مدينتي لا تعرفني ..
شوارعها وقناديلها لا تعرفني ..
حتى أشجارها باتت لا تعرفني
وقد كان لي مع كل غصنٍ فيها حكاية !!
فكم بنيت أعشاشاً عليها
وقضيت فيها أجمل ساعات
ولكن طبع المهاجر يغلب على العندليب
فأتركها راحلاً إلى غيرها ،،
أداعب بتلات الياسمين والزنابق في الصبح
أغرّد للنور والجداول والندى
وأغازل فراشات الضُحى ..
أسافر حتى يأتي المساء ..
وأحط على غصنٍ جديد ..
أيامٌ طويلة وأشهر مضت ..
امتدت حتى كانت سنوات
كل يوم فيها كان شعوري بالغربة والتيه عن نفسي يزداد ..
وحاجتي لقهوتي السوداء تزداد ..
أحاول العودة إلى سابق عهدي
إلى حياتي ..
إلى طبيعتي ..
تتشابه كل الطرق أمامي
وأعجز عن تحديد مساري ..
-
تبدأ أول أنفاس الصباح ..
تصدح المآذن وتدق أجراس الكنائس و يعلو الضجيج
أدركـ أنني بطريقة أو بأخرى قد عدت للمدينة ..
تزكم أنفي رائحة القهوة المنبعثة من ذلك الميناء القديم ..
فيشدني الحنين ..
كم أشتاق إلى أرصفته المهجورة ..
والسور الحديدي المتآكل
وتلكـ الزنابق الحزينة المبعثرة على أطرافه
وبقايا ذلكـ العش القديم الذي كان يوماً مهد طفولتي ..
وشمس الضُحى التي أشرقت على ذلكـ الشاطئ
فأضاءت عتمة أيامي
وأذابت الصقيع المتراكم على أطراف سنين عمري ..
ولكن سرعان ما أخفتها الغيوم عن دنياي ..
فعاد الظلام يخيم على أيامي من جديد ..
أيتها الشمس الغائبة ...
إنني اليوم إليكِـ اعتذر ..
إلى عينيكـِ اعتذر ..
إلى قلبكـ أعتذر ..
أعتذر لأني لم أكن يوماً أهلاً لنوركـ وشروقكـ ..
وهيامكـ وعشقكـ السرمدي ..
اعترف بأني عجزت عن الوفاء بدور العاشق ..
وعجزي تسبب في شرودكـ ..
وفي تشردي ..
أيتها الكاميليا الغائبة عن واقعي ..
الحاضرة في وجداني ..
جئتكـ اليوم أعتذر ..
فهلاّ قبلتِ اعتذاري .. ؟
بقلمي
تعليق