مسكين هو الآدمي ...منصبَ على الدوام تفكيره على أرضية الأحلام ،وما الواقع إلا وثبات يحقق فيها بعضا منها ثم لايلبث أن ترتشفه من جديد .
وهوطفل يحلم باللحظة التي فيها تحتضن جسمه ونفسه سمات الرجولة وتوقع على سجلات الشباب اسمه. ولكن سرعان ما تتناسل أحلامه في مخيلته ،ولاتجده إلا متأففا من حاضره ،متشوقا لرؤية المستقبل ولو من ثقوب ضيقة ...يتمنى أن يتزوج بمن يحب ويرزق بأبناء ،يمتلك سكنا وسيارة ،ويحج إلى بيت الله الحرام ....وما إن تتحقق أحلامه أمام ناظريه ،حتى تجده متجهما غير راض عن حاضره ....وخزات على الدوام تثير كآبته وتذكره بأيام الشباب ،وهويتفحص وجهه وشعره ...فيقرر أن يعود إلى شبابه بما يحمل من أثقال ومسؤوليات جسيمة على ظهره ....يقرر أن يتزوج بامرأة تصغره بعشرين او ثلاثين سنة ....لايهتم لغضب أبنائه وتذمر زوجته وانكسار الأطباق على رأسه ....المهم هو الرجوع إلى سن الشباب .رغم كل شيئ ...يتزوج صاحبنا من فتاة أحلامه .يصبغ شعره بالأسود ،ينتف شاربه ويغيير من هيئته ...تمضي الشهور بما فيها شهر العسل ،ثم لايلبث أن يتعارك مع سيدة الحسن والجمال ،لأنها لاتعيره اهتماما ، وتخضع بالقول في الهاتف ،وتشاهد برامج شبابية في التلفزة والإنترنت ...بل يشك بأنها تخونه مع فلان وعلان ،...أنت طالق ..هذا هو الدواء الشافي لكل هواجسه وظنونه .تراوده أنثى الأحلام من جديد ،للرجوع إلى زوجته وشريكة حياته الأولى ،وأبنائه ،فيستقبلونه بفرح وقدعقدوا العزم على نسيان الماضي .يشعر بالهناء والسعادة بينهم ..لكن
ولكن ولكن .....إلى أن يعلن خبر وفاته بين أهل المدينة أو في الجرائد .
لقد مات فلان ابن فلان رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.
تعليق