لَيْلى
لَفَتَ حُضورُ ليلى العامريّةِ أنظارَ الجُمهورِ في معرضِ الكتابِ الأخير ! دخلتْ الصالةَ بقوامِها المُعتدل ، ووجهِها الأبيضِ ، وعينيها الساحرتيْن ، تلبسُ عَباءةً ثمينةً فاخِرة ، وهي تُمسك بكفّها كفَّ " وَرْد " زوجِها الثّقفيّ الجميل . كانا يبدوان كسائحيْنِ عاشِقَيْن يستعرِضانِ تُحَفاً أثريّةً في سوقٍ غريبةٍ ! ثمّ وقعَ نظرُها مُصادفةً على ( ديوان قيْس بن المُلوّح ) فراحتْ لِلَحَظاتٍ تتأمّلُ غلافَهُ المُذهّبَ البديعَ ، ثمّ تناولتْهُ بفتورٍ وأخذتْ تُقلّبُ صفحاته ، فقرأتْ :
نهاري نَهارُ الناسِ حتّى إذا بَدا * ليَ الليلُ هزّتْني إليكِ المضـاجِعُ
لقدْ ثُبّتَتْ في القلبِ منكِ محبّـــةٌ * كما ثُبّتَتْ في الراحَتيْنِ الأصابعُ
لقدْ ثُبّتَتْ في القلبِ منكِ محبّـــةٌ * كما ثُبّتَتْ في الراحَتيْنِ الأصابعُ
وقرأتْ :
أحبّكِ حُبّاً لوْ تُحبّيـــنَ مثلَـــــــــهُ * أصـــابَكِ مِنْ وَجْدي عليّ جُنونُ
فيا نفسُ صَبْراً لا تكوني لَجوجَةً * فما قدْ قضى الرحمنُ فهْوَ يكونُ
فيا نفسُ صَبْراً لا تكوني لَجوجَةً * فما قدْ قضى الرحمنُ فهْوَ يكونُ
وقرأتْ :
" ثمّ لمّا يَئِسَ قيسٌ من زيارةِ ليلى خرجَ هائماً على وجههِ في الصّحراءِ ، وخرجَ أهلُهُ يبحثونَ عنه أيّاماً حتى عثروا عليه ميّتاً في مكانٍ قفرٍ بعيد ! وقرؤوا عندَ إصبعِهِ بيتين كانَ خطّهما قبلَ موته :
توسّدَ أحجارَ المَهامِـهِ والقَفْرِ * وماتَ جَريحَ القلبِ مُندملَ الصّدرِ
فيا ليتَ هذا الحُبّ يعشقُ مرّةً * فيعلمَ ما يلقى المُحِبُّ منَ الهجْــرِ
فيا ليتَ هذا الحُبّ يعشقُ مرّةً * فيعلمَ ما يلقى المُحِبُّ منَ الهجْــرِ
تركتْ الديوانَ مكانَهُ بلا مٌبالاةٍ ، ثمّ شَدّتْ على كفّ " وَرْد " وألقَتْ برأسِها على كتفه وتابَعا سَيْرَهُما ..
لقدْ أقسَمَ بعضُ مَنْ شَهِدَ الموقفَ أنّهُ رأى دُموعاً تسحّ من بين صَفَحاتِ الديوان بعدَ أنْ تركتْهُ ليلى !!
تعليق