أزمة طبيب

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • جومرد حاجي
    أديب وكاتب
    • 17-07-2010
    • 698

    أزمة طبيب

    دخل أحد المرضى عيادة الطبيب عماد المتخصّص في الأمراض النفسية ،

    لما أصابهُ من تدهورٍ في صحّته .
    كان عماد في هذه الأثناء يبحثُ عن كتابٍ فقده ، فترك
    البحث و جلس مع المريض ، طالباً منهُ أن يستلقي على السرير
    كي يتمكن من الإسترخاء ، فقد كانت علامات الحزن
    و اليأس ظاهرةً في وجهه .

    طلب الطبيب عماد شرح حالته بالتفصيل ، فأخبره المريض
    عن مديره في الشركة التي يعمل فيها ، و عن قسوته
    في التعامل معه .
    وذكر أيضاً كيف حقّره المدير في إحدى الأيام أمام زملائه .

    و روى قصته مع زوجته التي تركته بسبب الفقر ،

    و في أشد أيام حاجته إليها .
    و خاض في تفاصيل مشاكله مع أولاده الطائشين الذي يسببونه
    لهُ المتاعب مع أهل الحي .
    - أرجوك يا دكتور أوجِد لي حلاً ، و بخاصة مشكلتي مع المدير
    أكادُ أُجَنّ ، فقد وصل بي الأمر إلى أن صرتُ أُ فكّرُ بقتله .

    ضحك الطبيب ضحكةً لا تخلو من الخُبث و هو يفكّرُ بشيءٍ
    انتقامي و قال : انظر أيُّها الرجلُ الطيب إن مجتمعنا مجموعةٌ
    من الذئاب تنهشُ بالضعفاء .
    أنت لم تُخطئ حين فكّرت بقتل مديرك ، لأنه الحلُّ الأنسب
    فهو يشكّل كارثةً حقيقيّةً على الإنسانية .

    استطاع عماد إقناع المريض بفكرةٍ مروّعة بعد دقائق معدودة
    من بثّ فكرةٍ مسمومة في عقله المتخبّط ،
    وهي أن يقتلَ أحد الأطباء المنافسين لهُ في المهنة و يدعى خليل ،
    واصفاً إياه بأبشع الصفات كالطمعِ و الغشّ و استغلال المرضى .
    وعندما سأله المريض فيما يخصُّ المدير ، أخبره أنه يمكن له

    أن يتخلَّص منه فيما بعد لأنه أقلُّ خطورةً من ذلك الطبيب .
    سقطت دموع الرجل المنهار و هو يصرخ : أنت أفضلُ طبيب ،
    أنت من الأولياء الصالحين .

    خرج الرجل من العيادة و لم تمر لحظات حتى جاء رجال
    الأمن و معهم المريض ملطّخاً بالدماء .
    أمسك ضابطُ الأمن بكتف الطبيب عماد و قال : هيا قم معنا
    أنت متهم بالتحريض على القتل .
    صرخ عماد : لم أحرّض أحداً و لا أعرفُ هذا الرجل .
    قال الضابط : هيا قم و إلا أخذناك بالقوة .
    قم
    قم
    استيقظ ..
    و إذا بالطبيب يستيقظ على صوت زوجته .

    ارتاح عماد و شكر الله عندما تأكّد أنّ ما حدث مجرّد كابوس
    لكنه بالمقابل انزعج من طريقة زوجته في إيقاظه ، فكانت
    يدها ثقيلةً على كتفه ، فهي سمينة جداً ، و لطالما طلب منها
    أن تخفّف وزنها ، و لكن دون جدوى .
    تناول الطبيب فطوره و هو ينظر إلى زوجته قائلاً في نفسه
    متى ستنصتين إلى الكلام و تخففين من وزنكِ، و الله
    إن لم تخسري على الأقل عشرين كيلو ، فسأتزوج عليكِ .

    خرج عماد من منزله متوجهاً إلى عيادته ، و في الطريق
    قرأ نعوةً ، تسمّر في مكانه مندهشاً فإذا هي نعوة الدكتور خليل ذاته .
    كان الأمرُ في غاية الغرابة ، مستحيل ! ما هذا الذي يجري
    سأل نفسه .
    أكمل طريقهُ و التوترُ ظاهرٌ في وجهه ، و حين وصوله كان المرضى با نتظاره .
    طلب من السكرتيرة أن تُدخل المريض الأول ،
    لم يستطع الدكتور عماد أن يركزّ جيداً في حالة المريض ، أخذ يعيد

    أسالته على المريض مرةً تلو الأخرى ، لقد
    كان مشوشاً عقلهُ بموت الطبيب خليل ، فوصف الدواء على
    عجلٍ لمريضه ، و طلب من السكرتيرة أن تُدخل المريض الثاني ،
    قُرع الباب بقوةٍ نوعاً ما ،و دخل المريض ، نظر إليه عماد ،
    بدأ قلبه بالخفقان من شدة الخوف ، و كاد أن يقع على الأرض لما رأى .
    هو نفسهُ ذلك المريضُ الذي جاءهُ في الحلم ، لم يصدق
    عماد ما يرى ،
    سأل نفسه : ما الذي يجري معي هذا الصباح ،
    يا إلهي أنجدني ..

    تناول الطبيب عماد كأس الماء و أخذ ينظر إليه و يتأمّله
    و لم يسأله أي سؤال لمدة خمس دقائق ، بينما كان المريض
    يكلّمه ، و عماد يؤشّر إليه بيده أن ينتظر قليلاً .
    و الذي زاد الطين بلّة هي القصة التي رواها المريض ،
    فقد كانت مطابقة تماماً لما جاء في الحلم . انفجر عماد ضاحكاً
    بعد أن ذاق ما ذاق من الخوف ، ثم أخذ يوصف له بعض
    المهدّئات ، كما نصحه بالخروج إلى رحلاتٍ ترفيهية
    قدر استطاعته ،
    بالإضافة إلى تأكيده على ترك عمله
    في الشركة التي تجلبُ له ضغوطاً لا طاقة لهُ في تحمّلها .

    فرغت العيادة من المرضى في الساعة الأخيرة من الدوام ،
    استلقى عماد ليرتاح قليلاً ، أخذ يقلّبُ في المحطات التلفزيونية ،

    ليروّح عن نفسه تعب المفاجآت ، ثم تناول
    كتاباً عندما لم يرى شيئاً مهما على هذه الأقنية كماهي العادة .

    في هذه الأثناء دخلت السكرتيرة مع أحد رجال الأمن ،
    ارتعب عماد و أخذت قدماهُ ترتجفان مما يرى .
    عاد التوترُ من جديد ، فقال في نفسه : ستكون القاضية
    هذه المرة .
    تقدم منه رجل الأمن مصافحاً و قال : أنا محمود شريف .
    و تدخّلت السكرتيرة قائلة : هذا ابن عمي الذي أخبرتك
    عنه بشأن التقدم لخطبة أختك ، و قد طلبت مني أن يقابلك
    في نهاية الدوام .
    الحمد لله ، قالها في نفسه عماد .
    و عادت إليه الطمأنينة ، فرجل الأمن هذا ليس له علاقة
    بحلمه .
    ثم بعد نقاشٍ سريعٍ درا بينهما و لمدة ربع ساعة
    أعطاه عماد الموافقة المبدئية على طلبه حتى يتسنّى له
    أخذ رأي صاحبة الشأن .

    عاد عماد مرهقاً و متعباً إلى البيت لِما رآى في هذا النهار
    ولحظة وصوله إلى البيت و كعادته سأل زوجته إذا كانت
    قد مارست التمارين الرياضية ، فأخبرته أنها الآن فقط
    انتهت من أعمال المنزل ، لكنها وعدته أن تقوم بذلك
    مساءً .

    أحضرت الزوجة طعام الغداء ، نظر إليها عماد مبتسماً
    قائلاً في نفسه : إذا زارني ذلك المريض في الحلم مرةً
    أخرى فستكون زوجتي هي الضحية القادمة التي تشكَل
    الكارثة الحقيقية في هذا المجتمع ، ثم ضحك بصوتٍ
    عالٍ ، نظرت إليه زوجته و قالت : ما أحلاك حين تضحك .




    بقلم جومرد حاجي
    التعديل الأخير تم بواسطة جومرد حاجي; الساعة 15-04-2012, 14:29.
  • جمال عمران
    رئيس ملتقى العامي
    • 30-06-2010
    • 5363

    #2
    الاستاذ جومرد
    طالت القصة .. هى تلقى الضوء باستحياء على موضوع ( التلباثى ) وعلم ( الميتافيزيقا ) وأحيلك إلى كتاب الدكتور رؤوف عبيد ( الانسان روح لاجسد ).. وأجدها أكثر من قصة هنا فالزوجة وحدها قصة ..والسكرتيرة قصة ، والمريض قصة ، والطبيب قصة .. كل منها تصلح منفردة ..
    أرجو أن تتقبل رأيى ويتسع صدرك له ..
    تحيتى لك وباقات الزهور..
    *** المال يستر رذيلة الأغنياء، والفقر يغطي فضيلة الفقراء ***

    تعليق

    • وردة الجنيني
      أديب وكاتب
      • 11-04-2012
      • 266

      #3
      اما انا فلقد أحببتها ولم اجدها طويلة/
      لكنها لا تخلو من بعض الاخطاء/
      شكرا//

      تعليق

      • جومرد حاجي
        أديب وكاتب
        • 17-07-2010
        • 698

        #4
        شكرا لمرورك الجميل
        جمال عمران
        نورت الصفحة ،
        لك مني جزيل التقدير
        دمت في خير و فرح

        تعليق

        • جومرد حاجي
          أديب وكاتب
          • 17-07-2010
          • 698

          #5
          وردة الجنيني
          شكرا على المرور
          و على التعليق الجميل
          لكِ مني أجمل تحية

          تعليق

          يعمل...
          X