دخل أحد المرضى عيادة الطبيب عماد المتخصّص في الأمراض النفسية ،
لما أصابهُ من تدهورٍ في صحّته .
لما أصابهُ من تدهورٍ في صحّته .
كان عماد في هذه الأثناء يبحثُ عن كتابٍ فقده ، فترك
البحث و جلس مع المريض ، طالباً منهُ أن يستلقي على السرير
كي يتمكن من الإسترخاء ، فقد كانت علامات الحزن
و اليأس ظاهرةً في وجهه .
طلب الطبيب عماد شرح حالته بالتفصيل ، فأخبره المريض
عن مديره في الشركة التي يعمل فيها ، و عن قسوته
في التعامل معه .
وذكر أيضاً كيف حقّره المدير في إحدى الأيام أمام زملائه .
و روى قصته مع زوجته التي تركته بسبب الفقر ،
و في أشد أيام حاجته إليها .
و روى قصته مع زوجته التي تركته بسبب الفقر ،
و في أشد أيام حاجته إليها .
و خاض في تفاصيل مشاكله مع أولاده الطائشين الذي يسببونه
لهُ المتاعب مع أهل الحي .
- أرجوك يا دكتور أوجِد لي حلاً ، و بخاصة مشكلتي مع المدير
أكادُ أُجَنّ ، فقد وصل بي الأمر إلى أن صرتُ أُ فكّرُ بقتله .
ضحك الطبيب ضحكةً لا تخلو من الخُبث و هو يفكّرُ بشيءٍ
انتقامي و قال : انظر أيُّها الرجلُ الطيب إن مجتمعنا مجموعةٌ
من الذئاب تنهشُ بالضعفاء .
أنت لم تُخطئ حين فكّرت بقتل مديرك ، لأنه الحلُّ الأنسب
فهو يشكّل كارثةً حقيقيّةً على الإنسانية .
استطاع عماد إقناع المريض بفكرةٍ مروّعة بعد دقائق معدودة
من بثّ فكرةٍ مسمومة في عقله المتخبّط ،
وهي أن يقتلَ أحد الأطباء المنافسين لهُ في المهنة و يدعى خليل ،
واصفاً إياه بأبشع الصفات كالطمعِ و الغشّ و استغلال المرضى .
واصفاً إياه بأبشع الصفات كالطمعِ و الغشّ و استغلال المرضى .
وعندما سأله المريض فيما يخصُّ المدير ، أخبره أنه يمكن له
أن يتخلَّص منه فيما بعد لأنه أقلُّ خطورةً من ذلك الطبيب .
أن يتخلَّص منه فيما بعد لأنه أقلُّ خطورةً من ذلك الطبيب .
سقطت دموع الرجل المنهار و هو يصرخ : أنت أفضلُ طبيب ،
أنت من الأولياء الصالحين .
خرج الرجل من العيادة و لم تمر لحظات حتى جاء رجال
الأمن و معهم المريض ملطّخاً بالدماء .
أمسك ضابطُ الأمن بكتف الطبيب عماد و قال : هيا قم معنا
أنت متهم بالتحريض على القتل .
صرخ عماد : لم أحرّض أحداً و لا أعرفُ هذا الرجل .
قال الضابط : هيا قم و إلا أخذناك بالقوة .
قم
قم
استيقظ ..
و إذا بالطبيب يستيقظ على صوت زوجته .
ارتاح عماد و شكر الله عندما تأكّد أنّ ما حدث مجرّد كابوس
لكنه بالمقابل انزعج من طريقة زوجته في إيقاظه ، فكانت
يدها ثقيلةً على كتفه ، فهي سمينة جداً ، و لطالما طلب منها
أن تخفّف وزنها ، و لكن دون جدوى .
تناول الطبيب فطوره و هو ينظر إلى زوجته قائلاً في نفسه
متى ستنصتين إلى الكلام و تخففين من وزنكِ، و الله
إن لم تخسري على الأقل عشرين كيلو ، فسأتزوج عليكِ .
خرج عماد من منزله متوجهاً إلى عيادته ، و في الطريق
قرأ نعوةً ، تسمّر في مكانه مندهشاً فإذا هي نعوة الدكتور خليل ذاته .
كان الأمرُ في غاية الغرابة ، مستحيل ! ما هذا الذي يجري
سأل نفسه .
أكمل طريقهُ و التوترُ ظاهرٌ في وجهه ، و حين وصوله كان المرضى با نتظاره .
طلب من السكرتيرة أن تُدخل المريض الأول ،
لم يستطع الدكتور عماد أن يركزّ جيداً في حالة المريض ، أخذ يعيد
أسالته على المريض مرةً تلو الأخرى ، لقد
أسالته على المريض مرةً تلو الأخرى ، لقد
كان مشوشاً عقلهُ بموت الطبيب خليل ، فوصف الدواء على
عجلٍ لمريضه ، و طلب من السكرتيرة أن تُدخل المريض الثاني ،
قُرع الباب بقوةٍ نوعاً ما ،و دخل المريض ، نظر إليه عماد ،
بدأ قلبه بالخفقان من شدة الخوف ، و كاد أن يقع على الأرض لما رأى .
بدأ قلبه بالخفقان من شدة الخوف ، و كاد أن يقع على الأرض لما رأى .
هو نفسهُ ذلك المريضُ الذي جاءهُ في الحلم ، لم يصدق
عماد ما يرى ،
سأل نفسه : ما الذي يجري معي هذا الصباح ،
يا إلهي أنجدني ..
تناول الطبيب عماد كأس الماء و أخذ ينظر إليه و يتأمّله
و لم يسأله أي سؤال لمدة خمس دقائق ، بينما كان المريض
يكلّمه ، و عماد يؤشّر إليه بيده أن ينتظر قليلاً .
و الذي زاد الطين بلّة هي القصة التي رواها المريض ،
فقد كانت مطابقة تماماً لما جاء في الحلم . انفجر عماد ضاحكاً
بعد أن ذاق ما ذاق من الخوف ، ثم أخذ يوصف له بعض
المهدّئات ، كما نصحه بالخروج إلى رحلاتٍ ترفيهية
قدر استطاعته ،
بالإضافة إلى تأكيده على ترك عمله
بالإضافة إلى تأكيده على ترك عمله
في الشركة التي تجلبُ له ضغوطاً لا طاقة لهُ في تحمّلها .
فرغت العيادة من المرضى في الساعة الأخيرة من الدوام ،
استلقى عماد ليرتاح قليلاً ، أخذ يقلّبُ في المحطات التلفزيونية ،
ليروّح عن نفسه تعب المفاجآت ، ثم تناول
ليروّح عن نفسه تعب المفاجآت ، ثم تناول
كتاباً عندما لم يرى شيئاً مهما على هذه الأقنية كماهي العادة .
في هذه الأثناء دخلت السكرتيرة مع أحد رجال الأمن ،
ارتعب عماد و أخذت قدماهُ ترتجفان مما يرى .
عاد التوترُ من جديد ، فقال في نفسه : ستكون القاضية
هذه المرة .
تقدم منه رجل الأمن مصافحاً و قال : أنا محمود شريف .
و تدخّلت السكرتيرة قائلة : هذا ابن عمي الذي أخبرتك
عنه بشأن التقدم لخطبة أختك ، و قد طلبت مني أن يقابلك
في نهاية الدوام .
الحمد لله ، قالها في نفسه عماد .
و عادت إليه الطمأنينة ، فرجل الأمن هذا ليس له علاقة
بحلمه .
ثم بعد نقاشٍ سريعٍ درا بينهما و لمدة ربع ساعة
ثم بعد نقاشٍ سريعٍ درا بينهما و لمدة ربع ساعة
أعطاه عماد الموافقة المبدئية على طلبه حتى يتسنّى له
أخذ رأي صاحبة الشأن .
عاد عماد مرهقاً و متعباً إلى البيت لِما رآى في هذا النهار
ولحظة وصوله إلى البيت و كعادته سأل زوجته إذا كانت
قد مارست التمارين الرياضية ، فأخبرته أنها الآن فقط
انتهت من أعمال المنزل ، لكنها وعدته أن تقوم بذلك
مساءً .
أحضرت الزوجة طعام الغداء ، نظر إليها عماد مبتسماً
قائلاً في نفسه : إذا زارني ذلك المريض في الحلم مرةً
أخرى فستكون زوجتي هي الضحية القادمة التي تشكَل
الكارثة الحقيقية في هذا المجتمع ، ثم ضحك بصوتٍ
عالٍ ، نظرت إليه زوجته و قالت : ما أحلاك حين تضحك .
بقلم جومرد حاجي
بقلم جومرد حاجي
تعليق