برنامج " وجدانيات" كل يوم أربعاء 10 بتوقيت القاهرة- الغرفة الصوتية للملتقى

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • سعاد ميلي
    أديبة وشاعرة
    • 20-11-2008
    • 1391

    #16
    " وجدانيات" ح 2

    برنامج " وجدانيات" / ح2/ في الغرفة الصوتية لملتقى الأدباء والمبدعين العرب/ قراءة وجدانية في قصيدة " أعلى.... من نوايا الليل" للشاعرة القديرة نجلاء الرسول


    - 2- النص الإبداعي :





    أعلى.. من نوايــا الليـــل




    تقول الشاعرة عبر نبضها الشعري الموغل في العمق في قصيدة "
    أعلـى.... من نوايا الليل :




    .

    .

    كان سهلا ....

    أن يهبط الليلُ في البحرِ

    أن لا نكون قلق الوميضِ

    وأن تكون جماجمنا

    حديقة لقوارض الحروبْ

    أو.....

    نكون القاعة الخالية
    وما يكرره الكلام دوما
    لأجل ريح تذهب بنوايا الذئاب ليلا
    ولـم يكن البحر سوى خيطٍ أبيض يقع على البحر
    سيكون وجه رجل الكهوفِ الذي....

    فهم جيدا لذة الليل ِ

    وترك وجه حيوان بري على الجدار

    أجدر أن لا يرى هذا الليل الهابط في البحرِ

    قبل الكآبة التي ......

    تنهش

    نفسها
    و

    ت

    ض

    يـ ـ ـ ـ
    ع






    3- نافذة الرِّيـح/الأنثى/ تبتسم بشموخ لسماعها ما ينويه الليل/الذئب..
    في عتمته الصامتة.. :




    عبر ذبذبات الرّوح النازفة المنتقلة من عنوان هذا النص المتفرّد بسلاسته العميقة حد ما بعد الصمت والترقّب.. دَخلنا مشدُوهين في محاولة وجدانية منا لنكتشف من خلالها العنوان ذا الآفاق الانزياحية الدلالية الجديدة:

    " أعلى... من نوايا الليل.."

    العنوان في رأيي.. هو أرض قاحلة تحتاج لأمطار الروح المكثّـفة كي تزرع كلماتها المتفردة ورودا.. تتفتح في قلبها الحاني لتنعشه بحزن مرّ حد اللذة.. وحلم رقيقٍ كرقة الندى على خدّ الوردة / القصيدة..
    .. الذات المبدعة هنا قطرة مطرٍ تبحثُ عن أخواتها الكلمات المطرية المنفية داخل جدار العزلة و العالم الرديء الفارغ.. في رحلة الصمت والضيـــاع..

    إذن فالعنوان جاء كرسالة غامضة بين مرسل متفرّد في اشتغاله الدلالي/ الذات المبدعة/ إلى مستقبل / القارئ الناقد أو المتلقي الناضج/ متأمّل في هذه الذبذبات الإبداعية وقارئ لها.. ينتقل معها إلى الغوص في عمق بوحها المـُغَـبـَّر فيمسح بحب واعي وجه هذه اللؤلؤة الإبداعية لتصبح في أبهى حلة مما علق بها من ضبابية تحتاج إلى كم كبير من التأمل والتفكير الرزين .. لرصد رقة الذات المبدعة الداخلية رغم ما تخللها من إحساس بالمتمرد و النرجسية الأنثوية التي تليق بها وتسمو معها.. كما الريح التي تعلو على الكون كله وبما فيهم الليل .. وهذا طبيعي كون الذات المبدعة وظفت مفرداتها الطبيعية ومن ضمنها الريح بشكل واعي وعميق فكانت الريح هنا رمز العلو والليل رمز الخضوع والاستسلام.. و البحر رمز الحكمة..

    ..يا ترى؟ ما ينويه الليل في هذا الفضاء اللازوردي؟ العالي شأنا والراقي فكرا.. ؟

    .. عندما نسموا مع الذات المبدعة/الرّيح/ عاليا.. بعيدا عن ليلٍ يجترّ ذئبية نواياه في صمتٍ وسكونٍ وخضوع.. نجد أن فوضى الريّـح هذه مفتوحة تأويلاتها ودلالتها أمام تأمّلنا المذهول... إذ يستحوذ على وجداننا أفُـقُ انتظار ما ستلـِـدُه بُـنيّات أفكار الذات المبدعة.. لنتغلغل شغفا معها في عمق النص الإبداعي لاكتشافه بحب ووعي من خلال ذهن قارئ مبدع كذلك..

    تقول الشاعرة:

    .
    .
    كان سهلا ....
    أن يهبط الليل في البحرِ
    أن لا نكون قلق الوميضِ
    وأن تكون جماجمنا
    حديقة لقوارض الحروبْ


    .. كي نقترب من عالم الذات المبدعة وما نزفته هنا.. لا بأس أن نقترب من عمقها الإنساني وشخصيتها الفريدة.. كصاحبة لهذا النص العميق في دلالاته.. والقريب إلى القلب بإحساسه الصادق النازف...
    تقول الشاعرة نجلاء الرسول (في حوار سابق أجرته مع القاص والصحفي المبدع رزق فرج رزق ونشر في ملتقى الأدباء والمبدعين العرب وجريدة الجماهيرية الليبية).... :
    " .. حياتي هادئة جدا إلى أقصى درجات الهدوء لا بشر أو تلفاز أو ضوضاء هو عالم السكون الذي أعشقه والذي تأثرت به من قراءتي ل"فيجاي أسواران" زاوية للكتابة وزاوية للرسم وزاوية للفناء. "
    عبر ما قالته الشاعرة و الفنانة التشكيلية نجلاء الرسول ( التي ولدت في السعودية.. من أصل باكستاني.. وتنشئة يابانية..) نجد أن هناك علاقة روحية بينها وبين الشعر و التشكيل والسكون /الليل/ والطبيعة و المكان.. بمعنى أنها تستمد روحها العالية عبر الصمت الذي يتوحد مع هذا الفيض الإبداعي السابق الذكر..
    كما أنني أرى أنه قصدت (ربما) عبر نقط الحذف بعد مفردة / أعلى/ إلى العلو الكوني وليس علوا عن الليل نفسه.. (إذ ربما تطمح بالعالمية في إبداعها؟؟) و نحس أنها تعتمد من خلال هذا كله فلسفة السكون والصمت لتخترق أعماق الذات الباطنية البشرية وتكتشف السؤال الأكبر بهدف الخلاص ..
    ما ساعدها في هذا الوعي الفكري والعمق الإنساني هو ربما تنقلاتها المكانية التي جعلتها أكثر عشقا للاستقرار
    و الهدوء الشديد حد التوحد مع الصمت والبحر.... و إنني أسميها العودة إلى الطفولة والبحث عن الذات انطلاقا من الذات نفسها.. فتكون معها ولادة شاعرة.. ثم شاعرة حداثية تفهم سر اللون والكلمة وتبلورها كلمات متفردة موغلة في العمق الليلي والدلالي..
    إذن من الطبيعي / كان سهلا/ .. أن سكون الليل/ الذئب/ ..يتوحد مع سكون البحر/ الأنثى/ في هذه النقطة بالذات.. وكأني بها تعطينا نقط التوافق ونقط التنافر.. بينها وبين الليل.. وبينها وبين البحر.. هي الريح الملكة للكون الشعري والطبيعي هذا..
    إذن هو ذلك السكون الذي تعشقه وفي نفس الوقت تعلوا معه وعليه بنرجسيتها الشاعرية والأنثوية ...
    فهي الأنثى العليا التي ملكت مفاتيح الجمال والأنوثة لتدافع عنها، بشراسة مقاتل ورقـّة فراشة...
    هي " أنثى الرّياح" تخترق الغابة الليلية لتحكي لنا بشاعرية شديدة حكاية ألف جثة وجثة.. سقطت تحت أقدام الطغيان... و تخلت عن الحياة الزائفة التي عشش بها البريق لتأكله هي / الرّيح / وتمضي به بعيدا
    نحو أفق الانتظار والغموض والمجهول.. و عبر ذبذبات وجدانية داخلية موغلة في الحزن والعمق الوجودي..

    ..الحقيقة هناك دائما اختيار لدينا في عالم التضاد الذي أنشأته لنا الذات المبدعة بوعي باطني كبير ينم عن ثقافة نفسية واعية.. انطلاقا من تجربتها الذاتية الحياتية المؤلمة و المنتجة لإبداع خرج من عمق اللاوعي / الذات المتمردة التي تهذي وتتوه في عالم الشرود و اللون السوداوي/ الليل/.. لبلورته عبر وعي وإدراك كبير بماهية الأشياء..

    وكأني بالمفردات الطبيعية عند الذات المبدعة تتشكل وتتحول حسب الحالة .. نكون أو لا نكون..
    فحينا تعشق سكون الليل وحينا تتوه في غموضه وحينا تعلوا عليه وعلى ذئبيته .. وحينا تتمنى وحينا تتأسف ..
    و عندها تقرر الجمع بين التضاد.. الذي يشكل لها عالما مجهولا وغامضا.. مما يعني أنها عانت في حياتها كإنسانة قبل معاناتها كذات مبدعة.. فالأولى تترجم الثانية أحرفا وألوانا وكلمات تشكيلية تحتفي بالتجريد وتأتت سكنها على ما هدمته الحروب و رسمته جماجم الشهداء والمنفيين العظماء في خريطة الوعي..
    الذات المبدعة هنا تهمس بالحب للوميض / الشعر / وتدرك إمكانية نزول الليل/ الذئب/ إلى البحر/ ليكون وطنا لعمقه.. وتكون هي ملكة متوجة لهذا الوطن العتيق.. الذي تقطنه جماجم شاحبة..

    تتابع الشاعرة قائلة:

    أو.....

    نكون القاعة الخالية
    وما يكرره الكلام دوما
    لأجل ريح تذهب بنوايا الذئاب ليلا
    ولـم يكن البحر سوى خيطٍ أبيض يقع على البحر



    ..

    عبر آلية الحذف التي تمكنت الذات المبدعة من تشكيلها كلوحة في فراغ مبدع.. بدأت في رسم شخصياتها الطبيعية الدلالية.. وتحديد وجوهها المتعددة والمتناقضة..
    ..القاعة الخالية.. قد تكون الذات المبدعة نفسها التي تعيش الفراغ والعزلة.. وقد تكون هي بداية الطريق إلى المجهول.. وقد تكون المجهول نفسه.. أو قد تكون أو لا تكون.. قلق السياسة الفارغة التي تصم الأذان بلغوها "الحربائي".. وقد تكون المعاناة تحت مقصلة السؤال..؟؟؟؟؟؟؟؟
    .. إذن سوف ندخل حالة الفوضى النفسية هذه التي تركتها / القاعة الخالية/ مع الكلام المتكرر في نفوسنا نحن أصحاب الفراغ المزمن و المعاناة المتداولة فيما بيننا.. لتجيء إلينا الريح/ الأنثى/ وتنتصر لنا نحن / الذات الجماعية/ خاصة الإناث.. ضد نوايا الليل الذئبية.. ملك الذئاب.. .. فيقع البحر الوجه الثاني للذات المبدعة بعد الريح/ الأنثى العليا/ على البحر الوجه الآخر /ذات الآخر/ في قلب الليل السفلي.. وهنا يتوحد بحر النور العلوي / خيط أبيض/ مع البحر المعتم السفلي. عند وقوعه على الليل/البحر والتحامه معه...
    لنجد أن الذات أضافت لنا مفاهيم جديدة بإبداع دائري.. و انزياحات دلالية وإضافية مبتكرة.. بعيدا عن المفهوم السائد والعادي لهذه المفردات.. فأصبغت صفة النهار على البحر الأول/ الأنثى/ وصفة الليل/ على البحر الثاني /السواد الذي يعانق الأول/ البحر..
    وكأني بالأنثى بعد ما تبين لها الخيط الأبيض تتمرد فيقع عندها التلاحم لا الانفصال.. وقد تكون هي نفس معنى الآية القرآنية مصدر التناص...
    لكننا نرى أنها وحدت الالتحام مع الاختراق.. أي ما بين قانون البحر / البياض/ أو الاختراق / الليل.. وهنا ينتهي قانون المنع ليقع الاحتفاء بالليل بعد طول غياب للريح/ الأنثى.. في الأعلى..
    انه التماهي الحاصل ما بين الذات المبدعة/ الريح = البحر = العلو/ و الليل / الذئب = البحر = الدنو ( الفئة المهمشة) .. مع سبرها أغوار اللاوعي داخلها في طابعه الوجودي.. مع التمرد على مكبوتات غربتها الذاتية في النهار.. لتحررها ليلا عبر ريح علوية.. فتكون قداسة التوحد ما بين الريح و الليل والبحر.. فيتوهج الشعاع الإيحائي والدلالي في النص ليكوِّن لنا رؤية فلسفية غارقة في الصوفية والفلسفة الروحية.. و متأملة في الوجود بنوعيه الوجود الأصغر و الوجود الأكبر ...
    كما تضيف لنا الذات المبدعة المفردات المشتقة من الحياة اليومية في شكل جديد وتراكيب لغوية متفردة تنزاح عن المفهوم السائد عندنا..
    مما يفتح الباب أمام الدهشة ثم المشاركة التفاعلية الوجدانية ما بين النص الإبداعي الأصيل.. الذات المبدعة.. والقارئ الناقد/ أو المتلقي الناضج.... الذي يرصد أشواق الذات المبدعة وأحلامها التحررية وهزاتها النفسية وعتمتها الصامتة غالبا والمتحركة نادرا.. بتقدير وجداني كبير.


    تقول الشاعرة:

    سيكون وجه رجل الكهوفِ الذي....

    فهم جيدا لذة الليل ِ

    وترك وجه حيوان بري على الجدار

    أجدر أن لا يرى هذا الليل الهابط في البحرِ

    قبل الكآبة التي ......

    تنهش

    نفسها
    و

    ت

    ض

    يـ ـ ـ ـ

    ع


    بعدما استفدنا من مستوى تطور رمزية القصيدة دلاليا عبر دلالة العلو والوقوع على الشيء.. إذ أعتبر العلو شكل من أشكال التمرد والرفض لدى الذات المبدعة/الريح/ و السقوط أعتبره القبول لدى الليل / الذئب.. لحظة انكساره النفسي أو حبه الشديد للريح الأنثى..
    و إضافة نجد أن الذات المبدعة قد أدخلتنا في رمزية الألوان المحايدة خاصة الأبيض والأسود.. لنجد أنفسنا في آخر نسق من هذه القصيدة المختزلة والمكثفة جدا.. قد دخلنا إلى رمزية تاريخية عن طريق الرجل الحجري / رجل الكهوف/ أي الليل وهو مجسد في شكل إنساني..
    كون الذات المبدعة تستقي شعرها عبر نفس حداثي ورمزية تاريخية وصوفية.. الخ.. مما يكسبها تجربة حياتية وإبداعية تخلق لنا إثرها أبعادا شعرية غاية في الرقي الفكري والدلالي.. فتهدم حياة لتخلق أخرى ضمن رؤية فكرية خاصة.. وهذا قصد الخلاص.. بعد رحلة الخروج عن السائد الممكن وتجاوزه نحو المستحيل الإيحائي..مع ارتفاع ذبذبات ودرجات الخيال المجنح لديها.. والجامح لتفجر عبره ثورتها الأنثوية و أحاسيسها الدفينة اليومية..

    ..نلاحظ إذن في هذه القصيدة النثرية العميقة والغامضة " أعلى.... من نوايا الليل" تماسكا في اللغة الشعرية.. الذي ميزها الترابط و الانزياح الدلالي والإضافي.. مع التناص القرآني الإيحائي.. وروح الصوفية الموغلة في العمق..
    و فلسفة الذات الوجودية.. مع وحدة النص الموضوعية و العضوية.. وازدياد عنصر الدهشة في النص الإبداعي الأصيل نسقا بعد نسق..
    فكانت رحلتنا من الريح إلى الليل و البحر.. هذا الأخير الذي تختلف بنيته التركيبية عن الريح/ الأنثى العليا/ كونه له دلالة المكان أم الريح فلها دلالة الزمان ويجمعهما القهر والثورة والتمرد والهيجان.....
    و قد يكون البحر كذلك هو الذات المبدعة.. وهنا تضيف لنا بتقة صفة تعبيرية ودلالية أخرى ذات خصائص تجريدية إيحائية لديها... ومن إشكالية العلو عند الريح / الأنثى.. إلى إشكالية السكون عند الليل.. و جدلية التمرد عند البحر .. و اللون.. و جدار العودة إلى الماضي السحيق ... / رجل الكهوف / حيوان بري على الجدار/ ..
    وطبعا إن دل هذا على شيء إنما يدل على بداية الحلم ونهايته الغامضة الموغلة في القدم بمعنى طال الانتظار حد السأم في قلب الذات المبدعة..
    وهنا نجد أن الشاعرة نجلاء الرسول في قصيدتها النثرية خلقت مفاهيم جديدة.. أضافت الكثير لمخزوننا الفكري الدلالي كقراء متسائلين وباحثين عن التأويل المتعدد.. فأصبحت الريح/ الأنثى.. هي ملكة الكون الشعري واللوني.. تغمره من الأعلى بحنانها ودفاعها حد الوقوع عليه.. والبحر هو الحكيم الذي تنزل من علوها هياما به.. لتستفيد من عمقه وتتوحد معه حد الانسجام في تمردهما معا وثورتهما العميقة الدلالة.. وأما الليل فهو الذئب الأنيق الذي يطرد نواياه لعيون الريح عند نزولها في عتمته الصامتة.. لتتشبث هي به و بالبحر الذي يشبهها كذلك.. وكأني بها دائرة تبحث عن قطرة التكوين و التلوين الأولى عند رجل الكهوف.. واشتياقا لبعت الشيء وخلقه في مفهومها المجازي الشعري.. و قد يكون حبا لذات المكان الذي شهد طفولتها وولادتها الإبداعية مع توحدها التشكيلي في رسم/ حيوان بري على الجدار/...
    أما بالنسبة لإحساسها الصوفي فهو منغرس في ذاتها كإنسانة مبدعة.. منحدرة من بيئة صوفية حد النخاع .. أما إحساسها بالضياع فهي شاعرة الحداثة بامتياز.. تستكشف بوعي شديد جوهر الذات الإنسانية عبر عقلها الباطني وتجربتها المرة مع الضياع والغربة الذاتية في الحب والمكان والزمان والكون لتحدث المعجزة في قلب الذات المبدعة.. وهي قلق الوميض و الانكماش عن الواقع والعزلة المختارة قصد البحث عن مكن الخلاص.. وكأني بي البحر في ذات المبدعة الشاعرة موجة من القلق و التمرد والحب والجمال و السكينة والغموض وموت الحياة .. وحياة الموت.. انتظارا لهذا الخلاص البعيد القريب.

    حقيقة شاعرتنا نجلاء الرسول
    بحر من الإبداع وليل من السكون وريح تغمر الكون حبا وجمالا..
    ..




    شكرا لوجودكم...
    وكونوا بسلام وحب


    مودتي التي لا تحصى ..
    أختكم الوجدانية المحبة لكم سعاد ميلي:


    مدونة الريح ..
    أوكساليديا

    تعليق

    • د.نجلاء نصير
      رئيس تحرير صحيفة مواجهات
      • 16-07-2010
      • 4931

      #17
      مجهود رائع سعاد
      واختياراتك راقية كرقي روحك
      وقراءاتك تسبر أغوار النص وتلتحم بالحرف
      أتمنى لك النجاح والتألق الدائم
      تحياتيوشتلات ود لا ينقطع
      sigpic

      تعليق

      • نجلاء الرسول
        أديب وكاتب
        • 27-02-2009
        • 7272

        #18
        وطبعا إن دل هذا على شيء إنما يدل على بداية الحلم ونهايته الغامضة الموغلة في القدم بمعنى طال الانتظار حد السأم في قلب الذات المبدعة..


        تحفرين في العمق يا صديقتي
        تحفرين في العمق

        شكرا لك أستاذة سعاد كنت أروع من النص وأنقى
        نجلاء ... ومن بعدها الطوفان


        مستوحشاً مثل رقيم تقرأه الخرائب
        أوزع البحر على السفن .. أوزع انشطاري

        على الجهات التي عضها الملح
        لم أكن في ذاك الرنين الذي يبزغ منه دم الهالكين
        وكنت سجين المكان الذي لست فيه ..

        شكري بوترعة

        [youtube]6CdboqRIhdc[/youtube]
        بصوت المبدعة سليمى السرايري

        تعليق

        • سعاد ميلي
          أديبة وشاعرة
          • 20-11-2008
          • 1391

          #19
          أصدقائي الغاليين نؤجل برنامجي " وجدانيات" لهذا الأسبوع.. إلى الذي يليه... إذ سوف أسافر لمدة معينة وإلى حين اللقاء تقبلوا مني هذا الفيديو هدية مني إليكم يا أغلى ما عندي.. سوف أسافر غدا باكرا محبتي الوجدانية ....
          مدونة الريح ..
          أوكساليديا

          تعليق

          • بلقاسم علواش
            العـلم بالأخـلاق
            • 09-08-2010
            • 865

            #20
            المشاركة الأصلية بواسطة سعاد ميلي مشاهدة المشاركة
            المشاركة الأصلية بواسطة سعاد ميلي مشاهدة المشاركة
            أصدقائي الغاليين نؤجل برنامجي " وجدانيات" لهذا الأسبوع.. إلى الذي يليه... إذ سوف أسافر لمدة معينة وإلى حين اللقاء تقبلوا مني هذا الفيديو هدية مني إليكم يا أغلى ما عندي.. سوف أسافر غدا باكرا محبتي الوجدانية ....

            فلترافق السلامة أختنا سعاد
            ونسأله تعالى أن يسخر لك العباد ويطوي لك المهاد
            وأن يقضي الأوطار وييسر لك الصعب من المقاصد ونيل الحاجات
            فـرافقـتك السـلامـة
            وستبقى روحك تشرق هنا وتنتظر العود بكامل العنفوان استكمالا لمسيرة الوجدان
            التي انطلقت ولن ترضى بغير التجلي تجلدا للآلام وطرداً للأحزان
            كل التحية وأبلغ الأمنيات

            رحلة موفقة وعودة ميمونة

            لا يَحـسُـنُ الحـلم إلاّ فـي مواطـنِهِ
            ولا يلـيق الـوفـاء إلاّ لـمـن شـكـرا

            {صفي الدين الحلّي}

            تعليق

            • زهور بن السيد
              رئيس ملتقى النقد الأدبي
              • 15-09-2010
              • 578

              #21
              الأخت الناقدة سعاد ميلي
              دراستك وافية, لنص الرائعة نجلاء الرسول "أعلى... من نوايا الليل" قلبت النص على أوجهه المتعددة, فكان منطلقا لإبداع نص من نوع آخر.
              تتعدد مستويات القراءة خاصة قراءة الشعر الحديث, الذي لا يهب نفسه بسهولة إلى القارئ, حيث يشكل الشاعر لغته الخاصة انطلاقا من رؤياه وباعتماد التصوير البلاغي والرموز والإيحاءات... فتستدعي قارئا واعيا بطبيعة الكتابة الشعرية وقادرا على فك رمزيتها..
              أما مستويات القراءة المعتمدة عادة لدى النقاد فتتمثل فيما يلي:
              ــ مستوى فهم النص والكشف عن مضامينه الظاهرة من خلال الشرح اللغوي
              ــ ومستوى ثان: ويتعلق بالتحليل والكشف عن المعاني الخفية التي يقصدها المبدع.
              ــ مستوى ثالث: التأويل, تأويل النص والوصول إلى دلالات يوحي بها النص وقد لا يكون المبدع قد قصدها.
              أظن أن قراءة الأستاذة سعاد قد ركزت على المستوى الثالث, فجاءت قراءتها إبداعا على إبداع, بحيث اتسع أفق التأويل ليتجاوز النص وينتج نصا آخر.
              أشكرك على هذه الدراسة القيمة وأشكرك على استضافتك وتكريمك للأديبة والإنسانة الرائعة نجلاء الرسول العزيزة على القلب..
              أقدر فيها جديتها وإبداعها وجهودها الكبيرة المثمرة..
              يتشرف قسم النقد الأدبي بحضورك أستاذة نجلاء في برنامج العزيز سعاد وفي كل أقسامه ومتصفحاته.
              كل التقدير لك سعاد وللغالية نجلاء نصير ولكل من ساهم في إنجاح هذه الحلقة من برنامج وجدانيات

              تعليق

              • سعاد ميلي
                أديبة وشاعرة
                • 20-11-2008
                • 1391

                #22
                زملائي وأصدقائي المشرفين الغاليين أنتظر حضوركم اليوم في الغرفة الصوتية للملتقى قصد الاقتراب وسماع نبض الشاعر د محمد الأسطل فهو ضيف برنامجي " وجدانيات " واخترت قصيدته " درج اللجين" تكريما لعطائه الشعري والأدبي في ملتقى الأدباء والمبدعين العرب..
                كونوا معنا اليوم الأربعاء في الساعة العاشرة بتوقيت القاهرة .. نسعد بكم وبتواجدكم..
                مودتي التي لا تحصى... أختكم المحبة لكم سعاد ميلي



                " وجدانيات" (ح 1) (http://www.0zz0.com) من إعداد أ سعاد ميلي http://www.youtube.com/watch?v=7uBzRmmx1bw&feature=related مع شكري الكبير للأستاذة الأديبة نجلاء نصير لدعمها للبرنامج والتنسيق معي ليظهر في حلة تليق عبر تقديمها الإذاعي المميز. أكتب لكم هنا أهم ما جاء في البرنامج وأبتدأ بتقديم أ نجلاء:

                برنامج وجدانيات
                مدونة الريح ..
                أوكساليديا

                تعليق

                • سعاد ميلي
                  أديبة وشاعرة
                  • 20-11-2008
                  • 1391

                  #23
                  المشاركة الأصلية بواسطة بلقاسم علواش مشاهدة المشاركة

                  فلترافق السلامة أختنا سعاد
                  ونسأله تعالى أن يسخر لك العباد ويطوي لك المهاد
                  وأن يقضي الأوطار وييسر لك الصعب من المقاصد ونيل الحاجات
                  فـرافقـتك السـلامـة
                  وستبقى روحك تشرق هنا وتنتظر العود بكامل العنفوان استكمالا لمسيرة الوجدان
                  التي انطلقت ولن ترضى بغير التجلي تجلدا للآلام وطرداً للأحزان
                  كل التحية وأبلغ الأمنيات

                  رحلة موفقة وعودة ميمونة

                  صديقي الغالي والمبدع القدير بلقاسم.. اسعدني دعاؤك لي دمت شقيقي ومبدع الأدب الرزين كامل تقديري لشخصك العزيز مساؤك شعر
                  كن معنا اليوم الأربعاء في الساعة العاشرة بتوقيت القاهرة .. أسعد بك وبتواجدك ..
                  مودتي التي لا تحصى... أختك سعاد ميلي
                  مدونة الريح ..
                  أوكساليديا

                  تعليق

                  • سعاد ميلي
                    أديبة وشاعرة
                    • 20-11-2008
                    • 1391

                    #24
                    المشاركة الأصلية بواسطة زهور بن السيد مشاهدة المشاركة
                    الأخت الناقدة سعاد ميلي
                    دراستك وافية, لنص الرائعة نجلاء الرسول "أعلى... من نوايا الليل" قلبت النص على أوجهه المتعددة, فكان منطلقا لإبداع نص من نوع آخر.
                    تتعدد مستويات القراءة خاصة قراءة الشعر الحديث, الذي لا يهب نفسه بسهولة إلى القارئ, حيث يشكل الشاعر لغته الخاصة انطلاقا من رؤياه وباعتماد التصوير البلاغي والرموز والإيحاءات... فتستدعي قارئا واعيا بطبيعة الكتابة الشعرية وقادرا على فك رمزيتها..
                    أما مستويات القراءة المعتمدة عادة لدى النقاد فتتمثل فيما يلي:
                    ــ مستوى فهم النص والكشف عن مضامينه الظاهرة من خلال الشرح اللغوي
                    ــ ومستوى ثان: ويتعلق بالتحليل والكشف عن المعاني الخفية التي يقصدها المبدع.
                    ــ مستوى ثالث: التأويل, تأويل النص والوصول إلى دلالات يوحي بها النص وقد لا يكون المبدع قد قصدها.
                    أظن أن قراءة الأستاذة سعاد قد ركزت على المستوى الثالث, فجاءت قراءتها إبداعا على إبداع, بحيث اتسع أفق التأويل ليتجاوز النص وينتج نصا آخر.
                    أشكرك على هذه الدراسة القيمة وأشكرك على استضافتك وتكريمك للأديبة والإنسانة الرائعة نجلاء الرسول العزيزة على القلب..
                    أقدر فيها جديتها وإبداعها وجهودها الكبيرة المثمرة..
                    يتشرف قسم النقد الأدبي بحضورك أستاذة نجلاء في برنامج العزيز سعاد وفي كل أقسامه ومتصفحاته.
                    كل التقدير لك سعاد وللغالية نجلاء نصير ولكل من ساهم في إنجاح هذه الحلقة من برنامج وجدانيات
                    زميلتي الناقدة والأديبة القديرة د زهور بن السيد يسعدني جدا هذه الشهادة التقديرية المعنوية التي أعتز بها وأتمنى صادقة أن أكون في مستواها و أن أقترب من إبداع كل من زملائي وأصدقائي المبدعين الشعراء تقديرا مني لإحساسهم الشعري وأصالة نصوصهم الإبداعية. وانطلاقا من عشق واعي للنص الإبداعي المرشح للقراءة الوجدانية..
                    بوركت غاليتي ويسعدني دعمك لي وللبرنامج وتقبلي دعوتي المتجددة لحضور البرنامج ..

                    مودتي التي لا تحصى... أختكم المحبة لكم سعاد
                    مدونة الريح ..
                    أوكساليديا

                    تعليق

                    • سعاد ميلي
                      أديبة وشاعرة
                      • 20-11-2008
                      • 1391

                      #25
                      " وجدانيات" (ح 3)

                      من إعداد أ سعاد ميلي


                      تقديم الأديبة القديرة أ نجلاء نصير.

                      ضيف حلقة اليوم الشاعر د محمد الأسطل





                      قراءة وجدانية في قصيدة " درج اللجين" للشاعر د محمد الأسطل / سعاد ميلي

                      نبذة قصيرة جدا عن الشاعر د محمد الأسطل:

                      شاعر الإحساس الموسيقي والخيال المجنح الدكتور الشاعر محمد الأسطل..
                      رجل أعمال فلسطيني يعيش في المهجر لحدود كتابة هذه الورقة الوجدانية..
                      ولد شاعرنا في غزة وترعرع بها.. وعائلته تعتبر من أكبر العائلات.. تظم أفرادا مثقفين ومتعلمين وسياسيين معروفين..
                      في امتحانات الثانوية العامة ( الباكالوريا) كان من بين أوائل أبناء فلسطين.. وفي بداية حياته الجامعية دخل جامعة بير زيت بالضفة الفلسطينة ولكن بسبب نشاطه السياسي منع من طرف المحتل من الإقامة بها قصد متابعة دراسته.. فاضطر لمغادرة فلسطين، وتابع آنذاك دراسته الجامعية في أوربا.. درس وتخرّج هناك من كلية الطب البشري وحصل على درجة البكالوريوس .. بعدها تابع اختصاصه الطبي في مجال طب الأطفال لمدة خمس سنوات وحصل على درجة مستشار .. و كذلك هو حاصل على G.M.C البريطاني كاستشاري في طب الأطفال.
                      حاليا هو مقيم ما بين رومانيا ولندن، متزوج من طبيبة.. ويعمل بشركة استيراد وتصدير المنتجات الخاصة بالأطفال.. هو رئيس اللجنة الفلسطينية في مقاطعة ترانسلفانيا ومن خلالها يمارس عمله الثقافي والاجتماعي والسياسي..
                      وفي جانب حياته الفنية نجد أنه منذ صغره كان مولعا بالشعر و الأدب و الرسم..
                      ولقد أقام عدة معارض في أوربا للرسم السياسي الذي يخدم القضية الفلسطينية والعربية بشكل عام، من خلال نشاطه الثقافي والسياسي ضمن الاتحاد العام لطلبة فلسطين في أوربا. أما بالنسبة للشعر فقد اهتم به منذ الصغر و بدرجة مكثفة، في سنين حياته الأربعة الأخيرة.. حيث كتب العديد من القصائد والأعمال الأدبية الأخرى.. وينوي إصدار ديوانه الأول في صيف 2012 .. له أيضا هوايات أخرى مثل التصوير والسياحة.. و يعشق كذلك الموسيقى.. ومن خلال هذه الهوايات.. يتعرف على ثقافات وعادات الشعوب في تلك البلدان التي يزورها وهذا وغيره يفيده في تجربته الأدبية والشعرية.

                      نافذة مطلة على بحر القصيدة المختارة من أرشيف الشاعر.. صاحبة الذبذبات الموسيقية الروحية.. " درج اللجين":

                      ..الحياة نافذة مشرعة أمام الأسئلة وبحر عميق يحتوي على مجموعة من المعاني و الدلالات والألفاظ المختلفة.. محاولين عبرها البحث عن الأجوبة الشافية لندرك طريقنا جيدا..
                      الدلالة هي صبر أغوار شيء ما انطلاقا من شيء آخر .. ننتقل بتلقائية عبر عملية ذهنية ما بين الدال والمدلول و هذا من خلال عدة معلومات مخزنة لدينا و متعارف عليها عالميا.. ولكن تبقى مع ذلك مسألة الخصوصية ما بين شخص وغيره.. وما بين بلد وآخر باختلاف عاداته وتقاليده ودياناته.. وهذه الخصوصية هي من تضيف نكهة التميز على إبداعنا ما بين ذهن هذا وذاك..
                      وبالنسبة للفظ هو واسطة بين المعنى الدال و المدلول فذكرنا مثلا للفضتي العنوان في هذه القصيدة النثرية المرشحة في ضوء قراءتنا.. " درج اللجين"
                      نجد أولا لفضة "درج" لها مدلول الصعود والسمو.. و ثانيا لفظة " اللجين" لها مدلول البريق الفضي الذي يتوحد مع ضياء النجوم في علوها وشهرتها بغض النظر إن كانت تعني الفضة بشكل مباشر.. ولكن ما نتفق عليه هو المعنى الحسي وأقصد هنا البريق وهذا الأخير له دلالة الشهرة.. و أما الشهرة فهي قمة الشيء بشكله العام.. ومن هنا أجدني من خلال العنوان أستشعر نفسية الذات المبدعة وأكتشف عشقها للروح كنقطة أولى سامية وطاهرة تعانق معها الوجود الرباني.. فهي جميلة وترى الوجود جميلا..
                      و كنقطة ثانية، الواقع الملموس الذي يفيد بأن الذات المبدعة لها طموح الشهرة والصعود للقمة مع حساب كل خطوة على حدة.. ولكن قداسة التوحد ما بين الروح والجسد - الواقع الملموس - يجعل الذات المبدعة في مرتبة الإنسان المتوازن في كل شيء بين روحه وجسده.. بين جموحه وتردده.. بين حزنه وفرحه.. بمعنى أن الذات المبدعة تبحث عن الإنسان المتفرد في عمق الإنسان نفسه.. ولما لا قد تكون تبحث عن إنسانية ذاتها انطلاقا من ذاتها نفسها.. إنه عشق المجهول والتماهي مع الروح والوجود دون ترك الواقع المادي نهائيا بل الانطلاقة منه إلى الأفق اللا متناهي..

                      يقول الشاعر د محمد الأسطل في قصيدته الراقية دَرَجُ اللُّجَين:

                      مُزدَحِماً بِعَينيكِ
                      تاهَ الحُلُمُ في زُقاقِ لَهفَة
                      مَساءاتٌ تتهيّأُ للغِياب
                      لم نَعُدْ حَمِيمَينِ
                      كانَ الهاتِفُ يَرِنُ
                      وحِيداً يَرِنُ
                      يَلسَعُ بِذَيلِهِ النّافِذَة

                      مُتَّشِحَةً بِالأسى ..
                      تَنفَرِطُ السَّماءُ نِجمَةً نِجمَة
                      لا أحَدَ يَفِيضُ بِالشِّعر

                      قَمَرانِ يَحتَرِقانِ على غُصنٍ ..
                      مُثقَلٍ بالخُطى
                      رَأيتُ الدُّخانَ يَركُضُ مِن نِصفِي لِنِصفِي
                      رَأيتُ ظِلِّي يَرتَفِع
                      ضَئِيلاً يَرتَفِع
                      كَأنـَّهُ مُهجُور !


                      أول قطرة مطر داعبتنا بهمسها ونحن على عتبة قصيدة الشاعر القدير د محمد الأسطل عنوانهـــا " درج اللجين " لها إيقاع الروح الداخلية القريبة إلى القلب / ذات الآخر.. وهي تصعد رويدا.. رويدا إلى السماء، و تشدو بالموسيقى في قلوبنا المتعطشة إلى المزيد من هذا الغناء الروحي..
                      قصيدة لها من دلالة العلو و السمو ما يميـّزها.. يصاحبها بريق النجوم الفضية.. حين تضحك في وجه القمر معلنة أنها هناك ترافقه في سيمفونية الجمال و في رحاب السماء والوجود الرباني.. هو عشق اللون والكلمة والموسيقى الروحية.. بل عشق السفر في رحاب الوجود الأكبر..
                      هكذا انتقل بنا الشاعر من العنوان الذي سما بنا إلى الأفق، إلى عينيــن أكثر عطشا لهذا السمو، ولكنه عطش تائه في ضبابية الشوق والغياب.. يولد الحلم ليجد نفسه في زحمة الشوق.. يتوه في بحره اللا متناهي..
                      العزلة تحاصر الذات المبدعة وتلسعها بقسوة ما بعد الفراق.. و النجوم لم تعد متوهجة في قلب الذات المبدعة مما جعل الشعر يرحل بعيدا عنها..
                      ذكر الذات المبدعة للنافذة يظهر لنا مدى عمق الجرح الذي طالها، فالنافذة هي السؤال الذي يطل على الأعماق و العزلة هي فضاء الجرح القادم من الشرق المتشقق من هول الغربة و تشتت الحلم..
                      ارتفاع الظل علامة على تشتت ذهن الذات المبدعة و الإحساس بالضياع وعدم الألفة وقد يكون الموت الحسي.. إنه انسلاخ الذات عن الذات.. أحدثته صدمة الدخان.
                      ..هذا الدخان الذي له دلالة المصيبة الشؤم ونار الفراق الذي يخنق روح الشاعر، ليذهب مع روحه المهجورة بعيدا في الهواء.. وكأني بالذات المبدعة تشير إلى كونها غريبة في مكان بارد كالموت، عانقته في الحلم أو في الواقع.. أو ربما هو موت الإحساس إثر صدمة ما.. أو ربما هو صدمة الشاعر عندما لا يستطيع أن يحيا وسط من يحب.. و ربما ألمه الكبير عندما تركه الشعر ليرحل بعيدا عنه.. إذن كل هذا وغيره وبدون مساس الذات المبدعة بالإيقاع الداخلي للقصيدة، تبرز لنا إحساس الشاعر و نفسيته المحطمة و قلبه النازف و صمته الذي يشبه الموت ولكنه موت لا يفارق الروح الموسيقية مع ذلك.. أي لا يفارق الأمل والحلم.. وكأني بالذات المبدعة تواجه الموت بابتسامة شامخة وبرقة وموسيقية روحها الشاعرية العميقة..

                      يقول الشاعر :

                      أصبَحَ الخَرَسُ وُجهَةَ نَظَر
                      أصبَحَ العُشبُ أردافاً نَحِيلَة
                      كَيفَ داهَمَنا الضَّجَر ؟!
                      في لَيلَةٍ قَمراء نَخَرَنا النَّملُ ..
                      وافتَرَقنا مُتَعانِقِين
                      هَكَذا كَانَ يُغَنِّي الرُّعاة !

                      ما هَذا الَّذِي يَحُومُ داخِلَ الجَرَّة ؟!
                      لَيلٌ خائِفٌ
                      يَكنُسُ الكَلامَ عَلى عَجَل
                      لِماذا كُلُ هَذِه الشُّطآنِ تَنتَحِر ؟!
                      أمامِي تَنتَحِر كَلَقلَقٍ مَجنُون !

                      أسفَلَ فَمِي أسيِّجَة
                      تَنخُلُ مِن الحُزنِ مُقلَتَيهِ

                      قَطرَةٌ كَسُولٌ
                      مُتَأرجِحَةً تَجِف
                      كَلامٌ بَارِدٌ ..
                      يَجلِبُ الدَّهشَ !




                      للصمت عدة دلالات.. وهنا كان الصمت متوحدا مع الغربة بل أصبح سيد الموقف وله نظرته الخاصة.. هو الصمت الحكيم .. الذي يسبق فنية الصوت الموسيقي... و اللون التشكيلي البصري.. هو الإبحار في الذات .. نجد معه قلق الذات المبدعة من ضوضاء المدينة ومكافحته له عن طريق الصمت و العزلة و الفراغ.. الذي يتوحد بدوره مع كل أشكال التعبير الأدبية والفنية والرؤى الفلسفية والفكرية في قلب وذهن الذات المبدعة..
                      بدأت الذات المبدعة تكتشف لذة الصمت وبدأت تخترع من عزلتها أشباح تؤثث فضاء جرحها وتطرد ملل الانتظار.. ليبدأ السؤال يكبر في أحشاءها.. ويبدأ الشعر يعانقها.. حتى اللغة تزداد سلاسة في الدخول إلى القلب و تزداد كثافة في عمقها .. إنه التوهج وروعة الإيقاع الداخلي وتوحده مع روح الشاعر د محمد الأسطل.. إنه بحق يمتلك مفتاح التميز في الإيقاع الداخلي فلا حاجة للقافية لنستشعر الموسيقى في نسمة شعره وكأني بها ذبذبات بيانو تدغدغ شغاف القلب تحزنه مرة وتسعده مرات..
                      النمل يتميز بالنشاط و النظام ومعرفة طريقه جيدا.. ومادامت الذات المبدعة وصفته بأنه يواصل عملية النخر هذا يعني تغييب الفوضى من حياتها لتعيش أكثر تنظيما وهدوءا وصمتا.. وهنا جاء الفراق كحل لتأسيس لحظة الاستقرار .. والرعاة كذلك يرمزون للهدوء والصبر و روتين نظام حياتهم يعطيهم دفعة أقوى في الصبر فيكون الغناء سلواهم ومؤنسهم في فضاء الصمت والانتظار... وهنا يحتفظون بلذة الحلم و الرعي.. و كذلك التوحد مع الطبيعة والفن ( الغناء)..
                      الفراق المتعانق.. ربما هو عدم القدرة على النسيان .. و ذكر الذات المبدعة لغناء الرعاة يجعلنا نستشعر حبها للطبيعة و الجبل وحياة الريف.. وربما هو الشوق للماضي الأم..
                      ما أجمل الشعراء حقا.. إنهم يدركون بأرواحهم ما عجزت عنهم عقولهم.. وعندما تنتحر الشطآن أمام قسوة الرمال والحجر.. بل أمام أرجل الشاعر.. فهو هنا يتصور نفسه الذات العليا التي تشهد موت الجمال برضاه .. وهذا دليل على قوة سحره وسلطته على الإناث/ الشطآن / مثلا..
                      والذات المبدعة بعد هذا الموت الجميل ترجع إلى حضن الأحزان التي لا تفارقها كسجن روحها الأبدي.. ليرجع الملل عند انتهاء لذة الكسل المنتحر..

                      يقول الشاعر :


                      أشعُرُ كَسَروَةٍ تُقَشِّرُها الرِّيح
                      حَتّى اللِّحاءُ لم يَعُدْ يَئِزُّ كَما كان !
                      جَسَدٌ يَتَنَفَّسُ الضِّياءَ
                      ظامِئاً يُكابِدُ المَاءَ
                      هَكَذا يَبدُو النِّسيانُ كالمَوج
                      مَن قالَ أنَّ البَحرَ يَرحَل ؟!
                      مَنارةٌ عَبأت الأثِيرَ بالعُجالَة

                      مائِجاً لِلتَّوِّ..
                      أحمِلُ فِي داخِلي طَحالِب
                      مُثخَناً بِاستِدارَةِ البَحرِ ..
                      يَتَسَرَّبُ المَاءُ مِنِّي
                      حُرُوفاً تَلِدُها عُزلَة


                      ..عندما تنتحر الشطآن واحدة بعد الأخرى أمام عيون الذات المبدعة وبعدما تصل النشوة إلى حدود السقوط في برودة الجسد تشعر هي حينها بالحزن.. كأني بها خلقت لتعانق الروح لا الجسد.. ولكنها سنة الطبيعة فهي لا تعترف بالانفصال الروحي الجسدي إلا نادرا جدا.. ولكنها في آن واحد قد تقدس الروح لحظة الجسد.. ولأن الشعر واللون.. هما النور الذي تستنشقه ذات الشاعر المبدعة.. عندما تشتد عليها وطأة الفراق ولذة العتمة وهيجان النسيان و انكسار الأشواق.. فإنها تبني لها آنذاك عالما في داخلها ينعزل عن كل شيء لحظة بحثها عن الحقيقة..
                      وكأني بالبحر والريح عندما يتحدان في نزف روحها يشكلان لحظتها عاصفة من القلق تقض مضجع الشاعر وتزعزع مساحـة الهدوء في نفسية ذاته المبدعة.. إنها دائرة البحر بل دائرة القدر خيره وشره ... واللحاء الذي لم يعد يئز هو الواقع المؤلم الذي يعيشه الشاعر عندما جسده يحاول تنفس الطهر.. بمعنى أن الذات المبدعة لا يرضيها الواقع وتنتقده بشكل عاصف وبعدها تعود لعزلتها غاضبة إن لم تستطع تغييره..

                      يقول الشاعر :


                      لأنَّكِ الصَّدى
                      سأنبُتُ مِن صَوتَكِ مِثلَ عُنقُودٍ بارِد
                      انتَشِلِينِي بَعِيداً
                      سأقطُفُ مِن عَينَيكِ نَظرَةً
                      أرسُمُ بِها لَهفَةَ الشَّمسِ ..
                      وظِلاً يَتَعَرَّجُ بَينَنا !

                      قَد أكُونُ احتِمالاتٍ رَطبَة
                      أو
                      حِفنَةٍ مِن دِماء
                      أتَدَفَّقُ بَينَ زَمَنَين
                      بَينَ مَدٍ ومَد
                      وما بَينَ هَذا وذاك ..
                      كَأنَّ شَعباً مِن المَجازِ يَستَرِدُنِي
                      حافِيَةَ القَدَمَينِ عَلى دَرَجِ اللُّجَينِ ..
                      كَانَ شَعرُكِ يَتَطايَرُ فَوقَنا
                      أشرَقَت عَلى خَلِيجِ اللَّيمُونِ تُفاحَة
                      شأن نَشوَةِ العُنَّابِ ..


                      في رحلة النسيان هذه ترجع الذات المبدعة إلى الشوق محاولة منها رسم ملامح الصوت الأنثى في قلب الشاعر االمنعزل.. كي تترك للدفء أن يدخل إلى شعاب العزلة الباردة فترجع الذات التائهة إلى لذتها .. والحياة إلى طبيعتها ويرجع الشعر.. وترجع معه اللهفة الساحرة لتحكم وثاقه فيصبح الشاعر الحصان الجامح مسرجا باحتمال التدفق الشعري كنهر يعانق البحر و محتمل كذلك السقوط كتفاحة في أرض اللذة / خليج الليمون/ و / نشوة العناب/..
                      هي لغة تنزاح بسحرها وسلاسة عمقها عن المتعارف عليه في بحر الغزل والألم والغربة.. إلى عالم سوريالي يؤثث فضاءه عبر لوحات تجريدية غاية في الرقة والرقي.. وموغلة في عمق الروح ذات الموسيقى الداخلية.. كما القلب عندما يغني لحظة النزف..

                      يقول الشاعر :


                      سأعبُرُ الأزَلِيَّةَ مُسرِجاً
                      لا وَقتَ لِلغَزَلِ الخَفِيفِ
                      كَانَ عَبَقُ الغارِ يَغفُو عَلى مُحَياكِ
                      كَخَيالٍ يَستَظلُ بِرأسِ قُرُنفُلَة

                      آهٍ يا صائِدَةَ الخُيُولِ :
                      أهواكِ سَمراء طاوِسَة
                      كَما الحُورُ
                      كَما البُنُّ يُراهِقُ
                      عَيناكِ تُشاكِسانِ الأدغال
                      تُحَيِّرانِ جَوقَةَ الزُّمُرُّدِ فِي الأناضول
                      تُرَفرِفانِ مَع الفَراشِ الَّذِي تَجَيَّشَ لإسقاطِ ..
                      كَواكِبِ قُرطُبَة !

                      إيقاعٌ يَتَّسِع
                      بَينَ قَوسَين يملأُ الرِّيحَ القادِمَةَ مِن دَمِي
                      إنْ رَجِعنا مِنَ اللَّيلِ سالِمِين سأذبَحْ لِلقَصِيدَةِ وَتَراً فِي الكَمان !


                      ترجع الذات المبدعة من رحلة الجنون الأبدية إلى محطة العقل والنظام الحياتي .. هي لا وقت لها للحب ولا الغزل.. تعاتب الذكرى / صائدة الخيول/ التي تعترف مع ذلك بحبها لها ولكنه حب يسموا بعيدا عن الواقع هو كالحلم تحدد له لون / سمراء/ وتعشق سحر هذا السمار ولذته / كما البن يراهق/ ..
                      الذات المبدعة تعشق الخيل والجموح.. والحصان الجامح مهما حاصره السرج أو جمال الحور.. قد تغفو معه الذات المبدعة مرة ولكنها ترجع للجموح مرات ومرات وكأن لحظة الإغفاءة مسلم بها.. منذ العصر الحجري و منذ التاريخ الموغل في القدم.. / عبق الغار/ ..
                      ويتابع الشاعر عبر إيقاع ذاته المبدعة في وصف جمال ووحشية عيون حبيبته الذكرى.. وحيرته إزاء إغفاءته أمام وهجها واحتراقها.. و تعجبه من استعدادها للهجوم وإسقاطه في شباكها التاريخية.. ولكن دم الريح لايستسلم .. يرجع سالما بالإيحاء إلى حضن القصيدة و الموسيقى و الذكرى الحلم..
                      .. إن ذكر الذات المبدعة لقرطبة المدينة المتواجدة في غرب إسبانيا.. الايبيرية الموغلة في القدم.. الممتدة على الضفة اليمنى لنهر الوادي الكبير.. والتي تتفرع سفوح جبالها من سلسلة جبال سيرا مورينا.. يبين لنا عشقها للحضارة الأندلسية.. فسحر هذه الحضارة اختزن في ذاكرتها المبدعة بعمق.. وقرطبة هي نموذج للحضارة الإسلامية العريقة بعد فتح طارق بن زياد لها سنة 711 م.. ولكن بعد سقوط قرطبة في يد فرناندو الثالث 1236 م فقدت الكثير من روحها الإسلامية الأندلسية.. وغادرها أغلب مسلمين الأندلس ليحل محلهم النصارى القادمين من ليون وقشتالة و قطالونية وغيرها..

                      يقول الشاعر :


                      مُرَصَّعةٌ أنتِ بِتَنَهُداتِ اللُّجَين
                      وأنا ..
                      أُحِبُّ الأساطِيرَ والجَدَائِلَ المارِقَة

                      عِشقٌ غارِقٌ فِي الظِّل
                      سأربُطُ خَصرَ القَصِيدَةِ برائِحَةِ البَحر
                      أريدُ أن أخفِقَ كالمَوجِ ..
                      لأتأكدَ أنَ الجُزُرَ فِي عَينَيكِ مُقمِرَة !

                      تَجَعَّدِي كالمَاء
                      مَسِّدِي مَرجانِيَّةَ اللَّون
                      لِتَنفَطِرَ فُقاعاتُ الصَّمت وَشوَشاتِ شَفَق

                      وَتَرٌ يَستَحِمُ بِالإيقاع
                      أمامِي ذِكرَياتٌ تُصغِي لِشَيء ما
                      أمامَكِ أحجِيَّةٌ محشُوَّةٌ بِالصَّدى
                      خَلفَنا بَحر


                      ..هنا الذات المبدعة تظهر استسلام الأنثى الذكرى عبر تنهداتها، أمام صلابة الشاعر الغارق في عشق السحر واللا مادة و جمال الوجود من خلال عيون حبيبته الذكرى .. إنه أسطورة أخرى تسمى الشعر.. وقصيدة لها بريق اللجين وضياءه ولكنها في نفس الوقت تعشق الصمت وأحواله.. لتعود لحضن العزلة والشعر .. ومن هنا نجد أن الذات المبدعة تستمد إلهامها من سحر لحظات الذكرى و تعمق إحساسها من وجع الفراق وصدى الصوت القادم من أعماقها.. إنه روتين تعودته كإيقاع الموسيقى الهادئة في حياتها المنظمة نهارا والفوضوية ليلا..

                      يقول الشاعر :

                      أيُّها الشِّعرُ بِرائِحَةِ الشَّرق
                      يا حظَّ المَاءِ فِي السَّماوات :
                      صُدفَةً التَقَينا عَلى مَوعِد
                      كُنا نَرتَشِفُ الأبجَدِيَّةَ صافِيَّة
                      نُحصِي فَرَحَ النُّجُوم
                      نُطعِمُ الوَقتَ ذِكرى
                      نَتَراءى فِي مَرايا العُيُونِ ..
                      ثَلجاً ..
                      يَندِفُهُ القَمَر

                      نَتَبادَلُ شِباكَ البَياض
                      نَظرَةٌ تَصطادُ نَظرَة
                      صَيّادَةٌ تُرَبِي اللُّجَين
                      وصَيّادٌ ..
                      ما زالَ يَحلُم !!

                      .. يعود الشعر ليكون القدر المحتوم للذات المبدعة ويتفتح في قلب الشاعر بعد طول انتظار هو الشاعر/ الحصان/ .. يتوحدا معا بجموحهما وخيالهما المجنح في أفق فضي.. يتخلله سحر الشرق الذي يدفأ برودة المكان .. كأني بها العودة للأصل والعودة للماء.. أي إلى الروح الطاهرة الشفافة.. إنها سيمفونية الكون تنشدها قصيدة الشاعر صاحب الإحساس المميز في موسيقاه الداخلية .. الذي يصعد في درج النجومية و مع ذلك يحب الظل و التواضع.. حيث تكون ذاته أكثر استقرارا وعمقا وأرق بوحا حد الدفئ.. و الذي تقاوم من خلاله الذات المبدعة.. برودة الجسد والمكان..
                      وعليه فإننا نجد أن أغلب رموز وتيمات هذا النص الإبداعي منسجمة انسجاما كبيرا مع بعضها البعض .. فالروح منسجمة مع الجسد... والهذيان الشعري.. منسجم مع لغة وفكر الشاعر المتمكن.. ليفتح باب الإحساس لديه أمام وجود لا نهائي ينطلق من ذاته المبدعة.. والنص الإبداعي.. ثم المتلقي القارئ.. إلى المدى اللا نهائي..
                      كما أن النص تميز بوحدته العضوية والموضوعية المتماسكة عبر الترابط العميق بين مفردات وأنساق القصيدة كلها بشكل تلقائي لم يفقد معه عمق الكلمة وخيالها الشاعري.. الذي تميز بتشكيله الشعري ورمزية تعبيره وحداثة لغته المتمكنة.. إضافة إلى إجادته في اختيار كلماته الشعرية التي تلاءم حروف وحركات وألفاظ القصيدة في سياقها العام.. وبعيدا عن الموسيقى الخارجية التي تصدر من الوزن والقافية.. فهو إنما يتميز أي ذات الشاعر د محمد الأسطل بإيقاع قصيدته الداخلي بشكل جميل ومتناسق..
                      ورغم طول القصيدة.. إلا أنه لم يتأثر بها عنصر التكثيف و التوهج.. بل جاءت سلسة عميقة.. منسابة كجدول ماء بدون تكلف أو غلو في الغموض.. وفي نفس الوقت فإن القصيدة لها رؤية غاية في الرقي الوجودي.. انطلاقا من تجربة الشاعر الحياتية مع الصمت والواقع المؤلم.. و مع الدخان الذي يحاول إفساد حياته ولكن دون جدوى فهو الشاعر الذي يستمد دمه قوته.. من خلال جموح الشعر واللون.. لتكون الخاتمة عميقة عبر فلسفة البداية والنهاية والعودة إلى الحلم .. وكأني بالحلم ينكسر ويرجع للتماسك من جديد.
                      مدونة الريح ..
                      أوكساليديا

                      تعليق

                      • د. محمد أحمد الأسطل
                        عضو الملتقى
                        • 20-09-2010
                        • 3741

                        #26
                        الشاعرة الرائعة والناقدة القديرة سعاد ميلي
                        صباحك نارنج
                        بداية أشكرك على هذه القراءة الرائعة والوجدانية لقصيدتي " درج اللجين "
                        وأشكرك على تقديمي هنا بطريقة الأديبة والشاعرة الأنيقة
                        حقيقة أسعدني أن أتواصل هنا وفي الغرفة الصوتية مع ناقدة وشاعرة عميقة في التناول النقدي للقصيدة ,
                        كانت السهرة في الغرفة الصوتية أكثر من رائعة
                        والتي من خلالها تواصلنا من خلال التناول النقدي والأدبي للنص .
                        أنا كشاعر ؛ أحب كثيرا النقد المعمق والمهني لأنني أعتبر أن الشاعر والناقد كجناحي طير ؛
                        يمكن لهما أن يحلقا بالنص نحو آفاق أوسع وأجمل
                        مرة أخرى
                        حناء تزهر لأجلك وشكرا
                        ولا يفوتني أن أهديك هذا الفيديو والذي أنهيته للتو
                        أرجو أن يعجبك
                        ودي وصفصاف

                        http://www.youtube.com/watch?v=DcBnP...ature=youtu.be

                        قد أكونُ احتمالاتٍ رطبة
                        موقعي على الفيس بوك https://www.facebook.com/doctorastal
                        موقع قصيدة النثر العربية https://www.facebook.com/groups/doctorastal/
                        Green Moon-مجلة فنون https://www.facebook.com/green.moon.artline

                        تعليق

                        • سعاد ميلي
                          أديبة وشاعرة
                          • 20-11-2008
                          • 1391

                          #27
                          الشاعر القدير د محمد الأسطل وزميلي العزيز.. أسعدني ردك جدا وأنت تستحق الأفضل
                          تحيتي الوجدانية لرقة ردك و تقديرك لقراءتي الوجدانية التي تحتفي بالإبداع ثم الإنسان...
                          و مرسي للفيدو الأكثر من رائع
                          ..
                          مدونة الريح ..
                          أوكساليديا

                          تعليق

                          • سعاد ميلي
                            أديبة وشاعرة
                            • 20-11-2008
                            • 1391

                            #28


                            في حلقة اليوم " وجدانيات" 4/ سوف أستضيف في الغرفة الصوتية لملتقى الأدباء والمبدعين العرب في العاشرة بتوقيت القاهرة.. أختنا الغالية الشاعرة التشكيلية سليمى السرايري وقصيدتها *أنا آخر أنثى بلّورية*... كونوا معنا في الموعد مع كل التقدير الوجداني لقلوبكم الوفية..

                            " أنا آخر أنثى بللورية " للشاعرة التشكيلية سليمى السرايري


                            أنا آخر انثى بللوريّـــــة الشاعرة المبدعة سليمى السرايري وجهه هناك.. فوق ليالي السنة الباردة ينشد أغنية من فضّة الجنوب كم انتظرتُ وجهه صحوا منذ اُُُسّست مدن العشق ضحكته الغريبة ، كعصفورة صباحيّة تؤلّف أغان أبديّة تعلّمني كيف أفتح المدى للبحر كيف أصنع من دمعاتي المبلّلة بالضياء ، نجمات

                            رابط قصيدة * آخر أنثى بلورية * الشاعرة سليمى السرايري



                            مودتي التي لا تحصى
                            أختكم سعاد
                            زهرة الريح
                            ..
                            مدونة الريح ..
                            أوكساليديا

                            تعليق

                            • سعاد ميلي
                              أديبة وشاعرة
                              • 20-11-2008
                              • 1391

                              #29
                              قراءة وجدانية في قصيدة : * أنا آخر أنثى بللوريّـــــة * نبض الشاعرة التشكيلية سليمى السرايري / قراءة.. سعاد ميلي / برنامج "وجدانيات" الحلقة(4)غ.ص..



                              بحر البلّور وأنثاه الأخيرة





                              1- ضوء كاشف.. على واقع الذات المبدعة قبل الغوص في بحر نزفها الكريستالي:


                              .. عندما يتدفـَّـقُ اللـَّون في بحر الورقة.. هنا.. أسمعُ صدى اسمِها البلـّوري و رقصةُ حروفها القزحية..
                              الشاعرة التشكيلية سليمى السرايري .. تؤسـِّس بيتها في حضنِ البياض المشع.... تتوحد مع غربتها وحنينها الطفولي.. لتشكل عالما خاصا بها في وطن الريشة والحرف...
                              ..أقتبس أهم ما جاء في نزف اعترافها الشعري لي.. بعد سؤالها عن نفسها.. لتجيبني بعمق قائلة.. :
                              ..........
                              الرسم مخاضٌ جميل لقصيدةٍ تُرسم بالريشة...
                              ..........
                              أمشي في غابة ألم أو تراكمات هذه الحياة
                              لا ترافقني غير ريشة أنهكها تعبي...
                              هذه أنا مسكونة بالتقنيات البلورية ..
                              مسكونة بالحفر على المعادن
                              لعلّي أنحت اسمي..
                              لعلي أكبر في الحزن.

                              سليمى السرايري شاعرة و فنانة تشكيليّة تونسية, بالتحديد من قرية امازيغية بالجنوب.. عشِقـَـت الرسم والكتابة منذ طفولتها الشاحبة... والرسم في قلبها الشفاف ضرورة ملحة.. بل هو مرآة حياتية.. تعكس ما بداخلها لتحدد هوية نفسيتها عن طريق التعبير باللون والحرف......... كفنانة.. لها تقنياتها الخاصة مثل فن السيراميك والطين.. الصباغة على الثوب والزجاج.. ولا أنسى عشقها لتجديد الأثاث القديم /صناديق قديمة/ تغلفها بالفضة.. وترسمها.. كما تعشق الحفر عليها وعلى النحاس .. وبالنسبة للكتابة فهي مكملة للرسم في قلبها النازف... نشرت أعمالها الشعرية والفنية في العديد من المواقع والمنتديات الأدبية والفنية على الشبكة العنكبوتية.. لها عدة مشاركات في معارض جماعية.. وخمس معارض فردية.. لها تجربة في المسرح الغنائي.. إذ قامت بكتابة نص بعنوان: " قمر وصبية وحكايات" مثلت دور الراوي فيه.. وقامت بتصميم أزياء المسرحية (حاصلة على شهادة باريسية في تصميم الأزياء) إضافة إلى قيامها بمهمة الإخراج في هذا العمل الفني.. و قد تم عرض المسرحية ببعض دور الثقافة التونسية. وبما أنها من أصول أمازيغية ساعدها هذا على ترجمة النصوص الإبداعية إلى نفس اللغة .. كما وأن دراستها الفرنسية جيدة.. ولها ديوان شعري فصيح بعنوان : "أصابع في كف الشمس"، وديوان في طور الإنجاز مترجم إلى لغتين فرنسية و إيطالية .. شاعرتنا الرقيقة سليمى السرايري عضو ببيت الشعر بتونس وعضو بالاتحاد الجهوي للمكفوفين، وعضو بمؤسسة رعاية المكفوفين إلى جانب قيامها بأعمال تطوعية خيرية وثقافية أخرى ..

                              2- الغوص في بحر البلّور وأنثاه الأخيرة... :


                              * أنا آخر أنثى بللوريّـــــة*.. عنوان كزبد البحر.. يتوحد بياضه مع الزرقة ليشكلا لنا مقطوعة موسيقية شفافة وفي نفس الوقت متمردة ساحرة كبريق كريستالي..
                              هنا أتساءل هل حدّد الوعي باللون داخل إحساس الذات المبدعة طريقه إلى حروف قصيدتها هذه؟؟ أو أن الشاعر الإنسان بطبعه النرجسي ينتهي معه العالم عند حدود قصيدته الوطن.. ليصبح هو البداية والنهاية في كون الورقة الداخلي.. و في خارجها.. ذاته وحده؟؟ وهل الوعي الذاتي.. جعل الذات المبدعة تتوحد مع الصمت في انتظار بزوغ البريق البلّوري في حياتها كونها ذاتٌ مفكرة في أحوالها.. تخلق التوازن في أحاسيسها النفسية المتذبذبة؟؟
                              وهل يا ترى؟ سوف نجد هنا في بحر القصيدة لوحة ناطقة لونا مع دفء موسيقي مستمد من قدسية الرّوح وشغب الجسد الأنثوي..؟؟
                              كل هذه الأسئلة وغيرها فكرت بها وأنا في أول "غطسه" في ماء القصيدة البلوري..
                              .. وفي رأيي كخلاصة أولية.. إن الوعي شمس عامرة بالضوضاء والصمت.. واللاوعي ليل مسكون بالتيه.. وبما أن أنثانا البلورية مسكونة باللون.. وللون موسيقاه الخاصة.. فمن الطبيعي أن أفكر بوعي ذاتها المبدعة لجماليته عن طريق اختيارها بالتحديد لأقدس الألوان.. المتوحدة مع غربتها النفسية وأعني هنا لون البلور... لون البياض المشع الشفاف.. وهذا الأخير شقيق العزلة.. ونافذة مطلة على الحقيقة الوجودية..
                              إذن ربما لهذا وغيره نجد الذات المبدعة هنا تعتبر نفسها الأنا العليا بعد إزالة ما سبق.. إلا جوهر ذاتها هي.. المفكرة والواعية لقرارها/ أنا آخر أنثى بلّورية/ عنوان يصرخ بالنرجسية التي تأتي بعد معاناة الذات من جحيم الإيثار و العطاء للآخرين الذين يقابلونها بالنكران والجحود.. فتقرر الوقوف وتأمل ذاتها.. لتصبح..الأنا الفردية هي المسيطرة.. وهذا ربما تقصد منه تغيير واقعها الذي جعل ربما الآخرين يتحكمون في حياتها.. مما حولها لأنثى متمردة ثائرة.. تقرر العلو بذاتها وإلغاء ما عداها.. لتصبح الأنا العليا..

                              أتابع السباحة باستمتاع عذب ذا شجون.. وأتوقف عند قول الشاعرة:



                              وجهه هناك..

                              فوق ليالي السنة الباردة

                              ينشد أغنية من فضّة الجنوب

                              كم انتظرتُ وجهه صحوا

                              منذ أسّست مدن العشق

                              ضحكته الغريبة، كعصفورة صباحيّة

                              تؤلّف أغان أبديّة

                              تعلّمني كيف أفتح المدى للبحر

                              كيف أصنع من دمعاتي المبلّلة بالضياء ، نجمات

                              كلّما أحببته أضيء أكثر..


                              عندما نستشعر حلاوة البياض تزداد مرارة الغربة في قلوبنا المنعزلة عن هذا الواقع الصادم.. وهنا لابد من الحفر في الذاكرة البعيدة لدى الذات المبدعة..
                              ففي قولها / وجهه هناك/ نجد أن هذا النسق النثري يحمل عمقا شعريا دفينا في بحر اللغة المتخففة من نفسها و من الغموض الموغل في الضبابية.. فجاءت انسيابية لغتها كشلال روحي.. مصاحب لصور شعرية غاية في الرقة والخيال .. مشبعة بالحزن والاغتراب و ضياع لم يخدش شفافية الروح لدى الذات المبدعة.. وكأني به حزن لذيذ نستمتع معها به.. وبجماليته الفنية وهو يعانق الضياء البلوري..
                              كما نجد أن الذات المبدعة منذ أول نسق تحيلنا إلى فاجعة الفقد الذي تعانيه.. وحصرها لوجه واحد .. أي .. تحديدها له كوجه مقابل لذاتها الفردية، تهتم به وحده، هي.. كأنا عليا.. وهو.. كذات غائبة .. يشعرها بالسكينة الروحية..
                              .. هنا.. نجد أن الذات المبدعة تستشعر برودة الموت كل ما مرت سنة عليها.. إذ ربما تتذكر يوم وداعها للذات الغائبة في ليلة سنة ما.. مما ترك معه جرحا غائرا في حياتها.. فغياب الوجه الآخر المقابل لذاتها العليا غيـّر حياتها رأسا على لون.. وكأني بها كلما استحضرته في ذاكرتها إنما تسمح له وحده بتغيير نفسيتها للأفضل وزيارتها في وطنها المنعزل في الواقع والمنطلق في الذاكرة.. إنه عالمها البعيد / هناك/ .. كلما مسحت الغبار عنه.. تتجلى أمامنـا كالطفلة الأنثى / منذ أسست مدن العشق/ إذ عشقت ضياءه وأحبت وجهه بعمق وألم.. و كلما تذكرت ضحكاته أضاءت أكثر.. لتحب معه أغنية /فضة الجنوب/ بشكل أكبر.. وكأني بها تـُشبّه بريق ضحكته.. بالفضة.. وهنا تتوحد مع هذا البريق لتضيء أكثر وتصبح هي آخر أنثى بلورية..

                              تقول الشاعرة:

                              وكيف من أوراقي، أصنع سفنا تحملني إليه

                              إلى الآن، مازلتُ أتساقطُ على كفّه المعطّرة بالعشق والياسمين

                              كلّما جفّت سُحبي

                              كلّما توارى ليلي خلف الغيوم

                              هناك، في عتمة متعبة، ألمحهُ

                              يعزف لحنا شبقيّا

                              يفتح أزرار ضياعي

                              فأعلو..أعلو إلى سمائه لتصير شفاهي بلون الشفق

                              وقبلته بطعم الأعشاب الجبليّة

                              ملامحه المريحة تتسلل بين أصابعي

                              تتراقص في غفوتي الحالمة به

                              يا رجلا يهيئ لي أمسيات من حنين

                              عبر لغة شفافة تجعل من البساطة عمقا روحيا متصاعدا داخل بوحها النازف.. نجد أن الذات الغائبة متوحدة روحيا وجسديا مع الذات المبدعة.. فتبحث هذه الأخيرة عن سفينة تحملها إلى ال هناك.. كي تجعل من الحرف شراع.. ومن اللّون مركب.. تسافر بهما إليه.. كلما اشتد بها وجع الفقد.. أو الحنين.. و كلما أضاءت الذكرى زواياها الجسدية الضائعة.. عبر تغلغل النور البلّوري في ذاتها الروحية شيئا فشيئا.. وكأني بالشفق في شفاه الذات المبدعة المتأمـّلة كأنا عليا.. مبلل بدموع تسقط منه فجأة.. على بلور ثلجي في سفح جبلِ ذاكرة، متعطشة للذات الغائبة- الآخر... ليتحلل ضوء هذه الأخيرة ويغمر قلب الذات المبدعة الحزين، بألوان سبعة تلون بياض عزلتها وعتمتها.. وصخب أنوثتها.. وقسوة ضياعها.. لتعود أكثر قوة فتمسك لجام الهذيان الجنوني.. وتقف شامخة بإدراك لعمق معاندتها.. وهنا أجدني معجبة بثقافة الشاعرة.. بسبب إدراكها الحسي لعمق وجمال الطبيعة.. عبر قبلة الأعشاب الجبلية من لدن الذات الغائبة وهنا ربما كانت قُبلتها تعبق برائحة هذه الأعشاب... !!! وربما هي قبلة مريضة تستمد قوتها من التداوي بالأعشاب الجبلية بسبب اختناقها /الشبقي/ ليكون الجسد سبب هلاك صاحبه الذات الغائبة.. أو هوسه.. أو جنونه ... !!!
                              وهنا يحضرني اسم عشب جبلي يسمى "نجم المساء" أو "الأخدرية" والذي تستخدم جذوره.. أوراقه.. و أزهاره.. في علاج أمراض خطيرة جدا تسبب الموت كمرض القلب والسرطان و ......
                              وكأني بالذات المبدعة تستنجد بعشب الجبل ليطيل عمر الذات الغائبة أو ربما تتذكر هذه الأعشاب المستخلصة في علاج الأمراض الخطيرة لسبب ما في نفسيتها المضيئة الكئيبة ..
                              الحقيقة هناك عدة تأويلات تطرح نفسها أمامي.. ولكن ذكر الذات المبدعة لِلَفْضة /شبقي/ حدد لي نقط معينة لتأويلها في ذهني ولكن مع ذلك.. أترك المجال مفتوح لقارئ غيري.. لاكتشاف ما غاب عني أو تغاضيت عن شرحه بالتفصيل لإدراكي.. لجمالية التوقف عند بداية الحقيقة وترك مسافة أخرى لتأويل آخر وآخر..
                              .. و أيضا نجد هناك وعي مصحوب باللاوعي عند الذات المبدعة حسب تغيرات كل لون لوحده.. وكأني بها بحر لون يتغير حسب الحالة النفسية لديها ولدى الذات الغائبة.. مع إحساسها الواعي بطبيعته الأصلية.. و هذا ليس بغريب على تشكيلية ترسم اللوحة القصيدة و تنزف القصيدة اللوحة.. ولكن ليس بتجريد بل بتجسيد تدخل معه السريالية التي تضفي على القصيدة عمقا شفافا وشعريا نديا رغم نزف الروح واغترابها..
                              إذن.. رؤية الذات المبدعة للذات الغائبة تمدها بالأمل المتجدد كلما احترقت أشواقها في نار العتمة المتعبة في / ليالي السنة الباردة/.. ليدخل الهدوء إلى ذاتها المنعزلة وروحها العليا.. وذاكرتها التي تفتح مصراعيها للضياء..


                              تقول الشاعرة:

                              أنصت جيّدا لأهازيجي مليئة بالصدف

                              بحروف تلمعُ

                              بطيور من كريستال ، تضيء

                              هناك الأبديّةُ تركض نحو مرافئك

                              وكلماتُُ تتكوّنُ باسمك..

                              إملأ من غربتي كفّك

                              وخذني إليك

                              فأنا آخر أنثى بلوريّة

                              في داخلي حبلُ ضوء يبحثُ عنك

                              وفيه ترانيمُ عشق لعينيك.


                              هنا.. الذات المبدعة.. تحاول فك رموز المستقبل الغامض أمامها والعميق جرحه بالروح الصوفية المحتفية في عمقها بالمطلق المبهم.. عبر قداسة التوحد ما بين الذات والآخر .. الآني.. والأبدي.. و حينا أخرى باحثة عن خيط جنوني مؤدي إلى الذكرى المفتوحة على هوس النار الجسدية المتشوقة للضياء..
                              كما أنها تجعل من كف الذات الغائبة.. اليد الحنونة التي تجمع أشواك غربتها وترمي بها بعيدا عنها.. وهذا كي تعانق وجعها المتجدد بهدوء.. كلما قدمت سنة جديدة.. تأتي وتصطحبها إلى المجهول.. لتصبح هي آخر أنثى بلورية تراها عيون الذات الغائبة قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة.. وهنا تتمرد الذات المبدعة بعد صدمة الفقد هذه.. لتغير حياتها من الخنوع إلى الثورة .. وتنطلق بعيدا نحو الأفق لتصبح آخر أنثى بلورية..
                              وعليه... نجد أن الشاعرة التشكيلية سليمى السرايري... في قصيدتها الندية كنداوة روحها النقية.. لم تستمد شعريتها من الوزن والقافية بل من عمق اللغة المتخففة.. المشبعة بالشفافية والتصوير المحلق في اللون ... المتناقض مع الحلم .. و المبحر في الروح المتعبة الشفافة..
                              كما نجد أنها وظفت بقوة أحاسيسها الداخلية.. العامرة بالحنين .. ووجع الجسد الهزيل.. داخل كل أنساق النص الإبداعي.. لتكون هي زادها في جمالية قصيدتها الشفافة العميقة.. المتوحدة مع عمق مأساتها البعيدة القريبة..
                              وبالنسبة للشكل العام للقصيدة النثرية هذه فقد حافظت الشاعرة على وحدة النص الموضوعية كما حافظت على توازن الإيقاع الداخلي مع حضور التكتيف ولكن بشكل هادئ لم يغيب معه طبعا العمق خاصة في الرؤيا اللونية الشعرية.. وهذا أراه يتناسب وشفافية البلور.. ونفسية ذات الشاعرة المبدعة البلورية كذلك.. والتي رسمت لنا قصيدة بألوان الطيف تارة.. وألوان محايدة تحتفي بالغياب تارة أخرى..

                              مدونة الريح ..
                              أوكساليديا

                              تعليق

                              • سعاد ميلي
                                أديبة وشاعرة
                                • 20-11-2008
                                • 1391

                                #30

                                بسبب ظروف قاهرة جدا... سوف أؤجل برنامجي النقدي
                                " وجدانيات"
                                ...........................
                                ...................
                                مودتي التي لا تحصى
                                .........................................
                                أوكساليديا
                                شاعرة الوجدان

                                مدونة الريح ..
                                أوكساليديا

                                تعليق

                                يعمل...
                                X