القصيدة قــــراءة و كلمــــة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • منجية بن صالح
    عضو الملتقى
    • 03-11-2009
    • 2119

    القصيدة قــــراءة و كلمــــة

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    القـصيـدة قــــراءة و كلمــــة


    إن لم تضعنا القراءة أمام دروب مهجورة, لم يسلكها المارة من قبل يصبح السفر عبر ثناياها عقيما, يجعلنا نطوف في حلقة مفرغة, ليس لنا فيها مخرج و تصبح القراءة ليست ذات جدوى و لا ندرك منها غير ظاهرها و تختفي عنا أبعادها و تبتلع السطورُ ما بينها و الكلمات معانيها .

    إن لم يكن النص كسيل جارف , بأخذك إلى أصل موطنه ألا وهو المحيط ,لا يمكن أن نقول أننا فعلا أدركنا معنى أننا أمةً شكلت وجودها الإنساني والحضاري كلمةً كانت, "اقرأ " و التي ـتأخذك إلى عالمها لتفصح لك عن أبعاد أخرى مختلفة لا تخضع لمقاييس ضيقة بل تطوف بك في أرجاء الكون و الطبيعة الإنسانية لتكون لك نظرة شمولية متكاملة ترى من خلالها حقيقتك و حقيقة وجودك.
    أردت من خلال هذه المقدمة أن أقف على أبعاد وضعتني قصيدة "آخر حكايا شهرزاد" أمامها حائرة و متألمة لحالنا , آملة التواصل مع خباياها و التوصل إلى إدراك ما وراء الكلمة و الذي هو معناها. يوحي لك بآخَر في تسلسل عجيب يضعك أمام حقيقة جلية لكنها تخفى عنا لعدم قدرتنا على امتلاك المنطق الذي يفكك رموزها .

    لماذا قصيدة آخر حكايا شهرزاد ؟

    لأنها لامست شيئا نفيسا في داخلي أيقظته و تفاعلت معه فكانت هذه القراءة لقصيدة تناولت العلاقة الزوجية في أسما معانيها و كان الحب هو الرباط المقدس الذي يتواصل به الزوجان.
    و يتبادر إلى الذهن سؤال, هل كانت بين أبونا آدم و أمنا حواء علاقة حب ؟ سؤال يدفعك إلى التأمل لأنه يرجعُك إلى أصلك عندما كنت في ظهر أبيك و أنت في الجنة و يخطر على بالك سؤال آخر, بما أنك كُنت هناك كيف هي الجنة ؟ لقد علَّمنا أبونا آدم الأسماء بعد أن سمعناها منه .هل هي ما نستعمله في خطابنا أم غيرها ؟ و إذا كانت نفسها فقد عرفت الجنة و أدركت ما فيها, فلماذا عندما نزلت إلى الأرض صمتت كشهرزاد في الصباح عن الكلام المباح؟
    و ينفرط عقد الأسئلة التي لا تنتهي في بحث محموم عن أجوبة تروي ظمئنا للمعرفة و إدراك حقيقة غابت عنا و غادرتنا من زمان.

    و أعود إلى السؤال الأول و أقول أن الله تعالى خلق أبونا آدم بحب, و كان في كيانه وجودَ أمنا حواء فهي منه و فيه..... لنتخيل هذا الإحتواء, الذي يتجسد في الأب لللأم .... صورة و لا أروع على مستوى الفكر, و الذي يمكن أن يختزل مفهوم العلاقة الزوجية و يستوعبه بهذا المنطق... و هذا الاحتواء لا يمكن أن يحصُل إلا في جنة عرضها السماوات و الأرض و لا يكون ذلك حتى تقبل الأنثى أن تكون بكل كيانها للأب المنتظر.

    هذه هي العلاقة الزوجية في أسما معانيها فيها الحب يكون تكاملا ليقع الاحتواء لمفاهيم و معاني تكون مشتركة تثمر حبا و تواصلا بناء, ماديا الأبناء, و معنويا أفكارا خلاقة تبدع على مستوى الكلمة و الفعل. أليست هذه هي جنة الأرض و التي يتواجد عليها أبناء مبدعون و فكرا خلاقا على مستوى الكلمة و المنطق و بناء الإنسان و الحضارة ؟ هل يمكننا أن نأمل أقل من قيادة العالم بهذا المنطق ؟
    أما الأسماء, فلا بد أن تكون هي و ليست غيرها لها نفس الاستعمال للكلمة و المعنى لا تفصح عن معانيها و تتواصل حتى تعيش في مناخ قوامه الحب والمنطق الزوجي السليم, و الذي هو احتواء ,تكامل و تواصل بناء يثمر أرقى المعاني و ينتج أروع فكر خلاق لا ترهبه المحن و لا الكوارث, بل يجعل من الضعف المادي قوة فكر, و من قوة السلاح تحد لكل متسلط باغ.

    فللجنة عمل من جنسها فهي جمال يتخلق منه كلَّ شيء, و لا يتوقف عن الإبداع, لأنها خلق بديع السماوات و الأرض و كذلك الكلمة تتوالد لتخصب معنى , فكر , منطق و عمل خلاق , يصمد أمام أعتي الصعوبات, و يفكِّكَها لتتلاشى, و لأنها خُلقت في الجنة فلها مواصفاتها و لها القدرة على التخلق بأخلاق قائلها و المقاومة و الحياة في وجدان الشاعر و المتلقي, كما لها الفعل و الأمر وهي أيضا الفاعل, لها الحال و المقال , فهي تصف حين تريد ذلك, و تشف و ترف لتكون ملائكية تأخذك إلى عالمها المعلومِ منها, المجهول منا, لتكون الكلمة الروح التي تحي و تميت , بأمر ربها , فللكلمات ريح الجنة و عطرَها. فهي لا تتوانى عن التفاعل مع من أحبها و أقام معها علاقة زوجية سليمة احتواها فاستسلمت, و أحبها فأطاعته ,أحياها فأحيته , فكان بينها و بين حبيبها تناغم و انسجام , لا يمكن أن يثمر إلا خلقا جديدا متجددا على مستوى المنطق و الفكر و العمل.

    هكذا هي الكلمة, تنشد حبيبا تتواصل معه, و تبوح له بسرها ومعانيها المتعددة في توحدها, تختزل سر الوجود و الإنسان و لا يكون لها بيان, إلا لمن عشق وجودها و أحتضنها بحب فاحتواها, لتحتويه ليعيشا معا منظومة زوجية أساسها الحب و الصدق و الوفاء, تبوح لك الكلمة فتبوحَ بها و تحمِّلها أعذب المشاعر و تغوص معها في بحر الحب و الجمال لتلامس القاع و تتملى في درره و كنوزه التي تشكل معانيها. تراها بعين بصيرتك, فتعشقها الروح و ينبض القلب بها و لها, تحييك بإذن ربها ,فتحيا.... ويحتضنك نورها, تراها فتهمس لك, و تناجيك , هنا يكون البوح و الإبداع و روح الكلمة التي تحلق في فضائك و تصطحبك معها .

    للكلمة حركة و إشراق له أبعاده التي لا تخضع للزمان و لا للمكان لأنها نزلت مع آدم و حواء, و لم تعرف الغواية طريقها ,فالإنسان هو الذي أستعملها لخدمة هواه و التعبير عن نفسه الملوثة و حمَّلها ما لا تطيق من همومه و أحزانه و أستعملها ليبرر بها أعماله المشينة و إنحرافاته , و تعاملاته اللإنسانية فعرفت الوأد قبل الولادة, والموت قبل الحياة و أصبحت جثة هامدة على قارعة السطر ,تستعملها أقلام المارة في محاولة يائسة لإحياء مواتها ,لكن الله وحده من يحي العظام وهي رميم .

    للكلمة حياة و موت و صمت و بوح فمن رحم الفكرة, تخرج الكلمات, و من رحم المنطق تخرج الفكرة, و من رحم الحياة يكون المنطق ,و في غياب منطق الحياة تموت الكلمات, و يسقط الإبداع في جب يوسف و يُسجَن في زنزانة فرعون فتعيش الكلمة اليتم و يعيش المعنى الحزنَ في صمت, فلا تحيا إلا باستسلام مقوماتها التواصلية لمنطق اللغة و الحياة و التي تشكل جذورها و أصولها الممتدة عبر التاريخ.

    فالمنظومة الزوجية للكلمة لها بنية تحتية تشكل نسيجها, و أخرى إنسانية تفعل وجودها, بمعنى: الفكرة تفصح عن وجودها في تواصل محكم للمفردات و مجموعُها يشكل منطقا متكاملا فلو اختل عنصر من هذه العناصر, فقد المنطق توازنه و فاعليته و أصبح غير ذي جدوى و احتواه الموت .
    و الإنسانية نسيج من أفراد تعيش في منظومة زوجية لتصبح مجموعة تتواصل مع مجموعات أخرى: تتكون العائلة ثم المجتمع فالأمة , لو اختل النظام الزوجي, اختل توازن العائلة و أنفرط عقد المجتمع ليصبح قانون الغاب هو المسيطر, فالفوضى التي عمت اللغة هي نفسها التي عمت المجتمع فاختلال التوازن نجده في المنظومة الزوجية على مستوى الكلمة و المنطق , و على المستوى الإنساني في المجتمع .

    إذا إصلاح ما فسد لا يكون إلا بالرجوع إلى المنظومة الزوجية الآدمية الأولى و إعادة ترسيخ قواعد اللغة السليمة و رتق فتوق نسيجها حتى تستقيم في مبناها و معناها و تكون الكلمة الحية هي أساس الفكرة و المنطق. هكذا يحيا النسيج الاجتماعي, و تستقيم اللغة و يستقيم المنطق ,و يصبح فاعلا و يتوازن به الفكر و السلوك الإنساني.
  • منجية بن صالح
    عضو الملتقى
    • 03-11-2009
    • 2119

    #2


    فالمنظومة الزوجية هي عماد الحياة في الكون بدونها تفقد معناها و المجتمعات مبناها و تتفشى الفوضى لتكون خلاقة للموت قاتلة للحياة .

    فكما يبحث آدم عن حواء لتكون زوجه التي يسكن إليها, يمكن للإنسان أن يبحث عن فكرة , رسالة, هدف يجعله نُصب عينه ليشكل معه و به المعنى الزوجي .
    تحتوينا الفكرة, فنسكن إليها ,تتفاعل معنا, نفعِّل وجودَها فتكون لنا نعم الزوج و الرفيق إذا استطعنا أن نَنتقيها عن دراية و معرفة واعية بوجودها و تعَاملنا معها بحب و نبل و صدق.

    الرجوع إلى أصل الخلق الإنساني يقودنا حتما إلى أصل اللغة و التي هي أسماء وجدت في صلب أبينا آدم و التي لا يمكن أن نتخلى عنها أو نتجاهل وجودها الحي و الفاعل فينا و في الحياة الإنسانية, لأن ذلك يلغي وجودنا المعنوي و قدرَتنا على الخلق و الإبداع على مستوى الفكر و العمل و هذا ما نعيشه و نعبر عنه: بالأزمة السياسية, الثقافية, الاجتماعية ,التعليمية..... فالأزمة قد استفحلت فينا فنحن نعيشَها داخلنا كأشد ما يكون تُخنق الكلمة, فيتدنى مستوى الكتابة و القرَّاء و يتداعى الجسد و يستفحل فيه و يحتويه المرض فعلينا أن نختار زواج المتعة أو الزواج الشرعي و الذي قوامه الحب و الصدق و الإخلاص و الوفاء .

    شهرزاد كانت قصيدة يقصدها كلَّ من أتعبته الكلمات و أرادت الخروج من مَكمنها و الإفصاح عن كنه وجودها أضنتها الوحدة و انعدام التواصل فأدمنت البحث عن رديفتها ,نصفها الآخر للتتواصل معه كما كانت الحكايا, زاد مسافر تجوب الزمان و المكان في رحلة شاقة أشقت الروح و الجسد فتناثرت منه أجملَ الكلمات و المعاني, لتكون بيان الإنسان الفطري , الباحث عن الحب الزوجي و الذي احتوته الكلمة قبل الأنثى, قبل شهرزاد الحكاية , التي حاكت ما اختزلته كلَّ النساء من نسيج كان مصدره أنوثةً لها خصوبة و أمومة ولادة فكان الخلق و الإبداع على الموعد.

    كانت شهرزاد القصيدة حاملا في شهرها الأخير بالحب و الوفاء بالفرح و السعادة فهي حواء الشاعر تنعم معه في جنة المعاني و المباني لتفصح عن نفسها و يكون لها بيان يدركه الإنسان المتكامل مع من أحب .
    و شهرزاد الحكاية هي الأنثى الموءودة المولودة , تنتظر كل صباح , ما تجود به الحكاية حتى تخدع الموت و تختفي من أمامه قبل أن يطالها .هو صراع وجود مرير, تعيشه أنثى زواج المتعة ,لأنه لا يخضع لضوابط و لا قيم بل لأهواء عاصفة لا تدري أين تلقي بها .

    فشهرزاد الأنثى هي نفسها الكلمة والنص و الكتابة, تحكي و تحاكي أجمل أو أقبح ما فينا, لتكون نصفنا الآخر المبدع أو القبيح, الحزين أو السعيد , فالقلم يحرر الكلمة من سجننا الداخلي ليكون النص مرآة عاكسة للأديب و أنثاه الكامنة داخله يبحث عنها وهي فيه يراها خارجه وهي تناجي قلبه وكأنها روحه. و تتحرر الكلمة لتحتوي بياض الصفحات.

    و أقول أن الإبداع أنثى ,لأنها الأرض الولادة و التي حباها الله تعالى بخصوبة الرحم و المشاعر و الفكر ولا يبدع الأديب حتى يستقيم فيه هذا التوازن الإنساني و يرجع إلى أصله الآدمي المختزل بالفكر نصفه الثاني حواء, فهي تعيش داخله علاقة زوجية قوامها الحب و الوفاء و كأنها روحه التي تنير دربه فيمشي فيه عن دراية و معرفة بكل منعرجاته حتى يكون آدم القوام على نفسه و عليها و تكونَ هي الدافع و المحرض على الخلق و الإبداع فهي الفكرة وهو الساعد وهي الكلمة وهو القلم لا يمكن لأحدهما أن يستغنى عن الآخر.

    عند إختلال هذا التوازن الزوجي الداخلي في الإنسان ينتفي الإبداع و يفقد إشعاعه و فاعليته في المجتمع و يصبح وجوده كعدمه و تصبح الكتابة تحاكي الواقع وهو في كثير من الأحيان مرير و مشبع بمآسي العامة و كأنها تفتح أبوابا مفتوحة على حقيقة نعيشها نتألم لها و نقف أمامها لا نحرك ساكنا لعدم قدرتنا على خلق أدوات لمقاومتها و على استيعاب أجمل المشاعر الإنسانية والتي يجسدها هذا الرحيق المختوم في القلب ألا وهو الحب و الذي هو سلاح يفتك بكل المشاعر السلبية إذا استطعنا التفاعل معه و تفعيله في محيطنا الداخلي و الخارجي.

    و التوازن الزوجي الداخلي يتطلب منا الاعتراف أن الخلق الآدمي الأول هو صورة لما نحن عليه فكل آدم يختزل داخله حواء و التي تنتظر منه حبا ووفاء لتكون نصفه الشرعي السليم و ليس المريض أو الموءود,حتى يعيش معها أحلى صور الإبداع على مستوى الفكر والكلمة الحية الفاعلة و التي تكون بلسما يضمد الجراح أو سلاحا قاتلا يدافع عن الوجود المادي و المعنوي.

    لنتخيل أن آدم وئد حواء داخله, خانها فخانته تعدى على حقها فأهانته طلقها فخلعته, لنتخيل ما يمكن أن ينتجه هذا المخلوق على مستوى الفكر, السلوك , المنطق و العمل, سوف يجعلنا نعيش التشظي في عالم متحلل من كل الضوابط لأن الموءودة قد تحللت بعد إن احتواها الموت المعنوي وهو ما نعيش مرارته في مجتمعنا العربي .

    لقد خلق الله تعالى الأنثى لتزرع الحب على الأرض فلا يمكن أن تعيش بدونه. فَقرُ و قَفرُ المشاعر يميت فيها الأنوثة و الأمومة و تصبح صحراء قاحلة عقيمة على مستوى الفكر, خاملة على مستوى العمل.
    هكذا تموت الكلمة و تفقد معناها ووجودها الفاعل و تصبح جثة هامدة على قارعة السطر تتحلق حولها الغربان لتقطع أوصالها .
    شخصية شهرزاد الأنثى تناولتها القصيدة و الرواية و الحكاية و الأغنية ربما لأنها صورة من حواء التي طالتها الغواية بعد أن انفصلت عن آدم و تحررت من الاحتواء ......

    لم يكن آدم ليلد أبناء لو لم تكن زوجته حواء. كانت فيه ومنه و هما في الجنة متواصلان يعيشان الإنسجام و التوازن, ينعمان بأروع ما فيها من مباني و معاني تُسعد الروح و الوجدان فنزلا منها و كان الشيطان ثالثهما ,انفصلا عن بعضهما البعض و كانت الغواية, فكان النزول نزول مكانة للإنسان و الكلمة و المعنى و المنطق و الفكر و ليس نزولَ مكان و هكذا أشرقت شمس الصباح فسكتت شهرزاد الكلمة ..... عن الكلام المباح و أصبحت غيرها بل تشبه نفسها و ليست هي ........


    تعليق

    • قوادري ميريهان سعيد

      #3
      [MEDIA]http://http://[/MEDIA]

      تعليق

      يعمل...
      X