كذبة ما..

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمد فطومي
    رئيس ملتقى فرعي
    • 05-06-2010
    • 2433

    كذبة ما..

    كذبة ما..





    تستفيق غفران كلّ صباح على نغمة و شمس،و تستفيق صباحاتي البعيدة ، كلّما هبّت عيناها فوقي كنسمة مطر.. آخذها من يدها و نركض عبر مسارب الظلّ الملتوية في قريتي.نصل إلى العين.يشرق خصرها حين يتلألأ الماء حوله .تدخل الحوض حافية القدمين،أصابعها بلون الحصى.ترقص أمامي كفراشة.لا نتكلّم.لا يجوز أن نتكلّم.أحيطها بذراعيّ و ندور و ندور..تخلو البلدة من أهلها فجأة ،و لا نكترث.نمرّ أمام الفيلاّ المهجورة لمدير المنجم.نتسلّق السّور،و نقفز. الأراجيح تفوح منها بعدُ خصومات الأطفال الفرنسيين الذين مرّوا بها .نعرج ناحية بركة البطّ.رذاذ أجنحتها القزحيّة لا يزال عالقا في الفضاء.و تضع امرأتي رأسها الصّغيرعلى كتفي.أفهم ما تريد قوله.تغمض عينيها برهة و تفتحهما و أهمس في أذنها :"ما رأيك أن نتدحرج على العشب كحبّتي زيتون؟"
    و نجلس فوق مقعد خشبيّ تحت سقف من كرْم ،و تلامس رموشها جبهتي بحنوّ.و تعيدني أنفاسها المبلّلة بالقطن و السكّر و السّفر و الدّنيا في طرفة عين إلى محطّة القطارات حيث أبي و ساعة الجدار الضّخمة ،و حيث أصدقائي العراة يشاكسونني و يغرونني بزعامتهم لئلاّ أنتبه إلاّ و قد أغلق أبي باب عربة القيادة و مضى..و آخذها إلى هناك لأريها بقايا شبكة الصّيد البالية العالقة في القاطرة الأخيرة و أروي لها كيف كنّا نلهو بها،و نعتقد أنّه لم يعد ينقصنا بعد الآن سوى بحر و زورق..
    ثمّ تبتلعنا ثنايا الظلّ الملتوية من جديد و نتّحد..
    قالت لي يوما:" حين أصير محامية كبيرة سأتعامل بنبل مع حرفائي..فأنا أكره الطّرق الملتوية."
    قلت كأنّي أرغمها على أن تمرض بخواطري :" تخطئين.. فالطّرق الملتوية تهوّن المنحدرات." و أيقنتُ أنّ نقمة ما غريبة عن أطواري باتت تتشكّل و تشتدّ كلّما ثبت لي أنّي مجرّد حصان سباق لدى والدها.
    ثمّ يتلاشى حلمي و يعود لي رشدي و أجدني من جديد رجلا خطيرا ينتمي إلى قطيع من السّفلة الذين أحبّوا الأرض و كرهوا النّظام،يُلقى عليه القبض و يحاكم تسعة عشر عاما من السّجن بتهمة الخيانة..
    كم هو مريع أن تجد نفسك في مكان لا وجود فيه لذرّة طفولة.
    بكر محيي الدّين ،كناية مستعارة حتّمها عليّ واقعي الجديد بعد عامين من السّجن كمدرّس خصوصيّ لفتاة حسناء بأمر من صاحب الأمر و النّهي، لم أكن أستاذا مستقيلا من كلّيّة الحقوق قسم القانون الجنائي كما جعلناها تعتقد كي لا تشربني بازدراء،و لم تكن الملابس التي كان يدهشها تناسقها و ألوانها و بساطتها من اختياري، و لم أكن أتقاضى من والدها راتبا خياليّا كما كانت تلمّح لاستفزازي، و إن كنت أتظاهر بأنّها تنجح في إثارة أعصابي..و سجّلت على نفسي في عديد المناسبات أنّي أتكاذب و لست أكذب.
    " - أستاذ ..لو سألتك هل تجيبني بصراحة؟
    - سأجيبك و كفى..
    - كم تتقاضى من والدي؟ "
    كدت أعترف لها بكلّ شيء وقتها لفرط ما أعجبتني ربطة شعرها و سترتها الزّرقاء السّماويّة.كنت سأقول لها بأنّي آتيها من السّجن و أعود إليه بعد خروجي من عندها مباشرة، و بأنّي أتقاضى شرف دخول بيت الرّائد سالم عبد الوهّاب لا غير.و لكنّي كنت أوهمها كما في كلّ مرّة بأنّ سؤالها يزعجني و أجيب متظاهرا بأنّي فشلت في دفع الحرج عن نفسي:
    - دعينا من هذه السّخافات؛ لنعد إلى الدّرس..
    و لنشكر الأشياء الخسيسة أو الرّائعة التي لا تمانع في أن نتظاهر بها..
    كنت دائما بدافع ما أفصح لها بصدق غامض و مشوّه عمّا يجول حقيقة بخاطري لحظتها.و أشعر أنّها كانت تشكّ بشيء ما،و ذاك كان يخفّف من ضراوة كوني مجرّد حصّالة من جليد في نظرها. كانت حرارتي تُنتهك أمامي كلّما عرّجت بي نحو تفاصيل حياتي فأضطرّ للمناورة أو الكذب.
    يوم دخلتُ غرفتها أوّل مرّة ، كنت مرتبكا جدّا و بدا لي كأنّ دموعا تهطل داخل حنجرتي، كانت تحدّق بي تراقب حركاتي و تخفي ابتسامة لذيذة طيّبة:
    - تفضّل أستاذ بكر..ألم يرق لك المكان؟
    غرفتها كانت حديقة برّيّة ،و قلت في نفسي حين أبصرت قيثارة معلّقة أين من المفترض أن تكون النّافذة ذات القضبان في غرفة السّجن من حيث أبصر: "إنّ الخشب أحنّ من الحديد".
    و قلت لها ممازحا،غير مصدّق أنّ للحزن وجها أحلى بكثير من الفرح:
    - لا..لا بالعكس،عذرا و لكنّي بصراحة أحسّ بأنّي جرادة حوصرت في معرض للرّسوم.
    ضحكَتْ .و راودني ندم خفيف لأنّي جعلها تسمع لغة تحجّرها صفقة الجانب الواحد التي بيني و بين والدها الرّائد.و تكلّم ظلّه بداخلي ينهرني: تافه ! حقير ! ما هذا الكلام السّوقيّ .تهذّب و إلاّ أعدتك إلى المغارة..
    هكذا يعلو الصّوت إلى رأسي و تجلجل اهتزازاته المريعة مهدّدة إيّاي بدهليز الوزارة رغم أنّي كنت أخاف الانقطاع عن رؤيتها لا أكثر.
    و أستحضر كلامه و هو يلقّنني الدّور:
    " حفاظك على السرّ سيجعلك تكبر في عيني،و لا حاجة لأذكّرك ما معنى أن تسفل في عيني أو تخذلني..و تذكّر:لا أريد سموما وسط الدّروس.."
    للأمانة لم يمل عليّ الرّائد كلّ ما يجب عليّ القيام به. كان مغامرا إلى درجة أنّه فسح لي المجال كي أتصرّف أحيانا بمعرفتي و دون عسس،كأنّه آمن بحاجتها لبعض القسوة و التّفكير الضّال.
    قالت: " أريد أن أتعلّم منك كلّ شيء."
    سمعت من الرّائد سالم عبد الوهّاب ما يشبه هذه العبارة أوّل يوم ساقوني لمقابلته.يومها دخل علينا أحد رجاله .كان جالسا وراء مكتبه و حدقتا عينيه تكاد تختفي تحت أجفانه ،كان يبدو عليه الإعياء و الإحباط كفقمة بلعت علبة صفيح .و تمتم له الرّجل بكلمات لم أتبيّنها.ردّ عليه ساعتها باشمئزاز :طيّب..أريد التّقرير غدا على مكتبي و لا تنسوا ؛حتّى الإشاعات التّافهة أريد أن تبلّغوني بها..
    ثمّ بعدها التفت إليّ و ابتسم ابتسامة مزرية جعلتني أشكّ بأنّي أنا من طلبت مقابلته،و قال:
    - لقد اطّلعت على ملفّك و تبيّن لي أنّ نشاطك خال من سوء النيّة،و أنوي مساعدتك.
    لذلك تُراني قلت لها كأنّي أتشفّى :
    - تعلّمي أن تجهلي العديد من المسائل أوّلا..لو نجحت في ذلك. ستعثرين بالتّأكيد على قضيّة عمرك..
    وضعت يدها على خدّها بدلال و قالت:
    - لم أفهم ..أحيانا أحسّ أنّك تعقّد الأمور حيث يجب أن تكون سهلة و العكس بالعكس..
    - أنا دائما أبسّطها ،لكنّ القانون السّمج الذي بين يديك هو الذي يعقّدها..
    - غريب..أنت تقول هذا؟ ماذا يقول أعداء القانون إذن؟
    - ليس هناك أعداء للقانون،ثمّة حمقى..
    قالت بنبرة حالمة:
    - قل بصدق ؛ ألا يستهويك أن تكون قاضيا ؟
    قلت بيسر لأنّي تساءلته من قبل،و بدا عليها فعلا أنّ بديهتي قد أبهرتها:
    " لا أصلح أن أكون قاضيا يا صديقتي..أتدرين لماذا؟ لأنّي قد أبرّر قاتلا متسلسلا لو اتّضح لي أنّه زرع في طفولته شتلة نعناع في أصيص ،ثمّ راح يسقيها حتّى كبرت،و لمّا ظنّ أنّه يمتلك أكبر غابة نعناع في الكون قدّم نادل المقهى لوالده و هو يراقب كوب الشّاي و قد رُصّت فيه حزمة أكبر و أينع من كنزه الأخضر.."
    و تبادر إلى ذهني لحظة قطّبت جبينها أن لا فرق بينها و بين والدها،و كرهتها للحظة، و راودني إحساس مخجل بأنّي أدوّس بقوّة و لا أتقدّم،و حين عدت إلى السّجن اشتقت لها أكثر من كلّ مرّة و دخّنت سجائر اليوم التّالي أيضا.و قرّرت أن أتحرّر من تعليمات والدها:
    " اسمع يا ابني..كنّا شبابا نحن أيضا و ارتكبنا الأخطاء و لكن في حدود المعقول..لذا لا أريد سموما وسط الدّروس..مفهوم!"
    عرفت بعد هذه الجملة أنّ ابنته هي الوطن و فكّرت أنّي أهدي ذمّتي لها و لوالدها و لست أبيعها و حسب،و أنّي حقّا خائن ،و غفران هي الإجابة المقنعة الوحيدة لما حدث و يحدث..و بتّ ليلتي تلك أقاوم شعورا مقزّزا بأنّ ملامح الرّائد مرسومة على وجهي،و انتبهت إلى أنّي أستمع لخالد رفيق السّرير و قد تقلّصت وجنتي اليسرى و ارتفع حاجباي و برزت عينيّ قليلا مثل الرّائد، و استقرّ في مخيّلتي أنّ غفران بحاجة إلى سمومي لتتفوّق..و في إحدى الحصص قلت لها:
    - إنّ ألذّ ما قد نجرّب على الإطلاق،هو أن نتداعى بصدق و نسير نحو نهاياتنا بصدق ،لكن ليس قبل أن نجرّب مزالق الكذب جميعها..
    لم تعلّق و طلبت منّي أن أحضر لها في المرّة القادمة قرنفلة صفراء.و بدا لي أنّ الحرّيّة هي أن نقطف قرنفلة صفراء دون الّلجوء إلى معجزة ،و أجبتها فورا :
    " غفران..لست رخوا إلى هذا الحدّ.."
    و يوم سألتني عمّا إذا كنت قد أحببت امرأة من قبل أم لا..أحسست أنّ بقائي معها صار مهدّدا و أنّ إجابتي ستكون خطيرة إلى حدّ أنّها قد تحدّد مصيري كرجل يرغب في أن يرى هذه الفتاة كلّ دقيقة و آثرت أن أغضبها بإجابة تسرّ والدها،ليقيني بأنّ مسألة بقائي بيده و ليست بيدها:
    " أرجوك آنسة غفران ..ليس هذا موضوعنا. "
    و لكنّها مع ذلك أصرّت ،فحدّثتها عن صديق ،كان دائما يقول :إنّ أجمل ما قد تسمع امرأة من رجل على الإطلاق : " أنتِ كما توقّعتُ. "
    ليلة الامتحان كانت الأخيرة . قالت:
    " بكر..سأذهل الجميع بفضلك"
    كنت أعلم أنّي لن أراها مجدّدا . فقلت:كوني على ثقة تامّة بأنّك لو أتقنت إلقاء مسودّاتك على مسامعك فإنّك ستنجزين عملا جيّدا و ستذهلين الجميع،هذا أكيد..
    و اليوم و بعد مرور عشرة أعوام ،يصرخ بي الحارس : لديك زيارة استثنائيّة ،و تقف أمامي غفران ،و أرتسم في أجفانها كالمدمن في عينَيْ المدمن.و أشتهي أن أمدّ يدي و ألمس أناملها النّاعمة عبر فراغات الشّبكة المعدنيّة.
    دار بيننا صمت ثقيل قبل أن يندّ عنّي صوت كأنّي أتكلّم داخل أنبوب:
    - أنتِ كما توقّعت..
    و نَطَقَتْ:
    - علمت بأنّ اسمك ثامر...ظننت أنّك أفضل بكثير من جرذ حبس..جئت فقط لأقول لك بأنّي حقّقت أكثر ممّا أراد والدي،و بأنّي أحتقركما جدّا ! .
    ثمّ استدارت و بصقت على الأرض و غادرَتْ بخطوات قويّة.

    ***

    محمد فطومي
    مدوّنة

    فلكُ القصّة القصيرة
  • ربيع عقب الباب
    مستشار أدبي
    طائر النورس
    • 29-07-2008
    • 25792

    #2
    كذبة .. لو كان كل الكذب بكل هذا الجمال
    فلتكن ألف كذبة و كذبة من هذا العيار !!
    الخلايا مشبعة بالدم
    و الدم يدفق فى كل الاتجاهات
    لا يعاني من وقفات قد تأتي بغتة أو من وراء حجاب
    فكل رقعته مساقط و ربما كلها تدفق فى عين واحدة ، و ترتد إلى عين واحدة !
    أهى الفراشة و بقعة الحبر ؟
    ما بين الرأس و الذيل بحر من خلايا و شجون و تمرد و موت وحياة و تاريخ و عالم موار ، و استشكالات ما بين بكر و غفران و الرائد ( هيكل قاطرة )

    لى عودة أكيدة .. لأكون بين فكى كسارة البندق هذى !!

    محبتي
    التعديل الأخير تم بواسطة ربيع عقب الباب; الساعة 01-07-2011, 00:58.
    sigpic

    تعليق

    • جمال عمران
      رئيس ملتقى العامي
      • 30-06-2010
      • 5363

      #3
      الاستاذ محمد فطومى
      لايُعقل أن أعترف بغير إعجابى بالقصة ومعايشتى لأحداثها وإندماجى مع بطلها..
      ومثلى ..لايُخفَى عليه مابين السطوربالرغم من إستفاضتك فى الإيضاح..وعن جمال التعبير وروعة الحرف وإتقان السرد ..فحدث ولا حرج..أما عن التجربة والغوص هكذا فيها ..بكل هذه المنمنمات والمشاعر وردود الافعال...فهى قصة بلغت من الروعة مداها..وبلغت من التصوير حد الرؤية ..وأضيف أن من عاش بعضاً من مثل ظروف بطلنا هذا ...حرى به أن يقف تقديراً لقصتك..
      شكرا لك أخى وتحيتى لتونس الثائرة..
      التعديل الأخير تم بواسطة جمال عمران; الساعة 01-07-2011, 18:21.
      *** المال يستر رذيلة الأغنياء، والفقر يغطي فضيلة الفقراء ***

      تعليق

      • إيمان الدرع
        نائب ملتقى القصة
        • 09-02-2010
        • 3576

        #4
        زميلي القدير :
        أديبنا المبدع : محمّد فطومي :
        تملّكتني الدّهشة عند كلّ سطرٍ وموقفٍ ..
        وتوقّفتُ طويلاً عند كلّ مشهدٍ روّيته بمدادك الواثق ...
        والتأمّل في نسيج نصّك ، يطغى دائماً على أيّ حرفٍ أودّ كتابته ..
        سلم هذا الإبداع أخي الغالي ..
        ومع أطيب أمنياتي ...تحيّاتي ..

        تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

        تعليق

        • رشا السيد احمد
          فنانة تشكيلية
          مشرف
          • 28-09-2010
          • 3917

          #5


          الراقي الأستاذ محمد فطومي
          أغرقني جمال نصك وتهت بين سطوره ، وطغت علي تلك الصور البديعة
          وتلك السردية الششفيفة أبهرتني
          أيها القلب الذي ينبض حبا ً لكل ما في الوطن
          هل كتب على فرحتنا داخله ان تكون مرقوبة بألف عين
          وأن تأتي مبتورة
          وتلك النهاية الدرامية التي تجمعت في نقطة واحدة ضربت على باسطة القلب ضربا ً
          بدلا ً من أن يتوجها أكليل فرح
          ذكرتني يا صديقي بأحدهم قال لو لم يكن وحيدي صغيرا ً لأخرجت خمسة عشرا عاماً سرقت من عمري في أتجاه مغاير
          سدى لأجل كلمة حق صغيرة
          كنت رائعا ً أستاذ محمد لا حرمت من هذا الجمال الزاخر .
          https://www.facebook.com/mjed.alhadad

          للوطن
          لقنديل الروح ...
          ستظلُ صوفية فرشاتي
          ترسمُ أسرارَ وجهِكَ بألوانِ الأرجوان
          بلمساتِ الشَّفقِ المسافرِ في أديم السَّماء .

          تعليق

          • ربيع عقب الباب
            مستشار أدبي
            طائر النورس
            • 29-07-2008
            • 25792

            #6
            عارف محمد .. رأيتك هنا فى هذا العمل بشكل جيد ، لأنه بالفعل إضافة لك
            رأيت ذكاءك الرائع ، وكاني أقرأ لجون شتاينبك العظيم ، بكل ما يعني لي
            و للعالم من ذكاء و قدرة على تطويع الأحداث ، و ذاك الحوار الذكي ، الذى
            يمرر من خلاله أشد المواقف وعورة !

            محبتي
            معك لقراءة أخرى !
            التعديل الأخير تم بواسطة ربيع عقب الباب; الساعة 02-07-2011, 17:43.
            sigpic

            تعليق

            • جمال عمران
              رئيس ملتقى العامي
              • 30-06-2010
              • 5363

              #7
              الاستاذ محمد فطومى
              مثل هذه القصة ( النموذج )و( المُعلِم )..لماذا لايتم تثبيتها ؟؟
              *** المال يستر رذيلة الأغنياء، والفقر يغطي فضيلة الفقراء ***

              تعليق

              • عبدالمنعم حسن محمود
                أديب وكاتب
                • 30-06-2010
                • 299

                #8
                منهمكا في القراءة تغوص في تفاصيل هذا القص ..
                تشعر بحميمية وكأن صديق عزيز يحكي لك عن أدق أسراره ..
                تنتقل معه عبر أزمنة نفسية مختلفة، تكسرا معا المنطقي فيه ..
                تتفتت مع تفتت الحدث، تخلق لك وظيفة اختيارية كقاريء، وتشرع في لملمة انطباعك عنه، تتغزل في البدايات ..
                غفران .. غفران ..
                يعجبك هذا التكرار الذي يعمق من الايهام بحقيقة ما يروى، رغم أنف الغزال ونعومته وعطشه وانتهازيته
                يشدك المتن، يبهرك هذا الشد المتين، ترضخ لحالات الشك وجمالية الاكتشاف وسحر التوقع :
                (ويعود لي رشدي و أجدني من جديد رجلا خطيرا ينتمي إلى قطيع من السّفلة الذين أحبّوا الأرض و كرهوا النّظام).
                تعجب كثيرا لهذا الراوي، وكيف أنه ببراعة يتحول من أداة للعرض ليصبح شاشة للعرض، كأنه مستودع زاخر بالرغائب والأحلام :
                (حيث أصدقائي العراة يشاكسونني و يغرونني بزعامتهم لئلاّ أنتبه إلاّ و قد أغلق أبي باب عربة القيادة و مضى).
                تبث رضاك حول ما تقرأ، وتعلن إعجابك بتقنية الاشتغال على أصداء الحدث وليس الحدث نفسه، فصراعات وتحرشات السجون مثلا لا تراها، تكتفي بأصداؤها عبر حساسية الذات الرواية :
                (قد تروّعها فكرة أنّي أزاول السّجن وأخالط المنحرفين والجدران العفنة ثمّ أجلس..)
                وإذا أردت أن تذهب بعيدا ستذوب تلافيف همك الذاتي في نسيج الهم الوطني :
                (أنا دائما أبسّطها لكنّ القانون السّمج الذي بين يديك هو الذي يعقّدها).
                ستحتار يا صديقي وأنت تقرأ هذا العمل الفاره، الفخم، العميق، القوي البنيان، ستنفتح ذاتك وذات الراوي على نفسها وتنغلق، تتسع المناجاة الداخلية وتضيق، تجابه مناخا رومانسيا كما تواجه واقع خشن لا أحاسيس مرهفة فيه ..
                إنه عالم عجيب .. عالم النص ..
                عالم مشبع وفخور بفوضاه :
                (وعدت إلى السّاحة.أسندت ظهري إلى الجدار و أشعلت سيجارة و اشتهيت قهوة ساخنة أطرد بها طعما رديئا بحلقي).
                التواصل الإنساني
                جسرٌ من فراغ .. إذا غادره الصدق


                تعليق

                • آسيا رحاحليه
                  أديب وكاتب
                  • 08-09-2009
                  • 7182

                  #9
                  من أجمل ما قرأت هذه الأيام..
                  ممتعة بكل المقاييس.
                  تحية لإبداعك أستاذ محمد .
                  التعديل الأخير تم بواسطة آسيا رحاحليه; الساعة 03-07-2011, 16:37.
                  يظن الناس بي خيرا و إنّي
                  لشرّ الناس إن لم تعف عنّي

                  تعليق

                  • ريما ريماوي
                    عضو الملتقى
                    • 07-05-2011
                    • 8501

                    #10
                    نعم قصة ممتعة بجد,
                    وعلى سبيل التغيير مفهومة,
                    لا أحتاج لمن يشرح لي أحداثها,
                    وهموم ومعاناة بطلها ومناجاته.
                    يسلموا الأيادي على القصة الرائعة.
                    مودتي وتقديري.
                    تحياتي.


                    أنين ناي
                    يبث الحنين لأصله
                    غصن مورّق صغير.

                    تعليق

                    • محمد فطومي
                      رئيس ملتقى فرعي
                      • 05-06-2010
                      • 2433

                      #11
                      الأستاذ الحبيب ربيع عقب الباب.
                      غمرتني بكلّ ما يُشتهى سماعه،و لم تبق لي سوى شيء واحد:أن أكون عند مستوى هذه الثّقة و الانتظار.
                      قلتها لك مرّة أستاذي،و أجدها دائما ضروريّة كلّما مررت من هنا حتّى محيّيا(و هذا لم يحدث،فأنت تتجوّل بين ثنايا النّصوص و تنقّب عن الجمال لأنّك فنّان و عن العلاّت لأنّك غيور على الفنّ):
                      إنّ عسر المهمّة في تزايد،و حقيقة لست أدري مداه،و لا متى سيتقطّع بي الحبل.
                      شهادتك التي أفخر بها تجعلني أفكّر بأنّ غير المسموح هو الذي يجعل من المسموح بهذه الوعورة و نحن نقدّم محاولاتنا الأدبيّة.
                      دمت بخير و عافية أستاذي العزيز.
                      مدوّنة

                      فلكُ القصّة القصيرة

                      تعليق

                      • فاطمة يوسف عبد الرحيم
                        أديب وكاتب
                        • 03-02-2011
                        • 413

                        #12
                        الأستاذ محمد فطومي
                        قصة تغزوها الذكريات وريح الألم، والجراح القديمة
                        رغم الاستطالة في الحدث وتفصيله كالرواية إلاّ أن متعتنا كقراء لك لم تقل..
                        جميل ما قرأته هنا والتواصل في خيط السرد بمشاعر هامسة تعطي دلالات لشخصية الكاتب
                        على امتلاك نواصي الكلم....

                        عمل يستحق التثبيت ويوضع على بساط التحليل الأدبي ليظهر مدى عمقة وروعته
                        سلمت يمينك


                        تعليق

                        • محمد فطومي
                          رئيس ملتقى فرعي
                          • 05-06-2010
                          • 2433

                          #13
                          العفو صديقي جمال ..
                          ليس هناك أبعث على الاستمرار سوى عبارات تشجيع كالتي أحظى بها من جهتك ،السر؟
                          ليس هناك سرّ عدا أّنك تقرأ بقلبك و هنا أفهم أنّي حقّقت أمرا ما..
                          أسرّ دائما حين أجدك صديقي الغالي.
                          مدوّنة

                          فلكُ القصّة القصيرة

                          تعليق

                          • محمد فطومي
                            رئيس ملتقى فرعي
                            • 05-06-2010
                            • 2433

                            #14
                            أرجو أن أكون بالفعل قد ارتقيت إلى مستوى قراءتك أستاذتي القديرة إيمان الدّرع.
                            مرورك الرّاقي أسعدني كما لم يفلح شيء أن يفعل هذه الأيّام.
                            مودّتي و أمنياتي السّعيدة لك و لسوريا العظيمة.
                            مدوّنة

                            فلكُ القصّة القصيرة

                            تعليق

                            • نبيه أبو غانم
                              أديب وكاتب
                              • 26-05-2010
                              • 94

                              #15
                              رحلة عمر موجزة من خلال هذه الأسطر، وفي كل سطر قصة
                              لأعوام مديدة.
                              عثرات الزمن وعورات المبادئ تسوق الحياة وتسرق منا لحظات
                              الفرح ، فإن ما نفعله بداعي القيم والمبادئ يكون جبناً بمنظور الغير
                              فيصبح الحال كمن عاد بخفي حنين.
                              أستاذي الفاضل محمد فطومي قصة موفقة إلى حد أنني أستطيع
                              قرائتها مراراً وفي كل مرة أقرأها كما المرة الأولى أبتسم وأفرح
                              وأحزن وتتضارب مشاعري والتي قلما تفعل.
                              وقوة النهاية التي تأتي بعكس توقع القارئ الذي يتمنى نهاية
                              موفقة لبطل القصة ولو بكلمة طيبة.
                              دمت ودام بوحك صافياً ولك مني التحية

                              تعليق

                              يعمل...
                              X