حُجيل / سالم الجابري

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • سالم الجابري
    أديب وكاتب
    • 01-04-2011
    • 473

    #16
    -يبدو مخيفاً.
    -كما سمعت عنه فإن أرضه تسودها مياه سوداء تنتشر فيها جزر كثيرة حجارتها سوداء حارّة، نحن نخشى كثيراً الاقتراب من ذلك العالم ، لكن هناك البعض ممن يتمرد فيلجأ إلى الشياطين فيعلمونه كيف يؤذي وكيف يقتل.
    -وهل تأتي الشياطين إلى عالمكم هذا؟
    -قد تأتي ولكنها لا تستطيع البقاء لمدة طويلة وتكون شديدة الضعف بسبب برودة عالمنا هذا بالنسبة لها لكنها تستعين بالمردة كطمر.

    عدنا لأسفل في اتجاه القصر وعرّجت بي حجيل على أحد قطعان الغزلان وأمرت الراعي أن يأتي بالغزلان إلي الساحة، وصلنا الساحة لنجد كل سكان القصر قد نزلوا يبحثون عني، شبّان ونساء وأطفال ، طالع وابنه في وسطهم.
    حجيل حطّت على كتف أبيها وأما أنا فهبطت على طرف الساحة وأخذت شكلي الطبيعي، اتجهت للجمع وأنا أنظر لطالع بقامته الممتدة أعلى بكثير من البقية، أفسحوا لي طريقاً لأصل إلى طالع وهم يتقافزون من الدهشة.
    -أرجو أن لا تورطك ابنتي من جديد.
    -ما رأيته من جمال بلادكم أنساني كل شيء أيها الحاكم.
    -كنت في ما مضى أذهب إلى عالم الإنس وعرفت بلداناً وأقواماً كثيرة لكن الأمور تغيرت كثيراً في عالمكم فلم يعد وجودناً معتاداً كما كان من قبل، لا نستطيع المخاطرة بالتعرض للأنوار التي تشتعل في ليل عالم الإنس فهي تنهك أجسامنا بسرعة.
    أكمل طالع حديثه وإذا بالراعي قد ساق قطيع الغزلان إلى الساحة وبدأ يحلب في أواني فخارية واسعة، أول إناء جاء به ووضعه أمام طالع، قال لي طالع "إشرب" رفعت الإناء لأشرب وقبل أن يصل إلى فمي كانت حجيل قد أخذت شكلها وأمسكت الإناء بجانبي كأنها تريد أن تشرب معي.

    ضجت الساحة بأصوات النساء والأطفال وصاروا يقفزون في كل مكان، توقفت عن الشرب ووقفت أراقبهم بدهشة.......التفت إلى حجيل أبحث عن تفسير لكنها كانت منهمكة بالشرب.....التفت إلى طالع فإذا به ينظر إلي ويبتسم.

    -أنت لا تدري ماذا يعني أن تشرب معك جنيّة الحليب، أليس كذلك؟
    -وماذا يعني ذلك أيها الحاكم؟

    -هذا يعني أنها تريدك........وإذا كنت تريدها فأكمل شرب الحليب معها.

    للقصة بقية

    تعليق

    • سها أحمد
      عضو الملتقى
      • 14-01-2011
      • 313

      #17
      انه خيال محب
      جميلة قصتك فى عالمك المجهول
      ساتابع بشغف
      اكمل قصتك
      [SIZE=6][COLOR=black]اذآ ضآق الزمآن وشآنت ظروفك ترآنى مثل طيآت الذهب[/COLOR][/SIZE]
      [SIZE=6][/SIZE]
      [SIZE=6]مايختلف لونى[/SIZE]
      [SIZE=6][COLOR=red][/COLOR][/SIZE]
      [SIZE=6][COLOR=#ff0000][/COLOR][/SIZE]
      [SIZE=6][COLOR=#ff0000][/COLOR][/SIZE]
      [COLOR=#bfbfbf][/COLOR]

      تعليق

      • سالم الجابري
        أديب وكاتب
        • 01-04-2011
        • 473

        #18
        المشاركة الأصلية بواسطة سها أحمد مشاهدة المشاركة
        انه خيال محب
        جميلة قصتك فى عالمك المجهول
        ساتابع بشغف
        اكمل قصتك
        أستاذتي الفاضلة سها أحمد

        جزاك الله الجنة

        الجميل هو كلماتك

        شكراً لك

        تعليق

        • سالم الجابري
          أديب وكاتب
          • 01-04-2011
          • 473

          #19
          نظرت إليها فإذا شفتيها ملتقمة طرف الوعاء وعينيها تنظران إلي، هويت إلى الوعاء أقاسمها الحليب.....ضجّت الساحة مرّة أخرى بأصوات النساء والأطفال، كنّا نشرب ونناظر بعضنا البعض....سالت آخر القطرات إلى فمي وفمها.....انسلّت حافة الإناء من بين شفتيها على أحلى ابتسامة ...لم أرتوي من النظر لتلك الابتسامة الساحرة حتى حتى انطلقت لأعلى بسرعة عجيبة....طارت وألوان ريشها تتبدل ألوانها بلمح البصر.

          - ماذا تنتظر؟ الحق بها - قال طالع
          انطلقت ورائها بسرعة كدت معها لا أميز ملامح الأرض تحتي، كلما اقتربت منها كانت تلتف خلف جبل أو تختفي في أيكة فأرتفع إلى أعلى لأكشف عنها ثم تظهر فأنقض ورائها، طرنا فوق البحيرات عند سفوح الجبال، جفلت منّا قطعان الغزلان عندما مررنا فوقها مسرعين و قفز لنا الرعيان مبتهجين، قضينا وقتاً ممتعاً بين اللعب والمغازلة ، وأخيراً جلسنا تحت إحدى الأشجار البنفسجية على ربوة مرتفعة.
          سألتني حجيل إن كنت أفكر في وطني، صارحتها أني لم أستطع نسيانه برغم كل شيء، لا تغيب عني صورة أمي وهي تبكي عندما تفتقدني.
          -هل تعلم أنك تستطيع أن تزورها في الحلم؟
          -كيف ذلك؟
          -هناك منافذ ندخل منها إلى أفق أعلى نلتقي فيه بأرواح النائمين من بني آدم، فنتشكل لهم ونكلمهم فيرون ذلك حلماً في نومهم.

          للقصة بقية....

          تعليق

          • وفاء محمود
            عضو الملتقى
            • 25-09-2008
            • 287

            #20
            راااااااااااائع
            فى انتظارالبقيه
            [B][FONT=Arial Black][FONT=Arial Black][SIZE=7].................................[/SIZE][/FONT][/FONT][/B]

            تعليق

            • سالم الجابري
              أديب وكاتب
              • 01-04-2011
              • 473

              #21
              المشاركة الأصلية بواسطة وفاء محمود مشاهدة المشاركة
              راااااااااااائع
              فى انتظارالبقيه
              شرفني وجودكم

              جعل الله بقية أيامكم مديدة سعيدة

              شكراً جزيلاً

              تعليق

              • سالم الجابري
                أديب وكاتب
                • 01-04-2011
                • 473

                #22
                -كما كنت تأتينني في السابق.
                -نعم.....لكن الأمر فيه مخاطرة، فكما نحن ننفذ إلى ذلك الأفق فإن الشياطين والمردة يستطيعون ولا أأمن عليك من طمر وأسياده الشياطين.

                -كم مضى علينا الآن منذ أن غادرنا عالم الإنس؟
                -يقاس الوقت هنا باستدارة منبع نور الأفق، لم تمضي علينا هنا سوى أيام قليلة وهي مدة لا تذكر في عالمكم...........بعد يومين سيكون زفاف أختي، سيكون حدثاً مثيراً، ستأتي قبائل كثيرة من الجن للمشاركة في الحفل لكني لا أريدك أن تبتعد عن القصر، أخشى عليك من طمر وأخشى أن يستغل الحفل ليؤذيك.

                خصصت لي غرفة في القصر وباستثناء لونها الفيروزي فهي كتلك البلورة التي ركبتها أول دخولي لهذا العالم، إذا نويت الجلوس تشكل البلور من تحتي مقعداً وإذا أردت الاستلقاء استجاب البلور بالكيفية التي أريدها.

                المفاجأة التي كانت تنتظرني في أول غفوة لي في الغرفة كانت أني اتيقظت بعد فترة بسيطة وأنا أشعر بالراحة لكن جسمي كان ينضح عرقاً كثيراً ثم يختفي في البلور، ولما سألت حجيل عن ذلك ضحكت كثيراً قبل أن تجيبني، ثم قالت"إياك أن تخبر أحداً بذلك"
                -ولماذا لا أخبر أحداً؟
                -لأنه بمثابة ما يخرج من جسمك من فضلات........هنا هكذا تخرج الفضلات.

                جاء يوم الزفاف الموعود، وجاءوا بأخت حجيل العروس من أعالي الجبال، فحسب التقاليد لابد أن تبقى العروس في أعالي الجبال فترة قبل الزفاف لتتعرض لأنوار الأفق مما يساعد على تلطيف جسمها، جمع الرعيان كل الغزلان التي يملكها طالع وبنوا لها حظائر حول القصر ليراها الضيوف، أرسل الجن المحاربون ليحرسوا قمم الجبال تحسباً لقدوم مردة الجن الذين تعودوا السرقة والضر.
                انشغلت عني حجيل بأختها العروس مما أشعرني بغربة شديدة وزاد حنيني إلى وطني.
                التعديل الأخير تم بواسطة سالم الجابري; الساعة 15-04-2011, 12:25.

                تعليق

                • سالم الجابري
                  أديب وكاتب
                  • 01-04-2011
                  • 473

                  #23
                  باستثناء القاعة الأرضية لقصر الجبل حيث وُضعت العروس بدا كأنه قصر مهجور، خرجت أبحث عمّا يسليني، حلّقت فوق الجبال المحيطة، شدني صوت غناء عذب لأحد الرعيان، كان صوته عذباً لدرجة أن الغزلان كانت تلتف حوله وترعى بالقرب منه .....عند نهاية كل مقطع من أنشودته كان يمد صوته بعذوبة عجيبة تتردد أصدائها بين الجبال ثم يعود لينشد مقطعاً جديداً.


                  لم يكن تأثيره عليّ أقل عن تأثيره على الغزلان، نزلت بالقرب منه ، كان يسوق غزلانه وأنا أتبعه مسحوراً بألحانه، خلف تلّة صغيرة ظهر غدير ماء وعلى شاطئه كوخ صغير، وردت الغزلان إلى الغدير تشرب وتوقف الراعي عن الغناء، عند باب الكوخ كانت جنية تجلس وأمامها كومة كبيرة من وبر الغزلان ، لم تكن تغزل الوبر وبدلاً عن ذلك كانت تقبض قبضة بيدها ثم تتفل فيها ثم تفركها بين يديها فتخرج خيوطاً ناعمة.
                  جلست أراقبها بدهشة وهي منهمكة في عملها حتى انتهت كومة الصوف وصارت كلها إلى خيوط، عندها رفعت رأسها وقالت –أنت الإنسي الذي أتت به حجيل
                  -نعم أنا هو.
                  -تعال سأريك شيئاً

                  دخلت وراءها الى الكوخ الذي وجدته مختلفاً كثيراً عن أكواخ الرعيان التي سبق أن رأيتها، كان الكوخ مرتباً ومزيناً كأنه أحد بيوت البشر، قلت لها- ما هذا؟ بيتك لا يشبه بيوت الجن؟

                  لم تقل شيئاً وتقدمت نحو شيء طويل ملفوف بقماش من وبر الغزلان، طلبت مني الاقتراب ولمّا كشفت طرف اللفافة إذا بوجه رجل بشري كأنه نائم ......تراجعت إلى الوراء بفعل الصدمة، قالت لي-هذا أبي، إنه بشر مثلك، لقد مات منذ ما يزيد على مئة عام.
                  -مئة عام!!! لو قلتي لي إنه مات للتو لصدقتك......كيف لم يتغير منذ مئة عام؟!؟!
                  -لو مات في عالمه لأكلته الأرض وأما هنا فلا شيء مما يعتاش على أجساد بني آدم ولو بقي ألف سنة لن يتغير، وأما الجن فإذا ماتوا هنا فإن هذا الأثير الذي نسير فيه يمتص أجسادهم ولو ماتوا على الأرض لبقيت أجسادهم ككتل النار المشعة الحارقة تجوب الأرض.

                  خرجت الجنية من كوخها وتبعتها، طلبت مني العودة في الغد لتعطيني رداء من وبر الغزلان، ودّعت الجنية وأنا أتفكر في نفسي بعد أن أموت، وماذا سيحدث لو أن كثيرين مثلي سلكوا نفس الطريق، سيمتلأ عالم الجن بجثث الموتى من بني البشر.


                  للقصة بقية...
                  التعديل الأخير تم بواسطة سالم الجابري; الساعة 16-04-2011, 08:50.

                  تعليق

                  • سالم الجابري
                    أديب وكاتب
                    • 01-04-2011
                    • 473

                    #24
                    عدت الى قصر الجبل لأجد حجيل تنتظرني في الساحة الخارجية ، حييتها وقبلت يديها، أخذتني الى آخر الساحة حيث يدخل ينبوع الماء الدافئ القادم من الجبال تحت الساحة ثم يظهر في الطابق السفلي للقصر مشكلاً بحيرة متلألأة، حسرت حجيل عن ساقيها وجلست ثم غمست قدميها في الماء الجاري، كان ذهني مشغولاً بما رأيت في كوخ الجنية ولم أشأ أن تلاحظ حجيل ذلك فكان أقرب موضوع إلى الحديث هو الزفاف.
                    -حجيل، هل أنهت العروس استعدادها للزفاف؟
                    ظلت حجيل ساكتة ثم انحنت واخذت غرفة من الجدول بيدها وهي تراقف انسيابه من بين أصابعها ليعود في الجدول، نظرت إلي بنظرة باردة ثم قالت- لقد ذهبتَ إلى كوخ الغدير اليوم........أليس كذلك؟
                    -من أخبرك؟
                    -أخبرني أخي، لقد كلفته بحراستك في حال انشغالي عنك، أشك أن تلك الجنية بنت البشري أرسلت ابنها عمداً ليجذبك إليها.
                    -ولماذا تفعل ذلك؟
                    -لقد جاءت إلي أمس وهي تحاول إقناعي بأن لا أتزوجك وأن العلاقة بين الجن والبشر إنما هي شرّ فغضبتُ عليها.
                    -لقد طلبت منّي العودة غداً لتعطيني رداءً من وبر الغزلان!
                    -حقاً!!! إن جمع وبر الغزلان ونسجه شيء صعب جداً حتى على الجن وهو نادر جداً خصوصاً ما كان منسوجاً باللعاب.....إنه يحمي من الحرارة التي تطلقها الشياطين.

                    للقصة بقية
                    التعديل الأخير تم بواسطة سالم الجابري; الساعة 17-04-2011, 07:26.

                    تعليق

                    • سالم الجابري
                      أديب وكاتب
                      • 01-04-2011
                      • 473

                      #25
                      ابتعدت حجيل بنظرها بعيداً وهي سارحة وكأنها تنظر إلى المستقبل، لم أشأ أن أقطع عليها تأملها وأملت بعدها أن تبوح لي بما كانت تنظر إليه.....عادت بعينيها إلى عيني وقالت-هل تريد أن ترى العروس؟ هيا لنسبح في الجدول من هنا ونخرج من البركة في القصر حيث هي العروس.
                      انسابت حجيل في الجدول كأنها ماء وتبعتها أنا، أحساس رائع أن تسبح في ماء الجن، تخالج الماء ويخالجك، تصبح ماءً منساباً بذاتك ، قبل أن نصل إلى البركة طلبت مني حجيل أن أبقى ريثما تبلغ الجميع بوجودي، لحظات وأشارت لي بالخروج.
                      تلك هي المرّة الأولى التي أدخل فيها صالة القصر، نظرت إلى أعلى فإذا أنا في أسفل مخروط مهيب، تتدرج الأنوار فيه من أعلى إلى أسفل، القبة الرقيقة في الأعلى تتعامد مع البركة الدائرية التي خرجت منها.
                      من جوانب الجبل التي تلاقي الأرضية على اتساعها الرهيب تتدرج المادة الزمردية من الأخضر في الأسفل حتى الأحمر القاني، مدت حجيل يدها لي لأخرج من البركة جافاً كما دخلت، أين العروس والجميع-سألتها
                      -تعال معي-قالت حجيل
                      تبعتها ، مشت بي بمحاذاة جدار الزمرد الأخضر، ظهر أمامنا فجأة جدار زمردي أحمر يساير الجدار الأخضر ليكونا بينهما ممراً مضاءً بألوان ممتزجة بين الأخضر والأحمر، مددت يدي لأتلمس الجدار فاكتشفت أنه مجرد خيال من انعكاسات الضوء في زمرّد الجبل......مشينا في الممر وأفضى بنا إلى قاعات متعددة تموج بالجنيات اللواتي يقمن بتزيين العروس.......كل جدران القاعات والغرف كانت متشكلة من الانعكاسات والتكسرات العجيبة للنور في زمرد الجبل، لا يمكن للناظر أن يصدق أن الجدران وهمية حتى يحاول لمسها فلا يحس بشيء، ثم لاحظت بعد ذلك أن هذا الأمر لاينطبق على الخدم، فحينما يصطدمون بها فإنها تصدهم.


                      للقصة بقية.....
                      التعديل الأخير تم بواسطة سالم الجابري; الساعة 17-04-2011, 12:07.

                      تعليق

                      • سالم الجابري
                        أديب وكاتب
                        • 01-04-2011
                        • 473

                        #26
                        تستحق عروس الجن تلك صفحات وصفحات من الوصف، ولو ألف في وصفها الكتب لما كان ذلك ترفاً، دخلت قاعتها وكانت خادماتها يحطن بها من كل جانب، كان بريق ثوبها يتسلل لعيني من بين الجنيّات كلما تحركن، ماهيّة الثوب عجيبة، أقرب ما يمكن أن أشبهها به هو الذهب الخالص الشفّافّ، ويا للعجب فقد كان يشفّ نفسه ولا يشفّ جسمها.
                        كانت جالسة على كرسي زمردي أخضر لكن الناظر إليها من بعيد يحسب أنها واقفة بسبب قامتها وطول عنقها، لاحت لي من بين الجنيات ذراعها العارية والتفاف الثوب عند كتفها فلم أرى أحسن ولا أروع منه، كان شعرها المنساب حتى يسقط على الكرسي يتسابق للإلتفات معها إذا التفتت.

                        عيناها واسعتان تحرسهما رموش طويلة شديدة السواد تكاد أن ترى ظلالهما، سواد عينها شديد وبياضها شديد مع تعرجات حمراء خفيفة، أذنيها فراشتين جميلتين التحفتا بخصلات ناعمة من شعرها.
                        كانت الجنيات تتزاحم عند قدميها وهي تراقبهن، كنت أتمنى أن أرى ماذا يفعل عند قدميها.....ملت برأسي يميناً وشمالاً حتى وجدت فرجة بين الجنيات أنظر منها......لقد كنّ يوشين ثوبها ثوبها بالجواهر، كن يضعن الجوهرة بحاشية الثوب فتثبت فإذا أعجبتها بقيت وإلا فتنزعها الجنّية وتضع جوهرة أخرى.
                        حذاءها لم يكن أقل عجباً، كان نحتاً من جليد مضيء تجمدت فيه نجوم متلألأة.


                        للقصة بقية.....

                        تعليق

                        • سالم الجابري
                          أديب وكاتب
                          • 01-04-2011
                          • 473

                          #27
                          طالع وأبناءه وأبناء قبيلته ورعيانهم تجمعوا في الساحة استعداداً لاستقبال الضيوف، حرصت أن أكون في أعلى القصر لأشرف على كل المشهد ولا يفوتني شيء، دوّى في الأفق صوت قوي كنعيق البوم ظننت أنه علامة على وصول الضيوف، هرع الرعيان إلى حظائر الغزلان وبدءوا بحلبها، تراجع كل من كان يقف مع طالع إلى الخلف وبقي هو منفرداً ثم تضخمت هيئته إلى الضعف أو أكثر.....من بين التلال المحاذية للجبال بدت جماعة تتقدم نحو القصر، لاشك أنهم من الجن الحكام فهم يشبهون أصحابي، يتقدمهم رجل ضخم الهيئة وما أحسبه إلا فعل كما فعل طالع ليعرف أنه هو الزعيم، هؤلاء أيضاً كانوا يسوقون ماشيتهم خلفهم وأغلب ظني أنها كانت مهراً للعروس.

                          أول اللقاء كان بين طالع والزعيم الآخر وكان السلام باليدين كما يفعل الإنس، ثم التف كل البقية على طالع وتكوموا عليه كأنهم يقبلونه في كل مكان، وأما الزعيم الآخر فقد اجتمع عليه جماعة طالع وفعلوا معه ذات الشيء.
                          بعد ذلك جاء رعيان طالع بأوعية الحليب ووضعوها أمام الجماعة الأخرى كما حلب رعيان الجماعة الأخرى غزلانهم وأتوا بالحليب ووضعوه أمام طالع وجماعته، لم يبادر أحد إلى شرب الحليب وأيقنت أنهم بانتظار شيء ما......إنها العروس، خرجت العروس من القصر ومشت حتى ووقفت بجانب أبيها، من الجهة المقابلة تقدم جني شاب ووقف بجانب الزعيم الآخر ثم تناول أحد أوعية الحليب وقدمه للعروس ثم بدءا بالشرب معاً واحتفل الجن كالعادة بالصياح احتفالاً بالزواج السعيد وانتقلت بعدها العروس لتقف في جماعة الزوج.
                          لم أنتبه أن حجيل كانت ورائي تراقب المشهد، فاجأتني بالقول "سيكون زفافنا قريباً، فقط أعطني وقتاً لأستعد"

                          لم أستطع أن أجيبها، ساعتها تذكرت أمي ......نظرت في عينيها الحانيتين وكأني أريدها أن تكون أماً في تلك اللحظة، لم أتقبل بعد أني لن أستطيع العودة.
                          قالت حجيل-هل تفتقد أحداً
                          -نعم، أفتقد أمي كثيراً
                          -ما رأيك لو زرناها في نومها الآن؟
                          -هل تعنين في الحلم؟
                          -نعم، نستطيع أن نصل إلى أفق أرواح النائمين في لحظات، وإن كانت نائمة الآن فسنجدها.


                          للقصة بقية....

                          تعليق

                          • سالم الجابري
                            أديب وكاتب
                            • 01-04-2011
                            • 473

                            #28
                            قادتني حجيل نحو أفق عالي جديد ، أنوار الأفق كانت تشكل الفاصل بين الأفقين، حذرتني كثيراً من الشياطين التي ترتاد هذا الأفق بكثرة ويمكن رؤيتها على شكل كتل سوداء تتحرك بسرعة أو على شكل خيوط متدلية إلى السماء.
                            -كيف سنجد أمي يا حجيل.
                            -هذا سهل جداً ، لكل بقعة على الأرض امتدادها على هذا الأفق ويمكن الاستدلال عليها بواسطة النجوم وإن كانت أمك نائمة سنجدها في مكانها المحدد.
                            نظرت للنجوم فإذا هي واضحة بشكل غريب جداً، سديم المجرات المتشكل بألوان بين الأزرق الناري إلى الأحمر يأخذ الأبصار من جماله، يخيل للناظر أنها قريبة جداً إلا أنها بعيدة كل البعد، البصر هنا لا يحده حدود، استطعت أن أرى إلى مالا نهاية له من النجوم والمجرات، النيازك السابحة، لا سماء تحدد الحدود، فضاء منطلق يجبرك على الاعتراف بحجمك الحقيقي.
                            -هذا هو المكان لكن لابد أن ننتظر حتى تتراءى لنا أمك ثم ادخل في خيالها المتشكل وخاطبها بما شئت، سأنتظر هنا أراقب مخافة أن يأتي أحد الشياطين.
                            لحظات وتراءى لي خيال أمي فدخلت فيه، كأنها نائمة فأيقظتها ، سألتها عن حالها وعن أبي فقالت إنهم بخير ثم سألتني
                            -تركتك نائماً مالذي أيقظك؟
                            -امي، لقد ذهبت إلى عالم الجن وقد لا أستطيع العودة.
                            -من هذه الفتاة التي تقف خلفك؟
                            -هذه جنية.
                            صرخت حجيل صرخة أرعبتني، التفتّ أليها وهي تصرخ صرخة أخرى لكنها مبتعدة لم يصلني منها إلا نهايتها.....سحابة سوداء متطاولة أخذت حجيل معها كالشهاب الصاعق.
                            أدركت أنه شيطان اختطف حجيل، انطلقت وراءه بكل سرعتي إلا أني لم أستطع حتى تحديد مساره وسط الفضاء اللامتناهي.....

                            للقصة بقية......

                            تعليق

                            • سالم الجابري
                              أديب وكاتب
                              • 01-04-2011
                              • 473

                              #29
                              همت في الفضاء على غير هدىً باحثاً عن حجيل آملاً أن تكون قد تخلصت من الشيطان أو أن يكون ألقاها في مكان ما ، بحثت في كل الاتجاهات حول النجم الذي اهتدينا به عند صعودنا لكن جهدي ضاع سدىً، قررت العودة....لكن بأي وجه سأعود وأقابل طالع وأم حجيل ......اشتد حزني على حجيل ولم تغب استغاثتها الأخيرة عن سمعي، تخيلت امتداد يدها لي وزيغ عينيها وذلك الشيطان يطير بها بعيداً......

                              تذكرت تلك الجنية التي دخلت كوخها بالأمس والتي وعدتني برداء الغزلان ، كنت قد نسيتها، لا بد أنها كانت تتوقع شيئاً كالذي وقع ولهذا ذهبت لحجيل واستدرجتني إلى كوخها لتريني الرجل الميت وتعطيني الرداء.

                              عدت إلى أفق الجن وتحاشيت المرور بجانب القصر، استدرت حول الجبال واتجهت لكوخ الجنية، أمكنني رؤية الرداء الذي وعدتني به معلقاً على أحد العظام الناشزة من الكوخ، لمّا رأتني قامت وكأنها كانت تنتظرني.

                              -شيء ما أصاب حجيل أيها البشري؟
                              -نعم، لقد كنا في أفق الأحلام واختطفها شيطان.
                              -لقد حذرتها بشدة ولكن حبها لك أعمى بصيرتها، لقد قلت لها أن طمر لا يمكن أن يتركها وأنه سيستعين بأسياده الشياطين لإيذائها أو إيذائك ولن يتورع عن شيء.
                              -ماذا سيحل بها الآن؟
                              -أشياء كثيرة قد تحدث إذا لم نسرع.....قد تباع خادمة لأحد الشياطين أو تقتل لتستغل بقايا جسدها في السحر أو تقدم لطمر كعبدة مقابل خدمات لأسياده.....

                              للقصة بقية.....

                              تعليق

                              • سالم الجابري
                                أديب وكاتب
                                • 01-04-2011
                                • 473

                                #30
                                -هل تعتقدين أنه يجب أن نخبر طالع؟
                                -أفضل شيء فعلته أنك لم تخبر طالع، أنت لا تعرف طبيعة الجن، ربما لأن نصفي بشري قد أتصرف بطريقة مختلفة لكن الجن يكادون يفقدون العقل في مثل هذه الأمور ولا أستبعد أن يذهب طالع خلف ابنته الى عالم الشياطين فيلقى نفس مصيرها.

                                -إذن مالعمل الآن؟

                                -أولاً عليك بارتداء هذه العباءة التي تأخرت في القدوم لأخذها لتحميك من الحرارة وثانياً عليك أن تأخذني إلى حيث فقدت حجيل وسنتتبع أثر الشيطان من هناك، كل شيطان يمر بالأثير يترك أثراً بسبب حرارته العالية......سنتبعه إلى عالم الشياطين وهناك لابد أن تستمع جيداً لكل ما أخبرك به فقد ينتهي بنا الأمر كلنا إلى عبيد إن لم نحسن التصرف.

                                ارتديت العباءة وارتدت هي عباءة أخرى وحملت معها قطعة القماش التي كانت تغطي بها جثة أباها وتوجهنا إلى حيث اختطفت حجيل، وجدت الجنية أثر الشيطان الذي كان على شكل نفق لا يمكن ملاحظته بسهولة، انطلقنا بأقصى سرعتنا في ذلك النفق وكلما اقتربنا من ذلك الأفق الأسود الذي يمثل حدود عالم الشياطين تكاثرت حولنا آثار مرور الشياطين وأحياناً تتقاطع مع بعضها مما كلفنا جهداً في تبين الأثر الصحيح.

                                -اسمع أيها البشري، مهمتنا تتلخص في إيجاد حجيل ولفّها في قطعة القماش هذه واخراجها ، ستكون حجيل الآن في غاية الضعف بسبب الحرارة، ما أطلبه منك أن لا تخاف من الشياطين لأنها قد تتشكل لك على هيئات عديدة واحذر أن تخدعك فقد تتشكل لك على هيئة حجيل، إني أخشى من طمر أكثر مما أخشى من الشياطين لأنه قادر على مهاجمتنا وأما الشياطين فتخشى أن تلامس العباءة فتبرد أجسامها فتموت.


                                للقصة بقية.....

                                تعليق

                                يعمل...
                                X