قصة قصيرة: بازيليك في الدارالبيضاء... المختار ميمون الغرباني/المغرب
•تبرق نشوةً ومجوناً :
كانت ابتسامتها شهداً يتقطر على صفحة اللسان.وكان قوامها ممتلئاً كتفاحة،لذيذاً كإجاصة..وكانت نظراتها تبرق نشوةً ومجوناً إذ تمر جنب باب إقامتي صباحاً أو مساءً..وتشكل الخطو تباع الخطو في نشوة فائحة وزهو فائض.كأنها تشهق خطواً وتثبيتاً...تتأبط محفظتها الجلدية السوداء و تحزم قوامها الرشيق الممتد في عرض الشارع..تمضي شاهقة في شوارع المدينة طولاً وعرضاً..كأنها ما ولدت إلاّ لتتباهى بصنعة جسدها في عمر شوارع المدينة..أو لتستفز شهية العاشقين لأنغام الجسد من غير أن تحتسب… شاب في عمر الثلاثين كان يبسبس لها كثيراً..وبما أنها لم تهتم بأمره كثيراً..عدل عن عناده وفكر في أن يبسبس لغيرها في عمر الممشى والشارع... وشيخ عجوز كان يلازم ركن دكانه ويترصد قدومها بميقات مكين..حتى إذ مرت ،صباحاً أو مساءً، جنب دكانه همّ يسبح لله كثيراً ويختلس النظر، ثم يتمتم بصوت هرم مرتعش خجول ؛ اللهم لاحسد.! اللهم لاحسد.! سبحانك ربي، أنت صانع كل ذاك الرعد في هذا الجسد..! كل هذا اللّحاق من أجل رشاقتها وسمر بشرتها..ربما كانت لقاحاً عشرينياً مفقوداً..أوكانت كتاب تهافت وفتنة للراغبين في قدح الانتشاء..! غير أن للقلب ومضات يبرقها لمن يشاءُ إذْ يشاءْ..!
•صبيحة الطائرالحائر:
قالت في لقاء صباحي عنيف بحديقة عمومية عريقة مداً وإسماً: ـ لك أن تنعتني بما تشاء...لك أن تشهد دوماً بلسانك السامْ على استحقاقي لوسام ثقيل من درجة "عاهرة عاشقة"...! كان أغلب كلامها فيض فاضح محموم بانفعالات أنثوية راجفة. وفجأة أسندت رأسها إلى صدره..تهاوت دموعها مطراً غزيراً ينشد لأحزان اللحظة وتراً أو وترين لاشتهاء الصباح...مد يده برفق رفيق ليجفف ما هوى على الخد من بريق..ومال شعرها الفاحم المترامي في مسافات التذكر حيث ريح الانتشاء والحنين تميل..! هدأتْ قليلاً إذْ حدثها بإطناب وبهتان كبيرين عن شأنها البالغ الأهمية في حياته.. وحين شرع في فك أزرار مشد صدرها هدأتْ أكثر وانشرح فيضها الأنثوي العامر أسراراً...وألغاماً.. ! وحين بالغ في وصفها عن غير اهتداء بشمس نهاره الجميل هدأت كلياً و قفزت من مرتعها تمرح في انتشاء دفين: ـ واااوْ...واااوْ...يا حالي من شهد اللسان ...حلوة أوصافك والله..وبالمصرية أهتف: زدني منو كمانْ وكمانْ... انشرحت أكثر فحبت صوب مرتعها الأمين.بصمت على خده الخمري المزغب قبلات جحيمية متعاقبة..وكان أن استرخت ظلال شجرة أنوثتها العريقة المدى والأسف.تعطر صدرها الناهد الصاهد بلعاب محموم بروائح عزوبة قائمة متعفنة..وأثمر الصباح رعشة الإثم الكبير..في حديقة عمومية عريقة مداً وإسماً... تنفست الأشجار صباحاً انتشت الأطـيار صدحاً همّ بها ، وهمت به...هلت شاعريته ألحاناً صباحية ذات أريج حزين، فرتّل نظم الكلام ترتيلاً: يا أيها الطائر الحائر كن بسمة تشرق على رأس كل لقاء كن وعداً ناعماً بلا رياءْ، ولا تكن إيهام عري وملح بغاء. صفقت انشراحاً وإعجاباً بما نظم من عذب الكلام ..نعتته بفيلسوف الأعمار والأشعار حيناً، وحيناً آخر بصريع العشق والأجساد..وقبل أن يخرجا معاً من صباح حديقة عمومية عريقة مداً وإسماً..وعدته بلقاء العودة مساءً، بعد حصة المعهد الموسيقي.
•على ضوء النهار :
كان الوقت عصراً حين أرسلت نقرات أناملها متتابعة على باب الشقة بروش نوار... سطعت ابتسامتها العريضة إذْ انفتح الباب..شع بريق عينيها الخضروتين..تراسلت نظراتنا ملتهبة متعطشة إلى همس طويل و ريّ كريم..جاءت ـ كعادتها ـ بسلة ورد أبيض ندي ، علبة سجائر ممتازة ، وقطعة شكولاته فاخرة... كان همسها ممتداً على طول الليل ويشاركه عمرالامتداد صوت فاطنة بنت الحسين يرتل موالاً عاشقاً ماجناً.. بدت حركاتها وسكناتها تتفاعل أكثر مع إيقاعات الموال ..تتدبر بإحكام استدارة خصرها العامر ونهديها المحمومين في جذبة صوفية مطلقة...
تحوم أطراف الجسد على بعضها البعض حوم طائر شارد يتفقد عشه في كهف تذكار..وشيئاً فشيئاً تسرب ضوء الصباح الفضّاح عبر زجاج شرفات الشقة.فانتفضت واقفة بعزم أنثوي ماكر فاتن..تتبرأ من فراش غارق في أحواض المجون و تتحسس ملمس الفراش..كانت تفتش عن تبانها الشارد في ثنايا اللحظة..تلمستْه وشهقتْ إذ وجدتْه مبللاً بقطر وفير.. ثم قالت ممازحة بلغة شاعرة: ـ لقد تعودت على طباعك الساخرة..وعنك تعلمت أن الطائر الحر لا يهجر وكره أبداً... اهتاج ضوء النهار أكثر فأكثر..وصدح خطوها الرشيق معانقاً باب الشقة..وقبل إغلاقه أدارت وجهها ناحيته وقالت بصوت ذابل وهي تلوح في الخواء بكفها الناعم المرقش برسوم الحناء: ـ أحيّاني عليكم يا رجال آخر زمانْ..!... كلكم على اختلافكم أحجاماً وأسماءً معدن واحد خالص.كلكم تعبدون الجسد الندّي الطّري..وما سواه يبقى لشرارة النار..أحيّاني عليكم يا رجال آخر زمانْ..!
=========
* ـ بازيليك ( basilic): زواحف خرافية يعتقد أنها ذات قدرة خارقة على قتل فريستها بمجرد النظر إليها..
•تبرق نشوةً ومجوناً :
كانت ابتسامتها شهداً يتقطر على صفحة اللسان.وكان قوامها ممتلئاً كتفاحة،لذيذاً كإجاصة..وكانت نظراتها تبرق نشوةً ومجوناً إذ تمر جنب باب إقامتي صباحاً أو مساءً..وتشكل الخطو تباع الخطو في نشوة فائحة وزهو فائض.كأنها تشهق خطواً وتثبيتاً...تتأبط محفظتها الجلدية السوداء و تحزم قوامها الرشيق الممتد في عرض الشارع..تمضي شاهقة في شوارع المدينة طولاً وعرضاً..كأنها ما ولدت إلاّ لتتباهى بصنعة جسدها في عمر شوارع المدينة..أو لتستفز شهية العاشقين لأنغام الجسد من غير أن تحتسب… شاب في عمر الثلاثين كان يبسبس لها كثيراً..وبما أنها لم تهتم بأمره كثيراً..عدل عن عناده وفكر في أن يبسبس لغيرها في عمر الممشى والشارع... وشيخ عجوز كان يلازم ركن دكانه ويترصد قدومها بميقات مكين..حتى إذ مرت ،صباحاً أو مساءً، جنب دكانه همّ يسبح لله كثيراً ويختلس النظر، ثم يتمتم بصوت هرم مرتعش خجول ؛ اللهم لاحسد.! اللهم لاحسد.! سبحانك ربي، أنت صانع كل ذاك الرعد في هذا الجسد..! كل هذا اللّحاق من أجل رشاقتها وسمر بشرتها..ربما كانت لقاحاً عشرينياً مفقوداً..أوكانت كتاب تهافت وفتنة للراغبين في قدح الانتشاء..! غير أن للقلب ومضات يبرقها لمن يشاءُ إذْ يشاءْ..!
•صبيحة الطائرالحائر:
قالت في لقاء صباحي عنيف بحديقة عمومية عريقة مداً وإسماً: ـ لك أن تنعتني بما تشاء...لك أن تشهد دوماً بلسانك السامْ على استحقاقي لوسام ثقيل من درجة "عاهرة عاشقة"...! كان أغلب كلامها فيض فاضح محموم بانفعالات أنثوية راجفة. وفجأة أسندت رأسها إلى صدره..تهاوت دموعها مطراً غزيراً ينشد لأحزان اللحظة وتراً أو وترين لاشتهاء الصباح...مد يده برفق رفيق ليجفف ما هوى على الخد من بريق..ومال شعرها الفاحم المترامي في مسافات التذكر حيث ريح الانتشاء والحنين تميل..! هدأتْ قليلاً إذْ حدثها بإطناب وبهتان كبيرين عن شأنها البالغ الأهمية في حياته.. وحين شرع في فك أزرار مشد صدرها هدأتْ أكثر وانشرح فيضها الأنثوي العامر أسراراً...وألغاماً.. ! وحين بالغ في وصفها عن غير اهتداء بشمس نهاره الجميل هدأت كلياً و قفزت من مرتعها تمرح في انتشاء دفين: ـ واااوْ...واااوْ...يا حالي من شهد اللسان ...حلوة أوصافك والله..وبالمصرية أهتف: زدني منو كمانْ وكمانْ... انشرحت أكثر فحبت صوب مرتعها الأمين.بصمت على خده الخمري المزغب قبلات جحيمية متعاقبة..وكان أن استرخت ظلال شجرة أنوثتها العريقة المدى والأسف.تعطر صدرها الناهد الصاهد بلعاب محموم بروائح عزوبة قائمة متعفنة..وأثمر الصباح رعشة الإثم الكبير..في حديقة عمومية عريقة مداً وإسماً... تنفست الأشجار صباحاً انتشت الأطـيار صدحاً همّ بها ، وهمت به...هلت شاعريته ألحاناً صباحية ذات أريج حزين، فرتّل نظم الكلام ترتيلاً: يا أيها الطائر الحائر كن بسمة تشرق على رأس كل لقاء كن وعداً ناعماً بلا رياءْ، ولا تكن إيهام عري وملح بغاء. صفقت انشراحاً وإعجاباً بما نظم من عذب الكلام ..نعتته بفيلسوف الأعمار والأشعار حيناً، وحيناً آخر بصريع العشق والأجساد..وقبل أن يخرجا معاً من صباح حديقة عمومية عريقة مداً وإسماً..وعدته بلقاء العودة مساءً، بعد حصة المعهد الموسيقي.
•على ضوء النهار :
كان الوقت عصراً حين أرسلت نقرات أناملها متتابعة على باب الشقة بروش نوار... سطعت ابتسامتها العريضة إذْ انفتح الباب..شع بريق عينيها الخضروتين..تراسلت نظراتنا ملتهبة متعطشة إلى همس طويل و ريّ كريم..جاءت ـ كعادتها ـ بسلة ورد أبيض ندي ، علبة سجائر ممتازة ، وقطعة شكولاته فاخرة... كان همسها ممتداً على طول الليل ويشاركه عمرالامتداد صوت فاطنة بنت الحسين يرتل موالاً عاشقاً ماجناً.. بدت حركاتها وسكناتها تتفاعل أكثر مع إيقاعات الموال ..تتدبر بإحكام استدارة خصرها العامر ونهديها المحمومين في جذبة صوفية مطلقة...
تحوم أطراف الجسد على بعضها البعض حوم طائر شارد يتفقد عشه في كهف تذكار..وشيئاً فشيئاً تسرب ضوء الصباح الفضّاح عبر زجاج شرفات الشقة.فانتفضت واقفة بعزم أنثوي ماكر فاتن..تتبرأ من فراش غارق في أحواض المجون و تتحسس ملمس الفراش..كانت تفتش عن تبانها الشارد في ثنايا اللحظة..تلمستْه وشهقتْ إذ وجدتْه مبللاً بقطر وفير.. ثم قالت ممازحة بلغة شاعرة: ـ لقد تعودت على طباعك الساخرة..وعنك تعلمت أن الطائر الحر لا يهجر وكره أبداً... اهتاج ضوء النهار أكثر فأكثر..وصدح خطوها الرشيق معانقاً باب الشقة..وقبل إغلاقه أدارت وجهها ناحيته وقالت بصوت ذابل وهي تلوح في الخواء بكفها الناعم المرقش برسوم الحناء: ـ أحيّاني عليكم يا رجال آخر زمانْ..!... كلكم على اختلافكم أحجاماً وأسماءً معدن واحد خالص.كلكم تعبدون الجسد الندّي الطّري..وما سواه يبقى لشرارة النار..أحيّاني عليكم يا رجال آخر زمانْ..!
=========
* ـ بازيليك ( basilic): زواحف خرافية يعتقد أنها ذات قدرة خارقة على قتل فريستها بمجرد النظر إليها..
تعليق