نشيد آخر المتصوفة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • منجية بن صالح
    عضو الملتقى
    • 03-11-2009
    • 2119

    نشيد آخر المتصوفة

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


    قــراءة فــي قصيــدة
    نشيــد آخــر المتصــوفة
    لمنيــر الرقــي


    حياتنا سطور مكتوبة على قارعة الطريق أو أحرف وجدت نفسها على قارعة السطر
    هي الكتابة تكتبنا على صفحات بيضاء تستأصل منا أجمل أو أقبح ما فينا أو لعل القبح و الجمال يتواصلان و يتكاملان فتعزف لنا الكلمات سنفونية الحياة التي عشناها أو التي لم نعشها بعد , أو التي هي كامنة فينا تنتظر وقت رحيلها عنا لتعانق الحرف و تتهادى على السطر فتكون إبل صحرائنا و نكون الحادي الذي يرافق مسيرها و يرتل الحرف على وقع خطاها

    هذا ما خطه قلم الشاعرمنير الرقي في هذه القصيدة التي تعزف لحن الحياة الإنسانية أو لنقل تطربنا بوشوشات بحرنا الداخلي الذي يزخر بما لم تشاهده عين و لا سمعته أذن لكن أفصحت عنه كلمة كانت طائر النورس الذي خرج لنا من أعماق الشاعر محملا بجواهر من كلام لا تشبهنا لكنها مرآة شفافة نرى فيها أنفسنا فتنعكس الصورة و تبوح لنا بكلمات ليست كالكلمات و بمعاني عاشت فينا الغربة و الشتات فهي منا و إلينا لكنها توارت وراء حجاب و خيرت الإغتراب على المواجهة و الكمون على الظهور مخافة أن تغتالها نظراتنا القاصرة على فهم كنه وجودها و على إدراك جمالها
    و لأننا قساة عراة نشوه الكلمات قبل إغتيالها و نتركها أشباحا هائمة تبحث عن مأوى بعد أن لفظها قاع بحرنا الزاخر بالحياة حملها الموج على عاتقه و ألقاها على أعتاب حياتنا
    فشتان بين ما يلفظه البحر و بين ما يلقيه بين أيدينا نورس الشعر

    حاورتني كلمات القصيدة فكان هذا همسها الدافيء الذي أبى قلمي إلا أن يخطه على بياض صفحاتي لتكون إمتدادا لبحر الشاعر فنطرب لمده و زجره و نتفاعل مع سكينته و غضبه و تمتلأ العين بجمال ألوانه و نغمض الجفن على سحره
    رغم ما يتسور محراب القصيدة من ألم و معاناة إلا أننا نجد مسحة شفافة من الجمال تغشاها و تتسلل ما بين السطور لتنسج نفسها و تكون رداء ناسك متعبد في محراب الحب و العشق و الوجد
    ربما هو هذا الإحساس بتواصل الجمال و القبح و الظلمة و النور ما جعلني أسمع بأذن عاشقة وواعية لهمسات حب دافق و كأنها سيول تتهادى من عمق البحر لتسقى جدب الأرض العطشى حد التشقق للحب و الوصال
    و هذا العطش يعبر عنه الشاعر بحرقة و كأنه في صحراء قاحلة يكتنفها السراب و الفقر من الماء والذي هو نبع الحياة .و هذا القفر هو ما يعيشه صاحب القصيدة بكل كيانه ووجوده الإنساني
    فالشاعر في هذه القصيدة كأنه الحادي الذي يرتل ترانيم روحه المعذبة فهو نشيده الزاهد في كل ملذات الحياة التي تعيش في نفسه والتي رغم غناها فهي تذيقه الهوان ربما لأنه يريد أن يكون آخر المتصوفة ليقطع ما بينه و ما بين حياة أذاقته مرارتها و عرت له قبحها فأكتشف لعبة الخيال الذي يفترش الغواية و يلتحف بالسراب


    قُومَا إليَّ و علّلانِي ***لا تَدْريان بما أُعاني

    نفسي دعَتْني فصبّحتْني ***جَنَتْ فبِتّ على هوان

    شَبّتْ جمالا بَدا زلالا *** فمَا رواني الذي غَواني

    ثم استعرَّتْ وقد تعرَّتْ *** كانت سرابا وقد سباني

    مَدَّتْ شرابا طفا حُبَابًا *** كانت تَرانِي ولا أَرَانِي

    تقول هلاّ ترُومُ مَهْلاً *** و واعدَتْنِي هوًى عَدَاني


    يفصح النص عن معانات الإنسان الواعي بحزن و ألم دفين داخله لا يستطيع التخلص منه و كأنه جبل راسخ يجثم على كيانه فيسحقه وجع لا يدري مصدره و لا مآله سوى أنه يعيش حاله و لا يستطيع التخلص من معانات تزلزل كيانه فتتشقق أرضه و تخرج هذا المخزون الإنساني من ألم دفين مصدره الغواية و التي أدركتها النفس فكدرتها فلا هي مستمتعة بالحياة و لا هي قادرة على دفن ما فيها من موت فكأن النفس سبية بيد الغواية تعيش التناقض الصارخ : الموت و الحياة السجن و الحرية القبح و الجمال في نفس اللحظة لينتفي الزمان و المكان و تبقى المعانات هي قوت النفس اليومي .

    حتى يصل الشاعر إلى هذا التعبير بالكلمة المُجسِدة للصورة لا بد أن يكون له وعي متقدم أو لنقل قد تخلص من الجاذبية الأرضية و قطع أشواطا عموديا حتى يستطيع أن يرى الأشياء مكتملة غير مجزئة و لا مشوهة و يعبر عن الصورة الحقيقية لنفسه كيف هي ؟ و كيف يجب أن تكون بمعنى لا يستطيع أن يميز بين الأشياء حتى يرى بأم رأسه الشيء و ضده ليقدر على التمييز بين الحقيقة و الخيال و الذي هو مرتبط بالواقع فعندما يكون الإنسان في صحراء قاحلة يبحث فيها عن الماء فكل كيانه متوجه نحو قطرة منه فيتمثل له السراب في كل خطوة يخطوها لهذا يرتبط الخيال بالواقع في ذهن الشاعر و تكون الحقيقة غائرة داخله لا يستطيع إستخراجها إلا بعد أن يُجَهز لها أدواتها

    و إدراك الحقيقة لا يكون حتى تتجلى الصورة الكامنة في هذا الداخل الإنساني أمام نظر القلب فالرسم الحقيقي للحقيقة كامن في فطرة الشاعر و هذا ما يجعله في سباق محموم يبحث عن وجود غائب حاضر في زمان موجود مفقود هي مفارقة يعيشها الإنسان في كل لحظة في حياته فهناك من هو مدرك لوجودها فيعيش معاناته وهو واعي و هناك من إحتضنته ملذات الحياة فأسكرته و عاش التيه و العطش وهو مثمول و فاقد للوعي و الإدراك بوجوده كإنسان فاعل له رسالة مقدسة على مستوى محيطه الصغير و الكبير


    و حين هُمّ الفؤادُ غَمًّا *** وعِيلَ صبْرِي الّذِي بَرَانِي

    وحين رام الفؤادُ وصْلا *** رأيتُ نصْلا وقد رماني

    رنت بطرفِ العُيُونِ هزْءًا *** وقيل: "الآن قد تراني

    خلعتُ ثوْبِي تَعَالَ قُربِي *** فأنْتَ خِلِّي الذي دَعَانِي
    ".


    وعي الإنسان بوجوده يكسبه قدرة على مشاهدة الحقيقة و التي لا تفصح عن نفسها حتى تتجلى للفرد كل مكوناتها بمعنى ما نعيشه في حياتنا ليس هو الحقيقة بل جزء منها لا تكتمل هذه الحقيقة حتى نشاهد الجزء الآخر وهو كامن في عمق بحر الإنسان وعلى أرضه التي فطره الله عليها و هذا ما أفصحت عنه القصيدة

    رنت بطرفِ العُيُونِ هزْءًا *** وقيل: "الآن قد تراني

    هذه الرؤية للحقيقة تجعله يعيش مقام الخلة وهو عند الصوفية يعنى أن الحقيقة تتخلل وجود الإنسان فيراها بعين البصيرة و يعيشها بكيانه المادي و المعنوي وهو التوحيد في أسمى تجلياته فيعيش الإنسان حالة من الخشوع لا يعرفها غيره لأن ظاهره يتطابق مع باطنه فتكون السعادة و التي لا تحول و لا تزول مدى

    حياته

    رأيْتُ قُبْحًا قد زاد ضَبْحًا *** رأيْتُ مسْخًا بِلا كِيَان

    رأيتُ نفْسِي قَرِيبَ رَمْسِي *** و ألبَسَتْنِي أسًى كَسَانِي

    كرِهْتُ رُوحِي فقُلتُ رُوحِي *** إذنْ ونُوحِي قد آن آني

    رأيت فيَّ الجمَال غِيّا *** فأيْن يَبْغِي الفِرارَ جَان


    عندما يرى الإنسان حقيقة نفسه و تتجلى له مكوناتها و أبعادها الثلاثة يستطيع أنذاك أن يميز بين الواقع و الخيال و ما يجب أن يكون ....تصدمه الحقيقة و يحزنه وضعه وحاله و مآله و يرى بأم رأسه القبح و الجمال ليشهد على نفسه و يختار سبيله فليس له إلا التخلص من نفسه الباغية و تجريدها من هواها فكل ما كان يعيشه أو يتبناه من مفاهيم للحب و الجمال هو سراب من صنع خياله

    ما قرأته هنا هو قصيدة تنبض بالحياة و كأنها تتحدث عن نفسها و ليس هناك من كتبها فهي تحكي مأساة
    الإنسان مع نفسه و معاناته التي ألقت به في غياهب جبه فأصبح لا يرى إلا ما تيسر له رؤ
    يته في الظلام الدامس لا ينقذه من هذا الجب إلا سعيه بالفكر و الساعد بمعنى لا بد أن يسلك طريق طهارة النفس بالفكر أولا وبإرساء قواعد جديدة لحياته و كبح جماح الخيال و الحد من قدرته على الغوص في بحر الملذات المحرمة و التأمل و سبر أغوار الماضي و الحاضر فتنشط حركة الفكر و تجعل الإنسان في سباق مرير مع نفسه فكلما دعته تريث و أعمل فكره في أقواله و أفعاله و كبح جماحها إذا دعته إلى الهلاك
    فتتطابق الحركة الداخلية على مستوى الفكر و الحركة الخارجية لتقويم و تهذيب سلوك الإنسان حتى يسترجع إنسانيته المولودة لكنها مفقودة في حاضره و مستقبله و ذلك على المستوايين الفكري و العملي


    فصِرْتُ أعْدُو ولسْتُ أعْدُو *** كأنّ سَعْيِي إلى مَكَانِي

    فلسْتُ أدْرِي أكنْتُ أمْشِي *** أم السّبِيلُ الذي مَشَانِي

    يا صاحبيَّ لهَوْتُ دهْرِي *** فصَارَ أمْرِي ككل فان


    المعانات بالنسبة للإنسان الواعي تجعل الحزن يستولي على مشاعره فيعيش الندم و يتذكر كل أفعاله التي أوصلته إلى حالته تلك و يعمل جاهدا على تقويم نفسه و تهذيب سلوكه بالإعتراف أولا بأعماله المشينة ثم بالإقلاع عنها و تعويضها بخير منها وهي مجاهدة مريرة تأخذ من الإنسان الوقت و الجهد الفكري و الجسدي حتى يستطيع تجاوز نفسه و ردعها عن غيها و التحكم في ميولها

    و مجاهدة النفس تثمر معرفة بها و وعيا تدريجيا بما هي عليه و بما يجب أن تكون عليه فالإعتراف هو سيد الأدلة على النفس لأنه يجعلها أمام صورتها القبيحة و في المقابل يضع أمامها صورتها الجميلة إذا ما أراد الإنسان أن يقتنع بها و يسعى إلى إكتسابها لهذا نجد هذا السيل من الإعترافات و كأن الشاعر يجلد نفسه لكنه في الحقيقة وعي بمعاناته و أسبابها التي خلفت له هذا الحزن و الأسى و الذي إقترن به دون قران و لايتقشع عنه حتي يدرك و يسبر اغوار نفسه و كل ما خفي في طياتها و أحتفظت به ليوم غفلة
    و هذا الوعي بالحقيقة يفتح للإنسان بابا آخر ألا وهو مآله المحتوم في يوم تنشر فيه الصحف و تقرأ على الملآ فالشاعر يفتح عينا على ما بنفسه و أخرى على مآلها و بين هذا و ذاك يبقى له إختيار و سلوك طريق الخلاص

    و هنا لا بد له أن يعيش مقام الفناء والذي هو نفي و إثبات و كأن أرضه تضيق عليه لتتسع و يمرض ليصح و يحزن ليفرح فتصبح له نظرة أخرى للأشياء ليست كما كانت عليه فتتغير المفاهيم و تتجلى على حقيقتها فيعيش الفناء و البقاء الموت و الحياة
    و للصوفية مفاهيم فلسفية وجودية خاصة فالفناء هو الموت المعنوى بمعنى تموت في السالك الدنيا و ملذاتها و لا يقتني منها إلى ما يقيم أوده مع بعض الضروريات الملحة حتى يحافظ على حياته و يتخلص من عالم الرسوم المغذية للخيال حتى لا تثبت فيه إلا الحقيقة فهو موت الصورة قبل موت الجسد

    يتبع

  • منجية بن صالح
    عضو الملتقى
    • 03-11-2009
    • 2119

    #2


    نسيت صبرا لبست كِبرا
    *** فليت قبرا إذًا حواني

    يا صاحبيّ لقيت بأسا***ملئت يأسا و اليأس شاني

    فسِرتُ و الحزْنُ في وِفاق***إلى اقتران بلا قران

    رأيْتُ ذنبي قد عمّ كتبي*** والمَلكيْن يدوّنان

    فالويل مما سيَكتبان ****والويل لما سيسْألاَن

    سهرت ليلاً سفحْت سيْلاً***رجوْت أن سوفَ يمهِلاني

    يا صاحبيَّ تضيقُ أرْضي*** وزادَ مرْضِي ممّا أتاني

    فالشجو بادٍ و القلْبُ صادٍ
    ***و الجسمُ غادٍ إلى التفاني

    فلسفة الموت و الحياة هي نقطة أساسية في القصيدة فهي مرحلة تتعايش مع الشاعر و في النص حتى كأنه يموت ليحيا و يحيا ليموت و الحياة هنا غير التي نعرفها فالمعرفة في حد ذاتها هي الحياة و البعد عن الفطرة هو الموت فالوعي بوجود الإنسان و برسالته و إستخلافه في الأرض هو الحياة و غير ذلك هو موت معنوي يسحب الإنسان إلى عالم الحيوان و النبات و الجماد هكذا نرى أن كلما زاد الوعي كلما كثرت معانات الإنسان لتضمحل بعدها شيئا فشيئا و يرتقي بإنسانيته على مدارج المعرفة بنفسه و بالله
    ليس للإنسان قدرة على هذا الترقي فلا بد له أن يتمسك بحول الله و قوته حتى يأخذ بيده و تشمله الرحمة
    فبعد الإعتراف تأتي التوبة و الأوبة إلى الله تعالى و التمسك بحبله المتين فهو الشاهد وهو المنقذ من الضلال

    و ترتقي بنا القصيدة و كأنها سالك يخوض غمار التجربة و يتدرج على سلم المعرفة فتتجلى الحقيقة وهي معرفة بها و بوجود الإنسان و الكون و مهمة كليهما في الحياة و التي يمكن أن يعيشها الإنسان وهو يلاحق السراب أو يعيشها وهو يلاحق الحقيقة و التي تتكشف له كلما سار في طريقها و كابد المشقة و صبر عليها
    و تستنير القصيدة أمام ناظري القاريء لها و كأنها تغمرنا بنورها و تبشرنا بالخلاص من المعاني الفاسدة التي كانت تكبل النفس و بالتوصل إلى معرفة حقيقة الوجود وهذه المعرفة لا تكون إلا بالقلب الذي تفتحت عين بصيرته فأصبح يفقه عن الله تعالى و ينعم بقربه ليرتوي من حوض المعرفة الذي لا ينضب و الحب الذي لا يفنى فما يفنى هو الصور و الرسوم الدنيوية و التي تكون السبب في البعد عن الله لتشبث الإنسان بها و هذا القرب يثمر طاعة و سمعا و بصرا وهي أدوات الحقيقة التي لا تُستَشف إلابها وهي تابعة للقلب تفقه عن الله تعالى من غير تقليد أو تبعية لأحد

    رجوْت ربّي تخفيفَ ذنبِي *** وقد أتاني الذي شفَاني

    قلبي المعنّى أصابَ معنَى ***فيا جَمَال الذي أتَاني

    النور يهِمي وزادَ فهمِي ***وقد سمعْتُ الذي دعَاني

    وفاض وجْدِي وطال سجْدي *** وكانَ جهدي بمن لَحَاني

    الظهر حان و الذكر حاني*** وقد سقاني الذي قَرَانِي

    قلبي العليلُ ذوَى هُيامًا*** واللفْظُ هامَ ومَا كفَانِي

    الآن ذبْتُ وقد فنيْت و العشْقُ*** موْتٌ قد اعترَاني




    و تنتهي القصيدة على مشهد عشق و هيام تتلاحق فيه الصور فتجعلنا نعيش الموت و الحياة في نفس الوقت الفناء و البقاء الذنب و المغفرة النور و الظلمة و نعيش حركية غريبة نتنقل فيها بين عالمي الغيب و الشهادة وهي ليست حركة عضوية لكنها فكرية مدركة لها تواصل شفيف بين الوعي و الاوعي و كأن الحياة تأتي من أعماق الإنسان لتتواصل مع المحيط الخارجي فتتطابق معه و تحي مواته
    يكتنف القصيدة عالم من الظلمة و النور و كأنهما منفصلين متصلين لا نستطيع تحديد حدودهما فتارة يتداخلان و أخري تشعر كأنهما إنفصلا ليتصلا من جديد من غير أن نقدر على تتبع حركتيهما و لا تحديد زمان و مكان الإنفصال

    فالحركة الفكرية في الإنسان تتطابق و تتواصل مع الحركة العضوية فلا نستطيع أن نحددها أهي داخلنا أم خارجنا أم هي الإثنان معا و هذا ما يجعل الحركة في النص تلازم الكلمة في معناها و مبناها لتتواصل مع فكر المتلقي وتجعله يسعى وراء الشاعر و كأنه يطوف معه في و حول عالمه الذي يعيش فيه بخيال قلبه و فكره وكيانه ليوحدهم و يوحد بهم خالقه و يعزف لنا سنفونية الحياة و الموت المرتبطة بعالم الظلمة و النور و الذي تتلاشى فيه كل الرسوم ليتخلق الإنسان من جديد و يعيش مخاض الولادة الثانية فهي تحي فيه معانيه الفطرية و التي عاشت مطموسة مشوهة السمات معاقة الحواس و الحركة بعيدة كل البعد عن إدراك كنه الحقيقة الربانية

    فبداية النص كانت تحاكي منطق الخيال و ترسم معالمه و ما يسببه من معانات و ألم و نهايته كانت التماهي مع الحقيقة و التواصل معها وجوديا لتثمر حبا و عشقا و هياما بالمحبوب
    هذه القراءة تأسرك و تأخذك في طوافها حول معانيها إلى ما وراء عقل المادة و الرسوم إلى عالم معاني الظلمة و النور لنتنقل بين أطياف لا نرى معالمها لكننا نستشعرها بالحاسة السادسة و بنبض القلب فهي موجودة مفقودة فاعلة و خاملة نعيشها في هذا العالم المادي على أنها اضداد لكنها في عالمها الأصلي تتكامل لتتطابق فكل منها يأدي دوره دون أن يبغي أحدهم على الآخر لأن حقيقة وجوده تجعله مسخر لما خلق له

    و في الختام أقول أن القصيدة لها ثراء و خصوبة تجعل القاريء يعيش مخاض الولادة لأنها تفتح أبواب عالم يعلم ما فيه جيدا من خاض التجربة الصوفية فتتوالد الصور في فكر المتلقي و تجعله يلج هذا الفضاء ليتعرف عليه على مستوى المفردات فيجد نفسه فيه و لا نستطيع التواصل المُدرَك مع القصيدة حتى نتمثل أبعادها الثلاثة :

    البعد الأول يتمثل في إحساس الشاعر باللحظة التي وعى فيها بمعاناته وهو حاضره و الذي له إمتدادات راسخة في الماضي وهي عبارة عن جذور تتغذى من موروث إنساني حضاري ثقافي فالوعي الأول بالمعاناة يثمر وعيا آخر بالأسباب و هنا تتكشف له حقيقة وجوده كيف كان ماضيه و ما هو عليه حاضره ووعي ثالث بمآله فعندما تكتمل الرسوم على لوحة حياته و مسارها ماضي حاضر مستقبل تتجلى له الحلول في أبهى معانيها فتجده يتنقل بين الألم و الأخذ بالأسباب و الأمل في التوصل إلى خلاص ينقذه من الهلاك في الدنيا و ألآخرة

    البعد الثاني يتمثل في علاقة الإنسان بالزمان فتصبح لحظة حاضره هي المحددة لحياته المعنوية فكأنها إختزال للماضي و الحاضر و المستقبل فينتفي الزمان و لا تبقى إلا الثانية التي يعيشها بكل كيانه في علاقة وطيدة مع نفسه و روحه و قلبه مع خالقه فبعد أن كانت الحركة أفقية تصبح عمودية تتواصل فيها الأرض بالسماء في بحث محموم عن الهوية الإنسانية و عن الخصوصية الذاتية و التي هي أمانته و رسالته التي تعهد بأدائها أمام خالقه

    و نأتي إلى البعد الثالث وهو الأهم بالنسبة للقاريء تسحبنا القصيدة إلى عالم آخر غير معروف له مقاييس أخرى نجهل الكثير منها أو لا نعطيها أهمية لأن العقل المادي غير قادر على إستيعاب ما في عالم الغيب و لا يعترف إلا بالأشياء التي يدركها بحواسه الخمسة

    و القصيدة تضعنا أمام نقاط إستفهام كثيرة لم ندرك وجودها من قبل ربما لقصور معرفي أو جهل أو عدم خبرة أو كبر يجعلنا نتصور أننا كاملين مكملين بالعقل و الرشد
    هذا البعد الثالث هو الثمرة التي نجنيها من القراءة لأنها تضعنا أمام أنفسنا أولا ثم أمام أبواب موصدة و تطالبنا بفتحها بمعرفتنا و التي تكون في أغلب الأحيان قاصرة فنتجه للبحث و التنقيب على معلومات تكون أجوبة وافية و ضافية تروي عطشنا و يكون فيها إشباع لطموحنا وهو نوع من الإستفزاز للفكر الذي ينشطه ويجعل له طاقة متجددة تستخرج أجمل ما فيه وهو ما نسميه إبداع

    لقد كتب الشاعر هذه القصيدة تحت إستفزاز حال جعله يتجاوز نفسه و التي هي سبب معاناته ليغوص في أعماقه بحثا عن حقيقة تروي عطشه و تزيل ما يكابده من ألم فكانت حقيقته هي التي تجلت له بجمالها و قبحها بنورها و ظلمتها فبقدر ما عاش الجفاء و الوجع عاش الحب و العشق و الهيام و تتكامل الأضداد في نفس الشاعر ليعيش السعادة...... إذا هذا الشعور الرائع و الذي نبحث عنه في محيطنا الخارجي في عالم المادة هو موجود في أعماقنا ينتظر منا أن نلبس بدلة الغوص لنحتضن وجوده
    هذا الفكر و نقاط إستفهام أخرى عديدة يضعك الشاعر أمامها فتصبح و كأنك طفل تجلس لأول مرة على مقاعد الدراسة
    وهو ما أسميه البعد الثالث و الذي إن تجاهلنا وجوده فقدت القراءة خصوبتها و الطموح تواصله و العطش ماءه و الفكر إبداعه فكأن للنص جذورا تمتد منه لتمتطي وجودك و تنبت في أرضك تزهر ثم تعطي ثمارها بإذن ربها فللفكر طاقة تمتد من الكاتب إلى المتلقي لتتفاعل معه و فيه فيكون للكاتب و القاريء تواصل بناء و تكامل مثمر.

    إستمتعت بهذه القراءة التي كانت فسحة في رحاب الكلمة و فضاء المعني و الذي تفقد فيه الجاذبية الأرضية مفعولها و تجعلك تتحرر من قيودها لتنطلق و تعيش للحظات معدودة حرية الحركة بالفكر و الروح و القلب في إنطلاقة موحدة نحو المطلق


    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    تعليق

    • نجيةيوسف
      أديب وكاتب
      • 27-10-2008
      • 2682

      #3

      [align=center]
      غاليتي منجية

      زيارتي الأولى للتحية ، ولي عودة إن شاء الله لأعيش معك ما تجلى لروحك منها في هذه الدراسة .

      سأعود بإذن الله فجمال الغوص في الفكر والجمال يدعو القارئ ليعيش لحظة تجلٍ كم يحتاجها .

      تحياتي وصادق صادق ودي وتقديري ، وكل ما لا تتسعه الدنيا من ورد لقلبك الجميل .


      دومي بخير أبدا
      [/align]


      sigpic


      كلماتنا أرواحنا تهمي على السطر

      تعليق

      • منجية بن صالح
        عضو الملتقى
        • 03-11-2009
        • 2119

        #4
        [align=center]السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

        الأخت الغالية نجية

        يتسع لك قلبي قبل صفحاتي فأنت رفيقة إسمي و صديقة رسمي
        سعيدة أنا بوجودك وبمصافحك لما خطه قلمي
        لك من الود حتى ترضين و من المحبة ما تعلمين
        [/align]

        تعليق

        • سليمى السرايري
          مدير عام/رئيس ق.أدب وفنون
          • 08-01-2010
          • 13572

          #5

          [align=center][table1="width:95%;background-image:url('http://www.wata.cc/up/uploads/images/w-4cba786cc0.gif');background-color:black;"][cell="filter:;"]
          [align=center][align=center][table1="width:95%;background-image:url('http://www.wata.cc/up/uploads/images/w-4cba786cc0.gif');border:2px groove orange;"][cell="filter:;"][align=center][align=center][table1="width:85%;background-image:url('http://www.wata.cc/up/uploads/images/w-93509fddd2.gif');background-color:black;border:2px groove orange;"][cell="filter:;"][align=right]
          [/align][/cell][/table1][/align][/align][/cell][/table1][/align][/align]
          [align=center][align=center][table1="width:95%;background-image:url('http://www.wata.cc/up/uploads/images/w-4cba786cc0.gif');border:2px groove orange;"][cell="filter:;"][align=center][align=center][table1="width:85%;background-image:url('http://www.wata.cc/up/uploads/images/w-93509fddd2.gif');background-color:black;border:2px groove orange;"][cell="filter:;"][align=right]



          منجيّة
          غاليتي


          جميلة أنت في هذه القراءة
          دائما تنثرين الفرح وكأنّك طفلة من السّماء.

          شكرا لقلب يتّسع الأفق

          ~~~
          سليمى




          [/align][/cell][/table1][/align][/align][/cell][/table1][/align][/align]
          [align=center][align=center][table1="width:95%;background-image:url('http://www.wata.cc/up/uploads/images/w-4cba786cc0.gif');border:2px groove orange;"][cell="filter:;"][align=center][align=center][table1="width:85%;background-image:url('http://www.wata.cc/up/uploads/images/w-93509fddd2.gif');background-color:black;border:2px groove orange;"][cell="filter:;"][align=right]

          شكرا منجية بن صالح



          [/align][/cell][/table1][/align][/align][/cell][/table1][/align][/align][/cell][/table1][/align]


          التعديل الأخير تم بواسطة سليمى السرايري; الساعة 06-12-2010, 02:39.
          لا تلمني لو صار جسدي فاكهة للفصول

          تعليق

          • توفيق صغير
            أديب وكاتب
            • 20-07-2010
            • 756

            #6
            [gdwl]
            بسم الله الرحمن الرحيم
            السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

            أختي الغالية : منجية

            أراكِ تحُثِّينَ الخطْوَ نحْوَ نحْتِ عبَاءَةٍ جدِيدَةٍ تسُرُّ النَّاظِرَ، لم تُعْلِني قط أنَّكِ تكتُبينَ نقْدًا بل قرَاءَةً ثانيَةً وهذَا أصْدَقُ ... إطلالتُك اليَوْمَ ستكُونُ في مُسْتَوَى الأولىَ أو أكنَزُ لأنَّ حاجِزَ الرَّهبَةِ قدْ باتَ مِهَادًا ومدْرَسَتُكِ الجدِيدَةَ سيكُونُ لهَا ولا شَكَّ مُرْتادِينَ كُثُرٌ ..

            شكرَ الله لك سعيَ "الوشَاية" بمناقبِ بعض النُّصُوص المقبُورَةِ هههه وإلىَ قراءَةٍ جدِيدَةٍ.

            [/gdwl]
            [frame="11 98"][type=283243][align=center]لنعْضُدْ ضَادَنَا[/align][/type][/frame]

            تعليق

            • حسين ليشوري
              طويلب علم، مستشار أدبي.
              • 06-12-2008
              • 8016

              #7
              قراءة في قراءة.

              قراءة في قراءة.
              الله المستعان، الله الكريم المنان.
              و السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته.

              [align=justify]
              "قراءة رائقة من كاتبة رائعة" هذا ما خرجت به من انطباع بعد قراءة ما كتبته أختنا منجية، و أنا هنا لا أخاطب "القارئة" نفسها ولكنني أخاطب القراء و كـأنها غائبة و هي الحاضرة، إنها الثنائية التي أبرزتها الكاتبة من خلال قراءتها لقصيدة الشاعر "منير الرقي" و الذي أغفلت تعريفنا به، الثنائية المازجة بين المتناقضين و قد عدّدت الكاتبة الأمثلة عنها.
              تخلل النص، نص المقالة، تعابير صوفية كثيرة تنم عن اتصال الكاتبة بهذا العالم الجميل و النبيل و ... الخطير في الوقت نفسه لأنه يوظف تعابير و مصطلحات لا يدركها كثير من الناس فتوقعهم في اللبس و الوهم والحيرة و حتى الضلال، و فيها حديث عن التخلية و التحلية، و إن من طرف خفي، و هما ديدن المتصوفة في كل زمان و مكان.
              كما أن النص يُعْلِمُنا بوضوح أن كاتبته ليست كالكاتبات و أن كلماته ليست كالكلمات، و هو يشدُّ قارئه لنَفَسه المسترسل و إيقاعه المتزن و روحه المنورة و صدقه التام، الصدق الذي نلمسه في حرص الكاتبة على إيصال ما تريد قوله لنا و إن على حساب اللغة، مفردات و تراكيب، فقد تخللت المقالة أخطاء لغوية، إملائية و تعبيرية، كثيرة قللت من بهائها و دللت على أن كاتبتها تسرعت في النشر قبل تصحيحها و تمحيصها، و خلو المقالة تماما من علامات الترقيم (الفاصلة و النقطة و غيرهما ...) يصعِّب متابعةَ أفكارها بالتسلسل المنطقي.
              ثم إن المقالة خانتها إقامة الدليل المباشر على الاستنتاج، فقد أرسلت الكاتبة قلمها في الوصف و التحليل العام للقصيدة دون الاتيان بالتعليل المفصل و الأمثلة الدقيقة المبيِّنة لاستنتاجاتها، تماما كما أفعل أنا هنا، لقد عرضتْ مقاطع كاملة من القصيدة و غاصت في قراءتها وخرجت بآراء و أحكام مرسلة لم تأت لها بدليل من النص المدروس ذاته، و هذا ما يسمح لنا بأن نقول إن قراءة الكاتبة قراءة ذوقية عاطفية، أو هي صوفية روحانية كما سيروق لكاتبتنا قوله على ما أحسب.
              شخصيا، استمتعت بقراءة ما دبجته أختنا منجية و إن لم يعجبني تسرعها في النشر قبل تصحيح مقالتها وتمحيصها.
              و في الختام، أريد، و بكل إصرار، ألا أعتذر إلى أختنا الفاضلة منجية عن "نقدي" لما كتبتُه هنا لأنني أعلم تماما أنها كاتبة ليست كالكاتبات اللائي أعتدنا القراءة لهن، إلا من رحم الله، و اللائي لا يعجبهن النقد الصريح الصادق و اللائي يغررهن الثناء الكاذب المتملق على حساب المعرفة و الأدب نفسه، و أختنا منجية ليست من هذا الصنف من "الكاتبات" (؟!!!) فهي كاتبة ناضجة و عاقلة و متزنة نفسيا و أدبيا، أنا أعلم علم اليقين أن أختنا منجية باحثة عن الحقيقة، بالمفهوم الصوفي كما أشارت إليه في مقالتها الممتازة، و لذا سيقع "نقدي" عندها موقع القبول، كما أرجوها أن تعيد النظر في مقالتها فتصحح الأخطاء، شكلا و مضمونا، و لي قائمة عنها سأوردها لاحقا إن شاء الله تعالى.
              [/align]

              تحيتي و تقديري لك أختي الفاضلة منجية !
              (ها أنا أخاطبك تصريحا بعدما خاطبتك تلميحا).
              حُسين.
              sigpic
              (رسم نور الدين محساس)
              (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

              "القلم المعاند"
              (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
              "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
              و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

              تعليق

              • منجية بن صالح
                عضو الملتقى
                • 03-11-2009
                • 2119

                #8
                السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

                الأخت العزيزة سليمى

                أسعدتني قراءتك لمقالتي فلكلماتك وقع جميل
                فلك كل الود و التحية

                تعليق

                • منجية بن صالح
                  عضو الملتقى
                  • 03-11-2009
                  • 2119

                  #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة توفيق صغير مشاهدة المشاركة
                  [gdwl]
                  بسم الله الرحمن الرحيم
                  السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

                  أختي الغالية : منجية

                  أراكِ تحُثِّينَ الخطْوَ نحْوَ نحْتِ عبَاءَةٍ جدِيدَةٍ تسُرُّ النَّاظِرَ، لم تُعْلِني قط أنَّكِ تكتُبينَ نقْدًا بل قرَاءَةً ثانيَةً وهذَا أصْدَقُ ... إطلالتُك اليَوْمَ ستكُونُ في مُسْتَوَى الأولىَ أو أكنَزُ لأنَّ حاجِزَ الرَّهبَةِ قدْ باتَ مِهَادًا ومدْرَسَتُكِ الجدِيدَةَ سيكُونُ لهَا ولا شَكَّ مُرْتادِينَ كُثُرٌ ..

                  شكرَ الله لك سعيَ "الوشَاية" بمناقبِ بعض النُّصُوص المقبُورَةِ هههه وإلىَ قراءَةٍ جدِيدَةٍ.

                  [/gdwl]
                  الأخ الفنان توفيق صغير

                  لكلماتك و ملاحظاتك مذاق آخر أنتظر دائما مرورك العطر حتى أسعد بردودك على مواضيع كتاب الملتقى فلحرفك ميزة خاصة فهو يحمل دائما في طياته توقيع الفنان المتألق توفيق صغير
                  فلك كل الإحترام و التقدير

                  تعليق

                  • منجية بن صالح
                    عضو الملتقى
                    • 03-11-2009
                    • 2119

                    #10
                    المشاركة الأصلية بواسطة حسين ليشوري مشاهدة المشاركة
                    قراءة في قراءة.
                    الله المستعان، الله الكريم المنان.
                    و السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته.

                    [align=justify]
                    "قراءة رائقة من كاتبة رائعة" هذا ما خرجت به من انطباع بعد قراءة ما كتبته أختنا منجية، و أنا هنا لا أخاطب "القارئة" نفسها ولكنني أخاطب القراء و كـأنها غائبة و هي الحاضرة، إنها الثنائية التي أبرزتها الكاتبة من خلال قراءتها لقصيدة الشاعر "منير الرقي" و الذي أغفلت تعريفنا به، الثنائية المازجة بين المتناقضين و قد عدّدت الكاتبة الأمثلة عنها.
                    تخلل النص، نص المقالة، تعابير صوفية كثيرة تنم عن اتصال الكاتبة بهذا العالم الجميل و النبيل و ... الخطير في الوقت نفسه لأنه يوظف تعابير و مصطلحات لا يدركها كثير من الناس فتوقعهم في اللبس و الوهم والحيرة و حتى الضلال، و فيها حديث عن التخلية و التحلية، و إن من طرف خفي، و هما ديدن المتصوفة في كل زمان و مكان.
                    كما أن النص يُعْلِمُنا بوضوح أن كاتبته ليست كالكاتبات و أن كلماته ليست كالكلمات، و هو يشدُّ قارئه لنَفَسه المسترسل و إيقاعه المتزن و روحه المنورة و صدقه التام، الصدق الذي نلمسه في حرص الكاتبة على إيصال ما تريد قوله لنا و إن على حساب اللغة، مفردات و تراكيب، فقد تخللت المقالة أخطاء لغوية، إملائية و تعبيرية، كثيرة قللت من بهائها و دللت على أن كاتبتها تسرعت في النشر قبل تصحيحها و تمحيصها، و خلو المقالة تماما من علامات الترقيم (الفاصلة و النقطة و غيرهما ...) يصعِّب متابعةَ أفكارها بالتسلسل المنطقي.
                    ثم إن المقالة خانتها إقامة الدليل المباشر على الاستنتاج، فقد أرسلت الكاتبة قلمها في الوصف و التحليل العام للقصيدة دون الاتيان بالتعليل المفصل و الأمثلة الدقيقة المبيِّنة لاستنتاجاتها، تماما كما أفعل أنا هنا، لقد عرضتْ مقاطع كاملة من القصيدة و غاصت في قراءتها وخرجت بآراء و أحكام مرسلة لم تأت لها بدليل من النص المدروس ذاته، و هذا ما يسمح لنا بأن نقول إن قراءة الكاتبة قراءة ذوقية عاطفية، أو هي صوفية روحانية كما سيروق لكاتبتنا قوله على ما أحسب.
                    شخصيا، استمتعت بقراءة ما دبجته أختنا منجية و إن لم يعجبني تسرعها في النشر قبل تصحيح مقالتها وتمحيصها.
                    و في الختام، أريد، و بكل إصرار، ألا أعتذر إلى أختنا الفاضلة منجية عن "نقدي" لما كتبتُه هنا لأنني أعلم تماما أنها كاتبة ليست كالكاتبات اللائي أعتدنا القراءة لهن، إلا من رحم الله، و اللائي لا يعجبهن النقد الصريح الصادق و اللائي يغررهن الثناء الكاذب المتملق على حساب المعرفة و الأدب نفسه، و أختنا منجية ليست من هذا الصنف من "الكاتبات" (؟!!!) فهي كاتبة ناضجة و عاقلة و متزنة نفسيا و أدبيا، أنا أعلم علم اليقين أن أختنا منجية باحثة عن الحقيقة، بالمفهوم الصوفي كما أشارت إليه في مقالتها الممتازة، و لذا سيقع "نقدي" عندها موقع القبول، كما أرجوها أن تعيد النظر في مقالتها فتصحح الأخطاء، شكلا و مضمونا، و لي قائمة عنها سأوردها لاحقا إن شاء الله تعالى.
                    [/align]

                    تحيتي و تقديري لك أختي الفاضلة منجية !
                    (ها أنا أخاطبك تصريحا بعدما خاطبتك تلميحا).
                    حُسين.
                    أستاذي القدير حسين ليشوري

                    أنا ممنونة لردك الجميل و المفيد وأنت لا تدري كم أستفيد من ردودك و حتى و إن كانت على مواضيع ليست لي فجزاك الله كل خير فأنا طالبة أمام أستاذها و الذي تكن له كل التقدير و الإحترام و ما وجودي بينكم إلى للتعلم من هذه النخبة الراقية من الأدباء و اللغويين و الشعراء و لو كنت أريد الإطراء لذهبت إليه أين ما وجد

                    فأنت محق في كل ما قلته فنحن الكتاب الصغار في حاجة لمن يساندنا ماديا بكشف أخطائنا حتى نتعلم منها و بتشجيعنا على سلوك طريق الكتابة السليم على مستوى المعنى و المبنى و هذا هو ما أنتظره من أستاتذة أفاضل أكن لهم كل التقدير و الإحترام

                    و أسمح لي أستاذي الكريم أن أجيب على بعض ما تفضلت به من إستفسارات
                    - الشاعر منير الرقي لا أعرف عنه سوى أنه شاعر من الجنوب التونسي نشر قصيدته في منتدى القصيدة و له عدة قصائد منشورة في نفس الموقع و في مواقع أخرى
                    - ما أقدمه من قراءة هو إحساس بالكلمة و المعنى و ما يوحي به عند القراءة فكأني أتحاور مع القصيدة حتى تبوح لي بما أراد الشاعر أن يفضي به إليها من مشاعر فكما قلت أستاذي هي قراءة ذوقية لا تحتاج إلى تعليل و لا أمثلة و ما أقدمه ليس نقدا و لا شرحا للقصيدة بل هو محاولة مني للغوص في باطنها و إدراك معانيها الخفية دون أن أخرج عن النص

                    أستاذي الفاضل مرحبا بمراجعتك للنص و سوف أكون فعلا محظوظة بذلك و شاكرة لك معروفك و أعدك أني في المرة القادمة سأحاول جاهدة إتباع نصائحك
                    لك كل الود و الورد الذي تستحقه

                    تعليق

                    • حسين ليشوري
                      طويلب علم، مستشار أدبي.
                      • 06-12-2008
                      • 8016

                      #11
                      المشاركة الأصلية بواسطة منجية بن صالح مشاهدة المشاركة
                      أستاذي القدير حسين ليشوري

                      أنا ممنونة لردك الجميل و المفيد وأنت لا تدري كم أستفيد من ردودك و حتى و إن كانت على مواضيع ليست لي فجزاك الله كل خير فأنا طالبة أمام أستاذها و الذي تكن له كل التقدير و الإحترام و ما وجودي بينكم إلى للتعلم من هذه النخبة الراقية من الأدباء و اللغويين و الشعراء و لو كنت أريد الإطراء لذهبت إليه أين ما وجد
                      فأنت محق في كل ما قلته فنحن الكتاب الصغار في حاجة لمن يساندنا ماديا بكشف أخطائنا حتى نتعلم منها و بتشجيعنا على سلوك طريق الكتابة السليم على مستوى المعنى و المبنى و هذا هو ما أنتظره من أستاتذة أفاضل أكن لهم كل التقدير و الإحترام
                      و أسمح لي أستاذي الكريم أن أجيب على بعض ما تفضلت به من إستفسارات
                      - الشاعر منير الرقي لا أعرف عنه سوى أنه شاعر من الجنوب التونسي نشر قصيدته في منتدى القصيدة و له عدة قصائد منشورة في نفس الموقع و في مواقع أخرى
                      - ما أقدمه من قراءة هو إحساس بالكلمة و المعنى و ما يوحي به عند القراءة فكأني أتحاور مع القصيدة حتى تبوح لي بما أراد الشاعر أن يفضي به إليها من مشاعر فكما قلت أستاذي هي قراءة ذوقية لا تحتاج إلى تعليل و لا أمثلة و ما أقدمه ليس نقدا و لا شرحا للقصيدة بل هو محاولة مني للغوص في باطنها و إدراك معانيها الخفية دون أن أخرج عن النص
                      أستاذي الفاضل مرحبا بمراجعتك للنص و سوف أكون فعلا محظوظة بذلك و شاكرة لك معروفك و أعدك أني في المرة القادمة سأحاول جاهدة إتباع نصائحك
                      لك كل الود و الورد الذي تستحقه
                      أختي الفاضلة منجية، أم رفيق، المحترمة.
                      أسعد الله أيامك بكل خير و أفضله رضا الله سبحانه و تعالى عنك في الدنيا والآخرة،
                      اللهم آمين يا رب العالمين.
                      لقد أحرجتني بإطرائك الكبير لشخصي الصغير و الله، فما أنا إلا طويلب علم ضئيييييييييل لا أساوي شيئا بجانب الأساتيذ العظماء الموجودين معنا هنا في الملتقى و كل ما أبتغيه هو الاستفادة من علمهم و ثقافتهم و معرفتهم، هذا من جهة، و من جهة أخرى، لعلك لا تدرين مدى سعادتي بردك الكريم على تعليقي السابق، وقد صدق ظني بك، بارك الله فيك، كما فرحت به لأنه جاء درسا في التواضع و قبول النقد و إن كان قاسيا نواعا ما لعله يفيد بعض المغرورين من "الكتاب" الذين يرفضون النقد و لا يرضون إلا بمن يمدحهم و يربت على أكاتفهم و هم المبدعون في التفاهة و المتقنون للرداءة، و لله في خلقه شؤون، و الجنون فنون كما أن بعض الفنون جنون !
                      فيما يلي صورة الشاعر و المترجم التونسي منير الرقي (42 سنة، من مواليد 1968 بقفصة):

                      و هو عنصر نشيط في كثير من المنتديات الثقافية العربية و له عدد من الترجمات لقصائد كقصيدة "العدو" لبودلير الفرنسي و غيرها.
                      تحيتي و تقديري و امتناني.
                      دمت على التواصل البناء الذي يغني و لا يلغي.
                      حُسين.
                      sigpic
                      (رسم نور الدين محساس)
                      (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

                      "القلم المعاند"
                      (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
                      "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
                      و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

                      تعليق

                      • منير الرقي
                        عضو الملتقى
                        • 26-07-2010
                        • 191

                        #12
                        مîêي çلٍْيٍé منىيé
                        ل‏ï مîىلêني èهًه çل‏ٌçلé çلêي ىْلê مèيçêي çلمêçوِْé َّوٌç من نوٌ
                        و لكم ôٌْê èçلَْçïé و çنç مّçلْ هًç çلىهï çلىèçٌ çلًي مîٌى çل‏ُيïé من م‏èٌé çلنَيçن.
                        مîêي منىيé ليَ ‎ي çل‎ن مٌوْ من êىٌèé يûوُ ‎يهç çلهنَçن ‎ي ïوçîل ًçêه يَçولهç و يَê‏ٌو îيçٌçêهç çلوىوïيé. و مٌçك ‏ï ولىê هلى مْçني çل‏ُيïé èكëيٌ من çل‎هم و çلٌ‏ي.
                        èوٌكê و èوٌك يٌ‎ك çلنèيل.
                        ê‏èلي مîêي âيçê وïي وçيêٌçمي.

                        تعليق

                        • خالدالبار
                          عضو الملتقى
                          • 24-07-2009
                          • 2130

                          #13
                          للـحـرف لـحـنُ قــد أتــاكَ مـغــردا
                          يشجـي السحـابَ بلحنـهِ متـوددا
                          فدعِ الزهورَ لنفـحِ حرفـك نسمـةً
                          أو بسمـةً لرسـولِ شـوقٍ منشـدا
                          مع امتع السمرعلى ضوء القمر
                          شكري واعجابي
                          أخالد كم أزحت الغل مني
                          وهذبّت القصائد بالتغني

                          أشبهكَ الحمامة في سلام
                          أيا رمز المحبة فقت َ ظني
                          (ظميان غدير)

                          تعليق

                          • منجية بن صالح
                            عضو الملتقى
                            • 03-11-2009
                            • 2119

                            #14
                            المشاركة الأصلية بواسطة خالدالبار مشاهدة المشاركة
                            للـحـرف لـحـنُ قــد أتــاكَ مـغــردا
                            يشجـي السحـابَ بلحنـهِ متـوددا
                            فدعِ الزهورَ لنفـحِ حرفـك نسمـةً
                            أو بسمـةً لرسـولِ شـوقٍ منشـدا
                            مع امتع السمرعلى ضوء القمر
                            شكري واعجابي

                            شاعرنا خالد البار

                            كلمات رقيقة و راقية ألف شكر
                            و سعيدة بقراءتك و بتتبعك ما أنشر
                            كل التحية و التقدير

                            تعليق

                            يعمل...
                            X