تجاذبات...

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • نادية البريني
    أديب وكاتب
    • 20-09-2009
    • 2644

    تجاذبات...

    انتفضت في الفراش على وقع السّياط الذي ما فتئ يجلد روحي.بات طيف صادق لا يفارقني في يقظتي ومنامي.
    - لقد دُكّ الجدار.دُكّ جدار الصّمت يا بلقاسم.عليك أن تضمّ صوتك إلى أصواتنا هناك.تقدّم ولا تتخلّف فكلّ الوجوه مصرّة على المضيّ قدما.
    سرنا متلاحمين وتوغّلنا في الشّارع.كانت تجربتي الأولى في الالتحام بالحراك الذي انطلق قبل أسبوعين في بلدتي "الرّديّف".لقد سبق لصادق أن أفلت من الدّرس ليلتحق بوالده هناك تدفعه فورة الشّباب دفعا.
    قال في حماسه المعهود:
    - النّخل لا يموت إلاّ واقفا.هكذا كانت قصّتنا مع المناجم ولا تزال.لن يتراجع من خضّب بدمه تربة أرضه.لن يرضخ لسطوة المبتزّين
    زفر بشدّة واستطرد:
    - جعلوا للفقر خارطة وحدودا .رماديّات منتشرة هنا وهناك.بقع سوداء قد تضيق وقد تمتدّ.وجوه كادحة وأقدام متعثّرة.همّشوا مناطق كثيرة باستثناء جنّتهم الدّنيويّة وجنّة من يواليهم.
    واصلنا المسير ونحن نتجاذب أطراف الحديث حول آخر المستجدّات في الحوض المنجمي حتّى بلغنا شركة الفسفاط حيث يعتصم الأهالي من العمّال والعاطلين عن العمل وبعض متساكني المنطقة.
    ازددت التحاما بصادق وأنا أرى المكان يطوّق بعدد هائل من رجال الأمن.هذا شأن وطني كلّما لبس وشاح التّحدّي نزعوه عنه عنوة.
    لم أستطع أن أخفي رهبتي لكنّني كنت أستمدّ القوّة من صادق الذي بدا رغم جسارته حكيما وكأنّه كهل حنّكته الأيّام.أمّا أنا فلست سوى طفل يعيش تحت جناحي والدته الأرملة.
    "قست عليك الحياة كثيرا يا أمّي.أدارت لك ظهرها فثأرت لنفسك منها وأحكمت قبضتك عليّ حتّى لا تنتزعك منّي.لففتني في غلالة من الحبّ والخوف الشّديدين كي لا يختطفني القدر منك كما اختطف أبي ذات وجع.كم ذرفنا الدّمع غزيرا يوم خضت تجربتي الأولى في المدرسة وأنا برفقتك.قلبك الكبير شبيه ببيت نسجته العنكبوت.يضمّ وحيدك بلقاسم بشدّة حتّى لا يفلت من بين الخيوط المتشابكة.
    لا ألومك يا أمّي لكنّني أجد نفسي عارية من القوّة والبأس.لقد كنت ظلّك ولا أزال.لم أواجه الحياة بمفردي لذلك أراني أجدف ضدّ التّيّار".
    لا أدري كيف تسلّل صادق إلى أعماقي وأحسّ بارتباكي الذي حاولت ستره دون جدوى فدفعني وسط الحشد الهائل من المعتصمين الذين بحّت حناجرهم بهتافاتهم المندّدة بالظّلم والعسف.
    إنّه لعمري حراك عظيم لكنّ الحركة المتململة داخلي تمنعني من بلوغ اللّذة لذّة المواجهة والتّحدّي التي أراها في عيون المتظاهرين وفي قسمات وجوه تحكي تاريخا من المعاناة والقهر لم يسلم منه إلاّ قلائل.
    سرت بضع خطوات ثمّ توقّفت.ألجمني الانتشار الكبير لرجال الأمن وصورة أمّي الماثلة أمام ناظريّ،أمّي التي صفعتها الحياة بقسوة فانتزعت منها رفيق دربها وعائل بيتها.كان قد قضى نحبه ولّما أتجاوز السّنتين.أوشكنا بعده على الهلاك لذلك تشبّثت بي تشبّثا مرضيّا أوقعني فيما أنا فيه.
    "إلى متى يا بلقاسم؟إلى متى هذا التّردّد الذي يسكن أعماقك؟انطلق دون خوف.تقدّم مع الجموع.اثأر لوالدك من الذين قبضوا على حياته دون ثمن".
    أتتني رائحتهم المعطّرة بالمواجهة وأصواتهم المزلزلة بأعذب الكلمات "خبز حريّة كرامة وطنيّة".
    ردّدت معهم في حماس مشوب بالخوف من المجهول وأنا أتقدّم شيئا فشيئا مدفوعا بالمتظاهرين الذين يقفون ورائي.
    لم أعد أبصر صادقا.لا أدري كيف ابتعد عنّي أو كيف ابتعدت عنه.كلّ ما أذكره أنّ المكان عمّته سحابة بيضاء أفرزتها قنابل مسيلة للدّموع ألقيت علينا قصد تشتيتنا.
    وجدتني طريح الفراش في بيتي...تطلّعت إلى وجه أمّي فرأيته في الضّوء الخفيف المنبعث من الفانوس مكدودا.كانت توزّع نظراتها بحنوّ على جسدي وتراقبني في صمت.وددت التّحدّث إليها لكنّني اختنقت.تضخّم إحساسي بالضّعف.كيف تخونني نفسي وتلقي بي بعيدا عن المتظاهرين؟كان عليّ البقاء هناك ومواجهة تعنّت رجال الأمن.
    يبدو أننّي غفوت قليلا وما لبثت أن استيقظت على همس خفيف وصل إلى مسمعي:
    - الطّلق النّاريّ كان عنيفا يا خالة.سقط العديد من الضّحايا اليوم.احتدّت الأوضاع ولا مجال للتّراجع.وصلتنا أنباء تؤكّد أنّ الأجواء في المتلوّي وأمّ العرائس والمظيلة ساخنة جدّا.
    علا نسق تنفّسي فانتبهت أمّي إلى أنّني يقظ.خاطبتني عيناها وكأنّها تريد طمأنتي.
    استطردت ابنة الجيران دون أن تنتبه إلى تململي في الفراش:
    -عرّض شبابنا صدورهم للرّصاص فقدّموا دماءهم مهرا للكرامة.هيّا يا خالة علينا أن نتّجه إلى بيت أمّ صادق.كلّ الجيران مجتمعون هناك.
    أصابني دواّر أفقدني القدرة على التّماسك...



    في هذه القصّة إشارة إلى أحداث الحوض المنجمي التي وقعت في جانفي 2008 وكانت شرارتها الأولى في الرّديّف مع المظاهرة التي نظّمها العاطلون عن العمل تنديدا بالمحسوبيّة التي مورست ضدّهم أثناء انتداب للعمل بشركة فسفاط قفصة.
    قمع النّظام البائد في تونس هذه الانتفاضة بلغة العنف التي دأب عليها.
    رحم اللّه كلّ شهداء الحوض المنجمي
  • ربيع عقب الباب
    مستشار أدبي
    طائر النورس
    • 29-07-2008
    • 25792

    #2
    أول الغيث قطرة
    و هاهى القطرة تسيل هنا ، و عبر روحك
    لتفضح الأرض التى اغتالت خطا أبنائها
    لسنين و سنين من الوجع و الفقر و التشتت

    هاأنت تفتحين الملف بكل ما يحمل من مآس
    فلا تغلقى نوافذه ، دعيه يشرق بما يحمل علنا
    فى نهاية الأمر نثور مثلك ، و نخرج تلك التى نختزن
    لنرى و يرى معنا القاريء مدى البشاعة التى قصمت
    حيوات الشعب

    جميلة أستاذة .. جميلة لغة و أسلوبا و نحتا فى الضمير
    و عود أجمل لقلم اشتقنا لغته و ما يحمل !


    خالص احترامي و تقديري
    التعديل الأخير تم بواسطة ربيع عقب الباب; الساعة 08-04-2011, 21:50.
    sigpic

    تعليق

    • سها أحمد
      عضو الملتقى
      • 14-01-2011
      • 313

      #3
      ماأروع ثورة قلمك
      الذى يحسنا
      أن نثور
      ابدعتى
      تحياتى
      [SIZE=6][COLOR=black]اذآ ضآق الزمآن وشآنت ظروفك ترآنى مثل طيآت الذهب[/COLOR][/SIZE]
      [SIZE=6][/SIZE]
      [SIZE=6]مايختلف لونى[/SIZE]
      [SIZE=6][COLOR=red][/COLOR][/SIZE]
      [SIZE=6][COLOR=#ff0000][/COLOR][/SIZE]
      [SIZE=6][COLOR=#ff0000][/COLOR][/SIZE]
      [COLOR=#bfbfbf][/COLOR]

      تعليق

      • نادية البريني
        أديب وكاتب
        • 20-09-2009
        • 2644

        #4
        أول الغيث قطرة
        و هاهى القطرة تسيل هنا ، و عبر روحك
        لتفضح الأرض التى اغتالت خطا أبنائها
        لسنين و سنين من الوجع و الفقر و التشتت

        هاأنت تفتحين الملف بكل ما يحمل من مآس
        فلا تغلقى نوافذه ، دعيه يشرق بما يحمل علنا
        فى نهاية الأمر نثور مثلك ، و نخرج تلك التى نختزن
        لنرى و يرى معنا القاريء مدى البشاعة التى قسمت
        حيوات الشعب

        جميلة أستاذة .. جميلة لغة و أسلوبا و نحتا فى الضمير
        و عود أجمل لقلم اشتقنا لغته و ما يحمل !


        خالص احترامي و تقديري


        أتدرك أستاذي الفاضل ربيع؟كتبت هذه القصّة وحاولت أن أجعل المساحة منفتحة حتّى أجوب في أعماق الشّخصيّة القصصيّة وأخلق الدّهشة التي تريدها في أعمالي ثمّ كتبت العنوان ومعه الاهداء إلى من شحذ قلمي في هذا الملتقى "القاصّ المبدع ربيع" ولمّا خشيت ألاّ تكون في المستوى المأمول حذفت الإهداء بعد كتابته.
        شكرا لكلّ ملاحظة تساق في شأن عملي حتّى وإن كانت قاسية فأنا أنتظرها.
        القصّة من صميم وجع الجنوب التّونسيّ الذي كان ومازال يعيش تحت وطأة الفقر والظّلم بكلّ أشكاله. ولمّا انتفضوا قمعت تحرّكاتهم وقتل منهم كثر مع تعتيم إعلاميّ شديد إلى درجة أنّ بقيّة المناطق لم تبلغها أخبار دقيقة إلاّ بعد الثّورة المباركة حين تعرّى كلّ شيء.
        المبدع ربيع أحتاج فعلا إلى نقد العمل بطريقة تخوّل لي دوما التّجويد
        ألف شكر ودمت بخير

        تعليق

        • محمد فطومي
          رئيس ملتقى فرعي
          • 05-06-2010
          • 2433

          #5
          تحيّة جميلة أستاذة نادية.
          ليس هناك نضال يذهب سدى حتّى و إن بدا عكس ذلك.
          همّش البوليس و الإعلام البوليسي قضيّة الحوض المنجمي و انتفاضة أهله،لكنّ قانون الغليان و تصدّع جدار الصّمت لا يعترف بالبنود و اللّوائح،و حتّى إن مرّت الصّرخات هدرا و دُفن من قُتل دون قصاص فإنّ ركام الجدار سيتحوّل إلى حامض يفتّت كلّ ما يعترض سبيله.تلك سنن أكثر منها إرادة و إصرار.
          أتيت تقريبا على كلّ شيء في نصّك الّرائع هذا.
          و أعترف أنّك نجحت في حقني بغضب إضافيّ.
          الأمير الملول ابن الباشا يتقلّد منصب المسؤوليّة و التّصرّف في الحوض ،لا يبرح مكتبه إلاّ ليعود إلى جهته السّعيدة النّظيفة تاركا لأهل الفسفاط أمراض ضيق التّنفّس و السّرطان و الكلل و الاختناق فقرا و غبارا سامّا.
          أعرف ظروفهم أختي.
          و أعرف أن ليس ثمّة عائلة لم يقض فيها أحد أفرادها تحت دهاليز المنجم،و أعرف أيضا أنّ الجنين يولد ميّتا أو مشوّها جرّاء هوائهم العكر،و الأمير الملول ابن الباشا يجمع المال دون أن يعرّض حياته للخطر.
          و أعرف أنّهم يوزّعون عليهم أدوات السّلامة و الوقاية من خوذات و أحذية و كمّامات يوم يشرّف الوزير،و حين يرحل يعيدونها بأنفسهم إلى المغازة.
          و أعرف أنّهم يتقاضون مقدار حبّة قمح مقابل حصاد حقل بأكمله.

          و قدّموا الشّهداء و الضّحايا فيتحرّر الرّقص و الشّعر من رقابة الحاكم و زادت الحكومة في منح البوليس،و هم لهذه الّلحظة على نفس الحال.

          أحسنت أختي نادية.شكرا لأنّك منحتني هذا القدر من الانفعال.
          و شكرا لأنّك تقدّمين أدبا جميلا في كلّ مرّة.
          مدوّنة

          فلكُ القصّة القصيرة

          تعليق

          • إيمان الدرع
            نائب ملتقى القصة
            • 09-02-2010
            • 3576

            #6
            أختي الحبيبة ناديا ...
            أيتها الأديبة الكبيرة التي نكأتْ جرحاً خاله الظّالم مندملاً...منسيّاً
            فأيقظتهِ ...وشرّعتِ أبوابه المغلقة ..وفتحت نوافذه لشمس الحقيقة ...
            هالتني توارد تلك الحقائق ...المخبّأة تحت عباءة التاريخ المغيّب ..
            وعرفت أنّ صوت الظلم يعلو ...مهما خنقته أكفّ الطّغاة ..
            بورك بقلمك ناديا ..يافخر تونس ..
            ومع أطيب أمنياتي ...تحيّاتي ..

            تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

            تعليق

            • نادية البريني
              أديب وكاتب
              • 20-09-2009
              • 2644

              #7
              ماأروع ثورة قلمك الذى يحسنا أن نثور ابدعتي تحياتي سها الغالية سعيدة لأنّك كنت هنا تعيشين الحدث بهذا النّفس الثّوري الوضع الرّاهن في البلاد العربيّة يحتاج منّا إلى تضامن قويّ على القلم أن يكون سيفا قاطعا للظّلم ولتعرية الحقائق شكرا لوجودك في صفحتي وفي روح ما كتبت نادية تصبحين على خير

              تعليق

              • محمد الصاوى السيد حسين
                أديب وكاتب
                • 25-09-2008
                • 2803

                #8
                تحياتى البيضاء

                - من جماليات هذا النص هى تلك الخاتمة التى لا تشى لنا بما جرى لصادق ، إننا أمام نص ينجح فى توظيف المسكوت عنه لتحفيز المتلقى نحو إنتاج الدلالة التى يراها ،

                - ربما أجد أن تكرار سياق خوف الأم ومنعها لبطل النص بلقاسم من المشاركة السياسية والانفتاح على الحياة قد تكرر أكثر من مرة بذات الصيغة الفنية عبر المونولوج ، مما أراه قد يضعف من تأثير رسالة هذا السياق

                - يمكن القول أن التخييل كان ثريا متناغما مع سياق النص ولنتأمل هذى الصورة

                هذا شأن وطني كلّما لبس وشاح التّحدّي نزعوه عنه عنوة.

                نحن هنا مع تجسيد الوطن فى لوحة السياق ورسمه شبيها بنا إنسانا مناضلا يلبس وشاحا للتحدى فينزع منه قسرا ، هذى الاستعارة المكنية قالت الكثير وأضاءت ببساطتها وفتنتها الآسرة وجدان بطل النص أمامنا نحن المتلقين ، كما لابد وأن نقف أمام هذى الصورة الجميلة للأم

                لففتني في غلالة من الحبّ والخوف الشّديدين كي لا يختطفني القدر منك

                إن الاستعارة المكنية التى تجسد لنا الحب غلالة تنشرها الأم فتدثر فيها بلقاسم ، لهى استعارة تشى بالكثير من الجو النفسى والنظرة إلى مكابدة الأم ومعاناتها التى تستحيل أمامنا هفهافة كغلالة من حب

                -.قلبك الكبير شبيه ببيت نسجته العنكبوت.يضمّ وحيدك بلقاسم بشدّة حتّى لا يفلت من بين الخيوط المتشابكة.

                فى هذى الصورة التى تقوم على تشبيه صادم للأم يمكن أن نستشف كيف يتمزق وجدان بلقاسم بين مشاعر متناقضة تتأرجح بين حب عميق ، وبين وحنق عميق تجاه الأم ، فهى التى حنت وهى التى أقصت فى ذات الوقت ، هنا يمكن القول أن التخييل الذى شبه قلب الأم ببيت العنكبوت يكشف الجو النفسى المتأرجح تجاه المشاعر المتناقضة وهو ما أراه ذكاء تخييل يحفز التلقى

                تعليق

                • ربيع عقب الباب
                  مستشار أدبي
                  طائر النورس
                  • 29-07-2008
                  • 25792

                  #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة نادية البريني مشاهدة المشاركة
                  أول الغيث قطرة
                  و هاهى القطرة تسيل هنا ، و عبر روحك
                  لتفضح الأرض التى اغتالت خطا أبنائها
                  لسنين و سنين من الوجع و الفقر و التشتت

                  هاأنت تفتحين الملف بكل ما يحمل من مآس
                  فلا تغلقى نوافذه ، دعيه يشرق بما يحمل علنا
                  فى نهاية الأمر نثور مثلك ، و نخرج تلك التى نختزن
                  لنرى و يرى معنا القاريء مدى البشاعة التى قسمت
                  حيوات الشعب

                  جميلة أستاذة .. جميلة لغة و أسلوبا و نحتا فى الضمير
                  و عود أجمل لقلم اشتقنا لغته و ما يحمل !


                  خالص احترامي و تقديري


                  أتدرك أستاذي الفاضل ربيع؟كتبت هذه القصّة وحاولت أن أجعل المساحة منفتحة حتّى أجوب في أعماق الشّخصيّة القصصيّة وأخلق الدّهشة التي تريدها في أعمالي ثمّ كتبت العنوان ومعه الاهداء إلى من شحذ قلمي في هذا الملتقى "القاصّ المبدع ربيع" ولمّا خشيت ألاّ تكون في المستوى المأمول حذفت الإهداء بعد كتابته.
                  شكرا لكلّ ملاحظة تساق في شأن عملي حتّى وإن كانت قاسية فأنا أنتظرها.
                  القصّة من صميم وجع الجنوب التّونسيّ الذي كان ومازال يعيش تحت وطأة الفقر والظّلم بكلّ أشكاله. ولمّا انتفضوا قمعت تحرّكاتهم وقتل منهم كثر مع تعتيم إعلاميّ شديد إلى درجة أنّ بقيّة المناطق لم تبلغها أخبار دقيقة إلاّ بعد الثّورة المباركة حين تعرّى كلّ شيء.
                  المبدع ربيع أحتاج فعلا إلى نقد العمل بطريقة تخوّل لي دوما التّجويد
                  ألف شكر ودمت بخير
                  صباح الخير أستاذة .. يارب تكوني بخير و سعادة و كل تونس بخير
                  تمنيت أستاذة أن أفعل ، و ربما فعلت فى وقت لاحق
                  فور أن أمسك برأسي التى تسرع مني إلى حيث الأحداث
                  الجارية لأستوعب و أعرف .. و أتابع .. و أرى كيف حال الحلم الكبير !!

                  شكرا لك أستاذة على الثقة الغالية
                  و تأكدي أنى أتعلم منك .. من كل حرف أقرؤه هنا أو فى أى مكان
                  و أغامر بما أعرف لأعيش !

                  دمت و دام قلمك رائعا جميلا

                  تقديري و احترامي
                  sigpic

                  تعليق

                  • نادية البريني
                    أديب وكاتب
                    • 20-09-2009
                    • 2644

                    #10
                    تحيّة جميلة أستاذة نادية.
                    ليس هناك نضال يذهب سدى حتّى و إن بدا عكس ذلك.
                    همّش البوليس و الإعلام البوليسي قضيّة الحوض المنجمي و انتفاضة أهله،لكنّ قانون الغليان و تصدّع جدار الصّمت لا يعترف بالبنود و اللّوائح،و حتّى إن مرّت الصّرخات هدرا و دُفن من قُتل دون قصاص فإنّ ركام الجدار سيتحوّل إلى حامض يفتّت كلّ ما يعترض سبيله.تلك سنن أكثر منها إرادة و إصرار.
                    أتيت تقريبا على كلّ شيء في نصّك الّرائع هذا.
                    و أعترف أنّك نجحت في حقني بغضب إضافيّ.
                    الأمير الملول ابن الباشا يتقلّد منصب المسؤوليّة و التّصرّف في الحوض ،لا يبرح مكتبه إلاّ ليعود إلى جهته السّعيدة النّظيفة تاركا لأهل الفسفاط أمراض ضيق التّنفّس و السّرطان و الكلل و الاختناق فقرا و غبارا سامّا.
                    أعرف ظروفهم أختي.
                    و أعرف أن ليس ثمّة عائلة لم يقض فيها أحد أفرادها تحت دهاليز المنجم،و أعرف أيضا أنّ الجنين يولد ميّتا أو مشوّها جرّاء هوائهم العكر،و الأمير الملول ابن الباشا يجمع المال دون أن يعرّض حياته للخطر.
                    و أعرف أنّهم يوزّعون عليهم أدوات السّلامة و الوقاية من خوذات و أحذية و كمّامات يوم يشرّف الوزير،و حين يرحل يعيدونها بأنفسهم إلى المغازة.
                    و أعرف أنّهم يتقاضون مقدار حبّة قمح مقابل حصاد حقل بأكمله.

                    و قدّموا الشّهداء و الضّحايا فيتحرّر الرّقص و الشّعر من رقابة الحاكم و زادت الحكومة في منح البوليس،و هم لهذه الّلحظة على نفس الحال.

                    أحسنت أختي نادية.شكرا لأنّك منحتني هذا القدر من الانفعال.
                    و شكرا لأنّك تقدّمين أدبا جميلا في كلّ مرّة.

                    أخي الفاضل محمّد
                    كتبت ردّا على نقدك الشّافي للعمل لكنّه وُئد قبل أن يملأ بياض الصّفحة فلم يتسنّ لي إرساله وها أنّني أعيد الكتابة تقديرا لكلّ كلمة كتبتها في حقّ نضالات الحوض المنجمي.لم أر أنّك عبّرت عن الغضب فقط لكنّك عشته بكلّ جوارحك.عشت نزف الجراح التي خضّبت تربة الجنوب التّونسيّ وما تزال.
                    كتبت نصّا على نصّ ووجعا على وجع فأعطيت أحداث الحوض المنجمي بعض حقّها سيّما وأنّ الإعلام لم يتسنّ له تحت الضّغط أو الموالاة أن يقوم بدوره.
                    هؤلاء الذين دفعوا دماءهم فداء للحقّ والوطن يحقّ للمناطق التي ينتمون إليها أن تكون فاعلة في المشهد السّياسيّ اليوم.لكن ما أخشاه هو التّهميش المستمرّهذا التّهميش الذي قدّمته أخي محمّد في صور واقعيّة دقيقة.
                    شكرا لأنّك كنت هنا
                    شكرا لوفائك لمناضلي ومناضلات تونس
                    أعتزّ بشهادتك حول عملي وهذا يدفعني إلى مزيد التّجويد
                    ادع لتونسنا العزيزة أخي الكريم محمّد فهي تعيش المخاض الحقيقيّ الذي يحتاج إل
                    ى تظافر الجهود ونبذ الأنانيّة والصّراع على المناصب.نريد أن ننعم بالدّيمقراطيّة.أعاننا اللّه على ذلك
                    تصبح على خير

                    تعليق

                    • نادية البريني
                      أديب وكاتب
                      • 20-09-2009
                      • 2644

                      #11
                      شكرا على هذا الكرم الفيّاض الذي شمل عملي المتواضع.
                      شكرا على تثبيت العمل
                      سأعمل جاهدة على تقديم الأفضل
                      تصبحون على خير

                      تعليق

                      • بنت الشهباء
                        أديب وكاتب
                        • 16-05-2007
                        • 6341

                        #12
                        الخبز الحرية الكرامة الوطنية ...
                        إنها عنوان الأحرار في كل بلاد العالم الذي يزلزل عروش الطغاة ..
                        الأحرار يا ناديا أختي عادت من جديد لتبدأ ثورتها وانتفاضتها ضد الظلم والفساد ..
                        كانوا يحسبون هؤلاء أن حاجز الخوف لم يكسر بل سيبقى محاطا بسلاسل أغلالهم ، وسجون أقبيتهم ... لكن لم يكن يعرفوا أن وقدة النيران ستشتعل لتفجر ظلمهم وفسادهم ...

                        أمينة أحمد خشفة

                        تعليق

                        • نادية البريني
                          أديب وكاتب
                          • 20-09-2009
                          • 2644

                          #13
                          أختي الحبيبة ناديا ...
                          أيتها الأديبة الكبيرة التي نكأتْ جرحاً خاله الظّالم مندملاً...منسيّاً
                          فأيقظتهِ ...وشرّعتِ أبوابه المغلقة ..وفتحت نوافذه لشمس الحقيقة ...
                          هالتني توارد تلك الحقائق ...المخبّأة تحت عباءة التاريخ المغيّب ..
                          وعرفت أنّ صوت الظلم يعلو ...مهما خنقته أكفّ الطّغاة ..
                          بورك بقلمك ناديا ..يافخر تونس ..
                          ومع أطيب أمنياتي ...تحيّاتي ..


                          إيمان يا صاحبة القلب الكبير والقلم البهيّ
                          كم تحبّك نفسي واللّه يعلم ذلك
                          تقرئين النّصوص بطريقة تعطيها إشعاعات فكرك وخيالك فترتسم صورة المثقّفة الواعية التي تحمل رسالة للإنسان في كلّ مكان.
                          تلك الحقائق كانت مخبّئة فعلا إيمان وهذا ما آلمنا. بعد مرور سنتين تتفجّر قضيّة الحوض المنجمي ويغادر المعتقلون السّجون ويعود المرفوتون من المدرّسين إلى أعمالهم.
                          كان من الضّروريّ أن تكون الوقفة حاسمة من 2008 لكن أصحاب النّفوس الضّعيفة هم المسؤولون وعليهم أن يحاسبوا اليوم على شرّ أعمالهم.
                          أختي الغالية إيمان حمى اللّه سوريا من كلّ سوء واللّه أعيش الأحداث فيها بخوف وانتظار.
                          دمت بخير أيّتها المتوهّجة إحساسا

                          تعليق

                          • حسن الحسين
                            عضو الملتقى
                            • 20-10-2010
                            • 299

                            #14
                            نادية العزيزة..
                            استمتعت بالنص وبالنفس الكفاحي والروح الملتهبة
                            كنت رائعة التعابير
                            لك مودتب

                            تعليق

                            • نادية البريني
                              أديب وكاتب
                              • 20-09-2009
                              • 2644

                              #15
                              تحياتى البيضاء

                              - من جماليات هذا النص هى تلك الخاتمة التى لا تشى لنا بما جرى لصادق ، إننا أمام نص ينجح فى توظيف المسكوت عنه لتحفيز المتلقى نحو إنتاج الدلالة التى يراها ،

                              - ربما أجد أن تكرار سياق خوف الأم ومنعها لبطل النص بلقاسم من المشاركة السياسية والانفتاح على الحياة قد تكرر أكثر من مرة بذات الصيغة الفنية عبر المونولوج ، مما أراه قد يضعف من تأثير رسالة هذا السياق

                              - يمكن القول أن التخييل كان ثريا متناغما مع سياق النص ولنتأمل هذى الصورة

                              هذا شأن وطني كلّما لبس وشاح التّحدّي نزعوه عنه عنوة.

                              نحن هنا مع تجسيد الوطن فى لوحة السياق ورسمه شبيها بنا إنسانا مناضلا يلبس وشاحا للتحدى فينزع منه قسرا ، هذى الاستعارة المكنية قالت الكثير وأضاءت ببساطتها وفتنتها الآسرة وجدان بطل النص أمامنا نحن المتلقين ، كما لابد وأن نقف أمام هذى الصورة الجميلة للأم

                              لففتني في غلالة من الحبّ والخوف الشّديدين كي لا يختطفني القدر منك

                              إن الاستعارة المكنية التى تجسد لنا الحب غلالة تنشرها الأم فتدثر فيها بلقاسم ، لهى استعارة تشى بالكثير من الجو النفسى والنظرة إلى مكابدة الأم ومعاناتها التى تستحيل أمامنا هفهافة كغلالة من حب

                              -.قلبك الكبير شبيه ببيت نسجته العنكبوت.يضمّ وحيدك بلقاسم بشدّة حتّى لا يفلت من بين الخيوط المتشابكة.

                              فى هذى الصورة التى تقوم على تشبيه صادم للأم يمكن أن نستشف كيف يتمزق وجدان بلقاسم بين مشاعر متناقضة تتأرجح بين حب عميق ، وبين وحنق عميق تجاه الأم ، فهى التى حنت وهى التى أقصت فى ذات الوقت ، هنا يمكن القول أن التخييل الذى شبه قلب الأم ببيت العنكبوت يكشف الجو النفسى المتأرجح تجاه المشاعر المتناقضة وهو ما أراه ذكاء تخييل يحفز التلقى


                              ما أسعدني أخي الكريم محمّد الصّاوي بهذه القراءة التي أعطت عملي روحا جديدة
                              ممتنّة لكلّ حرف كتبته تعليقا على القصّة فالنّقد يقويّ العمل ويلبسه وشاحا هو بحاجة إليه.
                              أخذت ملاحظتك التي سيقت بشأن تكرار مقاطع مرتبطة بخوف الأمّ على الإبن بعين الاعتبارلكن لي رأي مخالف فهذا التكرار متعمّد للتّركيز على عمق الحصار الذي يعيشه البطل ممّا سيطوّر سياق القصّ نحو وجهة محدّدة.ربّما كان عليّ التّخفيف من بعض المقاطع.
                              أعجبتني قراءتك الأسلوبيّة لبعض الصّور المكوّنة للقصّة ولما تضمّنته هذه الصّور من استعارات وتشابيه.
                              شكرا أستاذي الفاضل على هذه القراءة التي ستساعدني على تقديم الأفضل
                              لا عدمت وجودك في ثنايا صفحاتي
                              تحيّاتي من تونس

                              تعليق

                              يعمل...
                              X