لا تقرأوا لي، فأنا مصاب (بالزهايمر)!

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • مصطفى بونيف
    قلم رصاص
    • 27-11-2007
    • 3982

    لا تقرأوا لي، فأنا مصاب (بالزهايمر)!

    كتب مصطفى بونيف

    لا تقرأوا لي، فأنا مصاب بالزهايمر!!.



    استيقظت صباحا حوالي الساعة السابعة مساء..فلم أعرف الطريق من سريري إلى الحمام، وكنت سأفعلها في ( الصالون) لولا أن أولاد الحلال في البيت أخذوا بيدي لألبي نداء الطبيعة في المكان الصحيح.
    نظرت إلى الكرسي الرخامي الأبيض وأنا أتعجب من الروائح التي تنبعث منه، واستغربت قائلا: " لماذا يتمسك بعضهم بالكراسي طالما أنها بهذه الرائحة البشعة؟"...جلست في مكاني حتى هتف واحد من آهل الدار.." أرجوك أخرج بسرعة قبل أن أنفجر"...
    بيني وبينكم ...الجلوس على كرسي التواليت له نكهته..لكن ثورة ما تكونت خارج الحمام تطالبني بالخروج...!
    وقفت أمام المرآة ..أتأمل وجها .. شعر منكوش، وذقن أشبه بذقون السجناء ...صرخت " يا أمي وحش، وحش !"...
    ركض أحد أهل الدار وقال لي : " مالك تصرخ؟".
    أشرت بأصبعي إلى المرآة.." من هذا الوحش؟"...
    ابتسم ضاحكا، ثم وضع معجون الحلاقة أمامي وهو يقول لي: " هيا لا تتأخر، احلق ذقنك وتعال نحن ننتظرك في الصالون".
    خرجت من الحمام إلى غرفتي ...فوجدت بدلة سوداء على سريري، وقميصا أبيض..وحذاء جديدا .
    لم ألبس البدلة لأنها لم تعجبني، لكنني لبست فردة واحدة من الحذاء، وربطت الكرفتة على رقبتي دون قميص...ثم وقفت أمام المرآة خطيبا
    " أيها الشعب...من أعياه داؤه فعندي دواؤه، وإني أرى الدماء تترقرق بين العمائم واللحى، إن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية قد نثر كنانته، فوجدني أصلبها عودا، ومنحني سيفين، سيف الديمقراطية، وسيف الديكتاتورية، أما السيف الأول فلقد ضيعته في الطريق، فلم يبق معي إلا السيف الثاني، ومن لم يأكل الجزر ضربته بهذه العصا ضرب غرائب الإبل..أيها الشعب يا معدن الشقاق والنفاق ومساوئ الأخلاق..".
    دخل علي واحد من أهل البيت ...وانفجر ضاحكا، "ماذا تفعل يا حجاج؟" ، ثم ألبسني البدلة السوداء التي أكرهها وربط الكرفتة على عنقي كما يعقدها المسؤولون الكبار...ثم قال لي " هيا يا مصطفى قمر!".
    خرجت مع صاحبي إلى الصالون ...
    استقبلني أفراد العائلة من أهل الدار والأصهار، ...كانت إحداهن تبكي بمرارة ...أخذتها في أحضاني وقبلتها بحرارة ...
    ثم همست لصاحبي : من هذه؟
    فقال لي وهو يتكم ضحكته: إنها المدام..
    سألته هامسا: مدام من...مدام الجيران، أم أنها المدام وزيرة خارجية الولايات المتحدة الأمريكية؟.
    فرد ساخرا: لا هي مدام الجيران..
    فابتسمت: يعني تونسية يا أهلا وسهلا، وكيف حال زين العابدين بن علي ...ليته انتظر شهر رمضان ثم ذهب إلى الحج، لأن الحج في شهر رمضان أجره كبير عند الله...
    فقال لي صاحبي: ومتى سيأتي رمضان؟
    فأجبته : في أوائل شهر رجب إن شاء الله !.
    انفجرت سيدة أخرى بالبكاء..فهرعت لأحضنها...ثم قلت لصاحبي " هذه أعرفها جيدا، إنها السفيرة المصرية، لأنها تشبه السيدة أمينة رزق"
    - كيف حال عمو مبارك، آخر مرة رأيته فيها كان يشكو من ابنه الصغير جمال، كان يجلس على حجره ويعملها عليه، الآن جمال أصبح ما شاء الله كبيرا وأكيد عملته ستكون من الحجم العائلي الكبير ...يجب أن يشتري له بامبرز من الحجم العائلي أيضا ..".
    ضحك الجميع ...إلا واحدة ...وضعت يدها على وجهها وهي تجهش ببكاء مرير...
    صرخت : " كيف حال الأخ الفقيد قائد الثورة ؟...هل لا زال يعشق أغنية طز في أمريكا، سمعت بأنه اصبح يعشق أغنية أخرى اسمها زنجة زنجة؟".
    سألني صاحبي: ومن يغنيها؟
    فأجبته بثقة: الأخت نانسي عجرم .
    حتى هالني صراخ وعويل فتاة أخرى ...، فصرخت مذعورا: " ما به عبد الله صالح؟، هذا صديقي وحبيبي، طوال عمره صاحب واجب،
    سمعت أنه في مرحلة النفخ، قبل مرحلة السلخ، قولي له ...أن ينفذ بجلده قبل أن يسلخوه، ويعلقونه على بوابة جامعة الدول العربية ".
    إن طويل العمر...برميل النفط ...فتح لكم الجزيرة، والشعب الذي كان يشاهد قنوات السكس، أصبح يشاهد قناة الجزيرة، والحاكم الذي يسقط بين أيديهم سوف يبهدلونه بهدلة الإكس إكس إكس آآآآآآآآآآآآل.
    سألني صاحبي: وما معنى مصطلح الإكس إكس إكس أل.
    فأجبته : هذا مصطلح لو تفهمه ستصبح رئيس جمهورية .
    سألت: وأين الوفد السوري؟
    فأجابني صاحبي: هم في قاعة الانتظار...
    تقدم مني رجل يبدو بأنه طبيب..ثم قال لصاحبي: " هذه حالة أزهايمر واضحة، يجب أن ينقل فورا إلى المستشفى"
    صرخت : أزهايمر ...أزهايمر كيف؟.
    - لم يتحمل ما شاهده على قناة الجزيرة والعربية، وهذا ما تسبب له في هذه الحالة...
    رأيت فتاة جميلة...فتقدمت نحوها وحضنتها بقوة ..لكن صاحبي قال لي : اتركها اتركها!
    سألته : من هي ؟
    - إنها المدام زوجتي !


    مصطفى بونيف
    [

    للتواصل :
    [BIMG]http://sphotos.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-snc3/hs414.snc3/24982_1401303029217_1131556617_1186241_1175408_n.j pg[/BIMG]
    أكتب للذين سوف يولدون
  • مباركة بشير أحمد
    أديبة وكاتبة
    • 17-03-2011
    • 2034

    #2
    قلمك بارع أخي الفاضل مصطفى، ولك قدرة مدهشة في سرد الأحداث الواقعية بطريقة فكاهية، ساخرة
    تجذب القارئ بحبل متين، وتشده إليها طائعا غير مكره ..!!
    كل الشكر والتقدير لهذا الفكر الراقي .
    تحياتي.

    تعليق

    • مها راجح
      حرف عميق من فم الصمت
      • 22-10-2008
      • 10970

      #3
      أضحت الأوطان صناديقا تحمل مفاتيح مخاوفنا ..نستطيع أن نراهم من الشقوق والنوافذ
      نص ساخر لأحداث المنطقة ..اترك الفتيات لشأنهن وكفاك عبثا ايها الشاب
      تحيتي وتقديري استاذ مصطفى
      التعديل الأخير تم بواسطة مها راجح; الساعة 05-04-2011, 13:12.
      رحمك الله يا أمي الغالية

      تعليق

      • لينا الحسن
        أديب وكاتب
        • 11-03-2011
        • 114

        #4
        شعرتً وأنا اقرأك أن أسلوبين يحكمان هذا النص أحدهما قوي متمكّن والآخر ضعيف ضحل .. إختلطا ببعضهما فأتى النص مضطرب بعض الشيء وإن كان جانب التمكّن والقوّة يسيطر عليه بإحكام ...

        قبل أن أغادر أشكرك لمنحي فرصة الوصول والحصول على قراءة هذا النص الساخر السادي

        لك إحترامي وإعجابي ..

        تعليق

        • يسري راغب
          أديب وكاتب
          • 22-07-2008
          • 6247

          #5
          اخي الحبيب مصطفى
          تحياتي
          لماذا يثور الشعب اليمني والمصري والليبي والتونسي
          في كل الاحوال يثور لانه يبحث عن كرامته التي اهدرت
          التونسي والليبي والمصري واليمني لم يقل ثورة على الجوع
          قال ثورة على الاستبداد وثورة على الرؤساء لان الزمان بهم طال لدرجة انسونا فيها عراقة الانتماء وحقائق الثورات فكنا كلنا مثلك زهايمر زهايمر امام الجبروت الصهيوني على غزة وجنوب لبنان وزهايمر امام اغتصاب العراق لاننا احببنا الزهايمر وفقدنا الذاكرة ومن شدة حبنا في الزهايمر يحاول بعضنا تسويقها الى باقي الشعوب يا للعار ان نصاب بالزهايمر ونتهم به الثوار الاحرار ونعكس المواجهات
          دمت سالما منعما وغانما مكرما
          هذه التحية من نشيد موطني اكررها دائما في كل مقال حتى لا اصاب بالزهايمر
          مع كامل مودتي

          تعليق

          • مصطفى بونيف
            قلم رصاص
            • 27-11-2007
            • 3982

            #6
            المشاركة الأصلية بواسطة مباركة بشير أحمد مشاهدة المشاركة
            قلمك بارع أخي الفاضل مصطفى، ولك قدرة مدهشة في سرد الأحداث الواقعية بطريقة فكاهية، ساخرة

            تجذب القارئ بحبل متين، وتشده إليها طائعا غير مكره ..!!
            كل الشكر والتقدير لهذا الفكر الراقي .
            تحياتي.

            الأخت المباركة أهلا وسهلا بك
            شهادة أعتز بها، معكم دائما بقلبي وقلمي

            مرحبا بك دائما
            [

            للتواصل :
            [BIMG]http://sphotos.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-snc3/hs414.snc3/24982_1401303029217_1131556617_1186241_1175408_n.j pg[/BIMG]
            أكتب للذين سوف يولدون

            تعليق

            • مصطفى بونيف
              قلم رصاص
              • 27-11-2007
              • 3982

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة مها راجح مشاهدة المشاركة
              أضحت الأوطان صناديقا تحمل مفاتيح مخاوفنا ..نستطيع أن نراهم من الشقوق والنوافذ
              نص ساخر لأحداث المنطقة ..اترك الفتيات لشأنهن وكفاك عبثا ايها الشاب
              تحيتي وتقديري استاذ مصطفى
              الغالية مها راجح...تغيبت كثيرا
              متدخليش المرة الجاية إلا ومعاك ولي أمرك، وشهادة تبررين بها غياباتك


              سعدت كثيرا بوجودك مرة أخرى في متصفحاتي
              [

              للتواصل :
              [BIMG]http://sphotos.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-snc3/hs414.snc3/24982_1401303029217_1131556617_1186241_1175408_n.j pg[/BIMG]
              أكتب للذين سوف يولدون

              تعليق

              • مصطفى بونيف
                قلم رصاص
                • 27-11-2007
                • 3982

                #8
                المشاركة الأصلية بواسطة لينا الحسن مشاهدة المشاركة
                شعرتً وأنا اقرأك أن أسلوبين يحكمان هذا النص أحدهما قوي متمكّن والآخر ضعيف ضحل .. إختلطا ببعضهما فأتى النص مضطرب بعض الشيء وإن كان جانب التمكّن والقوّة يسيطر عليه بإحكام ...

                قبل أن أغادر أشكرك لمنحي فرصة الوصول والحصول على قراءة هذا النص الساخر السادي

                لك إحترامي وإعجابي ..
                الأخت الغالية لينا الحسن
                أراك وضعت يدك على سر من أسرار النص....
                أتمنى أن تتعرفي على شخصية الراوي في القصة ..لتكتمل الصورة.

                نورت وشرفت أختي العزيزة
                [

                للتواصل :
                [BIMG]http://sphotos.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-snc3/hs414.snc3/24982_1401303029217_1131556617_1186241_1175408_n.j pg[/BIMG]
                أكتب للذين سوف يولدون

                تعليق

                • مصطفى بونيف
                  قلم رصاص
                  • 27-11-2007
                  • 3982

                  #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة يسري راغب مشاهدة المشاركة
                  اخي الحبيب مصطفى
                  تحياتي
                  لماذا يثور الشعب اليمني والمصري والليبي والتونسي
                  في كل الاحوال يثور لانه يبحث عن كرامته التي اهدرت
                  التونسي والليبي والمصري واليمني لم يقل ثورة على الجوع
                  قال ثورة على الاستبداد وثورة على الرؤساء لان الزمان بهم طال لدرجة انسونا فيها عراقة الانتماء وحقائق الثورات فكنا كلنا مثلك زهايمر زهايمر امام الجبروت الصهيوني على غزة وجنوب لبنان وزهايمر امام اغتصاب العراق لاننا احببنا الزهايمر وفقدنا الذاكرة ومن شدة حبنا في الزهايمر يحاول بعضنا تسويقها الى باقي الشعوب يا للعار ان نصاب بالزهايمر ونتهم به الثوار الاحرار ونعكس المواجهات
                  دمت سالما منعما وغانما مكرما
                  هذه التحية من نشيد موطني اكررها دائما في كل مقال حتى لا اصاب بالزهايمر
                  مع كامل مودتي


                  الصديق العزيز يسري راغب ....
                  ليست كل الثورات ثورات، ...بل إن هناك عبث كبير، والموضوع لم يعد ثورات على أنظمة فاسدة، بل هو إزاحة لفاسدين قصد تنصيب من هم أكثر منهم فسادا...
                  يجب أن نحذر ...

                  تحيتي أيها العزيز
                  [

                  للتواصل :
                  [BIMG]http://sphotos.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-snc3/hs414.snc3/24982_1401303029217_1131556617_1186241_1175408_n.j pg[/BIMG]
                  أكتب للذين سوف يولدون

                  تعليق

                  • فايزشناني
                    عضو الملتقى
                    • 29-09-2010
                    • 4795

                    #10

                    إيه ده يا أخي مصطفى
                    الثورات بتغلي في الخارج وأنت قاعد عالكرسي
                    هل تستغرب هذا الحراك زي حراك وسط نادية جمال الله يرحمها ( هي ماتت )
                    حد يقولك لو كنت سكت كان أحسن
                    زي ما قال مبارك : إيه حنحارب
                    أنا يا سي مصطفي لسه متضايق من تصادم الثورة المصرية مع التونيسة
                    وعشان إيه .... عشان كورة مش أكتر
                    وعايزك تقولي ليه وازاي اسرائيل بتضرب في السودان
                    تقول يمكن عشان تحريك ثورة جديدة بطريقة مبتكرة
                    اللهم أعلم
                    آخر حاجة ح قولها قبل ما اتعدي منك بالزهايمر

                    ملعون جنس النسا واللي يتبع بأمرا
                    أخجل من نفسي عندما أرى رجّالتنا كألعوبة بين يدي عفواً تحت أقدامها ( كلينتون )
                    اطلع بقى
                    هيهات منا الهزيمة
                    قررنا ألا نخاف
                    تعيش وتسلم يا وطني​

                    تعليق

                    • رشا عبادة
                      عضـو الملتقى
                      • 08-03-2009
                      • 3346

                      #11
                      [align=center]
                      لا أدري لما ذكرتني يا أبو الطفاطيف بتلك الحلول المحدودة للفزورة المصرية القديمة الخاصة
                      بحالات الإنتحار والحرائق وتفجيرات الكنائس كلها كانت تتم لنفس الهدف الرئاسي السامي.. ألا وهو إصابة الشعب بحالة خلل نفسي تسبقها أو تتبعها حالة إحباط و يأس وربما يتخللها حالة سكوت تام وموت زؤام
                      كل الحلول المتاحة إعلامياً على أبواق النظام كانت تدفعنا للإختيار ما بين ثلاث إما
                      1 ماس كهربائي مفاجىء... أو
                      2 مواطن يعاني من حالة نفسية نتيجة فسخ خطوبته بعد سبع سنوات عجاف لعدم حصوله على شقة... أو
                      3 تنظيم القاعدة وحركة حماس أو أجندات خارجية أو قلة مندسة " مستخبية فى الدرة"

                      ورغم أن الراوي بالنص عاقل فلن يحتاج القارىء لأن يكون مجنون
                      فالأحداث الحالية رغماً عنا تضعنا بقميص المجانين وتكتف أيادينا " خلف خلاف خلفله المحامي" وتؤرجحنا ما بين الخوف والشك والغضب والوعي.
                      أما عن المُزز اللواتي يعج بهن النص.. " حلوة يعج دي مشتقة من عجة أم بيض وبطاطس" فأظنهن قادرات على تصدير أزهايمر الشعبي للخارج إذا ظلت دموعهن تخدعنا حد الإحتضان.
                      عرفتوا ليه من الأفضل أن تكون المرأة رئيسة جمهورية .. لأنها لن تنخدع بدموعهم أو دموعهن

                      أحياناً ما يكون منتهى العقل" أن يمسك القط مفتاح الكرار"!
                      دمت عاقلاً حد الجنون يا أخي الجميل
                      أعذرني للتقصير بكل شىء، إشتقت فقط إستفزاز حروفك لقلمي الكسول
                      [/align]
                      " أعترف بأني لا أمتلك كل الجمال، ولكني أكره كل القبح"
                      كلــنــا مــيـــدان التــحــريـــر

                      تعليق

                      • رشا عبادة
                        عضـو الملتقى
                        • 08-03-2009
                        • 3346

                        #12

                        لك هذا الجزء يا مصطفى " أعجبني وانا أقرأها" أظنه يحمل عن نصك نفس الروح الثائرة المرتبكة
                        من مسرحية..
                        فى انتظار جودو
                        تأليف : صمويل بيكيت


                        فلاديمير : ( بغضب ) أليس هناك أحد يعانى سواك . أما أنا فلا يُحسب حسابى . أننى أود أن أسمع ماذا يمكنك أن تقول لو أصبت بما أصبت أنا به ..
                        استراجون : أيؤلمك ؟

                        فلاديمير : يؤلمنى ؟ إنه يريد أن يعرف إذا كان يؤلم أم لا ؟ ( منحنياً ) لا تتجاهل أبداً الأشياء الصغيرة فى الحياة ..
                        استراجون : ماذا تتوقع .. إنك دائماً تنتظر حتى اللحظة الأخيرة ..
                        فلاديمير : ( متأملاً ) اللحظة الأخيرة .. ( يفكر ) إن التخلى عن الأمل يجعل الأمر سيئاً . من قال ذلك ؟
                        استراجون: لماذا لا تساعدنى ؟
                        فلاديمير : أحياناً أشعر أن الأمور فى كل الأحوال سواء .. وعندئذ أحس بالإضطراب ( يخلع قبعته وينظر بداخلها بإمعان ، يتحسس ما بها من الداخل ، يهزها ، ثم يضعها على رأسه ثانية ) . كيف أعبر عن نفسى ؟ أشعر بالراحة وفى نفس الوقت .. ( يبحث عن الكلمة المناسبة ) .. أحس بالفزع ( بنبرة تأكيد ) الفزع ( يخلع قبعته مرة ثانية ويحدق فى داخلها ) أمر مضحك ( ينقر عليها من الخارج كما لو كان يريد ان يتخلص من شيء غريب بداخلها ، يحدق فيها مرة ثانية ، ويضعها على رأسه من جديد ) لا فائدة .. ( ينجح استراجون بعد جهد بالغ فى نزع فروة حذائه ، ينظر بداخلها ، ويتحسس جوانبها من الداخل ، يقلّبها ويهزّها وينظر إلى الأرض ليرى إذا كان قد سقط منها شيء ، لا يجد شيئاً ، يتحسسها مرة ثانية ، بينما يرسل نظرة تائهة أمامه ) حسناً ؟
                        استراجون : لا شيء ..
                        فلاديمير : أرنى ..
                        استراجون : ليس هناك ما تراه ..
                        فلاديمير : حاول وضعها فى قدمك مرة ثانية ..
                        استراجون : ( بعد أن يتفحص قدمه ) سوف أعرّضها للهواء فترة من الوقت ..
                        فلاديمير : إنك لرجل غريب ، يحمّل حذائه أخطاء قدميه ( يخلع قبعته مرة ثانية وينظر بداخلها ، يتحسس جوانبها من الداخل ، ينقر عليها ، ينفخ فيها ، ويضعها على رأسه من جديد ) شيء مزعج ( صمت . يستغرق فلاديمير فى التفكير ويشد استراجون أطراف أصابع قدميه ) لقد أنقذ أحد اللصين . ( فترة صمت ) نسبة معقولة (فترة صمت) جوجو ..
                        استراجون : ماذا ؟
                        فلاديمير : لنفرض أننا ندمنا .
                        استراجون : ندمنا على ماذا ؟
                        فلاديمير : أوه ( يفكر ) ليس علينا أن نخوض فى التفاصيل .
                        استراجون : على أننا ولدنا ؟
                        ( ينفجر فلاديمير ضاحكاً من صميم قلبه ، ولكنه سريعاً ما يكبت ضحكته ، ضاغطاً بيده على معدته ، وقد تقلّص وجهه )
                        فلاديمير : إن المرء لن يجرؤ حتى على الضحك بعد الآن .
                        استراجون : حرمان خطير .
                        فلاديمير : عليه أن يبتسم ليس غير ( يبتسم فجأة ابتسامة تصل ما بين أذنيه ، ويظل مبتسماً ويكف فجأة ) ليس هذا نفس الشيء ! لا فائدة ( فترة صمت ) جوجو ..
                        استراجون : ( مستثاراً ) ماذا فى الأمر ؟
                        فلاديمير : هل قرأت الكتاب المقدس فى حياتك ؟
                        استراجون : الكتاب المقدس .. ( يفكر) لا بد أننى ألقيت إليه بنظرة ..
                        فلاديمير : هل تذكر الأناجيل؟
                        استراجون : إننى أذكر خرائط الأراضى المقدسة .. لقد كانت جميلة جداً . وكان البحر الميت أزرق باهتاً . لقد أحسست بالظمأ بمجرد نظرة واحدة ألقيتها إليه . لقد تعمدت أن أقول ذلك ، هذا هو المكان الذى سوف نذهب إليه لقضاء شهر العسل .. سوف نسبح .. سنكون سعداء ..
                        فلاديمير : كان لا بد أن تكون شاعراً .
                        استراجون : لقد كنت شاعراً ( يشير إلى أسماله ) أليس هذا واضحاً ؟ ( صمت )
                        فلاديمير : أين كنت .. كيف حال قدمك ؟
                        استراجون : متورمة كما هو واضح .
                        فلاديمير : آه ، نعم ، اللصان ، هل تذكر القصة ؟
                        استراجون : كلا .
                        فلاديمير : هل أقصها عليك ؟
                        استراجون : كلا ..
                        فلاديمير : إنها سوف تقتل الوقت ( فترة صمت ) كان هناك لصان صُلبا فى نفس الوقت مع مخلصنا أحدهما –
                        استراجون : مع من ؟
                        فلاديمير : مع مخلصنا . لصان . قيل أن أحدهما أُنقذ والآخر ( يبحث عن عكس كلمة أُنقذ ) .. أدين ..
                        استراجون : أُنقذ من ماذا ؟
                        فلاديمير : من الجحيم .
                        استراجون : إننى ذاهب . ( لا يتحرك )
                        فلاديمير : ومع هذا ( فترة صمت ) تصور كيف أن واحداً فقط – أرجو ألا يكون فى ذلك إملال لك – كيف أن واحداً فقط من كُتّاب الأناجيل الأربعة يتحدث عن لص واحد أُنقذ . لقد كان الأربعة موجودين هناك – أو فى تلك النواحى – ولكن واحداً فقط يتحدث عن لص أُنقذ ( فترة صمت ) هيا يا جوجو ، تبادل الحديث ، ألا تستطيع ، ولو لمرة واحدة ؟
                        استراجون : ( بحماس مبالغ فيه ) إننى أجد هذا الأمر ممتعاً بدرجة غريبة .
                        فلاديمير : واحد من أربعة .. وإثنان من الثلاثة الباقين لا يذكران لصاُ أو لصوصاً على الإطلاق ، أما الثالث فيقول أن كلاً منهما قد أساء إليه .
                        استراجون : من ؟
                        فلاديمير : ماذا ؟
                        استراجون : ما معنى هذا كله؟ ( فترة صمت ) أساء إلى من ؟
                        فلاديمير : إلى المخلص .
                        استراجون : لماذا ؟
                        فلاديمير : لأنه لم يشأ أن ينقذهما .
                        استراجون : من الجحيم ؟
                        فلاديمير : أيها الغبى .. من الموت .
                        استراجون : ظننت أنك قلت من الجحيم .
                        فلاديمير : من الموت ، من الموت .
                        استراجون : حسناً ، وماذا فى الأمر ؟
                        فلاديمير : عندئذ لا بد أن الإثنين قد أُدينا .
                        استراجون : ولم لا ؟
                        فلاديمير : ولكن التلميذ الآخر يقول أن واحداً منهما أُنقذ .
                        استراجون : حسناً ، إنهم لا يوافقون على كلامه ، وهذا كل ما فى الأمر .
                        فلاديمير : ولكن الأربعة كانوا هناك ، وواحد فقط يتحدث عن لص أُنقذ . فلماذا يُصدّق ولا يُصدّق الآخرون ؟
                        استراجون : من الذى يُصدّقه ؟
                        فلاديمير : كل الناس . إنها النسخة الوحيدة التى يعرفونها .
                        " أعترف بأني لا أمتلك كل الجمال، ولكني أكره كل القبح"
                        كلــنــا مــيـــدان التــحــريـــر

                        تعليق

                        يعمل...
                        X