الصراع على الشرق الأوسط- ترجمة Blood and Oil The Middle East in World War I

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • فيصل كريم
    مـستشار في الترجمة المرئية
    • 26-09-2011
    • 386

    الصراع على الشرق الأوسط- ترجمة Blood and Oil The Middle East in World War I

    يسعدني أيها الأخوة والأخوات الكرام تقديم عمل وثائقي هام وضخم يحتاج كثير من التركيز والتمعن حتى نتمكن من استخلاص دلالاته ومؤشراته التاريخية المفصلية لأمتنا التي بدأت تصحو من سباتها وأخذت تدفع بكل قوة نحو حركة التغيير السياسي الشامل سعيا لنيل الكرامة والحرية اللذين لا يمكن لأي أمة من دونهما تحقيق أسس التنمية والرخاء والإصلاح الجذري. إنه عمل وثائقي تاريخي وبحثي يسلط الضوء على بدايات مشكلتنا بالشرق الأوسط، وكيف أصبحنا حاليا ألعوبة بيد القوى العظمى المتتالية التي ظنت أنها سترتاح بصيغة التلاعب تلك إلا أنها وجدت نفسها تتورط بوحل لا نهاية لها وشربت من نفس الكأس التي سقتها للآخرين، وتحاول الخروج دون أن تجد إلى ذلك سبيلا.



    * البوستر من تصميم أ/ عباس مشالي

    Blood And Oil: Middle East in World War I

    الدماء والنفط: الشرق الأوسط في الحرب العالمية الأولى
    ويجب بالبداية التعرف على صنّاع هذا الفيلم الوثائقي الضخم والمثير عن الشرق الأوسط. Blood And Oil: Middle East in World War I من انتاج شركة إينيكوم الأمريكية وبالتعاون مع شركة "ثيرد كوست فيلمز" وذلك بعام 2006، والعمل طرح بأسواق منتجات الديفيدي في الولايات المتحدة ووجد رواجا كبيرا آنذاك. ومعد ومقدم الفيلم هو الاستاذ مارتي كالاجان.



    ومارتي كالاجان صحفي أمريكي مخضرم وحاصل على درجة البكالريوس والماجستير بالعلوم التاريخية ومتمرس بتأليف وانتاج البرامج الوثائقية المتخصصة بالشؤون التاريخية والحربية. وكان كالاجان قد أبدى مواقف وآراء معارضة لإدارة الرئيس جورج بوش الابن لا سيما ما يخص شن الحرب على العراق والغزو الذي حدث عام 2003. ويشر إلى أن "إدارة بوش فشلت من أن تتعلم من أخطاء بريطانيا وفرنسا بالماضي" في المنطقة. فعكف مارتي كالاجان على العودة للجذور التاريخية لبداية الصراع بالشرق الأوسط منذ سقوط الدولة العثمانية.

    والحقيقة أن قراءة التعليق بصوت مارتي كالاجان نفسه تشد المستمع منذ الوهلة الأولى للفيلم وذلك لوضوحها ودقة الفاظها وتركيز محتواها وتدرجه. ويسهل نوعا ما من تدفق المعلومات والأحداث والتواريخ والوقائع المتتالي عبر مدة الفيلم الطويلة والي تتجاوز الساعة وخمسين دقيقة. ويمكننا أن نطلق على التعليق بصوت كالاجان أنه قراءة أكاديمية بحتة، هي خاصية ضرورية عند شرح المواضيع والدراسات المتشعبة.


    والفيلم بشكل عام يقدم ومضات تاريخية متتابعة عن حقبة الحرب العالمية الأولى وذلك على جبهة الشرق الأوسط حصرا. ويسلط الضوء على ظروف تورط الامبراطورية العثمانية الحرب العالمية الأولى رغم إمكانية تجنب هذه الكارثة. وكيفية استغلال القوى الأوروبية الكبرى لهذه الذريعة لكي تحقق أهدافها التي طالما سعت لها بالسيطرة على ثروات الشرق الأوسط والعالم العربي، وهذا ما سيذكره الفيلم بلا مواربة.


    ويجعل العمل من الامبراطورية العثمانية مركزا للأحداث التي تقسمت حسب كل جبهة خاضت بها الامبراطورية العثمانية القتال. بمعنى أن على الأخوة المتفرجين إدراك التدرج التاريخي لكل جبهة عبر كل مرحلة معينة من الحرب. فعندما يتحدث الفيلم عن الجبهة الجنوبية في العراق فإنه يتحدث حسب تطور المعارك المندلعة، ثم ينتقل للجبهة في القوقاز، ثم للجبهة في مضيق الدردنيل، ثم للجبهة في مصر وفلسطين، ثم يعود مرة أخرى للجبهة في العراق حسب التطور الزمني للوقائع بالحرب. ولا شك بأن مارتي كالاجان اعتمد في منهجه على أن الدولة العثمانية هي التي تمثل الشرق الأوسط بشكل أساس. وقد يجادل بعض الأخوة الأفاضل أن الدولة العثمانية لم تكن هي التي تعبر عن الصورة العامة بالشرق الأوسط الذي يغلب عليه العالم العربي لا سيما أنه بتلك الفترة وما قبلها بدأت تلك الامبراطورية الشاسعة بالتفسخ والتحلل. قد يكون هذا المنظور سليما من الناحية الشكلية، لكنني أميل للفكرة التي تزعم أن سبب الانحلال السياسي الذي عانت منه الدول العربية بعد سقوط الخلافة العثمانية يبرهن على أنها (أي العثمانية) كانت تشكل نوعا من المرجعية التي يستظل بها العالم الاسلامي والعربي وكانت بمثابة درع واق من التدخلات الخارجية والتي تريد نهش العالم العربي (تابع لاحقا موقف السلطان عبد الحميد الثاني من فلسطين). وكانت النتيجة المتمثلة على مدار 90 عام تقريبا من سقوط الخلافة ما نراه حاليا من أنظمة هزيلة لا تمثل شعوبها إطلاقا. وهذا ما سنتناوله بردنا التالي بإذنه تعالى. ولهذا فإن رؤية مارتي كالاجان لا تبتعد كثيرا عن الصحة برأيي الشخصي من ناحية مركزية المشهد بالدولة العثمانية في تلك الفترة المصيرية تحديدا.


    الحقيقة أن هذا الفيلم على أهميته التاريخية، لم يكن ضالتي التي أسعى لها كما توقعته. ذلك أنني كنت أبحث عن عمل وثائقي يتحدث عن مشكلة الدول الكبرى في الخليج العربي من ناحية السيطرة على مصدر الطاقة الرئيسي بالعالم، النفط. ورغم أن الفيلم تطرق مرارا لبداية ظهور النزعة الغربية بالهيمنة على النفط، إلا إنه لم يركز بحديثه على مرحلة ظهور المشايخ بالشريط النفطي بالخليج العربي كدول ثرية وفاحشة الغنى بحيث مكـّنها ذلك من تبوأ مركز مهم بالمحافل الدولية بعد أن كانت تقبع بمنطقة منسية ومهجورة من العالم No Man's Land. والواقع إنني وجدت لاحقا وبعد ترجمتي لهذا العمل الضخم ضالتي المنشودة التي تتمثل بفيلم آخر بنفس العنوان
    Blood and Oil والمأخوذ عن فكرة الكاتب والأكاديمي الاستراتيجي بروفيسور مايكل كلير وهو متخصص بشؤون الشرق الأوسط والفيلم من إخراج جيريمي إيرب. وسأعمل أيضا بحول الله على ترجمته سواء عثرنا له على نص مترجم أم سماعيا، وهذا سيصب في صالح الأخوة متابعي الوثائقيات الذين سيشهدون صيفا ساخنا من ناحية البرامج التاريخية والسياسية بإذنه تعالى. وهنا المقطع الدعائي لفيلم البروفيسور مايكل كلير.



    لكن بكل الأحوال، سيبقى فيلمنا اليوم لمارتي كالاجان بضخامته وتوسع رؤيته، يشكل أهمية كبرى للراغبين بالتعرف على أصول الصراع الدائر بالشرق الأوسط انطلاقا من بداية القرن العشرين، ولكن علينا ألا ننسى أن جذور الصراع تمتد لما هو أقدم من تلك الحقبة بكثير، وعلينا كذلك ألا نتغافل عن إن هذا الصراع يمثل بحقيقته الصراع الأزلي ما بين الغرب والشرق، ومن يتجاهل هذه الحقيقة سينتهي به المطاف إلى الحال الذي انتهى به الشريف حسين بن علي: الوقوع بالخديعة الكبرى. وهذا رد بسيط على من يدعون بعدم وجود فكرة المؤامرة بالحياة السياسية الدولية. بل إن مارتي كالاجان يتجاوز حد فكرة المؤامرة بالتفكير الغربي ليعرض أنهم أصبحوا يدبرون المكائد والدسائس السياسية Political Intrigue وهذا من طبائع الأمور بعالم المصالح الدولية والسياسية، ولا يعد غريبا ومستنكرا إلا بذهن الضعفاء الذين يربطون سوء الأحوال العامة بشيوع نظرية المؤامرة. وهذا المنظور بالواقع يحاول تغطية العيوب والعورات الفكرية التي لا تريد أن ترى الصورة بشكل شامل وهي ببساطة أنك كدولة وأمة لا بد أن تعمل للاستقلال والتنمية والإصلاح داخليا، ولا بد بنفس الوقت أن تحمي مصالحك الكبرى خارجيا وتحصن مكتسابتك الداخلية من أخطار تضارب مصالح الدول الأخرى مع مصالحك، وهنا يأتي دور المؤامرة.


    وبالنهاية، أنصح الأخوة الراغبين بمشاهدة الفيلم الوثائقي الدماء والنفط: الشرق الأوسط في الحرب العالمية الأولى، أن يكونوا مستعدين تماما لهذا الأمر، حيث أن مشاهدته تتطلب تركيزا دقيقا لكمية المعلومات المتتالية ولطول مدة الفيلم التي استغرقت مدة ساعة و53 دقيقة. فأعانكم الله على هذه الرحلة التاريخية المكثفة.


    أسلوب ترجمة الفيلم سماعيا

    ليس لهذا العمل الوثائقي أي نص بأي لغة. فتمكنت بعون من الله من إعداد الترجمة كالعادة عبر صديق المترجمين برنامج Subtitle Workshop. ولكن ما زاد على ذلك هو استعانتي بالنسخة المدبلجة للفيلم والتي عرضتها قناة العربية الإخبارية (ويمكنكم تنزيل النسخة المدبلجة
    من هنا)، والترجمة التي قدمت بالدبلجة كانت ذات مستوى طيب بشكل عام حسب المشاهِد التي شاهدتها من نسخة الدبلجة. على أنني لا بد أن أوضح للأخوة المشاهدين حقائق هامة بهذا الصدد. ومنها أن استعانتي بالدبلجة كانت تنحصر ببعض اسماء المواقع والشخصيات، ورغم هذا وقعنا (ترجمتي مقابل الدبلجة) ببعض الاختلافات الجغرافية البديهية فهم قد ترجموا مصطلح Judean Hills "بجبال جدعون" وهذا لا يتطابق مع الاسم العربي للمنطقة الجبلية المقاربة لغزة وهي "مرتفعات الخليل". ثم أننا اصطدمنا بمكان تاريخي وأثري معروف بالعراق ألا وهو موقع Ctesiphon فالدبلجة أسمته على أنه مدينة المدائن. ورغم أن المدائن قريبة جدا بل قد تكون بنيت على أطلال ذلك الموقع المعروف تاريخيا، إلا أن الاسم التاريخي المعروف للمكان هو "طيسفون" حيث أنني وجدت الكثير من المصادر العراقية لا زالت تذكر هذه التسمية الغابرة والأثرية. بينما لم يتسنّ لي التأكد من دقة تسمية المعركة التي انتصر بها الجنرال ألنبي على القوات العثمانية ودخل بعدها فلسطين غازيا ومحتلا بنهاية العام 1918 حيث سميت "معركة مجدو"، ورغم أنني وجدت تسمية عبية للمعركة باسم معركة سهل نابلس إلا إنني لم أجد ما يؤزّر من هذه التسمية بمصادر أخرى متنوعة. ولهذا كنت أتحرى الدقة قدر الإمكان بالمصطلحات الجغرافية العربية حتى لا أقع ببراثن أخطاء نقل الترجمة المعتادة.

    والحقيقة الأخرى التي سيدركها الأخوة المشاهدون أن الفيلم المدبلج تم انتقاص ما يزيد عن 15 دقيقة من الفيلم الأصلي الذي قمنا بترجمته، وهو بالتأكيد ما سيثير فضول الساعين للنسخة الكاملة وغير المقتطعة وهذا ما سيجدونه بالفيلم المترجم. ورغم أن بعض المشاهد المحذوفة ليست بتلك الأهمية الكبيرة ذلك أنها تعرض قراءات لشهادات بعض الجنود من المعارك، إلا أن بعضا من المشاهد المحذوفة الأخرى مثـّل أهمية من ناحية اتساق التسلسل التاريخي وتدرجه الزمني.


    فأتمنى لكم جميعا الاستفادة والاستزادة من هذا الفيلم الوثائقي الهام
    .

    وهنا الفلم كاملا عبر اليوتيوب

    http://www.youtube.com/watch?v=Hg2h8...layer_embedded

    وللمزيد من النقاش حول هذا الموضوع الرجاء قراءة الرد التالي -->





    تصميم سائد ريان
  • فيصل كريم
    مـستشار في الترجمة المرئية
    • 26-09-2011
    • 386

    #2

    السلطان عبد الحميد الثاني، سلطان الدولة العثمانية ( 1876 - 1909)


    المشاركة الأصلية بواسطة السلطان عبد الحميد الثاني
    لن يستطيع رئيس الصهاينة (هرتزل) أن يقنعني بأفكاره، وقد يكون قوله "ستحل المشكلة اليهودية يوم يقوى فيه اليهودي على قيادة محراثه بيده" صحيحا في رأيه، إنه يسعى لتأمين أرض لأخوانه اليهود. لكنه ينسى أن الذكاء ليس كافيا لحل جميع المشاكل.
    لن يكتفي الصهاينة بممارسة الأعمال الزراعية في فلسطين. بل يريدون أمورا أخرى مثل تشكيل حكومة وانتخاب ممثلين، إنني أدرك أطماعهم جيدا، لكن اليهود سطحيون في ظنهم أنني سأقبل بمحاولاتهم، فكما أنني أقدر في رعايانا من اليهود خدماتهم لدى الباب العالي فإني أعادي أمانيهم وأطماعهم في فلسطين.
    اعتراف متأخر من الغرب
    ما يميز الغرب أن مؤسسات الدراسات والبحوث الاستراتيجية ومنظمات المجتمع تشكل رافدا من روافد صنع القرار السياسي الاستراتيجي. ومثل هذا النوع من القراءات التاريخية يشي بالتحولات والتغيرات التي قد يتأثر بها صناع القرار. وما يلمح إليه الفيلم الوثائقي "الدماء والنفط" لمارتي كالاجان أن القوى الغربية أيقنت مؤخرا بخطأ -إن لم يكن خطيئة- إسقاط الامبراطورية العثمانية لسبب واضح يتمثل بحالة الفوضى العارمة التي تجتاح الشرق الأوسط ما بين حروب أقليمية ونزاعات عنصرية وصراعات أهلية وتوترات مذهبية. ذلك أن وجود تلك الامبراطورية كان يضمن استقرارا كبيرا بالأقاليم مترامية الأطراف التي تسيطر عليها، وأن اندلاع الصراعات التي تلت سقوطها تمثل بسبب اختفاء الامبراطورية إلى الأبد.

    والحقيقة، لا بد لي من القول أن هذه الفكرة جاءت متأخرة جدا. ولن يفيد الغرب ولا الشرق التباكي وسكب الدموع على الدولة العثمانية بعد أن أيقنوا أهميتها وضرورتها حاليا. ولعلي أزيد من توضيح مسألة أهمية الامبراطورية العثمانية أنها كانت تمثل مرجعية عامة للشرق الإسلامي بشكل شامل. فالمعضلة التي قد نكون نواجهها حاليا أنه لا توجد مرجعية يرتكز لها الجميع من الناحية السياسية أو الاجتماعية أو الدينية أو الاستراتيجية. هذا بالإضافة إلى أننا نعيش بمنطقة أضاعت هويتها الثقافية والاستراتيجية والتاريخية. فمن نحن؟ ومن نكون؟ لقد جاءت رياح الحداثة على المنطقة بدءا من القرن التاسع عشر على يد محمد علي باشا وطموحاته الكبرى بتكوين امبراطورية شاسعة تتفوق على نظيرتها العثمانية. لكن أحلامه اصطدمت بالواقع الذي فرضته القوى الأوروبية بمؤتمر لندن عام 1840 مما أجهض من تلك الأحلام وكبد مصر خسائر كبيرة أدت لتسهيل سقوطها بيد المحتل الإنجليزي لاحقا، وأدت تلك الاتفاقية إلى مد عمر الامبراطورية العثمانية فترة من الزمن بعد أن كانت على شفا السقوط تحت حوافر خيول إبراهيم باشا. ولقد أدت تلك التحديثات التي تبناها محمد علي باشا إلى حدوث حالة من النهضة الثقافية والاقتصادية والعسكرية لمصر إبان فترة حكمته التي استمرت من عام 1805 إلى 1848. وكانت هناك كثير من الإنعكاسات الإيجابية بالدولة المصرية التي نجح الوالي ذي الأصول الألبانية من اقتطاعها من العثمانيين، وهذا يتفق عليه معظم المؤرخين. ولكن ما يثير الاختلاف هو أن هذه التحديثات المتبناة لم تكن إلا لهدف محمد علي باشا الداخلي ألا وهو تكوين دولة ضخمة يحكمها بالوراثة هو وسلالته من بعده، ولكن لم يتحقق من هذا الهدف إلا نصفه فقط عبر حكم أقليمي مصر والسودان له ولأبنائه من بعده حسب مقررات المؤتمر المذكور بعد إن خلت به فرنسا ولم تفعل له شيئا بعد أن منته بالوعود، فاقتطعت منه الحجاز وبلاد الشام مما جعل من الدفاع عن مصر عملية شبه مستحيلة بسبب استراتيجية موقع بلاد الشام وفلسطين لمصر. فمن المعروف تاريخيا أن الأخطار التي تهدد مصر تأتي من عنق الزجاجة لها المتمثل بخط الدفاع الأخير عن مصر وهو خط غزة - بئر سبع، وما هو مثبت تاريخيا أن جميع من حكم مصر من الفراعنة ومرورا بالرومان والبطالمة والمسلمين مثل الفاطميين والأيوبيين والمماليك إلى حكم محمد علي باشا لم ينجحوا بالدفاع عن مصر إلا من بلاد الشام، أما الدفاع من صحراء سينا فثبت عدم جدواه استراتيجيا.


    محمد علي باشا


    وما يهمنا هنا أن محمد علي باشا نزع المرجعية التي ترتكز عليها مصر كما هي بقية الولايات العربية والإسلامية، فأصبحت بذلك مكشوفة أمام الأطماع الخارجية. والمرجعية هنا تتمثل بالظل التي كانت الدولة العثمانية للبلاد الإسلامية والشرق أوسطية. فلا تستطيع أي دولة أو ولاية منفردة مواجهة القوى الأوروبية لا سيما بعد أن تضخمت قدراتها الاقتصادية وتعاظمت كفاءتها العسكرية والاستراتيجية بعد الثورة الصناعية الكبرى والتحول نحو التصنيع الآلي منذ أواخر القرن السابع عشر. فلا يمكن لأي دولة سواء مصر أو سورية أو العراق أو إيران مواجهة القوى العظمى حتى لو تطورت إمكاناتها الداخلية بشكل واسع. فهذا صراع عالمي هائل نحو السيطرة على موارد الطاقة، ولن يجدي هذه الأقاليم نزعات التقوقع والتعنصر القومي والانعزال بأن تعيش باستقرار وسلام، لأن عليها أن تؤمن أنها تعيش بغابة موحشة وقطعان الذئاب تترصد وتنتظر من يعيش منعزلا لتنقض عليه وتفتك به.


    وبما أننا العرب فشلنا حتى الآن بخلق منظومة ومظلة تجمعنا سياسيا واقتصادية وثقافيا واجتماعيا رغم تمتعنا بجميع الإمكانيات اللازمة لتحقيق هذا الهدف، فلا بد لنا أن نناقش المرجعية التي ستعمل على حمايتنا وصون استقلالنا الوطني والفكري والثقافي. ولقد أثبتت جميع النظريات والأطروحات التي تستورد من الخارج كل شيء فشلها الذريع بعد تسعين عاما من سقوط الخلافة العثمانية. ولعل أخطر هذه النظريات مفهوم العلمانية. ورغم أن هذا خارج موضوع بحثنا، إلا إن فكرة العلمانية ثبت أنها لا تنطبق على منطقة الشرق الإسلامي لسببين رئيسيين:


    - منبع فكرة العلمانية يأتي من غلو الكنيسة الكاثوليكية في أوروبا على مدار قرون طويلة وسيطرتها على جميع مناحي الحياة والكبت الشديد الذي مارسته على المسيحي الأوروبي مما ولد لديه شعورا طاغيا بالتخلص من هذه القيود والأغلال الكنسية الدينية بعد عصر النهضة.


    - ليس هناك من دليل تاريخي مثبت على ممارسة الفكر الإسلامي المتواصل على مدار 14 قرنا لأي منع أو تعطيل للتقدم العلمي والفكري والاجتماعي والاقتصادي والسياسي. وحتى في أوج عصر الانحطاط الإسلامي وجود مثل هذه المعوقات المقيدة للتقدم.

    وبالتالي فإن استيراد مفهوم العلمانية من الغرب المقموع دينيا لا يتناسب قطعيا مع الانفتاح الفكري الذي كانت تعيشه المنطقة الشرقية الوسطى من العالم. بل أن الدول الإسلامية أثبتت أنها قادرة على تشكيل قاعدة مستقرة من التعايش السلمي مع أصحاب الديانات السماوية اليهودية والمسيحية، وكان منهم الوزراء والنقباء والوجهاء والضباط. بينما لم نر أي مظاهر لمثل هذا التسامح والتعايش في أوروبا ما قبل القرن التاسع عشر. ومخطيء من يظن أن العلمانية تقتصر على الفكرة السائدة عنها "فصل الدين عن الدولة"، بل هي تمتد لنزع الغطاء الديني عن جميع مظاهر الحياة، وهذا بلا شك يعدّ هدما بائنا لأساس المرجعية التي يجب نبني بها كياننا الراسخ. ومن المثير للتأمل، أن رفض فكرة العلمانية في كثير من الأحيان لا يأتي فقط الفكر الإسلامي الشرقي، بل يظهر كذلك عبر رفض الكثير من الأصوات المسيحية الرصينة بالشرق. حيث استنكرت على سبيل المثال العديد من الدوائر الفكرية القبطية المستقلة في مصر دعاوي العلمانية الغربية بالبلاد لأنها تقوض كثيرا من الالتزامات المترتبة على الكنيسة المصرية تجاه المسيحيين الأقباط في مصر.

    ومن يرى سلوكيات الدول الغربية التي تنادي بالعلمانية سيكتشف أنها بنفس الوقت لا تتخلى عن مرجعيتها التي تشكل كيانها الرئيسي وهي أنها دول ذات مرجعية مسيحية. ولا أدل من ذلك سوى وجود الصليب في أعلامها التي ترفرف بعنان السماء كما في أعلام بريطانيا وسويسرا واليونان وغيرها. ورغم أنها دول ترفع شعارات الحرية والمدنية والمساواة والمواطنة إلا إنها غالبا ما تقع بشراك مرجعيتها ونزعتها المتقوقعة فرأينا مظاهر غريبة مثل هدم المآذن في سويسرا ونزع النقاب في فرنسا. ولا أدعو بالمقابل لإيجاد مرجعية ترفض كل ما هو أجنبي أو لا يتفق خصائصنا الشرقية، بل أن وجود مرجعية خاصة بنا سيجعلها قابلة بلا شك للتعايش السلمي وفهم الآخر والتحاور معه، لأن هذا يعتبر من صميم هويتنا الثقافية سلمية الطابع.


    طعنة العرب للعثمانيين تقضي على المرجعية




    علم الثورة العربية الموؤودة

    وعندما نعود للمسألة التاريخية، فإننا نرى أن العرب -أو بعضهم على الأقل- قد قاموا بما يسمى الثورة العربية الكبرى بدءا من عام 1916 بقيادة شريف مكة الشريف حسين بن علي. ولقد أكد الفيلم الوثائقي أنها تمت بإيعاز وتشجيع مادي ومعنوي من بريطانيا، وتبين فيما بعد أن هذه الثورة المزعومة لم تحقق سوى أهدافا بريطانية وغربية خبيثة عبر البحث عن أدوات للتخلص من الدولة العثمانية وهو ما تحقق لهم عبر الشريف حسين وابنائه الأمير فيصل والأمير عبد الله، ثم سرعان ما سيقوم البريطانيون بالاستهتار والتملص من كل وعودهم التي قطعوها لمشعلي الثورة عبر تقسيم البلدان العربية باتفاقية سايكس-بيكو عام 1916 (لاحظ أنه نفس عام الثورة العربية) وشاركهم بحبكها الدبلوماسي الروسي سازانوف ممثلا عن امبراطورية روسية القيصرية، ثم أكمل الإنجليز غدرهم بصاحبهم الشريف عبر فضيحة وعد بلفور العلنية عام 1917. ولكن ما كان لهذه الثورة لأن تنجح للعديد من الأسباب لعل من أهمها:

    - عدم وجود عمق بشري كافي يدعمها، ويتمثل هذا العمق بمصر. ومن يتجاهل مصر بهذه المسألة فكأنه يتجاهل التاريخ والجغرافيا، ويجهل حركة الهجرات العربية الكبرى. فلم يعد العرب يقطنون فقط في الجزيرة العربية بل انتقلت قوتهم الرئيسية إلى الأقاليم الخصبة المجاورة مثل العراق وسورية ومصر والمغرب العربي. بالإضافة إلى عدم إيمان الكثير من القطاعات الفكرية المصرية بفكرة هذه الثورة من الأساس وتشككهم بأهدافها وهو ما تبين صحته لاحقا.

    - أيقن الكثيرون أن هذه الدعوة للثورة ليست إلا مظهر من مظاهر الرغبة بالسلطة والحكم تحت أي شعار دون النظر لمرجعية هذه الثورة. فهي ليست إلا مجموعة ترغب بكرسي الحكم والاستئثار بالقرار السياسي بغض النظر عن التداعيات الكبرى التي ستتبع سقوط الخلافة.

    - الجهل المدقع بالعديد من العوامل التي كانت تشتعل في أوروبا ومن أهمها "المشكلة اليهودية" التي أرقت الفكر الأوروبي ردحا من الزمن، وانتهازهم الفرصة السانحة باضمحلال الدولة العثمانية وتكبيل مصر لنقل مشكلة اليهود الأوروبية برمتها إلى الشرق بأي وسيلة. أضف إلى ذلك جهل أولئك الباحثين عن السلطة والزعامة بالنزعة الأوروبية الصليبية التي لم يخفها الإنجليز أو الفرنسيين عند غزوهم لفلسطين تحديدا.


    إن الإنسان العربي مليء بشيم الشهامة والنخوة وليس من صفاته الخيانة والغدر، إلا أن الأتراك أيها الأخوة الكرام لا يزالون يشعرون بأن العرب قد طعنوهم بالظهر أثناء أوج القتال بالحرب العالمية الأولى، وقد صمدوا صمودا هائلا أمام قوى الأطماع والاحتلال -وهو ما سيوضحه الفيلم الوثائقي- ورغم أن كثيرا من العرب شاركهم قتالهم بل كانوا كذلك عماد الجيوش العثمانية، إلا إنهم ما انفكوا يشعرون بغصة في الحلق من جراء طعن بعض العرب لهم في أحرج الأوقات. وبطبيعة الحال، فإن لهم حق بذلك كل الحق، فهؤلاء المستهترون العرب لم يطعنوا العثمانيين فحسب بل ضيعوا الحقوق العربية وسمحوا بسلب فلسطين وأهدوها لقوى الظلام لتقوم بمنحها بطبق من فضة لمغول العصر الجدد. فلا هم تركوا الدولة العثمانية تقاتل مطمئنة الظهر ولا هم حققوا حلم الدولة العربية الموحدة المزعوم. ولو أن الشريف حسين أو ابنه الأمير فيصل (ملك العراق لاحقا) كانا من الصادقين فعلا ولم يكونوا من الطامعين بالكراسي الزائفة لكانوا قد أكملوا الثورة بوجه الإمبرياليين الإنجليز والفرنسيين. فما الذي منعهم من ذلك وقد أعلن الإنجليز لهم صراحة مقررات معاهدة سيفر المجحفة التي طبقت اتفاقية سايكس-بيكو بحذافيرها؟ ولكن هيهات أن يفعلوا ذلك وقد فضحتهم مراسلات الحسين-مكماهون التي أقر بها الشريف حق اليهود بوطن في فلسطين، بعد أن تقابل الأمير فيصل برئيس الحركة الصهيونية العالمية د. حاييم وايزمان بكواليس مؤتمر سيفر واتفقا على هذا الأمر المخزي سياسيا وتاريخيا. ورغم إن الخيانة لا تتلون، إلا أن طيّات الدهر وغفلة الزمن لهما من مرارة الحكمة ما لهما.



    الأمير فيصل بلقاء مع حاييم وايزمان أول رئيس للكيان الصهيوني

    وما على القاريء للتاريخ سوى المقارنة ما بين نموذج الانبطاح والاستسلام وحب الكراسي والزعامة الجوفاء وبين صورة من صور الصمود والتحدي والاستقلال. إنه نموذج مصطفى كمال الذي خـُلع عليه لقب "أتاتورك".


    "الذئب الأغبر" يسحق أطماع الغزاة





    قبل أن نعرج على ذكر نموذج مصطفى كمال، الملقب بالذئب الأغبر، علينا أن نفرق ما بين أمرين، أولهما حياته كعسكري مناضل وهو ما يهمنا بالموضوع، وثانيهما حياته كسياسي وعراب لعلمانية الجمهورية التركية التي نشأت على أنقاض الدولة العثمانية وهو ما لا يعنينا هنا لانفصامهما انفصاما موضوعيا.

    لقد قيلت الكثير من الأقاويل والتشكيكات حول هوية وأصل كمال ومنها أنه من يهود سالونيك المدينة التي كانت تتبع الدولة العثمانية آنذاك. وقد يكون هذا إجحافا بيـّنا، لأنه كان يسكن في منطقة يغلب على سكانها العنصر اليهودي، وليس بالضرورة أن يكون المرء يهوديا عندما يولد بحي يهودي. فأبوه هو السيد علي رضا وهو تاجر بسيط ورجل ورع، وأمه هي السيدة زبيدة وهي امرأة تقية مؤمنة وكانت تلح على زوجها بأن يدخل مصطفى لمدرسة دينية إسلامية لكي يخرج شيخ دين فاضل، ذلك أنها كان لها ابنان قد توفيا من قبل مصطفى وأرادت أن يحميه الله بدراسته للدين. لكن مصطفى كمال أصبح شرسا وصعب المزاج حال وفاة والده فأدخل للمدرسة العسكرية العثمانية بسالونيك ثم الكلية العسكرية بإسطنبول التي تخرج منها برتبة نقيب عام 1905. وبعيد تخرجه من الكلية الحربية، حدث الانقلاب على السلطان عبد الحميد الثاني عام 1909. ورغم أنه اشترك ببعض المؤتمرات السرية لجماعة الاتحاد والترقي في بداياتها، إلا إنه سرعان ما نفر منها وأزعجته أهدافها غير السوية فضلا عن أسلوب قادتها غير الحكيم. وقد اكتشف كمال أن هذه الحركة معنية بمشاكل اليهود، وهو ما لم يرق له على الإطلاق وجاهر بتسفيه آراء زعمائها وعلى رأسهم إسماعيل أنور باشا الذي سيقدر له لاحقا أن يصبح الرجل القوي بالامبراطورية العثمانية والذي سيتسبب بالزج بالبلاد لأتون الحرب العالمية الأولى دون مبرر وجيه، وهو ما سيسبب صراعا خفيا بين كل من أنور باشا ومصطفى كمال وغيرة وحسدا عند نجاح أي منهما بأي عملية مهمة. إلا أن مصطفى كمال كان عسكريا من الطراز الممتاز ونفذ معظم مهامه العسكرية باقتدار، وبعد انهزام الدولة العثمانية بالحرب وتوقيع السلطان محمد السادس معاهدة سيفر المجحفة التي تسمح باحتلال أسطنبول وأجزاء واسعة من تركيا الحالية، رفض مصطفى كمال هذا الواقع الظالم وقرر عمل المستحيل والذي لا يمكن لعاقل تصوره آنذاك من خلال تجميعه لشتات الجيش العثماني المسحوق وتكوين عاصمة جديدة بعيدة عن مدافع الغزاة في أنقرة وجعل الشعب التركي بأكمله يعمل ليل نهار لتحقيق الهدف السامي المتمثل بطرد الغزاة المستعمرين الذين يدنسون تراب تركيا وتعاهدوا بالله على عدم الخيانة والضعف. فتحقق لهم في غضون أقل من ثلاثة أعوام 1919-1922 كل ما أرادوه، حيث نجحوا بتحييد الروس السوفييت وطردوا الآرمن والفرنسيين من الأناضول شرقا، فقرر الفرنسيون عقد صلح منفرد مع حكومة مصطفى كمال فاعتبر الإنجليز ذلك غدرا بهم. ثم نجح الجيش التركي بطرد الإيطاليين من الجنوب الغربي ثم واجهوا اليونانيين بمعارك دامية مستميتة أثمرت عن انهزام ملك اليونان قسطنطين الأول واندحار جيشه من غرب تركيا. ثم تفرغ بعد ذلك مصطفى كمال وجيشه لإعداد خطة لطرد الإنجليز ودحرهم من إسطنبول، وعندما زحفوا لتحريرها أيقن الإنجليز أنهم مهزومون لا محالة فرضخوا وطلبوا الصلح فانسحبوا بمرارة وهم صاغرين بعد الغاء معاهدة سيفر وعقد معاهدة لوزان عام 1923. لتصبح حدود تركيا من هذا الشكل المهلهل والمتقطع الأوصال الذي أراده السلطان محمد السادس الخانع للأعداء.





    إلى هذا الشكل الموحد والمتصل الذي قاتل من أجله الأتراك بقيادة الذئب الأغبر


    ولا يهمنا بهذا البحث ما حدث تاليا من تبني أتاتورك للعلمانية وفرضها بالقوة ونزع الحجاب من النساء وعدم السماح لهن بالعمل أو بالدراسة، فقد عاد هذا وبالا على مصطفى كمال وعاقبه ربه بما يستحق، ثم أن الحق هو من يسود دائما فها هو رجب طيب أردوجان الإسلامي المتنور يحصد النجاح تلو النجاح بعد حصده لقلوب وأفئدة الأتراك ليثبت أن تركيا ستبقى مسلمة إلى الأبد وليبرهن أن الإسلام الصحيح قادر على صنع دولة مدنية حديثة ومستقلة وتتبنى الحرية والديمقراطية منهجا وسلوكا.




    أردوجان: من زنزانة السجن إلى زعامة تركيا الحديثة



    فما الذي يمنع بعض مدعي الزعامات بالعرب من الاقتداء بسلوك مصطفى كمال نحو الاستقلال وعدم الرضوخ للأجنبي، أو من الاهتداء بنهج رجب طيب أردوجان بالإصلاح السياسي والاقتصادي؟ إنه مرض حب السلطة وكرسي الذي سببه غياب المرجعية بعقول هؤلاء الحكام الذي وجد من التبعية للخارج حائطا يلوذ به ومرجعا لا فرار منه. أما هذه الشعوب فهي على الهامش في نظرهم وليسوا سوى "جرذانا" كما قال أحدهم أو "عصابات مسلحة" كما زعم آخر. لكن هذه الشعوب قررت أخيرا أن تنتفض وتتخلص من الثالوث المدمر لحكم الدول:


    1- استئثار قلة قليلة لا تعبر عن آمال الأمة بالقرار السياسي ولا تعتبر الشعب مرجعا لها.

    2- سوء توزيع الثروة ما بين الشعب، إن لم نقل نهبها أو سفحها على ملذات أهل السلطة.

    3- التبعية للأجنبي وللقوى الأقليمية أو العظمى والبحث عن الشرعية منه حصرا.


    هذا هو ما جنيناه منذ سقوط الامبراطورية العثمانية وحتى اليوم. فلا مسلما قد ارتاح، ولا مسيحيا بالشرق قد اطمأن، ولا يهوديا به قد آمن على مستقبله. إن كان الغرب يتباكى على سقوط الامبراطورية العثمانية، فهي بلا شك دموع التماسيح. وما دليلنا على هذا سوى الانبطاح الذي تجيده الولايات المتحدة للكيان الصهيوني واستماتتها بإرضائها بأي وسيلة، لاعقةً بذلك كل شعاراتها الرنانة عن القانون الدولي. فإن كانوا صادقين فليطبقوا العدالة على الصهاينة ويمنحوا الفلسطينيين حقوقهم بالحرية والاستقلال، ونعدهم بإننا سنحمل لهم براميل النفط على ظهورنا حيث يريدون. لكن أيضا هيهات أن يفعلوا ذلك، فهم يريدون الاستئثار بكل شيء دون تقديم أي شيء، والحرية لا تمنحها الدول العظمى بل هي تنتزع منهم انتزاعا كما أثبت لنا ذلك درس "أتاتورك" الصعب.


    وبإذن الله العلي القدير سنلتقي أيها الأخوة والأخوات بموضوع آخر مكمل لهذا الموضوع قريبا إن كان للعمر بقية.


    وأن آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلاة على الرسول الأمين.

    ---------------------------------------------

    المصادر:

    كتب: بالإمكان تنزيلها من موقع فورشيرد

    مذكراتي السياسية: السلطان عبد الحميد الثاني
    الذئب الأغبر .. مصطفى كمال اتاتورك: س. ارمسترونج
    كمال أتاتورك: محمد محمد توفيق
    وضع الدول الاسلامية اعقاب سقوط الخلافة العثمانية: نادية محمود مصطفى
    الاسرار الخفية وراء الغاء الخلافة العثمانية: د. مصطفى حلمي
    تاريخ الدولة العلية العثمانية: محمد فريد بك المحامي
    الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط: علي الصلابي
    تاريخ الدولة العثمانية ج2: روبير مانتران
    الخلافة العثمانية من المهد الى اللحد: محمد خير فلاحة

    مواقع:

    الويكيبيديا العربية والإنجليزية
    حسب المصطلح الموضوع بأسفله خط


    مواد مرئية

    فيلم Veda - Atatürk: ترجمة أ/ سعيد عبد الجليل - 2010
    الفيلم الوثائقي: أردوجان: من ملاعب الكرة إلى ساحات السياسة. قناة الجزيرة
    التعديل الأخير تم بواسطة فيصل كريم; الساعة 18-10-2011, 20:53.





    تصميم سائد ريان

    تعليق

    • منيره الفهري
      مدير عام. رئيس ملتقى الترجمة
      • 21-12-2010
      • 9870

      #3
      القدير و الرائع أستاذنا فيصل كريم

      و الله هذا الموضوع من أروع ما قرأت

      و لكن قراءة واحدة لا تكفي ..سأعود لقراءة ثانية و ثالثة و رابعة

      لأن الموضوع فعلا يستحق ذلك و أكثر

      ألف شكر سيدي على هذه الدراسة و على هذه الفيديوات

      التي استمتعنا بترجمتها المرئية و بدأنا نفهم ما معنى ترجمة مرئية و كيف تنجز

      سأعود إلى الترجمة القيمة

      كل الشكر و الامتنان لك أستاذنا القدير فيصل كريم

      تعليق

      • نايف ذوابه
        عضو الملتقى
        • 11-01-2012
        • 999

        #4
        وقد يجادل بعض الأخوة الأفاضل أن الدولة العثمانية لم تكن هي التي تعبر عن الصورة العامة بالشرق الأوسط الذي يغلب عليه العالم العربي لا سيما أنه بتلك الفترة وما قبلها بدأت تلك الامبراطورية الشاسعة بالتفسخ والتحلل. قد يكون هذا المنظور سليما من الناحية الشكلية، لكنني أميل للفكرة التي تزعم أن سبب الانحلال السياسي الذي عانت منه الدول العربية بعد سقوط الخلافة العثمانية يبرهن على أنها (أي العثمانية) كانت تشكل نوعا من المرجعية التي يستظل بها العالم الاسلامي والعربي وكانت بمثابة درع واق من التدخلات الخارجية والتي تريد نهش العالم العربي (تابع لاحقا موقف السلطان عبد الحميد الثاني من فلسطين). وكانت النتيجة المتمثلة على مدار 90 عام تقريبا من سقوط الخلافة ما نراه حاليا من أنظمة هزيلة لا تمثل شعوبها إطلاقا. وهذا ما سنتناوله بردنا التالي بإذنه تعالى. ولهذا فإن رؤية مارتي كالاجان لا تبتعد كثيرا عن الصحة برأيي الشخصي من ناحية مركزية المشهد بالدولة العثمانية في تلك الفترة المصيرية تحديدا.

        إن الإنسان العربي مليء بشيم الشهامة والنخوة وليس من صفاته الخيانة والغدر، إلا أن الأتراك أيها الأخوة الكرام لا يزالون يشعرون بأن العرب قد طعنوهم بالظهر أثناء أوج القتال بالحرب العالمية الأولى، وقد صمدوا صمودا هائلا أمام قوى الأطماع والاحتلال -وهو ما سيوضحه الفيلم الوثائقي- ورغم أن كثيرا من العرب شاركهم قتالهم بل كانوا كذلك عماد الجيوش العثمانية، إلا إنهم ما انفكوا يشعرون بغصة في الحلق من جراء طعن بعض العرب لهم في أحرج الأوقات. وبطبيعة الحال، فإن لهم حق بذلك كل الحق، فهؤلاء المستهترون العرب لم يطعنوا العثمانيين فحسب بل ضيعوا الحقوق العربية وسمحوا بسلب فلسطين وأهدوها لقوى الظلام لتقوم بمنحها بطبق من فضة لمغول العصر الجدد. فلا هم تركوا الدولة العثمانية تقاتل مطمئنة الظهر ولا هم حققوا حلم الدولة العربية الموحدة المزعوم. ولو أن الشريف حسين أو ابنه الأمير فيصل (ملك العراق لاحقا) كانا من الصادقين فعلا ولم يكونوا من الطامعين بالكراسي الزائفة لكانوا قد أكملوا الثورة بوجه الإمبرياليين الإنجليز والفرنسيين. فما الذي منعهم من ذلك وقد أعلن الإنجليز لهم صراحة مقررات معاهدة سيفر المجحفة التي طبقت اتفاقية سايكس-بيكو بحذافيرها؟ ولكن هيهات أن يفعلوا ذلك وقد فضحتهم مراسلات الحسين-مكماهون التي أقر بها الشريف حق اليهود بوطن في فلسطين، بعد أن تقابل الأمير فيصل برئيس الحركة الصهيونية العالمية د. حاييم وايزمان بكواليس مؤتمر سيفر واتفقا على هذا الأمر المخزي سياسيا وتاريخيا. ورغم إن الخيانة لا تتلون، إلا أن طيّات الدهر وغفلة الزمن لهما من مرارة الحكمة ما لهما.



        الأمير فيصل بلقاء مع حاييم وايزمان أول رئيس للكيان الصهيوني

        وما على القاريء للتاريخ سوى المقارنة ما بين نموذج الانبطاح والاستسلام وحب الكراسي والزعامة الجوفاء وبين صورة من صور الصمود والتحدي والاستقلال. إنه نموذج مصطفى كمال الذي خـُلع عليه لقب "أتاتورك".


        "الذئب الأغبر" يسحق أطماع الغزاة




        قبل أن نعرج على ذكر نموذج مصطفى كمال، الملقب بالذئب الأغبر، علينا أن نفرق ما بين أمرين، أولهما حياته كعسكري مناضل وهو ما يهمنا بالموضوع، وثانيهما حياته كسياسي وعراب لعلمانية الجمهورية التركية التي نشأت على أنقاض الدولة العثمانية وهو ما لا يعنينا هنا لانفصامهما انفصاما موضوعيا.
        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. شكرا لك أخي فيصل على هذا الجهد الموثق والذي لا تخطئ عين الخبير والمتابع لتاريخ المنطقة السياسي في القرن الماضي دقة العرض وحتى دقة التحليل بشكل عام إلى أن وصلت إلى الذئب الأغبر قبحه الله وهو مصطفى كمال أتاتورك ..

        الشرق شرق والغرب غرب ... هي مقولة للشاعر الإنجليزي كبلينج .. الصراع والعداء هو طابع العلاقة بين الشرق الإسلامي والغرب المسيحي النصراني .. مع فارق أن المسلمين لم يتخلوا عن أخلاق الفرسان وأخلاق الفاتحين أصحاب الرسالة الهادية فيما تخلى الغرب في حروبه الصليبية معنا عن القيم الرفيعة من قتل الناس الآمنين والتعرض للنساء في مواكب الحج في عهد صلاح الدين من قبل أمير الكرك وجلي ومشهور أن الصليبيين قتلوا نحو ستين ألف مستأمن لجؤوا إلى المسجد الأقصى عام 492هـ .. منطقة الشرق الأوسط وخاصة مصر والشام العراق هي قلب العالم النابض وهي ساحة الصراع التي دارت عليها رحى الحرب بين الحضارتين اللتين تنافستا على قيادة العالم.. الحضارة الإسلامية والحضارة المسيحية .. طبعا بعد أن فقد المسلمون زمام المبادرة في الغرب الإسلامي وهو الأندلس فأصبح رحى الحروب تدور في الشرق ..

        صحيح أنه بغياب دولة الخلافة الإسلامية وهي الدولة العثمانية غربت شمس الإسلام وفقد الشرق ليس فقط المرجعية بل فقد هويته الحضارية وتحول من أمة إلى شراذم .. أمة كانت تقودها الدولة العثمانية ممثلة الإسلام في الموقف الدولي .. إلى دول أقزام ذات طابع قومي ثم طابع إقليمي وطني حفرت بينها خنادق من العداء والخصومة حتى يستحيل أن ينعقد بينها جسر للوحدة لأن العدو الكافر المستعمر حرش بينها ولا يمضي جيل (ما بين عشرين إلى ثلاثين عاما) إلا ويصطنع مشكلة تؤرث النزاع والخصومة بين شعوبها وتعمق المشاعر المعادية للوحدة بينها .. فوقوف العرب وخيانتهم للدولة العثمانية جعل الأتراك يتجرعون كاسات الأسى من خيانة إخوانهم العرب لهم .. ثم الخصومات بين مصر والسودان ، والعراق والكويت ثم الحرب بين العراق وإيران .. وقبلها حرب أيلول بين الأردنيين والفلسطينيين 1970 على خلفية العمل الفدائي وتجاوزات ارتكبتها أيدي مشبوهة .. حتى الكرة لم تسلم من التحريش بين الشعوب كما حصل بين مصر والجزائر.. وهكذا فإن الغرب يحيك المؤامرات ويجد من حكام المنطقة من يباشر تنفيذ مخططاته كما فعل نظام الأسد في لبنان حين ارتكب كل القبائح والإساءات بحق اللبنانيين وكان المتوقع أن يكون نظاما وحدويا فكان نظاما طائفيا وعنصريا وهيمن على مقدرات اللبنانيين ونهبها فضلا عما قام به من قصف مخيمات الفلسطينيين .. في تل الزعتر ..

        بالنسبة للذئب الأغبر المجرم أتاتورك أنا أرى أن الإنجليز صنعوه تمهيدا للجريمة والجناية والخيانة التي قام بها بحق الإسلام والمسلمين وهي إلغاء الخلافة وبهذا أزال المظلة التي كان يستظل بها المسلمين وكانت تحميهم وتحافظ على الحد الأدنى من وجودهم ووحدتهم .. وأتبعها المجرم بإلغاء الحروف العربية واستبدالها بالحروف اللاتينية ومنع الأذان ومنع الحجاب وألغى ارتباط تركيا بالشرق الإسلامي وبالإسلام نفسه واتجه نحو الغرب واستقدم دستورا سويسريا علمانيا بدل الإسلام.. وهذا هو ثمن تواطؤ بريطانيا معه وصناعته وتهيئة الجو له ليرتكب جريمة العصر بإلغاء الخلافة وإلغاء هوية تركيا الحضارية الإسلامية .. بالنسبة للعرب كان مشينا الدور الذي قاموا به إلى جانب حلفائهم الإنجليز ولقد نال الشريف حسين وأولاده شر جزاء من الإنجليز .. فلقد نفي الشريف حسين إلى قبرص وعاش هناك حياة ذليلة .. والملك عبد الله المؤسس جد الملك حسين قتله الإنجليز في المسجد الأقصى والملك فيصل الأول سممه الإنجليز وغازي قتلوه وهكذا ..

        الإنجليز غدارون وخونة .. غدروا بالشريف حسين وخانوه وخدعوه .. وفضلا عن ذلك لوثوا اسمه وأسماء أبنائه بالمساهمة في قيام إسرائيل وحمايتها وحراستها .. .. والأنجليز ومن بعدهم الأمريكان يعرفون أن كبوة الجواد لن تطول طويلا .. وأن المارد الإسلامي بدأ يتململ ويصحو ويخرج من قمقمه وسيحاولون بكل سبيل أن يحرفوا المسيرة عن النهج الصحيح أي يحولون دون قيام دولة الإسلام وهي الدولة التي وصفها الإنجليز .. مستودع المال والرجال والأفكار الرفيعة التي توحد أهل المنطقة ضمن نسيج فكري وقيمي يؤهلهم لانتزاع قيادة العالم من الحضارة الغربية ...

        ما جاء بالغرب إلى بلادنا .. النفط .. ثم الحيلولة دون نهضة الشرق وامتلاكه لزمام المبادرة لمصاولة الغرب في عقر داره .. وأيضا بث الفرقة وتقسيم المنطقة للحيلولة دون وحدتها ثانية لأن وحدتها خطر يؤذن بأفول شمس الغرب عن المنطقة بل عن العالم ..

        ســأرى الفيلم وأعقب بعون الله ..
        [glint]
        ما زلتُ أبحثُ في وجوه النّاس عن بعضِ الرّجالْ
        عــن عصـبـةٍ يقـفـون في الأزَمَات كالشّــمِّ الجـبالْ
        فــإذا تكلّـمتِ الشّــفـاهُ سـمـعْــتَ مــيـزانَ المـقــالْ

        وإذا تـحركـتِ الـرّجـالُ رأيــتَ أفــعــــالَ الـرّجــالْ

        [/glint]

        تعليق

        • فيصل كريم
          مـستشار في الترجمة المرئية
          • 26-09-2011
          • 386

          #5
          شكرا للأستاذ الفاضل والمعلم الكبير نايف ذوابه على ما تفضل به من أفكار ورؤى حول الموضوع. ولا شك إننا متفقين على معظم البنود الواردة به، وتقف أمامنا مسألة مصطفى كمال التاريخية كقضية نتأمل مفارقاتها ونعتبر من تداعياتها.

          في البداية، لا بد أن أوضح أنني لست من المعجبين بهذا الرجل لسوء سمعته بسبب الأفعال التي أقدم عليها، وتفضل بذكرها الأستاذ نايف، رغم أن هنالك "هوسا كماليا"، إن جاز التعبير، لا زال يسيطر على عقول بعض قارئي التاريخ سواء ممن يضعف وازعهم الديني أو يجهلون خبث أهداف "أتاتورك"، أو ممن يتبنون الفكر العلماني الذي اتفقنا على انعدام انطباقه في البلدان الإسلامية. ولكن، من الجانب الآخر، علينا ألا نذهب بعيدا وبشكل مبالغ به بوصف دوافع مصطفى كمال وتوصيف نوازعه.

          إن سبب الكره الدفين للإسلام لدى كمال غير واضح تمام الوضوح، وقد عاش هذا الرجل العسكري حياة غامضة كتومة، ومات كذلك، بعد أن عاقبه الله بميتة قاسية بسبب إفراطه بالملذات وارتكاب الموبقات. أما حياة أتاتورك فمليئة بالتناقضات والمفارقات، فهو دافع دفاعا مستميتا عن الدولة العثمانية لا سيما في معركة جاليبولي التي وقعت في جبهة الدردنيل، وكبد الإنجليز والفرنسيين خسائر فادحة في بداية الحرب، وتسبب -بشكل غير مباشر- بإقالة تشرشل من وزارة البحرية البريطانية بعد كارثة الدردنيل. ثم صمد صمودا كبيرا في الشام أمام القوات البريطانية المندفعة جنوبا من خط بئر سبع-غزة، ويؤكد الفيلم الوثائقي أنه قاوم في الشام برفقة الجنرال الألماني فون سوندرز مقاومة شرسة، ولم يسلمها بسهولة حتى لا يفكر الإنجليز بغزو الدولة العثمانية من الجنوب. وما يزيد الأمر غرابة ودهشة، أن أحد المراجع التي استعنت بها بالموضوع -أظنه كتاب الأستاذ محمد محمد توفيق- ذكر أن السلطان وحيد الدين وثق بكمال وأسر له بالعديد من الأمور وهو ما ارتاح له مصطفى كمال وتعهد له بمقاومة الغزاة، وهو ما تحقق فعلا بوقت لاحق ولكن على حساب وجود الدولة العثمانية ذاتها. وبالتالي فإن من الصحيح أن كمال أتاورك هو من أعلن إنهاء الوجود الرسمي للدولة العثمانية، ولكن بذات الوقت، هل كان لمصطفى كمال أن يدعي البطولة وإنقاذ الأتراك من الوضع المزري الواضح بخريطة التقسيم أعلاه لولا موافقة السلطان وحيد الدين (أو محمد السادس) على اتفاقية سييفر المذلة؟ وهل كان له أن يتم ذلك لولا الجنون الذي حاق بأنور باشا ومطاردته لسراب تجميع الأمة التركية المنتشرة على امتداد آسيا الوسطى في دولة واحدة؟ تبقى هذه القصة غامضة ومفتوحة على جميع الاحتمالات، بما فيها السؤال الأساسي برأيي: هل كانت فكرة إلغاء الدولة عثمانية موجودة برأس أتاتورك منذ البداية أم إنها تولدت لديه بلحظة معينة بغية إنقاذ الشعب التركي من المصير الذي كان يواجهه؟ وهل تورط أتاتورك بالفكرة الجديدة (الدولة القومية التركية) إلى درجة أنه ارتكب ما قام به من إجراءات تهدف إلى إلغاء الإسلام بحد ذاته من تركيا وليس العثمانية فحسب؟


          على الرغم من إن مصطفى كمال أتاتورك سقط بهذا الوحل التاريخي، إلا إنه أنجز، حسبما يتفق الأتراك، إنجازات أبقت على الأمة التركية قائمة، كأفضل حل ممكن آنذاك، إلا إنه فشل باختيار النظام الأمثل للشعب التركي وذلك بمعركة اختبار السلام رغم نجاحه باختبار الحرب. ولعل هذا هو مقصدي من استحضار نموذج مصطفى كمال من المنظور الإستراتيجي والواقعي والإنساني. وهو ما استوعبه الإنجليز على سبيل المثال بعيد الحرب العالمية الثانية حيث أسقطوا تشرشل بالانتخابات رغم انتصاره على النازيين، وكذلك ما قام به الأمريكان بعد حرب الخليج عام 1991 حيث أسقطوا رئيسهم المنتصر جورج بوش ونصبوا كلينتون بديلا عنه. وهذا ما كان يجب أن يحدث مع أتاتورك بعد انتصاره على الحلفاء، وكذلك مع جمال عبد الناصر بعد تأميمه لقناة السويس 1956، ومع صدام حسين بعد تحجيمه لخطر الثورة الإيرانية عام 1988. فالانتصار، يا أستاذي الفاضل نايف، له سكرة تذهب عقل من يناله ويحرزه، وهو ما أدركه الخليفة العبقري عمر الخطاب رضي الله عنه حين أزاح كلا من القائدين خالد بن الوليد وعمرو بن العاص رغم انتصاراتهما الباهرة في الشام ومصر، وهو -للأسف- ما يطبقه الغرب حاليا، ونحن عنهم غافلون.

          ويملأني الأمل أستاذي العزيز نايف ذوابه أن تتكون لديك أفكار إضافية حول الموضوع بعد مشاهدة الفيلم الوثائقي، لنتبادل حولها الآراء والرؤى.

          تقبل مني أطيب تحية





          تصميم سائد ريان

          تعليق

          • نايف ذوابه
            عضو الملتقى
            • 11-01-2012
            • 999

            #6
            أهلا بك أخي فيصل .. أتاتورك أنهى دور تركيا كحاضنة للخلافة وحاملة للإسلام وممثلة له وحول بوصلتها من الشرق إلى الغرب الأوروبي .. لتكون قطعة من أوروبا بنظام علماني .. وهكذا انتهت تركيا العثمانية وولدت تركيا العلمانية القطعة من الغرب فعلا .. ولماذا لا يصنع الغرب من مصطفى كمال بطلا بعد ذلك ويساهم في ذلك ولو في مسرحية ينهزم بها الغرب في الشكل ولكنه ينتصر في الحقيقة والمضمون ..

            ما أدمى قلبي أن الإنجليز كانوا يقاتلون بأبناء المسلمين .. فجيش الجنرال مود في معركة الكوت كان يقود نحو 135 ألف جندي ثلثاهم من المسلمين الهنود .. كان الإنجليز يصنعون أمجادهم بدماء المسلمين للأسف ..واضح هزيمة الفيالق العثمانية لضعف الإعداد وتفكك الدولة وتكالب الأعداء عليها وعدم وجود خطة محكمة وقيادة ملهمة لإنقاذ الدولة العثمانية من مصير كان ينتظرها ..
            كان الارتجال يغلب على تصرفات قادتها وكانت النتيجة أن خسرت مئات الآلام من جنودها فضلا عن نحو مليون من شعبها .. ضحايا للحرب العالمية الأولى وتداعياتها .. وآثارها
            [glint]
            ما زلتُ أبحثُ في وجوه النّاس عن بعضِ الرّجالْ
            عــن عصـبـةٍ يقـفـون في الأزَمَات كالشّــمِّ الجـبالْ
            فــإذا تكلّـمتِ الشّــفـاهُ سـمـعْــتَ مــيـزانَ المـقــالْ

            وإذا تـحركـتِ الـرّجـالُ رأيــتَ أفــعــــالَ الـرّجــالْ

            [/glint]

            تعليق

            يعمل...
            X