عرس وردة / للفنانة الأديبة سليمي السرايري ( سهرة الجمعة )

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • سليمى السرايري
    مدير عام/رئيس ق.أدب وفنون
    • 08-01-2010
    • 13572

    #16
    المشاركة الأصلية بواسطة إيمان الدرع مشاهدة المشاركة
    سليمى الغالية:
    ما أروع حروف الرسّام عندما ينثر ألوان ريشته فوق السطور..!!!
    كنت أقرأ، وأنا أتخيّل المشهد الرائع ، وصدى ظلاله على العيون.
    معظم الأشياء الجميلة في حياتنا ، لا ندرك أهميّتها إلا بعد فوات الأوان.
    عندما يعيش القلب في عتمة الألوان، يدرك ما لهذه الوردة من عبير كان ينعشه..
    ومن جمالٍ كان يشعّ في قلبه طهراً، وسكينةً، وروعةً، واحتواء.
    سلمت يداك سليمى المبدعة الموهوبة..
    أنت هنا وردة ملتقانا..
    والفارق الوحيد ..
    بأنّنا نعرف قيمتك ،
    و مدى السعادة التي تنثرينها على أرواحنا بجمالك ، وحضورك ..لا تخفى
    قلمك رائعٌ وشفيف، فلا تحرمينا منه.
    حيّااااااااااااااكِ.

    الغالية المبدعة ايمان

    ازدانت صفحتي ببهيّ حضورك ورونق كلماتك التي تبعث الدفء في زمن أصبح يتّشح بالرماد والقسوة
    فلا البستان عرف قيمة الوردة ولا الوردة تقدر تتحمّل اهمال احبيبها البستان.
    طبعا، الوردة هنا رمزا لكل أنثى أهملها الحبيب في الوقت الذي كانت فيه تغمره بالحب الجميل.

    امتناني لك سيّدتي الغالية

    التعديل الأخير تم بواسطة سليمى السرايري; الساعة 23-03-2012, 16:09.
    لا تلمني لو صار جسدي فاكهة للفصول

    تعليق

    • فوزي سليم بيترو
      مستشار أدبي
      • 03-06-2009
      • 10949

      #17
      جنّة من غير ناس ما تنداس
      وبستان من غير ورود وأزهار ما بينزار
      وملتقى من غير سليمى وربيع عقب الباب ، أرض يباب
      والموجي من غير صادق وماجي وأبو زيد وأسامة وغادة ونجلاء وبقية المبدعين والمبدعات ،حيسرح بسوداني وبلح أمهات .
      عفوا سليمى على أسلوبي في التعليق
      محبتي لك وللجميع
      فوزي بيترو

      تعليق

      • ربيع عقب الباب
        مستشار أدبي
        طائر النورس
        • 29-07-2008
        • 25792

        #18
        فلتكن وليمتنا يوم الجمعة القادم و ليتبارى السادة النقدة ما شاءوا و لنا كيف تورد الإبل ياسليمي ! أعزائي هنا في ملتقى القصة أنتم مدعوون في سهرة الجمعة و تمام الحادية عشر بتوقيت القاهرة و لا شىء غير القاهرة بالحضور و الالتفاف حول الفن الذي تحبون .. و تتمسكون فلا تجعلوا بانصرافكم ليلنا باردا و كئيبا محبتي
        sigpic

        تعليق

        • سليمى السرايري
          مدير عام/رئيس ق.أدب وفنون
          • 08-01-2010
          • 13572

          #19
          المشاركة الأصلية بواسطة آسيا رحاحليه مشاهدة المشاركة
          ماهو البستان بلا ورد و لا ألوان ؟
          لا شيء..
          و لكن درج الجميع على القول : هذا بستان جميل !
          ناسين أو متناسين أنّ الورود و الأزهار و الإخضرار هي من تصنع البستان .
          سررت بالقراءة لك أختي الرقيقة سليمى .
          مودّتي.

          العزيزة الرائعة آسيا

          صدقتِ
          البستان بلا ورود، كما بئر بلا ماء
          جاء تحليلك هنا صائبا
          لكن لا يخفى عليك القصد بالبستان والوردة
          هما يكملان بعضهما فعلا.

          شكرا لحضورك عرس وردة.

          محبتي


          التعديل الأخير تم بواسطة سليمى السرايري; الساعة 23-03-2012, 16:10.
          لا تلمني لو صار جسدي فاكهة للفصول

          تعليق

          • صادق حمزة منذر
            الأخطل الأخير
            مدير لجنة التنظيم والإدارة
            • 12-11-2009
            • 2944

            #20


            عرس وردة / سليمى السرايري

            كان السكون يعمّ المكان وقد خرج البستان من صمته المعتاد .
            تجمّل وارتدى حلّته الخضراء فاصطفت الأشجار الواحدة تلو الأخرى احتراما له
            حطّت العصافير الصغيرة الملوّنة على كف المساء
            وهرولت الأسماك من أحواضها حتى لا يفوتها عرس الوردة هذه الليلة,

            قالت الوردة :

            أنا من أحيا أعراسه ووهب اللّؤلؤ لعينيه
            في حمرتي، ماءٌ و ترانيمُ وقصائدُ تفيض أقحوانا

            أنا أميرة العبير خذلتني الأقنعة الملوّنة فمات الربيع على جذعي.
            كيف أرقص الآن على سلّم العشاق؟
            و أعبر بضفافي إلى جهة الشمس؟

            ضحك البستان و أغلق على نفسه نافذة الهواء الوحيدة التي تتنفس منها الوردةُ. كان يعرف أن الموت سيغمرها و أنّها ستنتهي تحت أقدام الصدمة.

            كاذبة هي مرايا الأمكنة التي مازالتْ تمنح للذاكرة شذى غريبا قريبا إلى القلب.
            تلك المرايا ، مازالتْ تدوّن" أوراقـًا مسافرةً" في سجلّ العابرين.
            قال البستان وقد تقاطر حسنا وصوتا من برجه العالي مزهوّا بصولاته وجولاته في عالم رقميّ :
            متى تدركين أيّتها الفوّاحة أنّك مثل آلاف الأزهار المنتشرة على الشبكة، الذابلة واليانعة ، الحقيقيّة والمزيّفة ، الوليدة والعجوز ؟
            و أنّك محطّة أقف عندها قليلا ثم أتركها ورائي غير عابئ بقطرات الندى المتساقطة من جسمك الرقيق؟
            متى تدركين أيّتها المتوهّجة أن ألوانك لا تعنيني فهي صهاريج بلا ماء؟
            اغربي عنّا أيّتها الوردة الجميلة، كفّي عن العطاء والسعادة التي تهبينها للجميع فنحن لا نحتاج كلّ هذا، فالعالم الرقميّ لوحةٌ مزيّفةٌ.
            لملمت الوردة بعض عبيرها المتساقط حولها وصعدت لأوّل مرّة منبر البستان لتعبّر عن غضبها بعد صمت طويل في ثانية أو ثانيتين.

            انقلب الطقس وزمجر البستان وأرعد واعتبرها جريمة لا تغتفر فداس على رقّة الوردةِ غير مبال بصراخ أوراقها الشفافة ألما وحزنا.

            اعتصر رحيقها بيده الغليظة بلا رحمة وتناسى في خضمّ غضبه كم توّجته تلك الوردةُ بالمحبّة والحنان والاحتواء... كم عانت من الغربان وسواد قلوبها من أجل أن يظلّ اسم البستان يرفرف عاليا.

            كانت تحتفظ بنبراته في كيس ملوّن تفوح منه رائحة زكيّة كلّما حرّكته قليلا ، تعبق الأرجاء وتعرّش قصائده فوق أعشاش الطيور فتضيء أعمدة الشبكة ويحطّ الحمام على كفّيها.

            لم ترض أن يحتلّ الغرباء باحة قصره وكان لابدّ من أغانيه كي يفوح ليمونا و أكليلا و زعترا بريّا .
            كثيرا ما كانت تهمس في غيابه:
            هذه دموعي سنابل سوف تكبر في المدى و هذه لهفتي عصافير ملوّنة تنتظرك عند اللقاء.

            غير أن البستان، صعد عاليا تاركا الوردة تطوي وحدها حقائب الجمال المحتضر، تتنفّس بصعوبة و النافذة تزداد انغلاقا.

            .............


            ليس لدى الإنسان أكثر من أمنيات يقدمها ويسعى في سبيل تحقيقها , تساعده أو تقف حائلا دون تحقيقها الظروف والأحداث وربما أشخاص مختلفون .. أحباء وأعداء يساهمون من حيث يدرون أو لا يدرون في تحقيق الأماني أو في تحطيمها .. لتشق سيرة الإنسان طريقها في خضم الحياة وفي زحامها ..

            ويبقى هناك تأثيرات كثيرة أيضا على الآراء والمواقف يمكن أن تكون للمجتمعات إحدى هذه التأثيرات فالمجتمع بخصوصيته كبيئة اجتماعية ( مجتمع المدينة أو الحي أو الجامعة أو المدرسة أو العمل أو حتى مجتمع رقمي ما ) له تأثير كبير في تشكيل الآراء والمواقف لدى الأفراد رغم أن هناك الكثير من العناوين الإنسانية والقيم الأخلاقية العامة مثل الخير والجمال والأمومة والعدالة .. إلا أن هناك فروقا واختلافا في تناولها باختلاف هذه البيئات ..

            ومن التأثيرات المهمة أيضا في الآراء والمواقف الإنسانية تأثير الجنس البشري .. فالأنوثة والذكورة لابد أن يكون لهما موقفين متأثرين بهويتهما الجنسية .. خصوصا في ظل مجتمع ذكوري يحمل الكثير من الخطايا والظلم والاستبداد بحق نفسه كمجتمع قبل أن تكون بحق الأنوثة .. ولهذا تتكون المواقف تحت تأثير كل هذه المؤثرات الخارجية والداخلية على الإنسان وتستمر رحلة الحياة وسط متناقضات لا تنتهي ..

            في قصة عرس وردة اختارت الكاتبة الطبيعة بمكوناتها الجمالية مسرحا ( البستان .. الزهور .. الاخضرار الطيور .. الماء ) وهذا تفاؤل كبير تضعه الكاتبة إطارا للقصة فللطبيعة صورا سلبية كثيرة وإلى جانب جمال البحر وسكون شواطئه مثلا تظل موجاته العاتية الغاضبة تهدد بإغراق كل شيء وتشهر براثن القتل..

            ومن الدقة في التركيز على مشهد البداية انطلقت الكاتبة من حالة السكون .. سكون المكان .. وكـأنها لحظة مخاض ولادة الحدث وهذا وضع مثالي تفتح عليه ستارة الحدث مبتدئة بفعل الرواية - كان - وراويا خفيا لم يقدم نفسه وبقي مجرد صوت شفاف يملأ خشبة مسرح الأحداث ويقدم المشاهد وأبطال العرض ..
            ( كان السكون يعمّ المكان .. وقد خرج البستان من صمته المعتاد .. )

            وقدم الراوي البطل الأول ( البستان ) بصورة انفعالية جعلته يمزق صمت وسكون المكان ..
            ولكن الانفعال كان ايجابيا فقد كان مظاهر احتفالية جمالية تشعل المشهد بحيوية صارخة تمزق صمت المكان بالفعل .. وليس هذا فقط .. بل إنها تضفي على البطل وعلى الاحتفال نوعا من الطقوسية السامية

            ( تجمّل وارتدى حلّته الخضراء فاصطفت الأشجار الواحدة تلو الأخرى احتراما له )

            وهذا التقديم للبطل الأول يجعله يقترب كثيرا من شخصية الرجل الشرقي في مجتمعنا الذكوري حيث يحتضن ( يرتدي ) الرجل الإناث التي تنتمي إليه وهذا يرسم صورة تقترب من فكر الحرملك الاستعماري العثماني المتخلف ( المتلفع بعباءة الدين ) والذي ما زال يستعمر العقول في كثير من مجتمعاتنا العربية .. ونتابع مع الراوي ...

            ( حطّت العصافير الصغيرة الملوّنة على كف المساء
            وهرولت الأسماك من أحواضها حتى لا يفوتها عرس الوردة هذه الليلة )

            لقد تم تقديم البطل الثاني ( الوردة ) بشكل خجول بلإشارة إليها من خلال الحدث - عرس الوردة - في حين كان حضور البطل الأول ( البستان ) صريحا وصاخبا .. فالوردة هنا ظهرت بهذه الصورة الخجولة كأصدق تعبير عن دور المرأة في حياتنا الذكورية الصاخبة .. إذن بات واضحا أن ما قدمته الكاتبة وبمنتهى الدقة والحرفية كان يرسم صورة واقعية جدا للعلاقة بين المرأة والرجل في مجتمعنا رغم هذا الإطار الكرنفالي للطبيعة بمكوناتها الجمالية الإيجابية الذي اختارته للقصة ..

            ويبدأ الحوار مع صوت الوردة الناعم معرفة عن نفسها .. ( أنا .. )
            وكان التعريف مأساويا .. فهي تعرف نفسها بماذا ..؟؟ بانتمائها إليه ( أنا من أحيا أعراسه .. )
            في الحقيقة أن العرس هو طقس احتفالي في مجتمعنا .. تعيشه وتزينه المرأة وينسب للرجل
            وتلك أولى النوافذ تفتحها الكاتبة على المأساة لنتابع ..

            ( قالت الوردة :

            أنا من أحيا أعراسه ومن وهب اللّؤلؤ لعينيه
            في حمرتي، ماءٌ و ترانيمُ وقصائدُ تفيض أقحوانا )

            وتتابع بعد ذلك عرض مأساتها وتقدم حجم عطائها وتفانيها واندماجها في عالمه ( عالم الرجل ) ولكن جحوده كان بالمرصاد لينفيها في أقرب فرصة خارج حدود جنته . . لنتابع ..

            ( أنا أميرة العبير خذلتني الأقنعة الملوّنة فمات الربيع على جذعي.
            كيف أرقص الآن على سلّم العشاق؟
            و أعبر بضفافي إلى جهة الشمس؟ )

            ويستمر الحوار المشهدي مع قهقهة البطل الأول ( البستان - الرجل ) كأصدق تعبير عن صورة الرجل صاحب السلطة الذي في يده سلطة الفعل ..!! هو لا يحتاج أن يتكلم فالقانون يبيح له أن يضم إلى حريمه أو ينفي منهن ما شاء بلا رحمة ولا ضمير .. فهاهو يقهقه وينفيها من جنته .. ولكن المؤسف جدا أن ( الوردة - المرأة ) بقيت مندمجة في عالمه ومرتبطة به وهكذا يكون قد نفاها من جنته إلى سجنه ليقضي عليها .. فقد أغلق على نفسه - وهي جزء من نفسه - ما يسد عليها طاقة الحياة .. لتنفجر بعد ذلك مشاعر الحزن والألم لتستعرض زيف ما كان في الذاكرة والقلب .. لنتابع ..

            ( ضحك البستان و أغلق على نفسه نافذة الهواء الوحيدة التي تتنفس منها الوردةُ. كان يعرف أن الموت سيغمرها و أنّها ستنتهي تحت أقدام الصدمة.

            كاذبة هي مرايا الأمكنة التي مازالتْ تمنح للذاكرة شذى غريبا قريبا إلى القلب.
            تلك المرايا ، مازالتْ تدوّن" أوراقـًا مسافرةً" في سجلّ العابرين. )

            وفي أوج اختياله نطق ( البستان - الرجل ) مباهيا بنفسه وقدراته وسلطاته وحقوقه العليا التي لابد أن تحفظ له بالاستمتاع بضم أولفظ آلاف الورود المتوفرة فقط من أجل متعته وتحقيق رغباته متمثلا فكر الحرملك العثماني المقيت بكل تفاصيله .. ويتابع حواره الصلف وبمنتهى القسوة .. ويحسب للكاتبة هنا هذا الترسيخ للفكرة وبحرفية عالية .. من خلال تقاطع العوالم في مشهدية حوار ( البستان - الرجل ) بين عالم افتراضي رقمي وآخر كرنفالي مسرحي وآخر حقيقي متوار بين العالمين .. لنتابع ..

            ( قال البستان وقد تقاطر حسنا وصوتا من برجه العالي مزهوّا بصولاته وجولاته في عالم رقميّ :
            متى تدركين أيّتها الفوّاحة أنّك مثل آلاف الأزهار المنتشرة على الشبكة، الذابلة واليانعة ، الحقيقيّة والمزيّفة ، الوليدة والعجوز ؟
            و أنّك محطّة أقف عندها قليلا ثم أتركها ورائي غير عابئ بقطرات الندى المتساقطة من جسمك الرقيق؟
            متى تدركين أيّتها المتوهّجة أن ألوانك لا تعنيني فهي صهاريج بلا ماء؟
            اغربي عنّا أيّتها الوردة الجميلة، كفّي عن العطاء والسعادة التي تهبينها للجميع فنحن لا نحتاج كلّ هذا، فالعالم الرقميّ لوحةٌ مزيّفةٌ. )


            وكان لا بد بعد هذا الصلف الذكوري من أن تتحرك الوردة الخجولة الجريحة ترد بعد ما لحقها من ظلم وإجحاف بحقها كان لابد لها من أن تغضب وتخرج ما أخفاه صمتها الطويل .. وكان من الجميل هنا أنها
            أخذت موقف الندية الكاملة وضعت نفسها ولأول مرة مع ( البستان - الرجل ) بمساواة كاملة (صعدت لأوّل مرّة منبر البستان ) .. ولكنه لم يمهلها أكثر من ثانيتين لينفجر غضبا ويطيح بها ويدوسها عقابا لها على هذه الجريمة الفادحة .. فكيف لهذه الصغيرة أن تضع رأسها برأسه وتساوي نفسها به وهو السيد المطلق ..!!؟؟ ولم تشفع لها كل آيات الجمال والرقة والعذوبة التي تتمتع بها ولا أنهار المحبة والحنان والاهتمام التي كانت قد أغدقتها عليه ولا كل ملاحم الوفاء التي خاضته لأجله .. لنتابع ..

            ( لملمت الوردة بعض عبيرها المتساقط حولها وبمساواة لتعبّر عن غضبها وصعدت لأوّل مرّة منبر البستان بعد صمت طويل في ثانية أو ثانيتين.

            انقلب الطقس وزمجر البستان وأرعد واعتبرها جريمة لا تغتفر فداس على رقّة الوردةِ غير مبال بصراخ أوراقها الشفافة ألما وحزنا.

            اعتصر رحيقها بيده الغليظة بلا رحمة وتناسى في خضمّ غضبه كم توّجته تلك الوردةُ بالمحبّة والحنان والاحتواء... كم عانت من الغربان وسواد قلوبها من أجل أن يظلّ اسم البستان يرفرف عاليا. )

            وأمام هذا الجحود الذكوري البالغ والقسوة الوحشية .. لم يكن من الوردة إلا أن تحتفظ له بكل ما هو جميل
            في قلبها .. كانت بالغة العذوبة أمام قسوته ووحشيته وبالغة الوفاء والتسامح .. واحتضنت جرحها في رومانسية الوردة خلال تراجيدية الحدث وهذا أحدث مفارقة كبيرة يقف عندها القارئ للأحداث ..
            هل هي مازالت تحبه .؟؟
            ولكن ماهو الحب ..؟؟ هل هو عواطف إيجابية متبادلة ..؟؟
            فإذا كان كذلك كيف قابلت عواطفه السلبية بهذا الشكل المحب ..؟؟
            كانت تصر على رسم موقفها المبدئي المحب بغض النظر عن موقف الآخر .. وهذا قمة الملوكية في السلوك .. وتكاد تقترب من الآلهة .. وهذا يزيد حجم المفارقة أولا لكي تحتفظ بسيف المحبة ترفعه في معركتها الأنثوية لاستعادة حبيبها ( البستان - الرجل ) وأيضا ليخلق حشدا تضامنيا لدى القارئ مع البطلة الجريحة ( الوردة المرأة ) .. نتابع

            ( كانت تحتفظ بنبراته في كيس ملوّن تفوح منه رائحة زكيّة كلّما حرّكته قليلا ، تعبق الأرجاء وتعرّش قصائده فوق أعشاش الطيور فتضيء أعمدة الشبكة ويحطّ الحمام على كفّيها.

            لم ترض أن يحتلّ الغرباء باحة قصره وكان لابدّ من أغانيه كي يفوح ليمونا و أكليلا و زعترا بريّا .
            كثيرا ما كانت تهمس في غيابه:

            هذه دموعي سنابل سوف تكبر في المدى و هذه لهفتي عصافير ملوّنة تنتظرك عند اللقاء. )

            ويأتي مشهد النهاية مكرسا مأساة الوردة وحاملا تعنت البستان وإمعانه في غيه وإصراره على سحقها
            وكان هذا المشهد يمثل استمرارية مأساة المرأة في واقعنا .. لنتابع ..

            ( غير أن البستان، صعد عاليا تاركا الوردة تطوي وحدها حقائب الجمال المحتضر، تتنفّس بصعوبة و النافذة تزداد انغلاقا. )

            ولكن بعد كل هذا الذي رأيناه .. هل كان هذا عرس وردة ..؟؟ أين العرس ..؟؟ ولماذا اختارت الكاتبة هذا العنوان ..؟؟

            الحقيقة أن العنوان كان بمنتهى الذكاء ويستحق جائزة لوحده, فهو يختصر مأساة المرأة الحقيقية .. حيث يصبح هدف حياة المرأة الأول ترقّب عرسها للإفلات من عنوستها ولكن سرعان ما تصل إلى ما بعد العرس والذي يخيب أملها ويحطمها تماما لأنه ليس إلا قفص عبودية آخر لرجل آخر غير وليّها الأول ..

            كانت القصة تحفل بلغة شعرية عالية وراقية خلال جميع المشاهد والمفاصل ورغم القسوة في الكثير من المشاهد وهذا ينم عن مقدرة عالية في التعبير وفي رسم الشخصيات ونسج الحوار .. والبطل الأهم هنا
            كان الصدق في المشاعر المتدفقة بعفوية .. والمقنعة حتى في تطرفها الإيجابي في مواجهة القسوة ..


            كل التحية لك سليمى السرايري كانت قصة رائعة ..

            مجلس النقد




            تعليق

            • فوزي سليم بيترو
              مستشار أدبي
              • 03-06-2009
              • 10949

              #21
              هل هناك شبه بين وردة وبين السفيرة عزيزة ؟
              المرأة التي يضربون بها المثل في مصر
              يضربون بها المثل في تفوقها على باقي النساء بشدة جمالها
              وسحرها
              ورجاحة عقلها وميلها للحرية في اتخاذ قراراتها المتعلقة بمصيرها كإنسانة ، ورفضها للعبودية تحت ظل العالم الذكوري .
              إن لم يكن هناك وجه شبه ، فإني قد لمسته في هذه القصة .
              عرس السفيرة عزيزة ليس كأي عرس تقليدي
              إنها السفيرة عزيزة التي ستزف إلى عريسها الليلة
              فليصطف أهل الحي في طوابير لمشاهدة عرس القرن
              لا يهمهم من سيكون العريس . الذي يهمهم هو وردة
              حيّهم ، كيف ستستقبل القيد الذي سيكبلها
              كيف ستستقبل الفارس الشايش الذي يفتخر برجولته
              كيف سيروضها ؟
              وتظل السفيرة عزيزة كأي وردة تتوق لكل من يعانق رقتها
              لا أن يدوسها بقدمه
              أعتقد أن السفيرة عزيزة . وردتنا العروس ليست سهلة
              الإنقياد . وسيحار في أمرها عريسها
              لأنها تملك سلاحا لا يملكه هو ولا يملك أن يصده
              إلا بسلاح مثله . فمتى امتلكه سيفوز كليهما
              الوردة والبستان ورواد البستان
              إنه سلاح المحبة


              المبدعة سليمى
              قرأت قصة في منتهى الروعة والرقة
              محبتي
              فوزي بيترو

              تعليق

              • سليمى السرايري
                مدير عام/رئيس ق.أدب وفنون
                • 08-01-2010
                • 13572

                #22
                المشاركة الأصلية بواسطة عائشة بلجيلالي مشاهدة المشاركة
                الدنا كلها حوارات ونقاش وما حوار الوردة وسوء تفهم البستان

                إلا نقاش عابر ستتولد عنه المودة والحب فالحياة ليس كلها عسل وسكر

                وليست كلها مرارة وعلقم لذا اختي سليمى كوني وردة في الجنان

                متألقة دائما تكن لك الدنا بساتين راضخة راكعة لجمالك الفتان

                تحياتي عزيزتي سليمى.



                شكرا لك أستاذة عائشة على هذا المرور الجميل

                فالوردة هنا هي رمز لكلّ انثى في عالم الرجل الشرقيّ
                أحببتُ أن أوضّفها بهذا الشكل,

                تقديري واحترامي


                التعديل الأخير تم بواسطة سليمى السرايري; الساعة 23-03-2012, 16:11.
                لا تلمني لو صار جسدي فاكهة للفصول

                تعليق

                • سالم وريوش الحميد
                  مستشار أدبي
                  • 01-07-2011
                  • 1173

                  #23
                  أستاذتي الغالية
                  سليمى السرايري
                  قبل
                  أيام كنت قد بحثت عن نصك الرائع ( عرس وردة )والذي أبدعت به إيما إبداع بعد أن وجدته
                  في أحد المواقع فنسخته وطبعته وهو الآن أمامي بصدد أكماله ،وأنا آسف لهذا التأخير ، وأرجو
                  أن ينال رضاك التحليل الذي سأقدمه
                  لك تقديري وامتناني
                  على الإنسانية أن تضع حدا للحرب وإلا فسوف تضع الحرب حدا للإنسانية.
                  جون كنيدي

                  الرئيس الخامس والثلاثون للولايات المتحدة الأمريكية

                  تعليق

                  • سالم وريوش الحميد
                    مستشار أدبي
                    • 01-07-2011
                    • 1173

                    #24
                    الأستاذة سليمى السرايري

                    أهدي هذا النص
                    ((الأهداء إلى امرأة نثرت لآلئ الكلمات في قلوب تواقة للحرف الجميل فأينعت إبداعا ))


                    عرس وردة كان السكون يعمّ المكان وقد خرج البستان من صمته المعتاد . تجمّل وارتدى حلّته الخضراء فاصطفت الأشجار الواحدة تلو الأخرى احتراما له حطّت العصافير الصغيرة الملوّنة على كف المساء وهرولت الأسماك من أحواضها حتى لا يفوتها عرس الوردة هذه الليلة, قالت الوردة : أنا من أحيا أعراسه ووهب اللّؤلؤ لعينيه في حمرتي،
                    على الإنسانية أن تضع حدا للحرب وإلا فسوف تضع الحرب حدا للإنسانية.
                    جون كنيدي

                    الرئيس الخامس والثلاثون للولايات المتحدة الأمريكية

                    تعليق

                    • سالم وريوش الحميد
                      مستشار أدبي
                      • 01-07-2011
                      • 1173

                      #25
                      عرس وردة


                      كان السكون يعمّ المكان وقد خرج البستان من صمته المعتاد .
                      تجمّل وارتدى حلّته الخضراء فاصطفت الأشجار الواحدة تلو الأخرى احتراما له

                      حطّت العصافير الصغيرة الملوّنة على كف المساء
                      وهرولت الأسماك من أحواضها حتى لا يفوتها عرس الوردة هذه الليلة,

                      قالت الوردة :

                      أنا من أحيا أعراسه ووهب اللّؤلؤ لعينيه

                      في حمرتي، ماءٌ و ترانيمُ وقصائدُ تفيض أقحوانا

                      أنا أميرة العبير خذلتني الأقنعة الملوّنة فمات الربيع على جذعي.

                      كيف أرقص الآن على سلّم العشاق؟

                      و أعبر بضفافي إلى جهة الشمس؟

                      ضحك البستان و أغلق على نفسه نافذة الهواء الوحيدة التي تتنفس منها الوردةُ. كان يعرف أن الموت سيغمرها و أنّها ستنتهي تحت أقدام الصدمة.

                      كاذبة هي مرايا الأمكنة التي مازالتْ تمنح للذاكرة شذى غريبا قريبا إلى القلب.

                      تلك المرايا ، مازالتْ تدوّن" أوراقـًا مسافرةً" في سجلّ العابرين.

                      قال البستان وقد تقاطر حسنا وصوتا من برجه العالي مزهوّا بصولاته وجولاته في عالم رقميّ :

                      متى تدركين أيّتها الفوّاحة أنّك مثل آلاف الأزهار المنتشرة على الشبكة، الذابلة واليانعة ، الحقيقيّة والمزيّفة ، الوليدة والعجوز ؟

                      اغربي عنّا أيّتها الوردة الجميلة، كفّي عن العطاء والسعادة التي تهبينها للجميع فنحن لا نحتاج كلّ هذا، فالعالم الرقميّ لوحةٌ مزيّفةٌ.
                      لملمت الوردة بعض عبيرها المتساقط حولها وصعدت لأوّل مرّة منبر البستان لتعبّر عن غضبها بعد صمت طويل في ثانية أو ثانيتين.

                      انقلب الطقس وزمجر البستان وأرعد واعتبرها جريمة لا تغتفر فداس على رقّة الوردةِ غير مبال بصراخ أوراقها الشفافة ألما وحزنا.

                      اعتصر رحيقها بيده الغليظة بلا رحمة وتناسى في خضمّ غضبه كم توّجته تلك الوردةُ بالمحبّة والحنان والاحتواء... كم عانت من الغربان وسواد قلوبها من أجل أن يظلّ اسم البستان يرفرف عاليا.

                      كانت تحتفظ بنبراته في كيس ملوّن تفوح منه رائحة زكيّة كلّما حرّكته قليلا ، تعبق الأرجاء وتعرّش قصائده فوق أعشاش الطيور فتضيء أعمدة الشبكة ويحطّ الحمام على كفّيها.

                      لم ترض أن يحتلّ الغرباء باحة قصره وكان لابدّ من أغانيه كي يفوح ليمونا و أكليلا

                      و زعترا بريّا .

                      كثيرا ما كانت تهمس في غيابه:

                      هذه دموعي سنابل سوف تكبر في المدى و هذه لهفتي عصافير ملوّنة تنتظرك عند اللقاء.

                      غير أن البستان، صعد عاليا تاركا الوردة تطوي وحدها حقائب الجمال المحتضر، تتنفّس بصعوبة و النافذة تزداد انغلاقا.

                      . ((الأهداء إلى امرأة نثرت لآلئ الكلمات في قلوب تواقة للحرف الجميل فأينعت إبداعا))
                      النص النقدي
                      الموضوعنص عرس وردة
                      الكاتبة سليمى السرايري

                      قد يختلف تقييمي وفهمي للنص عن تقييم بقية الأخوة فقد وجدت فيه عمقا ورؤياأعمق بكثير من بعض التحليلات التي جاءت دون أن تغوص فيالمكنونات القصديةالتي أوحت بها الكاتبة ، وغوري في أعماق النص جاء عبر قراءة الواقع الذييعيشه العرب بصورة عامة وتونس بشكل خاص ، فما جاء بهذا النص ترجمة لهذاالواقع،وما شابه من تداعيات وهو مقالة مشفرة يراد أن تفك رموزها،وتحريرها منتشفيرها
                      فالكاتبة عميقة ومرهفة الحس وما تمور به الساحة من أحداث ، قد ترك أثرهعليها ، فجاء عملها ليكشف لنا عن عمق معاناتها الداخلية واضطرابها النفسيبحيث يبقى يدور في خاطرهاسؤالٌ
                      إلى أين نحن متجهين ...؟
                      وربما هو ذات السؤال الذي يدور في عقول الكثير من شعوب الدول التي قامت بها ثورات الربيع العربي .
                      النص
                      النص يعتمد على التوظيف الدقيق لكل عناصر البناء من حالة تأملية ، وملاحظات، وتذكر ، وبناء وتركيب للصورة المرسومة ، عبر سيناريو وحوار يدور بينرمزين
                      فهي تحرك الجماد والنبات لتحوله إلى مادة حية ،تؤنسنه ،و تجعله أنموذجا للإنسان الممتلئ بالأحاسيس والمشاعر ،
                      لسان حال الواقعينطلق من مواصفات العناصرالرمزيةالطبيعية لتحيلهاإلىأشكالإنسانية تتكلم بلغةتخاطبية، قابلة للتأويل عبر سلسلةمتواصلة منسجال سردي شاعري ، فالبستان رمز للسلطة التي أتت بها الثورة ،وهو نتاجالربيع الجميل الذي أتى يحمل عبق أمال دغدغت عقول البسطاء منالشعب بكل أطيافه، فاصطفت كل أشجار البستاناحتراما له ،فهو الكل الذياحتوى كل الأجزاء والمكونات مهما صغرت وانصهرت في بوتقته ،
                      وحتى العصافير أتت ، والأسماك قد خرجت مهرولة ،وهو تصوير سرياليحاذق ،ليعمق في داخلنا تصويرلمشاعر الفرح التي ارتأت الكاتبة أن تعطيهاهذاالحجم وما يحيط به من هالات ، بهذه الرمزية الغرائبية،
                      لتضيف مدلولا آخر هو أن الخارجين لعرس الوردة لم يكونوا بنفس درجة الوعيوالإيمانبذلك العرس ، ربما خرجوا لرؤية كرنفال ، وبهرج من الألوان ،فالكثير عادة ميال للتغيير أيا كان شكل هذا التغيير ، حتى لو جاء بالضد منتطلعاتهوأمانيه ، مادام يحقق أهدافا آنية ، فهو يرسم مستقبله على أساسعاطفي ويسلم زمام أموره بأياد قد لا تكون أمينةدون دراسات مسبقةوفهمعميق ، وهذا ما رأيناه في الكثير من القوى التي كانت مؤثرة في الثورةثمابتعدت عنها بمحض إراداتها أو أنها كانت مجبرة على ذلك ، تلك القوى التيقادت الربيع إلى ربوع الوطن ، وهي صاحبة المصلحة الحقيقية بهذا التغييرلكنها لم تحقق أي أهداف ذاتية ، لأنها لم ترسم أهدافا استراتيجية بعيدةالمدى فقدرلها أن تكون عود الثقاب الذي يشتعل مرة واحدة ، كان هدفهاالتغيير فقط ، لتتسلق قوى أخرى ، البعض منها كان نفعيا وانتهازيا ، والبعضكان الشارع هو من منحه القوة بفعل انجذاب الجماهير للبديل المنقذ الذي بنيعلى أسس عاطفية وتصورات غير مدروسة .
                      يبدأ النص باستعراض للبستان الذي اكتسى بحلتة الخضراء، ليحضر عرسا مزعوماللوردة ، بعدما كانالصمت يلفالمنطقة وهو تعبيردقيقوترميز لحالةالخنوع والذل والهوان الذي كانت تعيشه الشعوب
                      فتنتفض هذه الشعوب بثورات تطيح برموز الظلم والجور،
                      وبداية وقبل الدخول إلى عمق النص فالبستانوالربيع
                      والأسماك والعصافير والوردة و كرنفال الفرح ، هيمقدمة تمهيدية للولوج
                      إلى النص
                      والنص مكون من رمزين أساسيين يشكلان بمجموعهما الخطاب الذي أرادت أن تقولهالكاتبة من خلال هذا النص ، وهو يعكس رؤيتها السياسية والتفسيرية لما حدثوما سيحدث (
                      عرس الوردة هذه الليلة ) لتكون الوردة هيبطلة النص، والسارد الثاني فيه، والتي جاءت بداية حديثها وكأنها حالة عتاب أو لوم للبستان أو ( السلطة)التي قامت بعد التغيير
                      حيث كانت تؤكد باليقين إنها هي التي كست الربيع حلته
                      أنا من أحيا أعراسه ووهب اللّؤلؤ لعينيه
                      في حمرتي، ماءٌ و ترانيمُ وقصائدُ تفيض أقحوانا
                      أنا أميرة العبير خذلتني الأقنعة الملوّنة فمات الربيع على جذعي.
                      أذن
                      هناك اعتراف ضمني إنها من قامت بكل هذا التغيير ، وهي التي منحت الثورة جمالها ورونقها ، بعدما انخدعت ببريق زائف
                      وخذلتها الشعارات البراقة ، فهذا العطاء السخي الذي أعطته دون مقابل ، وهيلم ترغب بمثل هذا المقابل ، لأنها عملت بنكران ذات وإيثار و بقترغباتهابعد التغيير مجر د أماني وتساؤلات
                      كيف أرقص الآن على سلم العشاق ..؟
                      وأعبر بضفافي إلى جهة الشمس ..؟
                      نعم هي تواقة للحرية تواقة لأن يغمرها شعاع الشمس ، ولأنها أول من ضحت وهيالتي أحيت تلك الأعراس لذا لابد أن تجني ثمار هذه التضحياتوهذا البذلوالعطاء ، لكن البستان يرفض ، فأولئك الذين تسللوا إلى القيادة وسلطةالقرار ، سدوا عليها كل المنافذ وخنقوها ، لأن الحقيقة تكشف الزيفالكامن فيهمفدوافعهم التي جاء ت بهمغير ما هي معلنة ، لذا أرادوا وأدهذه الحقيقةقبل أن تصبح ثورة تصحيح في داخل ثورة وهذا بالفعل ما يحدث فيتونس الآنفهناك دعوات لتصحيح مسار الثورة ،هذه الدعوات اعتبروها جرائملذاأغلق البستان النافذة الوحيدة التي تتنفس منهاالوردة ، فإن لم تختنقتموت من الصدمة ،
                      انقلب الطقس وزمجر البستان وأرعد واعتبرها جريمة لا تغتفر فداس على رقّة الوردةِ غير مبال بصراخ أوراقها الشفافة ألما وحزنا.

                      هكذا كان الحكم علىالوردةعلى من قاموا بهذا التغيير ، تلك القوى التيلم تضع في حسابها أن كل شيء سيسرق منها ، وحتى فرحتها بالانتـصار ما كانلها أن تدوم ، لأن اللصوص والانتهازيين والمنتفعين يقفون لها بالمرصاد
                      ، يعترف البستان بأن الوردة ما كانت ولن تكون إلا محطة في حيا ة الثورة ، وأن ما قدمت من تضحيات لن تحسب لها
                      ، وإنما تحسب لهم ، فهي ما كانت ولن تكون إلا سلما لارتقاء الغير
                      متى تدركين أيّتها الفوّاحة أنّك مثل آلاف الأزهار المنتشرة على الشبكة، الذابلة واليانعة ، الحقيقيّة والمزيّفة ، الوليدة والعجوز ؟
                      وأن ما دونته في العالم الرقمي وهي إشارة لما كان للإنترنيت من دور كبير فياستنهاض الهمم وتكوين البذرة الأولى لتلك الثورة قد لا يعطيها الشرعية بأنتكون شريكا في العملية السياسية ، أذن هناك عملية خنق وإجهاض لكل من يريدأن يقول الحقيقة أو يأخذ حقه الشرعي ، فالشرعية وهم من الأوهام ، وتبقىالشرعية والغلبة لمن يثبت نفسه على الساحةقويامقتدرا بنفوذه وسلطتهوأساليبه،
                      بكل غرور وصلف يؤكد البستان هذه الحقائق الجديدة التي لم تكن بحساب الوردةالتي اعتصرتها الآلام لما آلت إليه الأمور ،بعد أن أكد البستانإنها رقممن آلاف الأرقام التي فجرت هذا الربيع أولئك الشباب الذين ضحوا بحياتهموبذلوا الدماء رخيصة في سبيل عزة الوطن وكرامته وإيجاد حكم ديمقراطيعادل و بديل للحكم الشمولي الجائر ، والإصرار على المضي قدما ، في وضعحد للتدهور والنهب الاقتصادي والمالي ،
                      فمن أوقد لهيب الثورة وأشعل فتيلها ، هؤلاء الجنود المجهولون والذين حشدواطاقاتهم الخلاقة والمبدعة ، وعملوا أناء الليل والنهار بلا كلل ولا ملل ،يخرج بلا امتيازات وبكل جحود يقولون لهم ،
                      (
                      أنتم قد أديتم ما عليكم ولسنا بحاجة إليكم بعد ذلك ، وإن ادعاءكم بأنكمأنتم من قمتم بهذه الثورة هو وهم تتوهمونه، و ما العالم الرقمي الذيتدعونه إلا وهما آخر وهو انقلاب على الحقائق )
                      اغربي عنّا أيّتها الوردة الجميلة، كفّي عن العطاءوالسعادة التي تهبينها للجميع فنحن لا نحتاج كلّ هذا، فالعالم الرقميّلوحةٌ مزيّفةٌ.
                      يتناسى البستان ما للوردة من دور ، ويتنكر للأهداف والمبادئ التي جاءت بهاومن أجلها الثورة ، فالخير والعطاء والحب لم يعد إلا دعاية للتسويقوقدراح وقتها، الآن هناك مهام أخر أكثر أهميةوهي تحقيق المنافع الشخصية ،لذا يتم اعتصار تلك الوردة ورحيقهاومحاولة تشويه معالمها ليحيلوها بلاعطر ولا جماليشوهوا منظرها ،
                      احتفظت تلك الوردة بصوت الثورة ، جميلا له طعم خاص لازال ينبض بالحياةفي أروقة ألنت ولازالت تلك القصائد التي تغنت بالثورة تحمل عبق هذه الثورةوأريجها ، فالوردة لم ترد للغربان أن يعششوا في أرض البستان ، بل أرادتهاأن تكون نقية صافيةثورة منأجل الفقراءمن أجل إيصال صوت
                      محمد بوعزيزيالذي قام بإضرام النار بنفسه احتجاجا علي أوضاع تونس المتردية

                      مما دفع المواطنين للخروج إلي الشارع في ثورة شعبية عارمة هدت أركان الظلم ،وبعد السقوط هلهناك وفاء لمبادئ هذهالثورة يبقى الجوابحائرا،فبينالأمس واليوم يبقى الغد لغزاعصيا ، فكشف ماهو مخبوء لنا مرهونبقادم الأيام،

                      الدموع التي سقطت ن والندم الذي عشش في القلوب ، إلا بداية لثورةأخرىسنابل ستكبر وستتفرع وستنمو من جديد رغم محاولات البستان بغلق كلالنوافذ ، وإجهاض كل محاولةللتغيير



                      أن البستان، صعد عاليا تاركا الوردة تطوي وحدها حقائب الجمال المحتضر، تتنفّس بصعوبة و النافذة تزداد انغلاقا
                      بهذه الخاتمةتنهي الكاتبةنصها ، وقبلالإفاقة، من متابعةالنصترتسم في أذهانناقراءات عدةعن مغزى وفحوىهذا النص ..؟وما كانت ترميإليه..؟ وماهي الرسالة التي تريد أن ترسلها الكاتبة ..؟،وما تقصده عبر هذهالتكوينات الرمزية ..؟، والتي حملته أكثر من قراءة وأكثر من تفسير ليكوننصاقابلا لتأويلات عدة
                      ولكني وجدت أن النص قد سار بهذا المسارالذي سبق وأن حللته ، لأن الكثيرمن الكلمات كانت توحي بذلك ،وليس أكثر دلالةمن قول الوردةإن الربيعمات على جذعهافهوإشارة واضحةبان ما عنتههو ربيع هذه الثورات،
                      كان النص رائعا راقيا لغة وسبكاوجمالا، حيث جاء متكاملا، غنيا ومكتنزا
                      بمفاهيمهالعميقةومضمونه الكبير، وقد خلقتسليمى نصاينطلق من همهاالخاص ليعانق هما عاما يراود الجميع، وتساؤلات شتىتطفو على سطحروحها، حيث شيد تجسورا من الإضاءاتحول موضوع في غاية الحساسيةوالأهمية ،ولكنهجاء بأسلوب شاعريعذب ورقيق
                      على الإنسانية أن تضع حدا للحرب وإلا فسوف تضع الحرب حدا للإنسانية.
                      جون كنيدي

                      الرئيس الخامس والثلاثون للولايات المتحدة الأمريكية

                      تعليق

                      • ربيع عقب الباب
                        مستشار أدبي
                        طائر النورس
                        • 29-07-2008
                        • 25792

                        #26
                        جميل سالم
                        كنت مقنعا من خلال الآلية التي بنيت عليها تحليلك
                        شكرا على الاهتمام و التفاعل الجميل
                        و المجهود الذي أدري كم هو مرهق ، وكم يستلزم التفرغ و الاقتصاص من وقتك الثمين !

                        محبتي
                        sigpic

                        تعليق

                        • سليمى السرايري
                          مدير عام/رئيس ق.أدب وفنون
                          • 08-01-2010
                          • 13572

                          #27
                          المشاركة الأصلية بواسطة خديجة بن عادل مشاهدة المشاركة
                          الغالية : سليمى
                          عندما قرأت القصة في مسابقة الورد شدت انتباهي

                          وراقت لي جدا كطرح وأسلوب حين نمثل الوردة في شخص الأنثى
                          تلك المرأة التي تحوي مايحيطها بكل طيب وشذى
                          أنا عند قراءتي للقصة أوحت لي مدى استغلال الرجل المتمثل في " البستان "
                          لتلك العاطفة والأحضان الدافئة لمصلحة شهوانية تنتهي مع انتهاء استنشاق رحيقها
                          ليتحول على وردة أخرى مادام الورد في أرضية الحقل موجودة ومتوهجة
                          وهذا للأسف نجده بعالم الشبكة العنكبوتية اليوم ,موجود بنسب متفاوتة لا تأبى بأي
                          مشاعر الحب والحنان الذي وفرته تلك الوردة وكانت تتوجه بالوفاء والإخلاص
                          متناسية في كل هذا حضور العقل ليخلق ذاك المجال المتزن بين القلب والعقل
                          ليكون المسار صحيح ليأتي عرس الوردة متوج بفستان الأبيض واصطفاف كل من في البستان
                          لكن للأسف النفوس المريضة على العالم الرقمي كثيرة وتستغل عاطفة الورود أبشع استغلال
                          هذا ما أوحي لي من فهمي البسيط في القصة المؤلمة ولو أن العنوان جاء مخالف للمضمون
                          بكل أحسسته جرح راعف على الدوام ولازالت الورود تعاني في بستان لا يعرف قيمة الحب الحقيقي .
                          الأخت سليمى سعدت بنصك جدا وتناغمت معه حد الإمتاع .

                          والشكر موصول للأخ ; ربيع عقب الباب لذوقه الرفيع
                          تحية لكما ملؤها الحب والإيخاء مكللة بحقول اللافندر لروحيكما .

                          العزيزة الجميلة :
                          خديجة

                          لا أعرف لماذا كلّما ألج متصفحا لك أو اقرأ ردّا من ردودك، إلاّ وألمس التشابه الكبير الذي يتوافق مع ما أشعر به...!
                          أجل صديقتي، أنت وضعت سطرا باللون الأحمر بتحليلك القريب هذا ، فكانت الرحلة
                          رحلة إلى عالم جميل وساحر ومبهر لكنه عالما افتراضيّا ينساه البعض مجرّد غلق الجهاز.
                          اسئلة عديدة تفرض نفسها:
                          - لماذا نوفّر كل هذا الوقت ونجلس إلى الجهاز ونتواصل مع الأصدقاء؟
                          لماذا يصيبنا التوتر والغضب الشديد من بعض مواقف هؤلاء الذين نتواصل معهم؟؟
                          هل الصداقات الافتراضيّة أفضل من الحقيقة؟؟خاصة من خلال غرف الصوتيّة والسكايب والمسنجر؟
                          وبالتالي نسعى دائما لبناء شخصيات افتراضيّة عبر النت ونجد انفسنا أكثر قدرة على تكوين الصداقات.
                          لكن، من بين كل هذه الشخصيّات، ألا يمكن ان تتكوّن علاقات حب..
                          هل الحب في عالم رقميّ مجرّد لحظات عابرة وصورة باهتة مثل صورة القرين؟....
                          لا أعتقد هذا ، فكثيرا ما ذلّل بعضهم المسافات وصارت تلك العلاقة ملموسة وتنتهي إلى نهايات رائعة و سعيدة.

                          وطبعا هنا البستان لا يكتفي بوردة واحدة فالعالم الافتراضيّ مليئ بالورود.
                          رغم أن الوردة كانت أكثر حبا تــُــرجم في عدّة مواقف.
                          فجاء العنوان رمزا لموت الوردة
                          رأيتُ الوردة تموت حزنا فوضفتُ كلمة عرس عوض موت -
                          عرس/موت
                          موت/عرس
                          ألا تزغرد الأمهات حين يستشهد لها ابن؟؟
                          الوردة هنا شهيدة حب افتراضيّ
                          والوردة شهيدة رجل شرقيّ يحب السيادة.


                          شكرا لك صديقتي واعذري هلوستي .

                          التعديل الأخير تم بواسطة سليمى السرايري; الساعة 23-03-2012, 16:12.
                          لا تلمني لو صار جسدي فاكهة للفصول

                          تعليق

                          • سليمى السرايري
                            مدير عام/رئيس ق.أدب وفنون
                            • 08-01-2010
                            • 13572

                            #28
                            المشاركة الأصلية بواسطة وفاء عرب مشاهدة المشاركة
                            لن أكتب أجمل من هذا التعليق
                            كل الشكر للكبير ربيع
                            وللرائعة سليمى
                            طيب التحايا
                            والتقدير
                            شاعرتنا الجميلة
                            وفاء عرب

                            الشكر لك على المرور من موت وردة/ عرس وردة

                            تحياتي

                            التعديل الأخير تم بواسطة سليمى السرايري; الساعة 23-03-2012, 16:12.
                            لا تلمني لو صار جسدي فاكهة للفصول

                            تعليق

                            • سليمى السرايري
                              مدير عام/رئيس ق.أدب وفنون
                              • 08-01-2010
                              • 13572

                              #29
                              المشاركة الأصلية بواسطة بسمة الصيادي مشاهدة المشاركة

                              البستان من دون الوردة سلة من الحصى .. ومن سطور فارغة
                              وحدها الوردة تحول سطورا إلى شعر .. والحصى إلى طيور وفراشات
                              نص شفاف ورقيق كالبلور ..كصاحبته !
                              رائعة أنت دائما يا سليمى
                              أستمتع بنصوصك وأرحل معها إلى عالم شاعري ساحر
                              محبتي .. وأكثر

                              توأم روحي بسمة الغالية

                              وأنت تمرّين من بلور كلماتي وتتركين عبقا شذيّا في المكان.
                              شكرا لمتابعتك الجيّدة لنصوصي .

                              محبتي و أكثر

                              التعديل الأخير تم بواسطة سليمى السرايري; الساعة 23-03-2012, 16:13.
                              لا تلمني لو صار جسدي فاكهة للفصول

                              تعليق

                              • سليمى السرايري
                                مدير عام/رئيس ق.أدب وفنون
                                • 08-01-2010
                                • 13572

                                #30
                                المشاركة الأصلية بواسطة فوزي سليم بيترو مشاهدة المشاركة
                                جنّة من غير ناس ما تنداس
                                وبستان من غير ورود وأزهار ما بينزار
                                وملتقى من غير سليمى وربيع عقب الباب ، أرض يباب
                                والموجي من غير صادق وماجي وأبو زيد وأسامة وغادة ونجلاء وبقية المبدعين والمبدعات ،حيسرح بسوداني وبلح أمهات .
                                عفوا سليمى على أسلوبي في التعليق
                                محبتي لك وللجميع
                                فوزي بيترو

                                أهلا بك وسهلا دكتورنا الراقي فوزي سليم بيترو
                                جميل أن تكون هنا بسمة لطيفة من قلم واثق.

                                تقبّل تحيّتي وتقديري

                                التعديل الأخير تم بواسطة سليمى السرايري; الساعة 23-03-2012, 16:13.
                                لا تلمني لو صار جسدي فاكهة للفصول

                                تعليق

                                يعمل...
                                X