الآن إستيقظت ..... عادل الدرة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • منجية بن صالح
    عضو الملتقى
    • 03-11-2009
    • 2119

    الآن إستيقظت ..... عادل الدرة


    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته


    الآن إســتيقظت


    الشاعـــــر العراقــــــي

    عـــــادل الـــــدرة


    أخلَعُ نعليَّ وأجثو
    أقرأُ ألواحَكَ حُبْلى بالوَجَعِ المرْ
    فسمائي يكسوها صيْفُ الحُزن
    أبحثُ عنْ شمسٍ تُشرقُ ليلَةَ ميلادي
    فتُبادِلُني نخْباً
    وحُفاةً نعدو نحوَ الالواحِ فنَكْسَرُها مِنْ شَوْقٍ
    ونَضيعْ
    لانَدري أيّ الجهتينِ المشرق
    هل نبقى مُنتظرين؟؟؟؟
    -فلْنطرقْ هذا آلبابْ
    -لا..هذا آلبابْ
    -فلْنطرقْ كُلّ الابوابْ
    -ما جدوى أنْ نطرُقَ أبواباً أهلوها موتى
    فَلْنرحلْ
    وعصايَ الاشواقُ أهُشّ بها كلماتي
    ونَضيعُ بتيهِ الحُبّ
    أو في جُبّ النسيان
    لا أحَدٌ يعشقُني
    ويبادلُني سرّ الكلماتْ
    أو نَخْبَ الوجعِ المُزمن في نورِ الشمس
    أخلعُ نعليّ وأغفو وعصايَ وَسادةُ أوجاعي
    خارطةُ الحبّ يدايَ دُموعي نهرانِ
    من وجعٍ وظنونْ

    +++++++

    ألآنَ آستيقظتُ...
    مِنْ غفوةِ همّ أبحثُ فيها عنْ أحلامٍ تُسعدني
    يا كوكبَ عمري آالضائع
    يا كنزاً مدفوناً بقلوبِ آلعشّاق
    أبحثُ عنك...
    ورفيقي مثلي أثقَلَهُ قلبٌ يملؤهُ الحبْ
    ثملاً يتوارى عن وجع السنواتِ بمرّ النخب
    نمشي
    فَرَأينا ناراً
    قلنا نأخذُ قبساً ندْفئُ قلبينا المقرورَين
    لم نجد النارَ وكانتْ محضُ خيال
    والهدهدُ غائب
    مَنْ يخبرنا عن حُلُمٍ نقصدُهُ
    مَن يأتينا بالعرشِ نكونَ ملوكاً للعشاق
    سنظلُّ بصحراءِ التيهِ
    نبحثُ عنْ نارٍ تهدينا أو ننتظرُ الهدهد



  • منجية بن صالح
    عضو الملتقى
    • 03-11-2009
    • 2119

    #2

    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

    قـــراءة منجيـــة بن صــــالح

    …..الآن إستيقظت

    الشاعــــر العــــراقي عــــادل الـــدرة

    للأرض صحراء و للتيه مفردات تحتوينا بكل تفاصيل الوجع الكامن فينا, نبحث عن الحرف في ملكوت الكلمة, و نبحث عن الكلمة في ملكوت الذات , و نبحث عن الهوية في لحظة زمن , و في خيط شمس نتسلقه ليكون الضياء إشراقة تضيء الدرب و تبدد ظلمة الجهل بوجود إنسان, احتواه عطش صحراء, و سراب خيال, و وجع إنسانية إحتل فضاءه الداخلي ليعيشه و يعيش به .
    نحب لنشتاق إلى معرفة نتوق إليها ,نبحث عن هوية و لقاء لحظة فرح ,و لهفة شوق إلى وجود إنساني تتكامل عناصره ,و تتضح فيه الرؤية, لتكون منارة درب و عصا ترحال في صحراء نفس, تحذق التعامل مع تيه الكلمات, وتنتشي بلفح الهوى الراكض على فرس الخيال.

    نتوه لنعرف, و نعرف لنتوه من جديد في أدغال النفس و متاهات الوجع المتراكم على أرض الإنسان, ليكون البيان قمة, و الكلمة كيانها تبحث عن إستقرار بعد حركة, و عن حركة بعد إستقرار, لتكون الحياة جهدا متواصلا و بحثا نعيشه ليعيش الفكر و تتواصل الرحلة, فالزمن هو الحادي, و الأرض هي المسافرة على جناح الكلمة المحلقة في سماء العرفان .
    للذات سر و للإنسان أسرار لم يفتأ يبحث عنها في سبل النفس الوعرة و المتشابكة المتشابهة المعالم, تجدك لتتوه من جديد هو كر و فر, و إقبال و إدبار, لا تنقطع حركته على مدى أرض الزمن, و حياة الإنسان مهما طالت أو قصرت .

    هو البحث عن هوية ,عن إدراك و معرفة بهذا الإنسان اللغز, المتقلب على بساط الهوى المردي لمقوماته و قدرته على إستيعاب مفردات الحياة و الكلمة الملهمة, التي تستمد حياتها من روح الوجود….. يفقد الإنسان القدرة على استيعاب مفردات الحياة المشرقة من حوله, هذا العجز عن الإدراك ,هو وجع مزمن يحتويه ليحفزه و يدفعه في طريق البحث عن مخرج و عن معرفة, تخفف من ألم يعتصر ذاته .... نعيش السقوط لنعرف معنى الإرتقاء, نعيش الإحباط, لنبحث عن الأمل, نعيش الحزن لنعرف قيمة الفرح, مفارقات تسكننا لتقودنا إلى طريق خلاص, و إلى سبيل يرسم معالمه حادي الزمان على أرض التيه البشري, الذي يسكننا ,لنجسده على أرض واقع ننسج مفرداته لنقيم بنيان خيال, سرعان ما ينهار لنكون ركام إنسان ,على أرض تيه كلمات و صحراء بيان .

    أسئلة و محاور وجودية تأخذنا في ثناياها , طوال حياة نعيشها لنتقلب بين طياتها و سلبياتها, لتكون إيجابياتها هي الدافع وهي المحرك, للسعي في طريق معرفة جديرة بالعقل الإنساني المستخلف في الأرض , و لا تكون هذه الخلافة , حتى يكون للإنسان قدرة على استيعاب مفردات التيه, ليستطيع الخروج من صحراء الخيال و النجاة من أتون رمالها المتحركة , و التي لها جذب و هوى لافح , يدخل الإنسان في غيبوبة خيال اللحظة و سراب المشهد, ليكون لمنام اليقظة حلم وردي, سرعان ما نستفيق منه على وجع يعتصر الفؤاد و يشقي الذات. نهرب من هذا الألم إلى حلم آخر, لتكون لصخرة سيزيف صعود مضني و سقوط مدوي, يجسد حياة إنسان الهوى و التي عرفت كيف تعيشنا, لكننا لم نعرف كيف نعيشها.

    هكذا وجدتني أخلع نعلي أمام نص ثري و رائع للشاعر القدير عادل الدرة, بعنوان "الآن إستيقظت...." يخاطب فيه صديقا, أو ربما إنسانا يعيش داخله عرفه و لم يعرفه, أو نفسا تعيش بين جنباته, لتكون الكلمة عالما, و فضاء تَجُول فيه الروح , باحثة عن وجودها في هذا الجسد الذي أثخنه الوجع, تندمل جراحه لتنزف ,و كأنها تتخلص من وجع مضمر بكلمة تفصح عن نفسها ليكون البيان عصا ترحال, في تيه احتضنته الكلمات ليقول الشاعر:

    أخلَعُ نعليَّ وأجثو
    أقرأُ ألواحَكَ حُبْلى بالوَجَعِ المرْ
    فسمائي يكسوها صيْفُ الحُزن
    أبحثُ عنْ شمسٍ تُشرقُ ليلَةَ ميلادي
    فتُبادِلُني نخْباً
    وحُفاةً نعدو نحوَ الألواح فنَكْسَرُها مِنْ شَوْقٍ

    ونَضيعْ

    يتجه الشاعر بخطابه إلى آخر, يقرأ ألواحه و كأنه يقرأ ما في نفسه, لنشاهد من خلال القصيد ثنائية رائعة, فالقارئ هو المقروء, و المتألم هو الألم, ليتماهى وجود الشاعر مع آخر. تتوحد الثنائية و لا نعرف من صاحب الخِطاب و من المُخاطب, ليصبح القصيد مرآة عاكسة لحال شاعر إنسان, تتمثل فيه الإنسانية جمعاء, و كأن الواحد مجموعة و المجموعة واحد, صورة رائعة يستطيع الشاعر أن ينسج تفاصيلها على أرض القصيدة بالكلمة , التي تارة تكون الهُوَ و أخرى تكون الأنا ..... فَهُوَ ألواح تنعكس على سماء الأنا ليتوحد الوجع بين السماء و الألواح.
    حتى يستطيع الشاعر القراءة, لا بد أن يخلع نعليه ,صورة استوحاها من القصص القرآني المشبع بالرمز, ليكون التأويل مباحا ,و الكلمة ملهمة , و البيان بليغ الدلالة , و كأن الشاعر يتماهى مع المشهد الموسوي, في بحث عن قبس يُدفيء مفرداته المقرورة, و يستنير به سبيله.

    للخلع معنى التخلي عن وجود مزيف.... تلامس القدمان حقيقة التراب, و تتعامل مع أصل خلقة الإنسان, و لا تكون لهذه الملامسة ثمرة معرفية بالحقيقة, حتى يكون للشاعر جُثُو وانحناء تذلل, لخالق منه مطلق الحقيقة , و التي من دونها لا نستطيع إدراك المخطوط في الألواح....فالعقل البشري محدود الإدراك, وهو قاصر قصور المخلوق بين يدي الخالق.
    للوجع مرارة جهل, يضنينا فكل ما نجهل مقوماته و أساسيات وجوده , يصبح عدوا لنا, يحاربنا ,بأسلحته المتاحة ليكون للوجع كلمة تكتبنا على ألواح وجودنا ...الألم هو صحراء تيه نتفيأ حرقة ظلاله الممتدة على أرض كستها مشاهد السراب ,هو خيال الواقع الذي يتماهى مع حقيقة وجود الإنسان الفاعل ليجعل منه مخلوقا سلبيا , فاقدا لكل حول و قوة لأنه اعتمد على بناء وَهَن بيت عنكبوت....

    يتطلع الشاعر لسماء يكسوها صيف الحزن, يتفرس في مفرداتها باحثا عن شمس لها شروق معرفة , و إشراق على كلمات, تخرج من تيه الظلمة إلى نور يكسو أرض حقيقة, للسُّبل فيها رؤى وضوح, و شفافية معرفة, و تجليات, تختفي من أمامها أحزان السماء وسراب الصحراء.
    للشاعر ميلاد آخر تشرق عليه شمس الوجود الإنساني, نورها معرفة , و حقيقة كونية انطوت مفرداتها, في ذات الشاعر, العارفة الغائبة الحاضرة, التائهة بين ثنايا النفس و الروح, و الحائرة ,أمام عقل أوصد أبوابه لعجز أوهن قدرته الفطرية الفاعلة .
    للشاعر ولادة ثانية, تخلصه من نعلين أثقلا وجوده, ليكون له خفة الجسد الحافي, و الكلمة و طلاقتها, في رحاب المعنى . تتكسر الألواح أمام الشوق للمعرفة بوجود آخر , هو حق خَال من الزيف, انحسرت مفرداته فغادرها التيه بدون رجعة.
    يدخل الشاعر في عالم آخر ليقول " لنضيع " مستعملا نون الجماعة ليكون الجمع في المفرد و المفرد في الجمع ,لأقول هل الإنسان حقا جمع مفرد و مفرد جمع ؟ يقول الله تعالى في كتابه الشريف (إنَّ إبراهيم كَانَ أمَّة قانتا لله حَنِيفا و لم يَكُ مِنَ المُشركِين)
    و يقول الشاعر

    لانَدري أيّ الجهتينِ المشرق
    هل نبقى مُنتظرين؟؟؟؟
    -فلْنطرقْ هذا آلبابْ
    -لا..هذا آلبابْ
    -فلْنطرقْ كُلّ الابوابْ
    -ما جدوى أنْ نطرُقَ أبواباً أهلوها موتى
    فَلْنرحلْ
    يحتوي الشاعر التيه لتتشابه الجهات و يغيب المشرق, ربما هو غروب المعنى الذي يتوارى من أمام الشاعر, ليكون الانتظار من نصيبه , و الحيرة رزقه الجاثم وراء أبواب موصدة, يَهُم بطرقها و لا يعرف أيا منها يطرق, هي متاهة اللجوء و الشتات الفكري ,الذي يكتنف عقلا منه مأتاه, لحدود وضعتها النفس, لتكبل انطلاقة الروح في سماء المعرفة بحقيقة الوجود الإنساني و رسالته ,على أرض واقع صاغه الخيال, ليكون التيه مأوى ,و السراب خيال معرفة, له غياب حضور متحرك ليس له قدرة على الثبات , يحتضن واقع الإنسان و بيانه.

    للثنائية الوجودية الفاعلة ,على مستوى الحركة وهي: النفس , الجسد و الشاعر و الآخر بحث ينتهي بسؤال " ما جدوى أن نطرق أبوابا أهلوها موتى؟
    للحياة موت غفلة ,تلغي حركة الإنسان الفكرية و المادية, لتجعله غاف وراء أبواب عقل موصدة, أكتنفه الجهل و العجز عن التفكير, و الخوف من مجهول لا يقدر على فك شفرة رمزه , لعدم قدرته الذاتية على ذلك , فهو لا يعتراف بأبعاد أخرى وجودية هي من عالم غيب نصدق فاعليته دون مشاهدة حسية .
    يقرر الشاعر الرحيل عن عالم أموات, التواصل معهم لا يجدي نفعا , و لا يقدم معرفة يتوق إليها , ليعترف أن ما به من جهل ,هو نفسه مقيم عند غيره , الفرق بينهما يكون استفاقته على واقع مؤلم , بينما الآخر مازال يعيش موت الغفلة وراء أبواب مغلقة ...
    الرحيل هو حل ربما مؤقت, أو دائم على امتداد زمان لا ندري متى ينقطع مداه .... ليكون الموت شبيها بموت سيدنا سليمان على عصا سفر تأخذنا في ترحال لا ندري متى تتوقف الحياة فينا, لنتوقف عن المشي و يقول الشاعر:

    وعصايَ الاشواقُ أهُشّ بها كلماتي
    ونَضيعُ بتيهِ الحُبّ
    أو في جُبّ النسيان
    لا أحَدٌ يعشقُني
    ويبادلُني سرّ الكلماتْ
    أو نَخْبَ الوجعِ المُزمن في نورِ الشمس
    للعصا حدى أشواق يهش الكلمات, تتفرق لتتجمع و تلملم مشاعر تَعبُر التِّيه, ليكون للحب وجود على أرض القصيد, الذي ينقل لنا حيرة وجودية تحتضن الشاعر, و تَفْتِق رتق مشاعر تنثال من ذات الإنسان و من مخزون ذاكرة أتعبها حَمله, وهي التَّواقة إلى تجلي نور معرفة تُخلصها من ألم, له حدود آسرة لأحداث و وجع إنسانية أنطوى في ثناياها.

    يشتكي منا و فينا الضعف و الوهن, لأننا غير قادرين على حمل رسالة إنسانية هي معرفة و شروق دائم ,لا تغيب شمسه و لا يَأفل نَجمه . الوجع حاضر و الألم رفيق سفر حياتنا, فالحيرة لحظة يمتد مداها و لا ينقطع ,نخالها تعاسة وهي التي تكتنف في طياتها سعادة أبدية , لا تميتنا بل تدفعنا إلى التعرف على الحياة الحَقَّ الكامنة في فطرة الخَلق, فهي زاد المسافر و حلم الحقيقة المجردة من الخيال .
    الحيرة الوجودية تثير فينا وجع البشرية الكامن في الباطن الإنساني, يرهقنا تَحَمُّلُه ليُحَفزنا و يكون الدافع الحقيقي , لنبحث عن ماهية أشياء لها أسرار و جذور متأصلة, و امتداد راسخ في زمن الخلق الأول , إذا توصلنا إلى أسباب لها مظاهرها المؤلمة على أرض الواقع, كانت المعرفة, و زالت حيرة اللحظة, لتأخذ مكانها حيرة أـخرى أشد وطأة و أثقل وزرا...

    هكذا هو الإنسان رحالة لا يستقر في مكان و لا على حال له حركة دائبة, و بحث مستمر فلعصا الشوق جولات, و للحيرة صولات على أرض الواقع و الفكر ...
    هكذا يكون للحب تيه و للجب نسيان , يتشابه الحب و الجب فبين الحروف نقطة فاصلة ليكون المشهد فوق الأرض أو تحتها.... والفارق نقطة..... فالنسيان في حد ذاته تيه معنوى في صحراء النفس البشرية.....
    للعشق مفردات تحتضن حياة أسرارها فيها, لا تفصح عنها إلا لمن حذق شفرة فك الرمز, و تذوق حلاوة مشاعر العشق المنزه عن خيال الواقع, المرهق بثِقَل رمال صحراء التيه البشري,
    هكذا فقط يستطيع الإنسان الإحتفال و احتساء نخب معرفة, تجلت بعد شروق شمس مُنتظر, تقشعت أمامه حيرة و ظلمة وجع مزمن, لتكون الحقيقة نبراس وجود, يُطيح بحدود عقل ذاق... عرف... فاستنار .... و يقول الشاعر:

    تعليق

    • منجية بن صالح
      عضو الملتقى
      • 03-11-2009
      • 2119

      #3




      أخلعُ نعليّ وأغفو وعصايَ وَسادةُ أوجاعي
      خارطةُ الحبّ يدايَ دُموعي نهرانِ
      من وجعٍ وظنونْ

      دورة وجود و طواف سالك على أرض الإنسان, يرافقها بيان الكلمة و جمال إشراقة تتجلى لنا من خلالها , معرفة الشاعر بقدرة الكلمة على التعبير عن واقع يعيشه, تحتضنه حيرة بوجود كوني هو منه , يبحث عن الانصهار فيه ليكون في نفس الوقت الجزء و الكل, نقطة الماء و البحر, حبة الرمل و الصحراء, يعرف ليجهل, و يجهل ليعرف, يخلع النعلين ليرتدي آخران, ليعيد خلعهما من جديد , و كأن لكل مسافة يقطعها على أرض الحيرة ,نعلان جديدان ..... صورة مجازية يستقيها من القرآن الكريم يعيشها, ليجعلها تتجسد على أرض القصيدة, يتلقاها القاري و يتذوق حلاوة معانات, و جمال وجع هما الحادي, لشاعر مسافر, يبحث عن حقيقة مشاعر, و مشاهد تتجلى على مرآة القصيدة لتتخللنا, و نتذوق روعة جمالها الخلاق , لفكر و رؤية غائبة حاضرة غافية فينا, لتكون يقظة الشاعر هي يقظة وجود في ذاكرة و فكر متلقي.
      للخلع غفوة منام, و يقظة وعي و إدراك , لتكون العصا هي الزاجرة لأوجاع تُخلِّقها النفس الهوائية المزاج, و المتقلبة ,فالعصا هي الوسادة المحتضنة للغفوة, و هي المتحركة على أرض واقع تهش الكلمات , ليكون لها فرق جمع , و جمع فرق, تتجلى أمامه حقيقة يتوق إليها شاعر الكلمة على أرض القصيدة.

      الحب خارطة ترسم نفسها على أيدي شاعر حذق مَسك العصا, في ترحال و سفر, تحدوه حيرة مشاعر و طواف فكر, حول أحداث ذاكرة هي من مقومات عقل إنسان الوجع, الذي أثقلته أوزارا تحمل أوزاره, لتكون يد الحب هي التي تقود خطوه إلى أرض الواقع و البيان, لأقول هل هي فعلا يد الحب من تحركه ؟ أم يد نفس هوائية متقلبة لوامة تارة , و أخرى أمارة بأعمال و أقوال, ما أنزل الله بها من سلطان ؟ هو ألم دفين يتكلم لتكون الكلمات دموع أنهار , ووجع ظنون تحمل مشاعرا في طياتها, ليحمل الشاعر أثقالها, فهي وزر حياته و رفيقة دربه وهو الذي يبحث عن التجرد و التخلي, عن حيرة زمن استوطن أرضه العاشقة لأسرار لها خفاء و احتشام ظهور و يقول الشاعر:

      ألآنَ آستيقظتُ...
      مِنْ غفوةِ همّ أبحثُ فيها عنْ أحلامٍ تُسعدني
      يا كوكبَ عمري آالضائع
      يا كنزاً مدفوناً بقلوبِ آلعشّاق
      أبحثُ عنك...
      ورفيقي مثلي أثقَلَهُ قلبٌ يملؤهُ الحبْ
      ثملاً يتوارى عن وجع السنواتِ بمرّ النخب

      أنية لحظة الاستفاقة, لها مذاق آخر, و حلاوة حياة رغم جرعة المرارة التي صاحبت زمن الشاعر, وتخللت نسيج القصيد لتَنـْـــتَقل إلى القاري, فيعيش معاني مفرداتها و تفاصيلها الموجعة, تكتنفه حيرة الإنسان و يتذكر ثقل حياة لها أوزارا تمتطي الذاكرة, لترهق العقل و تشعره بعجز لتجعله يدمن الوهن.... للهَمِّ غفوة, تجعل الشاعر يبحث عن حلم يسعد لحظات حياته, ليتجلى له العمر و كأنه كوكب ضائع, أحتضن وجوده , فكان التيه الإنساني لحظة ضياع تكتنف عمرا يكون منه الخيال و بيانه . تغفو الحقيقة فينا ,نعيشها حولنا دون أن نستطيع إدراك تجلياتها و لا حقيقة وجودها .احترفنا صناعة الجهل فكانت لنا قدرة هائلة على تغييب الحقيقة , و طمس معالمها المشرقة , هكذا أصبحنا التيه و المسافر, الصحراء و رمالها الحارقة , أمواج البحر و عمقه, سلبيات تحتضن همة الإنسان الخلاقة و تفقده القدرة على تفعيل وعيه برسالته و حقيقة وجوده.

      للعمر كنز مدفون في قلوب العشاق, هي حياة و يقظة إن وجدت كانت للحظات الزمن مذاق آخر, له خلود و ليس له حدود ... للحيرة بحث و للإنسان حركة على أرض الواقع و القصيدة, يعيشها الشاعر لتكون الكلمة هي الحادي لسفره الشاق و المرهق, فهو الكلمة و المشاعر ,الحيرة و البحث ,الزمان و المكان . يختفي وجود الواقع لأنه صورة خيال و سراب مشاعر , ليترك مكانه لتجليات مشاهد حقيقة بعد موت غفلة, و غفوة منام الإنسان , لتتمطى على أرض قصيدة شاعر ,عاش الحيرة ليكون للصدق مداد ترسم كلماته ريشة الحق على صفحة الجمال, فلمرارة الحزن و الألم إبداع آخر, لا يعرفه غير عشاق حياة أثملهم حب الكلمة , فكان البوح حقيقة , و الجمال نبع مشاعر, تنثال من عمق أرض, أو من قاع بحر أحتضن كنوز بيان الإنسان , لتكون القصيدة لوحة مشاعر و ألوان كلمات, ترسمها ريشة قلم شاعر إنسان, له حضور و بصمة ,على صفحة زمان لا يحتويه غياب .....

      للشاعر صحبة ترافقه لتكون المرآة و الرائي و المرئي واحد, المثال و المثل لوجود إنساني, هو شاعر عاشق , وجد رفقة عاشقة تصاحب وجعه و تقاسمه ثقل غفلة, ووزر ظلمة تنجلي لتعيد نسج مفرداتها من جديد ... للقلب حب ثمل يتوارى فيه من وجع سني مرارة الغفلة, ليكون للنخب شراب مسكر, له مذاق اليقظة و حلاوة الحركة , العارفة القادرة ,على تحديد مسارها, و اختيار وجهتها التي تتوارى أمامها معالم التيه, لتكون الرؤية حقيقة يقظة , و ليست حلم واقع ,على أرض خيال..... و يقول الشاعر:
      نمشي
      فَرَأينا ناراً
      قلنا نأخذُ قبساً ندْفئُ قلبينا المقرورَين
      لم نجد النارَ وكانتْ محضُ خيال
      والهدهدُ غائب

      يعيش الشاعر الكلمة و بيانها القرآني, على أرض الواقع ليستفيق على صدمة تزيده وعيا ووضوح رؤية, ينشدها ترحاله و تتوق إليها عصا المعرفة وهي تهش الكلمات , في صحبة عارف و رفيق مسافر, يسعف حنينه و يذكي شوقه لحياة أخرى, تصبح نون الجماعة هي الثنائية المرافقة للشاعر, لتكون الرؤية على مشارف الطريق , قاب قوسين أو أدنى , من قبس دفء قلب مقرور , هو الأمل المنشود و الذي سرعان ما يتلاشى, ليحل محله خيال استوطن واقع الإنسان و الأرض, يطمس ملامح حقيقة وجود يتوق إلى معرفتها الإنسان لتكون الهداية, ختام مطاف و استراحة مقاتل, ووصول سالك إلى محطة العرفان....

      يغيب الهدهد السليماني المكتشف لحقيقة واقع تعيشه بلقيس النفس الساجدة المتبتلة, في محراب إله معرفة تشرق شمسه لتغيب و يحتويها ظلام دامس, لتعيد شروقها من جديد, هي صخرة سيزيف و حلمه الضائع للوصول إلى قمة يدوسَها , ليعود بسقوط مدوي , ينسف جهودا تذهب أدراج الرياح و تعصف بها ريح الهوى....... و يقول الشاعر:

      مَنْ يخبرنا عن حُلُمٍ نقصدُهُ
      مَن يأتينا بالعرشِ نكونَ ملوكاً للعشاق
      سنظلُّ بصحراءِ التيهِ
      نبحثُ عنْ نارٍ تهدينا أو ننتظرُ الهدهد

      للحلم حضور في فكر الشاعر و غياب على أرض الواقع... يغيب جواب أسئلة ينفرط عقدها , وهي النابعة من حيرة شاعر, و عطش لمعرفة طريق الحِلم الحَالم بالحقيقة المُحلق كروح طليقة لا تأسرها حدود, ليسال الشاعر المتيم بحب لا يعرف غيره ..... من يقوم بدور خادم سليمان ليأتيه بعرش يكون تاج مُلك لملك عاشق في مملكة العشاق؟ أسئلة تجعل الشاعر يستفيق على عطش لجواب يروي ظمأه , ليكون الاستنتاج بديهي, لنهاية حتمية تحكم على الوجود الإنساني بالضلال في صحراء تيه خيال الواقع و الحرف على أرض الكلمة و القصيدة , ليستمر البحث في نار صحراء الخيال و التي هي قبس حيرة و حرقة نفس شاعرة , تنشد الوصول إلى نور المعرفة, في انتظار هدهد الهداية , والإلقاء لرسالة سليمانية ناطقة بسم الله الرحمن الرحيم ....

      كانت القصيدة هدهد قارئ , و قبس هداية, و كلمة حائرة بين السطور, لها بيان حالم و اشراقات على عالم الشاعر , بالكلمة المحلقة فوق بحار حب و أعماق صمت له بيان تحتار أمامه الكلمات لبلاغة و جود كون احتضن الإنسان, فكان كأنه عرش قلب نابض بحياة أخرى, نتوق إليها لنتخلص من أوزار واقع يكبل انطلاقة حرية, هي معرفة تلغي حدود الجهل لتــــتـــقشع أمامه ظلمة ليل, و ضلال واقع نتجرع مرارته, لنهرب منه إليه , لتكون الغفوة هي الرفيق و الغفلة هي الطريق ......

      ينقضي العمر بين غفوة و غفلة , ليكون للجهل أوجاع تتربع على عرش إنسان, كرمه تعالى بالبيان و بالكلمة النابضة بحياة الروح فينا, تحتلنا الحيرة لتنقلب الآية و تكون الغاية المنشودة ,هي صقل مرآة الواقع من صدأ سني العمر, لتتجلى على أديمها حقيقة الإنسان, المكلف برسالة وجود, تناساها فأنساه الواقع حقيقته, يعيش سراب الخيال على أرض صحراء النفس الحارقة, و التي تلهب عطشه لزلال ماء و معرفة ,هي مكون أصلي في تربة إنسانيته و التي لها عطش يضنيها , و يرهق قدرتها على تحمل أوزارا تثقل كلما زاد عطشنا, و تخف كلما تلقينا رحمة سماء, لها سحاب طل و رذاذ قطر ندى, يسقي الأرض و ينبت زرعا له خضرة حب و نماء فكر و عطاء ليس له مدى ....

      كنت معكم في قراءة لقصيدة للشاعر القدير عادل الدرة , كانت غفوة نائم و أستفاقة رحالة باحث ,عن هدهد الأيام و قبس الليالي, في صحراء نفس أضناها العطش لمعرفة طبيعة هي جزء من إنسان, و عن إنسان هو كلمة و سر, وهو الهدهد , القبس و الرحالة, على أرض البيان ....


      قراءة منجية بن صالح لقصيدة الآن استيقظت .... للشاعر العراقي عادل الدرة

      تعليق

      يعمل...
      X