بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إخواني وأخواتي الأفاضل
بعد التحية التي تليق بحضوركم
يسرني ويطيب لي أن أذكركم بقصة للعبرة،
كثير منا سمع عنها
غير أني قد أعدت صياغتها لكم وهي قصة عن أحد الملوك،
حدثت أحداثها منذ زمن ليس بالبعيد
وليس مهماً تاريخها بقدر أهمية العبرة منها،
وقد أطلقت عليها اسماً يناسب إيقاعها
فكان
مَن هو الملك ؟
---\------ البداية -------/---
إنه أحد الملوك الذين لهم آذان لا يسمعون بها
وأعين لا يبصرون بها
وقلوب في صدورهم قد قست
فاصبحت كالحجارة او اشــد قــســـــوة
ذاك ما روى عن ملك جائر
متكبر سيئ الطباع
يأكل وحـده ويمنع رفـده ويضرب عبـده
فقد كان من أشر الناس ..
أحبائي في الله
ساسرد عليكم ما حدث معه في أحد الأيام
إذ قام من نومه فزعاً مغاضباً
عكر المزاج أكثر من عادته
ولم يكن بيوم من الأيام رحيماً برعيته ..
فجمع فنادى ،
ظالم لنفسه قبل حاشيته
فاجتمعوا له ملبين..
أمر الملك الجمع أن يعدوا له أطيب الطعام
فأعدوا فأكل ..
ثم ان يحضروا له أجمل الثياب ليرتديها
فأحضروا له ثياباً خضراً
كأنها السندس ..
والاستبرق ...
....
وما أن مرت سويعات حتى تهندم الملك بأجمل ثيابه ..
ثم عاد ليأمرهم بأن يعرضوا عليه أحسن الجياد في اصطبله ليركبها
فعرض عليه الصافنات
( و هي الخيول الأصيلة التي تقف على ثلاثة قوائم في منظر بهي )
...
فظل يطوف حولها حتى استحسن أقواها،
فامتطاه بعدما أعدوه و أسرجوه له ..
...
و بصوته الأجش
وبلسانه البذيء السليط
قال لهم
لا يـتـبـعـنـي مـنـكم أحـد .
...
قصد الملك بجواده آعالي الجبال حول مملكته التي آتاه الله ملكها
ينظر إلى البيوت والرعية من علو
بإزدراء واستكبار واستعلاء كعادته وهو يجول آعالي الجبال،
يسير الهوينة مختالًا في مشيته بأقوى جياده
...
وما هي إلا خطوات حتى رأى رجلاً شيخاً استبانتْ فيه السن ،
يرمقه بعينين سوداوين محدقتين في وجهه،
فتعجب الملك من وجوده وقال في نفسه متسائلاً
كيف وصل هذا الهرم فوق الجبل المرتفع بلا مطية ؟
..
تدبر الملك للحظات في نفسه لأمر وحال ذاك الشيخ
وبعدها وكز جواده ليكمل طريقه في رحلة الإستكبار التي قصدها ..
..
فاعترض الشيخ طريق الملك مستوقفاً إياه قائلًا له
السلام عليكم ورحمة الله
.
.
.
.
فلم يرد الملِك السلام ..
وما منعه إلا الإستكبار .. الذي تملكه واحتنكه،
حتى أصبح عادته ..
فلم يعد يحترم من دونه .. وبالأخص افراد رعيته . .
كرر الشيخ إلقاء السلام ثانية وثالثة
دون أي رد من الملك ..
بينما كان الملك ينظر له بنظرة استخفاف واستغراب
خَـلُصَ بعدها نجياً بإهمال الشيخ وإكمال رحلته
بصحبة جواده
. .
فتأتي المفاجأة
إقترب الشيخ من الجواد كالكهل .. وأخذ بلجامه فثبته في أرضه فتسمر ..
وهو أقوى الجياد في اصطبله ..
فدب الرعب في قلب الملك من قوة الشيخ غير المتوقعه على الإطلاق
ومن نظراته المرعبه المحدقه في وجهه . .
فقال للشيخ متسائلًا
بصوتٍ غاضبٍ فيما أَبْدَى .. مرتعداً فيما أَخْفَى ..
مــا عــنــدك ؟ - - - ومــا تـريــد ؟
فقال له الشيخ
إن لي فـيـك حـاجـة
فقال الَملِكُ - - - و مــا هــي ؟
فقال الشيخ
اُدنُ
فَذَلِكَ سِــر
فحنى الملك رأسه دانياً من الشيخ ليسمعه مرغماً مرتعداً منه وهو يرتجف
وهو الذي لم يسبق له أن حنى رأسه لأحد ولا حتى لله
فقال له الشيخ
بصوتٍ ليس كصوت كبار السن !
بل بصوتٍ اشبه بمزمارٍ .. من مزاميرِ نبي الله داوود عليه السلام ..
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
أنـــا مَـلَـكَ المـــوت
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
فارتعد الملك وارتبط لسانه،
وضاقت به سفوح الجبال بما رحبت،
وشُل عن الحركة وعن الكلام، لا يعلم بما يجيبه
وبعد انتظار قليل من مَلَكَ الموت للمَلِك الذي لا يزال يبتلع الصدمة . .
قال الملكُ لمَلَكَ الموت بصوت مرتجف ذليل لم يعرف الخوف والذلة من قبل
لي حاجة - - - هل تمهلني لقضائها ؟
فقال له مَلَكَ الموت بصوت مرتفع
ملأ
صـــــداه
الافــــــــــــــــــاق
-
-
لا
لا
لا
لا
قابضاً روحه فخر عن جواده كالخشبه
مسود وجهه وهو كظيم
ليس عليه من صفات الملوك غير الثوب الذي ارتداه
...
.....
.........
...............
ثم توجه ملك الموت لمهمة آُخرى،
وكانت لرجل آخر كبير في السن
وقور ذاكر حامد شاكر الكريم الحليم المنعم على نعمهِ التي لا تحصى
بينما كان يسعى في قطعة أرض حول بيته الصغير
حامداً الله على ما رزقه فيها من رزق طيب أرضاه به
-
-
أقبل عليه مَلَكَ الموت وهو على حالته تلك
فقال له
السلام عليكم ورحمة الله
فقال الرجل الكبير
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
فقال مَلَكَ الموت
( بدون مقدمات )
أنا مَلَكَ الموت
فقال الرجل الكبير
إني انتظرك منذ زمن
اهــــــــلا بـمــــــلـك الـمــــــوت
فقال له مَلَكَ الموت
هل لك حاجة لتقضيها ثم أعود إليك فأقبض روحك ..؟
...
هنا .. لم يفرح الرجل الكبير
وذلك لعلمه بأنهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون
لكن هيئة من قال أنه مَلَكَ الموت لا تبدو كهيئة كاذب
فسأل الرجل مَلَكَ الموت مستفسراً مستعلماً لا مكذباً
وهل لك على ذلك قوة !! ؟؟
( أي هل تستطيع أن تمهلني ؟ )
فكانت المفاجأة الكبرى
والكرامة والهبة والمنة من الله على عباده الصالحين
قال مَلَكَ الموت للرجل وهو يقسم له
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
والله كــــذلـك أُمِـــرتْ
-
-
-
-
-
-
-
عندها .. فاضت أعين الرجل الوقور بالدمع
وقال
نعم لي حاجة
هل أمهلتني فأصلي حمداً وشكراً لله ؟
فقال له مَلَكَ الموت
لك ذلك
فتوضأ الرجل وأحسن الوضوء ودخل في الصلاة حتى سجد
فأتاه مَلَكَ الموت و قبض روحه وهو ساجد
لتخرج روحـه الطاهـرة كالقـطـرة مـن فـي الســقـــاء
. . .
. .
.
تمت
.
---------\ / ----------
وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَة اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا
والحمد لله رب العالمين
أليست حسن او سوء الخاتمة يا إخواني وأخواتي في الله..
فكيف تريدون خاتمتكم أن تكون ..؟
ملك الموت لا يأتي إلا في وقته وفجأة
و صدق الله إذ قال لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون
ولكنها يا رعاكم الله ما هي إلا كرامة من الله بأن بعث مَلَكَ الموت للرجل الكبير في السن
قبل موعد موته بدقائق ليحسن خاتمته ساجداً لله
ليأتي يوم القيامة وهو على هيئته التي قُبِضَ عليها
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
---- أو كما قالوا ---- والله أعلم ----
سؤال ؟
أمر الملِكُ المَلَكَ بقبض روح المَلـِكِ فمن الملك ؟؟؟؟
إذا عرفتم الجواب
فأطيعوا الله ورسوله يحببكم الله
قال تعالى
بسم الله الرحمن الرحيم
مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً
وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
صدق الله العظيم
النحل ٩٧
فالله قد أقسم وأكد بأنه سيحييه
وكما قرأتم
لم يستثني
فقال وقوله الحق
ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى
صدق الله ومن أصدق من الله قيلا
هل تعلمون بأن صفاتكم مذكورة في القرآن الكريم
بشرط سيركم علـى الصراط المستقيم
هاكم الدليل
في قوله تعالى
بسم الله الرحمن الرحيم
إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ
وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ
وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ
وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ
وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ
وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ
أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً
صدق الله العظيم
الاحزاب آية ٣٥
-
-
-
-
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم
اسعدكم الله في الدارين
-----------كتبت ما قرأتم و استغفر الله لي ولكم -------------
المرجع
محاضرة لأحد المشايخ في المملكة العربية السعودية
علم بأنني قد أعدت صياغة القصة وبالأخص حالة الملك المستكبر
دون المساس بالمحاور الرئيسية للقصة حسبما سمعتها من الشيخ
إلا أني قد اجتهدت في تشبيه صوت ملك الموت بصوت مزامير .. نبي الله داود عليه السلام
وخوفا من أن تكون من الاسرائيليات
حيث لفظ الإسرائيليات نسبة إلى إسرائيل وهو نبي الله يعقوب عليه السلام
وقد أصبح لفظ الإسرائيليات علماً على ما أخذه المسلمون عن أهل الكتاب من اليهود والنصارى
سواء أخذوا ذلك عنهم مشافهة أو من كتبهم وقد أخذ المسلمون عنهم ذلك ونقلوا أخبارهم للعبرة والاتعاظ
انطلاقا من قول النبي صلى الله عليه وسلم: وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج
رواه البخاري عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، هذا فيما لم نعلم كذبه أو مخالفته
لما أخبر به الكتاب والسنة، وإلا فلا تجوز روايته والاعتبار به.
قال صاحب عون المعبود شرح سنن أبو داود
قال مالك: المراد جواز التحدث عنهم بما كان من أمر حسن، أما ما علم كذبه فلا
ولابراء الذمة امام الله
فإنني ذكرت الملاحظة التالية وكتبت فيها
---- أو كما قالوا ---- والله اعلم ----
وعلى أي حال
لا نختلف على نهاية المستكبرين إذ لم يتوبوا
ولن نختلف على حُسن خاتمة المتقين
فإن كنت قد أصبت فبتوفيق الله
وإن كنت قد اخطـأت فمن نفسي والشيطان
والاجتهاد لي عليه أجران إن أصبت
وإن أخطأت فلي أجر الاجتهاد
------------------------------------------------------------------
من صحيح البخاري
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
( وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيل وَلَا حَرَج )
أَيْ لَا ضِيق عَلَيْكُمْ فِي الْحَدِيث عَنْهُمْ لِأَنَّهُ كَانَ تَقَدَّمَ مِنْهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزَّجْر عَنْ الْأَخْذ
عَنْهُمْ وَالنَّظَر فِي كُتُبهمْ ثُمَّ حَصَلَ التَّوَسُّع فِي ذَلِكَ , وَكَأَنَّ النَّهْي وَقَعَ قَبْل اِسْتِقْرَار الْأَحْكَام
الْإِسْلَامِيَّة وَالْقَوَاعِد الدِّينِيَّة خَشْيَة الْفِتْنَة , ثُمَّ لَمَّا زَالَ الْمَحْذُور وَقَعَ الْإِذْن فِي ذَلِكَ لِمَا فِي سَمَاع
الْأَخْبَار الَّتِي كَانَتْ فِي زَمَانهمْ مِنْ الِاعْتِبَار , وَقِيلَ : مَعْنَى قَوْله " لَا حَرَج " : لَا تَضِيق
صُدُوركُمْ بِمَا تَسْمَعُونَهُ عَنْهُمْ مِنْ الْأَعَاجِيب فَإِنَّ ذَلِكَ وَقَعَ لَهُمْ كَثِيرًا , وَقِيلَ : لَا حَرَج فِي أَنَّ
لَا تُحَدِّثُوا عَنْهُمْ لِأَنَّ قَوْله أَوَّلًا : " حَدِّثُوا " صِيغَة أَمْر تَقْتَضِي الْوُجُوب فَأَشَارَ إِلَى عَدَم
الْوُجُوب وَأَنَّ الْأَمْر فِيهِ لِلْإِبَاحَةِ بِقَوْلِهِ : " وَلَا حَرَج " أَيْ فِي تَرْك التَّحْدِيث عَنْهُمْ . وَقِيلَ : الْمُرَاد
رَفْع الْحَرَج عَنْ حَاكِي ذَلِكَ لِمَا فِي أَخْبَارهمْ مِنْ الْأَلْفَاظ الشَّنِيعَة نَحْو قَوْلهمْ ( اِذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّك
فَقَاتِلَا ) وَقَوْلهمْ : ( اِجْعَلْ لَنَا إِلَهًا ) وَقِيلَ : الْمُرَاد بِبَنِي إِسْرَائِيل أَوْلَاد إِسْرَائِيل نَفْسه وَهُمْ أَوْلَاد
يَعْقُوب , وَالْمُرَاد حَدِّثُوا عَنْهُمْ بِقِصَّتِهِمْ مَعَ أَخِيهِمْ يُوسُف , وَهَذَا أَبْعَد الْأَوْجُه . وَقَالَ مَالِك الْمُرَاد
جَوَاز التَّحَدُّث عَنْهُمْ بِمَا كَانَ مِنْ أَمْر حَسَن , أَمَّا مَا عُلِمَ كَذِبه فَلَا . وَقِيلَ : الْمَعْنَى حَدِّثُوا عَنْهُمْ
بِمِثْلِ مَا وَرَدَ فِي الْقُرْآن وَالْحَدِيث الصَّحِيح . وَقِيلَ : الْمُرَاد جَوَاز التَّحَدُّث عَنْهُمْ بِأَيِّ صُورَة وَقَعَتْ
مِنْ اِنْقِطَاع أَوْ بَلَاغ لِتَعَذُّرِ الِاتِّصَال فِي التَّحَدُّث عَنْهُمْ , بِخِلَافِ الْأَحْكَام الْإِسْلَامِيَّة فَإِنَّ الْأَصْل
فِي التَّحَدُّث بِهَا الِاتِّصَال , وَلَا يَتَعَذَّر ذَلِكَ لِقُرْبِ الْعَهْد . وَقَالَ الشَّافِعِيّ : مِنْ الْمَعْلُوم أَنَّ النَّبِيّ
صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُجِيز التَّحَدُّث بِالْكَذِبِ , فَالْمَعْنَى حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيل بِمَا لَا تَعْلَمُونَ
كَذِبه , وَأَمَّا مَا تُجَوِّزُونَهُ
فَلَا حَرَج عَلَيْكُمْ فِي التَّحَدُّث بِهِ عَنْهُمْ وَهُوَ نَظِير قَوْله
" إِذَا حَدَّثَكُمْ أَهْل الْكِتَاب فَلَا تُصَدِّقُوهُمْ وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ "
وَلَمْ يَرِدْ الْإِذْن وَلَا الْمَنْع مِنْ التَّحَدُّث بِمَا يُقْطَع بِصِدْقِهِ .
======= مع تحياتي للجميع =======
لا تنسوني من صالح الدعاء
أخوكم في الله
سائد ريان
ًWhite Lion
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إخواني وأخواتي الأفاضل
بعد التحية التي تليق بحضوركم
يسرني ويطيب لي أن أذكركم بقصة للعبرة،
كثير منا سمع عنها
غير أني قد أعدت صياغتها لكم وهي قصة عن أحد الملوك،
حدثت أحداثها منذ زمن ليس بالبعيد
وليس مهماً تاريخها بقدر أهمية العبرة منها،
وقد أطلقت عليها اسماً يناسب إيقاعها
فكان
مَن هو الملك ؟
---\------ البداية -------/---
إنه أحد الملوك الذين لهم آذان لا يسمعون بها
وأعين لا يبصرون بها
وقلوب في صدورهم قد قست
فاصبحت كالحجارة او اشــد قــســـــوة
ذاك ما روى عن ملك جائر
متكبر سيئ الطباع
يأكل وحـده ويمنع رفـده ويضرب عبـده
فقد كان من أشر الناس ..
أحبائي في الله
ساسرد عليكم ما حدث معه في أحد الأيام
إذ قام من نومه فزعاً مغاضباً
عكر المزاج أكثر من عادته
ولم يكن بيوم من الأيام رحيماً برعيته ..
فجمع فنادى ،
ظالم لنفسه قبل حاشيته
فاجتمعوا له ملبين..
أمر الملك الجمع أن يعدوا له أطيب الطعام
فأعدوا فأكل ..
ثم ان يحضروا له أجمل الثياب ليرتديها
فأحضروا له ثياباً خضراً
كأنها السندس ..
والاستبرق ...
....
وما أن مرت سويعات حتى تهندم الملك بأجمل ثيابه ..
ثم عاد ليأمرهم بأن يعرضوا عليه أحسن الجياد في اصطبله ليركبها
فعرض عليه الصافنات
( و هي الخيول الأصيلة التي تقف على ثلاثة قوائم في منظر بهي )
...
فظل يطوف حولها حتى استحسن أقواها،
فامتطاه بعدما أعدوه و أسرجوه له ..
...
و بصوته الأجش
وبلسانه البذيء السليط
قال لهم
لا يـتـبـعـنـي مـنـكم أحـد .
...
قصد الملك بجواده آعالي الجبال حول مملكته التي آتاه الله ملكها
ينظر إلى البيوت والرعية من علو
بإزدراء واستكبار واستعلاء كعادته وهو يجول آعالي الجبال،
يسير الهوينة مختالًا في مشيته بأقوى جياده
...
وما هي إلا خطوات حتى رأى رجلاً شيخاً استبانتْ فيه السن ،
يرمقه بعينين سوداوين محدقتين في وجهه،
فتعجب الملك من وجوده وقال في نفسه متسائلاً
كيف وصل هذا الهرم فوق الجبل المرتفع بلا مطية ؟
..
تدبر الملك للحظات في نفسه لأمر وحال ذاك الشيخ
وبعدها وكز جواده ليكمل طريقه في رحلة الإستكبار التي قصدها ..
..
فاعترض الشيخ طريق الملك مستوقفاً إياه قائلًا له
السلام عليكم ورحمة الله
.
.
.
.
فلم يرد الملِك السلام ..
وما منعه إلا الإستكبار .. الذي تملكه واحتنكه،
حتى أصبح عادته ..
فلم يعد يحترم من دونه .. وبالأخص افراد رعيته . .
كرر الشيخ إلقاء السلام ثانية وثالثة
دون أي رد من الملك ..
بينما كان الملك ينظر له بنظرة استخفاف واستغراب
خَـلُصَ بعدها نجياً بإهمال الشيخ وإكمال رحلته
بصحبة جواده
. .
فتأتي المفاجأة
إقترب الشيخ من الجواد كالكهل .. وأخذ بلجامه فثبته في أرضه فتسمر ..
وهو أقوى الجياد في اصطبله ..
فدب الرعب في قلب الملك من قوة الشيخ غير المتوقعه على الإطلاق
ومن نظراته المرعبه المحدقه في وجهه . .
فقال للشيخ متسائلًا
بصوتٍ غاضبٍ فيما أَبْدَى .. مرتعداً فيما أَخْفَى ..
مــا عــنــدك ؟ - - - ومــا تـريــد ؟
فقال له الشيخ
إن لي فـيـك حـاجـة
فقال الَملِكُ - - - و مــا هــي ؟
فقال الشيخ
اُدنُ
فَذَلِكَ سِــر
فحنى الملك رأسه دانياً من الشيخ ليسمعه مرغماً مرتعداً منه وهو يرتجف
وهو الذي لم يسبق له أن حنى رأسه لأحد ولا حتى لله
فقال له الشيخ
بصوتٍ ليس كصوت كبار السن !
بل بصوتٍ اشبه بمزمارٍ .. من مزاميرِ نبي الله داوود عليه السلام ..
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
أنـــا مَـلَـكَ المـــوت
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
فارتعد الملك وارتبط لسانه،
وضاقت به سفوح الجبال بما رحبت،
وشُل عن الحركة وعن الكلام، لا يعلم بما يجيبه
وبعد انتظار قليل من مَلَكَ الموت للمَلِك الذي لا يزال يبتلع الصدمة . .
قال الملكُ لمَلَكَ الموت بصوت مرتجف ذليل لم يعرف الخوف والذلة من قبل
لي حاجة - - - هل تمهلني لقضائها ؟
فقال له مَلَكَ الموت بصوت مرتفع
ملأ
صـــــداه
الافــــــــــــــــــاق
-
-
لا
لا
لا
لا
قابضاً روحه فخر عن جواده كالخشبه
مسود وجهه وهو كظيم
ليس عليه من صفات الملوك غير الثوب الذي ارتداه
...
.....
.........
...............
ثم توجه ملك الموت لمهمة آُخرى،
وكانت لرجل آخر كبير في السن
وقور ذاكر حامد شاكر الكريم الحليم المنعم على نعمهِ التي لا تحصى
بينما كان يسعى في قطعة أرض حول بيته الصغير
حامداً الله على ما رزقه فيها من رزق طيب أرضاه به
-
-
أقبل عليه مَلَكَ الموت وهو على حالته تلك
فقال له
السلام عليكم ورحمة الله
فقال الرجل الكبير
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
فقال مَلَكَ الموت
( بدون مقدمات )
أنا مَلَكَ الموت
فقال الرجل الكبير
إني انتظرك منذ زمن
اهــــــــلا بـمــــــلـك الـمــــــوت
فقال له مَلَكَ الموت
هل لك حاجة لتقضيها ثم أعود إليك فأقبض روحك ..؟
...
هنا .. لم يفرح الرجل الكبير
وذلك لعلمه بأنهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون
لكن هيئة من قال أنه مَلَكَ الموت لا تبدو كهيئة كاذب
فسأل الرجل مَلَكَ الموت مستفسراً مستعلماً لا مكذباً
وهل لك على ذلك قوة !! ؟؟
( أي هل تستطيع أن تمهلني ؟ )
فكانت المفاجأة الكبرى
والكرامة والهبة والمنة من الله على عباده الصالحين
قال مَلَكَ الموت للرجل وهو يقسم له
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
والله كــــذلـك أُمِـــرتْ
-
-
-
-
-
-
-
عندها .. فاضت أعين الرجل الوقور بالدمع
وقال
نعم لي حاجة
هل أمهلتني فأصلي حمداً وشكراً لله ؟
فقال له مَلَكَ الموت
لك ذلك
فتوضأ الرجل وأحسن الوضوء ودخل في الصلاة حتى سجد
فأتاه مَلَكَ الموت و قبض روحه وهو ساجد
لتخرج روحـه الطاهـرة كالقـطـرة مـن فـي الســقـــاء
. . .
. .
.
تمت
.
---------\ / ----------
وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَة اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا
والحمد لله رب العالمين
أليست حسن او سوء الخاتمة يا إخواني وأخواتي في الله..
فكيف تريدون خاتمتكم أن تكون ..؟
ملك الموت لا يأتي إلا في وقته وفجأة
و صدق الله إذ قال لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون
ولكنها يا رعاكم الله ما هي إلا كرامة من الله بأن بعث مَلَكَ الموت للرجل الكبير في السن
قبل موعد موته بدقائق ليحسن خاتمته ساجداً لله
ليأتي يوم القيامة وهو على هيئته التي قُبِضَ عليها
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
---- أو كما قالوا ---- والله أعلم ----
سؤال ؟
أمر الملِكُ المَلَكَ بقبض روح المَلـِكِ فمن الملك ؟؟؟؟
إذا عرفتم الجواب
فأطيعوا الله ورسوله يحببكم الله
قال تعالى
بسم الله الرحمن الرحيم
مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً
وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
صدق الله العظيم
النحل ٩٧
فالله قد أقسم وأكد بأنه سيحييه
وكما قرأتم
لم يستثني
فقال وقوله الحق
ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى
صدق الله ومن أصدق من الله قيلا
هل تعلمون بأن صفاتكم مذكورة في القرآن الكريم
بشرط سيركم علـى الصراط المستقيم
هاكم الدليل
في قوله تعالى
بسم الله الرحمن الرحيم
إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ
وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ
وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ
وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ
وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ
وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ
أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً
صدق الله العظيم
الاحزاب آية ٣٥
-
-
-
-
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم
اسعدكم الله في الدارين
-----------كتبت ما قرأتم و استغفر الله لي ولكم -------------
المرجع
محاضرة لأحد المشايخ في المملكة العربية السعودية
علم بأنني قد أعدت صياغة القصة وبالأخص حالة الملك المستكبر
دون المساس بالمحاور الرئيسية للقصة حسبما سمعتها من الشيخ
إلا أني قد اجتهدت في تشبيه صوت ملك الموت بصوت مزامير .. نبي الله داود عليه السلام
وخوفا من أن تكون من الاسرائيليات
حيث لفظ الإسرائيليات نسبة إلى إسرائيل وهو نبي الله يعقوب عليه السلام
وقد أصبح لفظ الإسرائيليات علماً على ما أخذه المسلمون عن أهل الكتاب من اليهود والنصارى
سواء أخذوا ذلك عنهم مشافهة أو من كتبهم وقد أخذ المسلمون عنهم ذلك ونقلوا أخبارهم للعبرة والاتعاظ
انطلاقا من قول النبي صلى الله عليه وسلم: وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج
رواه البخاري عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، هذا فيما لم نعلم كذبه أو مخالفته
لما أخبر به الكتاب والسنة، وإلا فلا تجوز روايته والاعتبار به.
قال صاحب عون المعبود شرح سنن أبو داود
قال مالك: المراد جواز التحدث عنهم بما كان من أمر حسن، أما ما علم كذبه فلا
ولابراء الذمة امام الله
فإنني ذكرت الملاحظة التالية وكتبت فيها
---- أو كما قالوا ---- والله اعلم ----
وعلى أي حال
لا نختلف على نهاية المستكبرين إذ لم يتوبوا
ولن نختلف على حُسن خاتمة المتقين
فإن كنت قد أصبت فبتوفيق الله
وإن كنت قد اخطـأت فمن نفسي والشيطان
والاجتهاد لي عليه أجران إن أصبت
وإن أخطأت فلي أجر الاجتهاد
------------------------------------------------------------------
من صحيح البخاري
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
( وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيل وَلَا حَرَج )
أَيْ لَا ضِيق عَلَيْكُمْ فِي الْحَدِيث عَنْهُمْ لِأَنَّهُ كَانَ تَقَدَّمَ مِنْهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزَّجْر عَنْ الْأَخْذ
عَنْهُمْ وَالنَّظَر فِي كُتُبهمْ ثُمَّ حَصَلَ التَّوَسُّع فِي ذَلِكَ , وَكَأَنَّ النَّهْي وَقَعَ قَبْل اِسْتِقْرَار الْأَحْكَام
الْإِسْلَامِيَّة وَالْقَوَاعِد الدِّينِيَّة خَشْيَة الْفِتْنَة , ثُمَّ لَمَّا زَالَ الْمَحْذُور وَقَعَ الْإِذْن فِي ذَلِكَ لِمَا فِي سَمَاع
الْأَخْبَار الَّتِي كَانَتْ فِي زَمَانهمْ مِنْ الِاعْتِبَار , وَقِيلَ : مَعْنَى قَوْله " لَا حَرَج " : لَا تَضِيق
صُدُوركُمْ بِمَا تَسْمَعُونَهُ عَنْهُمْ مِنْ الْأَعَاجِيب فَإِنَّ ذَلِكَ وَقَعَ لَهُمْ كَثِيرًا , وَقِيلَ : لَا حَرَج فِي أَنَّ
لَا تُحَدِّثُوا عَنْهُمْ لِأَنَّ قَوْله أَوَّلًا : " حَدِّثُوا " صِيغَة أَمْر تَقْتَضِي الْوُجُوب فَأَشَارَ إِلَى عَدَم
الْوُجُوب وَأَنَّ الْأَمْر فِيهِ لِلْإِبَاحَةِ بِقَوْلِهِ : " وَلَا حَرَج " أَيْ فِي تَرْك التَّحْدِيث عَنْهُمْ . وَقِيلَ : الْمُرَاد
رَفْع الْحَرَج عَنْ حَاكِي ذَلِكَ لِمَا فِي أَخْبَارهمْ مِنْ الْأَلْفَاظ الشَّنِيعَة نَحْو قَوْلهمْ ( اِذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّك
فَقَاتِلَا ) وَقَوْلهمْ : ( اِجْعَلْ لَنَا إِلَهًا ) وَقِيلَ : الْمُرَاد بِبَنِي إِسْرَائِيل أَوْلَاد إِسْرَائِيل نَفْسه وَهُمْ أَوْلَاد
يَعْقُوب , وَالْمُرَاد حَدِّثُوا عَنْهُمْ بِقِصَّتِهِمْ مَعَ أَخِيهِمْ يُوسُف , وَهَذَا أَبْعَد الْأَوْجُه . وَقَالَ مَالِك الْمُرَاد
جَوَاز التَّحَدُّث عَنْهُمْ بِمَا كَانَ مِنْ أَمْر حَسَن , أَمَّا مَا عُلِمَ كَذِبه فَلَا . وَقِيلَ : الْمَعْنَى حَدِّثُوا عَنْهُمْ
بِمِثْلِ مَا وَرَدَ فِي الْقُرْآن وَالْحَدِيث الصَّحِيح . وَقِيلَ : الْمُرَاد جَوَاز التَّحَدُّث عَنْهُمْ بِأَيِّ صُورَة وَقَعَتْ
مِنْ اِنْقِطَاع أَوْ بَلَاغ لِتَعَذُّرِ الِاتِّصَال فِي التَّحَدُّث عَنْهُمْ , بِخِلَافِ الْأَحْكَام الْإِسْلَامِيَّة فَإِنَّ الْأَصْل
فِي التَّحَدُّث بِهَا الِاتِّصَال , وَلَا يَتَعَذَّر ذَلِكَ لِقُرْبِ الْعَهْد . وَقَالَ الشَّافِعِيّ : مِنْ الْمَعْلُوم أَنَّ النَّبِيّ
صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُجِيز التَّحَدُّث بِالْكَذِبِ , فَالْمَعْنَى حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيل بِمَا لَا تَعْلَمُونَ
كَذِبه , وَأَمَّا مَا تُجَوِّزُونَهُ
فَلَا حَرَج عَلَيْكُمْ فِي التَّحَدُّث بِهِ عَنْهُمْ وَهُوَ نَظِير قَوْله
" إِذَا حَدَّثَكُمْ أَهْل الْكِتَاب فَلَا تُصَدِّقُوهُمْ وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ "
وَلَمْ يَرِدْ الْإِذْن وَلَا الْمَنْع مِنْ التَّحَدُّث بِمَا يُقْطَع بِصِدْقِهِ .
======= مع تحياتي للجميع =======
لا تنسوني من صالح الدعاء
أخوكم في الله
سائد ريان
ًWhite Lion
تعليق