملك اوقاتنا
                      فليكن محصله حيااااااااااااتنا بيوتا واعمااااااااااالااااااااااا وووووووووووووووووووو


                      واحسست كل حرف بهااااااااااااا وتخيلته بلسان امى
                      خالص حبى واحترااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا اااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا ااااااااااااااااااااااااااااااااااااامى
                      [B][FONT=Arial Black][FONT=Arial Black][SIZE=7].................................[/SIZE][/FONT][/FONT][/B]

                      تعليق

                      • أميرة فايد
                        عضو الملتقى
                        • 30-05-2010
                        • 403

                        #12
                        الله أكبر عليك يا كبيرة في الإبداع والعطاء ، يا عامرة القلب بالحب والرقة .
                        قصة رائعة تقطر صدقا ..ولا أخفيك هوالأهم عندي قبل وبعد توافر أركان القص .
                        أخذتني قصتك الى البعيد معايشة حينا وحينا مقارنة وتأملا وتحليلا.
                        القصة التي تحترم معايير الفن وتهز الوجدان هي القصة التي نقرأها فتنحت أخاديد في الروح لا سبيل لزوالها أو نسيانها.
                        فهنيئا للصادقين من المبدعين بسكن أرواحنا .

                        لكن وبرغم ألمك أهنيء القلم ومليكتنا القصة القصيرة بتفرغ سيدة القص والصدق.
                        التعديل الأخير تم بواسطة أميرة فايد; الساعة 11-10-2010, 07:42.
                        [SIZE=3] [B][FONT=Simplified Arabic]http://amirafayed.maktoobblog.com/
                        [/FONT][/B][/SIZE]

                        تعليق

                        • نادية البريني
                          أديب وكاتب
                          • 20-09-2009
                          • 2644

                          #13
                          السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                          إيمان إيمان إيمان
                          لا شكّ أنّك تسمعين ندائي الآن.أحسّ أنّني قريبة منك إلى أبعد حدّ .كنت هنا بعضا من فعلك وشعورك أتنقّل معك عبر ردهات المدرسة وقاعاتها فتعتريني بسمة ورجفة .أخشى هذا اليوم إيمان لذلك عشته بجوارحي أخشى الرّحيل وهل نرحل لأنّنا نحبّ؟ نعم من فارقناهم أحببناهم.نرحل لأننّا نحبّ.وجدتني داخلك إيمان يعزّ عليّ فراق طلبتي ،ينتابني الحزن في أواخر كلّ سنة عندما أفارقهم بعد أن تعوّدت عليهم.ذاكرتي مشحونة بكثيرين لم أنسهم.وهل أقدر؟
                          عشت هذه المحنة بقلبي إيمان فكنت معك لحظة بلحظة.
                          غاليتي الجميلة الطّيّبة
                          أحببتك وإن طال غيابي فلا تغيبين عن وجداني
                          دمت بهذا الجمال وهذا الإبداع
                          قبلاتي أختي القريبة منّي

                          تعليق

                          • ميساء عباس
                            رئيس ملتقى القصة
                            • 21-09-2009
                            • 4186

                            #14
                            الغالية إيمان
                            لاأريد قصة ولاأريد شيئا
                            أريد أن أعرف ماذ حصل
                            ومابك؟ هل تطمنينا عنك
                            ماذا فعلت بنا قصتك الجارحة ؟
                            التعديل الأخير تم بواسطة ميساء عباس; الساعة 11-10-2010, 00:10.
                            مخالب النور .. بصوتي .. محبتي
                            https://www.youtube.com/watch?v=5AbW...ature=youtu.be

                            تعليق

                            • إيمان الدرع
                              نائب ملتقى القصة
                              • 09-02-2010
                              • 3576

                              #15
                              المشاركة الأصلية بواسطة يارا سلمان مشاهدة المشاركة
                              الاخت أيمان
                              لفتنى عنوان موضوعك
                              كتير ملفت
                              والاكتر الفات هو فحواة
                              مؤثر
                              متل صاحبيتوا
                              موفقة اختى
                              أختي الحبيبة:
                              أشكرك يارا الغالية ...
                              ياأوّل قطرات المطر التي انسابت عذوبة على عيوني ..
                              أشكرك فقد كانت كلماتك لي بلسماً ...أشاع البهجة في قلبي ..
                              أتمنى لك كلّ الأماني الحلوة ...يارا ..وكل نجمة تبوح بسرارا...

                              تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

                              تعليق

                              يعمل...
                              X