توريث الحكم .. هل يتعارض مع الإسلام ؟؟

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • مصطفى بونيف
    قلم رصاص
    • 27-11-2007
    • 3982

    #16
    إخوتي الكرام : أتابع النقاش ، فالسؤال الذي طرحه أستاذنا القدير محمد شعبان الموجي يبحث في الحكم الشرعي لتوريث الحكم ، وأعتقد أن لذلك مباحث كثيرة في كتب الفقه والتشريه الإسلامي .
    وسأبحث في الموضوع إن شاء الله .

    وعلى الهامش رأيي الخاص ... إذا كان الحاكم هو سيدنا علي كرم الله وجهه ، وابنه سيدنا الحسين رضوان الله تعالى عليه فتوريث الحكم هنا رائع إلى درجة الوجوب .
    أما إذا كان الحاكم هو من طينة فرعون مصر ، وابنه ...فأعتقد أنه مكروه كراهة التحريم . والعياذ بالله ...وأسأل الله العافية لشعوبنا من حكام السوء وأبنائهم .
    [

    للتواصل :
    [BIMG]http://sphotos.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-snc3/hs414.snc3/24982_1401303029217_1131556617_1186241_1175408_n.j pg[/BIMG]
    أكتب للذين سوف يولدون

    تعليق

    • أبو صالح
      أديب وكاتب
      • 22-02-2008
      • 3090

      #17
      المشاركة الأصلية بواسطة نذير طيار مشاهدة المشاركة
      الشيخ الغزالي الذي كتب في "علل وأدوية" عن استشهاد الحسين ابن علي ووصف المعركة نقلا عن العقاد بصراع الأضداد.
      يا نذير طيار هل من الممكن أن تأتي بحرفية النص لو سمحت لما اقتبسته من مداخلتك، فمعاني المفردات التي استخدمتها مدلولاتها خطيرة جدا، ولا أظن شخص بعلم الغزالي يمكن أن يستخدمها

      مع الشكر مقدما

      عزيزي الموجي ما زلت في انتظار الدليل من القرآن والسنّة

      تعليق

      • وفاء اسماعيل
        أديب وكاتب
        • 17-05-2007
        • 35

        #18
        الاستاذ / محمد الموجى
        عجبنى جدا موضوعك المطروح للنقاش عن الشورى فى الاسلام .. ففى البداية اود التعليق عليه من منظور تاريخى .. فقد علمنا التاريخ ان هناك صلة قوية بين الاحداث التاريخية والدين وان استقرار الامة وامنها يكون بقدر تطبيق ما فى الدستور الالهى من قوانين .. فالقران امرنا فى الاية الكريمة بالشورى كمبدا (وامرهم شورى بينهم ) اتبع هذا المبدأ الرسول صلى الله عليه وسلم حينما استشار اصحابه فى كل امر .. وسار على نهجه الخلفاء الراشدون فالشورى نظام للحكم يتعارض مع الاستبداد والتحكم والهيمنة طبقه الخلفاء على مرحلتين هما : البيعة الخاصة ، والبيعة العامة
        ** اتفاق الصحابة وعليه القوم ممن شهد لهم بالصدق والامانة والنزاهة ورجاحة العقل على اختيار الحاكم او الخليفة ( البيعة الخاصة ) ورغم ذلك يعد اتفاقهم منقوصا ما لم يتبع هذا الاختيار والاتفاق موافقة المسلمين على من اختاروه ومبايعته ان رضوا به حاكما وهذا ما اطلق عليه ( البيعة العامة )
        سار المسلمون فى عهد الخلفاء الراشدون على هذا المبدأ فامنوا شر الفتن والصراعات على السلطة حتى جاءت فتنة مقتل عثمان وتولى على بن ابى طالب الخلافة وبدا صراعه مع معاوية بن ابى سفيان الذى خالف امر الخليفة على ورفض الانصياع لاوامره بخلع نفسه من حكم بلاد الشام وكانت معركة صفين والتحكيم الذى احتكموا فيه الى كتاب الله وكانت نتيجة التحكيم خلع كلا من على بن ابى طالب ومعاوية فرضى على كرم الله وجهه وتمسك معاوية حتى قتل على بن ابى طالب على يد احد الحوارج ( عبد الرحمن بن ملجم ) وخلا الامر لمعاوية وقبل المسلمون واتفقوا على معاوية الا ان خطا معاوية عندما قام باخذ البيعة لابنه يزيد ليخلفه فى الحكم هو من اجج الفتن بين المسلمين وخرجت الثورات فى وجهه على اعتبار انه خالف الدستور الالهى وخالف مبدا الشورى الذى اتبعه كل الصحابة .. وبدات الدولة الاسلامية منذ عهد يزيد ينتشر فيها القلاقل والاضطرابات .. الى ان جاء عمر بن عبد العزيز واعاد مبدأ الشورى بمعناه الحقيقى واعطى المسلمين درسا فى كيفية الحكم وادارة شؤون المسلمين على اساس العدل والمساواة وقام بمحاورة الخوارج وشيعة على ورغم قصر مدة حكمه الا انه لم يورث ابنه الخلافة وترك الامر للمسلمين ..نستخلص من ذلك ان مبدأ التوريث هو مبدأ مرفوض سواء فى الحكم او الخلاقة مهما كان من امر الوريث وصفاته فالامر مرده للمسلمين فى الاول والاخر .. هم اصحاب الحق فى اختيار خليفتهم او حاكمهم والخروج عن هذا المبدأ هو بمثابة سقوط فى الخطيئة .
        التعديل الأخير تم بواسطة وفاء اسماعيل; الساعة 31-03-2008, 19:50.

        تعليق

        • عبداللطيف أحمد فؤاد
          محظور
          • 19-03-2008
          • 105

          #19
          اعتقد ان جمال مبارك تلقى تعليما راقيا وخبرة سياسية لا بأس بها وقبل توليه سيعرض الموضع على الشعب لمشورته0 وسأوافق عليه0 فهو خير خلف لخير حاكم امين0

          تعليق

          • أبو صالح
            أديب وكاتب
            • 22-02-2008
            • 3090

            #20
            اشكرك يا وفاء إسماعيل على مداخلتك والتي نبهتني على ما نقص مداخلتي الأولى والتي من الممكن أن يُساء فهمها، بأنني مع التوريث بنفس الطريقة الملكية

            فما نقص مداخلتي هو التنويه على موضوع البيعة، لمن يستحق أن يتقدم للحكم وفق مواصفات تحدد أهليته للحكم، حيث من المنطقي أن لكل وظيفة مؤهلات يجب أن تتوفر لشغل هذه الوظيفة

            وهذه إحدى نواقص النظام الديمقراطي، بالإضافة إلى أمور أخرى كثيرة ولذلك أنا ضد مفهوم ونظام الديمقراطي ومع مفهوم التكامل

            تعليق

            • عبد الرحيم محمود
              عضو الملتقى
              • 19-06-2007
              • 7086

              #21
              الإخوة الأفاضل المحترمون
              مبدأ التوريث منصوص على عدم جوازه فالدولة ليست ملك حاكمها فالمورث يورث ما يملك ، لا ما يحكم ، فكلمة توريث الحكم لا تجوز لأن الإرث هو تركة الميت بتسكين الياء ، أما مبدأ التوريث الذي تقولون عنه - ولا أقصد دولة بعينها - فهو مخالف تماما لأصول الحكم في الإسلام ، فالنبي عليه الصلاة والسلام ، لم يورث عليا باعتباره لم يكن له أولاد ، وأبو بكر أوصى بها لعمر وخضعت لمبدأ البيعتين الخاصة والعامة ، وعمر حرم ابنه عبد الله عندما اختار خيرة الصحابة للتشاور واختيار حاكم من بينهم ، وعندما قيل له اعهد بالخلافة لعبد الله ابنك قال قولته المشهورة : كفى آل الخطاب أن يقف واحد منهم أمام الله يحاسبه عن أمة محمد صلى الله عليه وسلم .
              وبذا رفض عمر أن يورث ابنه مع أن عبد الله كان أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم كما قالت عائشة رضي الله عنها :لم يبق أحد على ما كنا عليه في عهد النبي إلا عبد الله بن عمر .
              ولم يورث عثمان ، ولا علي بن أبي طالب أبناءه ولكن الناس هم من اختاروا الحسن للخلافة وتنازل عنها لتوحيد الأمة !
              أما معارضة التوريث للإسلام فواضحة من حديث النبي صلى الله عليه وسلم حين قال : عن النعمان بن بشير عن حذيفة ، رضي الله عنهم ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ، ثم يرفعها الله تعالى ، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ما شاء الله أن تكون ، ثم يرفعها الله ، ثم تكون ملكا (عاضا) فتكون ما شاء الله أن تكون ، ثم يرفعها اللع تعالى ، ثم تكون ملكا ( جبرية )، فيكون ما شاء الله أن يكون ثم يرفعها الله تعالى ثم تكون خلافة على منهاج نبوة . ثم سكت ، روى الحديث أحمد والبيهقي في دلائل النبوة والحديث موجود في مشكاة المصابيح / ج 3 - ص 151
              دار الفكر / الطبعة الأولى - 1991
              وواضح من الحديث أن خلافة الامويين والعباسيين ومن بعدهم مذمومة لأن النبي صلى الله عليه وسلم وصفها بالعضوض والجبرية ثم رجوعها عن مبدأ الخروج على منهاج النبوة ومبدأ الشورى ، أما أحقية أي فرد في الترشح لرئاسة بلده فهو حق مكفول شرعا ولا يمنع أحد من الترشح للرئاسة ولو حصل على البيعة الخاصة والعامة فيكون قد اكتسب الشرعية في الحكم .
              والله ورسوله أعلم !!
              نثرت حروفي بياض الورق
              فذاب فؤادي وفيك احترق
              فأنت الحنان وأنت الأمان
              وأنت السعادة فوق الشفق​

              تعليق

              • mmogy
                كاتب
                • 16-05-2007
                • 11282

                #22
                رأي الإمام مالك رضي الله عنه

                المشاركة الأصلية بواسطة أبو صالح مشاهدة المشاركة


                عزيزي الموجي هل ممكن أن تذكر لي الأدلة من القرآن والسنّة على هذه الشروط

                لأن هذا الموضوع وأقصد الجزء الذي اقتبسته هو سلاح كل التمييعيين من وجهة نظري، وموضوع مناقشته مهم جدا ليحل الكثير من المشاكل

                ما رأيكم دام فضلكم؟
                ابو صالح

                ليس فى التاريخ الإسلامــى كله ..واقعة جهاد ((داخلى )) واحدة ؟؟ الصراع على السلطة إذا نشب فى البلد الواحد .. لايسميه العلماء جهادا .. إنما يسمونـــــه (( فتنة )) .. والذى يروع الآمنيين ويقتل الأبرياء ..لا يسميه العلماء والفقهاء (( مقاتل أو مجاهد )) .. إنما يطلقون عليـه (( هجام أو صائــل )) ، و حكمه كما هو معروف القتل بلا خلاف ؟؟


                إذا استعرت نيران الفتنة فى المجتمع .. ولم يكن إلـى حسمها من سبيل ..فالإعتزال واجب أو كما قال علماء السلف : (( كن فى الفتنة كابن لبون ..لاظهرا فيركب ولا لبن فيشرب )) ..

                ولذلك حينما سئل الإمام مالك رضى الله عنـه عن قتال الخارجين على الخليفة ، فقال قائل : أيجوز قتالهم ؟؟ فقال : إن خرجوا على مثل عمر بن عبد العزيز .. فقال : فإن لم يكن مثله ، فقال : دعهم ينتقم الله من ظالم بظالم ثم ينتقم من كليهمــا ؟؟


                غير أن الأمر إن كان مستقرا لحكومة ما وإن كانت ظالمة .. فإن الإسلام يحرص أشد الحرص على الحفاظ على حالة الإستقرار و الأمن تلك ، و لذلك اتفق علماء الإسلام سلفا وخلفا على أن (( الإمام الجائر خير من الفتنــة ، وكلاهمــا لاخير فيـه ))..لماذا ؟؟

                يقول الإمام محمد أبو زهرة نقلا عن الإمام مالك بن أنس : (( وإن خرجت خارجة على الحكام .. فما هــى أعدل منهم ؟؟؟ و لا أحفظ للحقوق من أقلهم عدلا وأكثرهــم ظلما ؟؟؟ فوق ما فى الخروج من فوضى فى الأمور ؟؟ واضطراب للنظام ؟؟ وفسد أحوال الناس ؟؟ وهتك الحرمات ؟؟؟ وتعريض الأعراض والأنفس والأموال لشذاب الناس وشطارهم ؟؟ وفوضى ساعة يرتكب فيها من المظالم ما لايرتكب فى ظلم منظم سنين ؟؟ )) .


                ثــم يضيف : (( ومن يعش فى وسط ذلك الجو اليائس من أن يقوم حكم الشورى على وجهه الصحيح ، كما كان فى حكم أبى بكر و عمر وعثمان رضى الله عنهم أجمعين ، فلا بد أن يرضى بالحال القائمـة لا على أنها الحكم الأمثـل الذى ينبغـى أن يكون ، والذى دعا إليــه الإسلام ، و لكن على أنهــا الأمر الواقــع الذى لاسبيل إلى دفعــه إلا بالتعرض لضررأشد ، و فساد أعم ، و النتيجة غير مستيقنة بل غير مأمونــة ، وقد دلت التجارب الواقعــة على أن الإنتقال يكون لمن هو أشد ظلما ، و أكبر ضرا ؟؟


                ولذلك قبل مالك أن يسكن و إن لم يكن السكون اقرارا شرعيا منه للحال الواقعة ، بل كان ذلك اعترافا بوجودها وعدم القدرة على التغيير ، مادامت النفوس على حالهــا ؟؟


                وهكذا يصل بنا الإمام مالك بن أنس إلى ما أراد أن يقوله علماء المسلمين من قبل وسلفهم الصالح .. إحياء علوم الدين أولا .. مثل الخشية والإخلاص والخشوع والتقوى والإنابة والمراقبة ومحاسبة النفس والتضرع والتعلق بالآخــرة والزهد فى الدنيــا والرضــا والأنس باللـه وبناء النفوس وإحياء القلوب وإقامة علاقة مباشرة مع الله .. وهو أيضا مالخصــته عبارة الشيخ الهضيبى رحمه اللـه .. أقيموا دولة الإسلام فى قلوبكم تقــم على أرضكم .. لاحظ دقة التعبير فى قولــه (( أقيموا )) .. (( تقــم )) ، وهى التى استمدها من قوله تعالى : (( إن الله لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )) .. لاحظ أيضــا دقة التعبير القرآنــى .. (( لايغير ما بقوم )) .. (( حتى يغيروا ما بأنفسهم )) .. فالتغيير الإجتماعى الجماعى من الله .. وتغيير النفس من البشر .. وإصلاح المجتمع نتيجة طبيعية و منطقية لإصلاح النفس ؟؟ إنها منحة الله لعباده الصالحين وهذا هو الطريق


                وهذا هو فقه الواقع الذي شاهدناه من خلال تجارب عديدة حاولت خلع حكومة قائمة وإقامة اخرى غيرها .

                والقاعدة الفقهية .. لايؤمر بمعروف إلا بالمعروف ولاينهي عن المنكر بمنكر .. وقاعدة دفع المفسدة مقدم على جلب المصلحة والله تعالى أعلم



                مارأيكم
                إنْ أبْطـَأتْ غـَارَةُ الأرْحَامِ وابْـتـَعـَدَتْ، فـَأقـْرَبُ الشيءِ مِنـَّا غـَارَةُ اللهِ
                يا غـَارَةَ اللهِ جـِدّي السـَّيـْرَ مُسْرِعَة في حَلِّ عُـقـْدَتـِنـَا يَا غـَارَةَ اللهِ
                عَدَتِ العَادونَ وَجَارُوا، وَرَجَوْنـَا اللهَ مُجـيراً
                وَكـَفـَى باللهِ وَلـِيـَّا، وَكـَفـَى باللهِ نـَصِيراً.
                وَحَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوكيلُ, وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاّ بِاللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ.

                تعليق

                • أبو صالح
                  أديب وكاتب
                  • 22-02-2008
                  • 3090

                  #23
                  عزيزي الموجي

                  لو كل منّا رأى أي شيء خطأ ساعة حدوثه يقوم بالتصدّي له كما عملت أنا مع عبداللطيف أحمد فؤاد عندما كتب ما كتب في حق وفاء اسماعيل، وعندما قمت أنت بمسحها وأنتبهت أنا لذلك، اعترضت، وبيّنت لي وجهة نظرك لما قمت به، وفي نفس الوقت انتبهت إلى مسح قصيدتين لعبداللطيف أحمد فؤاد وواحدة منهم حتى فهمت من عنوانها أنها موجهة ضدي، ومع ذلك كتبت ما كتبت في المداخلة الأخرى دفاعا عنه وطالبت بعودتها، كما هي في التفاصيل في الموقع التالي




                  ولذلك لا احتاج إلى قيام بثورة أو الخروج عليكم هنا

                  كذلك الحال بالنسبة للحكومات عندنا، دعونا نناقش الأمور بهدوء وبتسلسل

                  لماذا تقفز على الأمور كما فعل نذير طيار

                  خصوصا وأنه الآن حتى قانون الحسبة يعملوا على إلغاءه في مصر بسبب آراء التمييعيين والتي كانت بهذا القانون تتقدم به بمراحل عن بقية كيانات سايكس بيكو كوسيلة قانونية لمكافحة الخطأ

                  هل هذا منطقي وصحيح؟
                  التعديل الأخير تم بواسطة أبو صالح; الساعة 01-04-2008, 08:22.

                  تعليق

                  • mmogy
                    كاتب
                    • 16-05-2007
                    • 11282

                    #24
                    الأخوة الأفاضل
                    وحتى لانخرج عن صلب الموضوع
                    سؤالي هو

                    هل تتوقف الشورى على شكل معين من أشكال الحكم ؟؟ أم لا ؟؟

                    ثم ننتقل إلى سؤال آخر

                    شكرا
                    إنْ أبْطـَأتْ غـَارَةُ الأرْحَامِ وابْـتـَعـَدَتْ، فـَأقـْرَبُ الشيءِ مِنـَّا غـَارَةُ اللهِ
                    يا غـَارَةَ اللهِ جـِدّي السـَّيـْرَ مُسْرِعَة في حَلِّ عُـقـْدَتـِنـَا يَا غـَارَةَ اللهِ
                    عَدَتِ العَادونَ وَجَارُوا، وَرَجَوْنـَا اللهَ مُجـيراً
                    وَكـَفـَى باللهِ وَلـِيـَّا، وَكـَفـَى باللهِ نـَصِيراً.
                    وَحَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوكيلُ, وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاّ بِاللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ.

                    تعليق

                    • نذير طيار
                      أديب وكاتب
                      • 30-06-2007
                      • 713

                      #25
                      أحببت أن أنقل لكم هذه المقتطفات من كتاب "الإسلام والاستبداد السياسي" للشيخ محمد الغزالي رحمه الله
                      وقد أجمع أئمة المسلمين على أن تقاليد الإسلام فى الحكم قد تحولت عن مجراها الرشيد على عهد معاوية وأسرته ثم التاث أمر الدين واضطربت مصالح الناس ووجد من حكام المسلمين من سبق ملوك الكفر فى سكرتهم وعمايتهم، وذلك من سوء حظ البشر قبل أن يكون من سوء حظ المسلمين أنفسهم.
                      وحكم الإسلام فى دفع أولئك الجبارين لا يحتاج إلى مزيد من البيان والتكرار.
                      وإن المؤرخ المسلم لتدركه الحيرة فى بعد الشقة بين تعاليم وتقاليد حكامه فى القرون الأولى.
                      فى سنة 248 هـ خلع المنتصر بالله أخويه المعتز وإبراهيم من ولاية العهد من بعده، وقد كان أبوهم المتوكل على الله قد أخذ لهم العهد فى كتب كتبها وشروط شرطها، وأفرد لكل واحد منهم جزءًا من الأعمال رسمه له، وجعل ولى عهده والتالى لملكه محمدا المنتصر، وقال: المنتصر وولى عهده المعتز، وتالى المعتز وولى عهده إبراهيم المؤيد، وأخذت البيعة على الناس كما ذكرنا..
                      ما هذا السخف؟ وكيف يتحكم رجل فى ثلاثة أجيال من بعده على هذا النحو الشائن؟ أهو يورث أبناءه قطعانا من البقر و إقطاعا من الكلأ المباح؟.
                      إن الله ـ عز وجل ـ حرم الإنسان حق تقسيم تركته على ذريته وتولى- سبحانه ـ توزيع أنصبتها على الورثة.
                      فإذا كان هذا حكم الله فى تقسيم المال الخاص فكيف ساغ لهذا المتوكل أن يقسم المسلمين على أولاده هذا التقسيم الشنيع؟ وبدلا من أن يسمع رأى الدين فى هذا الخبط يجىء شاعر مرتزق لينوه بهذا الصنيع فيقول- لا بارك الله له:-
                      ثلاثة أسلاك، فأما محمد فنور هدى يهدى به الله من يهدى
                      وأما أبو عبد الإله فإنه شبيهك فى التقوى ويجدى كما تجدى
                      وذو الفضل إبراهيم للناس عصمة تقى وفىّ بالوعيد وبالوعد
                      فأولهم نور، وثانيهم هدى وثالثهم رشد، وكلهم مهدى!!
                      وهذا الشاعر كذاب، وما أنطقه بالبهتان إلا دريهمات يجتديها.
                      ص 52
                      ومن خصائص الحكم المطلق السرف الشديد على شخص الفرد الحاكم وعلى كل من يمت إليه بنسب أو يواليه بنصر، فترى شهوات الغى- فى البطون والفروج- مشبعة، ومضلات الهوى مسيطرة على المشاعر والنهى، وعبء هذه النزوات يقع على عاتق الخزانة العامة وحدها، فإن الاستبداد السياسى لا يبالى من أين يأخذ المال ولا أين يضعه.
                      وقد نكب المسلمون- من قديم- بنفر من القطاع، وقعت فى أيديهم غنيمة الحكم فتقاسموها نهمين، ولم يعرفوا من المناصب التى سقطت فى أيديهم إلا أنها منابع ثروة للشباب الجامح والنزق والإفراط، أما مصالح الأمة فلا وزن لها .
                      لما حمل معاوية المسلمين على تمليك " يزيد " من بعده، فأصبح " يزيد " ملكا مهيبًا نافذ الكلمة فى ميراث الخلافة الراشدة، قال عبد الله بن هشام السلولى:
                      فإن تأتوا برملة أو بهند نبايعها أميرة مؤمنينا..
                      إذا ما مات كسرى قام كسرى نعد ثلاثة متناسقينا..
                      لقد ضاعت رعيتكم وأنتم تصيدون الأرانب غافلينا.
                      ص 47 الاسلام والاستبداد السياسي
                      لقد تعلم المسلمون من دينهم أن طغيان الفرد فى أمة ما جريمة غليظة، وأن الحاكم لا يستمد بقاءه المشروع، ولا يستحق ذرة من التأييد، إلا إذا كان معبرا عن روح الجماعة ومستقيما مع أهدافها.
                      ومن ثَم فالأمة وحدها هى مصدر السلطة، والنزول على إرادتها فريضة، والخروج على رأيها تمرد..
                      ونصوص الدين وتجارب الحياة تتضافر كلها على توكيد ذلك.
                      ولئن فهم المسلمون هذه الحقيقة من دينهم مرة، فهم يفهمونها من الكوارث التى نزلت بهم ألف مرة، والمحنة الأخيرة التى حلت بنا فروعت حريمنا، وخربت ديارنا، وقتلت مرشدنا، وحشدتنا فى المنافى لنجوع، وفى السجون لنعذب ـ هذه المحنة التى أريد بها استئصال شأفتنا، لولا أن القدر وحده حمانا وآوانا، لم تقع بنا إلا فى غيبة الدستور، وتكميم الأفواه وتقييد الحريات، وانطلاق الفرد الحاكم بأمره يطغى ويبغى لا يردعه شىء.
                      فمن المستحيل أن ينسى المسلمون منطق دينهم، وعبر تاريخهم، وأن يرضوا ساعة من نهار بانقلاب الأوضاع الدستورية وعودة لون من الحكم البغيض، إذا لم يكن عنوانه القوانين العرفية والأوامر العسكرية، فإن حقيقته هى هى سواء بسواء.

                      ص66
                      وقد جاء الإسلام من أربعة عشر قرنا، والدنيا من قبل مجيئه مقسمة بين نفر من الملوك المتألهين فكانت موجة الفتح الإسلامى تستهدف فى مدها المنساب تحطيم أولئك الملوك وكسر شوكتهم، بعدما تبين أنهم حريصون على تكفير الشعوب وإذلالها.
                      فلما قتل ملك فارس، ودخل سعد بن مالك إيوانه الأبيض، تذكر كيف نصر الله موسى وقومه، وقتل فرعون وجنده، فتلا فى حق كسرى ما نزل فى حق فرعون:" كم تركوا من جنات وعيون * وزروع ومقام كريم * ونعمة كانوا فيها فاكهين * كذلك وأورثناها قوما آخرين * فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين " .
                      وبداهة أن الإسلام لم يقتل كسرى ليستبدل به كسرى آخر، ولكنه دك أطواد الاستبداد ليمهد الطريق أمام الشعوب العانية كى تعبد رب العالمين فى أمان وحرية وسكينة.
                      فإذا لم تضمن هذه المعانى مواد وبنود مفصلة، ففى كتاب الله وسنة رسوله حواجز هائلة دون الاستعباد والاستبداد.
                      بيد أن المسلمين مع الأسف العميق أفلت من أيديهم الزمام على عجل، فبعد أن كان حكامهم رجالا من طراز " عمر " أصبح أمرهم إلى شباب خلعاء من أمثال " يزيد " وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هلاك أمتى على يد أغيلمة من قريش..
                      " وقبل أن نذكر موقف الإسلام من الملوك المستبدين على عهده، يجب أن نقف قليلا لنشرح ما تعنيه كلمة " ملك " حتى لا يقع فى الأوهام ما ليس نعنيه.
                      ص 71
                      وأخطأ من المفسرين من وهم أن الشورى غير ملزمة، فما جدواها إذن؟ وما غناؤها فى تقويم عوج الفرد إذا كان من حقه ألا يتقيد بها؟ وأين فى حياة الرسول وسيرة خلفائه ما يدل على أن الحاكم خرج على رأى مستشارية ومضى فى طريقه وحده ؟.
                      ربما استشهد بعضهم بموقف أبى بكر فى حرب الردة واعتراض بعض الصحابة له فى قتاله من نطق بالشهادتين ـ ومن بينهم عمر بن الخطاب ـ وإصرار أبى بكر على موقفه، ويمينه التى أقسمها على قتالهم إلى النهاية.
                      وهذا استشهاد يرد فى غير موضعه، فقصة أبى بكر مع المرتدين ومانعى الزكاة لا تعنى إلا أنه عرف الحق قبل عمر ثم ما لبث أن أقنع به صاحبه فأيد وجهة نظره، واتفقا جميعا على تنفيذها، وخطأ عمر فى موقفه ابتداء مع المرتدين كخطئه بعد وفاة الرسول حين أنكر موته وتوعد من يقول به، ثم ثاب إلى الحقيقة التى قررها أبو بكر فى يقين وتؤدة.
                      والديمقراطية الحديثة تخضع الحاكم لرأى الكثرة وتمنع السلطة التشريعية من التدخل فى شئون السلطة التنفيذية المحضة، فإن كان الذين يريدون إطلاق سلطة الحاكم عن دائرة الشورى يعنون ذلك فلا حرج عليهم وإلا فكلامهم لغو لا يعتد به.
                      وهذا بحث نظرى مبتوت الصلة بالحياة الواقعة فى بلاد الإسلام اليوم، فإن الحكم المطلق الذى ظهر فى الغرب كان يستند إلى جمهور ضخم من المؤيدين والأ نصار المتحمسين.
                      ص 68
                      وذلك ما حدث، فقد أفلت الزمام من أيدى المؤمنين الصالحين، وطاحت الخلافة الراشدة بعد ثلاثين عاما من قيامها، وبعد أن كان حكام الإسلام أعرف الناس به وأفقههم فيه وأحناهم على أهله أصبح أكثرهم حثالة تافهة تضر ولا تنفع، وتفسد ولا تصلح.
                      والرسالات الكبرى فى الأرض، دينية أو مدنية، لا يحسن القيام عليها إلا عباقرتها وفلاسفتها، وفى عصرنا هذا شاهدنا الشيوعية الملحدة، لا يموت لها زعيم إلا خلفه زعيم مثله أو أكفأ منه، ولو وكل قياد هذا المذهب إلى أغيلمة سفهاء لباد بين عشية وضحاها، ولسقطت دولته من تلقاء نفسها.
                      ولذلك كان انتقال الخلافة الإسلامية من أيدى الأكفاء النابهين من أولى السبق والكفاية إلى أيدى نفر مغمورين فى دينهم وعقلهم حدثا جللا فى تاريخ الإسلام، ولولا ملابسات صحبت هذا الانهيار فى الأداة الحاكمة لوقف سير الإسلام كرسالة عامة.
                      ص171
                      ومن هذه الملابسات أن كثيرا من ذوى الفضل، رأوا أن يعترفوا بالأمر الواقع، وأن يخدموا الدين فى ظله قدر ما تواتيهم الفرص، فسلموا للولاة المتغلبين وتعهدوا المجتمع بما يمكنهم من إصلاح.
                      عن ابن عمر قال: دخلت عليَّ حفصة ـ رضى الله عنها ـ فقلت: قد كان من الناس ما ترين، ولم يجعل لى من الأمر شىء، فقالت: إلحق الناس هم ينتظرونك، وأخشى أن يكون فى احتباسك عنهم فرقة، فلم تدعه حتى ذهب، فلما تفرق الناس خطب معاوية وقال: من كان يريد أن يتكلم فى هذا الأمر فيطلع لنا قرنه!
                      فلنحن أحق به منه ومن أبيه!
                      قال حبيب بن مسلمة: فقلت لعبد الله: هلا أجبته؟!
                      فقال: لقد هممت أن أقول: أحق بهذا الأمر منك من قاتلك وأباك على الإسلام، فخشيت أن أقول كلمة تفرق بين الجميع، وتسفك الدم، ويحمل عنى غير ذلك، فذكرت ما أعد الله فى الجنان..
                      فسكت، قلت: حفظت وعصمت.(!) و" يزيد " هذا شاب خليع لا يصلح أن يلى أمر مدرسة ابتدائية بله أن يقف على منبر الرسول ويحل مكان أبى بكر وصحبه.
                      ومع هذا المنكر الشائن فى استخلاف " يزيد"، فإن رجالا كثيرين أعجبهم فقه عبد الله بن عمر الذى يحتقر شخص الخليفة، ويرى أن يتركه وشأنه، محاولا خدمة الإسلام فى ميادين أخرى، ونحن لا نعلق على هذا الرأى ولكنا نرد إليه كثيرا من الأسباب التى حفظت الإسلام كتراث عقلى وبشرت به فى جبهات أخرى بعيدة.
                      لقد تركت الجبهة الداخلية يموج بعضها فى بعض، وانصرف كثيرون إلى تدعيم الإسلام فى ساحات لا تزدحم عليها مطامع الحكم وأثرة رجاله المستبدين !!
                      إننى أقدر هذا المسلك وأحترم بواعثه، فالرجل المخلص قد يكتنفه من دسائس الساسة وغفلة العوام وحيل الكبراء ما يصرفه عن التفكير فى الرياسة والنزاع الدائر حولها إلى عمل هو أهدى سبيلا وأقوم قيلا، بل إن الإخلاص قد يتقاضى المؤمن ذلك !!.
                      ص 172
                      على أن هذا المسلك يصلح علاجا للأغلاط العارضة والأخطار الموقوتة فحسب، ولو كانت تولية يزيد كبوة جواد حدثت من سوء اختيار المسلمين لأميرهم إثر خلل حدث فى الأساليب المشروعة لوجب اغتفارها، أما والأمر أخطر من ذلك، أما والأمر التواء برسالة جاءت رحمة للعالمين، واحتيال على تسويد أعراب من صعاليك الجزيرة ليكونوا باسم الإسلام ملوك العالمين..
                      فهذه قاصمة الظهر!.
                      ولو أن المسلمين الفضلاء الذين عاصروا هذه الأحداث الهائلة قدروا فداحة النتائج التى تمخضت عنها، ولحقت بصميم الإسلام من جرائها، لسفكوا دماءهم فى الحيلولة دون وقوعها، ولكنهم ظنوها فلتة متداركة فتراخوا فى حلها، فلما عرفوا بعد فوات الوقت حقيقة ما حدث ندموا، ولات ساعة مندم.
                      تبين أعقاب الأمور إذا مضت وتقبل أشباها عليك صدورها ولا نزعم أن الإسلام اختفى باختفاء دولة الخلافة، أو وقف مده العريض، فإن الملابسات التى أشرنا إليها آنفا عملت عملها العظيم، غير أن تغيرا طفيفا، بدأ يشتد على مر السنين، طرأ على الإسلام ودعوته الكبرى فإن فساد الحكم داخل البلاد ـ التى تصدر تعاليمه للناس ـ ليس بالأمر الهين.
                      عن حذيفة رضى الله عنه قال: " كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركنى، فقلت: يا رسول الله إنا كنا فى جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم.
                      قلت: فهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: نعم، وفيه دخن!
                      فقلت: وما دخنه؟ قال: قوم يستنون بغير سنتى ويهتدون بغير هديى، تعرف منهم وتنكر!!
                      قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: نعم دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها، قلت: يا رسول الله، فما تأمرنى إن أدركنى ذلك؟ قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم، قلت: فإن لم يكن جماعة ولا إمام؟ قال: فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك".
                      ص 173
                      وإليك بعض المأخذ على نظام الحكم فى العهد الأموى:
                      ا- تحولت الخلافة الراشدة إلى ملك عضوض، واحتكرت زعامة المسلمين أسر معينة.
                      2- ضعف إحساس الأمة بأنها مصدر السلطة، وأن أميرها نائب عنها أو أجير لديها، وأصبح الحاكم الفرد هو السيد المطلق النفوذ، والناس أتباع إشارته: ترى الناس إن سرنا يسيرون حولنا وإن نحن أومأنا إلى الناس وقفوا
                      3- تولى الخلافة رجال ميتو الضمائر وشباب سفهاء، جريئون على معصية الله واقتراف الإثم، وليس لثقافتهم الإسلامية قيمة.
                      4- اتسع نطاق المصروفات الخاصة للحاكم وبطانته ومتملقيه، وتحمل هذه المغارم بيت مال المسلمين وأثر هذا السرف الحرام على حاجات الفقراء ومصالح الأمة.
                      - عادت عصبية الجاهلية التى هدمها الإسلام، فانقسم العرب قبائل متفاخرة، ووقعت الضغائن بين العرب والفرص وغيرهم من الأجناس التى دخلت فى الإسلام قبلا، وكان الحكم المستبد يثير هذه النزعات الضالة، ضاربا بعضها بالبعض ومنتصرا بإحداها على الأخرى.
                      6- هانت قيم الخلق والتقوى، بعد ما تولى رئاسة الدولة غلمان ماجنون، وبعدما لعن السابقون الأولون على المنابر، حتى أن شاعرا مسيحيا مدح يزيد بن معاوية فقال: ذهبت قريش بالسماحة والندى واللؤم تحت عمائم الأنصار!
                      7ـ ابتذلت حقوق الأفراد وحرياتهم على أيدى الولاة المناصرين للملك العضوض، فاسترخص القتل والسجن!
                      حتى ليروى الترمذى عن هشام بن حسان قال: " أحصى ما قتل الحجاج صبرا فوجد مائة ألف وعشرين ألفا "!
                      وروى البخارى عن سعيد بن المسيب : لما وقعت الفتنة الأولى ـ يعنى مقتل عثمان ـ لم تبق من أصحاب بدر أحدا، ثم وقعت الفتنة الثانية ـ يعنى الحرة ـ فلم تبق من أصحاب الحديبية أحدا، ثم وقعت الثالثة فلم ترتفع وللناس طباخ.
                      والواقع أن الهزة التى أصابت الإسلام من هذه الفتن المترادفة كانت من العنف بحيث لو أصابت دعوة أخرى لهدمتها، ولكن معدن الدين وتماسك العلماء والجماهير حوله أمكنه من اجتياز هذه الأزمات العصيبة وهو سالم معافى ثم يستأنف سيره فى العصور من جديد.

                      ص175 176
                      هل تورث الزعامة؟!
                      الخلافة فى الإسلام نيابة عن النبوة فى رعاية شئون الدين والدنيا، فهى زعامة روحية ومدنية لا تتوفر خصائصها إلا فى قلة من الرجال الموهوبين الممتازين، ولم يثبت عقلا ولا نقلا أن جنسا من الأجناس- بله أسرة من الأسر- قد احتكر فى أفراده هذه المواهب والميزات حتى تحبس زعامة لأمم فيه وتوقف عليه!.
                      والنبوة نفسها وهى الأصل، لم تنقل بالميراث فكيف تتنقل الخلافة- وهى الفرع- بالمواريث؟.
                      وقد لاحظ الأقدمون مظاهر شتى للوراثة، وبنوا عليها أحكاما صائبة فلم يغالوا ولم ينكروا.
                      إذا طاب المرء طابت فروعه * من عجب جادت يد الشوك بالورد
                      وقد يخبث الفرع الذى طاب أصله * ليظهر فعل الله فى العكس والطرد!!
                      وهذا حق، فقد ذكر لنا القرآن الكريم أن النبوة منحت لنوح وإبراهيم أما ذراريهما فقد توزعهما الفسق والهدى، بل أغلبهم ضل السبيل.
                      " ولقد أرسلنا نوحا وإبراهيم وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون ".
                      على أن المنحدرين من آباء عظام- وخصوصا الفاشلين- يرفضون هذا المنطق ويزعمون لأنفسهم حقوقا ما أنزل الله بها من سلطان!!.
                      فلما جاء الإسلام، ورفع الله بكتابه أقواما ووضع آخرين، وتقدم أولو الفضل والنهى، وإن كانوا عبيدا!!
                      وتأخر المفرطون والكسالى، وإن كانوا نسل بيوتات لها فى الجاهلية الأولى شأن يذكر، كان أبو سفيان وبنوه من هؤلاء الذين وجدوا أنفسهم فى مؤخرة الصف إذ أنهم آخر من أسلم فى مكة.
                      ومع أن النبى وخلفاءه أكرموا هذا البيت وعرفوا له مكانته السابقة فى الجاهلية، إلا أن نزعة السيطرة والاستعلاء، الكامنة فى دماء رجاله لا تشبعها الترضيات الخفيفة!
                      إنهم يتطلعون إلى الكثير !!
                      إنهم يبغون استعادة مجدهم الضائع.
                      روى الحاكم عن يزيد بن أبى سفيان قال: قال لى أبو بكر الصديق حين بعثنى إلى الشام: يا يزيد، إن لك قرابة عسيت أن تؤثرهم بالإمارة، وذلك أكثر ما أخاف عليك، بعدما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" من ولى من أمر المسلمين شيئا، فأمر عليه أحدا محاباة، فعليه لعنة الله، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا حتى يدخله جهنم ".
                      وخشية أبى بكر لها ما يبررها!
                      وقد ولى معاوية الشام فرسم سياسة بعيدة المدى لجعلها قاعدة ملك وطيد، فلما حانت الفرصة وثب الداهية على الأمة فى محنتها ونصب نفسه ملكا عليها.
                      مرت سنين عجاف ثم أعلن معاوية أن يزيد ولى عهده على أمة محمد صلى الله عليه وسلم .
                      وكذلك عادت الأيام سيرتها الأولى، ورجع ملك عبد شمس إليهم!!.
                      وكما تحولت الثورة فى فرنسا بعد إعلان حقوق الإنسان إلى " إمبراطورية نابليونية " تحولت أمة الإسلام، دين الأزل والأبد، أمة القرآن، ختام وحى الله لهداية عباد الله تحولت إلى ملك لأسرة كان لها فى الجاهلية شأن!!.
                      إن هذا الملك الذى جنح إليه معاوية فسر أعماله السابقة تفسيرا سيئا، وكان يمكن تشبيه خلافه مع على بخلاف طلحة والزبير وغيرهما مع على، بيد أن الدلالة الصارخة لتمليك يزيد تجعل البون شاسعا بين معاوية والصحابة الأجلاء.
                      إن الخلفاء السابقين- عدا عثمان رضى الله عنه - كان لهم بنون، فأما أبو بكر فلم يخطر بباله أن يرشح ابنه لخلافة، وأما عمر فقد نص على حرمان ابنه،

                      تلك هى سنة الخلفاء الراشدين المهديين التى أمر النبى أن نعض عليها بالنواجذ، وحذرنا مما عداها قائلا: " إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة " .
                      ذلك مع أن يزيد شاب لا يقرن فى قياس أبدا مع واحد من أبناء الخلفاء السابقين.

                      تعليق

                      • وفاء اسماعيل
                        أديب وكاتب
                        • 17-05-2007
                        • 35

                        #26
                        الاستاذ / محمد الموجى
                        تتساءل (هل تتوقف الشورى على شكل معين من أشكال الحكم ؟؟ أم لا ؟؟)
                        الشورى مبدأ صالح تطبيقه لاى نظام سياسى ولا يقتصر على نظام الخلافة فقط فهو اساس الحكم .. ومفهوم الشورى لا يعنى اعتماد الحاكم على استشارته لجيش المستشارين الذين يحيطون به فيلغى عقله ويسبر وفق عقولهم كما يفهمه الاغبياء بل هو مبدأ وجد فى القرآن ليكون حقا لكل المسلمين فى اختيار حكامهم ..ووجد ليكون مبدأ اساسى فى الحكم حتى لا ينفرد الحاكم باى قرار يهم الامة ويخص شعبه ..ووجد ليكون للحاكم دافعا لاختيار خيرة الناس لتكون بطانته التى تشير عليه بكل ما هو فى مصلحة الامة والشعوب .. فهل طبق هذا المبدأ كما انزل فى كتابه العزيز ؟
                        انظروا جميعا الى حكام العصر الردىء .. يحيط كل منهم جيش من المستشارين ليوجهوا بوصلة الحاكم وفق مصالحهم الخاصة دون مراعاة مصالح الامة .. وهدفهم هو التغطية على عيوب ومثالب الحاكم واخراجه من كل مأزق يتعرض له واظهاره بالصورة اللائقة ، يتلاعبون بالالفاظ وماهرون فى طبخ التصريحات والقوانين وفى معظمها كذب ورياء وتدليس وشغلهم الشاغل هو اظهار دميتهم على افضل صورة وفى الغالب تكون مخالفة للواقع .. الشورى يا استاذ موجى هى اهم حق من حقوق الانسان لو عرف معناها لفهموا ان الاسلام هو اول من نادى بالديمقراطية الحقيقية وليست الديمقراطية المزيفة المصطنعه التى ارفضها تماما كما يرفضها ابوصالح .. الشورى منهج اسلامى اقره الخالق لكل العالمين لذلك نقول دوما ان القرآن يجب ان يكون دستور لكل الشعوب وليس للمسلمين فقط .. ومتى انحرف الناس عن تطبيقه نجد ان هذا الانحراف يؤدى بنا الى الفتن والقلاقل والاضطرابات واختلال الموازيين

                        تعليق

                        • نذير طيار
                          أديب وكاتب
                          • 30-06-2007
                          • 713

                          #27
                          من كتاب كيف نتعامل مع القرآن للشيخ الغزالي:
                          محاولة إصلاح الحكم عندنا ٬ تأثرت بعقدة صفين أولا.. وتأثرت ثانيا: بما شاع من أحاديث
                          وأحكام كثيرة تسوغ الظلم وتجعل الخروج على الحكم كأنه الكفر أو دونه الكفر.. وهذه
                          مسألة خطيرة فى تاريخنا.. بينما وجدت الإنجليز صححوا مسار الحكم عندهم بقتل الملك ٬
                          وعملوا `المجنا كارتا` ٬ واستقرت الديمقراطية عندهم.. الفرنسيون فعلوا الشيء نفسه :
                          قتلوا لويس .. أنا لا أدعو للقتل؟ إنما عندما تكون الشعوب فى سجن وضعها فيه الحاكم ٬
                          فمن حقها أن تكسر السجن ٬ وتقتل السجان. عندنا أحاديث كثيرة ٬ أكثرها ضعيف أو موضوع
                          للأسف جعلت الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر يدخل فى نطاق ضيق محدود حتى لا
                          .يتجاوز هذا النطاق للمساس بالحاكم أو الحكم.. فالمسألة: لابد من أن نقول: هذا خطأ.
                          وفساد الحكم من أهم
                          أسباب انهيار الحضارة الإسلامية.. ألا تعتقدون هنا: أن إعطاء الحاكم هذا القدر الكبير فى
                          القدرة على التغيير ٬ وعلى التحكم ٬ والتعطيل وما إلى ذلك ٬ يمكن أن يلغى دور الأمة ف ى
                          قدرتها على التغيير ٬ ويجعلها أسيرة فى يد الحاكم مع أن القرآن يجعل أسباب التخلف ترجع
                          إلى عدة أمور. هذا ما حدث للأسف.. وعندى ٬ كمثال الفقهاء الأربعة.. فقد كانت صلتهم
                          بالحاكم سيئة جدا. وعندما وقع البطش بهم ٬ ما أغنت عنهم الأمة! فابن حنبل رحمه ا لله
                          عذب كثيرا ٬ وأبو حنيفة رحمه الله مات فى السجن.. ابن تيمية رحمه الله ٬ ظل حياته
                          سجينا.. مالك رحمه الله كسر ذراعه فى فتوى سياسية ٬ فقد أفتى بأن أيمان التواطؤ على
                          البيعة لا قيمة لها ٬ فكسرت ذراعه ٬ وأصبح لا يخرج للناس فى صلاة الجمعة.. والشافعى
                          .رحمه الله ٬ لولا حنكته لمات قتيلا ٬ فقد قبض عليه مع تسعة آخرين قتلوا جميعا
                          فالفساد السياسى عندنا له أثر أكبر من غيره ٬ ولذلك أحب أن يلتفت المسلمون إلى أن
                          الفساد السياسى سيعيق نهضتهم ما بقى هؤلاء الساسة المستبدون وما بقى حكم الفرد
                          والاستبداد السياسى.. لكننا حائرون! الرعاع الذين حكموا فى العالم العربى باسم الثورة
                          الاشتراكية ٬ والديمقراطية ٬ كان لهم بطش لم يعرفه الأباطرة الظلمة من آل عثمان ٬ ولا خلفاء
                          السوء من العباسيين! والمؤسف أن ظلت تقاليد بعض الأسر الحاكمة ٬ أشرف من الحريات
                          التى ادعاها هؤلاء الرعاع! يبقى صعبا قبول المعادلة: أن يكون هذا القرآن الذى ينشئ أمة
                          ويحضها على التفكير ٬ والنظر ٬ والبناء ٬ وارتياد الآفاق العلمية ٬ ويحصنها ضد الاستبداد
                          السياسى وما إلى ذلك ٬ أن تقع أسيرة فى فترات من تاريخها لنماذج من الحكام الظلمة
                          يتصرفون بشئونها! أمة لها ميراث ثقافى وحضارى وتاريخى ٬ حتى فى مجال الحكم ٬ فى
                          الفترة الراشدة ٬ تغتال هذه المعانى فيها ٬ وتقع من ثم أسيرة فى قبضة حكام مستبدين فى
                          فترات معينة ٬ فتلك معادلة يصعب قبولها. دولة الخلافة الراشدة ٬ لها قسمان: قسم معترف
                          بأن لا نظير له `دولة أبى بكر وعمر`. أنا أرى أن عثمان وعليا رضى الله عنهما ٬ بالرغم مما
                          حولهما من لغط كثير ٬ يمثلون فعلا الخلاقة الراشدة.. لأن عثمان رضى الله عنه لم يفكر قط ٬
                          بتعبير العصر الحديث ٬ بأن يأمر بإطلاق الرصاص على الجماهير.. بل كان طيعا فى أيدى
                          الجماهير ٬ وشاعرا بأنه لا يملك الاستئثار بالأمر برمته.. ولعلى أظن أن العرب فوجئوا بهذا
                          اللون من النظام الذى أعطاهم حريات ما كانوا يحلمون بها ٬ فلم يحسنوا استغلالها ٬ فكان رد
                          الفعل أن سلبوا الخلافة الراشدة ٬ وجاءت الخلافة باتفاق غير راشدة.. فالخلافة التى
                          جاءت من بعد ٬ سواء كانت أموية أو عباسية ٬ كانت غير راشدة ٬ لأنها جاءت بطريق: كسرى
                          عن كسرى.. الخليفة مات ٬ فالحكم
                          وراثى! ويتحايلون على ذلك بالمبايعة! ما قيمة المبايعة؟.. مثلهم فى ذلك مثل بنى
                          إسرائيل ٬ عندما حظر عليهم الصيد يوم السبت ٬ حجزوه يوم السبت ٬ وأخذوه يوم الأحد! رأيت
                          الشورى فى موضعين: كان يمكن أن تلغى الشورى فيهما لو أن الإسلام نزاع إلى حكم
                          الفرد.. فى هزيمة أحد أكد الرسول عليه الصلاة والسلام على الشورى مع أن الهزيمة
                          بحسب الظاهر كان سببها الشورى.. هذه واحدة.. الشىء الثانى: فى سورة الشورى
                          وجدت أن الشورى سابع خصلة من خصال الإيمان التى لا أجد من بينها خصلة واحدة يمكن
                          اعتبارها نافلة ٬ يقول تعالى: “فما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وما عند الله خير
                          وأبقى للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبو ا
                          هم يغفرون والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم
                          ينفقون” أى شىء فى هذه الخصال نافلة؟ كلها فرائض ٬ مع ذلك استقر فى الفقه ٬ وفى
                          التفسير أن الشورى غير ملزمة..! من أين جاء ذلك؟ إنه أثر الحكم الفاسد.. ثم ما معنى أن
                          تكون الشورى غير ملزمة؟ وما فائدتها إذن؟ ذلك تفكير عقيم وخطير. أرى أن غيرنا استطاع ٬
                          على عجل ٬ أن يحل إشكاله ولو بالسيف: الإنجليز ٬ والفرنسيون ٬ والأمريكان.. عانت الجماهير
                          من الحكم والاستبداد ٬ فقاومته.. لذلك أنا أرفض الاغتيال السياسى ٬ لأن الاغتيال يدل على شجاعة فرد وجبن أمة ٬ ولذلك يذهب من يغتال ويجئ بعده من يكون أسوأ منه ٬ أو مثله ٬

                          ا
                          التعديل الأخير تم بواسطة نذير طيار; الساعة 31-03-2008, 20:36.

                          تعليق

                          • أبو صالح
                            أديب وكاتب
                            • 22-02-2008
                            • 3090

                            #28
                            أضع لكم سؤالين هنا بناء على ما ورد أعلاه

                            السؤال الأول موجه إلى نذير طيار، وهو أشكرك على ما اخترته ونشرته من صفحات لكتب الغزالي، ولكن احترت لماذا لم تنشر النص الحرفي لما طلبته منك في مداخلتي أعلاه، فما نشرته من كلام الغزالي ليس به أي شيء من معنى أو دلالة من معاني المفردات التي ذكرتها أنت واقتبستها ولذلك طلبت النص الأصلي لها؟!

                            السؤال الثاني موجه للجميع هل هناك فرق بين مفهوم الشورى، ومفهوم الإنتخابات أو التصويت في النظام الديمقراطي بشقيه (الرأسمالي والإشتراكي)؟ وإن كان هناك فرق فما هو؟
                            التعديل الأخير تم بواسطة أبو صالح; الساعة 01-04-2008, 06:43.

                            تعليق

                            • نذير طيار
                              أديب وكاتب
                              • 30-06-2007
                              • 713

                              #29
                              أخي أبو صالح:
                              والله لم أنس طلبك، ولكن النص موجود بكتاب آخر أعرته لصديق هو ليس بحوزتي الآن وغير موجود على الإنترنت للتحميل، لكني أعدك بتنفيذه قريبا
                              تحياتي القلبية

                              تعليق

                              • mmogy
                                كاتب
                                • 16-05-2007
                                • 11282

                                #30
                                السلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته

                                اشكر لكم مداخلاتكم ومقتبساتكم الثرية .. ولكن احب هنا أن انقل لكم كما وعدتكم رأي الإمام أبو الأعلى المودودي رحمه الله في هذه المسألة .

                                فقد وضع الخلافة في مقابلة الملك .. وفرق بينهما بشروط ثمانية على سبيل الحصر .. فكلما توافرت هذه الشروط في نظام الحكم كلما زاد شعبة من شعب الرشد .. وكلما نقص شرط من تلك الشروط كلما اتجه الحكم نحو الظلم وتعطيل الشورى .. ونقصد هنا بالشورى المعنى الكلي لها .. وليست الشورى التي اشارات اليها استاذتنا وفاء اسماعيل .. فلايوجد مستبد على وجه الله إلآ وله بطانة سوء يستشيرهم في اموره كلها .. فليست هذه هي الشورى التي نتحدث عنها وانما نتحدث عن الشورى التي يمارسها المجتمع كله صغيره وكبيره وعلى شتى المستويات واهمها قطعا حقه الطبيعي في اختيار من يحكمه .
                                كما نحب ان نذكركم بأن الشورى ليست غاية في ذاتها ولكنها الآلية والوسيلة للوصول إلى خلافة راشدة .. أو حكم عادل .. كما نذكركم بأن الخلافة الراشدة نظام حكم ينفرد به الإسلام ولاتعرفه دول العالم .. وإن اقتربت من بعض شروطه المهمة .. وذلك كله سوف يتضح من خلال سردنا للرشوط الثمانية التي ذكرها المودودي في كتابه :

                                الشرط الأول :

                                لاينهض أحد من نفسه ليستولي على الخلافة أو يركب السلططة بسعيه وتدبيره انما كان الناس فى عصور الخلافة الراشدة يضعون أعنة الحكم - بعد تشاورهم - في يد من يرونه أصلح لقيادة الأمة وأكفأ لزعامتها فلم تكن البيعة حصاد السلطة بل كانت البيعة مانحة السلطة وسببها ولم يكن لجهود المرء أو محاولاته أو تآمره أي دخل في انعقاد البيعة له على الإطلاق وكان الناس أحرارا تماما في أن يبايعوا أو لا يبايعوا ومن ثم لم يصل إلى السلطة من لم تنعقد له البيعة برضا الناس الحر .

                                الشرط الثاني :

                                طريقة عيش الخلفاء على نهج المصطفى صلى الله عليه وسلم .. بينما نهج الالخلفاء الملوك - ان صح التعبير - اسلوب عيش قيصر وكسرى منذ بداية عهد الملك .. فاتخذوا لسكناهم قصورا ملكية احاطوها بحرس وعسس خاص وجعلوا الحراس يمشون في مواكبهم والحجبة يحولون بينهم وبين الشعب وانقطع اتصال الرعية بهم اتصالا مباشرة وانتهى سكنهم وسيرهم وسط الرعية .


                                الشرط الثالث :

                                بيت مال المسلمين هو أمانة الخلق والخالق لدى الخليفة وحكومته لاحق لأحد - أيا كان - في التصرف فيه حسب مزاجه فما كان في استطاعة الخليفة أن يدخل فيه أو يخرج منه درهما واحدا خلافا للشرع .. أما في عصر الخلفاء الملوك فقد تبدل هذا التصور وأصبحت خزانة الدولة ملكا للسطان واسرته وماعلى الرعية سوى أن تدفع له الخراج دون أيحق في مساءلة الحكومة أو محاسبتها .. وله لأسرته حق التصرف المطلق فيه .


                                الشرط الرابع :

                                حرية الرأي .. فقد كان من أهم التغيرات التي حدثت فيعصر الخلفاء الملوك .. تغير آخر على جانب من الأهمية ألا وهو سلب المسلمين حريتهم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في حين أن الإسلام لم يجعلها لهم حقا وكفى بل فرضها عليهم فرضا .

                                الشرط الخامس :
                                كان مبدأ حرية القضاء في نظام الخلافة الراشدة .. واحدا من المبادىء الأساسية فيالدولة الإسلامية .. ورغم أن القضاة كانوا يعينون بأمر الخلفاء في ظل الخلافة الراشدة .. إلا أنهم كانوا متحررين من كل قيد وضغط سوى خشية الله وعلمهم وضميرهم ولم يكن لأحد مهما علت منزلته وازداد قدره أن يتجاسر ويتدخل في عمل المحكمة البتة لدرجة أن القاضي كان في استطاعته أن يحكم ضد الخليفة نفسه بل وكانوا بالفعل يقضون ضدهم فلما انقلبت الخلافة ملكا اخذ هذا المبدأ يتكسر ويتلاشى فالأمور التي كان يرغبها أولئك الملوك غير المتوجين لأسباب سياسية أو علل شخصية لم تكن المحاكم حرة في القضاء فيها قضاء منصفا عادلا حتى صار العدل فيالقضايا المرفوعة ضد الأمراء والولاة بل وجلاوزة السلطان ومتزلفي القصور الملكية امرا عسيرا فكان هذا سببا اساسيا في رفض جملة العلماء الصالحين قبول منصب القضاء .

                                الشرط السادس :
                                حكومة الشورى من اهم ملامح الخلافة الراشدة .. فقد كان من القواعد الأساسية للدولة الإسلامية تسيير الحكومة بالشورى وماكانت تؤخذ المشورة إلا ممن تثق الأمة في علمهم وتقواهم وسداد رأيهم .. وكانت بطانة الخليفة من خيرة الأمة يقولون رأيهم في حرية تامة .. ثم انقلب الحال فيزمن الخلفاء الملوك .. فحل الإستبداد الشخصي محل الشورى ونفر الملوك من أهل العلم الذيم يقولون الحق ويعرفون الحق كما فر هؤلاء بدورهم من الملوك .. واتخذ الملوك بطانة سوء .

                                الشرط السابع :

                                في ظل الخلافة الراشدة .. تنصهر كل القوميات والجنسيات والعصبيات والقبليات في بوتقة الإسلام - تربطهم آصرة العقيدة وحدها - .. أما في زمن الخلفاء الملوك فقد ظهرت سائر العصبيات الجاهلية والقومية والجنسية والوطنية والقبلية ورفعت رأسها من جديد بعد أن أخمددها الإسلام .


                                الشرط الثامن :
                                سيادة القانون .. فقد قامت الخلافة الراشدة على اساس أن الشريعة فوق الكل يخضع لها الحاكم والمحكوم وينصاع لها الراعي والرعية وتدين لها رقاب الكبار والصغار العامة والخاصة لايتحرر منها احد ولايستسنى من نفاذها احد وليس لأحد مهما كان حق الإنحراف عن ميادئها أو الحيدة عن قوانينها صديقا أم عدوا مافرا أم محاربا أم معاهدا رعية مسلما أم ذميا مسلما مخلصا أم متمردا باغيا هيباختصار تعامل الجميع معاملة واحدة لايمكن تعديها أو انتهاكها في أيحال من الأحوال .

                                فلما صارت ملكا لم يتردد الملوك - من أجل مصالحهم الذاتية وأغراضهم السياسية وخاصة قيام حكومتهم وبقائها - في تحطيم كل قيد والوثوب على كل حد وضعته لشريعة .. مع أن قانون الدولة فيعصرهم ظل قانونا اسلاميا ورغم أن احدا منهم لم يكن ينكر الوضع القانوني والدستوري لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ومع أن المحاكم كانت تفصل فيالأمور حسب هذا القانون وحده وكانت الأمور والمعاملات في الأحوال العامة تجري وفق الأحكام الشرعية إلا أن سياسة أولئك الملوك لم تكن تابعة خاضعة للدين فاقتضى ذلك أن ينفذوها بأية طريقة مشروعة أو غير مشروعة فلم يفرقوا فيها بين الحلال والحرام .


                                هذه هي الشروط الموضوعية التي نقلتها بتصرف عن كتاب المودودي .. وانتظر رأيكم فيها .. واجراء النقاش حولها .

                                شكرا لكم
                                إنْ أبْطـَأتْ غـَارَةُ الأرْحَامِ وابْـتـَعـَدَتْ، فـَأقـْرَبُ الشيءِ مِنـَّا غـَارَةُ اللهِ
                                يا غـَارَةَ اللهِ جـِدّي السـَّيـْرَ مُسْرِعَة في حَلِّ عُـقـْدَتـِنـَا يَا غـَارَةَ اللهِ
                                عَدَتِ العَادونَ وَجَارُوا، وَرَجَوْنـَا اللهَ مُجـيراً
                                وَكـَفـَى باللهِ وَلـِيـَّا، وَكـَفـَى باللهِ نـَصِيراً.
                                وَحَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوكيلُ, وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاّ بِاللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ.

                                تعليق

                                يعمل...
                                X