طلّي بالأبيض طلّي ، يا زهرة نيسان
طلّي يا حلوة وهلّي بها الوجه الريّان
وأميرك ماسك ايديك، وقلوب الكلّ حواليك
والحبّ يشتّي عليك ورد وبيلسان
طلّي يا حلوة وهلّي بها الوجه الريّان
وأميرك ماسك ايديك، وقلوب الكلّ حواليك
والحبّ يشتّي عليك ورد وبيلسان
صلة ما تربط بين الأعمال الأخيرة لك سيدتي ، صلة لم تكن اللغة ، التى عهدناك تمتلكينها ، و لا الجرأة التى تمتطين مهرها جامحا منذ أول الأعمال التى وضعت هنا ، و إلى آخر ما كان ، و لا كانت تلك الفورة التى تنتابك حين تخوضين فى عمل من الأعمال .. إنها صلة من نوع فريد ، ربما لمستها فى قصتك الرائعة ( أسمر يا إسمراني ) و أيضا ( يا ثوبها ) التى فجرت فيها ، و من خلالها الكثير و الكثير من الحميمية ، التى يمر عليها الكثير من الكتاب مرور العابر ، اللهم إن كان واثقا من حديثه ، متلفلفا به حد التمازج .. فما تكون تلك التى أنبتت حقول السحر بين نبضات لغتك الآسرة ، فى تلك المقطوعة ، التى تشبه موشحا أندليسيا موقعا ، نسمعه و نحن نردده ، ونتمايل على لزمته ، و حناجر همسنا تردد : الله
إنها تلك اللمسة السحرية ، فى موقفية الكاتب ، و التى ساقته منذ أول نقطة على سطر العمل ، إلى آخر نقطة ترقيم أغلقته .. لننظر معك سيدتي إلى ختام اللحن ، فى الأعمال الثلاث التى ذكرت ، سنلمس شكلا من أشكال النزيف ، و الألم ، الذى لم يخرج بمعزل عن المتن أو عن الكاتبة ، و كأنها تفجر كل طاقاتها اللحنية ، و اللغوية ، و الإنسانية ، و المعرفية ، في تلك الخواتم .. نهاية البائعة - تلك المجنون التى تأكل المدينة من عمل وكد يدها ، حين تلفظ أنفاسها ، و نرى بسمتها تغيب ، وهى تردد لحنها الخاص ، الذى كان عنوانا لحياتها كما كان عنوانا لقصتها ( أسمر يا إسمراني ...... )
و فى قصتك الثانية كانت نهاية تلك التى خانت ، بين يدي رجلها ، تؤدي رقصة الموت ، و آخر نبضات كائن بشري ، لتشهده على جملة الختام فى مأساتها ، دون أن تبرر ، أو تبذل محاولة أخيرة لانقاذ سمعتها المفتضة ( ياثوبها ) و هنا .. فى ثالثة الروائع أشهد معكم تلك الخاتمة ، التى لم تأتي عفوا ، و لا قسرا ، بل جاءت بميزان حساس ، قادر على شحن اللحظة بكميات من الحنين ، و القسوة معا ، و من خلال لحن شجي واحد :"مرّ أسبوعٌ على وجودي في بيت رجلٍ كنت أكرهه ..
وعندما هممْتُ بمغادرة المكان ، وقد تماثلتْ حبيبتي للشفاء ، استحلفتني عيناها أن يحدث شيء يزيل تراكم الغبار عن صفحات العمر ، طمأنتها بأنّ كلّ شيءٍ سيكون على ما يرام .
ولمّا عانقتني قرب الباب ..عرفتُ متأخّرةً ..بأنّنا نحن من نقتل أحلامنا ، وأمانينا ، وربّما عن غير قصدٍ ...أنا من خنقت حروف أغنية زفاف ابنتي .. أنا من أوقفتُ موكب عرسها ، ومزّقتُ ثوبها الأبيض الملكيّ ..من قبل أن ترتديه ... أنا ...لا هي .
تسقط كل المزاعم ، و الزائف الذى حال بينهم و بين تلك الآبقة المحبة فى مشهد أسري ، لا تقدمه إلا أم ، عاشت ، تلك اللحظات ، و إن اختلف الموقف و شكل المحنة ، لكن المشهد لم يختلف ، فى تبنيه الصدق ، و الحرص عليه ، حتى النهاية !
لتنقلب الكراهية سيلا من أشواق و حنين ، و خوف .. أقول لك و لهم سيدتي : أن الدمعة تفجرت هنا سيلا ، بقدر ما أعطيت هذا اللقاء من روحك السامية ، فكانت شاهدا و مشهودا ، ورؤية من أنصع ما يمكن أن أراه بعين الحقيقة !
أدري أنك تخوضين فى الواقعية حد الاغراق ، و لا تحيدين عنها ، تعطينها ، فتعطيك ، و تحاولينها كل مرة ، بشكل و مذاق مختلف .. و أغلب ظني أنك سوف تأتين بها المرة القادمة بثوب جديد إطلاقا .. فقد رأيت ملامح القادم من أعمالك !
هنيئا لنا بك كاتبة رائعة مدهشة ، و إنسانة راقية لأبلغ حدود الرقي !
تعليق