على جانبي الطريق من الناقلة تتماوج الكثبان خضراء.
تتلاشى كومة المدينة خلفنا , فتنفرط القرى في كل الأنحاء , وتتوالي في لطخات إنسانية بحيواتها , على لوحة الأرض الموسمية , تتخلل وهجا من السنابل يصطخب فوق خضرة الكثبان .
.في جوف الناقلة إثنا عشر راكبا : أنا , وتسعة , وأنثيان , نتوزع فوق أكياس السكر, والقمح , وصناديق الشاي ...
بالكاد يلقى الواحد منا فراغا اسطوانيا يسكن ساقه إليه .
لا سقف فوقنا ولا أجدرة حولنا : مواسير من الحديد تتقاطع في فراغات لترسم مكعب المؤخرة سوى المستطيل العاري فوقنا .
كل شيئ مفتوح : على الطبيعة , على الطريق , إلى السماء .
والقمر يتجلى في السماء .
تنبلج الكثبان في ضوء القمر نهودا خضراء , ككائنات سماوية , نحلق معها فوق أكياس السكر , والقمح , وصناديق الشاي : أنا , وهؤلاء , وأختها , وهذه التي يدها في يدي ,
نصعد , نهبط , نتقارب , نتباعد , ننزلق , نتلامس , كطقس الطريق ذي الحفر والانزلاقات الطينية .
ما جعلني أضطرم : أن قدمها التي تسكن مع قدمي في فراغ اسطوانة واحدة , بين كيسين , لمست قدمي .
وما جعلني أجزم أنها تعني مافعلت , أنها كررت اللمسة مرتين , وأنها في الثالثة حين قدمت قدمي إليها , كانت قد خلعت حذاءها وألبستني جلدة أخمصها .
تواصل جسدي بأجهزتي , صرت فؤادا , كلي فؤاد يرتجف .
تبدلت الألوان , الكثبان , الوجوه .
صارت الأشياء حبيبة , ليست عاداتها تلك , تشكلت بدم اللحظة .
نظرت إليها ...
لم أكن أعرف للأنثى هذه النظرة الحادة .
تصوري قبل هذه توقف عند مفهوم اللطافة .
أعني اللطافة السهلة , اللدنة , الملساء , الرشيقة .
في عينيها الآن عرفت تلك اللطافة : الراشقة , العارمة , الكارة , اللاهفة .
لو قيست النسبة بين زوايا ميل السيارة , والمسافات المتأرجحة خلال مواقع الركاب إلى الركاب فوق الأكياس والكراتين وفي الفجوات , لوجدنا النسبة متوازنة .
نسبتنا أنا إليها , وهي إلي , لا يقر لها قرار .
كنا نحد الزاوية , ونقيمها , ونفرجها , ونبسطها , عند كل هزة وعند كل ميل .
وفي تطور لاحق فالأمر ماعاد أمر زوايا فحسب .
كنا نتمكن أن نختار النسبة التي تقيسني إليها , إلى النسبة التي تقيسها إلي .
ففي اللحظة التي تتشظى فيها الرؤية عند الركاب , في المطب العميق , اللحظة التي لايشاهدون خلالها شيئا من عنف الهزة , نكون نحن في اللحظة ذاتها نتعدى التلامس , حتى لأن الصدر يدخل في الصدر0
لكن متى جاءت يدها في يدي ؟
ستلتقى يدي بيدها , وتتلامسان بين لحظة وأخرى
إنما كيف جاءت هكذا يدها في يدي والتحمتا ؟
في تلك المرة التي رمى بي المطب بعيدا عن كيس الأرز تحتي , ستقفز هي مثلي , سيرمي بها المطب بعيدا فوق الكيس الذي تجلس فوقه .
كان المطب عنيفا عميقا , حتى أنه أفقدنا اللحظة التي ينتقل خلالها كل منا إلى الآخر, اللحظة التي تبز كل اللحظات الأخر .
عند عودتنا إلى الأكياس حيث نفقد نحن الركاب جميعنا القدرة على التوازن , سيتشبث كل واحد منا بأي شيئ يمكنه , أمامه , أو خلفه , أو على جانبيه , فترى في اللحظة ذاتها عند أول اتزان كل الأيدي تقبض في الأيدي , وكل الأيدي تخلي الأيدي .
في هذه اللحظة لقيت يدها
, هي مثلي لقيت يدي ,
لم أخل يدها ولم تخل هي يدي ,
تشبثت بها , تشبثت بي ,
كانت أميل نحوي , شيئ كانعدام الوزن ,
صرت بكلي في يدي : قلبي وأنفاسى وفرائصي
سيرانا الركاب الآن ,
القمر جلي في السماء , باهر بيننا ,
سيشاهدنا الركاب , ,
ليتني أغلق السماء في عيون القمر .
لكن يدها لم تفارق يدي .
إستعاد الركاب اعتدالهم وسيرون يدها في يدي , وسيبحلقون .
لكن يدها لم تفارق يدي ..
كيف لم أترك يدها ولم تترك يدي ؟
هاااااااااه
كيف لقينا الفتحة تلك ؟
ويدينا داخلة في الفتحة تلك ؟ .
لعلنا هي وأنا من دبر تلك الفتحة : الحجة هنا واهية , فأنا - الطرف المباشر في الأمرلا أصادق على هذا الافتراض .
كنا نستغل كل حركة , وكل ميل , كل صعود , وكل نزول , وحتى أننا لم نكن لننتظرتعدل المواقع تحتنا , وقلب المسافات بيننا , بل كنا نزحف كالشمس والقمر في السماء , فلا يلحظنا أحد من الركاب .
وحتى إن استقرت بنا السيارة حين تنبسط الطريق , أوأثناء توقفنا مرة للتزود بالوقود , لم نكن لنستقر, فلم تكن لايدي ولايدها ساكنتين , كانت يدانا لا يقر لهما قرار .
في حقيقة الأمر كل هذا لايفسر : كيف لقينا يدينا تلتحمان وتختفيان عن الأنظارفي تلك الفتحة .
الفتحة ذاتها أين ؟
إنها ليست فتحة بالمرة
ويدانا لاتختبئان فيها
هناك من خبأهما .
لم نخبئهما نحن .
هذه هي الحقيقة .
أختها أمسكت بيدي وجرتها إلى ذلك المكان , حين أمسكت بيد أختها وجرتها إلى ذلك المكان .
هناك وضعت يد أختها في يدي 0
لم تكن هناك فتحة ......
كانت يدانا تستعران حبا خلف ثوب أختها 0
تتلاشى كومة المدينة خلفنا , فتنفرط القرى في كل الأنحاء , وتتوالي في لطخات إنسانية بحيواتها , على لوحة الأرض الموسمية , تتخلل وهجا من السنابل يصطخب فوق خضرة الكثبان .
.في جوف الناقلة إثنا عشر راكبا : أنا , وتسعة , وأنثيان , نتوزع فوق أكياس السكر, والقمح , وصناديق الشاي ...
بالكاد يلقى الواحد منا فراغا اسطوانيا يسكن ساقه إليه .
لا سقف فوقنا ولا أجدرة حولنا : مواسير من الحديد تتقاطع في فراغات لترسم مكعب المؤخرة سوى المستطيل العاري فوقنا .
كل شيئ مفتوح : على الطبيعة , على الطريق , إلى السماء .
والقمر يتجلى في السماء .
تنبلج الكثبان في ضوء القمر نهودا خضراء , ككائنات سماوية , نحلق معها فوق أكياس السكر , والقمح , وصناديق الشاي : أنا , وهؤلاء , وأختها , وهذه التي يدها في يدي ,
نصعد , نهبط , نتقارب , نتباعد , ننزلق , نتلامس , كطقس الطريق ذي الحفر والانزلاقات الطينية .
ما جعلني أضطرم : أن قدمها التي تسكن مع قدمي في فراغ اسطوانة واحدة , بين كيسين , لمست قدمي .
وما جعلني أجزم أنها تعني مافعلت , أنها كررت اللمسة مرتين , وأنها في الثالثة حين قدمت قدمي إليها , كانت قد خلعت حذاءها وألبستني جلدة أخمصها .
تواصل جسدي بأجهزتي , صرت فؤادا , كلي فؤاد يرتجف .
تبدلت الألوان , الكثبان , الوجوه .
صارت الأشياء حبيبة , ليست عاداتها تلك , تشكلت بدم اللحظة .
نظرت إليها ...
لم أكن أعرف للأنثى هذه النظرة الحادة .
تصوري قبل هذه توقف عند مفهوم اللطافة .
أعني اللطافة السهلة , اللدنة , الملساء , الرشيقة .
في عينيها الآن عرفت تلك اللطافة : الراشقة , العارمة , الكارة , اللاهفة .
لو قيست النسبة بين زوايا ميل السيارة , والمسافات المتأرجحة خلال مواقع الركاب إلى الركاب فوق الأكياس والكراتين وفي الفجوات , لوجدنا النسبة متوازنة .
نسبتنا أنا إليها , وهي إلي , لا يقر لها قرار .
كنا نحد الزاوية , ونقيمها , ونفرجها , ونبسطها , عند كل هزة وعند كل ميل .
وفي تطور لاحق فالأمر ماعاد أمر زوايا فحسب .
كنا نتمكن أن نختار النسبة التي تقيسني إليها , إلى النسبة التي تقيسها إلي .
ففي اللحظة التي تتشظى فيها الرؤية عند الركاب , في المطب العميق , اللحظة التي لايشاهدون خلالها شيئا من عنف الهزة , نكون نحن في اللحظة ذاتها نتعدى التلامس , حتى لأن الصدر يدخل في الصدر0
لكن متى جاءت يدها في يدي ؟
ستلتقى يدي بيدها , وتتلامسان بين لحظة وأخرى
إنما كيف جاءت هكذا يدها في يدي والتحمتا ؟
في تلك المرة التي رمى بي المطب بعيدا عن كيس الأرز تحتي , ستقفز هي مثلي , سيرمي بها المطب بعيدا فوق الكيس الذي تجلس فوقه .
كان المطب عنيفا عميقا , حتى أنه أفقدنا اللحظة التي ينتقل خلالها كل منا إلى الآخر, اللحظة التي تبز كل اللحظات الأخر .
عند عودتنا إلى الأكياس حيث نفقد نحن الركاب جميعنا القدرة على التوازن , سيتشبث كل واحد منا بأي شيئ يمكنه , أمامه , أو خلفه , أو على جانبيه , فترى في اللحظة ذاتها عند أول اتزان كل الأيدي تقبض في الأيدي , وكل الأيدي تخلي الأيدي .
في هذه اللحظة لقيت يدها
, هي مثلي لقيت يدي ,
لم أخل يدها ولم تخل هي يدي ,
تشبثت بها , تشبثت بي ,
كانت أميل نحوي , شيئ كانعدام الوزن ,
صرت بكلي في يدي : قلبي وأنفاسى وفرائصي
سيرانا الركاب الآن ,
القمر جلي في السماء , باهر بيننا ,
سيشاهدنا الركاب , ,
ليتني أغلق السماء في عيون القمر .
لكن يدها لم تفارق يدي .
إستعاد الركاب اعتدالهم وسيرون يدها في يدي , وسيبحلقون .
لكن يدها لم تفارق يدي ..
كيف لم أترك يدها ولم تترك يدي ؟
هاااااااااه
كيف لقينا الفتحة تلك ؟
ويدينا داخلة في الفتحة تلك ؟ .
لعلنا هي وأنا من دبر تلك الفتحة : الحجة هنا واهية , فأنا - الطرف المباشر في الأمرلا أصادق على هذا الافتراض .
كنا نستغل كل حركة , وكل ميل , كل صعود , وكل نزول , وحتى أننا لم نكن لننتظرتعدل المواقع تحتنا , وقلب المسافات بيننا , بل كنا نزحف كالشمس والقمر في السماء , فلا يلحظنا أحد من الركاب .
وحتى إن استقرت بنا السيارة حين تنبسط الطريق , أوأثناء توقفنا مرة للتزود بالوقود , لم نكن لنستقر, فلم تكن لايدي ولايدها ساكنتين , كانت يدانا لا يقر لهما قرار .
في حقيقة الأمر كل هذا لايفسر : كيف لقينا يدينا تلتحمان وتختفيان عن الأنظارفي تلك الفتحة .
الفتحة ذاتها أين ؟
إنها ليست فتحة بالمرة
ويدانا لاتختبئان فيها
هناك من خبأهما .
لم نخبئهما نحن .
هذه هي الحقيقة .
أختها أمسكت بيدي وجرتها إلى ذلك المكان , حين أمسكت بيد أختها وجرتها إلى ذلك المكان .
هناك وضعت يد أختها في يدي 0
لم تكن هناك فتحة ......
كانت يدانا تستعران حبا خلف ثوب أختها 0
تعليق