و في غمرة وحدتي و خلو حياتي من كل الرجال ، إلا من رجل يسكنني ، سقطت سقطتي الثانية ... ها أنا ذي أهم بالنهوض مسرعة كي لا يضحك مني المتفرجون ، أخاف جدا من ضحكاتهم الساخرة، و كي لا ألعب دور المهرج ، رفعت رأسي كي أقوم من سقطتي ، اصطدمت بجسم يمد يده كي ينتشلني من ضبابية وجودي ، و من ظلمته:
اسمحي لي أن أساعدك.
شكرا لك.
قمت هذه المرة من السقطة ، لكن ليس لوحدي بل بيد رجل لم يحملني على كثفيه، و لكنه حملني بين أضلعه، و لأني لم أعد صغيرة كما كنت ، و لأن حبي كان كبيرا و كنت صغيرة ، و لأن من أحببته كان كبيرا و حبه لي صغير جدا. فقد قررت أن يكون حبي هذا صغيرا ، كحب طفلة تحمل على الأكتاف و تحمل بالونا ورديا تتباهى به فوق و تنظر إلى من تحت بسخرية الأطفال و فرحهم ..
كان هذا قراري و إقراري منذ مدَ يده لينتشلني من سقطتي تلك، سقطة أدخلتني بين أضلعه و رمتني هناك، فكنت كلما حاولت أن أخرج، أغرق و أغوص في الأعماق ، اغرق بإرادتي و ليس كمن عذبني في زنزانته، كنت اكره الصعود من شاطئه الرملي ، شاطئ يتسع لي ، أنا وحدي ، و أركض فيه ، وألعب ، و أنثر إحساساتي دون أن أخشى من يفترسها مني....
فجأة هبت ريح على الشاطئ، وهاج بحر قلبه، و استيقظت جنيته التي تكرهني، لا تسألوا لماذا تكرهني. لأني لا أعرف، و لأني كنت خائفة ألست طفلته؟؟
قررت أن أهرب لكن شيئا كان يشدني إلى الوراء كحلم أو ككابوس مزعج . اهرب بملء قوتي ،و رجلاي لا تتحركان ،لا تنفصلان من شاطئهما الرملي، تزداد في الانغماس و في الغرق و ازداد خوفا، السياج أمامي صوته عال جدا، لا أستطيع القفز علي، كانت كل الأبواب موصدة،...... وعادت ظلماتي ، و عدت إلى السرداب ، وحدي أتنفس فيه رائحة الرطوبة، رطوبة القلب، رطوبة الهواجس ، رطوبة الوحدة من جديد ، رطوبة الرغبة في الانعتاق من جديد...
صرخت ملء صوتي ، لم يسمعني أحد ، لم يسعفني أحد ،و بكيت انتكاستي لأني كنت ابحث عنك ياأبي فيه. فلم أجدك ، لم أجدك من جديد، ما وجدته ياأبي كان مجرد رمال متحركة على شط تلفح شمسه، ابتلعني الرمال و غرقت في أعماقها، كنت ياأبي أعتقده روضة العب فيها حتى اشبع ، لكن لم ادر كان البحر سيثور في وجهي ، و أن الرياح ستهب عاصفة بكل شيء إلى بعيد : بحب رجل اكتشفت أني أحب فيه فقط أبي الذي تركني ذات يوم...
و تتهاوى بي الأرض من جديد، و أعاود ارتمائي في أحضان حبيبتي / وحدتي، أحضانها الساكنة، الفارغة، المخيفة...أنام كثيرا ....
يتبع.....
تعليق