المظلة
فتحت السماء بواباتها، وتناثرت حبات البَرَدِ على الأرض كتناثر حبات عقود اللؤلؤ، تلمع كالنجوم المتلألئة في سماء الليالي المُظْلمة، وحين تعانق الأرض، تذوب رقّةً وخيرا وعطاء.
أخذ الطلاب في الحرم الجامعي يتراكضون في كل الاتجاهات، كمن يهرب أمام عشٍّ من الدبابير المهاجمة، منهم من يفتّش عن شُرفة يقف تحتها، أو شجرة يحتمي بأغصانها، أو ظل حائط خير من ظل رجل تحت المطر، ليحتموا من الحبات المتجمدة الذائبةِ حُبا وخيرا.
وقفتْ بجانب حائط لا يظللها بشيء، وبيدها كتاب من الحجم المتوسط، رفعته فوق رأسها، كأنها تحتمي بما فيه من أفكار، أو تستشير صاحبه كي يسعفها أمام هذا السيل المتفجِّر من البَرَد
المخلوط بقطرات كبيرة من المطر، أو أنها تحتمي بمظلة الكلمة الجميلة التي تمسح الغم وتزيل الهمّ وتفتح الشهيّة على الحياة.
نادت عليه، وهو الحائر يلتفت هنا وهناكـ بحثا عن موطئ قدم، لا يريد أن يزاحم أحدا، أو يحتل مكان أحد، إنه يكره كل شيء يذكّره بالاحتلال:
"تعال قف بجانبي قبل أن يبلل ثيابَك المطر"
التفت إليها، إنه لا يعرفها، ولا يعرف اسمها، ولا من أين أتت، وكذلك هي، ابتسم لها فردّت الابتسامة بأحسن منها، كأنّ عِشقَ الأرض للمطر، أيقظ فيها حُبّها لعمل الخير، وكان هو الأرض العطشى، متعطشا لبسمة أو لكلمة تُذيب ما تراكم في صدره من سراب الحب وجفاف الزمان.
وقف بجانبها تحت الكتاب،والتصق بها فالتصقت به هربا من المطر المتدفق كالسيل، وصار لها ظلاّ، تحتمي به صيفا وشتاء، يقيها من الشمس إذا هاجت، ومن البرودة إذا جُنّتْ، تتعانق ظلالهما إذا تعانقت الأزهار، يُفْرِغ بين يديها همومه، وترمي أثقال وحدتها على كتفيه ، تلازمه أثناء النهار وبعض الليل، كأنهما ولدا توأمين، إن رأيت احدهما تلتقي بالآخر، وإن غاب أحدهما تفتقد الآخر.
وحين انتهت دراستهما انتهت علاقتهما، لأن الله الذي شاء ألاّ يكون الناس أمة واحدة شاء أن يذهب كل في طريقه.
وافترقت الطرق، وبعُد الزمان، وبعد المكان، وكبرت المسافات ولم يلتقيا قبل مرور عقدين من الزمن، وحين التقيا كانت أبواب السماء مفتوحة، وكانت حبات البَرَد تتناثر على الأرض كحبات عقود اللؤلؤ ، وكانت تمسك بيدها مظلة بدلا من الكتاب وتقف بجانب حائط، وعرفته عن بُعد، ونادته:
تعال قف بجانبي قبل أن يبلل ثيابَك المطر" لم يعرفها ، لأن يد الزمن أتقنت لعبتها معها، فغيّرت الأيام الطويلة كثيرا من ملامح جسدها، بينما ابتسمت الأيام له، فبقي كما كان، كتمثال مصنوع من المرمر لم تحفر به أزاميل الزمن، لا شيء فيه تغيّر، وحين وقف بجانبها تحت المظلة عرفها والتصق بها فالتصقت به، وسألها، وسألته، وعاتبها وعاتبته، وتسلل من العتاب عبير الماضي، ليشعل نبض الحب، ويطغي على لغة العتاب، ويوقظ ما طوته لعبة الأيام من بُعدٍ ومن ذكريات.
قالت له : نسيتَني!
قال: وأنت نسيتِني أيضا!
قالت: كنت أحسك بروحي ...
: وأين كان قلبكِ ؟
: خلعتك منه خوفا عليك.
: كيف ؟؟
: خفتُ إن متُّ ومات قلبي أن يموت حبكَ،.
: وحبي؟
عانق روحي، ولأن الروح خالدة، أردت أن يبقى حبك خالدا خلود الروح، نظيفا، محلقا معها، بعيدا عن صدئ الأرض، وغبار الناس.
صمت....وطال صمته!
وصمت معه البرق والرعد والمطر..حتى الهواء لم يعد له صوت
سألته: ما بك ماذا هذا الصمت المخيف؟؟
قال:
دعيني أحلق بصمت مع الطبيعة في محراب روحك النظيفة!!!!
أخذ الطلاب في الحرم الجامعي يتراكضون في كل الاتجاهات، كمن يهرب أمام عشٍّ من الدبابير المهاجمة، منهم من يفتّش عن شُرفة يقف تحتها، أو شجرة يحتمي بأغصانها، أو ظل حائط خير من ظل رجل تحت المطر، ليحتموا من الحبات المتجمدة الذائبةِ حُبا وخيرا.
وقفتْ بجانب حائط لا يظللها بشيء، وبيدها كتاب من الحجم المتوسط، رفعته فوق رأسها، كأنها تحتمي بما فيه من أفكار، أو تستشير صاحبه كي يسعفها أمام هذا السيل المتفجِّر من البَرَد
المخلوط بقطرات كبيرة من المطر، أو أنها تحتمي بمظلة الكلمة الجميلة التي تمسح الغم وتزيل الهمّ وتفتح الشهيّة على الحياة.
نادت عليه، وهو الحائر يلتفت هنا وهناكـ بحثا عن موطئ قدم، لا يريد أن يزاحم أحدا، أو يحتل مكان أحد، إنه يكره كل شيء يذكّره بالاحتلال:
"تعال قف بجانبي قبل أن يبلل ثيابَك المطر"
التفت إليها، إنه لا يعرفها، ولا يعرف اسمها، ولا من أين أتت، وكذلك هي، ابتسم لها فردّت الابتسامة بأحسن منها، كأنّ عِشقَ الأرض للمطر، أيقظ فيها حُبّها لعمل الخير، وكان هو الأرض العطشى، متعطشا لبسمة أو لكلمة تُذيب ما تراكم في صدره من سراب الحب وجفاف الزمان.
وقف بجانبها تحت الكتاب،والتصق بها فالتصقت به هربا من المطر المتدفق كالسيل، وصار لها ظلاّ، تحتمي به صيفا وشتاء، يقيها من الشمس إذا هاجت، ومن البرودة إذا جُنّتْ، تتعانق ظلالهما إذا تعانقت الأزهار، يُفْرِغ بين يديها همومه، وترمي أثقال وحدتها على كتفيه ، تلازمه أثناء النهار وبعض الليل، كأنهما ولدا توأمين، إن رأيت احدهما تلتقي بالآخر، وإن غاب أحدهما تفتقد الآخر.
وحين انتهت دراستهما انتهت علاقتهما، لأن الله الذي شاء ألاّ يكون الناس أمة واحدة شاء أن يذهب كل في طريقه.
وافترقت الطرق، وبعُد الزمان، وبعد المكان، وكبرت المسافات ولم يلتقيا قبل مرور عقدين من الزمن، وحين التقيا كانت أبواب السماء مفتوحة، وكانت حبات البَرَد تتناثر على الأرض كحبات عقود اللؤلؤ ، وكانت تمسك بيدها مظلة بدلا من الكتاب وتقف بجانب حائط، وعرفته عن بُعد، ونادته:
تعال قف بجانبي قبل أن يبلل ثيابَك المطر" لم يعرفها ، لأن يد الزمن أتقنت لعبتها معها، فغيّرت الأيام الطويلة كثيرا من ملامح جسدها، بينما ابتسمت الأيام له، فبقي كما كان، كتمثال مصنوع من المرمر لم تحفر به أزاميل الزمن، لا شيء فيه تغيّر، وحين وقف بجانبها تحت المظلة عرفها والتصق بها فالتصقت به، وسألها، وسألته، وعاتبها وعاتبته، وتسلل من العتاب عبير الماضي، ليشعل نبض الحب، ويطغي على لغة العتاب، ويوقظ ما طوته لعبة الأيام من بُعدٍ ومن ذكريات.
قالت له : نسيتَني!
قال: وأنت نسيتِني أيضا!
قالت: كنت أحسك بروحي ...
: وأين كان قلبكِ ؟
: خلعتك منه خوفا عليك.
: كيف ؟؟
: خفتُ إن متُّ ومات قلبي أن يموت حبكَ،.
: وحبي؟
عانق روحي، ولأن الروح خالدة، أردت أن يبقى حبك خالدا خلود الروح، نظيفا، محلقا معها، بعيدا عن صدئ الأرض، وغبار الناس.
صمت....وطال صمته!
وصمت معه البرق والرعد والمطر..حتى الهواء لم يعد له صوت
سألته: ما بك ماذا هذا الصمت المخيف؟؟
قال:
دعيني أحلق بصمت مع الطبيعة في محراب روحك النظيفة!!!!
تعليق