(لعبة) نجية يوسف.. قراءة في نص قصصي قصير

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • مختار عوض
    شاعر وقاص
    • 12-05-2010
    • 2175

    (لعبة) نجية يوسف.. قراءة في نص قصصي قصير

    (لعبة) نجية يوسف.. قراءة في نص قصصي قصير



    النص:


    لعبة!!


    المكانُ يلفُه البرد ، اللُّعبُ فيه كثيرة ، وصاحبُ الدكان يرتب البضاعة ، يتفنن في عرضها للزبائن .

    أخذتْ مكانها بهدوء على الرف بين اللُّعب، وفي عينيها وميض!!

    كانت تدرك أنها غيرُ كل اللُّعب .

    تردد كثيرا على المكان وعيناه مصوبتان نحو عينيها ، رفعها ، قلّبها بين يديه ، أمعن النظر ، أعادها بهدوء وخرج .

    سرت فيها حرارةُ يديه ، لحقته عيناها ، صدقت خيالها في أنها ليست من اللُّعب !!!

    وسرى في الدكان صمت .

    عاد بعد زمن !!

    كانت عيناها أكثرَ سعادةً من عينيه حين رأته يقايض صاحب الدكان ويلفُّها له في علبةٍ صغيرة .

    أطلّت برأسها مستعجلةً الخروجَ من العلبة ،

    آه ، غرفةٌ أنيقة ،

    البرد فيها أشد !!!

    اللُّعب تملأ المكان ...........




    القراءة


    أعترف – بدايةً - أنني منذ تعرفت إلى حرف مبدعتنا الأستاذة نجية يوسف أجدُ في القراءة لها مغامرة تتخللها متعة التأمل في بناء العبارة، وتشكيل الصورة، وتداخل الأزمنة والأمكنة في نسيج يصعب فصله مما يؤكد على عمق الرؤية وشدة التأثر أثناء العملية الإبداعية لدرجة يستحيل معها فصل النص عن مبدعته، وكأنهما صورتان طبق الأصل لنفس اللوحة، مما يؤكد أن الكتابة لديها تمثل حالة من المعاناة القوية لا أجد أصدق تعبير عنها إلا كلمات توقيعها: "كلماتنا أرواحنا تهمي على السطر".
    وهنا في هذا النص القصصي القصير أجد ذلك متحققا غاية التحقق لدرجة يصعب معها النظر إليه دون الحديث عن حالة إبداع ترقى إلى مستوى الشعر، كيف؟
    هذا ما سأحاول الإجابة عنه من خلال تتبع الأحداث القليلة التي تصف لنا مكانا باردًا لبيع اللعب.. بينما لعبة ما ترى في نفسها ما يؤهلها لأن تكون أكثر من مجرد ذلك (وهي إشارة قوية لعدم الرضا عن حياتها السابقة)، مما يجعلها تبحث عن مالك بذاته (يستحقها)، وعندما تَكّرّرَ تردُّدُ هذا الذي انتظرتْ أن ينتشلها من البرودة على المكان الذي لا تطيق البقاء فيه التقت الأعين، ثم تمت عملية المعاينة الأولى ومن خلالها سرت حرارة يديه إلى اوصالها، ولكنه – مع الأسف – اكتفى بتقليب اللعبة (السلعة) ولم يأخذ قراره النهائي بنقل ملكيتها إليه، وهنا تكمن العقدة (شديدة الرقة) للنص متمثلة فيما صاحب تلك المعاينة وتأجيل قرار الانتقال للمالك الجديد من تواصل معاناة تلك اللعبة من حرمان وخوف من مستقبل لا تكون فيه كما أرادت لنفسها بالقرب من هذا المالك الذي انتظرته ولكنه خيّب أملها فيه؛ لتنتقل بنا المبدعة – عبر الزمن – إلى تكرار رجوعه بعد طول انتظار ومعاناة لتنجح الصفقة مع صاحب دكان اللعب هذه المرة، فتشعر اللعبة بسعادة غامرة متطلعة لمكان أكثر دفئًا (وللدقة أكثر حبًّا) لتُصدم حين تكتشف أنها في المكان الجديد (العلاقة الجديدة) أكثر معاناة من البرودة التي تاقت للخلاص منها على يديه دون جدوى.
    إنها الرمزية الشعرية المفرطة التي أبت مبدعتنا إلا أن تسلكها لتتمكن من التعبير عن مأساة خاصة دون أن تضطر للبوح المباشر (وهي السمة الأساسية للفن الحقيقي) تاركة للمتلقي أن يبحث بين سطور نصّها عن أدوات تساعده في رسم لوحة شديدة الحزن والتأثير بطلتها امرأة تعاني جليد مشاعر ذلك الذي انتظرته طويلاً ولكنها بعدما التقته وجدت نفسها – من جديد – في مكان أكثر أناقة ولكن أشد برودة، لتختتم نصها بعبارة تعيدنا لأول النص من جديد:
    " اللُّعب تملأ المكان"


  • نجيةيوسف
    أديب وكاتب
    • 27-10-2008
    • 2682

    #2
    أستاذي مختار عوض

    قرأت هذه الدرة هنا ، وقرأتها هناك ، والآن أسجل حضورا يعد بالعودة ، هو حضور يقول لك ممتنة هذا الكرم ، ممتنة وأكثر .

    دم بخير أبدا .
    التعديل الأخير تم بواسطة نجيةيوسف; الساعة 22-05-2011, 19:29.


    sigpic


    كلماتنا أرواحنا تهمي على السطر

    تعليق

    • نجيةيوسف
      أديب وكاتب
      • 27-10-2008
      • 2682

      #3
      أستاذ مختار

      أعترف أنا أيضا أن نصا يأخذ من وقت أستاذي مختار ما أخذ ويلقى من اهتمامه ما أخذ فإن هذا حقيقة دون مجاملة شيء من فضل تضفيه عليه وقيمة يكتسبها من حضورك الكريم . فما بالك في دراسة يتمناها كل قلم ناشئ حديث الخطو في عالم القصة مثلي؟؟!!

      وأعترف أيضا أنني حقيقة لم أتوقع لنصي هذا أن يحظى بشيء من اهتمام لسببين :

      الأول : تقصيري في مشاركة غيري من مبدعي فن القصة خاصة ، وباقي الأخوة والأخوات في الملتقى عامة .

      والثاني : أنني كتبت النص فجأة إثر ومضة طرأت في ذهني فما استغرق ذلك ما يزيد على الربع ساعة . وأنا من أولئك الذين يتمحكون الإعادة والإفاضة في الشطب والتعديل .

      وتوقعت أن يقال لي فيه العِبَر .

      ولن تتخيل مدى سروري حين قرأت تعليق أستاذي ربيع عليه حين عرضته عليه هنا .
      ولم أكن أنتوي أبدا نشره على الملأ في متصفح خاص لولا تشجيعه الكريم .

      وكم كان انبهاري حين وجدتك وأنت من أنت في عالم القص تعلق عليه . والأجمل من كل هذا هذه الدراسة الرائعة التي أكرمتني بها .

      لقد كان مدخلك إليها أكثر من بهي وتحليلك للجو العام للقصة فيه من القدرة على الربط بين الكاتب والنص كثير من الجمال ، وروعة امتداد التحليل حتى النهاية وتجلى لي من جمال النص ما لم أره دون فيض كرمك .
      وما دور الناقد الحق إلا هذه الإضاءة والقدرة على خلق علاقة رائعة بين القارئ والنص من جهة وبين القارئ والكاتب من جهة أخرى مع الأخذ بيد الكاتب إلى نقاط لم يكن لينتبه لها وهو في غفوة الفيض الكتابي .

      وقد استوقفني في هذه الدراسة الرائعة هذا الربط بيني وبين كتاباتي من خلال ما يوحيه توقيعي ـ الذي ارتضيته ونفثته من روحي مستلهمة مقولة نسبت إلى حطان بن المعلى حين قال :

      [أولادنـــــــا أكــــــبـــادنــــــا تــمشـــــــــي علـــــــى الأرض
      لو هبت الريح على بعضهم لامتنعت عينــاي عن الغمض]

      ـ وما يوحيه في ذهن قارئي من أن ما أكتب ترجمة لما أعيش .

      نعم ، لن تجد حرفا لي كتبته دون أن يختلط بدمعة أو ابتسامة أو أمل أو نبضة قلب رفّت بين جناحي ، غير أني أعترف أيضا أن كتابة القصة بالذات عندي أمُدّ لها حبل الخيال حين يغشاني طارئ من صورة أو مشهد قد يرتبط بي أو بما حولي ومن حولي .

      ولقد أسعدني أن يبدو هذا التوحد بيني وبين بطلة قصتي حتى بدوت وإياها لقارئي جسدا واحدا وروحا واحدة ، سعيدة لأنني أستطعت أن أفعلها وإن عن طريق الرمز .

      شكري لك لا ينتهي واحترامي لمقامك الكبير لا يحد .

      وهل تكفيك شكرا ؟؟!!

      لا ورب البيان ...

      دم بخير أبدا


      sigpic


      كلماتنا أرواحنا تهمي على السطر

      تعليق

      • محمد الصاوى السيد حسين
        أديب وكاتب
        • 25-09-2008
        • 2803

        #4
        تحياتى البيضاء

        شكرا لأخى الأستاذ مختار لأنه دلنى كمتلق على هذا النص وأضاء حناياه ببراعة ، وشكرا للأستاذة نجية يوسف لما أبدعته من نص رهيف يحمل قيمة إنسانية ويعرف كيف يوظف الرمز بسلاسة دون تصنع ولا تكلف ، ربما يستدعى النص فى ذاكرتى نص أبسن المسرحى والذى يحمل ذات العنوان ، بحيث يبدو أننا أما تنويعة على لحن أبسن ولكن عبر تكثيف وبلاغة إيجاز تستحق الإشادة بحق

        تعليق

        • لينا الحسن
          أديب وكاتب
          • 11-03-2011
          • 114

          #5
          قرأتُ لهذه النجيّة مراتٍ كُثرى .. أحب العمق الذي يسكنها .. وأحب لون الحبر الذي تسيغ فيه مشاهدها كلوحة ظلالية نراها خلف الزجاج دون مساس ..
          لكني كإنسان هاوي ليس إلا .. أرى أنّ القصة كان بالإمكان تكثيفها أكثر دون الأخذ من عمقها .أيضاً الترميز مهم بالقصة القصيرة جداً بحيث يكون لها طرف مفتوح على الأفق الخيالي يخلق للقصة القصيرة جذب من نوع خاص .

          " لأنها كانت مختلفة كانت نظرتهُ لها أيضاً مختلفة .. عصب عينيها برباط الحب وسلمته كلها بحب .. نقلها من فاترينا العرض إلى قصر الحب .. لكن السواد والبرودة كانا سيدا القبر .. وأختفى هو ! " هكذا فهمتها .. "

          عندما يصمت الشتاء أعرف أن نجيّة إنتهت للتو من زرع الربيع بفكرة !

          بلا مبالغات أحب قلمك والروح الذي تحركه ..

          تعليق

          • مختار عوض
            شاعر وقاص
            • 12-05-2010
            • 2175

            #6
            الأستاذة القديرة والأديبة المبدعة
            نجية يوسف
            أؤكد أنّ ما قمتُ به من محاولة قرائية لنصك المبدع لم يكن إلا استجابة لرغبة داخلية تولّدت لدى قراءتي الأولى له، فوجدتني أسيرًا لحالة إبداعٍ تستحق التأمل والكشف عما رأيته قدرة على اقتناص الرمز وصنع الدهشة من خلال سردية تتشابه من حيث قدرتها على التكثيف مع الشعر في أرقى تجلياته..
            تحيتي وتقديري وشكري لما أفضتِ على شخصي الضعيف من ثناء لا أراني مستحقا له.

            تعليق

            • مختار عوض
              شاعر وقاص
              • 12-05-2010
              • 2175

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة محمد الصاوى السيد حسين مشاهدة المشاركة
              تحياتى البيضاء

              شكرا لأخى الأستاذ مختار لأنه دلنى كمتلق على هذا النص وأضاء حناياه ببراعة ، وشكرا للأستاذة نجية يوسف لما أبدعته من نص رهيف يحمل قيمة إنسانية ويعرف كيف يوظف الرمز بسلاسة دون تصنع ولا تكلف ، ربما يستدعى النص فى ذاكرتى نص أبسن المسرحى والذى يحمل ذات العنوان ، بحيث يبدو أننا أما تنويعة على لحن أبسن ولكن عبر تكثيف وبلاغة إيجاز تستحق الإشادة بحق
              بل الشكر - كل الشكر - لك أستاذنا القدير على ما توليه لنصوصنا جميعا من عناية واهتمام..
              وشكرًا لثنائك الطيب على النص والقراءة، وإنني لسعيد بملاحظتك القيّمة بخصوص نص أبسن المسرحي الذي لم تتح لي قراءته (أو قرأته ونسيت ذلك)..
              دمت أخي الكريم بكل الخير، ودام عطاؤك الراقي.


              تعليق

              يعمل...
              X