المرحومة
كتبت وصيتها..منذ أيام
تمكنت من توديع أولادها وأحفادها وذوي القربى..
ابتاعت تذكرة للعالم الآخر..وكي لاتزعج من في البيت لملمت ماخف حمله وبئس ذكره..وقبل طلوع الفجر والكل يغط في سابع نومة.. فتحت باب الدنيا بلطف واستقلت عربة الموت وابحرت إلى عالم البرزخ باتجاه واحد دون بطاقة عودة من الدرجة الثالثة..
صحا الجميع على صمتها..
تحاورت نظراتهم تستفسر: " هل قضي الأمر"؟
تسونامي التماسيح غمر الأحداق..ونشيد الموتى بنواح النفاق طغى على حركة التعزية بينما الجثمان يركن وحيدا يماهي برودة الجدران في الغرفة المجاورة..
حشر كل الورثة آذانهم في حضرة سماعة الهاتف:
- ألو السيد المحامي.. توفيت الحاجة هذا الصباح.. نعم الله يرحمها..نحن بانتظارك.
صوبت العيون فوهاتها نحو دريئة المحامي وهو يفتح الوصية وينثر محتواها على السامعين:
- أنا الحاجة أمينة بنت اسماعيل الحفار أوصي وأنا بكامل قواي العقلية بكل الأراضي والعقارات والبساتين وكل ماأملك من الأمور النقدية والعينية إلى أول من يفقد أباه أو أمه من أحفادي.
تساءل الجميع عن معنى تلك الوصية الغامضة.. فقال المحامي:
- لايوجد أي غموض في الوصية..فأول من يلحق بالمرحومة من أولادها تكون هذه الممتلكات من نصيب أولاده.. والسلام..
جحظت عيون الورثة.. ودب الهلع في عيون الأهل..وأمطرتهم وساوس مخيفة.. فالميراث "يستاهل" والنفس أمارة بالسوء..
تحاشى كل منهم النظر الى أولاده..بينما كان الخطط المستقبلية ومشاريع الثراء السهل تتجول في شرايين أحفاد المرحومة.
سأل المحامي:
- متى سيتم الدفن ؟
- دفن من ؟
- المرحومة..
أفاق الجميع من ذهولهم وتذكروا أن هناك جثمان امرأة خلف الجدران ينتظر التشييع والدفن..
فقالوا ببلادة:
- آآه.. المرحومة.. الللللله يرحمها.
تعليق