ليل وملائكة .. 2 ..
دون كيخوت : سانشو أراك غارقا ً في التفكير يا سانشو
هل تشغلك المقذوفات الفكرية على الدماغ من كل صوب ؟!
سانشو : متظاهراً .. لا يا سيدي أنما بت أشعر بوهن شديد يربكني
ويسبب لي دواراً ومغصا ً
حتى أني أشعر كأني صوت بلا جسد ، في فراغ من العدم
دون كيخوت : أظن هذا الشعور ، أفضل من أن تشعر بأنك محاصر من جهات الأرض الستة
بهذه العتمة التي تتوالد قذائفاً
من كل صوب إنها تحطم الجسد وتعلي الروح
ألست تشعر بحالة من الارتقاء الروحي ؟!
سانشو : لست أدري يا سيدي تماما ً
هرطقة الكون حولي أفقدتني بياض التفكير ، ليتك تسأل صديقي الحصان
أو أذهب لعرافة ، إن كنت تستطيع علك تأتينا بقبس من نور
دون كيخوت : أظنك نسيت بأننا سجناء عتمة لا تفقه للرحمة عنوانا ً
الخبر بين أيدينا .. كما تراه عيناك الذابلتان تعبا ً
لكن ألا تظن , إن إيقاف عمليات التفكير ، تريح الدماغ من وجع هذا الركام حولنا ؟
ثم أني أرى حصانك يستريح في بحر كاريبي من الذهول
سانشو : خاتمك يا سيدي هذا أشبه بخاتم سليمان ..
حسب الوصف أفلا يمتلك بعض التعاويذ ليقلنا
لجزيرة فاتنة الألوان " ك هاواي " مثلا ً بعيدا عن المعمعة الخرقاء
دون كيخوت : عليك أن تكون نسراً لا يهادن ، ثم إن هذا الخاتم هدية من حبيبتي
أشعر أن فيه قوة سحرية تمنحني القوة ..
كم أشتاقها يا صديقي سانشو
سانشو : أعتقد أنها قوة الحب ..
ألم يشاغل الهواء قلبك من قبل ؟
وماذا سيتغير في الأمر يا سيدي ؟
دون كيخوت : الحب حالة من الأرتقاء الجميل فوق الكون ، يفصلك عن متاعب العالم
يجعلك ريشة محلقة في عالم رائع
أقرأت ألف ليلة وليلة ، الحب في زمن الكوليرا ، هل حضرت فيلم " Titanic " التيتانيك ؟؟!
إنها حالة تَبَخُر في السماء ، تتملكك سعادة من نوع مختلف
سانشو : هل قرأت في الفلسفة حيث تقول إن الحب حالة مرضية صحية
تلون الحياة بعوالم من جمال ، و هذا القول لأحد علماء النفس الحديثين
وأنا بانتظار هذه الحالة المرضية الرائعة
أحلم بجورية حمراء تحتويني
وأقع صريع عينيها الغزلانيتين
وأطير ريشة في مهب الغرام
دون كيخوت : أرى إنك صرت شاعرا ً .. ترن أناغيم الموسيقا بين كلماتك
سانشو: لا يا سيدي إنه تأثير الحصار ، هذيان قلق
ثم ما الفرق يا سيدي بين العاشق الشاعر وبيني
دون كيخوت : هب إننا وصلنا لجزيرة هاواي الغارقة في الأحلام الملونة
وحرارة تدفئ الخيال ، وحبيبتك تحلم بقربك في فيروز الشطآن ، وأنت شاعر عاشق !
سانشو : تحمله الفكرة بعيدا ًفي هدأة الحصار ...
بعد لحظات من التحليق بعيداً ها قد وصلنا يا سيدي ...
دون كيخوت : راااائع .. إنها أشبه بحالة متعة علوية ، كمن يفتح عليك سلام الجنة ..
حتى تموت فرحاً من فرط السعادة الصرفة ، بعد هذه الرحلة ، التي أعيت القلب
فكل ما ترغب ملكك ، وأحلامك مجتمعة
وفوق ذلك أنت شاااعر يا صديقي ، شعورك في حالة عالية من الحس إللاإرادي
وتركت خلفك ركاما ً مفجعا ً كحلم طار بك ..
سانشو : الحالتين انتحار يا سيدي
وأنا لا أستطيع أن أترك حصاني المسكين ، لمصير غامق اللون
وليس بالقرب أمير عربي ، أعهد إليه يرعاه مع مجموعته
التي تلهيه عن هذا السواد وأولئك الغارقون ، بالركام
دون كيخوت : لا بد أن تجعله إذا يغرق بنفس البحر الذي نعوم فيه
سانشو : وهل تستطيع الأحصنة الكهلة أن تكون مثلنا
دون كيخوت : أن لم تصبح مثلنا ستبقى سجينة الظلام ..
والعدم ومن ثم عدوة الفجر القادم
سانشو : إذن نبقيها في صفنا يا سيدي
دون كيخوت : ها قد وصلت الفكرة يا صديقي سانشو
عليها أن تعي إن هذا الحصار ، عليها وليس معها
وبما أننا لا نملك خاتم سليمان ، فعلينا مواجهة الركام في أي لحظة
سانشو : أيقظتني من حلمي الكوني ...
لأنفض التعب إذا ً عني واستعد لغيوم سوداء .. تريد أن تلتهم كل شيء .
تعليق