تمر على كل منا لحظات وقد تمتد إلى ساعات
بل إلى شهور وسنوات وهو يجد ما يشغل باله
و يشوش عليه تفكيره ويعكر مزاجه
من هموم مزعجة وأفكار مضطربة
ومشاعر قلقة ومخاوف حقيقية
وكل هذه ولا شك نتيجة لظروف غير طبيعية
محيطة بنا أو في مدارنا
أي بسبب الناس من حولنا أو بسبب من أنفسنا نشعر معها
بوهن البدن
وكآبة الحال
وغصة العيش
والمرء منا في مثل هذه الظروف تجده
يسعى للخروج منها بأسرع ما يمكن
ويتمنى على الله الأماني
ويلح عليه تعالى في الدعاء من أجل فرج قريب
يعيد لروحه الطمأنينة ولقلبه الأمان
وعلى كل حال فإن الله سبحانه وتعالى
سريع الفرج
قديم الإحسان
قريب من عبده إذا دعاه
مهما كانت حالة هذا العبد مع ربه
وما أعظم فرجه
ورحمته
وغوثه
وما أكثر مكارمه
ويسره
فله الحمد حتى يرضى وفي كل حال
.. ولكن السؤال الذي يلح عليّ هو
هل الإنسان يطيب عيشه بدون معكرات المزاج ؟
أو بعبارة أخرى
هل يستقيم حاله بدون هذه المعكرات ؟
.. واقع استقراء الأحوال أن الإنسان لا يطيب عيشه
إذا لم يكن هناك مصاعب ومعكرات
لأنّ دوام النعمة يجعلها غير محسوسة لديه
ويفيض به إلى سلوكيات وتصرفات غير متزنة
توصله في النهاية إلى معكرا ت المزاج
بل أن بعض المعكرات قد يصطنعها الإنسان من تلقاء نفسه
ويدخلها طواعية .
... فمن لم يرضى بعيشه الهنيْ البسيط
وتطلّع إلى أرقام ضخمة وسمعة واسعة
فقد أدخل نفسه باختياره في معكرات المزاج
ولهاث الجمع
وربما في النهاية في هموم الديون
... ومن ترك لنظره العنان في أصناف الغيد الحسان
وربات الحجال
وفي زماننا ربات الاكسسوارات والمساحيق
فقد أدخل نفسه بمزاجه في هموم الحب
وفتنة العشق
ومعكرات المزاج العاطفي
... ومن تصدر مجالس الربع ونوادي الرأي
وتجمعات الخصومة فقد أقحم نفسه
في متاهات أوغار الصدور
ومعكرات مزاج الأخوة والصفاء
.... إذاً هناك ظروف وأقدار لا نستطيع ردها
ولا حيلة لنا في منعها
وهناك ظروف أخرى نصنعها نحن أو نساهم في صنعها
إما طمعاً أو غباء أو هروباً من دوام الحال
وفي كلا الأمرين تبقى معكرات المزاج شبح يطاردنا
لكنها في بعض الأحيان قد تكون
من أسباب قربنا من الله سبحانه
...... وقانا الله وإياكم الهموم والغموم ولطف بنا في ما جرت به الأقدار
تعليق