دمــــعٌٌ غـــــاضبٌ في العيــنِ

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • نفيسة شادي
    أديب وكاتب
    • 28-05-2010
    • 218

    دمــــعٌٌ غـــــاضبٌ في العيــنِ

    كُل شيءٍ فِـيَ َينظرُ ويَنتظرُ
    الدمعُ الغاضبُ في العينِ
    الدمعُ المالحُ في الصوتِ
    وأنا نزلتُ
    نزلتُ
    والباب يستأذنُ مِني الخروجَ
    وأنا مشيتُ
    فوق الأرصفةِ
    وخلف الأرصفةِ
    مشهدُ الموتِ
    فوقَ الأزقةِ
    وعلى الدروبِ
    يَتدفقُ الدمعُ
    أمامي
    مَرتِ الصباحاتُ الحزينةُ
    وأوقفتني على طَعم الرماد ُيجِلدُ الروحَ
    و جُرحِ نساءٍ َيصرخنَ من وجَع الروحِ
    في الريح
    أسمعُ
    أصواتاً
    تَمُوجُ
    في الأشجارِ
    تخَترق السياجَ
    الغيمُ في العينِ
    السجنُ في الصوتِ
    وكان وجهٌ يَتجلى خَلفِي
    كَظِلي
    من زجاجِ
    يُلاحقني
    حين اخترقَ قلبي
    شَهَق صوتِي
    ورجعُ الصَدى
    مزق صمتَ السماءِ
    كنا نُوجد وحيدين
    بين عزلةِ الأشجارِ
    والأذرعُ تحتضن وحشتَنا
    شَرعتُ يدي للعاصفةِ
    اهتزتْ أوراقُ الريحِ
    على رعشة الروحِ
    فوقَ
    ظلي وظلكَ
    وقد مَرتْ
    بجنون
    الرصاصاتِ
    والمشانقِ
    كنتُ أراكَ بجانبي
    حين انتبهتُ
    أَني َبدأ تُ أبكي
    الحياة لاتقاس بعدد الأنفاس التي نتخذها، ولكن من اللحظات التي تأخذ أنفاسنا بعيدا.
    مايا أنجيلو

  • محمد زكريا
    أديب وكاتب
    • 15-12-2009
    • 2289

    #2
    ماهذهِ اللوحة الأليمة الموجعة يانفيسة؟؟
    مررت بها ولم تسعفني دقائق
    فعدت إليها مرة أخرى لأناظر مشهدَ تراجيديا جعل الآه تحتضر في حلقومي
    \\
    شكراً لهذهِ أستاذة نفيسة
    شكرا وجداً
    \\
    سامحيني إن تدخلت ذائقتي بتعيل نوع الخط ...ولكنني أردتها بحلةٍ أبهى وأقرب لذائقة القاريء
    \\
    مودتي وأكثر
    نحن الذين ارتمينا على حافة الخرائط ، كحجارة ملقاة في مكان ما ،لايأبه بها تلسكوب الأرض
    ولاأقمار الفضاء
    .


    https://www.facebook.com/mohamad.zakariya

    تعليق

    • حكيم عباس
      أديب وكاتب
      • 23-07-2009
      • 1040

      #3
      الفاضلة نفيسة شادي
      تحية عطرة

      لقد نجحت تماما بالتعبير عن نفسك في فنّ الخاطرة ، أرى هنا مقدمة أو مدخلا واضحا ، و أرى قفلة أو مخرجا جميلا ، صمّم بحيث يعيدنا لنقطة البدأ ، بين هذا وذاك ، عرضت ما يستحوذ عليك من مشاعر و أفكار ، و هذه هي الخاطرة ، قصيرة عفوية مفعمة متدفقة نتمكن من تلمّس حدودها ، نجحت بكلّ ذلك ، و لا أبالغ إن قلت ، في هذه الناحية نجحت أكثر بكثير من خواطر تحتل الصدارة و هي ليست أكثر من منتحلة صفة..

      لكن أختي الفاضلة ، فن الكتابة بحدّ ذاته ، سواءا كان في الخاطرة أو غيرها ، له روح يجب أن نضع يدنا عليا و نمتلكها ، هذه الروح تكمن في اللغة و في صياغاتها ، هنا اسمحي لي أن أضع أمامك بعض الملاحظات التي أتمنى أن تكون ذات فائدة كبيرة ، تُعين في امتلاك روح فنّ الكتابة الادبية.

      ** في فنّ الكتبة الأدبية علينا الابتعاد عن الخطاب المباشر و الاستعاضة عنه بصياغات لغوية توحي ، تومئ أو ترمز لما نريد قوله ، كي أكون واضحا أحاول إعطاء بعض الأمثلة من النّص.
      أنظري من فضلك هنا يقول النّص : الدمع الغاضب في العين ، هذا يعتبر خطابا مباشرا ، فالمتلقى أخذ الصورة وافية كاملة غير منقوصة ، عرف أن المتحدث غضبا ، من شدة الغضب انفجر باكيا ، لم يُبقِ النّص أي زاوية خفية ، مظللة ، كما يظلل السراج زوايا البيت ، أو كما تظلّلها أشعة القمر ، فيستفزنا المشهد جماليا ، يصدمنا ، يدهشنا ، فيثير فينا فضول التخيّل ، لنرى ما نشاء في تلك الظلال و نحلم بأشكال نكوّنها نحن من خيالنا... هذا الاستفزاز الجمالي القابع في الدهشة ، و الفضول من بعده ، هو لذّة الأدب و الفن ، لا ينجع الفن و لا الأدب في إثارة هذه المتعة عند المتلقى لو كشف له كلّ شيء ، كما تفعل أشعة الشمس التي تضيء كلّ شيء ، و لا تبقي لنا زوايا نركبها نحن و نحلم بها و نتخيّلها...
      على هذا المنوال هناك في النّص كثير من الجمل المباشرة التي يفهمها المتلقى تماما ، و لا تبقي له دورا للتحليق ، فلا يُستفزّ و لا يندهش و لا يشعر بالجمال ، النتيجة أنه لا يشعر مع الكاتب و لا يشاطره المشاعر ، فينفر و يبتعد ، مثل: أنا مشيت فوق الأرصفة و خلف الأرصفة.
      على الدروب يتدفق الدمع أمامي
      جرح نساء يصرخن من وجع الروح
      أكتفي بهذه الأمثلة.

      ** المشكلة الثانية ، غياب التكثيف و اللجوء إلى الشرح و التّفصيل ، في فن الكتابة الأدبية ، الكاتب يشير ، يومئ ، يوحي و لكنه لا يفصّل و لا يشرح ، الذي يفصّل و يشرح هو النّص العلمي أو النص الفكري أو الفلسفي ، هذا يخرجُ عن دائرة فن الكتابة الأدبية و عن فن الخاطرة أيضا ، فالخاطرة فنّ كتابة أدبية ،
      لماذا لا نفصل و لا نشرح في الكتابة الادبية؟
      الجواب هو نفسه الذي تطرقنا إليه في النقطة السابقة ، هكذا بكل بساطة ، لأن التفصيل و الشرح يزيد من خطورة المباشرة و يضيف عاملا جديدا عند المتلقى ، فحين لا نثيره دهشة و لا نستفزه و لا نُبقي له مكانا يتخيّل به ، يحلّق ليركب من غموضنا ما يحلو له ، يأتي الشرح ليقضي على أي دور للمتلقى ، بل يحدث لديه الملل ، فيسرع بالابتعاد ، ينفر من النّص ، لا يتوقه ... هكذا نقول.
      سأحاول إعطاء بعض الأمثلة على التّفصيل و الشرح :
      أتت في النص هذه الجملة: يتدفق الدمع أمامي ... لاحظي كلمة أمامي هي تفصيل زائد ، و زيادة في الشرح ، المتلقى لا حاجة له به ، نحن ندهشه بتدفق الدّمع و ندعه يتخيّل كيف ، أمّا أن نقول له يتدفق الدمع من أعيننا ، فالأعين تفصيل ، ندعه يتخيل ، أو نقول كما جاء هنا ، يتدفق أمامي ، فأمامي أيضا تفصيل.
      في جملة ثانية : و كان وجه يتجلى خلفي كظلي من زجاج يلاحقني حين اخترق قلبي شهق صوتي.
      طبعا الجملة مباشرة ، الذي جعلها مباشرة ، و يجفّفها جماليا ، هو محاولة الشرح و التفصيل ، كلمة خلفي ، ما دورها ؟ بماذا تفيد الكاتب في التّعبير عن مشاعره ؟ هنا في هذه الجملة لا أرى لها دور ، فهي زائدة ، تفصل رسم المشهد ، و نحن في الكتابة الأدبية لا نريد ان نفصل المشهد بوضوح الرؤية النهارية.
      مجرد استخدام كلمة خلفي ، جلبت معها كلمة أخرى "كظلي" على اعتبار أن الظل خلفنا و ملازم لنا ، لكنه أوقع النّص في التناقض ، إذ أننا نقول أن الوجه تجلى ، ثم نشببهه بالظل ، و الظل لا يتجلى ، فهو ظل غير واضح المعالم.
      كلمة (حين) هي تفصيل أيضا يعتني بتحديد الزمن ، لحظة وقوع الحدث ، هل لهذا أهمية في الجملة ، بحيث يصبح لزاما علينا أن نحدّد متى شهق الصوت ، فنجيب حين اخترق الوجه قلبي؟ طبعا لا ، إذن هذا التحديد تفصيل غير ضروري ، بالتالي كلمة (حين) زائدة.
      كلمة (صوتي) ، ايضا زائدة إذ أتت لتفصل و تشرح فيما ليس ضروري ، فـ "الشهق" عادة يصدر عن الصوت و به ، ثم لماذا في فن الكتابة الأدبية نحتاج لأن نلزم الشهق بالصوت ، بينما نستطيع أن نقول (شهق قلبي) ، (شهقت روحي) ....الخ
      هذه الجملة تحتوي على عناصر جميلة جدا و قوية ، يمكنها أن تشكّل صورة غاية في الروعة ، إلاّ أن كل هذا ضاع في التفصيل و الشرح و المباشرة.
      أكتفي بهذا القدر من الأمثلة.


      ** هنا نقطة أخرى ، فقد لاحظت استخدام الضمائر فيما لا لزوم له ، و كذلك تكرار بعض الكلمات أو المقاطع أيضا ، تكرارا لا لزوم له و لا يضيف للنّص و انفعالاته شيئا ، مثل أنا نزلت .
      أنا مشيتُ .. التاء المضمومة في أخر الفعل ، تاء المتكلم ، تكفي و تفي بالغرض ، و لا حاجة للضمير في أول الكلام.
      أو نرى التكرار غير المفيد مثل : نزلت ... نزلت
      كلمة الأرصفة في : فوق الأرصفة و خلف الارصفة.
      أكتفي بهذا القدر ، أتمنى من حضرتك أن تتقبلي هذه الملاحظات و تحاولي تطبيقها في نص آخر ، و تعيدين الكرّة ثانية على الخاطرة الأدبية التي أجدت الالتزام بها و إعطائها حقها ، و سنرى كم ستكون خاطرتك جميلة و ساحرة... نحن معك خطوة خطوة على درب الابداع

      كل التقدير و الاحترام
      حكيم

      تعليق

      • نفيسة شادي
        أديب وكاتب
        • 28-05-2010
        • 218

        #4
        المشاركة الأصلية بواسطة محمد زكريا محمد مشاهدة المشاركة
        ماهذهِ اللوحة الأليمة الموجعة يانفيسة؟؟
        مررت بها ولم تسعفني دقائق
        فعدت إليها مرة أخرى لأناظر مشهدَ تراجيديا جعل الآه تحتضر في حلقومي
        \\
        شكراً لهذهِ أستاذة نفيسة
        شكرا وجداً
        \\
        سامحيني إن تدخلت ذائقتي بتعيل نوع الخط ...ولكنني أردتها بحلةٍ أبهى وأقرب لذائقة القاريء
        \\
        مودتي وأكثر
        الكريم محمد زكريا
        لك شكري العميق على لمستك الجميلة التي أضفت على النص رونقا وبهاء..
        حضورك سبر غور هاته اللوحة بإحساس راقي جدا ماأسعدني حقا ..
        عباراتك عن هاته الخاطرة تنم عن ذوق رفيع وفهم كبير لمِعانٍ يصوغها الإبداع فتنتقل بفضل هذا الإحساس من روح المبدع إلى روح المتلقي
        أتمنى أن أكون توفقت في إعطاء الكلمات ماتستحقها من توهج الألم وتدفق للدواخل..
        أكررلك شكري مرة أخرى
        مع خالص التحية والتقدير... نفيسة
        الحياة لاتقاس بعدد الأنفاس التي نتخذها، ولكن من اللحظات التي تأخذ أنفاسنا بعيدا.
        مايا أنجيلو

        تعليق

        • غاده بنت تركي
          أديب وكاتب
          • 16-08-2009
          • 5251

          #5
          تنفست نصكـِ بعمق
          فخرجت من فم الآهة سراب أمنيات ،

          حقيقة وجدتني أردد رائعة السياب :
          "" أتعلمين أي حزن يبعث المطر ؟
          وكيف تنشج المزاريب إذا انهمر ؟
          و كيف يشعر الوحيد فيه بالضياع؟ ""



          كوني على قيد الحلمـ فحتما سيهتدي الفرح لخطوكـِ

          باقات ورد لروحكـِ ،
          نســــــــــــــــــــامح : لكن لا ننســـــــــى
          الحقوق لا تـُعطى ، وإنما تـُـنـتزَع
          غادة وعن ستين غادة وغادة
          ــــــــــــــــــ لاوالله الاّ عن ثمانين وتزيد
          فيها العقل زينه وفيها ركاده
          ــــــــــــــــــ هي بنت ابوها صدق هي شيخة الغيد
          مثل السَنا والهنا والسعادة
          ــــــــــــــــــ مثل البشاير والفرح ليلة العيد

          تعليق

          • مصطفى الصالح
            لمسة شفق
            • 08-12-2009
            • 6443

            #6
            [align=center]مؤلم واليم جدا استاذة نفيسة

            شهقة مختنقة تبحث عن مخرج للاه

            ابدعت في رسم الحالة المتبعثرة حد التشظي

            اشكرك

            تحياتي
            [/align]
            [align=center] اللهم صل على محمد أفضل الخلق وعلى آله وصحبه أجمعين

            ستون عاماً ومابكم خجــلٌ**الموت فينا وفيكم الفزعُ
            لستم بأكفائنا لنكرهكم **وفي عَداء الوضيع مايضعُ

            رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ

            حديث الشمس
            مصطفى الصالح[/align]

            تعليق

            • نفيسة شادي
              أديب وكاتب
              • 28-05-2010
              • 218

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة حكيم عباس مشاهدة المشاركة
              الفاضلة نفيسة شادي






              تحية عطرة




              لقد نجحت تماما بالتعبير عن نفسك في فنّ الخاطرة ، أرى هنا مقدمة أو مدخلا واضحا ، و أرى قفلة أو مخرجا جميلا ، صمّم بحيث يعيدنا لنقطة البدأ ، بين هذا وذاك ، عرضت ما يستحوذ عليك من مشاعر و أفكار ، و هذه هي الخاطرة ، قصيرة عفوية مفعمة متدفقة نتمكن من تلمّس حدودها ، نجحت بكلّ ذلك ، و لا أبالغ إن قلت ، في هذه الناحية نجحت أكثر بكثير من خواطر تحتل الصدارة و هي ليست أكثر من منتحلة صفة..




              لكن أختي الفاضلة ، فن الكتابة بحدّ ذاته ، سواءا كان في الخاطرة أو غيرها ، له روح يجب أن نضع يدنا عليا و نمتلكها ، هذه الروح تكمن في اللغة و في صياغاتها ، هنا اسمحي لي أن أضع أمامك بعض الملاحظات التي أتمنى أن تكون ذات فائدة كبيرة ، تُعين في امتلاك روح فنّ الكتابة الادبية.




              ** في فنّ الكتبة الأدبية علينا الابتعاد عن الخطاب المباشر و الاستعاضة عنه بصياغات لغوية توحي ، تومئ أو ترمز لما نريد قوله ، كي أكون واضحا أحاول إعطاء بعض الأمثلة من النّص.


              أنظري من فضلك هنا يقول النّص : الدمع الغاضب في العين ، هذا يعتبر خطابا مباشرا ، فالمتلقى أخذ الصورة وافية كاملة غير منقوصة ، عرف أن المتحدث غضبا ، من شدة الغضب انفجر باكيا ، لم يُبقِ النّص أي زاوية خفية ، مظللة ، كما يظلل السراج زوايا البيت ، أو كما تظلّلها أشعة القمر ، فيستفزنا المشهد جماليا ، يصدمنا ، يدهشنا ، فيثير فينا فضول التخيّل ، لنرى ما نشاء في تلك الظلال و نحلم بأشكال نكوّنها نحن من خيالنا... هذا الاستفزاز الجمالي القابع في الدهشة ، و الفضول من بعده ، هو لذّة الأدب و الفن ، لا ينجع الفن و لا الأدب في إثارة هذه المتعة عند المتلقى لو كشف له كلّ شيء ، كما تفعل أشعة الشمس التي تضيء كلّ شيء ، و لا تبقي لنا زوايا نركبها نحن و نحلم بها و نتخيّلها...


              على هذا المنوال هناك في النّص كثير من الجمل المباشرة التي يفهمها المتلقى تماما ، و لا تبقي له دورا للتحليق ، فلا يُستفزّ و لا يندهش و لا يشعر بالجمال ، النتيجة أنه لا يشعر مع الكاتب و لا يشاطره المشاعر ، فينفر و يبتعد ، مثل: أنا مشيت فوق الأرصفة و خلف الأرصفة.


              على الدروب يتدفق الدمع أمامي


              جرح نساء يصرخن من وجع الروح


              أكتفي بهذه الأمثلة.




              ** المشكلة الثانية ، غياب التكثيف و اللجوء إلى الشرح و التّفصيل ، في فن الكتابة الأدبية ، الكاتب يشير ، يومئ ، يوحي و لكنه لا يفصّل و لا يشرح ، الذي يفصّل و يشرح هو النّص العلمي أو النص الفكري أو الفلسفي ، هذا يخرجُ عن دائرة فن الكتابة الأدبية و عن فن الخاطرة أيضا ، فالخاطرة فنّ كتابة أدبية ،


              لماذا لا نفصل و لا نشرح في الكتابة الادبية؟


              الجواب هو نفسه الذي تطرقنا إليه في النقطة السابقة ، هكذا بكل بساطة ، لأن التفصيل و الشرح يزيد من خطورة المباشرة و يضيف عاملا جديدا عند المتلقى ، فحين لا نثيره دهشة و لا نستفزه و لا نُبقي له مكانا يتخيّل به ، يحلّق ليركب من غموضنا ما يحلو له ، يأتي الشرح ليقضي على أي دور للمتلقى ، بل يحدث لديه الملل ، فيسرع بالابتعاد ، ينفر من النّص ، لا يتوقه ... هكذا نقول.


              سأحاول إعطاء بعض الأمثلة على التّفصيل و الشرح :


              أتت في النص هذه الجملة: يتدفق الدمع أمامي ... لاحظي كلمة أمامي هي تفصيل زائد ، و زيادة في الشرح ، المتلقى لا حاجة له به ، نحن ندهشه بتدفق الدّمع و ندعه يتخيّل كيف ، أمّا أن نقول له يتدفق الدمع من أعيننا ، فالأعين تفصيل ، ندعه يتخيل ، أو نقول كما جاء هنا ، يتدفق أمامي ، فأمامي أيضا تفصيل.


              في جملة ثانية : و كان وجه يتجلى خلفي كظلي من زجاج يلاحقني حين اخترق قلبي شهق صوتي.


              طبعا الجملة مباشرة ، الذي جعلها مباشرة ، و يجفّفها جماليا ، هو محاولة الشرح و التفصيل ، كلمة خلفي ، ما دورها ؟ بماذا تفيد الكاتب في التّعبير عن مشاعره ؟ هنا في هذه الجملة لا أرى لها دور ، فهي زائدة ، تفصل رسم المشهد ، و نحن في الكتابة الأدبية لا نريد ان نفصل المشهد بوضوح الرؤية النهارية.


              مجرد استخدام كلمة خلفي ، جلبت معها كلمة أخرى "كظلي" على اعتبار أن الظل خلفنا و ملازم لنا ، لكنه أوقع النّص في التناقض ، إذ أننا نقول أن الوجه تجلى ، ثم نشببهه بالظل ، و الظل لا يتجلى ، فهو ظل غير واضح المعالم.


              كلمة (حين) هي تفصيل أيضا يعتني بتحديد الزمن ، لحظة وقوع الحدث ، هل لهذا أهمية في الجملة ، بحيث يصبح لزاما علينا أن نحدّد متى شهق الصوت ، فنجيب حين اخترق الوجه قلبي؟ طبعا لا ، إذن هذا التحديد تفصيل غير ضروري ، بالتالي كلمة (حين) زائدة.


              كلمة (صوتي) ، ايضا زائدة إذ أتت لتفصل و تشرح فيما ليس ضروري ، فـ "الشهق" عادة يصدر عن الصوت و به ، ثم لماذا في فن الكتابة الأدبية نحتاج لأن نلزم الشهق بالصوت ، بينما نستطيع أن نقول (شهق قلبي) ، (شهقت روحي) ....الخ


              هذه الجملة تحتوي على عناصر جميلة جدا و قوية ، يمكنها أن تشكّل صورة غاية في الروعة ، إلاّ أن كل هذا ضاع في التفصيل و الشرح و المباشرة.


              أكتفي بهذا القدر من الأمثلة.





              ** هنا نقطة أخرى ، فقد لاحظت استخدام الضمائر فيما لا لزوم له ، و كذلك تكرار بعض الكلمات أو المقاطع أيضا ، تكرارا لا لزوم له و لا يضيف للنّص و انفعالاته شيئا ، مثل أنا نزلت .


              أنا مشيتُ .. التاء المضمومة في أخر الفعل ، تاء المتكلم ، تكفي و تفي بالغرض ، و لا حاجة للضمير في أول الكلام.


              أو نرى التكرار غير المفيد مثل : نزلت ... نزلت


              كلمة الأرصفة في : فوق الأرصفة و خلف الارصفة.


              أكتفي بهذا القدر ، أتمنى من حضرتك أن تتقبلي هذه الملاحظات و تحاولي تطبيقها في نص آخر ، و تعيدين الكرّة ثانية على الخاطرة الأدبية التي أجدت الالتزام بها و إعطائها حقها ، و سنرى كم ستكون خاطرتك جميلة و ساحرة... نحن معك خطوة خطوة على درب الابداع


              كل التقدير و الاحترام

              حكيم

              الفاضل حكيم عباس
              ترددتُ في الرد على "استشارتك "الطبية التي مارستَها على خاطرة مرهفة لاتقوى على مشرط الجراح ...لكن عَدِلتُ عن ترددي ..وكان لابد من إنقاذ نص ينتمي لعالم الأدب من مِعول نقد ينتمي إلى زمن عفا عنه الدهر .
              حسب علمي فإن هذا المنهج في النقد الأدبي لم يعد مستساغا ..ولم يكن في يوم ما مستساغا ..فالهدم والتمزيق والتجزيئ لايضيف شيئا لعالم الابداع الادبي ..لانه بكل بساطة يعوق كل تطور في العملية الإبداعية ..وتاريخ الكتابة بكل أجناسها شاهد على ذلك .

              كنت أتمنى أن يتغلغل قلمك الى روح الخاطرة والتعامل معها كبنية أدبية لها شكلها الخاص ..وملامحها المميزة ..لكن للأسف أشهرتَ في وجهها مشرطك ..وقطعت أوصالها ..ففقدتْ ملامحها ..وضاعت معالمها .

              الفاضل حكيم عباس
              إننا نقرأ إبداع الآخرين بأذواقنا..بأحاسيسنا..بانفعالاتنا ..لا بمعاولنا .
              فشكرا على كل حال ,
              تحيتي وتقديري
              نفيسة
              التعديل الأخير تم بواسطة نفيسة شادي; الساعة 10-11-2010, 20:36.
              الحياة لاتقاس بعدد الأنفاس التي نتخذها، ولكن من اللحظات التي تأخذ أنفاسنا بعيدا.
              مايا أنجيلو

              تعليق

              • محمد مثقال الخضور
                مشرف
                مستشار قصيدة النثر
                • 24-08-2010
                • 5517

                #8
                هذا الدمع الغاضب القادم من عين غاضبة
                أشجى الروح يا استاذتنا الفاضلة
                وشدد الخناق على ابتسامة في القلب
                لم تجرؤ بعد على الظهور

                جميلة هذه الخاطرة ، ،
                و موجعة

                تقبلي كل الود والاحترام

                تعليق

                • نفيسة شادي
                  أديب وكاتب
                  • 28-05-2010
                  • 218

                  #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة غاده بنت تركي مشاهدة المشاركة
                  تنفست نصكـِ بعمق
                  فخرجت من فم الآهة سراب أمنيات ،

                  حقيقة وجدتني أردد رائعة السياب :
                  "" أتعلمين أي حزن يبعث المطر ؟
                  وكيف تنشج المزاريب إذا انهمر ؟
                  و كيف يشعر الوحيد فيه بالضياع؟ ""


                  كوني على قيد الحلمـ فحتما سيهتدي الفرح لخطوكـِ

                  باقات ورد لروحكـِ ،
                  القديرة غادة
                  هو ألم الغضب يكون أكبر من ألم الحزن ، وألم خيبة الأمل يكون أكثر ألما من كل شيئ
                  شكرا لحضور منح لهاته القطعة نفَسا آخر من قطرات ندى بَلت جراح حروف..
                  فمنحت لها وقتا آخر لكي تحيا
                  شرف هاته الخاطرة أن أوحت لك بقطرات من أنشودة المطر ..
                  شكرا لروحك التي مرت من هنا..
                  خالص التحية والتقدير ..نفيسة
                  الحياة لاتقاس بعدد الأنفاس التي نتخذها، ولكن من اللحظات التي تأخذ أنفاسنا بعيدا.
                  مايا أنجيلو

                  تعليق

                  • نفيسة شادي
                    أديب وكاتب
                    • 28-05-2010
                    • 218

                    #10
                    المشاركة الأصلية بواسطة مصطفى الصالح مشاهدة المشاركة
                    [align=center]مؤلم واليم جدا استاذة نفيسة

                    شهقة مختنقة تبحث عن مخرج للاه

                    ابدعت في رسم الحالة المتبعثرة حد التشظي

                    اشكرك

                    تحياتي
                    [/align]
                    القدير مصطفى

                    ...هي كما نطقتَ ..."شهقة مختنقة تبحث عن الآه" .. .نعم ..هي صدى الأماني المدفونة والحلم المخلوط بالدم والدمع... مرورك أحيا قسمات هذا الألم .. شكرا لإحساسك االإنساني النبيل الذي عانق صورا تشتت ..تمزقت بالموت .. بالجرح .بالحزن ..بالغضب ..


                    لك مني خالص التقدير


                    نفيسة
                    الحياة لاتقاس بعدد الأنفاس التي نتخذها، ولكن من اللحظات التي تأخذ أنفاسنا بعيدا.
                    مايا أنجيلو

                    تعليق

                    • نفيسة شادي
                      أديب وكاتب
                      • 28-05-2010
                      • 218

                      #11
                      المشاركة الأصلية بواسطة محمد الخضور مشاهدة المشاركة
                      هذا الدمع الغاضب القادم من عين غاضبة
                      أشجى الروح يا استاذتنا الفاضلة
                      وشدد الخناق على ابتسامة في القلب
                      لم تجرؤ بعد على الظهور

                      جميلة هذه الخاطرة ، ،
                      و موجعة

                      تقبلي كل الود والاحترام
                      القدير محمد الخضور
                      هو الشجن من حزن يمتلأ بحزن آخر إلى أن يفيض بالغضب
                      حضورك دوما فيض نور يُتوج حروفي .
                      .لرقي احساسك لك شكري
                      و لكلمتك المشبعة بوجع الحياة ...

                      احترامي وتقديري نفيسة
                      الحياة لاتقاس بعدد الأنفاس التي نتخذها، ولكن من اللحظات التي تأخذ أنفاسنا بعيدا.
                      مايا أنجيلو

                      تعليق

                      يعمل...
                      X