الهــــاوية..(الوجوه الخاوية)-8-

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • د .أشرف محمد كمال
    قاص و شاعر
    • 03-01-2010
    • 1452

    الهــــاوية..(الوجوه الخاوية)-8-

    (8)

    الهــاوية


    هناك أشياء كثيرة انتظرت حدوثها , لكنها اندثرت تحت زمنٍ عقيم.

    .. تأملت ملامح وجهها المنهك في المرآة , تحسست بأناملها تلك التجاعيد التي خطتها فرشاة الزمن على وجنتيها , و رقبتها . هالها تلك الدوائر القاتمة حول عينيها المنطفئتين , و ملامحها المبهمة الذابلة . انتفضت في هلع تتحسس جسدها الممتلئ بنتوءات مترهلة ؛ كأنها تشاهد نفسها لأول مرة أو تتطلع لواحدة أخرى أمامها ..!!
    هي التي كانت ذات يوم , جميلة الجميلات , و ساحرة القلوب , خالبة الألباب , تحيط بها الأضواء و الأقلام في كل مكان تحط عليه , بينما توزع ابتساماتها كالأميرات , تملأ صورها كل الجرائد و المجلات , تصفها بأنها نجمة الإغراء الأولى في مصر خاصة , و الوطن العربي كافة , مطلقة عليها لقب (مارلين مونرو الشرق).
    كم سعدت بنظرات الإعجاب , التي تلتهمها إلتهاما , و شعرت بالثقة والخيلاء , فالكل يتسابق لإرضائها , و يتهافت من أجل امضائها , أو تقبيل يديها , و الركوع امام قدميها كأحدى الملكات ..!!
    نظرت مرة ثانية بحسرة و أسى إلى المرآة , أين ذاك الخصر النحيل والقد المياس و الصدر النافر في كبرياء , والوجه الملائكي الخلاب ..؟! أين ذهب ذاك الماضي الجميل بكل أفراحه ..؟! وتركها وحيدة تجتر أحزانها , و ذكرى تلك الأيام .
    هذه هى المرة الأولى منذ زمن لا تدريه التي تجالس فيه نفسها المنعكسة صورتها أمامها , وكأنها المرة الأولى التي ترى فيها ذاتها .. !!
    تذكرت بمزيج من الألم و الندم , كم عرفت من الرجال , و أمضت معهم لحظات من السعادة و الفرح الآثمة , كم سقطت في بحر الخطيئة الموحل , - من أخمص قدميها حتى منبت شعرها- و كم عاشت من أزمنة رديئة .. ؟!
    حاولت تذكر عشرات الوجوه التي مرت بحياتها , لكنها لم تستطع تحديد ملامحها - ربما ضعفت ذاكرتها أيضاً - فمر شريط الذاكرة من أمامها رمادياً باهتاً , كما لو أنه فيلم ٌمحترق ٌ , أثر تعرضه للضوء .
    الكل تركها الآن ؛ بعد أن استنشق رحيقها , و امتص شبابها - حتى الثمالة- بعد أن خبت جذوة جاذبيتها , و انطفأ جمالها , و أصبحت الآن كماً مهملاً , و عالة على الحياة.
    .. أرادت الإفلات من وجع الذاكرة في داخلها المتيبس , التخلص من ثقل الماضي المليئ بالصخب والمتعة والأضواء . أشاحت بوجهها عن المرآة في سرعة , كمحاولة للتأقلم مع واقعها الجديد , و حياة الوحدة و الغربة و الصمت .
    ..إلا أنها اكتشفت أنها تعيش بلا حاضر , بلا نبوءات للمستقبل , يلفها صقيع الوحدة , كشجرة سنديان عجوز يابسة , في خريف العمر , تنتظر السقوط .
    .. انزوت داخل ذاتها و اعتزلت العالم من حولها , فلم تعد تستطع أن تواجههم بهذا الوجه الشائه, و تلك النفس الخربة , أصبحت تشمئز من ذاك الجسد الذي استشرى فيه العفن.
    تحركت في داخلها مجهولات شتى , و أحاسيس متضاربة , فقررت أن تستجيب للنداء الذي ألح عليها منذ فترة , و لم يكن لديها الشجاعة لتلبيته , أرادت أن تحرق سنوات الإنتظار بداخلها , و أن تنهي معاناتها بيديها..!!
    .. عندما كان الظلام المطبق على أنفاس المدينة يتلاشى , والقمر مكتمل النور كالبدر , شقشقت عصافير الفجر , فآنستها وهدهدت أشباح خوفها في تلك اللحظات الدقيقة المفعمة بالشجن , ملأت رئتيها , بنسيم حياة مختلف النكهة . استجمعت شجاعتها , و تسلقت سور شرفتها , أخيراً تذوقت روحها طعم الحرية , و حلقت عالياً في فضاءات الكون , بينما سقط الجسد إلى الهاوية .
    التعديل الأخير تم بواسطة د .أشرف محمد كمال; الساعة 13-01-2012, 06:21.
    إذا لم يسعدك الحظ بقراءة الحكاوي بعد
    فتفضل(ي) هنا


    ولا تنسوا أن تخبرونا برأيكم
  • ريما ريماوي
    عضو الملتقى
    • 07-05-2011
    • 8501

    #2
    عندنا نوع من توارد الخواطر أستاذ أشرف كمال...
    لا أدري.. ربما هنالك من أوحى لنا بقصتينا...
    أنت كتبت عن نجمة إغراء أفل نجمها, لكن أنا
    كتبت عن ربة بيت عادية كبرت بالعمر...؟ّ!


    وكل عام وانت بألف خير وصحّة وسعادة.

    مودتي وتقديري... تحياااتي.


    أنين ناي
    يبث الحنين لأصله
    غصن مورّق صغير.

    تعليق

    • عبد الحميد عبد البصير أحمد
      أديب وكاتب
      • 09-04-2011
      • 768

      #3
      لله درك أخي الكريم نطقت الحق هذا هو حال العفن الفني..لاشيء سوى السقوط والإنزلاق ..دائماً تكون الفاتورة غالية بمقدار ما أخذت.
      تقبل مروري
      الحمد لله كما ينبغي








      تعليق

      • جودت الانصاري
        أديب وكاتب
        • 05-03-2011
        • 1439

        #4
        كم هو جميل سردك اخي الغالي اشرف
        قصه تقريريه جميله ابهرتني وذكرتني بالممثله المشهوره وحادثتها المشهوره
        ابدعت اخي ونتواصل
        لنا معشر الانصار مجد مؤثل *** بأرضائنا خير البرية احمدا

        تعليق

        • سلمان الجاسم
          أديب وكاتب
          • 07-02-2011
          • 122

          #5
          الأستاذ الدكتور/ أشرف محمد
          بالأمس قرأت قصتك ..واليوم عدت إليها مرة أخرى..
          سرد، رمزية، حبكة ،هدف،نهاية، وعبرة ..
          نص يحتمل العديد من الصور على حد فهمي، أو كما تصورته
          فممكن هي الدنيا وملذاتها ..الحكام وما آلوا إليه من مصير ..
          النساء الفاتنات..فلكل شيء نهاية .. وعلى العاقل أن يفهم ويعمل على ذلك الأساس..
          أسجل أعجابي بهذا النص ..ودعائي لك بالتوفيق .

          تعليق

          • أحمد على
            السهم المصري
            • 07-10-2011
            • 2980

            #6
            سرد رائع لقصة فنانة نعرفها جميعا
            باب الحديد شفيقة القبطية ....

            رحمها الله

            كنت رائعا هنا يا دكتور أشرف
            تحياتي لك
            التعديل الأخير تم بواسطة أحمد على; الساعة 02-01-2012, 10:19.

            تعليق

            • صالح صلاح سلمي
              أديب وكاتب
              • 12-03-2011
              • 563

              #7
              ارحموا عزيز قوم ذل
              رغم انهم لم يرحموا انفسهم
              لكم اشعر بالشفقة والأسى على هكذا نماذج
              الدنيا فتانه
              وقانا الله شرها
              تحياتي د. اشرف
              شكرا لك

              تعليق

              • د .أشرف محمد كمال
                قاص و شاعر
                • 03-01-2010
                • 1452

                #8
                المشاركة الأصلية بواسطة ريما ريماوي مشاهدة المشاركة
                عندنا نوع من توارد الخواطر أستاذ أشرف كمال...
                لا أدري.. ربما هنالك من أوحى لنا بقصتينا...
                أنت كتبت عن نجمة إغراء أفل نجمها, لكن أنا
                كتبت عن ربة بيت عادية كبرت بالعمر...؟ّ!


                وكل عام وانت بألف خير وصحّة وسعادة.

                مودتي وتقديري... تحياااتي.
                كل عام وأنت بخير أخت ريما
                هذا شرف لي أن تتوارد خواطرنا
                فالمآسي تتشابه والمواقف تتكرر
                لكن علينا أن نتعلم منها ونأخذ العظة والعبرة
                دمت بود
                إذا لم يسعدك الحظ بقراءة الحكاوي بعد
                فتفضل(ي) هنا


                ولا تنسوا أن تخبرونا برأيكم

                تعليق

                • د .أشرف محمد كمال
                  قاص و شاعر
                  • 03-01-2010
                  • 1452

                  #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة احمد فريد مشاهدة المشاركة
                  لله درك أخي الكريم نطقت الحق هذا هو حال العفن الفني..لاشيء سوى السقوط والإنزلاق ..دائماً تكون الفاتورة غالية بمقدار ما أخذت.
                  تقبل مروري
                  أشكرك أخي الغالي على حضورك الكريم وعلى أرائك العميقة وقراءتك المتأنية للنص
                  دمت بود ودام تواصلنا
                  إذا لم يسعدك الحظ بقراءة الحكاوي بعد
                  فتفضل(ي) هنا


                  ولا تنسوا أن تخبرونا برأيكم

                  تعليق

                  • ربيع عقب الباب
                    مستشار أدبي
                    طائر النورس
                    • 29-07-2008
                    • 25792

                    #10
                    الكوب حقا نصف فارغة و لكن
                    ماذا لو نرى النصف الملئ !
                    اجترارها لم يكن متوازنا تماما
                    و ربما لحظة الحساب كانت تأخذ منحى واحدا
                    حين نكبر .. و تذهب زهوتنا .. لا نكون وحدنا
                    بل يكون كل عالمنا كذلك
                    أما مسألة السقوط فهذا وجع الإنسان البكاء على ما أسلف
                    و محاولة التطهر منه
                    أو رفعه عن كاهله

                    ربما طالت صديقي أشرف كثيرا
                    فتكررت أفعال بعينها لم تقدم للسرد المطلوب
                    مثل الفعل حاول و أخذ الذي أراهما دائما و كأن اللغة توقفت عندهما

                    راقني ما كتبت
                    النهاية كانت جميلة و صناعة يد مدربة على تناول الجمال بالكثير من الرقة و العذوبة
                    خاصة إذا كانت القصة لا تتحمل فاجعة !
                    sigpic

                    تعليق

                    • د .أشرف محمد كمال
                      قاص و شاعر
                      • 03-01-2010
                      • 1452

                      #11
                      المشاركة الأصلية بواسطة جودت الانصاري مشاهدة المشاركة
                      كم هو جميل سردك اخي الغالي اشرف

                      قصه تقريريه جميله ابهرتني وذكرتني بالممثله المشهوره وحادثتها المشهوره

                      ابدعت اخي ونتواصل
                      أشكرك كثيراً أخي جودت على حضورك الكريم وكلماتك الرقيقة
                      القصص كثيرة أخي ومتشابهة ولكن من الذي يتعظ..؟!
                      دمت بود أخي الغالي ودام تواصلنا
                      إذا لم يسعدك الحظ بقراءة الحكاوي بعد
                      فتفضل(ي) هنا


                      ولا تنسوا أن تخبرونا برأيكم

                      تعليق

                      • د .أشرف محمد كمال
                        قاص و شاعر
                        • 03-01-2010
                        • 1452

                        #12
                        المشاركة الأصلية بواسطة سلمان الجاسم مشاهدة المشاركة
                        الأستاذ الدكتور/ أشرف محمد
                        بالأمس قرأت قصتك ..واليوم عدت إليها مرة أخرى..
                        سرد، رمزية، حبكة ،هدف،نهاية، وعبرة ..
                        نص يحتمل العديد من الصور على حد فهمي، أو كما تصورته
                        فممكن هي الدنيا وملذاتها ..الحكام وما آلوا إليه من مصير ..
                        النساء الفاتنات..فلكل شيء نهاية .. وعلى العاقل أن يفهم ويعمل على ذلك الأساس..
                        أسجل أعجابي بهذا النص ..ودعائي لك بالتوفيق .
                        أخي الغالي سلمان الجاسم أشكرك على كلماتك الرقيقة وقراءتك العميقة لنصي المتواضع
                        وصدقت فيما قلت فالعبر عديدة والعظات كثيرة ..فلكل شئ إذا ماتم نقصان
                        دمت بود ودام تواصلنا
                        إذا لم يسعدك الحظ بقراءة الحكاوي بعد
                        فتفضل(ي) هنا


                        ولا تنسوا أن تخبرونا برأيكم

                        تعليق

                        • د .أشرف محمد كمال
                          قاص و شاعر
                          • 03-01-2010
                          • 1452

                          #13
                          المشاركة الأصلية بواسطة أحمد على مشاهدة المشاركة
                          سرد رائع لقصة فنانة نعرفها جميعا

                          باب الحديد شفيقة القبطية ....

                          رحمها الله

                          كنت رائعا هنا يا دكتور أشرف
                          تحياتي لك

                          أخي أحمد على أنت رأيتها شفيقة القبطية لم أكن أعلم..!!
                          هل ماتت هند رستم..؟!
                          ربما اختلط الأمر بلقب مارلين مونرو الشرق..
                          شرفتني بحضورك كما اسعدني استحسانك
                          دمت بخير
                          إذا لم يسعدك الحظ بقراءة الحكاوي بعد
                          فتفضل(ي) هنا


                          ولا تنسوا أن تخبرونا برأيكم

                          تعليق

                          • أحمد عيسى
                            أديب وكاتب
                            • 30-05-2008
                            • 1359

                            #14
                            نهايةٌ متوقعة لمن حققت الكثير من الرغبات في الجسد ، وتناست الروح التي تصبح أكثر بشاعةً كلما زادت خطايا الجسد
                            تذكرني بصورة دوريان جراي ، التي تصبح بشعةً مؤلمة كلما ارتكب صاحبها اثماً جديداً

                            قلمك جميل ويستحق المتابعة دائماً أديبنا القدير
                            وبانتظار الوجوه الخاوية ورقياً

                            مودتي كلها
                            ” ينبغي للإنسان ألاّ يكتب إلاّ إذا تـرك بضعة من لحمه في الدّواة كلّما غمس فيها القلم” تولستوي
                            [align=center]أمــــوتُ .. أقـــــاومْ [/align]

                            تعليق

                            يعمل...
                            X