ظِل الفيل مطعوناً

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • جلال داود
    نائب ملتقى فنون النثر
    • 06-02-2011
    • 3893

    ظِل الفيل مطعوناً

    ( تعدّدت الأفيال و الظل واحدٌ )
    ***
    إن كنتَ ممن نجحوا في السباحة ضد التيار ..فأنت شخص لا مثيللك ..
    و إن استطعت ترويض كل الظروف لتكون في خدمتك ..فأنت من طينة فريدة ..
    و أن ( تكُوُن) بالفعل تمثل نفسك في هذا الزمن الصعب هو كمحاولة ترويض جواد بري جامح ..
    أو كإرجاع العسل إلىبطن النحلة ..
    معادلة مربكة .. متشابكة العناصر ..
    و السفر مع اتجاه الريح لا يعطي الذاتكينونتها...
    حتى و إن كان السفر مع أسراب مغردة بنفس اللحن و بذات إيقاع الأجنحة وللوجهة ذاتها و في نفس الموسم ..
    ( من قال أن الموت الجماعي عُرس ؟ ) ؟؟؟

    ***
    رأيتفي صغري جارنا ( الموقر و مهاب الشخصية ..)
    يحاول أن يتحسس صدرفتاة مراهقة بعمر حفيدته بشبق و لهفة..
    و رغبة مجنونة تنفر من عينيه المحمرتينبحُمَّى اللحظة..
    و هي تقاومه و تحاول التملص منه مذعورة ..
    و لم ينقذها سوىدخولي المفاجئ و رؤيته لي ..
    فأسرع نحوي محاولا معاقبتي لدخولي دون استئذان(و كأنه يمارس حقا مشروعاً ) ..
    فهرولت خارجا و الرعب و الدهشة ملْء العينين والنفس..
    كان شعوري وقتها بأن كل ما درسناه في المدرسة هو محض إفتراء و كذب ..
    و أن الجاذبية الشعرية سحر و شعوذة ..
    و أن الثعالب لا بد أن يكون لديهادين و دستور محترم ..
    و أن الأرض ليست بكروية ..و لا تدور حول نفسها ..
    و لاوجود لخط الاستواء .. .
    عندما حدَّثْتُ أسرة الفتاة بما رأيت و أنا مبهورالأنفاس ..
    اتهموني بالسَّفَه و التلفيق و تضخيم الأمور..
    ( كيف تتهم هذهالقامة الموثوق بها أيها المتطاول ؟)
    و ظل الرجل في نفس قامته و هيبته ( لا تنقص بل تزيد)
    (دجال في مسوح الرهبان ) ظل ينظر إلى باحتقار و غيظ ..
    و معأنهم اكتشفوا حقيقته كاملة غير منقوصة بعد عدة سنوات .. إلا أن أحدا لم يجرؤ على أنيقول ( البغلة في الإبريق ) .. ظلت بغلة الرجل تدخل و تمرق من فم الإبريق الضيق تحترفض مكبوت و جُبْن يصيب بالغثيان ..

    بعدها ...
    حاولت كثيراً أن أكون كقاربصغير أَنطَلِقُ مع بقية السفن و القوارب و المراكب حيثما تقودني الرياح فارداً ماتيسر لي من الأشرعة.. و لكنني فشلت .. فشلت فشلا ذريعاً

    ***

    إحدى قريباتي ، زوجوها رغما عنها من رجل لا تطيقه تحت إلحاح الأسرة و ضغوطها و التحججبتقريب ما تباعد من الروابط الأسرية ..
    و لكن .. لم يمض على زواجهما بضعة أشهر .. أتتني يوماً و وجهها مليء بالكدمات و الرضوض و الدم يسيل من فمها .. منظريستفز الحجر الأصم ..
    فما كان مني إلا أن ذهبت إليه مع أحد أقاربي الذين منحهمالله بسطة في الجسم و ضموراً في العقل محاولاً التفاهم معه بالحسنى..
    ( إلا أنهاستقبلنا بسيل من الشتائم و حاول أن يستعمل العنف معنا أيضا... )
    فما كان منالفحل الذي معي إلا و أن أراه عدة نجيمات في عز ذلك الظهر القائظ و كال له من ذاتالمكيال و سقاه من نفس الكأس..
    ( رغم اقتناعي التام وقتها بأن مكيال الفحل كانأوسع بحيث فاض كيله .. أما كأسه فقد كانت أشد مرارة..)
    و لأن الفحل إياه كانمكروهاً من كل الأسرة ( لأن مَنْطِقه يكْمُن دائماً في يديه إن عجز عقله إيصال فكرتهو حججه ) .. فقد وقفتْ كل الأسرة مع الزوج و وصفته بأنه مظلوم قد وقع عليه ظلميالبائن بينونة غليظة لاستعانتي بمجنزرة بشرية لاستعادة حقوق تلك المهيضة الجناح رغمأن تواجده معي في تلك اللحظة كان محض صدفة ..
    بل و ذهبوا أكثر من ذلك فقد طلبوا منيبأن أذهب بالزوجة للاعتذار للزوج ..
    هكذا صارت العلقة المرتدة ظلماً يتطلب اعتذارتلك المهضومة الحق .. فلما عرضت الأمر عليها طلبتْ الطلاق فوراً و كان رسولها في طلبالطلاق تلكم المجنزرة البشرية ....
    فنكص الزوج على عقبيه خوفاً و فزعاً و حدث الطلاق .. و هي الآن مع زوج آخر تنعم بدفء حب زوجها و أبناءها ..
    ميزان العدل عند الناسليس بأعمى .. بل هو مبصر و له عدة مكاييل و أوزان .. و المحاكم عند الناس تُعْقد ويكون الحكم جاهزاً و القرار ممهوراً قبل الاستماع إلى أي أقوا أو شهود ..


    ****

    في إحدى القرى .. تنازع العمدة و مواطن في أحقية قطعة أرضزراعية خصبة .. و تطور النزاع حتى كاد يطال علاقات الناس مع بعضهاالبعض
    ..
    فالبعض يقف مع المواطن سراً و لكن في العلن إما محايد أو صامت و أكثرهمفي صف العمدة ....
    و أجتمع الأهالي لحل النزاع ..
    و رغم أن الأهالي كانواعلى يقين تام بأن العمدة لا يملك ( شبراً واحداً ) في تلك الأرض و لا حق له حتى بالمرور علىترابها ، إلا أنهم ( وبَّخوا ) المواطن على تجرؤه على منازعة العمدة و اتهموهبالاعتداء على حقوقه و طالبوه بالقيام وسط كل الناس و الإعتراف بأحقية العمدة فيكامل الأرض و التنازل عنها و الاعتذار عما سببه للعمدة من إزعاج ..
    عيونهم ترى فيلالظلم و لكنهم ينهالون طعنا في ظله المتهالك.
    انعقدت محكمة برئاسة العمدة ( كخصم و حكم )
    فوقف الرجل وسط وجوم الناس .. شامخاً و لكنبانكسار المغلوب على أمره
    و فقد أرضه بالإجماع..
    وجم الناس ليروا ( عورة كرامتهم ) تُنْزع عنها ورقةالتوت .. كل جريرته هذا المغلوب على أمره أن ( عورة الناس ) حق مشاع للعمدة و أمثاله.
    و ما عليه هو و أمثالهأن يقوموا بتعريتها ( و حينئذ لا لوم عليه .. فالكل راضٍ ) .. العورة عورتنا و نحنأحرار فيها ..
    قام الرجل .. و الوجوم يخيم على الكل..
    العمدة قابل إعلانالنصر في زهو و خيلاء منتفخ الأوداج ..
    وقف الرجل و أقترب من العمدة و قال بصوتواثق : توكلت على الله الحى القيوم ..
    ثم صفع العمدة بيده المخشوشنة التيأستهلكها استصلاح تلك الأرض.. صفعة جعلتْ العمدة مطروحا على قفاه أرضا..
    ثم قالللعمدة : الأرض مبروكة عليك..
    ثم أنطلق لا يلوي على شيء ..
    الذهول ألجم ألسنةالناس للحظات .. قبل أن يعلنوا أن الرجل لا شك فقد عقله ..
    حاول بعض ( حارقيالبخور ) أن ينالوا من الرجل .. و لكن العمدة منعهم .. فهو يعرف بأن الأرض التينالها زورا و ظلما .. تستحق أكثر من صفعة ..

    ***
    جلال داود ( الرياض )
  • جلال داود
    نائب ملتقى فنون النثر
    • 06-02-2011
    • 3893

    #2
    عذرا .. فهناك كلمات تداخلت في بعضها البعض و لا سبيل لتعديل المشاركة غير هذه الطريقة ، عليه فالتعديل هنا باللون البنفسجي للكلمات التي تشابكت . أكرر الإعتذار


    المشاركة الأصلية بواسطة جلال داود مشاهدة المشاركة
    ( تعدّدت الأفيال و الظل واحدٌ )


    ***
    إن كنتَ ممن نجحوا في السباحة ضد التيار ..فأنت شخص لا مثيل لك ..
    و إن استطعت ترويض كل الظروف لتكون في خدمتك ..فأنت من طينة فريدة ..
    و أن ( تكُوُن) بالفعل تمثل نفسك في هذا الزمن الصعب هو كمحاولة ترويض جواد بري جامح ..
    أو كإرجاع العسل إلىبطن النحلة ..
    معادلة مربكة .. متشابكة العناصر ..
    و السفر مع اتجاه الريح لا يعطي الذات كينونتها...
    حتى و إن كان السفر مع أسراب مغردة بنفس اللحن و بذات إيقاع الأجنحة وللوجهة ذاتها و في نفس الموسم ..
    ( من قال أن الموت الجماعي عُرس ؟ ) ؟؟؟

    ***
    رأيت في صغري جارنا ( الموقر و مهاب الشخصية ..)
    يحاول أن يتحسس صدرفتاة مراهقة بعمر حفيدته بشبق و لهفة..
    و رغبة مجنونة تنفر من عينيه المحمرتين بحُمَّى اللحظة..
    و هي تقاومه و تحاول التملص منه مذعورة ..
    و لم ينقذها سوى دخولي المفاجئ و رؤيته لي ..
    فأسرع نحوي محاولا معاقبتي لدخولي دون استئذان(و كأنه يمارس حقا مشروعاً ) ..
    فهرولت خارجا و الرعب و الدهشة ملْء العينين والنفس..
    كان شعوري وقتها بأن كل ما درسناه في المدرسة هو محض إفتراء و كذب ..
    و أن الجاذبية الشعرية سحر و شعوذة ..
    و أن الثعالب لا بد أن يكون لديهادين و دستور محترم ..
    و أن الأرض ليست بكروية ..و لا تدور حول نفسها ..
    و لاوجود لخط الاستواء .. .
    عندما حدَّثْتُ أسرة الفتاة بما رأيت و أنا مبهورالأنفاس ..
    اتهموني بالسَّفَه و التلفيق و تضخيم الأمور..
    ( كيف تتهم هذه القامة الموثوق بها أيها المتطاول ؟)
    و ظل الرجل في نفس قامته و هيبته ( لا تنقص بل تزيد)
    (دجال في مسوح الرهبان ) ظل ينظر إلى باحتقار و غيظ ..
    و مع أنهم اكتشفوا حقيقته كاملة غير منقوصة بعد عدة سنوات .. إلا أن أحدا لم يجرؤ على أن يقول ( البغلة في الإبريق ) .. ظلت بغلة الرجل تدخل و تمرق من فم الإبريق الضيق تحت رفض مكبوت و جُبْن يصيب بالغثيان ..

    بعدها ...
    حاولت كثيراً أن أكون كقارب صغير أَنطَلِقُ مع بقية السفن و القوارب و المراكب حيثما تقودني الرياح فارداً ما تيسر لي من الأشرعة.. و لكنني فشلت .. فشلت فشلا ذريعاً

    ***

    إحدى قريباتي ، زوجوها رغما عنها من رجل لا تطيقه تحت إلحاح الأسرة و ضغوطها و التحجج بتقريب ما تباعد من الروابط الأسرية ..
    و لكن .. لم يمض على زواجهما بضعة أشهر .. أتتني يوماً و وجهها مليء بالكدمات و الرضوض و الدم يسيل من فمها .. منظر يستفز الحجر الأصم ..
    فما كان مني إلا أن ذهبت إليه مع أحد أقاربي الذين منحهم الله بسطة في الجسم و ضموراً في العقل محاولاً التفاهم معه بالحسنى..
    ( إلا أنه استقبلنا بسيل من الشتائم و حاول أن يستعمل العنف معنا أيضا... )
    فما كان من الفحل الذي معي إلا و أن أراه عدة نجيمات في عز ذلك الظهر القائظ و كال له من ذات المكيال و سقاه من نفس الكأس..
    ( رغم اقتناعي التام وقتها بأن مكيال الفحل كان أوسع بحيث فاض كيله .. أما كأسه فقد كانت أشد مرارة..)
    و لأن الفحل إياه كان مكروهاً من كل الأسرة ( لأن مَنْطِقه يكْمُن دائماً في يديه إن عجز عقله إيصال فكرته و حججه ) .. فقد وقفتْ كل الأسرة مع الزوج و وصفته بأنه مظلوم قد وقع عليه ظلمي البائن بينونة غليظة لاستعانتي بمجنزرة بشرية لاستعادة حقوق تلك المهيضة الجناح رغم أن تواجده معي في تلك اللحظة كان محض صدفة ..
    بل و ذهبوا أكثر من ذلك فقد طلبوا مني بأن أذهب بالزوجة للاعتذار للزوج ..
    هكذا صارت العلقة المرتدة ظلماً يتطلب اعتذار تلك المهضومة الحق .. فلما عرضت الأمر عليها طلبتْ الطلاق فوراً و كان رسولها في طلب الطلاق تلكم المجنزرة البشرية ....
    فنكص الزوج على عقبيه خوفاً و فزعاً و حدث الطلاق .. و هي الآن مع زوج آخر تنعم بدفء حب زوجها و أبناءها ..
    ميزان العدل عند الناس ليس بأعمى .. بل هو مبصر و له عدة مكاييل و أوزان .. و المحاكم عند الناس تُعْقد ويكون الحكم جاهزاً و القرار ممهوراً قبل الاستماع إلى أي أقوا أو شهود ..


    ****

    في إحدى القرى .. تنازع العمدة و مواطن في أحقية قطعة أرض زراعية خصبة .. و تطور النزاع حتى كاد يطال علاقات الناس مع بعضهاالبعض..
    فالبعض يقف مع المواطن سراً و لكن في العلن إما محايد أو صامت و أكثرهم في صف العمدة ....
    و أجتمع الأهالي لحل النزاع ..
    و رغم أن الأهالي كانواعلى يقين تام بأن العمدة لا يملك ( شبراً واحداً ) في تلك الأرض و لا حق له حتى بالمرور على ترابها ، إلا أنهم ( وبَّخوا ) المواطن على تجرؤه على منازعة العمدة و اتهموه بالاعتداء على حقوقه و طالبوه بالقيام وسط كل الناس و الإعتراف بأحقية العمدة في كامل الأرض و التنازل عنها و الاعتذار عما سببه للعمدة من إزعاج ..
    عيونهم ترى فيل الظلم و لكنهم ينهالون طعنا في ظله المتهالك.
    انعقدت محكمة برئاسة العمدة ( كخصم و حكم )
    فوقف الرجل وسط وجوم الناس .. شامخاً و لكن بانكسار المغلوب على أمره
    و فقد أرضه بالإجماع..
    وجم الناس ليروا ( عورة كرامتهم ) تُنْزع عنها ورقة التوت .. كل جريرته هذا المغلوب على أمره أن ( عورة الناس ) حق مشاع للعمدة و أمثاله.
    و ما عليه هو و أمثاله أن يقوموا بتعريتها ( و حينئذ لا لوم عليه .. فالكل راضٍ ) .. العورة عورتنا و نحن أحرار فيها ..
    قام الرجل .. و الوجوم يخيم على الكل..
    العمدة قابل إعلان النصر في زهو و خيلاء منتفخ الأوداج ..
    وقف الرجل و أقترب من العمدة و قال بصوتواثق : توكلت على الله الحى القيوم ..
    ثم صفع العمدة بيده المخشوشنة التي أستهلكها استصلاح تلك الأرض.. صفعة جعلتْ العمدة مطروحا على قفاه أرضا..
    ثم قال للعمدة : الأرض مبروكة عليك..
    ثم أنطلق لا يلوي على شيء ..
    الذهول ألجم ألسنة الناس للحظات .. قبل أن يعلنوا أن الرجل لا شك فقد عقله ..
    حاول بعض ( حارقي البخور ) أن ينالوا من الرجل .. و لكن العمدة منعهم .. فهو يعرف بأن الأرض التي نالها زورا و ظلما .. تستحق أكثر من صفعة ..

    ***

    جلال داود ( الرياض )

    تعليق

    يعمل...
    X