قصة في ساعة : كيت شوني

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عزالدين ميرغني
    عضو الملتقى
    • 18-04-2011
    • 34

    قصة في ساعة : كيت شوني

    قصة في ساعة
    للكاتبة الأمريكية : كيت شوني
    معروف أن السيدة (مالارد) مصابة بأزمة قلبية، وقد بُذلت عناية كبيرة لايصال خبر وفاة زوجها إليها من قبل أختها (جوزفين).
    كانت (جوزفين) في بداية الأمر مترددة، والجمل أخذت تخرج من عندها قصيرة متقطعة وبكلمات مبطنة، استعانت في النهاية ببعض التلميح المستخدم في مثل هذه المواقف والمناسبات.
    كان من الصعب كتمان الخبر طويلا.
    (ريتشارد) صديق زوجها كان حاضرا وبالقرب منها، فهو الذي تلقى الخبر من مكتب الصحيفة الاخبارية الأولى في المنطقة. كان الحادث من ضمن حوادث قطارات السكة حديد التي أخذت تزداد في تلك الأيام.
    كان اسم زوجها (مالارد) في مقدمة قائمة القتلى. انتظر (ريتشارد) مدة طويلة ليتأكد من صحة الخبر، حتى وصلت برقية ثانية تؤكد تلك الوفاة.
    لم تسمع السيدة (مارلاد) قصة موت زوجها كما تستمع إليها النساء عادة اللاتي يصفعهن الخبر ويشل قدراتهن وتفكيرهن وهن لا يستطعن تصديقة أو محاولة ذلك، فلا منطق مع الحزن المفاجئ.
    بكت في البداية لمرة واحدة فقط وارتمت في حضن أختها، وعندما زالت سحابة الحزن ذهبت إلى غرفتها وحيدة، لم تكن ترغب في أن يرافقها أحد حتى لو كانت أختها، وقفت في غرفتها وواجهت النافذة المفتوحة، جلست على كرسي عالي وثير تنظر من خلال النافذة إلى قمم الأشجار في الميدان وفي الفضاء المفتوح المواجه لغرفتها.
    كان أحد الباعة المتجولة ينادي لبضاعته بنغمة موسيقية لأغنية شعبية مشهورة تصلها متقطعة من بعيد مع بعض أصوات العصافير الملونة، بدت لها فراغات السحب كرقع زرقاء أو كبقع متفرقة يعلو بضعها بعضا، تمر السحب بطيئة كأنها تعزيها.
    السيدة (مالارد) فتاة صغيرة تزوجت مبكرا، ذات وجه هادئ جميل لا يخلو من بعض ملامح حزن قديم مكبوت مع قوة في الشخصية لا تخطئها العين الذكية، لها نظرات محيرة، ليست بالنظرات العجلى ولا الطائشة ولكنها تدل على حرمان خفي من شيءٍ ما.
    وهي على كرسيها يرتفع صدرها ويهبط، تحس باضطراب في دقات قلبها، شعرت بجرأة مفاجئة، انزاح الخجل قليلا، همست ببعض التمتمات، قالتها وهي تخرج مع أنفاسها :
    - حرة .. حرة .. نعم حرة بدون قيود.
    ذهب الخوف من عينيها، ظلت متيقظة، تسارع نبضها، أحست بالدم ينساب في عروقها بقوة .. قوة لم تعهدها. خلف هذه اللحظات العصيبة واللحظات الحزينة رأت لحظات انبثاق لسنوات قادمة خالصة ومخلصة لها، ستفتح ذراعيها لتتلقاها، فهي لها وحدها وليس لأحد سواها، ستكون حرة ولن يستطيع أحد أو واحدة أن تسيطر عليها، لا أحد سيفرض عليها شيئا ضد رغباتها وميولها، لا أحد يملك حقا عليها. صحيح أنها كانت تحبه وأحيانا لم تكن كذلك .. لكن ماذا يعني ذلك؟ وما هو الحب؟ ذلك الشيء الغامض متعدد التعريفات، غموضه لا يعني أن ثقة الامتلاك قد تلغي حريته.
    إنها حرة الآن بجسدها وبروحها ..
    أخذت تهمهم وتهمس لنفسها :
    - حرة أنا الآن .. حرة.
    انحنت (جوزفين) أمام الباب ووضعت شفتيها على فتحة القفل وهمست :
    - (لويز) أرجوك أفتحي الباب، أرجو أن تفعلي ذلك، أتوسل إليك، ستمرضين نفسك هكذا، ماذا تفعلين يا (لويز) بحق السماء أرجو أن تفتحي الباب ..
    - أذهبي بعيدا فأنا لن أمرض نفسي، لا لن أفعل ذلك.
    كانت تحتسي شراب الإكسير .. إكسير الحياة وهي تستنشق الهواء النقي وتنظر إلى الفضاء من خلال النافذة، كان خيالها يحلق بعيدا وبخفة حول أيامها الماضية بصيفها وربيعها وكل أيامها التي عاشتها، همهمت بصلاة خافتة داعية الله أن يطيل عمرها، نهضت بكسل وفتحت الباب لأختها.
    احساس بانتصار يتقمصها، في عينيها سعادة خفية مطوية حملتها إلى الباب، محمولة بفتنة الانتصار وروعته، احتوت خصر أختها ونزلت معها عبر السلم.
    كان (ريتشارد) صديق زوجها ينتظرهما أسفل السلم في قاعة الانتظار الكبرى، بينما (برنتي مالارد) زوجها يفتح الباب الأمامي كقادمٍ للتو من السفر، يحمل في يده حقيبة ومظلة مطر، لقد كان بعيدا عن مكان الحادث، يجهل حتى حدوثه، وقف ينظر بدهشة إلى صرخات (جوزفين)، بينما يحاول (ريتشارد) أن يغطيه من نظرات زوجته ومن وقع المفاجأة عليها، ولكن (ريتشارد) قد تأخر.
    عندما حضر الطبيب قالوا له لقد ماتت بأزمة قلبية من الفرح.

    تعريب : عز الدين ميرغني
  • محمد فطومي
    رئيس ملتقى فرعي
    • 05-06-2010
    • 2433

    #2
    أهنّئك على لمسة الابداع من جهتك،أستاذي أنت بارع في نقل الحدث و العبور به من لغة إلى أخرى من ثقافة تلق إلى أخرى ،و من استعداد ذهنيّ إلى آخر،و هذا هو لبّ التعريب في اعتقادي.
    و لعلّي أحبّذ كلمة تعريب لهذه الأسباب مجتمعة،أي لأنّها تعبّر عن النقلة التي أجراها المترجم بين العقليّات و بين استعدادات التلقّي الجينيّة للأمم.
    أحسنت أيّها الصّديق.
    كان اختيارك ناضجا إلى حدّ بعيد،لا أخفيك ؛هناك قصص نشعر أنّها أكبر منّا و هذه إحداها،أكبر منّا بمعنى أنّ السّؤال الذي تفضي إليه هو صراع في حدّ ذاته،يبدأ بانتهاء القراءة و قد يسكن في عقولنا و لا يبرحها ما شاءت الذّاكرة.
    التّلميح المباشر و التّلقائيّ أو السّطحيّ ،هو أنّها صعقت بأنّه حيّ بعد و أنّ تشخيص الطّبيب بريء إن لم يكن مضحكا،أي أنّها لن تعيش الحرّية.و لكن هذا لا يمنع أن تكون قد ماتت لفرط الفرح بالفعل عندما عاد لها زوجها رغم فقدها لشهيّة الحياة و هو معها.
    أنشرح للأسئلة التي لا يمكن البتّ فيها إطلاقا..ربّما لأنّ الجميع يتساوى أمامها؟
    ربّما..

    مودّتي أخي العزيز.
    مدوّنة

    فلكُ القصّة القصيرة

    تعليق

    • عزالدين ميرغني
      عضو الملتقى
      • 18-04-2011
      • 34

      #3
      تماما كما ذكرت أخي فطومي
      الإبداع له وطن له
      والترجمة أو التعريب قاسم مشترك للإبداع العالمي
      ولغتنا العربية قادرة وفق طاقتها المتجددة
      أن تصنع من نصوص الآخر نصا موازيا
      وما يختاره الناقل من لغة إلى أخرى
      هو المعيار لذوقه الأدبي قبل لغته
      فرحتي بالنص تعادل فرحتي بتحليلك
      ونص شوني هو بالفعل نص مفتوح الدلالة
      ولا سقف لسعته في احتواء كافة التخمينات
      مع خالص احترامي وودي.

      تعليق

      • حسن لختام
        أديب وكاتب
        • 26-08-2011
        • 2603

        #4
        أشكرك على إمتاعنا بهاته القصة الرائعة والمذهلة، نقلتها إلى القارىء بصدق وأمانة..أحييك،أخي عز الدين ميرغني على هذا المجهود الذي يستحق التقدير والإحترام،وانت أدرى مني في مجال الترجمة،فأمرها صعب ولايبلغها إلا محنك محترف في هذا المجال
        محبتي الخالصة

        تعليق

        • عباس العكري
          أديب وكاتب
          • 07-07-2016
          • 139

          #5
          [aimg=borderSize=0,borderType=none,borderColor=blac k,imgAlign=none,imgWidth=,imgHeight=]https://2.bp.blogspot.com/-NrOg8X6l4II/V45inpCaT6I/AAAAAAAADfM/GrXYqvmc7pMFaN5gyaZUTmGSmdBn6GYmACLcB/s1600/%25D9%2582%25D8%25B5%25D8%25A9%2B%25D9%2581%25D9%2 58A%2B%25D8%25B3%25D8%25A7%25D8%25B9%25D8%25A9.png[/aimg]

          تعليق

          يعمل...
          X