الصباح الفلسطيني

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • المهدي عثمان
    • 08-11-2011
    • 3

    الصباح الفلسطيني

    الصباح الفلسطينيّ
    ككلّ صباح ينهض متكاسلا
    يغسل وجهه الصباحيّ
    غير منْتبه لصِبْية لا صباح لهم
    يفتح نافذة على حقل تفاح بلا رائحة
    وينتبه كلما تثاءب
    أنّ جرافة مرّتْ من هنا
    دخلتْ من تلّ الزعتر
    لورقة الزيتون
    وداست حلما كان يلعب حافيا
    * * *
    الصباح الفلسطينيّ
    ككل صباح يتحسس مفتاح بيته
    ويطوف بالجدران أنْ اصمدوا
    صامد .. صامد .. صامد
    صاح جدار شرقيّ
    واتكأ يتضرّع للشرق
    كنهر يراوغ قاربا
    .. ثم اسْتقام
    نفض شيئا من صديد
    كان يُغلّف مسْمارا
    شُدَّ إليه الحصان
    انتزع من صدره حجرا
    وصوّب لنجمة زرقاء
    كانت تتقيّأ أشْلاء طفل
    فقدتْه أمه منذ شهر
    * * *
    الصباح الفلسطينيّ
    ككلّ صباح
    ينهض قبل الصباح قليلا
    ربما قبل تحليق الزقزقات قليلا
    قبل الثغاء والصياح والنقيق
    دقيق جدا في مواعيده هذا الصباح
    ثمة تلة يطلّ منها على المدى
    ويحرس أطفاله العشرة
    من أنياب الأناجيل
    و وهم البطولة الزائفة
    * * *
    الصباح الفلسطينيّ
    ككلّ صباح
    يتحسس أطفاله العشرة
    ذات صباح ...
    رأى روح طفله في غيمة شاردة
    رأى صورته في إطار على الجدار
    ورأى أطفاله التسْعة يتناقصون
    توضّأ بآيات الله وأقسم
    أنْ يدفن إصبعا مع كلّ طفل
    عاد بكفنه منتصرا
    من ذات التلة
    كلما سمع الزغاريد
    قطع إصبعا ورفعه كنعش
    ليدفنه مع الطفل الموالي
    فجأة لم يجد أصابع ليرفع شارة النصر
    * * *
    الصباح الفلسطينيّ
    وقدْ ظلّ وحيدا
    بلا أحد يقاسمه الصمود
    وبلا عبور
    من ضفة النحيب لقطاع الرفض
    كان يركض بأصابع من شوك
    يراوغ حلما ميتا أو ضحكة مقيّدة من دمها
    فيما الرصاصة لا تعتذر لدمعة
    تشبثتْ بمربعات الرصيف
    وفيما ظل الصباح عاريا كنهر
    ابتسمت طائرة تبيض حِمم الموت
    وألقتْ إسفلتا
    ظلّ ينهش كبد الصباح الفلسطينيّ
    * * *
    الصباح الفلسطينيّ
    نبتتْ فوق قبره زيتونة
    أصلها ثابت في الجسدْ
    وحباتها تقطر كرها
    وتصّاعد للسماء
    لا زيت لنا الآن غيْر الدماء
    فاشْهدي يا أصابع قطعتْ
    أنّ الشهادة عنوان هذا البلدْ
    0
  • منجية بن صالح
    عضو الملتقى
    • 03-11-2009
    • 2119

    #2

    للوطن روح من روح متساكنيه تنبض فيه الحياة ليكتسب ملامح الأمهات و الصبية و الشيوخ الجالسة القرفصاء أمام أبواب المنازل و كأنها تحرسها من غدر أيدي عدو متربص بها ينتظر لحظة غفلة لينقض على أطفال هم أشلاء قصف قادم
    هو الصباح الفلسطيني بكل معاناة أهله و حزنهم على من قضوا تحت الأنقاض و توجسهم من قادم له ملامح قبيحة و مخيفة القسمات و مع ذلك هم يدركون أن للفجر شروق على أيام تمر متثاقلة لكنها ربما تحمل في طياتها بعضا من فرح أو خيال ابتسامة تدل على أن الوجه الفلسطيني ما زال قادرا على الابتسام يقول إيليا أبو ماضي

    قال: العدى حولي علت صيحاتهم
    أَأُسر و الأعداء حولي في الحمى ؟
    قلت: ابتسم, لم يطلبوك بذمهم
    لو لم تكن منهم أجل و أعظما !


    للصباح الفلسطيني تكاسل أمام آلة حرب لا ينتهي غدرها بأرض الوطن و الإنسان فهي لا تفرق بين الشجر و الحجر و لا بين الإنسان و الحيوان الكل عندها سوى
    تمر الأيام متشابهة تشرق شمسها لتغيب حاملة هموما تنوء بحملها الجبال و لكنها لا تركع سوى لخالقها ويقول الكاتب القدير المهدي عثمان في نص بعنوان الصباح الفلسطيني

    الصباح الفلسطينيّ
    ككلّ صباح ينهض متكاسلا
    يغسل وجهه الصباحيّ
    غير منْتبه لصِبْية لا صباح لهم
    يفتح نافذة على حقل تفاح بلا رائحة
    وينتبه كلما تثاءب
    أنّ جرافة مرّتْ من هنا
    دخلتْ من تلّ الزعتر
    لورقة الزيتون
    وداست حلما كان يلعب حافيا
    * * *
    الصباح الفلسطيني هو غير كل صباح له طقوس اعتاد عليها لكن من يشرق عليهم بشمسه هم خلق غير الخلق.... يغتسل الوجه الصباحي بينما يحرم الصبية ماء الشرب فكيف بماء الغسيل؟ تكون لحظات أيامهم متشابهة لا فرق بين الصباح و المساء و لا بين الشروق و الغروب يفقد التفاح رائحته في حقل يفتح عليه الصباح نافذة ليتنفس هواء لوثه غبار جرافة داست حلما حافيا كان يلعب بين يدي أطفال يُحرمون الخيال المغذي لطفولة تنشد أمنية تكبر وأرضا تكون لها رحابة وطن هو حضن دافئ و يقول الكاتب


    الصباح الفلسطينيّ
    ككل صباح يتحسس مفتاح بيته
    ويطوف بالجدران أنْ اصمدوا
    صامد .. صامد .. صامد
    صاح جدار شرقيّ
    واتكأ يتضرّع للشرق
    كنهر يراوغ قاربا
    .. ثم اسْتقام
    نفض شيئا من صديد
    كان يُغلّف مسْمارا
    شُدَّ إليه الحصان
    انتزع من صدره حجرا
    وصوّب لنجمة زرقاء
    كانت تتقيّأ أشْلاء طفل
    فقدتْه أمه منذ شهر
    * * *
    تهدم البيوت و تضيع هوية المفاتيح بين يدي أصحابها لتصمد الجدر المهدمة يطوف بهم الصباح أن قاوموا لم ينقطع بعد نفس الإنسان المقاوم بالروح و الجسد لتكون للشهادة دماء تراق على أرض عطشى للحب و الفداء
    تتضرع الجدران للشرق فهل من مجيب ؟ و هل من سائل عن بؤس حال ينشد لحظة تكون خارج الزمن ليكون فيها خلاصه؟ و كأن الإنسان يتحجر و يخرس فيه الصوت لترسل الطبيعة رسالة إستغاثة لمن يسمع ......فهل من مجيب ؟ نعم يقول الكاتب هو الحصان من يقتلع حجرا إخترقه مسمار ليصوبه نحو نجمة لها زرقة الحقد و الدم المحتقن في شرايين سكنها كره و ضغينة إبليس لإبن آدم ووعده الأزلي بانتقام مؤجل في لحظة غفلة من إنسان لم يعرفها فقط بل احتوته غفوة موت الحياة فيه, فملكه حقد أزرق و نجمة بلونه تقيأت أشلاء طفل فقدته أمه منذ شهر أو شهور أو سنين عمر أرض أجداد فلسطين السليبة ليدفع الأبناء ثمنا لا يقدرون على دفعه فيقتطعه العدو من أجسادهم الطاهرة لأنه جبان و لأن الآباء صامدون على أرض تُذبح كل صباح و مساء و يقول الكاتب
    الصباح الفلسطينيّ
    ككلّ صباح
    ينهض قبل الصباح قليلا
    ربما قبل تحليق الزقزقات قليلا
    قبل الثغاء والصياح والنقيق
    دقيق جدا في مواعيده هذا الصباح
    ثمة تلة يطلّ منها على المدى
    ويحرس أطفاله العشرة
    من أنياب الأناجيل
    و وهم البطولة الزائفة
    * * *
    ينهض الصباح الفلسطيني قبل الصباح لتكون عتمة الليل رداء يحميه من أعين تترصد حركاته ..... تغتال شروقه و تنزع فجره المحمل بقطر ندى الرحمة المرسلة للنبات و الحيوان و الطير و الإنسان فيستشف الفلسطيني هذا الوجود و كأن جفونه لم تعرف النوم يشده سهر الحرص و الخوف من أن يُغتال الوطن من بين يديه و معه هويته , يتيه منه مفتاح بيته ليكون وجوده هو الصباح قبل الصباح....
    لحياته شروق في ظلمة ليل الجهل توقظ العالم من سباته ليرى بعين البصيرة إستفحال ظلم الإنسان لأخيه الإنسان
    هو هذا الفلسطيني المناضل بكل طاقته و مكونات الطبيعة التي وجد فيها الحامي و المعين لأنها تدفع معه ثمن الاغتصاب و القمع و قهر موروث أوجده الحقد الإنساني على أرض قابيل و هابيل
    ينهض الصباح الفلسطيني قبل الصباح قبل النقيق و الثغاء و قبل تحليق الزقزقات التي تملأ الفضاء و قبل أن يتلوث بصوت الانفجارات و أزيز الطائرات
    للصباح الفلسطيني دقة في المواعيد ليكون في نفس المكان كل يوم على تلة يشرف منها على المدى ليتابع أطفاله العشرة و يحميهم من انهمار أفكار الأناجيل و أنيابها الموجعة ووهم البطولات الزائفة و كوابيس اليقظة و يقول الكاتب
    الصباح الفلسطينيّ
    ككلّ صباح
    يتحسس أطفاله العشرة
    ذات صباح ...
    رأى روح طفله في غيمة شاردة
    رأى صورته في إطار على الجدار
    ورأى أطفاله التسْعة يتناقصون
    توضّأ بآيات الله وأقسم
    أنْ يدفن إصبعا مع كلّ طفل
    عاد بكفنه منتصرا
    من ذات التلة
    كلما سمع الزغاريد
    قطع إصبعا ورفعه كنعش
    ليدفنه مع الطفل الموالي
    فجأة لم يجد أصابع ليرفع شارة النصر
    * * *
    للصباح الفلسطيني عشرة أطفال يتابع حركتهم و كأنه يحرسهم من يد غدر تتربص بهم لتغتال براءتهم و تخطف أرواحهم الطاهرة.... رأى واحدة منها في غيمة شاردة وهو المشرق بنوره المتحرك في المدى ليرى نفسه حبيس إطار صورة جامدة بلا روح و كأنه يحاكي صور خلق تجمدت فيهم الحركة ليكون لها سكون الموت
    يبقى الأطفال تسعة ليحصد الموت الآخرين الواحد تلو الآخر .....الطغيان هو المتربع على عرش الظلم و الغدر.... يغتصب المغتصب و يقتل الميت هي حياة قهر و جبروت ظلم و تأله ضعيف جاهل ..... يتوضأ الصباح الفلسطيني بآيات الله و يقسم أن تقطع أصابعه الجامدة كل ما فُقد طفلا من أطفاله التسعة..... يدفن الإصبع و تُكَفن اليد هو موت الإنسان قبل الموت من يفقدنا الحركة لتكون المقاومة هي الحياة و الجمود هو الموت الحقيقي للإنسان لنبقى في موقع المشاهد تارة و المدافع باليد و القلب و الدعاء أخرى في زمن تنعدم فيه الحيلة و يفرض القدر علينا سلطته و سطوته ليختبر إصرارنا و قدرتنا على الصبر و الإحتساب لله تعالى و طلب عونه و مغفرته
    يبقى السلاح الفلسطيني المقاوم بالساعد و الفكر هو الحل الأوحد وهو القلب الصامد و النابض في حياة الأمة و الشعوب المقهورة فلكفن الأطفال إنتصار و للموت قلم يكتب التاريخ بمداد دم الشهداء تدفن أصابع الصباح لتنبت الحياة من جديد وتشرق شمس فجره.... ففي كل يوم له شهادة هي شهيدة الحق على أرض الجهل و الظلم فللنصر شارة في قلب أحب فقاوم و دافع فأستشهد لينتفى دور الأصابع و لا تبقى غير كلمة صدق هي شهادة على نصر مؤجل الحضور
    الصباح الفلسطينيّ
    وقدْ ظلّ وحيدا
    بلا أحد يقاسمه الصمود
    وبلا عبور
    من ضفة النحيب لقطاع الرفض
    كان يركض بأصابع من شوك
    يراوغ حلما ميتا أو ضحكة مقيّدة من دمها
    فيما الرصاصة لا تعتذر لدمعة
    تشبثتْ بمربعات الرصيف
    وفيما ظل الصباح عاريا كنهر
    ابتسمت طائرة تبيض حِمم الموت
    وألقتْ إسفلتا
    ظلّ ينهش كبد الصباح الفلسطينيّ
    * * *
    يعاني الصباح الفلسطيني من وحدة تقاسمه الصمود في غياب أهل الصمود ينشد عبورا من ضفة قتلها النحيب على فرح لا يأتي و على سلام مأجور ليس له ثمن يدفع و لا وطن يكون مأوى من غدر الإنسان و جشعه القاتل للحياة الحرة
    إلى قطاع يحتمي برفض الخضوع و سلام هو إستسلام خرفان لمدية جزار يفترس الحياة و يبيع الموت بأبهظ الأثمان
    لأصابع الصباح الفلسطيني شوك يؤلمه يساعده على الركض يراوغ تارة حلما مات و دفن مع جثث أصحابه هم أطفال و شيوخ واراهم تراب أرض بعد أن ارتوت من دمائهم الزكية و أخرى ضحكة قيدها الدم الفلسطيني على شفاه كل عربي أبي سكنه رفض الخضوع للأمر الواقع فكانت بلون حمرة دم هو مداد قلم و ثورة خطاب مقاوم بكلمة هي رصاصة قاتلة تندفع من فوهة بندقية فدائي....
    لرصاص العدو دوي لا يعرف الإعتذار لدمعة ثكلى و طفل فقد حضن العائلة فكانت لخطاه في شوارع الصباح وقع يرعب العدو عند كل شروق الشمس و مغيبها ليبقى الصباح عاريا إلا من نوره المضيء لعتمة ليل و ظلام جهل....
    لإبتسام الطائرات حمم قاتلة للبسمة و للحياة تصب جام فرحتها على الوجع الفلسطيني ليصير الدمع أنهار بكاء تروي الأرض لتتذكر و لا تنسى أن هنا على الرصيف كان الإسفلت ينهش كبد الصباح ليطفأ نور الحياة فيه و يقول الكاتب
    الصباح الفلسطينيّ
    نبتتْ فوق قبره زيتونة
    أصلها ثابت في الجسدْ
    وحباتها تقطر كرها
    وتصّاعد للسماء
    لا زيت لنا الآن غيْر الدماء
    فاشْهدي يا أصابع قطعتْ
    أنّ الشهادة عنوان هذا البلدْ

    للصبح الفلسطيني قبر يتفيأ ظل زيتونة بدون زيت حباتها تقطر كرها طمس نور فطرتها فأظلم صبحها و مات فجرها ليستمد زيت الإنسان نوره من إشراق حمرة دماء تشهد حركة الحياة في أصابع قطعت لتقول لنا أن الشهادة هي عنوان بلد يتفيأ الأرض الفلسطينية الصامدة الأبية
    أخذنا الكاتب في رحلة على جناح الصباح الفلسطيني و الذي استمد حياته, حركته و روحه من روح أهله وهو الذي يشرق عليهم بشمسه كل فجر.....
    أبدع الكاتب في تشخيص الصباح هذه الظاهرة الكونية و التي تعيش معنا و نعيش بها دون أن ننتبه أن لها حياة تشبهنا و لكنها غيرنا تتألم لألمنا , تتأثر بأحداثنا تحزن و تفرح تغضب و تزمجر يتجهم فينا الإنسان لتتجهم الطبيعة يكون لها بكاء هو مطر يغسلنا من حزن يسكننا من وجع يشقينا و من ألم يعتصر الجوارح
    تشرق شمس الصباح على الطبيعة و فينا ليستنير القلب و يدرك أن له ظلمة جهل و طغيان نفس باغية لا بد من استئصالها حتى تستقيم قيم الإنسانية فينا ليكون التغير على أرض الإنسان هو الدافع لتغيير أكبر يشمل أمة لها وطن هو في حمايتها وهي في حماه .......
    التعديل الأخير تم بواسطة منجية بن صالح; الساعة 16-11-2011, 22:19.

    تعليق

    يعمل...
    X