إلتقينا على كراسي الانتظار في أحد مختبرات مستشفى معروف في مدينتي.. توضّحَ لي من هيئته أنّه من دولة مجاورة، لكن راودني شعور مبهم كأنني أعرفه طيلة حياتي، لا أدري سببه أهي رقته أم بسمته؟ لطفه أم هدوءُه..
يوحي بأن الدنيا ما زالت بألف خير.. نادوه باسمه الكامل فعلا اسم على مسمى "الطيب حسن."
غادرت إلى البيت وصورته ما زالت منطبعة في خيالي، يرتدي ثوبه الأبيض الفاخر وشماغ (الغثرة) زاهيا. يا له من رجل وسيم لافت للأنظار..
لم أتردد في البحث عنه من خلال (جوجل)، وجدته بسهولة هاهو ذا وتلك صورته، يعمل مراسلا رياضيا في إحدى الصحف، حتى (الإيميل) خاصته مذكور في معلوماته. فأرسلت له طلب صداقة دون تردد، ووافق عليه فورا.
أمتعتني حواراته منذ البداية، وصرنا نمضي معظم الوقت نتحادث لساعات طويلة، ياله من مثقف مطلع، ما أوسع علمه ومعلوماته لا تخفى عليه شاردة ولا واردة.
تدريجيا ملأ عليّ حياتي وكل فراغي.. وبدأت مشاعري تتغيّر نحوه.. صرت أغار عليه، لا أرغب في أن يحادث غيري...
فرحت لما كاشفني بحبه، مبديا استعداده للقدوم إلى بلدي كي نتعارف رسميا بهدف الزواج، لكنني اعتذرت آسفة بسبب اعتلال صحتي، قلبي ضعيف لا يحتمل، ومنعني الأطباء من خوض هذه التجربة..
تقبّل الأمر بهدوء.. واستمرت علاقتنا نحو العام، تحاورنا لساعات متواصلة عن النجوم، عن الحياة والموت، وكذلك الأرواح وإعادة تشكيلها وتناسخها، وأيضا في السياسة، في المرأة والرجل.. وفي جميع الأمور العامة والخاصة.
تبادلنا الإهداءات وتشاركنا في سماع الأغاني الطربية الجميلة.. وأصبح الإصغاء للعاطفية منها قمة المتعة عندي.. لكنه بدأ في التغيّر التدريجي، والبعد حتى قطع كل صلة له بي ..
هذا الفراق جرح أنوثتي فلم أحاول البحث عنه، رغم حزني الشديد لكني تقبلت الأمر الواقع، فأنا مريضة.. ولكل شـيء نهــاية، هــذا ما أدركـته منذ الـبداية.. !
بعد أربعة أشهر من غيابه، تردّت حالتي الصحية، وسقطت صريعة المرض، أكافح من أجل البقاء والحمى تفتك بي. وعلى حين غرة فتحت عيني فرأيته قرب سريري يشع هالة من نور..
ما أجمله من انسان, كلاّ.. ليس انسان بل ملاك! وعلى الفور شرع في وضع الكمّادات الباردة على جبيني ورأسي .. يمسك بيدي، يغمرها بيديه يضغط عليها بحنان، يشد أزري ويحثني على مقاومة مرضي، حتّى بدأت أتعافى ومازال يلازمني في كل لحظة لا يغمض له جفن.
شعشعت شمسه وعم دفئها روحي ودعوته بأغلى ناسي..
تراجعت الحمى، واستطعت أن التقط أنفاسي.. استيقظت أجول بنظري لكنه لم يكن هناك.. وجدت والدي يشغل مقعده قربي، مد يده يتحسس جبيني.. يغمرني بابتسامة مشعة يهنئني بالسلامة، واختفى حسن دون أن أراه... !
بعدما انتعشت تماما عدت إلى حاسوبي.. أبحث عنه للتواصل معه من جديد، تصفحت موقع عمله، وكأن أحدا صفعني بشدة لدى رؤية صورته متشحة بالسواد، مصاحبة لخبر نعيه..
الطيّب حسن - ملاكي، مؤنس وحدتي، وجليسي.. حبيب عمري، وأقرب الناس لروحي، قد فارق الحياة منذ أربعة شهور إثر صراعه مع داء السرطان الخبيث....... !
يوحي بأن الدنيا ما زالت بألف خير.. نادوه باسمه الكامل فعلا اسم على مسمى "الطيب حسن."
غادرت إلى البيت وصورته ما زالت منطبعة في خيالي، يرتدي ثوبه الأبيض الفاخر وشماغ (الغثرة) زاهيا. يا له من رجل وسيم لافت للأنظار..
لم أتردد في البحث عنه من خلال (جوجل)، وجدته بسهولة هاهو ذا وتلك صورته، يعمل مراسلا رياضيا في إحدى الصحف، حتى (الإيميل) خاصته مذكور في معلوماته. فأرسلت له طلب صداقة دون تردد، ووافق عليه فورا.
أمتعتني حواراته منذ البداية، وصرنا نمضي معظم الوقت نتحادث لساعات طويلة، ياله من مثقف مطلع، ما أوسع علمه ومعلوماته لا تخفى عليه شاردة ولا واردة.
تدريجيا ملأ عليّ حياتي وكل فراغي.. وبدأت مشاعري تتغيّر نحوه.. صرت أغار عليه، لا أرغب في أن يحادث غيري...
فرحت لما كاشفني بحبه، مبديا استعداده للقدوم إلى بلدي كي نتعارف رسميا بهدف الزواج، لكنني اعتذرت آسفة بسبب اعتلال صحتي، قلبي ضعيف لا يحتمل، ومنعني الأطباء من خوض هذه التجربة..
تقبّل الأمر بهدوء.. واستمرت علاقتنا نحو العام، تحاورنا لساعات متواصلة عن النجوم، عن الحياة والموت، وكذلك الأرواح وإعادة تشكيلها وتناسخها، وأيضا في السياسة، في المرأة والرجل.. وفي جميع الأمور العامة والخاصة.
تبادلنا الإهداءات وتشاركنا في سماع الأغاني الطربية الجميلة.. وأصبح الإصغاء للعاطفية منها قمة المتعة عندي.. لكنه بدأ في التغيّر التدريجي، والبعد حتى قطع كل صلة له بي ..
هذا الفراق جرح أنوثتي فلم أحاول البحث عنه، رغم حزني الشديد لكني تقبلت الأمر الواقع، فأنا مريضة.. ولكل شـيء نهــاية، هــذا ما أدركـته منذ الـبداية.. !
بعد أربعة أشهر من غيابه، تردّت حالتي الصحية، وسقطت صريعة المرض، أكافح من أجل البقاء والحمى تفتك بي. وعلى حين غرة فتحت عيني فرأيته قرب سريري يشع هالة من نور..
ما أجمله من انسان, كلاّ.. ليس انسان بل ملاك! وعلى الفور شرع في وضع الكمّادات الباردة على جبيني ورأسي .. يمسك بيدي، يغمرها بيديه يضغط عليها بحنان، يشد أزري ويحثني على مقاومة مرضي، حتّى بدأت أتعافى ومازال يلازمني في كل لحظة لا يغمض له جفن.
شعشعت شمسه وعم دفئها روحي ودعوته بأغلى ناسي..
تراجعت الحمى، واستطعت أن التقط أنفاسي.. استيقظت أجول بنظري لكنه لم يكن هناك.. وجدت والدي يشغل مقعده قربي، مد يده يتحسس جبيني.. يغمرني بابتسامة مشعة يهنئني بالسلامة، واختفى حسن دون أن أراه... !
بعدما انتعشت تماما عدت إلى حاسوبي.. أبحث عنه للتواصل معه من جديد، تصفحت موقع عمله، وكأن أحدا صفعني بشدة لدى رؤية صورته متشحة بالسواد، مصاحبة لخبر نعيه..
الطيّب حسن - ملاكي، مؤنس وحدتي، وجليسي.. حبيب عمري، وأقرب الناس لروحي، قد فارق الحياة منذ أربعة شهور إثر صراعه مع داء السرطان الخبيث....... !
تعليق