ذهبيات ادبية (4 ) / سرديات

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • دينا نبيل
    أديبة وناقدة
    • 03-07-2011
    • 732

    #16
    أ / مخلوفي ابو بكر

    أعتذر لحضرتك بشدة

    لقد تم إغلاق باب إدراج النصوص الأدبية لهذه الفعاليات

    على وعد بإدراج نص حضرتك ضمن الفعاليات القادمة إن شاء الله .. كما يمكنك أستاذي إدراج نصك بقسم القصة الموجود بالنادي ليعلق عليه الإخوة الأعضاء في أقرب وقت

    تقبل تحياتي


    نادي الأصالة للإبداع الأدبي

    تعليق

    • مخلوفي ابوبكر
      أديب وكاتب
      • 07-03-2008
      • 99

      #17
      المشاركة الأصلية بواسطة دينا نبيل مشاهدة المشاركة
      أ / مخلوفي ابو بكر

      أعتذر لحضرتك بشدة

      لقد تم إغلاق باب إدراج النصوص الأدبية لهذه الفعاليات

      على وعد بإدراج نص حضرتك ضمن الفعاليات القادمة إن شاء الله .. كما يمكنك أستاذي إدراج نصك بقسم القصة الموجود بالنادي ليعلق عليه الإخوة الأعضاء في أقرب وقت

      تقبل تحياتي


      نادي الأصالة للإبداع الأدبي
      تحية تقدير و احترام اخ نبيل
      ليس حرصا مني على ادراج القصة في مسابقة الذهبيات و لكن ألفت نظرك ان الموعد المحدد لغلق المشاركات حسب الاعلان هو 22/10/ اي غدا
      ما يجعلنا اتساءل لماذا يتم اقصاء قصتي منها قبل الموعد بيومين
      على كل الوقت عندنا نحن العرب نسبي
      تقبل فائق الاحترام و التقدير

      تعليق

      • دينا نبيل
        أديبة وناقدة
        • 03-07-2011
        • 732

        #18
        المشاركة الأصلية بواسطة مخلوفي ابوبكر مشاهدة المشاركة
        تحية تقدير و احترام اخ نبيل
        ليس حرصا مني على ادراج القصة في مسابقة الذهبيات و لكن ألفت نظرك ان الموعد المحدد لغلق المشاركات حسب الاعلان هو 22/10/ اي غدا
        ما يجعلنا اتساءل لماذا يتم اقصاء قصتي منها قبل الموعد بيومين
        على كل الوقت عندنا نحن العرب نسبي
        تقبل فائق الاحترام و التقدير

        أستاذ مخلوفي أبو بكر ...

        أعلم أن الموعد المحدد لإغلاق المشاركات يوم السبت 22 أكتوبر .. ولكن أرجو المعذرة سيدي الفاضل لأن عدد المشاركات قد وصل إلى الحد المثالي الذي يمكّن السادة النقاد من تناول النصوص بالقراءة والنقد بالشكل المناسب ..

        فأرجو المعذرة أستاذي الكريم وأعدك إن شاء الله أنه سيتم إدخال نص حضرتك ضمن الفعاليات القادمة ان شاء الله كما يمكنك استاذنا وضعها أيضا في متصفح مستقل بقسم القصة في نادي الأصالة وسيقوم الأعضاء بتقديم القراءات عليه في أقرب وقت

        تقبل تحياتي .. واعتذاري لشخصك المحترم


        تعليق

        • دينا نبيل
          أديبة وناقدة
          • 03-07-2011
          • 732

          #19
          قراءتي على : صراخ الأسمنت ، للكاتبة حنان المنذري

          الثنائيات الضدية
          في قصة " صراخ الاسمنت "
          للكاتبة أ / حنان المنذري

          تتناول هذه القصة موضوعا شائكا ومؤلما ، مؤرقا وملحا في آن واحد .. متعدد النواحي والشعاب ليمتد فيكون أشبه بصراخ في وجه المجتمع . إنه يتكلم عن قضية التأخر في الزواج ( العنوسة ) وكيف يزج المجتمع بمن قدر لها ذلك إلى أن تغير الكثير من نفسها وتتنازل عن أشياء وتحمل نفسها ما لا تطيق وما اعتادت اضّجاره في الماضي من أجل البحث عن ... زوج !

          فكيف يمكن لفتاة مرفهة تعيش عيشة مترفة ( جميلة ولديها خادمة وسيارة خاصة بها وترتدي أفخر الثياب ) ومع ذلك تظل تتردد على مكتب للزواج لتكون على موعد مع غريب لا تعرف عنه سوى صورة زائفة ومحض معلومات ، فتشعر بأنها كمن يتلصص أو يخشى من هجوم الشرطة عليه:

          " قبل أن تضع يدها على مقبض الباب تلفتت يمنة ويسرة لتتأكد من أنه ما من أحد قد لمحها وهي تخرج من المصعد وتتجه إلى المكتب" .. ولا ترد الكاتبة على هذا السؤال لماذا تتأخر من لديها تلك المؤهلات عن الزواج .. ويفكر المتلقي لعله غلو المهور .. تعنت الآباء .. لعله .. أو لعله ... إذن فهي تطرح المشكلة فقط

          لكن المميز بهذا النص أكثر من هذه الفكرة التي تم تناولها في الكثير من الأعمال وبطرق شتى هو جمال الأسلوب واستخدام الرموز الإيحائية في صورة ثنائيات ضدية تعكس الحالة النفسية للبطلة بمهارة فائقة .

          ومما هو جدير بالذكر أن الكاتبة كانت موفقة جدا في استخدام وجهة نظر " الراوي العليم " فهذا الراوي يتعامل مع الشخصيات كما لو كانت شديدة الشفافية وكأن المكان حولها محاط بالكاميرات والميكروفونات ؛ فهو ذو وجود ملموس من خلال التعليقات والأحكام التي يطلقها ، ينطلق حرا بلا قيود فيشق صدور الشخصيات ويغوص بداخلها ، مثال ذلك :

          " برزت لها أخيلة لوجوه كثيرة رمقتها شزراً من وراء زجاج النافذةِ والستارةِ الحريرية وثقب الباب!, همهمت أصوات مبهمة ثم ضحكت عالياً في سخرية, برزت أصابع أفعوانية كمناقير لتنتزع لحم وجهها المتعرق, وهبّت جمادات المكان تُقرّعها: - أنظري إلى أي مستوى قد أنحدرت؟!! الهذه الدرجة بلغت بك الحاجة لرجل؟!! "

          فاستطاعت باقتدار أن توظف أسلوب الرواية ( وجهة النظر ) مع الرموز الإيحائية بالنص من أجل خدمة الفكرة الرئيسة بالنص وهذا ما سيتم تناوله في هذه القراءة...


          تستخدم الكاتبة في قصتها عددا من الثنائيات الضدية من خلال عدد من الرموز الإيحائية :

          ** ( المرآة- " التسريحة / السيارة / المصعد " ) --- في مقابل ( النظارة السوداء والمكياج والشال الأسود )
          ** ( صعود المصعد )--- في مقابل ( هبوط الدرج )
          ** ( الشارع الأسفلتي الخاوي )--- في مقابل(الشارع الأسفلتي المبتل من المطر )



          1- ** ( المرآة- "التسريحة / السيارة / المصعد" ) x ( النظارة السوداء والعدسات والمكياج والشال الأسود ) --- ( الظهور x الاختباء ) :


          مشهد المرآة متكرر بصورة ملحوظة في هذا النص .. فمن المعروف كيف يتم دائما ربط المرآة بفكرة الزيف والحقيقة ، فكثير من النصوص تناولت فكرة المرآة أنها لا تعكس الحقيقة دائما وهناك مؤامرة بينها وبين الأضواء لتغيير الحقيقة ، ونصوص أخرى تناولت المرآة التي تعكس الداخل والخارج على السواء ، أما في هذا النص فقد استخدمت الكاتبة فكرة " المرآة الكاشفة " التي تعكس الصورة الخارجية متأثرة بالحالة الداخلية للإنسان وما كان هذا ليتأتى لولا استخدام رواية " الراوي العليم "

          في المشهد الأول ، ها هي البطلة تحاول جاهدة أن تلعب ( بالمكياج ) والألوان والعدسات اللاصقة من أجل تغيير شكلها

          "جلست أمام مرآة التسريحة لترسم على صفحة وجهها «مكياجًا» متقنًا سيحيلها إلى امرأة مختلفة.. امرأة أجمل وأكثر أنوثة.. وأهم من ذلك, امرأة لا تشبهها! ..."

          وقد سمّت ( المكياج ) بلعبة الألوان وإنه من المعروف أن الألوان توضع لإظهار مفاتن الصورة وجمالياتها إلا ان الألوان هذه المرة كان لها دور مغاير وهو أن ترسم امرأة لا تشبهها ! .. إنها تحاول الهروب من صورتها الحقيقية أو تحاول إخفائها كي لا يعرفها أحد وكأنما تضع قناعا ملونا على وجهها !

          وربما تكون قد نجحت في لعبة الألوان تلك مع مرآة التسريحة لكن كلما ازدادت البطلة اقترابا من الموقف " المقابلة " كلما اتضح مدى فشل هذه اللعبة فها هي من جديد أمام المرآة ولكن هذه المرة مرآة السيارة :

          " وحركت المرآة الأمامية لتعكس وجهها, تفاجأت بتفاصيل جديدة تبرز كشرخ يفضح الأسى الذي حرصت على ردمه تحت ثقلٍ من الألوان الباهضة, ها هي التجاعيد الرفيعة تتضح وتتضخم في المرآة. وها هي العدسات ذات اللون الشاهق تُخفق في إخفاء رذاذ الدمع المحتقن بمحجر عينيها!."

          فمرآة السيارة تخونها وتعكس دقائق وجهها التي تحاول كثيرا إخفاءها ولكنها كانت قد ركبت السيارة وفارقت ألوانها ؛ ففي محاولة جادة لإجادة لعبة التخفي هاهي البطلة تقوم بارتداء نظارة سوداء وإسدال شالا أسود خفيفا ، رغم أن الوقت كان ليلا :" كادت أن تتراجع ... غير أن دفقاً من بقايا لأمنية قصية, دفعها لأن تمد قدمها إلى الخارج .. بعدما خبأت عينيها وراء نظارة سوداء كبيرة وأسدلت فوق رأسها شالاً أسوداً خفيفاً."

          ومن جديد تمثل أمام المرآة للمرة الأخيرة في محاولة للتأكد من اختفاء ( حقيقتها ) تماما وفي محاولة لإنجاح لعبة الألوان .. لكن مرآة المصعد كبيرة تعكس ليس منظر الوجه ولا حتى منظرا مقربا ( زووم) على الوجه فحسب وإنما تعكس الجسم بأكمله بجميع تفاصيله ليدفعها من جديد إلى إعادة الترتيب لشكلها الخارجي والتأكد من وجود القناع ويزيد الاضطراب إذ صارت قاب قوسين أو أدنى من المقابلة

          "دلفت إلى الداخل لتجابهها مرآة تعكس جسدها النحيل بضآلته الكاملة, عدلت سريعًا من ترتيب هندامها وأعادت للبودرة تناسقها بمسحة سريعة من يدها, ريثما يتوقف بها المصعد في الطابق الرابع."

          لكن رغم محاولات البطلة المستميتة من أجل إخفاء حقيقتها إلا أن لقائها المرتقب كان له من العمل الكثير في هدم قواعد هذه اللعبة من خلال النظرة الفاحصة الثاقبة إلى دواخلها من قبل الرجل المتقدم لزواجها من المكتب ، نظرة كانت أقوى من مجرد انعكاس صورة على مرآة ، وإنما كانت اختراقا صريحا للقناع " شعرت بلسع أسئلته المباشرة والفجة, نظرت إلى عينيه الوالغتين في التهامها بقسوة"

          فكان هدم ذلك البناء الملون وتآكل الألوانوشعورها الذاتي بسقوط القناع الذي كان يحمي كرامتها فبتساقطه من وجهها كأنما قطع اللحم من وجهها تتساقط خزيا وخجلا من فعلها :

          " رفعت طرف الثوب بيد ومسحت بالأخرى الدمع الذي انزلق ليتخذ مسارات متفرقة على خدها, سال الكحل مع الدمع فغامت العدسات وبهت لونها "


          2- ** ( صعود المصعد ) x( هبوط الدرج ) --- ( الوصول إلى الغاية ) x ( الفشل في الوصول إلى الغاية ) :


          المصعد ما هو إلا أداة من أجل الوصول إلى غاية ما ، وكان للاقتران بين الصعود والهبوط أثر كبير في عكس الفكرة المهيمنة على القصة وبيان الشعور النفسي في الحالتين والذي صورته طريقة الرواية باقتدار

          فمثلا كانت حالة الصعود : " أعادت هاتفها إلى حقيبتها, انفتح باب المصعد أمامها فانسلت قطرة عرق من أعلى جبينها خادشةً تناسق البودرة الموزعة بعناية على قسمات الوجه."

          إنه لا يزال الترقب والتوجس من تلك المقابلة والحرص على ذلك القناع الملون من السقوط خشية تساقط لحم وجهها على أثره لا مجرد انكشاف الغطاء عنه ، إنها الخشية على الكرامة من أن تخدش أو ينفذ إليها نافذ

          أما عند هبوط الدرج بعد شعور البطلة بالامتهان من أسلوب المقابلة وما اكتشفته من زيف بين صورة الرجل وحقيقته مما أيقظ عندها هاجس ذلك الزيف الذي تحاول اصطناعه هي الأخرى .. فكان الشعور بالخزي والألم والتخبط الموجع الذي جعلها تأخذ الدرج بدلا من المصعد وكأن روحها تتكسر معها في كل درجة من درجات الدرج:

          "هرولت سريعاً خارج المكتب ... أسرعت تطوي الدرج وتقطعها بأنفاس لاهثة وعيون محتقنة بالدمع, كل شيء عاد ليخزها ويصفعها بقسوة, الجدران ... وجهها المخضب بالخزي والألم .."


          3- ** ( الشارع الأسفلتي الخاوي ) x(الشارع الأسفلتي المبتل من المطر ) --- ( اللامبالاة ) x ( الجَلْد ):

          الشارع يحمل معان كثيرة في طياته وتأويلات عدة .. لكن في هذا النص بالتحديد ، يلاحظ المتلقي أنه ذكر مرتين قبل وبعد مقابلة البطلة للرجل

          قبل المقابلة :
          "استحضرت معنى الشارع في ذاتها .. وكل تلك اللعنات التي صبتها عليه في أوقاتٍ كثيرةٍ سلفت .. حين ظل بخواءه المعهود يعكس بفجاجة خواء مدينتها المترفة, خواءها هي.. خواء العالم الذي أختنق حولها بالبرد والبرود."

          إنه ذلك المعنى لكل ما يتخلى عن أمثال هذه البطلة عندما يشعرها كم هي كمّا مهملا بلا داع في الحياة لأنها ( تأخرت في الزواج ) .. عندما يعاملها ببرود وكأنها أجرمت بعمل شيء رغم أن لا يد لها فيه إنه ذلك البرد والبرود الذي تعامل به أمثال تلك البطلة حتى يكاد يخنقها فلا يحتضنها ولا يتفهمها وإنما يزيد على غربتها غربة أخرى .. إنه ذلك المجتمع الذي يسلط ( أنواره النيون ) على وجهها بفجاجة يترقب تحركاتها وهمساتها ويحاسبها على غير أفعالها ، فهي لا مبالاة صارخة تكاد تقتل أمثال البطلة كمدا

          بعد المقابلة :
          " انزلقت دمعة سخينة من عينها, لفت المقود عائدةً أدراجها, في حين كان المطر يجلد الشارع المسفلت حولها بقسوة!"

          بعدما حاولت التخلص من الزيف الذي زجّها إليه الشارع ( المجتمع ) وبعدما تلاشى قناع الألوان الذي كانت تخفي تحته كرامتها ، هاهو الآن يجلدها.. بقسوة شديدة بلا رحمة ، فيعاتبها بعد المقابلة بقسوة أكثر من قبل المقابلة ... فكان الخواء قبل المقابلة والجلد القاسي بعدها ! ، فيجلدها بوابل من الكلمات وأنواعا من السخرية والتعنيف فكأنه مطر متسلط عليها من الأعلى .


          فلا شك أنها تصرخ بعد ذلك .. إنه " صراخ أسمنتي " وهنا تظهر الفجوة بين ( صراخ ) و ( أسمنت ) لدى المتلقي ، فكيف يكون صراخ الأسمنت ؟! ، إنه صامت صلد صراخ داخلي لا يستطيع الخروج لا يشعر به أحد شديد الكتمان


          وفي الختام أرى أن هذا النص كان موفقا فكرة ولغة وأسلوبا ورؤية إلا أنه يمكن أن يكون أكثر إبداعا لو كان أكثر تكثيفا على ما أرى .. كما أن النص كان بحاجة إلى مراجعة إملائية وإعرابية قبل النشر لوجود أخطاء به



          شكرا جزيلا لقلمك الراقي
          أ / حنان المنذري


          نادي الأصالة للإبداع الأدبي

          تعليق

          • محمد ثلجي
            أديب وكاتب
            • 01-04-2008
            • 1607

            #20
            قراءة لسردية الأستاذ القدير محمد فهمي يوسف " أيام عصيبة "

            عندما يتعرض الكاتب لمعاناة فردية أو تجربة شخصية ، يقوم من فوره بتفريغها عبر الكتابة ، ليتفاعل معها المتلقي . وهو في الحقيقة يعمل على تحويل الإحساس الفردي إلى إحساس عام ، وتصبح التجربة الخاصة التي يسقطها الكاتب على شخصيته القصصية ، تجربة إنسانية بهدف العمل على استنهاض تلك المشاعر التي يعيشها الفرد سواء كانت سلبية او إيجابية عند الآخر .

            في قصة أو سردية الأستاذ القدير محمد فهمي يوسف نلاحظ سطوة المونولوج الداخلي وتيار الوعي والاستحضار على مجريات العمل ، حيث قام بترجمة حرفية لسيل المشاعر وتحضيرها ذهنياً قبل أن تنهمر متسلسلة خاضعة لعاملي الزمان والمكان . هذا التحضير أنجب فيما بعد مشهد خالي من التعقيد والرمزية . وإن كان ثمة توجيه يظهر على مراحل العمل ويتفق مع إمكانية القول أن هذا النص في مجمله نصاً إخبارياً نتيجة تداخل الأحداث وعلائقيتها مع بعضها بداية من الشعور بالألم وطلبه من الزوجة التي بدورها استشعرت هذه الطارئة حتى دخوله للمشفى وما صاحب ذلك من إجراءات طبية أمعن الكاتب على وصفها وصفاً دقيقاً ومفصلاً .

            " ويحضر المحاليل ويطلب من الممرضة
            أن تعتني بي وهي تضرب حقن العضل , أما حقن الوريد فكانت تضع بعضها في المحاليل
            والبعض الآخر , في سن الإبرة المغروس في الوريد منذ خروجي من غرفة العمليات
            وجاء اليوم الثالث وحضر الطبيب المتابع , لإخراج القسطرة بعد أن بدأ البول يتخلص
            من لون الدم قليلا , وكانت لحظات مؤلمة أقسى من لحظة إجراء العملية ذاتها لأن ذلك
            تم بدون تخدير (بنج) لإخراج خرطوم متعرج طويل إلى حد وسط المثانة بعد أن تم تفريع
            البالونة التي كانت تمنع انزلاقه من موضعه


            لا شك أن الكاتب عموماً يعاني من الهزيمة وازمات عميقة فرضتها عليه المرحلة التي يعيشها . يمكن تخصيص وتعميم الحالة فهي أزمة أخلاقية وقيمية ، فكرية ومادية تتعلق بالجسد والطبيعة الإنسانية .

            " تعودت تحمل الآلام مهما كانت شديدة وقاسية
            آلام المرض , وآلام نكران الجميل, وآلام الحاقدين "

            بالتالي تعمل على تمزيقه مرحلياً مما يدفعه إلى دوامه من القلق والهستيريا . أو بمعنى أدق الخوف من المجهول ونعني هنا المرض ، الألم ، العجز ، الفشل ، التقدم في العمر .

            " وكنت أستغفر الله لصلاتي وأنا جالس على الكرسي هذه المدة .
            وأشكر كل الذين سألوا عني وأنا مريض ,أو زاروني ,أو دعوا لي عن ظهر الغيب
            أحسست أنني لست وحدي , فهناك رحمة الله التي أحاطتني برعايتها ,
            "


            القصة أو السردية المعنونة بــ " أيام عصيبة " اتفقت كلياً مع المقدمة التي أوردتها بهدف التحضير أو التعريف بالمكتوب .. كعمل فني يخلو من التعقيد وإن كانت ملامحه الخارجية تخبر عن ذلك فأنا أجد أن ما خفي أعظم . النص بشكله العام كما ذكرت يخلو من الرمزية وهو واضح على الأغلب .. وجميع تقنيات السردية ولوازمها حضرت بشكل واضح .. عامل الزمان والمكان والشخوص وتسلسل الاحداث والذات وعلاقته بالآخر والجميع والفكرة العامة التي أنتجتها الحالة الخاصة.

            العنوان يحمل أو يؤسس لضدين معاً .. وهو عنوان مكثف رغم وضوحه على الأغلب . " أيام " مستوى زمني و " عصيبة " مستوى وجداني ذاتي .. نابع من الداخل والإحساس المادي الجسدي وهذا يقودنا للواقع مباشرة . باستنطاق أزمة صحية وضّحت كثيراً من الأمور وشرعت لتأكيد العلاقات الاجتماعية وكيفية تأثيرها الإيجابي وحتى السلبي على الفرد .. ومن هنا حدث التضاد .. فالكاتب أراد أن يقول لنا أن ما مرّ به جعله يستوضح كثيراً من الأمور المبهمة وغيرالمرئية تماماً لديه.

            " وأشكر كل الذين سألوا عني وأنا مريض ,أو زاروني ,أو دعوا لي عن ظهر الغيب
            أحسست أنني لست وحدي , فهناك رحمة الله التي أحاطتني برعايتها ,
            وهناك حب الناس لي والتفافهم حولي للتخفيف عني ببسمتهم وتشجيعهم ، وحتى سماع صوتهم
            فما أروع أن تجد من يحبك بصدق حولك وأنت في شدتك
            ومنهم من كان يتصل على الهاتف , أو على صفحات المنتديات الأدبية
            "

            لقد تكشّف له مدى حب الآخر وتعاطفه معه " الزوجة ، الإبن ، الأصدقاء ، الأقارب . كما ن الكاتب وعلى سبيل التحضير للجانب الآخر أراد القول أن هذه العلاقات قد يكون تأثيرها سلباً على الشخص إن كانت باتجاه مغاير . فلنتخيل لو أن ثمة من مرّ بتلك التجربة ولم يجد كل هؤلاء المحبين والمخلصين إلى جواره . كيف سيكون حاله في حينها!!

            يمكننا القول أن النص كان ملفتاً بالخصوصية التي شملت العام . فالكاتب أراد من المتلقي أن يعيش معه تلك الواقعة وفي تلك اللحظة أراد أن يخبر المتلقي بأنه رجل محظوظ لأنه وجد حوله من يهتمّ لأمره ويرعاه في أزمته .
            التعديل الأخير تم بواسطة محمد ثلجي; الساعة 28-10-2011, 07:02.
            ***
            إنه الغيبُ يا ضيّق الصدرِِ
            يا أيها الراسخ اليومَ في الوهمِ والجهلِ
            كم يلزمُ الأمرَ حتى يعلّمك الطينُ أنك منهُ
            أتيت وحيدًا , هبطت غريبًا
            وأنت كذلك أثقلت كاهلك الغضّ بالأمنياتِ
            قتلت أخاك وأسلمته للغرابِ
            يساوى قتيلاً بقابرهِ

            تعليق

            • محمد فهمي يوسف
              مستشار أدبي
              • 27-08-2008
              • 8100

              #21
              رؤية نقدية في سردية
              الكاتبة : سعيدة خربوش
              بعنوان:



              المقامة الإدماجية

              المقامة الادماجية ( الإدماجية ) : معذرة ان ( أن ) أخطأ قلمي خطاه

              حدثنا محمد بن يحيى قال :
              ... أمضينا في سلك التدريس سنين عددا، والقطاع يطلب العدد والمدد. وأبانت الإحصاءات أننا في تراجع، وكشفت الاستطلاعات ما عليه مستوانا من تواضع. فضربنا كفا بكف، وتصاعدت الحسرات من كل جوف: كيف وما سبب هذا النكوص؟ بعد كل ما بذلناه من جهود وطقوس؟ كيف أصبحنا نخرج أشباه الأميين؟ ومن يعجز عن إنجاز حساب أو تمرين؟ إنها والله لغصة في الحلق، عند كل غيور يؤمن بالحق.
              ثم هبت نسمات الإصلاح كالوجه الصبوح، وبدأت تباشير التغيير في الأفق تلوح. فاستبشرت بذلك خيرا، وقلت إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا من أنفسهم أمرا.
              فأول ما توصلنا به من الخدمات، للأولاد والفتيات: أدوات ومحفظات، وزي موحد من البذلات. أما للأساتذة والأستاذات، فالمصوغات والمجزوءات، والتدريب في دورات. لأن الموارد البشرية هي العناصر الضرورية. بها يتم الإصلاح، ويكتب له النجاح والفلاح.
              استدعينا على شكل أفواج، للتكوين في (بيداغوجيا ) الإدماج. كل يوم نشد الرحال، تحذونا قوة العزائم والآمال. إلى مركز تكوين المعلمين، حيث يوجد كل مؤطر أمين، كعبد الرحمن وسيف الدين، اللذين يبذلان كل نفيس وثمين. فزودانا بالدرر والجواهر، وذللا كل صعب مستعص قاهر.وباللطائف والمستملحات، بددا حدة النقاشات. وبالحكمة البالغة، قالا إن كل تلميذ نابغة. فقط على المعلم أن يشعل الشرارة، التي توهج الإبداع والمهارة. فالمعلمون هم قادة الشعوب، بهم تبلغ كل مطلوب. قالا إن المعلم يعمل من أجل الوطن، من أجل طفل ولد وعاش في شجن، من أجل طفلة تحلم بغد أحسن، على المعلم أن يعلو فوق عتبات المحن. قالا إن المعلم إنسان، والإنسان قوي بالإرادة والإيمان، قوي ضد الطبيعة ضد المكان ضد الزمان. والمعلم هو إنسان، بما يحمل من رسالة هو إنسان.
              عملت في واحدة من المجموعات الأربع، حيث التفاهم والسلام يرتع. فحسن يعلق الملصقات، ويقدم الشروحات والتوضيحات. وهند ذات الخط الجميل، لم نجد لتصميماتها أي بديل. وتوالت الاقتراحات الدفينة، من علي وأمينة. ولم تخف فتيحة وسمية، ما لهما على التعليم من حمية.
              خلال خمسة أيام، أولينا (بيداغوجيا) الإدماج كل اهتمام. متى وكيف ولم أسئلة خالدة، بها تكتمل الفائدة. فالوضعيات، لابد لها من سياق وسند وتعليمات. أما معايير الملاءمة والسلامة والانسجام، فلنعرف هل بلغ الطفل المرام. ثم تتلوها الشبكات، للتحقق والتصحيح والتصنيفات. وبذلك يتم التقويم، للتوجيه أو التعديل السليم. ثم يكون الإشهاد، علامة على بلوغ المراد.
              وجاء يوم الوداع حثيثا، ولازال لنا في العلوم حديثا. "والله ما سخينا" كلمة القوم، هي كل ما تسمع في ذلك اليوم.
              فالرحمة لمعلمينا الأوائل، لمن حاربوا الجهل حرب البواسل. والشكر الجزيل وخالص الدعاء، لأستاذينا الجليلين بطول البقاء، ولمن خدم ذاك الجمع من جنود الخفاء.
              ثم استرسل قائلا:
              ولا أظن أني آتي بجديد، أو أني أحيطكم بخبر فريد. إذا اعترفت لكم دون التباس، أنه بدء لم يكن لدي حماس. فعادة ما تبعث هذه الاجتماعات على ملل، نتمنى معه أن تنفض على عجل. لكني لم أتوقع أن تنقلب، الأمور فجأة على عقب. فالمؤطران كانا من الذكاء، وللوهلة الأولى كسبا منا الولاء. أما أفراد المجموعة، فالروعة كانوا وأي روعة. إذ أحيوا في قلبي الأمل، أن هناك من يحمل المشعل. أن هناك قلوبا تنبض، وأن شبابا على الجمر يقبض. أسئلتهم تحمل هما وغيرة، ووجوههم تطفح حبا وحيرة. طرحوا المشاكل على الطاولة، وتساءلوا عن الحلول العاجلة. في أصواتهم حرقة ولوعة، فمن كل العراقيل أخذوا جرعة.وهم مع ذلك لهم إصرار، على إخلاص العمل بكامل الإختيار ( الاختيار ) . فالمدرسة عندهم تسكن الوجدان، هي المركب إلى بر الأمان. والطفل مشروع يراهنون عليه، غدا يصبح رجلا يعتمد عليه. ليس مسؤولا هو عن الصعوبات، ولن يحملوه مسؤولية التبعات. سيبذلون كل الجهود، للوصول به إلى المستوى المنشود. ولن يفقدوا الأمل، في تحسن ظروف العمل.
              من أجل ذلك عبرت عن حالهم برسالة، أرجو ألا تكون فيها إطالة. لأشرك معنا كل أسرة التعليم، فكل فرد فيها له دور عظيم. أوصيهم بتكثيف التواصل واللقاءات، وتبادل التجارب والخبرات. فبذلك يغيرون "الروتين"، ويجددون النشاط والعزم واليقين. فكانت الرسالة كما سيأتي، وهي تعبير عن حسن نيتي. فإن وفقت فيها فمن الله، وإلا فمعذرة إن أخطأ قلمي خطاه:
              يا إخوة الإيثار ونكران الذات
              يا شركاء في مهنة التضحيات
              أبـعـث لـكـم بـهـذه الـكـلـمـات
              ... بـأشـعـة الأمـل الـدافـقـات
              مـيـثـاقـا بـيـنـي وبـيـنـكـم ...
              ...بين المخلصين والمخلصات
              أصحاب المواقف والمبادئ...
              أصحاب المعانـي الخالـدات
              الصامدين صمود الجبال الراسيات
              من رفعوا في العلياء الهامات الشامخات
              وثبتوا في الأرض الأقدام الراسخات
              لنقول لكل الشامتين والشامتات
              مخطئ من قال إن التعليم مات
              مخطئ من قال ولى مجدنا وفات
              مع المجموعة43 عادت الحياة
              عاد الأنس،عاد الأمل
              عاد الجد والنشاط
              فارحل يا زمن الغربة
              ... يا زمن الوحشة
              ... يا زمن الحسرات
              فنحن ما زلنا بخير وسترون
              وستعلمون أنه كذب الذي قال:
              إن التعليم مات
              وكذب من قال ولى مجدنا وفات
              فلا زال في جعبتنا الكثير... كان كامنا
              والآن، آن أوان الانبعاث
              فذاك مجدنا ونحن أبناءه (أبناؤه )
              وعلى عاتقنا نُصِبَ لواءه (لواؤه )
              نحن من يهب حين يعلو نداءه (نداؤه)
              إنه مجدنا ونحن رجاله ونساءه(ونساؤه)
              بنا نحن يكون سناءه (سناؤه)
              وبأطفالنا سيستمر سناءه (سناؤه)
              لأجل ذلك نحن أوفياءه (أوفياؤه)
              لا يهمكم ذلك المعلم الذي...
              يمشي مشية الخيلاء
              ويرمق صبيانه بنظرة ازدراء
              يتسلل إلى المقاهي ليجالس الوجهاء
              ذاك ما خرق الأرض... ولا بلغ السماء
              ذاك تشفعون له ... أنتم الشرفاء
              يا من تعرقون لأجل ريم...
              لأجل محمد وهناء
              أنتم الرابحون أخيرا ...أنتم النبلاء
              بالمحبة البريئة وأصدق الدعاء
              ... أنتم الأغنياء
              لا يهمكم ذلك المفتش الذي
              يحصي عليكم الأخطاء
              ويضع دونكم نظارة سوداء
              وينثر جهودكم هباء
              أو ذاك الذي يسأل عن الزوج...
              عن الإخوة...عن الآباء
              ولسان حاله يوحي بالأنباء
              أن: درسوا أو لا تدرسوا
              فالأمر عندي سواء
              إنما أشهر الامتياز
              لمن جيبه أحسن الأداء.
              ذانك يشفع لهما
              هؤلاء المفتشون الشرفاء
              الذين يجعلون من الزيارة لقاء
              لشحذ الهمم، للتآزر للإخاء
              للتعاقد على الجودة وتجاوز الأخطاء
              طوبى لهم طوبى
              فأولئك السعداء
              لا يهمكم ذلك المدير الذي
              يرى المؤسسة ملكا
              يعمل فيه ما يشاء
              يستهين بالأطفال الأبرياء
              ويصنفكم صنفين: ضعفاء وأقوياء
              فيعلن للأولين.. أنه أشد المدراء
              ويداهن الآخرين مداهنة عمياء
              يتشدق أنه أدهى الأدهياء
              ذاك ضميره مات...
              ومخلفاته أرض جرداء
              لا تأسوا..فإنما يشفع له
              هؤلاء المدراء
              هم يسيرون المؤسسات
              بحكمة الحكماء
              مربون هم..أحن من الآباء
              قساة لينون معا، أشداء ورحماء
              طوبى لهم طوبى
              فأولئك العظماء
              لايهمكم ذلك الأب الذي
              يفهم أكثر من كل الفهماء
              ويقدم لكم دروسا في التربية
              .. في تقويم الأسوياء
              وابنه المنحط قد حاولتم به الإرتقاء (الارتقاء)
              ذاك يشفع له هؤلاء الآباء
              من يشدون على أيديكم صباح مساء
              يسترشدونكم.. يحملون هم الأبناء
              ينادونكم بأجل الأسماء
              طوبى لهم طوبى
              فأولئك العقلاء
              لايهمكم ذلك التلميذ الذي
              ينظر في عيونكم نظرة شزراء
              يتمرد.. يتعنث كألد الأعداء
              ينكر عليكم حق النقد أو الثناء
              ذاك مذلل اعتاد أن يفعل ما يشاء
              وإنما يشفع له تلاميذكم الأوفياء
              يجلونكم.. يبجلونكم كآلهة القدماء
              أنتم خالدون في قلوبهم
              ليس لكم شركاء
              هم "الولد الصالح"
              هم الدعاء بعد الفناء
              طوبى لكم طوبى
              بهم ستكتبون مع السعداء
              لا تهمكم وعورة المسالك والطرقات
              لا تهمكم غربة الحياة
              في المداشر.. في الجبال
              .. في الصحاري القاحلات
              كل ذلك يشفع له
              أن تلاميذكم معكم... في مركب المعاناة
              قاسوا قبلكم وسيقاسون.. أمد الحياة
              أنتم حبلهم للنجاة
              لا تفكروا دونهم في الإفلات
              مدوا لهم الأيادي الحانيات
              وحسسوهم بالأوضاع القاسيات (حسسوهم : الحِسُّ والحَسيسُ: الصوت الخفي.
              وقال الله تعالى: "لا يَسْمَعونَ حَسيسَها ، وحَسَسْناهم أي استأصلناهم قتلا (والحِسُّ، بكسر الحاء: من أحسست بالشيء يَحُسُّ حَسّاً وحِسّاً وحَسِيساً وأَحَسَّ به وأَحَسَّه: شعر به) فالصواب : أحسسوهم
              فقد يتقلدون بعد حين
              مناصب التسيير لحل المشكلات
              لا تـــيـــأســـوا إن (بـــرمـــجــت)لفظة غير عربية توضع بين قوسين لعدم ورودها بالمعاجم العربية
              قـضايـاكـم فـي سـلـة المهـمـلات
              إن أصبحت مطالبكم من المنكرات
              إن حرمتم من الوسائل الضروريات
              فـلا بـد فـي آخـر الـنـفـق
              من أضواء ساطعات...
              فلنخلص في العمل النيات
              كما أخلص معلمونا قبل سنوات
              ما ركنوا لراحة ولا خانوا الأمانات
              ولا ضاقت صدورهم بأحوالنا البائسات
              فلنرد دينهم للأجيال القادمات
              إذ تمنوا أن نبلغ أعلى المنزلات

              القراءة اللغوية للنص :
              1- يبدو رسم الهمزة عند معظم الكتاب محتاجا لشيء من معرفة الكتابة الإملائية الصحيحة لمواضع الهمزات
              وصور كتابتها السليمة ، فها هو النص يثبت وجود عدد من همزات القطع التي أغفلها صاحب النص ، أو أبدلها بألفات وصل ،

              2- كما وضع عددا من همزات القطع المضمومة لوقوع الكلمات التي احتوتها في مكان الفاعل من جملها وضعها على السطر بينما الصواب أن تكون على الواو (ؤ)
              3- هناك بعض الكلمات غير العربية التي لم تدخل المعاجم اللغوية ، وكان ينبغي وضعها بين قوسين مثل :(بيداغوجيا )و(بـــرمـــجــت)
              4- استخدم الكاتب فعلا عاميا ( حسسوهم ) ومادته الصحيحة ( ح س س ) والمضارع من الثلاثي في العربية المبدوء بهمزة المضارعة للمتكلم ( أحسسوهم )
              الرؤية التحليلية النقدية للمقامة
              1- المقامة الإدماجية ( هي حديث عن المعلمين وأحوالهم ) تبين حال التعليم السيئة بجوانبه المختلفة ألفها الأديب
              محاولا صياغة أسلوب المقامة تقليدا لأصحاب المقامات ، ومجاريا لشكلها التقليدي المعروف ، فجعل راويتها
              محمد بن يحي الذي يروي بلسان البطل ( المعلم ) أحداث المقامة

              2- التزم في معظم جمل المقامة ( السجع )
              المناسب في كثير من مواضعه نحو :
              تراجع و تواضع،بكف و جوف ، النكوص ، وطقوس ، الأميين و تمرين ، الحلق و بالحق ، الصبوح و تلوح ،خيرا و أمرا ،البشرية والضرورية ،الإصلاح والنجاح والفلاح ، الرحال والآمال
              ..........إلخ

              والمتكلف المصطنع في أماكن أخرى مثل :الخدمات والأولاد والفتيات ، محفظات والبذلات والأستاذات ،فالمصوغات والمجزوءات و دورات
              3- شملت المقامة إلى جانب النسق التعبيري السجعي في سرد الحدث وحكايته في مجلس المقامة ، بعض السطور المنظومة كما كانت المقامات القديمة
              4- عالجت المقامة هدفا هو التكسب في الرزق عند بعض المعلمين أسوة بهدف المقامات
              5- أشارت إلى انحدار التعليم في بلادنا بالتعريج على مظاهر ذلك كله ، وحاولت أن ترسم طريقا للإصلاح التعليمي في طرق التدريس والمناهج
              6- تعتبر من المقامات الاجتماعية الجيدة

              مع تمنياتي لصاحبها بالفوز إن شاء الله .

              تعليق

              • محمد فهمي يوسف
                مستشار أدبي
                • 27-08-2008
                • 8100

                #22
                ذهبيات أدبية 4
                قصة قصيرة
                للكاتب :يحى الحسن الطاهر
                =====

                رؤية نقدية ، ومراجعات لغوية
                *********************


                (عشقنامة) ..أو كتاب العشق



                مزيج من صباح ناعس تشقشق عصافيره البهيجة على فنن القلب ، غناء لذتها في فوضاها الحميمة مع قهوة داكنة الرعشة ، تتسلل الى( إلى) أطرافك خدرا لذيذا يسخر من خمريات أبي نواس ، فتشهد ان لا (ألاَّ) عشق إلا لها ..ولا فناء إلا فيها وبها ،وتصلي حامدا ان(أن) جعلك العشق حواريا مذهول اللب مسكونا بأريج فتنتها التي تتقاطر من شرفة عينيها المطلتين على كون أحزانك المترامي الأطراف في أقصى أزقة روحك وحواريها البعيدة .. ، هكذا وصفتها إحدى موجات ( هلوساتي ) المجنونة ، ولكن مهلا ، للقلب أن يفترش النجوم مسهدا عل ألق نجمة بعيدة تباكر شاطئيه بأنثاه التي تتمشى حافية القدمين على مرمر الروح ..عارية إلا من النشوة التي تسكن( سيمفونية )الجسد لحنا يسكب قوارير عذوبته كغمامة حانية تحكي عشق الماء الى (إلى) يابسة بعيدة مسكونة بجنيات الرمل في موطنها ( الأبيض ) بغرب السودان ، حيث شهد إحدى صباحات مارس المباركة كيف تسرب فتنة الأنوثة مرمر نعاسها وتستوطن أجساد البشر(؟) .
                بعضهم ذهل من هذا السر الكوني البديع، بعضهم أخذته عزة الحزن بإثم عدم التصديق، إذ كيف لهذه المدينة المنسية أن تزدهي بأجمل برهة فضت فيها ( الأنوثة ) مغاليق أسرار فتنتها الأخيرة هكذا بكل بشاشة وسحر؟
                كانت صرختها الأولى ، وهي للتو مولودة تلثغ بهاء أبجدية حضورها عبر شقوق الزمان ، كما أقسم من شهدوها، كانت خليطا رائعا من قهقهة حارقة كيدا وتشفيا على فناء زمان القبح الذي عمر ( أرض الفنانين) طويلا ملقيا عصا تسياره على رمال المدينة، وإيذانا بتاريخ سيادة الجنون العاشق والعشق المجنون.
                لم أك برهتئذ ، ألتحف حزني العريق ، كما هو حالي دوما ، بل – كنت – للغرابة ، أراهن على كيد زمانيتي العتيدة.. التي تسميني نبيا أضاع خاتم سليمان بهجته،واستعاضه لا مبالاة ممعنة في لا مبالاتها بأن تبالي بشيء أو بحي ، كنت أراهن على شدة بأس الزمان في تضييع ألق وسحر برهات العذوبة في نهر تعاسته الهادر كنت حينها أكتب الشعر استمناءا(استنماءً) لعالم تستوطنه أنثاي..تلك التي تساقط ثمر أنوثتها جنيا من نخيل أحزاني الفارع الطول كقافية جاهلية .. المدبب الحواف كصراخ طفل جائع ، حين أتت هي .. غاب الشعر ( قلت لأحد أصدقائي مباهيا: هي قصيدتي التي حلمت بها كل قصائدي..وهاهي ذي تسطرها نبضات قلبي..فكيف أكتب شعرا؟ وقصيدتي تساكنني جسدي وعقلي؟ كيف..- بينما أتنفسها –ألفظها زفيرا من حبر ؟)..
                كانت ( الأبيض ) في ذاك الصباح المارسي تحشد كل فتنتها كي ترسم بذراري رمالها كرنفال احتفاءها (احتفائها) ( قال بعضهم : ان (إن) النوارس التي تحلق في سماء ذاك اليوم لم يروا لها مثيلا في كثرتها وغرابة أصواتها التي لا يسمع منها بوضوح غير : نشهد ان لا(ألا) عشق إلا أنت ،ان (إن) العشق والفناء فيك أنت ..لا جنون إلا بك ) حشدت الطبيعة كل مزاميرها..أتت أشجار السرو وهي تمايل أغصانها في دلال – تحاول جاهدة أن تضاهي تمايل جسد أنثاي ، كانت صغار الملائكة التي تتخفى في كنف الأغصان تغني في حبور ، فر أحدهم بشقاوة ومكر طفولي واستقر على صدري هامسا( نعم ..ما تظنه صحيح ..إنها هي..ليس ما بك هذيانا ..ولا هي ضلالات الشعر وتخاريف الشعراء..لا.. هي فعلا ولدت ..إلا (أَلا) تسمع صراخها ؟ إلا (أَلا) ترانا قد حشدنا نغنى بهاء الميلاد؟؟..).. احتشدت كل عناصر الجمال في مباهلة : أيها يكون برزخا مباركا يلملم ما تفرق منهم في جسدها وروحها.. كي يعيده إليهم بدلا عن ما(عمَّا) استبدلوه من أطياف ترنو الى (إلى ) أصولها ، فالنسيم ، حاول برقته المعهودة أن يستضيف حلاوة الشهد ويعبق برحيق الورود خاصرته وهي تتمطى في فناء الريح ، خرير ينبوع يخالس النظر من مكمنه ، زعم ان(أنْ) يحاكي عذوبة صوتها وسلسبيل ضحكتها ، فاته ان الآف (أنَّ آلاف) العصافير الضوئية الرقيقة، تركت حناجرها الفضية تسقط سهوا في حلق فتاتي، وسكنته فضاءا(فضاءً) حفي الإقامة ، أما القمر ..فقد أقبل على استحياء من صحرائه البعيدة ، ليرى من يمكنه من الفوز باختلاس بعضا (بعضٍ) من لألاء وجهها وضياء وجنتيها، ضجت الكائنات بقلق من هوياتها العتيقة ..حاولت التسكع في هويات أخرى ..كي تصير مثل أنثاي ..القمر أشتهى (اشتهى) لأشعته حرية الريح ..الماء هش وبش لعبير الأزهار وغناء الأطيار ..في فوضى الهوية تلك ..كانت ..هي وحدها..تبتسم في رأفة فقد علمت استحالة أن تنتجها عبقرية تحول ما..فحتى لو اجتمعن جميعا لن يستطعن لملمة ما تفرق فيها من مطلق الجمال في كيان واحد..فللقمر أن يختلس من الزهر غضارته وللنسيم أن يتزيأ (يتزيّا) بخرير المياه جسدا ورشاقة السرو ، لكنهم باخعين (باخعون : خبر لكن مرفوع ) أنفسهم على آثار فتنتها قصصا ..فهي..خرافية العذوبة...أسطورية الألق... وبعشق الثعابين المقدس للتملص من جلودها العتيقة ...انزلقت الهويات فوق بعضها : فهاهو النسيم يئن من ثقل القمر ، وهاهي الوردة تتشكى من عنفوان الماء ، وهناك في البعيد سرادق عزاء نصبته الآف (آلاف) الطيور حزنا على فرار أعذب( نوتاتها) في(سرنمة) سرية الى (إلى) همهمات فتاتي وهمسها .
                تعجبت إذ رأيت أبويها ( بشرا من طين ) يأكلون الطعام ويمشون في أسواق أبي جهل ...وأمدرمان (أم درمان ) ودهشت كيف ينجبان قصيدة ؟ وذهلت منها أكثر: كيف تفر من عاليات غيوم الشعر وتسكن أجساد البشر(؟)!!!
                نظرت الى (إلى)مغيب ذاك اليوم..كانت الشمس للتو قد فرغت من تدبير أمر اختفاءها (اختفائها) في جوف النهر الذي كان بدوره يرتب للقمر انعكاسه الفضي كدنانير بيضاء واهبة بهاءها السماوي ..كان يوما بديعا ..تزيت فيه الطبيعة بأبهى حللها وخرجت على الناس في زينة لم يألفوها من قبل .. الشمس قبل مغيبها كانت حيية خجول كعذراء في خدرها ..لم تكن كالمعتاد صارخة الحضور.. ..كأنها تقدم برهانا ساطعا على إلوهيتها الخفية وسطوتها على كل مافي الكون، التي تنمنمها منحوتات عبدة آمون ...لا ..أقسم جدي بلحية أبيه.. وبخط الشيب برأس أمه ..إنها كانت شفيفة كثلج يقبل على الذوبان ..الأزهار في أغصانها كانت تتمايل طربا على (سيمفونيات) لذة وثنية خفية، تتصاعد كبخار شاي من مسام أرض فرحة ..بوعد المطر ومجيء الزنابق ..وتفتح قرنفل الوقت على بشريات الميلاد ..حدثني جدي .. وفقاقيعا(فقاقيعَ) ملونة من فرح خفي تتراقص على وجنتيه ..التي سرح الزمان جداوله المتعرجة فيها ندوبا وتعاريج، تحاكي جروف نهر منسي يتشقق طينه نعناعا وبيادر قمح ..وكنت حينها دون الخامسة بقليل :
                ( حين ولدت أمك : كان القمر يلعب مع السحاب ( الاستغماية ) يطل من حيث لا تتوقعه الأنظار ..وكان السحاب خرافا ترعى في أعشاب السماء ما تستنبته كف الرحمن ، كنت أصلي المغرب حينها ..بينما يشرق في قلبي وعقلي فيض رحمات علوية ..سمعت تصايح النساء ..قدمت إحداهن ..بجسارة ..متحدية كل قوانين الذكورة الفجة في مجتمع القرية ..الى (إلى) مجلسنا نحن الرجال .الى(إلى) الديوان- ذلك الكنف الآمن لسطوتنا على النساء - كما كنا نسميه .قالت : صهيب ..صهيب ..صهيب : اليوم ولدت زوجتك بنية ..أخشى عليها من كيد ( إخوة يوسف) حين ولدت لم تصرخ مثل جميع الأطفال ..اكتفت بابتسامة صغيرة أضاءت جنبات الغرفة ..حتى بهت الضياء الشاحب لمصباح ( الكيروسين ) خجلا من شدة سطوع ضياء عينيها قال جدي..يا ولدي ..لا تسلني كيف تراقص قلبي طربا حتى خشيت أن يقفز خارجا من حرزه الحريز في قفصي الصدري ....تناسيت بدوري كل قوانين خوفنا من الأنثى التي نسيج بها ذكورتنا كصدفة سميكة من غائلة فتنتهن..لا تتكسر قشورها إلا حين تستخفنا النشوة في الفراش ليلا فنبوح وقتها بما ننكره جهارا في الصباح ..جريت لاهثا حيث جدتك ترقد محتضنة برعما سماويا لزهرة من لحم ودم ..أسميتها ( آمنة ) لتأمن من عين جنيات القدر من جن وبشر ..كنت أستمع الى(إلى) جدي وأنا مذهول اللب ..كيف يحكي ما سيأتي بعد أكثر من ثمانين عاما أو يزيدون؟ ..عجبت كيف يستدير الزمان كقرص عجين في يد ( دمشقي يجيد صنع الفطائر ) فهاهي ( الأبيض ) تشهد ما شهده جدي في مدينته القاطنة في الشمال قبل ما يزيد عن نصف قرن ....عجبت من ( ثعبانية الزمن : كيف يستدير رأسه كي يلثم ذيله ؟ في رقصة وثنية فيها كل طقوس السحر والغرابة.. وفتنة غموض نعومة الثعابين ) تلك كانت أمي..أما هذه فحبيبتي .وللعجب...فهي ابنتي..نعم ..ابنتي:لماذا تندهشون أيها السادة؟ من قال بأن الرجل لا يحبل؟ ألم أحملها في أحشائي حلما ..ألم تتكور في رحم تعاستي بشرى بالخلاص من إسار حزني العريق ووحدتي المجوفة كقاع بئر عميق ؟ هي ابنتي ..التي ولدتها من حنيني الى(إلى) أروع رفيقة في الوجود لروحي شقيقة الأصيل ..ابنتي وزوجتي ..وأم أطفالي ..وأمي ..هي – ببساطة - عالمي الذي إليه أنتمي ..وبظله أحتمي ..هي كوثري ..وفراري مني ..إلي .. كانت تتكور بداخلي وعدا ..وكما تحبل النساء ويلدن أجنة مشوهة ..وحبلا زائفا في بعض الأحيان ..كانت كل من أنجبت غيرها من النساء كذلك ..ولدت الكثيرات قبلها ...كنت أحسبهن ( هي) جنيني المدهش الذي يكركر في داخلي نشيد ميلاده البهيج..حتى ولدت أخيرا ..بالطبع ..أعرفها كجوعي لها ..كعطشي لزلال قبلاتها ..وكرائحة كوثر عناقها ..كيف لا أعرف من استجن في أحشائي كل تلك السنوات ؟ منذ ميلادي كانت حياتي كلها ..بكل تعاساتها ..تمرينا لي ...تهيئة كي يحتمل قلبي المثقل بالحزن بهجة حضورها.
                لم تكد شمس اليوم التالي لميلادها تشرق على كون سعيد بهذا الحدث البهيج ، حتى بدأ كل شيء وكل حي يعرض أثواب فتنته في (كرنفال) غريب :فالطيور المحلقة في فضاء ذلك اليوم كانت ترقب في غبطة نادرة كيف تنخر زنابق العشق منسأة حزني العريق وتجعل- بما مكنتها العناية- من رمادها بيني وبين التعاسة ردما ..غاب نباح الكلاب ..سكنت الريح إلا من ترتيل خفي من مزمور سعيد يتمشي كسلا بين أغصان السرو وحشائش شواطئ القلب..القمر ..كان هادئ الزرقة..كان الجميع يحسبها ليلة القدر ..حتى نبههم جدها العارف ( سيف الدين ) صائحا :
                نحن لسنا بعد في شهر الصوم أيها الغفلة.. كما نحن لسنا في الليل بعد..إذ لا ليل لهذا اليوم..بل لا صباح ...ثم غمغم في سكون: مالي مضطرب هكذا على غير العادة؟ ماذا جرى لي؟ ..بعد تأمل واطراق(إطراقٍ) مليي عرف ان (أنَّ)لأمر حيرته صلة بميلادها ..كبَّر ثلاثا..وغاب في غفوة سعيدة رأى فيها.. كما يرى النائم:
                ( كنت ..كأني في أرض غريبة ..لم أر مثلها في البلاد ..كانت أشجارها تنبت ثمارا بديعة: فشجرة الليمون تلك ..بها ثمار تفاح ومانجو وكمثرى وجوافة وموز وبعض ثمرات يانعة من الأناناس ..عجبا ..كيف لشجرة واحدة أن تحمل كل تلك الفواكه في آن واحد ؟ كنت مستغرقا في حيرتي ..حتى صاح بي صائح من بعيد : إذا صفا القلب ..رأى ما لا يرى..كان الصوت يهدر داخلي كينبوع خفي لم أدر له مصدرا..حتى ولدت هذه الطفلة ...فحين اقتربت من أذنيها كي أتلو عليها الآذان(الأذان: لأن الآذان جمع أذن) مثلما اعتدنا ...سمعت ذات الصوت.. ولكنه كان في هذه المرة آتيا من فم الطفلة: أنا تلك الشجرة يا جدي .. تحوقلت(حَوْقَلْتُ) ثلاثا... ).
                كان جميع من بمجلس (العارف سيف الدين) مطرقين من جلال وجمال ما يحكيه وقد ألجمت دهشة عظيمة ألسنتهم ..وحبستها في الحناجر.. كاظمين بهجة عميمة بحظوة أن يكونوا شاهدين على هذا البهاء البديع.
                سمع الجميع لغطا عظيما في الفناء الخلفي للمنزل ..كانت الأبقار والماعز والخراف تتصارع في أيها تناله حظوة أن يذبح قربانا يزف بين يدي اسمها ..سمعوا بصفاء كل غمغمة من خوار وثغاء ..كما اندهشوا كيف تجيء الآف(آلاف) الطيور من مهاجر بعيدة يحدوها فأل أن تكون أول من يذبح ابتهاجا:
                لم نعرف من قبل فداءا(فداءً) تذبح فيه الطير ...ولكن ما رأوه من أحداث جليلة جعل عقولهم مهيأة لكل استثناء مهما بلغت غرائبيته ..فمن كان يظن ...لوهلة..أن تستحم الآف(آلاف) البطاريق على شاطئ( الأبيض) الرملي الذي – كما يقول أسلافهم – كان يستحم بنهر كبير.. أطول من نهر النيل نفسه بالآف المرات (؟)..ولكنه اختفى لأسباب لا يعلمها إلا العارفون.. الذين لا يبوحون بذلك السر، إلا لخلاصة خاصة الخاصة ورحيق ختام الأصفياء..كانت حيوانات الفقمة المرحة والدلافين تتقافز في بهجة غريبة وإغاظة لأسماك القرش التي كانت بالكاد تلجم غيظها لكونها التزمت – كما الجميع- الصوم في ذلك اليوم المبارك..( علمت فيما بعد.. لماذا تحب حبيبتي هذه الحيوانات أكثر من غيرها...فقد شهدت ميلادها ...بل وشاركت في الاحتفاء به بحبور لحظه الجميع....رغم أنف جغرافيا الفانين وغفلتهم ) وكما أتى ( الجن) بعرش بلقيس ..قبل أن يأتوه مسلمين أتى ( الحب) بكل كائنات الكون كي تشهد عرس الميلاد طائعين ..وان(إن) علت حواجبهم دهشة وذهول بديعين : كيف أنستهم أشواقهم عناء الرحلة الطويلة الى (إلى) ( الأبيض ) حيث خيام الفرح قد نصبت من مرمر أحزان الفقراء.. وأشواق اليتامى ، وحشدت فسيفساء رمال المدينة بمزيج بهيج من حسرات هزائم العشاق وآمالهم ، وجدلت ضفائر مياه الينابيع من دموع الملتاعين ، عجبت الكائنات كذلك ..من هذا المكان الغريب ..الذي استضاف مرة واحدة والى (إلى)الأبد.. الحملان وهي تتقافز على وقع ضحكات الذئاب المرحة .. ورأوا كيف تربت الأسود بحنان غامر على أعناق الغزلان ..أما النمور فقد كان أمرها عجبا: اختارت أن تلعب بهناءة لعبة التخفي والظهور مع الشياه والأغنام.. وكانت الأخيرة تسلك سبلها ذللا.. سادرة في غي لعبها الجميل مطمئنة القلب للحنان المباغت الذي أبدته النمور ..
                قال ابني الصغير (محمود) من مكمنه البديع في شفق أحلام حبيبتي وهي للتو طفلة:
                أبي ..لأمي ميزة ..وسكت ..حاولت أن أعرف ماهي ميزتها ..لكنه بإغاظة طفولية لم يخبرني ..كانت طفلتي الجميلة تشع من عينيها ضياءا(ضياءً) بديعا يريني أطفالي الحلوين( ريم، إيمان والشقي اللاعب محمود) .. وهم يتكورون وعدا وبشرى في أحشائها الصغيرة..ضحكت حين رأيتهم ..وعرفت ان لا (ألا) شقاء بعدها..عرفت بأنني مبارك وبأني أستطيع أن أبارك الآخرين.. لم تكن( ريم) الضاحكة دوما تبالي كثيرا بما اختلسته – سرا- من هوس أمها الخرافي بالمرح ..كانت فقط تضحك ..الى (إلى) حد ان(أن) القابلة التي أشرفت على ولادة زوجتي كانت محتارة من هذه الفقاقيع الملونة من الضحك الصادرة من جوف الطفلة النائمة ...ضحكات من شفق الغيب ..فأمها للتو قد ولدت ..(إيمان)هي الأخرى كانت ممسكة بيدها الصغيرة بألوانها وفرشاتها ...ترسم في وجنتي أمها شوارعا(شوارعَ :ممنوع من الصرف) للفرح ومدائنا (مدائن : ممنوع من الصرف)تسكر وتفيق على هلوسات عشقي المجنون ..كانت القابلة تسكن قشعريرة خوفها الكلي السيطرة من هذا الحشد الكثيف لمخايل جمال الطفولة وطفولة الجمال التي تتمشى خالية الروح من إسار الطين في جسد الطفلة المدهشة ..هالتها كل تلك الصور الأثيرية لأطياف أطفالي الرائعين وهم يشهدون ولادة أمهم ..لم تدر ماذا تصنع ..أتكلم من كان في المهد طفلا؟ أم لعل عقلها خالطه جنون ما ..وما هذي الصور والأصوات التي تسمعها جيدا وتراها إلا محض هواجس وتخيلات وأوهام ؟ ذهبت القابلة الى(إلى) أمي تحادثها ..وقبل أن تشرع في فك طلاسم ما يبدو عليها من حيرة عميقة..فاجأتها أمي ضاحكة:
                هل رأيت كم هم رائعون أطفال هذه المولودة الخرافية السحر ..أحفادي مدهشين(مدهشون: خبر مرفوع) أليس كذلك ؟
                عرفت القابلة حينها ان(أنَّ) في الأمر سرا يتجاوز أفق إدراكها المحدود ، وان(أن) لهذه الطفلة شأنا فيما سيلي من الوقت ...وأقسمت ثلاثا ان(أن) لو شهدت ولادتهم لتخدمنهم مدى ما بقي في عروقها من دماء وفي قلبها من نبض واجف.
                كانت المولودة حينها تحرك يديها الصغيرتين، عبر الثقوب اللا مرئية في (كريستال) الزمان الشفاف كأحزان عذراء في ليلة زفافها لشخص بغيض ،كي تلاعب أطفالها الآتون(الآتين: نعت للمفعول به المنصوب) على صهوات غمام عشقي المجنون ،مرة ، وكي تزجرهم مرات ، عن هذا الاندفاع المحموم للعبث الطفولي ..( محمود ) كان يتصنع – بعبثية وشقاوة – الهدوء طوال الوقت، بينما ينشغل سرا بمحاولة إضحاك أمه عبر غمزها بأصابعه الصغيرة على جنبيها ..لم تكف أمه عن الضحك ..الذي أدهش كل من كان بالغرفة لكونه يخالف مألوفهم ( فالأطفال ..عادة ..ما يأتون للحياة وهم يصرخون ..ويخرجون منها وهم يصرخ عليهم ) ولكن أن يضحك من ولدوا للتو ..فهذا لم يحدث إلا معها هي ..ألم أقل لكم كم هي مدهشة؟!
                ================

                تم التدقيق اللغوي داخل النص ومن عجب أن كثيرا مما تم تصويبه من وضع همزات القطع أو حذفها ووضع ألفات الوصل يوجد مثيلها في النص مكتوبا صحيحا حسب القواعد الإملائية ، كما أن عددا من الأخطاء النحوية أيضا يوجد مثيلها المكتوب في القصة بصورة صحيحة نحويا وعلى سبيل المثال لا الحصر عملية ضبط الممنوع من الصرف ولا أدري هل ذلك راجع إلى شك الكاتب في التفريق بين الخطأ والصواب ، أم إلى ادعاء النسيان ، أم إلى عدم الاهتمام ؟!!
                الرؤية النقدية للقصة
                القصة من نوع فن القص السردي القصير
                تشابكت فيها ألوان الصور البيانية والبديعية الزاخرة بالوصف التحليلي للأحداث بصورة قربتها من أخيلة الشعراء في قصائدهم الشعرية
                كان فيها البطل الأساس هي ( مولد الطفلة المعجزة: آمنة) بما بالغت فيه القصة في سرد أوصافها العجيبة التي كانت محل جذب الانتباه
                احتشد الكون للاحتفاء ببهاء طلعتها وروعتها التي فتنت الوجود
                وجاءت الشخوص الثانوية بعد ذلك من الأب الراوي والعارف سيف الدين، وأسرة القاص الوالد من جَدِّه إلى أولاده الآخرين محمود وإيمان وريم والمولودة ( آمنة ) وأمهم
                تصاعدت أحداث القصة بتسلسل وحبكة فائقة
                مكان تلك الولادة الخيالية ( الأبيض ـ أم درمان بالسودان ) من ارتباط هناك بأصول شامية في الجد المتداخل بحوار مع الوالد
                يبدو تأثير القيم والعادات الإسلامية والآيات القرآنية والأديان والتراث الأدبي العربي والفرعوني في اختيار بعض أساليب القاص ، كما تأتي بعض الأساليب الأخرى دالة على ثقافته الواسعة نحو : خمريات أبي نواس ، أسواق أبي جهل، كقافية جاهلية .. المدبب الحواف ،خاتم سليمان،أتكلم من كان في المهد طفلا؟،أخشى عليها من كيد ( إخوة يوسف)،أتى الجن بعرش بلقيس ، أتلو عليها الأذان،وأعذتها وذريتها من الشيطان الرجيم،لايعلمها إلا العارفون الذين لا يبوحون بهذا السر، ترتيل خفي من مزمورسعيد، منحوتات عبدة آمون
                وردت كلمات غير عربية في القصة نحو : عشقنامه وكريستال ،وسيمفونية ،وكرنفال ، ولم يضعها القاص بين قوسين
                تخللت القصة بعض الحكم نحو :(الأطفال ..عادة ..ما يأتون للحياة وهم يصرخون ..ويخرجون منها وهم يصرخ عليهم ) والأقوال المأثورة (خيام الفرح قد نصبت من مرمر أحزان الفقراء)(إذا صفا القلب رأى ما لايرى) مما منح القصة زخما ثقافيا جميلا
                تحمل القصة أيضا فكرة ميلاد الفن الجميلِ الذي يحياه صاحبه حُلْما طويلا يعيش في أحشائه كجنين ينتظر الولادة ، وهو ما عبرت عنه القصة بِحَبَلِ الرجال في طموحات خيالاتهم بإتقان فنهم القصصي حين قال : من قال بأن الرجل لا يحبل؟ ألم أحملها في أحشائي حلما ؟!
                يغيب عن الكاتب بعض المعرفة بعلم النحو العربي ورغم براعته في اختيار الصور البلاغية مثل :(من حسرات هزائم العشاق وآمالهم ، وجدلت ضفائر مياه الينابيع من دموع الملتاعين ،كان القمر يلعب مع السحاب ( الاستغماية )، والمحسنات البديعية نحو: ( الحرز الحريز ، سيادة الجنون العاشق والعشق المجنون)
                إلا أن القصة تحتاج إلى مرجعة لغوية وإملائية قبل تقديمها للقراء لتكون أكثر بهاء ودقة ، وقد لحظنا ذلك من خلال القراءة الأولية للقصة
                ولي اعتراض على تلك العبارة في القصة :
                ( كانت صغار الملائكة التي تتخفى في كنف الأغصان تغني في حبور ، فر أحدهم بشقاوة ومكر طفولي )
                فالقدح أو وصف الملائكة حتى الصغار منهم بالمكر والشقاوة لايتفق مع القيم الدينية لخلق الله الكرام الذين وصفهم المولى جل وعلا بقوله: ( ياأيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ. [التحريم:6]

                تعليق

                • دينا نبيل
                  أديبة وناقدة
                  • 03-07-2011
                  • 732

                  #23
                  الناقد الفاضل

                  أ / محمد فهمي يوسف ..

                  كل التحية والاجلال لشخص حضرتك المحترم .. وكل التقدير لمجهوداتك الرائعة معنا

                  ولك مني ومن نادي الأصالة جزيل الشكر على حسن تفاعلك وانهائك قراءاتك النقدية حول نصوص الأخوة التي كلفت بها .. قبل الموعد المحدد

                  كان شرفا كبيرا لي التعامل مع ناقد كبير مثل حضرتك .. وإنسان متواضع محترم مثلك

                  تقبل فائق التحايا

                  نادي الأصالة للإبداع الأدبي

                  تعليق

                  • دينا نبيل
                    أديبة وناقدة
                    • 03-07-2011
                    • 732

                    #24
                    الرؤية الروائية والجانب النفسي

                    في

                    من حكايات الليلة الثانية بعد الألف


                    الظهور الأخير لأبي نؤاس البغدادي


                    للكاتب / مهند التكريتي



                    تتميز هذه القصة عند النظر إلى الطابع المسيطر عليها بالانتماء المكاني القوي الظاهر في كل مقطع بها .. إنه يمكن القول ببساطة أنها قصة ذات سمة عراقية بكل ما تحمله الكلمة من معان، فيلاحظ المتلقي ان أحداث هذه القصة تدور في العاصمة العراقية العريقة – بغداد ، وما أن يبدأ المتلقي بالقراءة وسط الجو الغريب الذي يزج به زجا لمواصلة القراءة محاولا التعرف على ما الذي يجري في بداية القصة حتى يفاجأ ببعض الأسماء العراقية الشهيرة في التاريخ العباسي ،مثل : أبي نؤاس الشاعر البغداداي العباسي ، وأبي جعفر المنصور الخليفة العباسي المؤسس لمدينة بغداد ، ويفاجأ بهذا الحوار الغريب بين الشخصيتين رغم عدم إلتقائهما في الواقع.

                    وغير هذه الأحداث وهذه الأسماء ، يجد المتلقي بعض الأسماء من الأساطير العراقية القديمة :

                    " (( إذا كنت قد وجدت تمثال رأسي مهشما ً ، فأبحث عن الفأس التي غرسها كلكامش في عنق خمبابا وحش غابة الأرز ، قبل أن يُفتَح َ باب ٌ من أبواب الجحيم ويُنزل على هذه الأرض وحشا ً أعتى منه ، أو من ثور عشتار المجنح ، أو من كلب مردوخ الأعور ذي الرؤوس الثلاثة ، حارس بوابات الجحيم .. لا تتوجل " .. ف ( كلكامش – خمبابا – غابة الأرز – عشتار – الثور المجنح – كلب مردوخ ) كلها أسماء مرتبطة بالأساطير القديمة مما قد يشي لدى المتلقي بوجود جو من المستحيلات كالذي تدور حوله القصة .. العودة والتنقل في الزمن وكلام التماثيل وفكرة الشجرة الخبيثة وبذورها


                    وبالنظر إلى هاتين الحقبتين المتباعدتين ( الأساطير - التاريخ العباسي ) يدرك المتلقي بسهولة أن ثمة رجوع إلى الأصل والمجد العريق سيتم تناوله في الطريق ولكن تبدأ هذه الفكرة تتكسر وتتناثر على جنبات الرصيف جنبا إلى جنب مع تمثال أبي جعفر المنصور المهشم في فبراير 2003 - عام الغزو الأمريكي للعراق

                    وبالتالي يلاحظ أن الكاتب قد استطاع في هذه القصة ربط أزمنة وأحقاب مختلفة ( ماض أسطوري سحيق – ماض تاريخي عباسي – حاضر أليم يتنبأ به قديما ) في سياق سردي واحد يتماوج بين الاسترجاع والاستباق تبعا لإسلوب الرواية المستخدم ولا شك أن تقنيات الحلم والمونولوج الداخلي وما له من انعكاسات نفسية للشخصية الرئيسة بالقصة – أبي نؤاس كان من عوامل تميز هذا الجانب من القصة على غيره من الجوانب وعكسها للفكرة المهيمنة في هذه السردية .. وهذا ما سيتم تناوله في هذا المقال .




                    الرؤية الروائية ( وجهة النظر – أسلوب السرد ) :

                    " صمت ثقيل جاثم على جنبات الرصيف ، والطريق الأسفلتي المتهدل وسط بقايا تمثال تهشمت ملامحه ، جسده يتفصد عرقا ً .. سأجف حتما ً قبل وصولي.. اعتصر واجهة عمامته ليمسح عرقا ً ضايق رؤيته وعاد ليتطلع إلى الملامح المبعثرة عند نهاية الرصيف المهروس"


                    يلاحظ المتلقي هنا امتزاج كلام الراوي بكلام الشخصية الرئيسة بالقصة في عبارة واحدة ، ويسمى هذا بالأسلوب الحر الغير مباشر فيبدأ النص بالراوي يصف المشهد المكاني ثم تتغير نغمة الكلام فجأة لتدخل الشخصية الرئيسة في المشهد ثم العودة مجددا للراوي ليصف حال هذه الشخصية . ومما هو جدير بالذكر أن الشخصية الرئيسة – أبا نؤاس البغدادي لم يتعرض الكاتب لاسمه بالذكر منذ البداية .. فيظل المتلقي يفكر في ماهية تلك الشخصية التي ألفت منادمة الرشيد واشتهرت بالخلاعة والمجون في الشعر إلى ان يتعرف عليها صراحة بعد ما يقرب من نصف القصة .

                    ثم ما يلبث أن يعود أسلوب الرواية إلى " الراوي العليم " الذي يتعامل مع الشخصيات كما لو كانت شديدة الشفافية ، ينطلق حرا بلا قيود فيشق صدور الشخصيات ويغوص بداخلها ويطلق الأحكام

                    ".. ذكريات بريئة تتواثب لتنقض على ما بقي في جسده المتعب.. كان يبكي عندما كانت تحكي له قصة لسعتها من قبل عقرب غادر .. لكنه كبر ولا يدري كيف انتقل سم الخوف من مرحلة الطفولة حتى مرحلة النضج."

                    فهو يعرّف بالشخصية الرئيسة بالقصة فيذكر إحدى الخبرات الشعورية التي اكتسبها أبو نؤاس في حياته ( قصة لدغة العقرب ) وكيف تحولت إلى لاشعورية بسبب عوامل الكبت والنسيان فتتجمع في اللاشعور الشخصي مكونةالعقد ، فها هو ينتفض لمجرد إحساسه بحركة حسيسة تشبه حركة العقرب في خفتها والموت في خفائها ..

                    ثم ينتقل الكاتب إلى الاسلوب الغير مباشر عن طريق نقل الراوي الكلام المقول بعبارة سردية ليس بها علامة ترقيم ( : ) قبل قليل كان برفقة وزير الديوان ، وأخبرهأن نديمه الرشيد سعيد بصحبته ، وأنه سيسر إليهبشيء لن ينساه طيلة حياته المقبلة .."

                    ويبدأ السرد في شكل تيار من الوعي بالعودة إلى أحداث قديمة فيما يعرف بالاسترجاع على لسان الراوي والذي يشبه الفلاش باك ( Flash back ) بالسينما فيبدأ يرجع بالزمن لأحداث من الماضي فيتذكر أبو نؤاس مشاهد من طفولته في الكُتّاب وتعنيف شيخه له على إضاعة الحبر وتذكره أيضا لوالده وهو يعمل في الحقل بالفأس

                    يتلازم ذلك مع عودة تفكير أبي نؤاس إلى الحاضر ليلاحظ التمثال المهشم على جنبات الرصيف ويبدأ في المونولوج وهو حديث الشخصية لنفسها:
                    .. يالحظك العاثر يا أبا علي، لم تفترش يوما ً وسادة الفرح إلا وداهتمها دموع الكوابيس ، فما شأنك و تلك العربة المذهبة وبما تصطبغ به من ألوان قاحلة ..."

                    هذا التذبذب في الإحساس بالزمن يعكس مدى لعب الذاكرة الإنسانية في تهميش بعض الأحداث وتضخيم البعض الآخر .. وهو يعكس الحالة النفسية لأبي نواس الذي خرج فجأة من داره ووجد كل شيء حوله قد تغير تماما

                    تستطيع هذه الأداة الكشف عن أغوار الشخصية خاصة وإن كانت منعزلة أو كشخصية أبي نؤاس قد عرف عنها الخلاعة والمجون لكن كانت تبطن في طياتها شخصية زاهدة تنعى ذنوبها"

                    أكنت تظن وأنت تتفاجأ برؤية اسمك محفورا ً على حافة التمثال المقصوف ، أنك ستكون شخصاً مرموقا ً في المستقبل

                    وبعدها تكون العودة النهائية للراوي العليم ... وتكمن أهمية عملية سبر الأغوار هذه في التمهيد لمعرفة ردود فعل تلك الشخصية أمام الحدث الرئيس بالقصة - التقاط الفأس لتحطيم الشجرة الخبيثة التي سيبذرها المغول الجدد

                    فمنذ البداية .. تتردد كلمة ( الفأس – اجلب الفأس ) متقطعة حتى سمعها مكتملة تهزه كيانه وتصم أذنيه عندها توقف عن الاسترجاع والمونولوج وانتبه إلى تمثال أبي جعفر المنصور الذي يكلمه ويلومه على استهتاره ويطالبه بجلب الفأس لقطع الشجرة ذات البذور " ... بذور الشعوبية التي وصمت بها بعد موتك ، وبذور الاباحية والزندقة .. لقد جاء العابرون من وراء الشفق ليعيدوا احياءها ويغذونها بكل ما اعتمل في جوارحهم ، من كراهية وحقد ، حتى يَسِموا أولاد هذه الأرض بأختام النخاسة على جباههم بحجة أنها (( حرية لديمقراطية موعودة ))"

                    ويبدأ ظهور ذلك الجانب من التخبط في شخصية أبي نؤاس فلا يدري أين هو الفأس ولا يفهم كلام الناس حوله ولا أدواتهم ولا مركباتهم ( الدبابات ) فيكون أشبه بالتائه ، لكن ينشغل عقله بأمر جاريته الحبلى وتبدأ الأحداث تبدو شبه مبتورة

                    لتجيء رواية تكملة النص - في النصف الثاني -على لسان شهرزاد والتي تدعم العنوان " من حكايات الليلة الثانية بعد الألف " إنها قصة لم ترو من قبل فالمعروف عن الكتاب أنه " ألف ليلة وليلة " لكن هذه قصة لم ترو من قبل

                    وبقراءة هذا الجزء تتكشف خبايا النص ، فيظهر ان الجزء الأول من النص ما هو إلا ...
                    "- { بلغني أيها الملك السعيد ذو الرأي الرشيد } أن أبا نؤاس الشاعر رأى في منامه أنه واقف بجانب عربة مكتوب عليها لافتة (( كليري )) القدر، وأطلع على لوحة في الغيب لبغداد ..درة المنصور وجوهرة الرشيد مكتوب عليها غورنيكا بغدادية ولاحظ مافيها من تفاصيل مؤلمة وألوان غامقة فقام مفزوعا ً وشرع يلبس ثيابه ... "

                    فما قد رآه أبو نواس في الجزء الأول من النص هو كابوس أطلع فيه على مستقبل مؤلم لبغداد تصوره لوحة بيكاسو ( جورنيكا ) Guernica التي تصور أهوال الحروب وآلامها

                    لقد كان النصف الأول من النص استباقا ( احداث مستقبلية ) في صورة كابوس لأحداث ستحدث بالمستقبل رآها أبو نواس ولا شك أن الحلم وسيلة من وسائل تشويق المتلقي يحثه على التفكير برمزيته ووسيلة للتحرر من الزمن الواقعي

                    ثم انطلق ليخبر صاحبه الرشيد بما رأى ... "فأنبرى ليبحث عن قصر سيده في وسط الدخان والسنة اللهب المتصاعد من كل مكان ، وها هو يصول ويجول بحثا ً وتمحيصا ً حتى وصل الى شارع أبي نؤاس ووجد تمثالا ً مقصوفا ً ..."

                    فكل شيء حوله قد تغير تماما في الواقع .. وهذا لم يعد حلما ، فما يلبث إلا أن يصطدم برأس تمثال كبير مكتوب عليه :
                    "إذا كنت قد وجدت تمثال رأسي مهشما ً ، فأبحث عن الفأس التي غرسها كلكامش في عنق خمبابا وحش غابة الأرز ، قبل أن يُفتَح َ باب ٌ من أبواب الجحيم ويُنزل على هذه الأرض وحشا ً أعتى منه ، أو من ثور عشتار المجنح ، أو من كلب مردوخ الأعور ذي الرؤوس الثلاثة ، حارس بوابات الجحيم .. "


                    وهذه الجملة المحورية وردت في النص مرتين إلا أن كل مرة كان لها وقع مختلف على أبي نؤاس وتبين اختلاف الزمن الماضية فيه الأحداث ..
                    ففي المرة الأولى " اندهش قليلا ً من عمق ما تفصح به هذه الكلماتالغريبة ، حتى اهتزت يده وأسقطت ما تحمله على بقايا فم التمثال القاحلة ... فتح فمه قليلا ً ليتقيأ جزءاً من بخار الكلمات الصادحة بلعاب ما صادفه من متناقضات" لقد كان هذا في الحلم لما رآه أول مرة

                    أما في المرة الثانية " حتى عثر على كتابة تعرف عليها حالما رآها " هنا هذا هو الواقع لأنها صارت له مألوفة بعد الحلم .. وكانت كلمات التمثال "واذا بفم التمثال ينطق ويقول ، أسرع يا أبا نؤاس قبل أن يهشموا مدينتي وعاصمة ملكي مثلما هشموا تمثالي .. أما زلت هنا .. أسرع قبل فوات الأوان"

                    وكان في حلمه أنه قلق على جاريته الحبلى .. فكان في الواقع :
                    " انطلق أبو نؤاس غير مبال ٍ بالجمع الزاحف نحوه ، وهرع يضرب هنا وهناك على اللحاءات المكسوة بلعاب بارودي أسود ، والجمع يتقدم نحوه ... وبينما هم في غفلتهم ، اهتزت الشجرة ولمع برق نازف من مجاهيل الغيب ... فأرتبك الجمع وانفض ُ وأبو نؤأس يضرب هنا وهناك حتى سقط عليه الجذع المنتصب ..."


                    وفي الختام ..

                    لقد تميزت هذه القصة من حيث الفكرة وطريقة السرد الحديثة حيث يتداخل الزمن بلا فواصل ، إلا أنه عابها عدمالإحكام للطريقة السردية وتقسيم النص إلى نصفين مما قد يؤدي إلى اضطراب القارئ وعدم القدرة على المتابعة الجيدة للأحداث ، فبالرغم من ابتكار أسلوب السرد إسلوبإلا أنه كان يحتاج إلى أن يكون أكثر إحكاما وأن يعمل عليه الكاتب بشكل أفضل وأكثر تنظيما لا من حيت الترتيب الزمني وإنما ترتيب ييسر للقارئ متابعة القصة وتفسير الأحداث دون أن يسربلها الغموض..

                    كذلك كان يمكن للقصة أن تكون أكثر إبداعا لو كثفها الكاتب وابتعد عن التكرار لبعض الجمل والمقاطع لأن هذا ليس من سمات القصة القصيرة

                    كما كان النص بحاجة لبعض المراجعة قبل النشر لوجود بعض الأخطاء الإملائية والإعرابية فيه



                    كل الشكر والتقدير لك


                    أ / مهند التكريتي

                    دام قلمك مبدعا متألقا
                    التعديل الأخير تم بواسطة دينا نبيل; الساعة 02-11-2011, 02:57.

                    تعليق

                    • دينا نبيل
                      أديبة وناقدة
                      • 03-07-2011
                      • 732

                      #25
                      قراءتي على
                      القصر الشمعي
                      للكاتب / بلقاسم إدير
                      " ذاب في فرن مفاتنها ، بينما انصهرت هي في سيل حمم وعوده الحالمة ، تحت ضوء قمر لم يكتمل بدره شيدا قصرا من شمعهما المذاب وأحاطاه حدائق من أترج وفستق ، تحت آشعة الظهيرة بحثا عن أجزائهما تحت ركام القصر المنصهر فلم يجدا غير شظايا كلمات وابتسامات أولى اعتلاهما الصدأ"

                      يمكن تقسيم هذا النص إلى ثلاثة أجزاء رئيسة يمثل كل جزء منها نقطة تطور في تقفي الأحداث بهذه القصة القصيرة جدا

                      1- ذاب في فرن مفاتنها ، بينما انصهرت هي في سيل حمم وعوده الحالمة
                      2- تحت ضوء قمر لم يكتمل بدره شيدا قصرا من شمعهما المذاب وأحاطاه حدائق من أترج وفستق
                      3- تحت آشعة الظهيرة بحثا عن أجزائهما تحت ركام القصر المنصهر فلم يجدا غير شظايا كلمات وابتسامات أولى اعتلاهما الصدأ

                      المقطع الأول :

                      " ذاب في فرن مفاتنها ، بينما انصهرت هي في سيل حمم وعوده الحالمة "

                      ( ذاب ) --- ( انصهرت )

                      هناك فاعلان في هذا المقطع : ( ذاب ) هو – ( انصهرت ) هي
                      أولا هناك فرق بين ( الذوبان ) و ( الانصهار ) وكلاهما مرتبط بالفاعل الذي يعود عليه

                      ** ( الذوبان ) للجليد أو الثلج لما يتعرص للحرارة لكن إن تعرض للبرودة الشديدة مجددا فيمكن أن يعود بسهولة إلى حالة التجمد السابقة . فهذا الرجل الجليدي رغم مظهره الصلب الخارجي إلا أنه شفيف ذو خواء لا يحمل شيئا في داخله يظهر ظاهره من باطنه لذلك لما تعرض للحرارة ذاب وسال وصار كالماء شفيفا ايضا بلا طعم ولا لون ولا رائحة ، والماء لا يُتحكَم فيه وإنما يراق ويأخذ هو مجاريه!

                      ** ( الانصهار ) للمعادن خاصة النفيسة كالذهب مثلا ولكي يتم الانصهار يجب تعريض المعدن لدرجة حرارة عالية جدا تفوق الدرجة التي يذوب عندها الجليد .. ولما ينصهر المعدن يصير كالعجينة طيعة لينة يسهل التحكم بها والسيطرة عليها

                      لذا فيلاحظ كيف أنّ الكاتب هنا استخدم الفعلين ليناسب كل منهما صاحبه فالرجل يذوب لكنه كالماء يأخذ هو مجاريه ويتشعب فيها والرجل الذي يكون بهذا الحال لابد أن يكون ذا خواء .. أما الانصهار فيناسب المرأة فهو نفيسة كالذهب ولما تنصهر تظل مكانها كالعجينة يشكلها الرجل فيذهب بها ويروح وهي معه .. وهذه في رأيي صورة جديدة موفقة

                      **( فرن مفاتنها ) ---- ( سيل حمم وعوده الحالمة )

                      ( فرن المفاتن )هو ما حدث فيه الذوبان ، و( سيل حمم وعوده الحالمة ) هو مكان الانصهار .. ويتضح هنا كيف أن الوعود الحالمة تكون أشد حرارة وتأثيرا من المفاتن ..

                      وقد كان الكاتب هنا موفقا جدا في اختيار الصورتين فالمفاتن كما هي لا تتغير ولا تتحرك أما الوعود الحالمة فهي كالسيل ما إن تبدأ واحدة إلا ويعقبها بسيل من الأحلام والوعود الحالمة فتجرف من يتعلق بها ورائها فتصير كالسيل

                      ويلاحظ المتلقي هنا كيف تنسجم كل صورة مع صاحبها بالتبادل
                      فهو --- كالجليد المذاب ( تحول إلى ماء ) --- وعوده الحالمة كالسيل
                      فهي --- كالمعدن – مفاتنها كالفرن
                      فالصورتين في غاية الإحكام والدقة وتعكس طبيعة كل من الرجل والمرأة كما أسلفت

                      المقطع الثاني :

                      " تحت ضوء قمر لم يكتمل بدره شيدا قصرا من شمعهما المذاب وأحاطاه حدائق من أترج وفستق "

                      هذا وقت ليلي حالك ليس فيه ضوء يجعلهما يبصران حقيقة ما يفعلانه ..
                      ضوء قمر لم يكتمل بدره --- هذه حالة من النقص وعدم الاكتمال بها درجة عالية من الخفوت والسكون .. وهو سكون الطبيعة حولهما

                      شيدا قصرا --- حالة من العمل والحركة وبها كمال البنيان .. ويمثل هنا حركتهما
                      فتتقابل الصورتان معا صورة هدوء الطبيعة في مقابل حركة الرجل والمرأة معا لبيان كيف أن هذه الحركة مخالفة لسنة الطبيعة وأن ثمة أشياء خاطئة تقترف فلا بد أن يكون هذا البنيان به خلل لأنه شيد بليل وشيده شخصان فقط

                      من شمعهما المذاب :هنا هذا التحول الكبير .. لقد استخدم الرجل المذاب والمرأة المنصهرة ما يملكانه ( هو بوعوده الحالمة وهي بمفاتنها ) التي صارت تشبه الشمع أو قد يعود الشمع المذاب هنا على الرجل والمرأة نفسهما ... ذاك الشمع المذاب مادة بيضاء فقط تلمع لكن بلا حس ولا روح ولا حركة .. وهذا لم يتم ذكره منذ بداية النص ليبدأ عمل المتلقي متلازما في التفكير في طبيعة هذا القصر الشمعي مع بناء الرجل والمرأة معا

                      وهذا هو القصر الشمعي الذي يتناوله العنوان وللمتلقي أن يتخيل كيف يكون هذا القصر المصنوع من الشمع .. إنه سريع البنيان سهل التشكل أبيض لامع لكنه بلا أساس قوي يتكسر سريعا إن جفّ وإن تعرض للحرارة فإنه يذوب و هذا القصر الشمعي منظر خارجي لبناء غير حقيقي لذا فاجتهد هو وهي في تجميل هذا البناء وإعطائه مسحة من الحياة والجمال لذلك ...

                      " وأحاطاه حدائق من أترج وفستق " فالأترج ثمار طيبة الرائحة حلوة المذاق ، والفستق أخضر اللون طيب الرائحة ، فظنا أنهما لما يحيطا هذا القصر الشمعي بالأترج والفستق أنه قد عادت إليه الحياة وهم في الحقيقة يحاولان تغيير الحقيقة ويسبلان عليها منظرا غير منظرها .. ولكن قد يتحقق التغيير أو التزييف لكنه مؤقت وذلك بسبب ....

                      المقطع الثالث :

                      " تحت آشعة الظهيرة بحثا عن أجزائهما تحت ركام القصر المنصهر فلم يجدا غير شظايا كلمات وابتسامات أولى اعتلاهما الصدأ "

                      وهذا المقطع هو الأخير وفيه يظهر مصير ذلك البناء الشمعي لمّا تشرق الشمس .. فكل شيء يفعل بليل لا تظهر حقيقته إلا لما يغمره ضوء النهار في اليوم التالي ليظهر حقيقته ومدي قوته في مواجهة الآشعة الدافئة المضيئة

                      فهاهي آشعة الظهيرة القوية تغمر المكان حيث القصر الشمعي
                      بحثا عن أجزائهما فقد كانا قد تحولا إلى أجسام شمعية بلا حياة قد تكسرت الآن لأنها متخشبة بلا نبض تحت ركام القصر وهذا القصر قد صار ركاما فتهدّم تماما ولم يقاوم ضوء وحرارة الشمس
                      فلم يجدا غير شظايا كلمات وابتسامات أولى اعتلاهما الصدأ فقط كلمات وابتسامات وهي ليست مكتملة أيضا وإنما شظايا وبقايا متناثرة هنا وهناك ..قد ضاعت المفاتن وضاعت الوعود الحالمة وبقيت بقايا الكلمات والابتسامات قد اعتلاهما الصدأ ذو الرائحة الكريهة والملمس الخشن والطعم الكريه إنها قديمة بلا روح فاقدة للحياة

                      لكن يؤخذ هنا على الكاتب تكرارا لبعض الكلمات في هذا المقطع والمقطع الذي يسبقه ( تحت ) فتكررت في نفس السياق ثلاث مرات .. ( فلم يجدا ) الفاء هنا غير مناسبة ولا تستقيم مع تطور المعاني فالأفضل أن تكون ( لم يجدا ) في رأيي

                      النص كما يتضح للوهلة الأولى يتكلم عن رجل وامرأة وعلاقتهما معا وكما يتبين من النص أنها ليست علاقة سليمة بل يطغي عليها الوعود والأحلام والمفاتن وهذه الأشياء هي التي تحكم العلاقة ..

                      ولكن نصوص كهذه يجد المتلقي أنها مفتوحة لأكثر من تأويل وهذا يحسب للكاتب طبعا ، فيمكن عمل إسقاط لهذه القصة القصيرة جدا على العديد من الأشياء
                      فمثلا : العلاقة بين الدول الكبرى والدول الضعيفة وكيف أن الأولى تأخذ تمني الثانية بالأماني والوعود الكاذبة وذلك بسبب ما في الدول الضعيفة من مغريات سواء ما تمتلكه من ثروات أو حتى مجرد الضعف فإنه من عوامل الإغراء أيضا .. فتنخدع الدول الضعيفة وتبدأ تشيد قصرا شمعيا ضعيفا بينما تقوم الدول الكبرى وتساعدها الدول الضعيفة بالتصديق وخداع شعوبها بتزيين ذلك القصر وإظهاره في أحسن صورة بإضفاء عناصر جمال واهية لا تلبث إلا أن تتكشف في ضوء الحقيقة التي تشبه ضوء الشمس في بساطتها وقوتها ، فما يلبث هذا البنيان إلا أن ينهار كلية .. وتبقى الدول الضعيفة ممزقة أشلاء بين الوعود الكاذبة والحقيقة المريرة .. وكذلك الدول القوية أيضا تظهر كيف أنها ممزقة الصورة صدئة الكلمات أمام العالم


                      شكرا لك أ / بلقاسم إدير
                      سعدت كثيرا بتأويل النص
                      دمت مبدعا

                      تعليق

                      • مهند التكريتي
                        أديب وكاتب
                        • 06-03-2010
                        • 115

                        #26
                        (( وفي الختام ..

                        لقد تميزت هذه القصة من حيث الفكرة وطريقة السرد الحديثة حيث يتداخل الزمن بلا فواصل ، إلا أنه عابها عدمالإحكام للطريقة السردية وتقسيم النص إلى نصفين مما قد يؤدي إلى اضطراب القارئ وعدم القدرة على المتابعة الجيدة للأحداث ، فبالرغم من ابتكار أسلوب السرد إسلوبإلا أنه كان يحتاج إلى أن يكون أكثر إحكاما وأن يعمل عليه الكاتب بشكل أفضل وأكثر تنظيما لا من حيت الترتيب الزمني وإنما ترتيب ييسر للقارئ متابعة القصة وتفسير الأحداث دون أن يسربلها الغموض..

                        كذلك كان يمكن للقصة أن تكون أكثر إبداعا لو كثفها الكاتب وابتعد عن التكرار لبعض الجمل والمقاطع لأن هذا ليس من سمات القصة القصيرة

                        كما كان النص بحاجة لبعض المراجعة قبل النشر لوجود بعض الأخطاء الإملائية والإعرابية فيه))
                        *****************************

                        أتفق معك بأن النص يحوي بعض الأخطاء الطباعية لأستعجالي بارسالها حتى قبل أ
                        ن أراجعها ، الا أنها تحتوي على توظيف متكامل لشخصية أبي نؤاس وبأسلوب مؤسطر وحديث ووفق النظرة الحداثوية التي طرحها الدكتور القاص فرج ياسين كمنهجا ً لعملية السرد الموظف للأساطير المبتكرة وغير المعهودة في الطرح ، اذ أنها تعتمد في بنائها على الحكاية الموضوعة كهامش للأفصاح عما يشي به النص القصصي الأول ، وكذلك من توظيف لقصة تهشيم رأس الخليفة العباسي والربط بينه وبين رأس جدهم الحسين أو رأس الرئيس الراحل صدام وعدّه رأسا ً للوطن -الذي اعتبره سيدنا عمر بن الخطاب جمجمة للعرب- ولكن بطريقة غير مباشرة وكذلك الاستفادة من قصة (جاك وحبة الفاصوليا )، وقصة الغول أو العملاق الوافد من أعلى الشجرة ليتقاطع ومفردات شخوص ملحمة كلكامش الشهيرة للدلالة على عراقيته - كما ذكرت أيتها الرقيقة-.
                        ان الأسلوب الذي كتب به النص بسيط جدا ً ليحاول الجمع وبين المتضادات المقرؤة في النص والتي لايجمعها الا مفردة الفأس - الموظفة كمفتاح للدخول الى عنق زجاجته - كما أن الغموض الذي تتحدثين عنه - ليس في هذا النص فقط وانما في أغلب كتاباتي - هو نتاج خبرات الذين سبقوني لتحقيق أمور تتعلق بتحولات رؤيوية ومنهجية ، تم اقحامها عمدا ً في مشغل النص الأدبي الحديث لتشكل صدمة ذوقية ومعرفية ،
                        وما تداخل الزمن الذي أشرت ِ اليه الا تكنيك بسيط موارب لتجربة القاص والروائي العراقي محمود جنداري الذي استطاع في مجموعته ( في مصاطب الآلهة ) من اختراق البناء الخيطي السردي ، وبعثرة العناصر التقليدية لبناء النص القصصي ، وكذلك تجربة استاذي القاص فرج ياسين ، الذي استطاع من تهشيم قوانين السرد المألوفة والتعويل على الاطارية والتداخل الحكائي مما يكسب نصوصه المكتوبة بلغة سلسة شيئ من الغموض ، الا أن الغموض يبقى ضروريا ً في اطار المعقول بوصفه سمة جمالية وليست وهما ً أو هما ً يخترعه كاتب نخبوي لقراء غير موجودين أصلا ً
                        على العموم أعجبتني قراءتك التي تقدمت ِ بها لهذا النص المتواضع ، مما يدل على نضج قرائي متميز وذائقة نقدية مميزة
                        تقبلي مودتي أيتها الرائعة
                        التعديل الأخير تم بواسطة مهند التكريتي; الساعة 11-11-2011, 09:48.

                        تعليق

                        • سلام الكردي
                          رئيس ملتقى نادي الأصالة
                          • 30-09-2010
                          • 1471

                          #27
                          المشاركة الأصلية بواسطة منتظر السوادي مشاهدة المشاركة
                          رحلة
                          [align=justify]

                          بهدوء ، تسمّره على أنامل قدميه النظرةُ إِليها ، تفتحُ الصرة ، أعطته كل ما فيها سوى ورقة سقطت من يدها ، أخذ المجوهرات لكنّه ظلَّ شريد العين إلى الورقة الغريبة ، التي سمع عنها مرة همساً من أُمه وقتها كان شبه مستيقظ ، ".... ينبغي أن لا يراها !! "
                          دخل إلى غرفته تُجرجرُه أَجيالٌ من الأفكار ، النوم تلاشى من لياليه ، والسكينة قطرةٌ وألقاها مجنون في صحراء معتمة ، أنفاسه تُهمهمُ ، ما فيها يا ترى !
                          يستلقي على بساط الاحتمالات ، وتقلبه الظَّنون ، قصد العراء مهاجراً ، يبغي حُلمه ؛ هبة الرحمن جوهرة الزمان ، علّها تؤنسه وتطردُ غُربانَ غربته ، التي ترعى فلوات نفسه .
                          نظر إلى رُوحه الغارقة في الماء المتماوج ، بفعل زورقٍ يخطُّ على وجهِهَا رسومات حزينة متحركة ، كَأَنَّ الدمع يغمرها ، يتمزق صمتُ الليل بهدير الأَملِ الناعسِ مع التجديفات المتناوبة ، بدت له صفحة مكتوب فيها : " أَيُّهَا الحزينُ لا تبكِ " ، أخذ حفنةً من الأمل وراحَ يَغسلُ عينيه ، ويسقي أفكاره من قطرات التفاؤل الندية التي تتساقطُ بصمتٍ هادئ ، راح يخلع بعض ثيابه المتيبسة التي تغطي نظرته ، نزل من قارب الحزن لِيُبحرَ إِلى عين الحياة ، تجلبب بزي التفاؤل عَلَّ الفرحَ يَهلُّ على ثغره وعلى صفحاتِ وجهه البريئة يوماً .
                          تأمل صفحة الماء لم يرَ سوى حورية الياسمين ذاتَ جمالٍ خَلابٍ تَتلألأ ، أبهى من البدر فراح يستبشر الخير في الأفق ، حاورها ، غطت وجهها , حياءً برجفات المياه المتراقصة التي تلاعب جدائلَها ، وتبللَ خصلات شعرِها بالحياة ، وَكَأَنَّهَا من خيال الأحلام ، عادت أحلامه غضة كزهرةٍ في أول إطلالة لها على ضفاف النور ، فبدت له بسمة الحياة أَخيراً .
                          قبل أن يبحر بجسده إليها ، قرر أن يودع العجوز عسى أن يرى ما في اللون الوردي من أخبار ، والأشواق تعانق أفكاره ، هل سأجدها !!
                          يردد الصدى : أَينَ ..... ؟
                          يصل إلى ( صريفة ) العجوز
                          - أيَّتُها الطيبة :-
                          - نعم من هذا ؟
                          - أنا من أعطيته الصرة ، عفوا ما في الصرة .
                          - يا " مراحب " بصوت متكسر ، ممتزج بحشرجة خفيفة
                          - " يا ولدي افتح له الباب، فهذا الفتى عزيز ، وأمانة لدينا " .
                          شاهد في يد الصغير شيئاً وردياً ، وهو يعكره ويضغطه ، ويجرب قوة أسنانه عَلَى أطرافه ... تَمَزقَ قلبَه .. صارَ إرباً ، أسرعَ نحوه ليوقفه ؛ " تــــــــــــــــــــــــــــوقف " ، فلت ضاحكاً إلى جدته وجلس بحضنها ، يصك أسنانه فتظهر تماويج على خديه وهو يدعك الورقة .
                          ببسمة هوائية نظر إلى العجوز ، قائلاً :
                          جئت أبلغك التحية ، موفياً كلمات أُمي ، فالسفر دقَّتْ نواقيسه ، لو أحببت أطلعتني على الورقة الوردية ، لأَذهبَ قرير العين .
                          تمتمت بهدوء كأَنَّ على شفتيها سلاسل جبلية : " اليوم أصابني غمٌّ وألمٌ ، اذهب رافقك حظ آبَائك الكرام " .
                          أخذت العجوز رجفة ، فأصابه قلق وغيض ، ... " لِمَ تؤجلُ ... !!! " .
                          ينظر بقلبه إلى يد الطفل ، وقدماه تتأرجحان في مكانهما ، العجوز وهي تسمع اختلاجاته ، " ستعود ... إن شاء الله وأخبرك بما تركوه لك من حروف "
                          لم يستطع التفوه ، لوح لها بيديه .... وعيناه تلوحان للورقة بــــمتى أراك ؟
                          خرجت رجلاه ونبضه باقٍ في الورقة لدى العجوز ، لم ينتبه إلى أعماله وتصرفاته .
                          استأجر دليلاً متضلعاً ومتبحراً في خفايا الدروب ، ملك آثار الفيافي ، يحفظ من الشعر لليالي السفر جمّاً غفيراً ، فاكهة للرحلة والمسير ، لِيوصله بلا مللٍ إلى قلادة الربيع ، المتشحة بأجملِ وأرقى فنون الإبداع ، ذات خمارٍ أبيض ، منسوج من غمام الصيف الرقراق ، سارا لياليَ ، لم يرَ أي حلم في لياليه ، رغم سوء الغذاء ، وكثرة جياد الأحلام على مسارح الخيال في ساعات الأمنيات ، يدندنُ بما يخبئ له القدر من عجائب .
                          - من هذانِ !؟
                          - أين متجهان !؟
                          بصوت أجش ، صدى الصوت يملأُ الآفاق ، ويزلزلُ الأعماق .
                          أَنهكهمها تكراره ، بين الفينة والأخرى ، والأسوار ممتدة على طول الصحراء ، تعانق السماء ، تقف شاخصة بوجه رشقات الرمل المستمرة ، وعليها غلاظٌ من الحراسِ .
                          همس إلى رفيقه : " ما هذه العقبات ؟ "
                          - حراسة لأميرة الخيال ، فلا يصل إليها إلا يعسوبْ .
                          هكذا نَفَدَ زادُ الصبر ، لم يبقَ سوى القليل في كأس الأمل ، كاد الدليل يتيه ، فبالرغم من كثرة أسفاره في بطون الصحراء ، والعيش في الفيافي الجوفاء ، أَلا أَنَّ هذه المرة مختلفة تماما ، فما يطلبانه بعيد المنال حتى عن عالم الخيال ، وصاحبه شريد ، مفتوح العينين ، تائه الأذنين ، يصغي بقلبه إلى صوتٍ مضت عليه أَزمانٌ ، لم يستسغ شعراً ، بل يجالس الحصى في العتمة ويحكي معها حكاية الصمت والتأمل و وفاء البدر للفلاح .
                          لولا أنه استنشق عطرها ، وسطع نور وجهها ، متلألئاً من فوق الأهرامات , كأنَّه الشمس تغازل الفجرَ بضيائها ، و يغوصُ في قشرة الليل منها سَهمٌ نورانيّ هادئ ، وتزف الندى إلى ثغر الزهرة المتفرعة بالعبادة لربِّ الأَرضِ و السماء ، لتاه في دروب البيداء ، ثم غمزته بطرفٍ ساحرٍ ، وخبّأت وجهها بالغمام ، لم يتحملها الدليل خرَّ مغشيا عليه .
                          اتخذ من لَحنِها دليلاً ، انعكست خيوط البهاء المشعة من ثغرها على وردة تستحمُ بأريجها فراشة ، بهية الألوان تعانق اللون الوردي ، قطفها ، وضمّها إليه ، خطرت له تلك الورقة ، التي بيد الطفل .
                          جاءه صوت رخيم يطرب الصخر لا العاشق المستهام ، فلم يستطع البقاء ، تراقصت فرائصه ، ارتعشت أقدامه ، أسرع إلى الأهرامات ليعتلي إلى كوكبة الحياة ، ليحصل على هبة الرحمن .
                          حار كيف يصل إلى قلادة في عنق الجمال ، والجمال ، فوق الشمس يرتقي ، يعلو تراثا ملأ القلوب سحره ، وأغدق الكون علمه .
                          دلف إلى الداخل ليجد كاهنا يرشده الوصول ، كاهن من بقايا عهد آمون ، ضخم ذو هيبة وقوة ، ما تريد ؟ بصوتٍ هزّ أحجار الأهرام .
                          - دمعت عيناه
                          - " ما لك تبكي ! "
                          - " .. .. .. " فعرف ما حكته عيناه
                          - ".... وهل عندك مهر يا ابن الفرات ؟ "
                          تكسرت عبرته في دمعته ، كادت تودعه روحه ، ثم أهوى يده إلى صدره ، وأومأَ إلى الكاهن بأَنَّ المهر مدفوع .
                          هزَّ الكاهنُ رأسه بقبول المهر ، ثم حرك حجرة كتب عليها بحروف سحرية ، الحب والتضحية توأمان ، لا بد يوماً أن يلتقيا ، ثم أمسكَ قنينة فيها شراب قانٍ ، أخذ يردد كلمات لا تفهم ، قال له : هاك ، أغسل وجهك و...
                          شرب ( مجعة ) فلم يرَ الكاهن ، خرج وإذا بحمامة ذهبية ، مطوقة بالمرجان ، وخلفها غمامة ، لونها بين الثلج والورد ، امتطاها ، وقاد زمامها نحو أميرته المستوطنة في عرائش أفكاره ، هي نبض أحلامه ، ورعشة فؤاده .
                          غازلها، بخجل ابتسمت ، أنشد لها مجنونيات قيس ، وشيئا من روميات أبي فراس .
                          لفَّت نفسها بالغمامة وقالت : كل هذا الجهد ، والمشقة من أجلي ، كم أنت بريء ، لا أنت طفل صغير ، ثم ضمته ، واختفيا في الغمام .
                          بعد مرور أيامٍ قصيرة كالثواني ، غُشيَ عليه ، نثرت على وجهه ، قطرات من الضياء ، استفاق ، عارياً كأنه يولد من جديد .
                          ألقته على شاطئ اليم , وحيداً لا شجرة ، ولا رفيق ...
                          عاد يجره البؤس ، واليأس ... وصل قريته ، بوجهه إلى العجوز .
                          يجدها تتناول أخر جرعة من الهواء ، رمقته ، هَمَّ بالسؤال .. قالت : اللون أنت فتى عطوف ، كالوردة ، لم يفهمك أحد ، تعيش غريباً .
                          - وما هذه السطور ؟
                          قرأت له رحلته إلى بلاد الكنانة ، وقبل أن تغص بالحبة الأخيرة ، ارتمى بين يديها جثة يابسة متكسرة كثيرة الأوجاع ، توقفت كلُّ أنفاسه ليسمعَ وصيتها الأَخيرة ، همست في أُذنه : " الحزن قلادتك ، والدمعة أنيستك في ظلمات الهجر ، صبراً أَيُّها المنتظر الأميرة لن تتركك ، واعلم أَنَّه لا بد للحبيبين يوما من عناق " .
                          منتظر السوادي 19/9/11
                          [/align]



                          أستاذي منتظر السوادي
                          المسألة وجدانية بامتياز,قد يظن ظانّ بأن في الأمر قصة ويبدأ بالاستعداد لقراءة الأحدات وتلقي التفاصيل المربكة بين راح وجاء واستل وارتفع ثم انخفض,وما إلى ذلك من عناصر القص التي اعتادت عليها العرب في حقبة ما من الزمان,لكن الأمر هنا مختلف إلى حد ما كبير
                          عبارات وجدانية وعاطفية تميز جميع أجزاء النص الذي قسمته إلى أقسام ثلاثة
                          بحيث يبدو الجزء الأول كخاطرة أدبية تتوسع في شرح المشاعر بطريقة مفرطة في استخدام العبارات والمفردات التي تأتي بذات المعنى في حال أو في اّخر,لكن شهية الكاتب لبلوغ أعمق نقطة في ذاكرته أو فلنقل قلبه ,والخروج بكل ما فيه من خفقان يجسده على السطر بشكل عبارات متلاحقة لا تترك صغيرة ولا كبيرة وتحصيها بابتسامة رعناء أو بدمعة شمطاء تستوقف الماء لترسم على وجهه الصور كما تشاء,أو أنها تصغي إلى صمت الليل وتغتاله باناقة غير مسبوقة كما بدا لي في بعض عباراتك في الجزء الأول من هذا النص.
                          إلا أن التكرار الملفت لضمير الغائب"الهاء" سواء بالتذكير أو التأنيث,كان يسيء إلى انسيابية اللغة والموسيقى النثرية بعض الشيء
                          البعض لا يؤمن بموسيقى النثر,لكني كناثر أعلم جيداً وأتذوق في النثر موسيقى لا يمكن للشعر بلوغها في حال أو في اّخر,لذلك أخي الكريم تجد الناثر حين يتذوق نصوصاً قد اختلت موسيقاها النثرية لسبب أو لاّخر,لا يمكنه إلا وأن يشير إليها بملاحظة لا تصح تسميتها إشارة إلى خطأ بقدر ما يمكن تسميتها شكوى يتقدم بها القارئ إلى كاتبه بكل لطف وهدوء واحترام للنص وكاتبه.
                          ثم إنك حين تنتقل من جزء إلى اّخر,ويبدأ النص بالحركة وسرد الأحداث,تأتي بمشاعرك تستفيض في تفصيل الحركة والسكون والتوسع مجدداً في الوصف الشاعري الذي يجعل القارئ يعتقد بأن الكاتب يرمي إلى كتابة الشعور اكثر من القص ,ويركز على التصوير الأدبي الفني بطريقة تجعل من الأحداث أمراً هامشيا لا يحتل صدارة النص ولا يحظى بكثير من اهتمام الأديب,مما يجعله"المتلقي" يحار بين أن يكون قارئ قصة بثوب خاطرة أو خاطرة بثوب قصة فيختلط عليه الأمر ويضطر إلى إعادة القراءة مرة أو مرتين إضافيتين لكنه لا يخرج إلا بذات النتيجة فلا يمكن تصنيف ما قرأ بطريقة أو بأخرى,غير أني شخصياً استطيع القول بأنها قصة وجدانية تشبه فيما تشبه حكايا الأطفال لكنها تكون أكثر جدية حين يتعلق الأمر بالصور الفنية وقوة التعبير.
                          وفي الجزء الثالث من النص يذهب الكاتب إلى خيال غير مسبوق,يدخل في إطار السحر والتعويل على مفاهيم سريالية وكأن سلفادور دالي يعود من جديد ليبدأ رحلته في كتابة الخيال والغوص في مفاهيم غير واقعية تؤدي إلى واقع مريب قد لا يتضح في حال أو في اّخر,حيث أن الحبيبة في النص كانت غير معروفة لا بالاسم ولا بالشكل ولا بالانتماء الاسري ولا القومي ولا الوطني.
                          كانت سراباً يمر في ذاكرة البطل,ولكن وجود العجوز والاشياء من مجوهرات وصرة وورقة تخبئهاوتمنعها عنه,يوحي إلى المتلقي بأن هناك أحداثاً واشخاصاً حقيقيون سيعرفهم لاحقاً.
                          بعض العبارات كانت غير منطقية في هذا النص كقول الكاتب:
                          ًارتمى بين يديها جثة يابسة متكسرة كثيرة الأوجاع
                          حين نعبر بـ"جثة" نريد القول بأن صاحبها قد مات,غير أنه بقي حياً وقد عاود السؤال
                          وقوله ايضاً:
                          طفل صغير ، ثم ضمته ، واختفيا في الغمام .
                          ان التعبير بالغمام في هذه العبارة اجده غير مبرر لأن هذه المفردة عادة ما تستخدم بالتعبير عن الحزن والضبابية لكن الأمر هنا يحتاج إلى الغيم لا الغمام.
                          استاذي الكريم منتظر السوادي.
                          شكراً جزيلاً لك.
                          [COLOR=#0000ff][SIZE=6][FONT=Andalus][COLOR=black]انا الدمشقي .. لو شرحتم جسدي... لسال منه ,عناقيد وتفاح[/COLOR]
                          [COLOR=darkorange]ولو فتحتم شراييني بمديتكم...سمعتم في دمي اصوات من راحوا[/COLOR][/FONT][/SIZE][/COLOR]
                          [FONT=Andalus][SIZE=6][COLOR=#0000ff][/COLOR][/SIZE][/FONT]
                          [FONT=Andalus][SIZE=6][COLOR=#0000ff][/COLOR][/SIZE][/FONT]
                          [FONT=Andalus][SIZE=6][COLOR=seagreen]مآذن الشام تبكي اذ تعانقني...[/COLOR][/SIZE][/FONT][FONT=Andalus][SIZE=6][COLOR=#0000ff][COLOR=seagreen]وللمآذن, كالاشجارارواح[/COLOR]
                          [COLOR=purple]للياسمين, حقوق في منازلنا...وقطة البيت تغفو .. حيث ترتاح[/COLOR][/COLOR][/SIZE][/FONT]
                          [COLOR=#0000ff][/COLOR]

                          تعليق

                          • سلام الكردي
                            رئيس ملتقى نادي الأصالة
                            • 30-09-2010
                            • 1471

                            #28
                            [align=justify]الأخوة الأدباء والأخوات الاديبات
                            اصحاب النصوص المشاركة في مسابقة ذهبيات أدبية"4"
                            ننوه إلى حضراتكم بما أنكم المعنيون بكل ما يجري هنا ,وأنتم الطرف الأهم بالنسبة لإدارة النادي والمسابقة
                            بأن بعض الأخوة اعضاء اللجنة قد تقاعسوا عن تقديم القراءات النقدية للنصوص الموكل إليهم قراءتها من قبل إدارة المسابقة,ذلك ليس من قبيل الملاحظة إلى حضراتهم بل هو من قبيل الشفافية وتوضيح جميع الارهاصات التي تواجه المسابقة,لكن نادي الاصالة تعهد بتقديم القراءات عليها جميعاً,إن إدارته سوف تقوم بسد الفراغ الناجم عن ذلك إن شاء الله ,كما أنها تتمنى أن يكون ما منع الاساتذة الذين لم يتفاعلوا مع المسابقة من أعضاء اللجنة,خيراً إن شاء الله
                            كل التقدير لأصحاب النصوص وإدارة المسابقة وأعضاء اللجنة والقراء الأكارم[/align]


                            نادي الأصالة للإبداع الأدبي.
                            [COLOR=#0000ff][SIZE=6][FONT=Andalus][COLOR=black]انا الدمشقي .. لو شرحتم جسدي... لسال منه ,عناقيد وتفاح[/COLOR]
                            [COLOR=darkorange]ولو فتحتم شراييني بمديتكم...سمعتم في دمي اصوات من راحوا[/COLOR][/FONT][/SIZE][/COLOR]
                            [FONT=Andalus][SIZE=6][COLOR=#0000ff][/COLOR][/SIZE][/FONT]
                            [FONT=Andalus][SIZE=6][COLOR=#0000ff][/COLOR][/SIZE][/FONT]
                            [FONT=Andalus][SIZE=6][COLOR=seagreen]مآذن الشام تبكي اذ تعانقني...[/COLOR][/SIZE][/FONT][FONT=Andalus][SIZE=6][COLOR=#0000ff][COLOR=seagreen]وللمآذن, كالاشجارارواح[/COLOR]
                            [COLOR=purple]للياسمين, حقوق في منازلنا...وقطة البيت تغفو .. حيث ترتاح[/COLOR][/COLOR][/SIZE][/FONT]
                            [COLOR=#0000ff][/COLOR]

                            تعليق

                            • محمد فهمي يوسف
                              مستشار أدبي
                              • 27-08-2008
                              • 8100

                              #29
                              رؤية وقراءة نافذة في :
                              نص : بحيرة البجع
                              للكاتبة : دينا نبيل
                              =========

                              اللغة :
                              يلوحون بقَنان العصير تسافر وراءهم أصداؤهم يضج بها الهواء ( همزة أصداؤهم هنا على كلمة وقعت فاعلا بعد تسافر)
                              فكيف يضج بها الهواء وتصنع هذا الضجيج المسموع ؟!

                              وعد بالتفكير في الموضوع بجدية هذه المرة ـ ليلة مقمرة لا تأتي في الشهر إلا مرة واحدة ـ في حليها اللماع هذا إلا مرة واحدة ـ
                              ( تكرار الألفاظ : مرة والمرة وواحدة في أقل من سطرين من القصة ،قد يعيب الصياغة الأسلوبية )
                              اللجيني الأفيح : قال الشاعر : إني ودَلْوَيَّ لها وصاحبِي= وحَوْضَها الأَفْيَحَ ذا النصائبِ
                              ( الثابت غير الكاذب )

                              لم( لِمَ ) شعاع القمر النقي بانسكاب صار يهرق في كل اتجاه (؟)
                              واقفا يرتقب خلف احدى الشجيرات ( إحدى ) همزة قطع
                              انتبه اليها فقد كان نسيه تماما ( إليها ) ,, ,, ــ اعتذر منك ( أعتذر ) همزة قطع
                              واخذت تهز رأسها ( أخذت ) ,, ,, ــ تبللان خديها الاسيلين ( الأسيلين ) همزة قطع
                              حجبه كائن نصفه انسان ونصفه طائر ( إنسان ) همزة قطع ـ وطرحه أرضا واخذ يلكمه ( أخذ ) همزة قطع
                              أخرج الامير خنجره ( الأمير ) ,, ,, ــ تكومن على انفسهن ( أنفسهن ) ,, ,,
                              مدت الثانية نحوها فاخضب حذائها ( حذاؤها ) فاعل مرفوع والهمزة على الواو والفعل ( اخضوضب أفضل من اخضب )
                              على اطراف أصابعي الصغيرة أقلدها في انحناءة ( أطراف ) همزة قطع
                              البيان الخيالي :
                              تتسلسل أحداث القصة القصيرة في ثوب بياني يعتمد على الصورة الكلية بعناصرها المتعددة من اللون والصوت والحركة
                              في استخدام الألفاظ الدالة على تلك اللوحة الفنية مثل :
                              الألوان في ؛ بحيرة ، ليلة مقمرة ، الحديقة في حليها اللماع ، اللجيني ،حذاؤها البللوري باللون الأحمر ............إلخ
                              والأصوات في ؛تضاحكوا ، صخب ، يضج ، أصداؤهم ، الدماء ..................إلخ
                              والحركة في ؛ تصافحوا ، تعانقوا، اتفرق ، تسافر ، تمسك ، تتموج ..............إلخ
                              إلى جانب عناصر الحس الأخرى كالشم واللمس والرؤية المتمثلة في سرد الأحداث بدقة تصل إلىى حد التكرارللتأكيد أحيانا
                              اشتملت القصة على الشخوص والعقدة وتصاعد الحدث للوصول إلى قمة الإثارة ثم البدء في رصد الحل لفكرة الكاتبة القديرة
                              بإمساك الهدف من رمزية القصة في الحصول على العروس المتخيلة التي تفر أمام الصائد بقوسه وبحثه الدءوب عن هدفه
                              ثم في النهاية تقابله العقبة الكبرى في الفوز بمراده بعد أن راح الخوف من تعقبه إياه حيث:
                              (انقض ذلك الكائن المريع وسط العرائس يفرقهن فيتلملمن على بعضهن في صفوف يماوجن بأذرعهن من شدة الخوف وترتعش سوقهن !)

                              بينما الأمير قد حمل عروسه ليبتعد عن ذلك الطائر الكبير) وللمحافظة على هدف البطل (أخرج الامير خنجره بسرعة وغرسه في صدر الطائر فانفجرت من قلبه الدماء لكنه كان قوي الجسم فجمع نفسه وضرب الأمير بالحجارة على رأسه فشجها وسقطا في البحيرة)
                              بعد أن أصابته مقاومة الساحر بضربات الحجارة التي شجت رأسه وسالت منه الدماء ، وعلى خشبة المسرح الخيالي تنتهي القصة بلقطة اعتراف بالجميل من بطلة القصة تلك البجعة الرائعة التي استهدفها البطل طوال أحداث القصة حين :( انثنى جيدها كما المقصوف يحمل رأسا مترنحة فتحاول نصبها بكفيها، حتى اقتربت من البحيرة الدامية ووقفت على رجل واحدة ومدت الثانية نحوها فاخضب حذائها البللوري باللون الأحمر .. أغمضت عينيها وأخفت وجهها في كفيها وقفزت في البحيرة ) وراء حبيبها .
                              ================

                              تعليق

                              • بلقاسم إدير
                                أديب وكاتب
                                • 29-04-2008
                                • 127

                                #30
                                المشاركة الأصلية بواسطة دينا نبيل مشاهدة المشاركة
                                قراءتي على

                                القصر الشمعي

                                للكاتب / بلقاسم إدير
                                " ذاب في فرن مفاتنها ، بينما انصهرت هي في سيل حمم وعوده الحالمة ، تحت ضوء قمر لم يكتمل بدره شيدا قصرا من شمعهما المذاب وأحاطاه حدائق من أترج وفستق ، تحت آشعة الظهيرة بحثا عن أجزائهما تحت ركام القصر المنصهر فلم يجدا غير شظايا كلمات وابتسامات أولى اعتلاهما الصدأ"

                                يمكن تقسيم هذا النص إلى ثلاثة أجزاء رئيسة يمثل كل جزء منها نقطة تطور في تقفي الأحداث بهذه القصة القصيرة جدا

                                1- ذاب في فرن مفاتنها ، بينما انصهرت هي في سيل حمم وعوده الحالمة
                                2- تحت ضوء قمر لم يكتمل بدره شيدا قصرا من شمعهما المذاب وأحاطاه حدائق من أترج وفستق
                                3- تحت آشعة الظهيرة بحثا عن أجزائهما تحت ركام القصر المنصهر فلم يجدا غير شظايا كلمات وابتسامات أولى اعتلاهما الصدأ

                                المقطع الأول :

                                " ذاب في فرن مفاتنها ، بينما انصهرت هي في سيل حمم وعوده الحالمة "

                                ( ذاب ) --- ( انصهرت )

                                هناك فاعلان في هذا المقطع : ( ذاب ) هو – ( انصهرت ) هي
                                أولا هناك فرق بين ( الذوبان ) و ( الانصهار ) وكلاهما مرتبط بالفاعل الذي يعود عليه

                                ** ( الذوبان ) للجليد أو الثلج لما يتعرص للحرارة لكن إن تعرض للبرودة الشديدة مجددا فيمكن أن يعود بسهولة إلى حالة التجمد السابقة . فهذا الرجل الجليدي رغم مظهره الصلب الخارجي إلا أنه شفيف ذو خواء لا يحمل شيئا في داخله يظهر ظاهره من باطنه لذلك لما تعرض للحرارة ذاب وسال وصار كالماء شفيفا ايضا بلا طعم ولا لون ولا رائحة ، والماء لا يُتحكَم فيه وإنما يراق ويأخذ هو مجاريه!

                                ** ( الانصهار ) للمعادن خاصة النفيسة كالذهب مثلا ولكي يتم الانصهار يجب تعريض المعدن لدرجة حرارة عالية جدا تفوق الدرجة التي يذوب عندها الجليد .. ولما ينصهر المعدن يصير كالعجينة طيعة لينة يسهل التحكم بها والسيطرة عليها

                                لذا فيلاحظ كيف أنّ الكاتب هنا استخدم الفعلين ليناسب كل منهما صاحبه فالرجل يذوب لكنه كالماء يأخذ هو مجاريه ويتشعب فيها والرجل الذي يكون بهذا الحال لابد أن يكون ذا خواء .. أما الانصهار فيناسب المرأة فهو نفيسة كالذهب ولما تنصهر تظل مكانها كالعجينة يشكلها الرجل فيذهب بها ويروح وهي معه .. وهذه في رأيي صورة جديدة موفقة

                                **( فرن مفاتنها ) ---- ( سيل حمم وعوده الحالمة )

                                ( فرن المفاتن )هو ما حدث فيه الذوبان ، و( سيل حمم وعوده الحالمة ) هو مكان الانصهار .. ويتضح هنا كيف أن الوعود الحالمة تكون أشد حرارة وتأثيرا من المفاتن ..

                                وقد كان الكاتب هنا موفقا جدا في اختيار الصورتين فالمفاتن كما هي لا تتغير ولا تتحرك أما الوعود الحالمة فهي كالسيل ما إن تبدأ واحدة إلا ويعقبها بسيل من الأحلام والوعود الحالمة فتجرف من يتعلق بها ورائها فتصير كالسيل

                                ويلاحظ المتلقي هنا كيف تنسجم كل صورة مع صاحبها بالتبادل
                                فهو --- كالجليد المذاب ( تحول إلى ماء ) --- وعوده الحالمة كالسيل
                                فهي --- كالمعدن – مفاتنها كالفرن
                                فالصورتين في غاية الإحكام والدقة وتعكس طبيعة كل من الرجل والمرأة كما أسلفت

                                المقطع الثاني :

                                " تحت ضوء قمر لم يكتمل بدره شيدا قصرا من شمعهما المذاب وأحاطاه حدائق من أترج وفستق "

                                هذا وقت ليلي حالك ليس فيه ضوء يجعلهما يبصران حقيقة ما يفعلانه ..
                                ضوء قمر لم يكتمل بدره --- هذه حالة من النقص وعدم الاكتمال بها درجة عالية من الخفوت والسكون .. وهو سكون الطبيعة حولهما

                                شيدا قصرا --- حالة من العمل والحركة وبها كمال البنيان .. ويمثل هنا حركتهما
                                فتتقابل الصورتان معا صورة هدوء الطبيعة في مقابل حركة الرجل والمرأة معا لبيان كيف أن هذه الحركة مخالفة لسنة الطبيعة وأن ثمة أشياء خاطئة تقترف فلا بد أن يكون هذا البنيان به خلل لأنه شيد بليل وشيده شخصان فقط

                                من شمعهما المذاب :هنا هذا التحول الكبير .. لقد استخدم الرجل المذاب والمرأة المنصهرة ما يملكانه ( هو بوعوده الحالمة وهي بمفاتنها ) التي صارت تشبه الشمع أو قد يعود الشمع المذاب هنا على الرجل والمرأة نفسهما ... ذاك الشمع المذاب مادة بيضاء فقط تلمع لكن بلا حس ولا روح ولا حركة .. وهذا لم يتم ذكره منذ بداية النص ليبدأ عمل المتلقي متلازما في التفكير في طبيعة هذا القصر الشمعي مع بناء الرجل والمرأة معا

                                وهذا هو القصر الشمعي الذي يتناوله العنوان وللمتلقي أن يتخيل كيف يكون هذا القصر المصنوع من الشمع .. إنه سريع البنيان سهل التشكل أبيض لامع لكنه بلا أساس قوي يتكسر سريعا إن جفّ وإن تعرض للحرارة فإنه يذوب و هذا القصر الشمعي منظر خارجي لبناء غير حقيقي لذا فاجتهد هو وهي في تجميل هذا البناء وإعطائه مسحة من الحياة والجمال لذلك ...

                                " وأحاطاه حدائق من أترج وفستق " فالأترج ثمار طيبة الرائحة حلوة المذاق ، والفستق أخضر اللون طيب الرائحة ، فظنا أنهما لما يحيطا هذا القصر الشمعي بالأترج والفستق أنه قد عادت إليه الحياة وهم في الحقيقة يحاولان تغيير الحقيقة ويسبلان عليها منظرا غير منظرها .. ولكن قد يتحقق التغيير أو التزييف لكنه مؤقت وذلك بسبب ....

                                المقطع الثالث :

                                " تحت آشعة الظهيرة بحثا عن أجزائهما تحت ركام القصر المنصهر فلم يجدا غير شظايا كلمات وابتسامات أولى اعتلاهما الصدأ "

                                وهذا المقطع هو الأخير وفيه يظهر مصير ذلك البناء الشمعي لمّا تشرق الشمس .. فكل شيء يفعل بليل لا تظهر حقيقته إلا لما يغمره ضوء النهار في اليوم التالي ليظهر حقيقته ومدي قوته في مواجهة الآشعة الدافئة المضيئة

                                فهاهي آشعة الظهيرة القوية تغمر المكان حيث القصر الشمعي
                                بحثا عن أجزائهما فقد كانا قد تحولا إلى أجسام شمعية بلا حياة قد تكسرت الآن لأنها متخشبة بلا نبض تحت ركام القصر وهذا القصر قد صار ركاما فتهدّم تماما ولم يقاوم ضوء وحرارة الشمس
                                فلم يجدا غير شظايا كلمات وابتسامات أولى اعتلاهما الصدأ فقط كلمات وابتسامات وهي ليست مكتملة أيضا وإنما شظايا وبقايا متناثرة هنا وهناك ..قد ضاعت المفاتن وضاعت الوعود الحالمة وبقيت بقايا الكلمات والابتسامات قد اعتلاهما الصدأ ذو الرائحة الكريهة والملمس الخشن والطعم الكريه إنها قديمة بلا روح فاقدة للحياة

                                لكن يؤخذ هنا على الكاتب تكرارا لبعض الكلمات في هذا المقطع والمقطع الذي يسبقه ( تحت ) فتكررت في نفس السياق ثلاث مرات .. ( فلم يجدا ) الفاء هنا غير مناسبة ولا تستقيم مع تطور المعاني فالأفضل أن تكون ( لم يجدا ) في رأيي

                                النص كما يتضح للوهلة الأولى يتكلم عن رجل وامرأة وعلاقتهما معا وكما يتبين من النص أنها ليست علاقة سليمة بل يطغي عليها الوعود والأحلام والمفاتن وهذه الأشياء هي التي تحكم العلاقة ..

                                ولكن نصوص كهذه يجد المتلقي أنها مفتوحة لأكثر من تأويل وهذا يحسب للكاتب طبعا ، فيمكن عمل إسقاط لهذه القصة القصيرة جدا على العديد من الأشياء
                                فمثلا : العلاقة بين الدول الكبرى والدول الضعيفة وكيف أن الأولى تأخذ تمني الثانية بالأماني والوعود الكاذبة وذلك بسبب ما في الدول الضعيفة من مغريات سواء ما تمتلكه من ثروات أو حتى مجرد الضعف فإنه من عوامل الإغراء أيضا .. فتنخدع الدول الضعيفة وتبدأ تشيد قصرا شمعيا ضعيفا بينما تقوم الدول الكبرى وتساعدها الدول الضعيفة بالتصديق وخداع شعوبها بتزيين ذلك القصر وإظهاره في أحسن صورة بإضفاء عناصر جمال واهية لا تلبث إلا أن تتكشف في ضوء الحقيقة التي تشبه ضوء الشمس في بساطتها وقوتها ، فما يلبث هذا البنيان إلا أن ينهار كلية .. وتبقى الدول الضعيفة ممزقة أشلاء بين الوعود الكاذبة والحقيقة المريرة .. وكذلك الدول القوية أيضا تظهر كيف أنها ممزقة الصورة صدئة الكلمات أمام العالم


                                شكرا لك أ / بلقاسم إدير

                                سعدت كثيرا بتأويل النص


                                دمت مبدعا


                                الأستاذة المبدعة والنّاقدة : دينا نبيل

                                أدهشتني بالفعل طريقة تناولكِ النّص ، وإمكانيّاتك النّقديّة ، وآلياتك التّفكيكيّة المسخّرة في إعادة كتابة النّصّ / القصر الشّمعيّ ، من جديد ، وإضاءة كلّ عتماته بشكل يوضّح مدى تمكّنكِ من سبر أغواره وكشف أبعاده المضامينيّة ، وكشف آليات الكاتب الإبداعيّة عند الإشتغال على النّصّ ..
                                وكنت فخورا جدّا أنّ نصّي تناولته ذائقتك النّقديّة . وأحطتِ بأبعاده الإبداعيّة كما عند الإشتغال . ويؤلمني أنّي لم أتدارك الأخطاء النّحويّة ( التّكرار لبعض الكلمات ) ولم أنتبه إليها بالرّغم من وضوحها ...
                                الأستاذة دينا نبيل أشكرك جدّا على مجهودك الكبير وأتمنّى أن نلتقي في مواضيع جديدة ..
                                دمت متألّقة ..
                                وعيد مبارك سعيد .

                                بلقاسم إدير
                                [frame="7 80"] حتّى لا أكون عدوّاً لأحد ٍ، قرّرت ُألاّ أتّخذ أحداً صديقاً !![/frame]
                                http://addab-cawn.blogspot.com
                                http://idiri.maktoobblog.com/

                                تعليق

                                يعمل...
                                X