قراءة في قصـ( تُرى/ محمد فطومى)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمد سليم
    سـ(كاتب)ـاخر
    • 19-05-2007
    • 2775

    قراءة في قصـ( تُرى/ محمد فطومى)

    قراءة في قصـ( تُرى/ محمد فطومى)
    محمد سليم:
    مفتاح النصّ وكوة القصّ,,
    تخيّل عزيزي القارئ,,تخيّل أنك رأيت تلك القصّة منشورة على حِبال شبكة الإنترنت,,بمنتدى ما..لا تدري شيئا..هكذا,,وجدتها بحالتها مجرد"عنوان وسرد",,فقط,,تخيّل أنك,,قرأتها قراءةً أولية..ثم أخذت فُسحة من وقت لتُشعل سيجارة أو تحتسى فنجانا من قهوة سادة ومن ثم ذهبت في تخيلات وشطحات لذيذة مُنعشة..وفجأة خرج عليك شيطانك,,هكذا..ليهمس في أُذنيك:هناك بالقصّ..هنا انظر..هنا غرابة من نوع مختلف؟!..بما تُجيب شيطانك؟!..,,دعك من الفلسفة وأنك ستقول بعفوية حتما الغرابة لُبّ الأدب ومربط فرسه,,ألم يستفزك العنوان( تُرى)كمفردة بلا دلالة ثابتة؟ كيف؟,,نعم تُرى,,فهل أتت -يا هل تُرى- كــ مقولة نتمنى بها الأشياء على بالك: يا هل تُرى لو كذا..كذا حدث أولم يحدث كذا,,بهكذا,,دعنا الآن معا نرى((تُرى))..براءة وطفولة السرد كيف تكون؟,,وقبل أن نركب فرسة الخيال,,يا هل تُرى..سننجح في إدارة مفتاح النصّ داخل كوة القصّ,,هاهاهاهاهاها,,ها هو المفتاح عزيزي..وها هوالنص بلون مختلف:
    ((دعك من الأسئلة . هنا لا أحد يسأل لماذا حدث أي شيء.
    . أنت غريب و أنا أعرف الغرباء من عيونهم الضائعة.إنّها مهمّتي
    /حيدر حيدر))
    ..هل دار المفتاح برأس النصّ دورة كاملة؟..أذن..لا بد أن" أسنان" المفتاح لا تتناغم مع صُلب القصّ..هيّا نقصّقص زيل المفتاح ونترك مقدمته فقط..هكذا يكون((دعك من الأسئلة.هنا لا أحد يسأل لماذا حدث أي شيء.))هل هذا كاف لفتح مزاليج النصّ؟,,نعم كاف,,ودعك أيضا من كثرة الأسئلة فـ بالقصّ" أزمنة وأمكنة مختلفة وشخوص القصّ متنافرة رغم مسحات من حب تغلفها دون حوارية ناطقة,,ولكن..لم لا نسأل..و نحن قراء غرباء عن النص نطالعه لأول وهلة أيضا؟!..,,نعم نعم,, يقولك لك الشاعر
    (( أنت غريب وأنا أعرف الغرباء من عيونهم الضائعة))..أذن أنا وأنت عزيزي القارئ غرباء عن ما يجرى في زمنكان القصّ..وكاتب النص يرى عيوننا الضائعة هنا وهناك وهي تبحث عن إجابات لــ هول ما نرى من عجائب يشيب لها الولدان.... هاهاهاهاها مع أنى لختيار أعرف الكُفت وأعشق الكبّة بالزيت الحار,,أذن
    (( إنّها مهمّتي)),,هل هى مهمة صاحب المفتاح الشاعر أم مهمة كاتب النصّ أنه يعرف الغرباء الوافدين..وكيف؟,,حتما,, من المُسلم به أن الغريب يتميز بعيون ضائعة في أي زمان ومكان!,,والآن هيا نطرق أبواب السرد بطرقات خفيف..لــ نرى بعيون ذائغة؟ رحلة بطل النصّ..........
    ((كنت أجمع أغطية علب الحليب في صغري.كنّا وقتها نظنّ أنّنا إذا جمعنا الكثير منها استبدلونا إيّاها بسيّارات حقيقيّة.عزمت أن أهدي السيّارة الأولى لوالدي فقط لأبرهن له أنّ الحياة سهلة،و أن لا قيمة للأشياء. و أن لا معنى لغيابه طوال النّهار من أجل قفّة هزيلة.هي كذلك بالفعل ،مع ذلك خذلتني الدّنيا و جعلتني أذعن لضرورة العسر)).
    البطل,,كان,, في الصغر..يجمع أغطية علب الحليب..ظنا الفوز السهل بسيارة يهديها لوالده الذي يكابد الحياة وتكابده,,والأشياء لا قيمة لها ولا.. معنى لغياب الأب صباحا والعودة بما يسد الرمق بالكاد..,,..الآن ما رأيكم أن " نُفكفِك"ما تحته خط؟..هيّا,,لِم أختار الكاتب عُلب الحليب بالذات؟ولم يقل مثلا علب الصفيح بعموميتها؟..,,لا لا عزيزي القارئ" تفكيكي" ليس مقصودا به ما ذهب به خيالك..كوني أفكك بما يتفق مع خيارات كاتب النصّ ثم أترك لك الحكم عندئذ,,..أذن أماكن القصّ تحوي علاقة ما بين أمنيات طفولة حالمة وبين أغطية علب حليب ملقاة على الأرصفة وفي مكبات نفايات هالكة..ربما الشركة المنتجة للبن الأطفال ترغب في تعظيم مكاسبها..وربما الأطفال أشتد بهم المرض والهُزال وأرادت الشركة ترغيب العائلات في شراء اللبن لأطفالها..وعلى كل حال مفردة الحليب توحي أن للمكان " غرابة ما",,مفردة أبرهن..الطفل يريد أن يبرهن لأبيه بتجربة عملية–من أرض الواقع-ليثبت نظريته نحو الأشياء أنها سهلة المنال يمكن أن يبادلها بأشياء تلقى بعرض الطريق العام,,هكذا,,لا قيمة للأشياء..كل الأشياء؟!,,وهل الأشياء مادية ومعنوية في آن ومعا؟أم أن المعنوي الحسي يُحمل في الأشياء المادية وداخلها؟,,و..هنا قُفة هزيلة حيث يؤكد الكاتب مرة أخرى بالقول هي كذلك بالفعل قفة هزيلة..أذن هنا نرى عدم الرضوخ للأمر وعدم القبول بالواقع وعدم الرضا بقيمة العمل ومردوده الضئيل وكأنه نوع من تمرد الطفولة الجانحة نحو طبقة اجتماعية أرقى وأعلى..و النتيجة؟بمنطق طفولي الدنيا خذلته كونها لم تعطى بلا عمل جاد ولم تستجب لأمانيه..وبعد الخذلان يكون الإذعان تحت مس الحاجة للضرورات حياة حيث تفرض الحياة قوانينها الثابتة على البشر في كل زمان ومكان..الحاجة بقدر العمل ولكل مجتهد نصيب..ثم ينتقل بنا النصّ لمشهد آخر حيث نقرأ :...........
    ((انفرط عقد لؤلؤ مزيّف كانت غفران ابنة خالي تزيّن به جيدها.لم تحاول جمعه.اعتَقَدَتْ أنّه لن يعود كما كان،حصلت منه على حبّة . أردت أن أثبت لها أنّي فتى خارق و أنّ باستطاعتي فعل الكثير من أجلها . سمعت ناسا لا أعرفهم يتكلّمون عن تكاثر حبّات الّلؤلؤ بمجرّد حفظها في القطن مدّة طويلة.كتمت عنها السرّ . و قلت لنفسي سأدهشها بالعقد ،و سأنصرف دون أن أصغي لعبارات المديح .يعجبني نبل روبن هود . لم يتحدّثوا عن طول المدّة التي على الّلؤلىء أن يقضّيها في القطن،لذا كان عليّ أن أنتظر ستّة أشهر قبل أن أيأس .لم يتكاثر الّلؤلؤ . لم تمنحني الدّنيا فرصة الظّهور بمظهر الخارق أمام غفران.و قلتُ ليس من العدل أن لا تستجيب الكيمياء للرّغبات الملحّة جدّا.الصّادقة جدّا.و من جديد وجدتني أذعن لقانون العسر.))
    والآن ننتقل لصورة أخري أو مشهد ثان من رحلة الطفل..هو الآن مراهق يافع..يريد أن يثبت لابنة خاله( غفران) أنه الفتى الخارق الذي يفعل وسيفعل كثير وكثير من أجلها وهذه ثمة للطفولة بكافة الأمكنة والأزمنة تجاة الأنثى المرغوبة..إذ أنفرط عقد من لؤلؤ مزيف من جيدها تركتْ هي العقد أرضا " كونها تعرف قيمة الأشياء النفيسة من المزيفة..وأن لا سبيل ولا جدوى من جبر الفالصو ليعود كما كان أوحتى التقاطه من أرضية الشارع",, بطفولة وسذاجة وبخيال مقرون برغبة جامحة في مصارعة المستحيل..سيضع البطل حبات اللؤلؤ في القطن – الردة- لتتكاثر وتتوالد من " حبّة واحدة "!..يا لها من سذاجة تنم عن جهل حد الحُمق!؟- رغم حنق البطل على دنياه وإصراره على تحقيق المستحيل..التكاثر لا يكون إلا بزوجين معا وليس بحبة واحدة إلا إذا كان نسخا منسوخا "تزواج بكري"نبات بدون بذور أو بكمياءالسحر..وتقنيات العلم..المهم..أخذ المراهق الطامح حبة واحدة لا غير وترك العقد كما هو أرضا !؟,,كيف هذا؟,,يريد أن يثبت لمحبوبته الدهشة..لا يريد شكرا ولا مديحا منها لو نجحت تجربته التكاثرية بعد ستة أشهر يقضيها في أحلام وأمنيات وهو ينتظر الحُلم أن يتحقق..وكي يثبت لنفسه أنه لم ولن ييأس هكذا بسهولة مع مرور الأيام والأشهر" ولم يسأل أحدا ليعرف الحقيقة حقيقة " توالد حبات اللؤلؤ"!..ومرة أخرى يلعن الحظ ويمارس دور الضحية -المُستمتعة- بدعوى أن الدنيا غيرعادلة لم تمنحه فرصة,,هكذا,, وكأن الدنيا تعطى كل من هب ودب بغير عمل ولا علم ..حتى ولو كانت رغبات مُلحة صادق نبيلة نظل نتوسل ليل نهار للدنيا أن تمنحنا إياها,, ومرة تلو مرة يتلقى ضربة ثانية ليُذعن لقانون الحاجة النجاح لمن يعمل بعقل وبفهم..,, لؤلؤ مزيف؛ لاشك أن كل نفيس غال هو زينة ومفخرة لأصحاب السطوة والسلطان بحق و..الفقراء من أمثالنا يفتخرون أيضا بامتلاكهم تلك الأشياء حتى لو علموا أنها مزيفة غشا وتدليسا وطمعا فيما لا يقدرون عليه بالعرق والجهد ولذا سنجد البطلة بالفقرة التالية ستترك البطل لتبحث أو ترضى بمن هو أغنى وأقدر على تحقيق طموحاتها بطريق شرعي,,ولكن ما علاقة البطل الشعبي "رون هود هنا؟"مع أن روبن هود كان يسرق الأغنياء لصالح الفقراء ويتكرّم عليهم بما نهب وسرق؟..,,أليس المعنى الذي يتوافق مع القص أن البطل كان يريد سرقة وخطف الدُنيا من أفواه وسواعد العاملين المجدين المجتهدين الذين يأخذوا بالأسباب الحقيقية للنجاح والتقدم ..والرفاهية؟...ثم ماذا حدث بعد ذلك ؟......
    (( ثمّ بعد ذلك خطبها أحدهم فقبلت به و رفضتني الذي قبلت به غفران لا يفهم أنّ عليك احتضان فتاتك شهرا كلّما روت لك حادثة شقاء في طفولتها.و لا يدرك أنّ للفتيات الجميلات مثلها ألغازا دقيقة ،هنّ على يقين ، بأنّ الرّجال جواميس لا يقدّرونها.
    لبثت الأربعة أعوام الأولى في المدرسة أجمع الأسئلة))
    ..خطبها أحدهم" تنكير موفق" ورفضته..ومن هنا سنقرأ على لسان البطل "الضحية الخاسرة" تقليلا من شأن خطيب حبيبته بقوله هو لا يفهم كيف يعوّض فتاة عن شقاء الطفولة والحرمان بالاحتواء بين ذراعين محبين..هكذا,,كونه يفهم مثل تلك الألغاز الدقيقة ويتعايش معها وكأن البطل يتهم غريمه بما يمتلك هومن خيال المحب الولهان للأبد وليس بما يمتك غريمه!,,ويتهم الرجال بــ.....,,ثم لبث أربعة أعوام في المدرسة ليجمّع الأسئلة ,هكذا:........
    ((لبثت الأربعة أعوام الأولى في المدرسة أجمع الأسئلة:
    " ترى هل سيفرجون عن أخيك بينهم؟ "
    " من بالباب يا تُرى؟ "
    " تُرى متى ينطلق قطار العاشرة ؟ "
    " هل سيمرّ أنبوب الماء بالقرب من بيتنا يا تُرى ؟ "
    " تُرى أين نحن ؟ "
    " ترى كم عدد كجّات سلمى ؟ "
    كنت أجمع الأسئلة،و بي حيرة :
    )) من تُرى هذه التي تملك إجابة عن كلّ الأسئلة ؟
    .. قضى الأعوام الأولى في المدرسة.."لا أدري هل الأعوام الأولى بالمدرسة تعنى بدايات مرحلة التعليم الإلزامي؟أي حتى الصف الرابع الابتدائي 10 سنوات ..أم المدرسة يُقصد بها مرحلة التعلم الثانوي أم ما بعدها تبعا لنُظم التعليم العربية المختلفة؟,,المهم "في المدرسة" توحي وكان البطل لم يشغله شاغل بمدرسته غير تجميع الأسئلة وهى كل ما حصّل من أعوامه الأربعة,, يجمّع الأسئلة وتستبد به الحيرة مع كل سؤال..وبكل سؤال "تُري"!!؟؟"..والغريب أنه لم يك يجمعها ليبحث عن إجابة لتساؤلاته الفرضية..بل كان يعددها ليطرحها على من يرغبها حبيبة وزوجة شريكة عمر ودرب حياة..لتجيبه؟أم يا هل تُرى ليختبرها أتعرف كل شيء يفض غشاوة عينية عن أسرارا الدنيا التي يعيشها؟,,ثم..بدأت لحظة فارقة بحياة بطل القص عندما قال:........
    ((سعادتي كانت ستفوق قدرتي على التّحمّل لو لبثتُ أبدا في حماقتي .يبدو أنّ هناك مقدارا من الفرح لا يحقّ لنا أن نبلغه و الدّنيا تعلم هذا،لذلك كشفت لي عن حقيقة تُرى في الصفّ الرّابع.اليوم أحتاج إلى تلك الحماقة أكثر من أيّ وقت مضى.كنت سأعدّ لتُرى حجرتي كما يليق بنابغة لا تتعذّر عليها الإجابة على كلّ الأسئلة.كنت سأزيّن الطّاولة بأفخر أنواع النّبيذ و الشّوكولاطة .كنت سأُجلسها على كرسيّ قبالتي كي تستريح ثمّ أسألها:
    ترى..أجيبي ..كم مرّة على الكرمة أن تموت كي يصدّق السُّكارى على الأقلّ أنّها مريضة؟
    ترى..أجيبي..أهناك من يشطب ما نكتب،أم ترانا دون أن ندري نكتب فوق الشّطوب ؟
    كنت أيضا سأسألها و أمهلها دقائق للتّفكير:
    ترى...هل غفران بخير؟)) محمد فطومي.
    لسان حال البطل يقول,,لو لبثت أبدا في حماقتي تلك..لكنت أكثر سعادة رغم ثقل ما أتحمله من عناء ومشقة..و"كأن معاشرة الحماقة كانت قمة سعادته هاهاهاهاها"..,,ثم يعترف بما يشبه الحكمة " تناص"أن الدنيا علمته أنها تقسم الفرح بمقدار.. لكلٌ نصيب لن يبلغه ولا يحق مهما فعل,,وكانت رحيمة به أن كشفت له حقيقة ( تُري)وهو بالصف الرابع..ورغم ذلك ( اليوم..لم اليوم تحديدا؟!..وفيما بعد الصف الرابع بالخصوص؟)يحتاج بطل النصّ للعودة إلى حماقاته و..لكان فعل كذا وفعل مذا,,فماذا كان سيفعل لو عاد للحماقة؟,,..كان سيعد الحجرة..ويزيّن الطاولة بفخم نبيذ وشوكولا..وسيجلسها لتستريح ويسألها..ويسألها وهى معه..بحجرته وبيته كظله لا تفارقه أبدا!..وأخيرا يسألها هل غفران بخير؟!.......
    والحين
    عزيزي القارئ,,دعك من..
    "دلالات"الأسئلة السالفة أعلاه" الفلسفية" كونها مثيرة للتأمل ومتناصة مع ما حصّل بطل القص من ثقافة ومعارف أثناء رحلته مع الحياة,,وكون الأسئلة تبحث في عالم من السكارى لا يشبع ولا يهتم إلا بملذات حياه..وعن ما هو مكتوب مُسطر بأقدارنا على اللوح"ودعني أسألك عن نهاية القصّ المتخيّل(بلا حوار..ولا شخوص),,..كيف وصلتك خاتمة القصّ؟,,هاهاهاهاهاهاها,, تخيّل؟,,ألا تُذكرك بإنسان حصل على درجة الدكتوراة في تصاريف إعراب نحو"حتى" هاهاهاهاهاهاها...أيضا بطل النصّ حصل على الدكتوراة في فلسفة( تُرى) وتصريفها في كل أمر شائك وشأن؟!,,ألا تُصدقني!..,,أذن,,عُد للنص بقراءة ثانية وببالك ما قرأته مني؟..ولا تتهمني بالسخرية!,,إذ..ربما تأتيني بتعليق تقول فيه: البطل كان كــ دكتور فرانكشتين لمّا صنع محبوبته الجميلة من بقايا أموات..سأقول لك: هاهاهاهاهاهااها مرحى بك مع السخرية الهادفة ........
    والآن
    عزيزي,,دعنى,, أوجز لك الحكاية..و..
    بكلمات بسيطة..طفل صغير..مهموم بواقعه المعاش..ظل يبحث ويبحث..وجد طريقة سهلة لتحقيق الأحلام وانتشال نفسه وأهله وأحبابه من وحل العوز والفقر وضيق ذات اليد..حاول بأول مرة تجميع علب الصفيح..فشِل..,,حاول مرة أخرى بمرحلة لاحقة مع محبوبة الطفولة ابنة الخال..فشل..وكانت الصدمة..فظل يدرس ويدرس في شيء ذي قيمة ؟..فقط يجمع أسئلة تلو أسئلة بديهيات الأشياء.. ثم أنتقل لمرحلة البحث عن المعرفة وحقيقة الأشياء"بسؤال فرضي بسيط ( تُرى..تُرى لو..)..وظل مهموما أكثر بكثرة الأسئلة ( المُجمعة)بلا إجابات معرفية حقيقية مقنعة.. هداه عقله(( اليوم)) بضرورة البحث عمن يجيب تساؤلاته المستعصية عن أي حل ..فلم يجد من مجيب لا أنس ولا جان..وأخيرا وجد الحل( ليخرج من الحماقة الحقيقية).. إذ هاهاهاها..أحبّ..عشِق (تُرى)..ليس عشق رجل لأنثى تجيب أسئلته..بل عشقها لذاتها كونها فرضية جدلية مريحة ( تُرى هل ..تُرى لم ؟ تُرى كيف ..تُرى ما سبب كذا)..وعاش البطل ما بقي له من عُمر يجتر خيبات الماضي وحماقاته بتكرار الأسئلة العصيّة عن الفهم ..وكأنه يضرب ( تُرى ) في كل ساعة وحين ويعدم أمها العافية ليُريح نفسه..وليظل.. باحثا متفلسا في أصل الأشياء وكينونة الحرمان( لاحظ ..دون حماقة وإنما بوعي تام وغريب منه!؟)......ولذ أتت فكرة مفتاح النص (دعك من الأسئلة..الخ من كلمات الشاعر)....................وأكتفي
    فـ ليس من المنطق أن يضع أي" ناقد" كل ما لديه بسلة واحدة
    ولا من كياستي أن أضع( نقضي) بل أفككك النصوص فقط! هاهاهاهاهاهاها.....,,
    على كل حال
    بالنقاش فقط وبـــ ياااااا هل تُرى أيضا نُفكك نصّ تُرى ونستمتع معا
    بما احتواه من فلسفة حياه وسيرة ذاتية...
    شكرا عزيزي القارئ
    شكرا الأديب/ محمد فطومي .
    ‏03‏/05‏/2012
    التعديل الأخير تم بواسطة محمد سليم; الساعة 05-05-2012, 19:47.
    بسْ خلااااااااااااااااااااااااص ..
  • محمد سليم
    سـ(كاتب)ـاخر
    • 19-05-2007
    • 2775

    #2
    النصّ ( منشور بملتقى القصة..القصة القصيرة ):
    أقتبس............................................. ...
    تُرى..




    * دعك من الأسئلة . هنا لا أحد يسأل لماذا حدث أي شيء.
    أنت غريب و أنا أعرف الغرباء من عيونهم الضائعة.إنّها مهمّتي.

    حيدر حيدر
    ****


    كنت أجمع أغطية علب الحليب في صغري.كنّا وقتها نظنّ أنّنا إذا جمعنا الكثير منها استبدلونا إيّاها بسيّارات حقيقيّة.عزمت أن أهدي السيّارة الأولى لوالدي فقط لأبرهن له أنّ الحياة سهلة،و أن لا قيمة للأشياء. و أن لا معنى لغيابه طوال النّهار من أجل قفّة هزيلة.هي كذلك بالفعل ،مع ذلك خذلتني الدّنيا و جعلتني أذعن لضرورة العسر.

    انفرط عقد لؤلؤ مزيّف كانت غفران ابنة خالي تزيّن به جيدها.لم تحاول جمعه.اعتَقَدَتْ أنّه لن يعود كما كان،حصلت منه على حبّة . أردت أن أثبت لها أنّي فتى خارق و أنّ باستطاعتي فعل الكثير من أجلها . سمعت ناسا لا أعرفهم يتكلّمون عن تكاثر حبّات الّلؤلؤ بمجرّد حفظها في القطن مدّة طويلة.كتمت عنها السرّ . و قلت لنفسي سأدهشها بالعقد ،و سأنصرف دون أن أصغي لعبارات المديح .يعجبني نبل روبن هود . لم يتحدّثوا عن طول المدّة التي على الّلؤلىء أن يقضّيها في القطن،لذا كان عليّ أن أنتظر ستّة أشهر قبل أن أيأس .لم يتكاثر الّلؤلؤ . لم تمنحني الدّنيا فرصة الظّهور بمظهر الخارق أمام غفران.و قلتُ ليس من العدل أن لا تستجيب الكيمياء للرّغبات الملحّة جدّا.الصّادقة جدّا.و من جديد وجدتني أذعن لقانون العسر.ثمّ بعد ذلك خطبها أحدهم فقبلت به و رفضتني.

    الذي قبلت به غفران لا يفهم أنّ عليك احتضان فتاتك شهرا كلّما روت لك حادثة شقاء في طفولتها.
    و لا يدرك أنّ للفتيات الجميلات مثلها ألغازا دقيقة ،هنّ على يقين ، بأنّ الرّجال جواميس لا يقدّرونها.

    لبثت الأربعة أعوام الأولى في المدرسة أجمع الأسئلة :
    " ترى هل سيفرجون عن أخيك بينهم؟ "
    " من بالباب يا تُرى؟ "
    " تُرى متى ينطلق قطار العاشرة ؟ "
    " هل سيمرّ أنبوب الماء بالقرب من بيتنا يا تُرى ؟ "
    " تُرى أين نحن ؟ "
    " ترى كم عدد كجّات سلمى ؟ "

    كنت أجمع الأسئلة،و بي حيرة :
    من تُرى هذه التي تملك إجابة عن كلّ الأسئلة ؟

    سعادتي كانت ستفوق قدرتي على التّحمّل لو لبثتُ أبدا في حماقتي .يبدو أنّ هناك مقدارا من الفرح لا يحقّ لنا أن نبلغه و الدّنيا تعلم هذا،لذلك كشفت لي عن حقيقة تُرى في الصفّ الرّابع.اليوم أحتاج إلى تلك الحماقة أكثر من أيّ وقت مضى.كنت سأعدّ لتُرى حجرتي كما يليق بنابغة لا تتعذّر عليها الإجابة على كلّ الأسئلة.كنت سأزيّن الطّاولة بأفخر أنواع النّبيذ و الشّوكولاطة .كنت سأُجلسها على كرسيّ قبالتي كي تستريح ثمّ أسألها:

    ترى..أجيبي ..كم مرّة على الكرمة أن تموت كي يصدّق السُّكارى على الأقلّ أنّها مريضة؟
    ترى..أجيبي..أهناك من يشطب ما نكتب،أم ترانا دون أن ندري نكتب فوق الشّطوب ؟

    كنت أيضا سأسألها و أمهلها دقائق للتّفكير:
    ترى...هل غفران بخير؟




    محمد فطومي
    بسْ خلااااااااااااااااااااااااص ..

    تعليق

    • أحمد عيسى
      أديب وكاتب
      • 30-05-2008
      • 1359

      #3
      كما عودنا محمد سليم

      أسلوب نقدي متفرد ذا بصمة خاصة لا يسبقه اليها أحد
      وقدرة عجيبة على الالمام بكل حرف في النص
      وطريقة متمايزة في الطرح وتحليل فقرات القصة وجوانبها السايكولوجية
      وفي كل الأحوال نحن الكاسب الأول من وجود ناقد بحجم محمد سليم قرب نصوصنا
      فشكراً لك
      والشكر لا يكفي
      ” ينبغي للإنسان ألاّ يكتب إلاّ إذا تـرك بضعة من لحمه في الدّواة كلّما غمس فيها القلم” تولستوي
      [align=center]أمــــوتُ .. أقـــــاومْ [/align]

      تعليق

      • عبد الرحيم محمود
        عضو الملتقى
        • 19-06-2007
        • 7086

        #4
        كاتبنا الغالي الصديق محمد سليم
        أحيانا تفكيك النص كتفتيت الزهرة يجعلها أجزاء ، في مثل هذا النص الذهني النفسي ، يركز على جمع عدد خيبات الأمل التي مني بها الكاتب وهو يسترجع صورا لا تفارق خياله محفورة بأعصابه ، ومنقوشة على صم صخر صفحة طفولته المفعمة بالشقاء وتراكم الخيبات ، التفسير هنا لا يفيد والشرح هو كتفسير أبيات الشعر يبقي البيت أجمل من تفسيره ، لغة الهذيان التي كتب به النص تتناسب مع حالة أحلام اليقظة ، التي تنفجر عن لا شيء ، سوى صدمة تتحوصل في الذاكرة لتقول ذات يوم شيئا للآخرين ، ويتم التركيز على النهايات التي تنقط علقما ، ومرارة ، وكبرياء !!
        ترى كلمة صادمة ، لكنها بقيت في النص معلقة ، وعلى الناقد أن يوضح ما ترانا وراءها ، الإحباط ، وقلة الحيلة ، والوهم الذي يتجسد في خيال واحد لا يتحقق في الواقع أبدا .
        الناقد يجب أن يلاحظ أن النص يتحرك لا على الأرض ولا في ظرفي الزمان والمكان ، ويستعمل لغة خاصة تستهوي رجلا مثقفا كمحمد سليم أو أحمد عيسى ، كتب بلغة شعرية حالمة ، لكن جناحه المرفرفة ترفض أن ينزل بين الناس العاديين ، فعلب الحليب لم تكن متوفرة للفقراء ، فضلا عن مفاتيحها ، ربما لو قال علب السردين لنزل النص بين الفقراء والغلابة ، ولو قال عقد خرز لكان أقرب للناس الذين يؤمنون بالخرافات أما عقد لؤلؤ ولو بحبات زائفة فلا الفقراء يعرفون اللؤلؤ ولا كيف يزيف !
        أخيرا قلت في الغرفة الصوتية أن عيب التفكيك الزماني في القصة يجعلها نصا شعري اللمسات محلق الأجنحة في غير فضاء القصة ، وعدم تطور الحدث يساعد النص أن يكون فوق مستوى القصص ، وهنا أقول لغة النص وبؤس البطل هما العلامتان الأكثر بروزا وحذق محمد سليم في إضافة أجنحة للنص تجعله أكثر ارتفاعا عن أفق العامة التي نكتب لها قصصا / محبتي .
        نثرت حروفي بياض الورق
        فذاب فؤادي وفيك احترق
        فأنت الحنان وأنت الأمان
        وأنت السعادة فوق الشفق​

        تعليق

        • محمد سليم
          سـ(كاتب)ـاخر
          • 19-05-2007
          • 2775

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة أحمد عيسى مشاهدة المشاركة
          كما عودنا محمد سليم

          أسلوب نقدي متفرد ذا بصمة خاصة لا يسبقه اليها أحد
          وقدرة عجيبة على الالمام بكل حرف في النص
          وطريقة متمايزة في الطرح وتحليل فقرات القصة وجوانبها السايكولوجية
          وفي كل الأحوال نحن الكاسب الأول من وجود ناقد بحجم محمد سليم قرب نصوصنا
          فشكراً لك
          والشكر لا يكفي
          [gdwl]أخي العزيز القاص / احمد عيسى [/gdwl]...تحياتي
          كلنا نحاول أخي ..أن نفيد ونستفيد ..وأن يكون لنا (دور ) يجلب متعة وثقافة
          وما هي إلا قراءات في نصوص .................. شكرا أخي
          لمرورك العبق ( صح العبق دي هاهاهاها...)
          بسْ خلااااااااااااااااااااااااص ..

          تعليق

          • محمد سليم
            سـ(كاتب)ـاخر
            • 19-05-2007
            • 2775

            #6
            المشاركة الأصلية بواسطة عبد الرحيم محمود مشاهدة المشاركة
            كاتبنا الغالي الصديق محمد سليم
            أحيانا تفكيك النص كتفتيت الزهرة يجعلها أجزاء ، في مثل هذا النص الذهني النفسي ، يركز على جمع عدد خيبات الأمل التي مني بها الكاتب وهو يسترجع صورا لا تفارق خياله محفورة بأعصابه ، ومنقوشة على صم صخر صفحة طفولته المفعمة بالشقاء وتراكم الخيبات ، التفسير هنا لا يفيد والشرح هو كتفسير أبيات الشعر يبقي البيت أجمل من تفسيره ، لغة الهذيان التي كتب به النص تتناسب مع حالة أحلام اليقظة ، التي تنفجر عن لا شيء ، سوى صدمة تتحوصل في الذاكرة لتقول ذات يوم شيئا للآخرين ، ويتم التركيز على النهايات التي تنقط علقما ، ومرارة ، وكبرياء !!
            ترى كلمة صادمة ، لكنها بقيت في النص معلقة ، وعلى الناقد أن يوضح ما ترانا وراءها ، الإحباط ، وقلة الحيلة ، والوهم الذي يتجسد في خيال واحد لا يتحقق في الواقع أبدا .
            الناقد يجب أن يلاحظ أن النص يتحرك لا على الأرض ولا في ظرفي الزمان والمكان ، ويستعمل لغة خاصة تستهوي رجلا مثقفا كمحمد سليم أو أحمد عيسى ، كتب بلغة شعرية حالمة ، لكن جناحه المرفرفة ترفض أن ينزل بين الناس العاديين ، فعلب الحليب لم تكن متوفرة للفقراء ، فضلا عن مفاتيحها ، ربما لو قال علب السردين لنزل النص بين الفقراء والغلابة ، ولو قال عقد خرز لكان أقرب للناس الذين يؤمنون بالخرافات أما عقد لؤلؤ ولو بحبات زائفة فلا الفقراء يعرفون اللؤلؤ ولا كيف يزيف !
            أخيرا قلت في الغرفة الصوتية أن عيب التفكيك الزماني في القصة يجعلها نصا شعري اللمسات محلق الأجنحة في غير فضاء القصة ، وعدم تطور الحدث يساعد النص أن يكون فوق مستوى القصص ، وهنا أقول لغة النص وبؤس البطل هما العلامتان الأكثر بروزا وحذق محمد سليم في إضافة أجنحة للنص تجعله أكثر ارتفاعا عن أفق العامة التي نكتب لها قصصا / محبتي .
            [gdwl]أستاذنا العزيز عبد الرحيم محمود ...تحية طيبة أستاذنا [/gdwl]
            ..نعم ..أتفق معك أستاذنا وأُقر لك بصحة ما ذهبت إليه ..
            ولكنك تعلم أستاذي أننا هنا في شبكة انترنت( شتى الأنواع وبمختلف الدرجات) ..وكثير منهم يحاول أن يجد له طريقا لعالم الأدب والحرفيّة .. تذوقا أو كتابة ...وكما ترى أحاول فقط ( تقطيع بتلات الزهرة..كما قلتْ) كي يرى القارئ من أين تنبت بذرة التذوق الجمالي ومن أين تأتي الدهشة والغرابة...وأيضا كي يعرف كاتب القص أن خلفه قارئ يحلل ويفكك وقد يصل لمرحلة نسف النص نسفا .......وإن كانت قراءاتي تبحث عن " جمالية الأدب( خلق أجنحة للنص) وتتبنى وجهة نظر القاص فليس من منطلق التسليم له والاتفاق التام مع ما كتب " عمال على بطال"..بل انطلاقا من البحث عن تبرير مقبول لاختياراته في صياغة وسرد النص...ومن ثم أراهن أنا على ذكاء القاص وذكاء القارئ؟! ....... ,,...وكي لا يركن كثير إلى مرور الكرام على نصوص فيخلط الحابل بالنابل وتضيع المواهب ويختفي التذوق ...........................وتحياتي أستاذنا العزيز .وتشكراتي لمروركم الثري.
            التعديل الأخير تم بواسطة محمد سليم; الساعة 08-05-2012, 16:31.
            بسْ خلااااااااااااااااااااااااص ..

            تعليق

            • دينا نبيل
              أديبة وناقدة
              • 03-07-2011
              • 732

              #7
              أ / محمد سليم ..

              قبل أن أعلّق على قراءتك الماتعة لقصة مبدعنا الكبير أ / فطومي ، أردت أن أشير إلى قضية في رأيي المتواضع ألا وهي .. لغة المقال النقدي
              ربما قصتي مع النقد الأدبي ( العربي ) لم تتجاوز الستة أشهر .. لا أذكر بالتحديد ، ولكن كانت بداية مطالعتي للمقالات النقدية تصيبني بالكثير من الاستياء والرثاء لحالي ، لينتهي بي المطاف وقد شككت في مستوى ذكائي .. لأنني لم أفهم شيئا !

              فما جدوى أن يكتب الناقد مقالا صعبا عسير الفهم على القارئ العادي ، إلا إذا كان يرجو بمقاله ان يكتب لنفسه أو يكتب لأصحابه النقّاد !
              وبهذا يخلق الناقد بيديه ذلك الحاجز الصلد بين القارئ العربي والنقد الأدبي .. ذلك الحاجز والذي نحاول تجاوزه لجعل الناس يتقبلون النقد أياً كان في أي مجال .. لأننا العرب لدينا مشكلة مع فكرة ( النقد ) بمفهومها السلبي

              وهنا لا أقصد أن يبتعد الناقد عن الأكاديمية في الطرح ، بالعكس ، بل عليه توثيق ما يكتب بالمصادر لأنها تمنحه الحجة ، ولكن ما الضير في شرح المصطلحات العويصة للقارئ العادي أو حتى التذييل بها أدنى الصفحات ؟!

              لذا فأود أن أشيد هنا باللغة اليسيرة في المقال والتي تميل إلى ( المونولوج ) في أكثر من موضع وإلى الخطاب اللطيف للقارئ وكأنه صديق للناقد ( طبعا لا أقصد الملتقى هنا لأننا جميعا أخوة وعلى معرفة مسبقة ببعضنا أو أغلبنا ) ، لذا فكم هو مضايق أن تجد ناقداً يتعالى بما يمتلك من أدوات اللغة والتأويل ودرجة الذكاء في التعالي على القارئ العادي ، فبدلا من أن يضيء له النص تراه يغلقه عليه أكثر !!

              أعجبتني طريقة النزول إلى النص ومحاورته وكأنك تستنطقه ، وهنا وجدت تطوراً رائعاً لديك أ / سليم وهو دخولك مجال التأويل .. وهو ليس بالأمر اليسير ، ولا يخلو من متعة للقارئ والناقد على حد سواء ، فالغوص داخل الألفاظ واستخراج دلالات لبعض ألفاظها حقيقة ينير العقل ، بل ويظهر جمال لغتنا العربية التي تحمل ألفاظها معانيا ودلالات كثيرة مما جعلها متفرّدة عن غيرها

              أشكرك أ / سليم على قراءتك الرائعة
              لا حرمنا قلمك الناقد الساخر الرائع ..

              تحياتي

              تعليق

              • محمد سليم
                سـ(كاتب)ـاخر
                • 19-05-2007
                • 2775

                #8
                المشاركة الأصلية بواسطة دينا نبيل مشاهدة المشاركة
                أ / محمد سليم ..

                قبل أن أعلّق على قراءتك الماتعة لقصة مبدعنا الكبير أ / فطومي ، أردت أن أشير إلى قضية في رأيي المتواضع ألا وهي .. لغة المقال النقدي
                ربما قصتي مع النقد الأدبي ( العربي ) لم تتجاوز الستة أشهر .. لا أذكر بالتحديد ، ولكن كانت بداية مطالعتي للمقالات النقدية تصيبني بالكثير من الاستياء والرثاء لحالي ، لينتهي بي المطاف وقد شككت في مستوى ذكائي .. لأنني لم أفهم شيئا !

                فما جدوى أن يكتب الناقد مقالا صعبا عسير الفهم على القارئ العادي ، إلا إذا كان يرجو بمقاله ان يكتب لنفسه أو يكتب لأصحابه النقّاد !
                وبهذا يخلق الناقد بيديه ذلك الحاجز الصلد بين القارئ العربي والنقد الأدبي .. ذلك الحاجز والذي نحاول تجاوزه لجعل الناس يتقبلون النقد أياً كان في أي مجال .. لأننا العرب لدينا مشكلة مع فكرة ( النقد ) بمفهومها السلبي

                وهنا لا أقصد أن يبتعد الناقد عن الأكاديمية في الطرح ، بالعكس ، بل عليه توثيق ما يكتب بالمصادر لأنها تمنحه الحجة ، ولكن ما الضير في شرح المصطلحات العويصة للقارئ العادي أو حتى التذييل بها أدنى الصفحات ؟!

                لذا فأود أن أشيد هنا باللغة اليسيرة في المقال والتي تميل إلى ( المونولوج ) في أكثر من موضع وإلى الخطاب اللطيف للقارئ وكأنه صديق للناقد ( طبعا لا أقصد الملتقى هنا لأننا جميعا أخوة وعلى معرفة مسبقة ببعضنا أو أغلبنا ) ، لذا فكم هو مضايق أن تجد ناقداً يتعالى بما يمتلك من أدوات اللغة والتأويل ودرجة الذكاء في التعالي على القارئ العادي ، فبدلا من أن يضيء له النص تراه يغلقه عليه أكثر !!

                أعجبتني طريقة النزول إلى النص ومحاورته وكأنك تستنطقه ، وهنا وجدت تطوراً رائعاً لديك أ / سليم وهو دخولك مجال التأويل .. وهو ليس بالأمر اليسير ، ولا يخلو من متعة للقارئ والناقد على حد سواء ، فالغوص داخل الألفاظ واستخراج دلالات لبعض ألفاظها حقيقة ينير العقل ، بل ويظهر جمال لغتنا العربية التي تحمل ألفاظها معانيا ودلالات كثيرة مما جعلها متفرّدة عن غيرها

                أشكرك أ / سليم على قراءتك الرائعة
                لا حرمنا قلمك الناقد الساخر الرائع ..

                تحياتي
                [gdwl]الأستاذة الأديبة ..والأخت الكريمة دينا نبيل ...[/gdwl]
                تحية طيبة وبعد
                جميلة مشاركتك هذه ..وأتفق مع ما تحويه...
                خاصة قولك ؛
                أن تأويل النص " استنطاقه"يُعطي القارئ متعة أكثر ..وأن المستنطق ( إللي هوه أنا هاهاهاهاها) أجد متعة لا تضاهيها متعة وقد قلت ذلك من قبل ؛ أنى أحلل وأفكك لأدخل عقلية كاتب النصّ القصصي لأبحث عن ثقافته وعن خياراته للمفردات وطريقة نسج السرد ......ولكن
                لفت نظري أو بمعنى آخر أريد أن أؤكد للقارئ أنك تتحدثين عن (المقال النقدي)..و
                نعم المقال النقدي يحوى كل ما تفضلتِ بذكره آنفا وهذا شأنه.....
                و

                ما كتبت أنا هنا هي قراءات ليست مقالات نقدية ولا أريد غير كتابة قراءات نقدية لمليون سب وسبب!؟...
                لأني لدى مهمة
                محددة واضحة؛ أن أستقرأ النص وكاتبه ومن ثم أتعاطف مع خيارات الكاتب" وقد أوجه بذكاء دون ما تنظير"..و
                أفتّح النص للقارئ كي يستمتع بقراءة الأدب القصصي ...............
                ............ تلك مهمتي حتى الآن سيدتي...
                فهل يا تُرى نجحت فيها أم لا ؟.... هذه متروكة تحت مقولة يا هل " تُرى" وصلت للقارئ؟ ...ولكني أجزم أني
                على الطريق الذي رسمت لنفسي (بقدر فهمي ) حيث بدأت بقراءة ساخر لقصائد شعرية والآن بقراءة لبعض قصص وربما غدا أو بعد غدا أنتقل لمرحلة أخري لأستمتع بقراءات أخرى .........,,شكرا الأديبة والأخت دينا ..على المشاركة الثرية والمفيدة جدا والتي أنتظرها من كثير من كُتاب القص ومحبي قراءة القصص أيضا..............
                ............... تحياتي بنت بلدي الأديبة الذكية والصادقة.

                ..والله المعين والموفق ...دعواتك ..............
                التعديل الأخير تم بواسطة محمد سليم; الساعة 08-05-2012, 16:33.
                بسْ خلااااااااااااااااااااااااص ..

                تعليق

                • ربيع عقب الباب
                  مستشار أدبي
                  طائر النورس
                  • 29-07-2008
                  • 25792

                  #9
                  ترى .. هل غفران بخير ؟!

                  هذا السؤال طرح قسوة الأمر
                  وكان هو باب السر الذي أطلق الطرح
                  في حجم قبضة اليد .. قصة حكى فيها
                  كيف كنا ، و كيف اصبحنا
                  و هل استطعنا الإجابة على ياترى ؟

                  محمد سليم الجميل
                  خذ الكتاب بقوة
                  و أشرق أكثر من ذلك ؛ لأنك تملك هذه
                  الغائب في دراستك و تناولك ، لن يكون واضحا بالتخمين
                  أنت بين فكي رحى و عليك أن تفك القبضة
                  أن تعيننا على الفهم ( المعنى و القيمة )
                  و أيضا الكاتب ( اكتشافه من خلال العمل )

                  و على الرغم من ذلك كنت بالفعل رائعا و مدهشا
                  إلا في تلخيص المعنى الكلي للعمل

                  أحب اهتمامك بالأدب
                  و روح الساخر و هذا العمق الذي أتمنى له العمق !

                  محبتي
                  sigpic

                  تعليق

                  • محمد عزت الشريف
                    أديب وكاتب
                    • 29-07-2010
                    • 451

                    #10
                    [read]
                    جميل جدا اهتمام وجهد الأستاذ / محمد سليم في الشأن الأدبي هذه الأيام
                    لفت انتباهي تفرد المدخل الذي يدخل منه إلى النصوص
                    أنا في كل هذه الطروحات أعطي اهتماما وانتباها للمدخل الذي يلجه الكاتب إلى النص
                    وفي تعليقي على موضوع الأستاذ / أحمد عيسى حول هذا النص (هذا اليوم)
                    أوضحت ذلك، لذا لا أريد أن أكرر ..
                    ولكني سأكرر شكري لكل مَن يبذل من جهده ووقته لإضاءة أي جانب في عقولنا
                    خاصة أن العقل الانساني لا زال به مساحات شاسعة ،غير مأهولة أو مطروقة (غير مستعملة)
                    لذا ما أحوجنا دائما لإعمال العقل فيما نفهمه وفيما لم نفهمه بعد
                    لك أخي سليم وللجميع التحية
                    ــــــ
                    [/read]
                    "حَتَّى يُظْهِرَهُ الله .. أو أَهْلَكَ دُوْنََهْ "
                    ـــــــــــــــــــ
                    { مع الوطن ... ضد الاحتلال }
                    ـــــــــ
                    sigpic

                    تعليق

                    • محمد سليم
                      سـ(كاتب)ـاخر
                      • 19-05-2007
                      • 2775

                      #11
                      المشاركة الأصلية بواسطة محمد عزت الشريف مشاهدة المشاركة
                      [read]
                      جميل جدا اهتمام وجهد الأستاذ / محمد سليم في الشأن الأدبي هذه الأيام
                      لفت انتباهي تفرد المدخل الذي يدخل منه إلى النصوص
                      أنا في كل هذه الطروحات أعطي اهتماما وانتباها للمدخل الذي يلجه الكاتب إلى النص
                      وفي تعليقي على موضوع الأستاذ / أحمد عيسى حول هذا النص (هذا اليوم)
                      أوضحت ذلك، لذا لا أريد أن أكرر ..
                      ولكني سأكرر شكري لكل مَن يبذل من جهده ووقته لإضاءة أي جانب في عقولنا
                      خاصة أن العقل الانساني لا زال به مساحات شاسعة ،غير مأهولة أو مطروقة (غير مستعملة)
                      لذا ما أحوجنا دائما لإعمال العقل فيما نفهمه وفيما لم نفهمه بعد
                      لك أخي سليم وللجميع التحية
                      ــــــ
                      [/read]
                      هلا بالشريف [gdwl]العزيز محمد عزت[/gdwl]... وبعد مرحبتين
                      أصدقك القول ؟...وعلى العام !..؛
                      أصل أنا عندي شعرة ساعة تروح .......وساعة تيجي
                      والحين أنا بشعرة القصص ......أدع لي يا خوي :
                      أن يوسع الله مدخلنا أكثر وأكثر ...و
                      أن لا تطل الشعرة

                      وتصبح لى لحية هاهاهاهاهاهاها........قبلاتي يا العزيز .. لحين لقيايك
                      بالغرفة الصوتية مساءً للفجر نتجاذب أطراف الحديث على الأثير .....
                      بس خلاااص.
                      التعديل الأخير تم بواسطة محمد سليم; الساعة 06-05-2012, 18:19.
                      بسْ خلااااااااااااااااااااااااص ..

                      تعليق

                      • محمد سليم
                        سـ(كاتب)ـاخر
                        • 19-05-2007
                        • 2775

                        #12
                        المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
                        ترى .. هل غفران بخير ؟!

                        هذا السؤال طرح قسوة الأمر
                        وكان هو باب السر الذي أطلق الطرح
                        في حجم قبضة اليد .. قصة حكى فيها
                        كيف كنا ، و كيف اصبحنا
                        و هل استطعنا الإجابة على ياترى ؟

                        محمد سليم الجميل
                        خذ الكتاب بقوة
                        و أشرق أكثر من ذلك ؛ لأنك تملك هذه
                        الغائب في دراستك و تناولك ، لن يكون واضحا بالتخمين
                        أنت بين فكي رحى و عليك أن تفك القبضة
                        أن تعيننا على الفهم ( المعنى و القيمة )
                        و أيضا الكاتب ( اكتشافه من خلال العمل )

                        و على الرغم من ذلك كنت بالفعل رائعا و مدهشا
                        إلا في تلخيص المعنى الكلي للعمل

                        أحب اهتمامك بالأدب
                        و روح الساخر و هذا العمق الذي أتمنى له العمق !

                        محبتي
                        شكرا [gdwl]أستاذنا ...وأخي العزيز ربيع عبد الرحمن[/gdwl]
                        أنت تعلم أن مرورك يشرفنا وبه نسعد ونفرح
                        فلا تحرمنا من مرورك وتعليقاتك أستاذنا
                        .........ربما بمرحلة لاحقة سأحاول..........
                        وعموما ..وبصدق ؛ مع أن آخر جملة هي النهاية الحقيقة للقص كخلاصة "رحلة الحب والبحث عن الآمال والطموحات وتحقيق الذات..."

                        ( هل -يا تُرى- غفران بخير ؟)
                        أثارت عندي إشكاليات عديدة بقراءات مختلفة.. وقد طرحتها بالغرفة الصوتية على الحضور ..وسألت:
                        هل السؤال بمعنى الحنين للماضي ( وحماقاته ) رغم ما حصّل البطل من ثقافات ؟ ..ام

                        العودة والحنين لحب المراهقة الصافي والنقى وأحلامه ؟...

                        أم بمعنى أن تُري كمعبودة وحبيبة أكيد تعرف إجابة السؤال وبالتالي سألها البطل ؟..و
                        طرحتُ غيرها من أسئلة بنفس طريقة بطل النص ( يا هل تُري ) نهيتها
                        بتمنيات أن تكون معنا لنهاية السهرة أو نتشرف بحضور كاتب النص لنسأل ؟!....
                        وأيضا أقر أن بالقص ثنائيات جديرة بالنقاش ( تتطرق لبعضها أخي العزيز سالم الحميد بثراء وثقافة عاليه )..
                        الخ ...

                        حاااضر أستاذي...
                        .... تحياتي .
                        التعديل الأخير تم بواسطة محمد سليم; الساعة 06-05-2012, 18:52.
                        بسْ خلااااااااااااااااااااااااص ..

                        تعليق

                        • وفاء الدوسري
                          عضو الملتقى
                          • 04-09-2008
                          • 6136

                          #13
                          قراءة فذة عميقة تسبر أغوار النص وتخرج لنا لآلئه على طبق من ذهب
                          وذهبية القراءة التفكيكية هنا
                          ما يمتاز بها ملك الساخر الأستاذ/محمد سليم ويتقنها لدرجة البراعة

                          براعة تجعل المتلقي ينغمس في النص ويغرق به دونأن يدري

                          كل الشكر أستاذ محمد سليم على هذه القراءة الإبداعية






                          التعديل الأخير تم بواسطة وفاء الدوسري; الساعة 07-05-2012, 20:30.

                          تعليق

                          • وفاء الدوسري
                            عضو الملتقى
                            • 04-09-2008
                            • 6136

                            #14
                            مفاتيح التنسيق لا تعمل عذرااااااااااا ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

                            تعليق

                            • الهويمل أبو فهد
                              مستشار أدبي
                              • 22-07-2011
                              • 1475

                              #15
                              الاخ العزيز محمد سليم، يبدو أني وضعت مشاركتي في المكان الخطأ، فأرجو حذفها لأضعها في مكان مناسب
                              لك كل التحية والتقدير


                              غفران بين الشطوب

                              القصة عبارة عن مقاطع منفصلة، شذرات معزولة أو قطع متكسرة مما يجب أن يكون كلا كاملا، هي جزر منفصلة تعزلها صدوع سحيقة (يمثل عمقها أو عقمها البعد الزمني والمكاني) دون ماء يحيط بها ليعزلها ويربطها في آن. بل إن غياب السوائل بكافة أنواعها غياب ذو دلالة، يؤكد الجفاف الحاد حتى تجف سيولة الذكريات فتتساقط شظايا لا رابط بينها غير الراوي الذي جعل من "ترى" وسيلة أمنية وسبيل اكتشاف. ويتجلى غياب السوائل بدءا في جفاف علب الحليب الفارغة التي احتلت موقع الحليب (على ما لهذا الاحتلال من تداعيات دلالية)، والإحالة الوحيدة إلى الماء جاءت متأخرة جدا في "أنبوب" لا يصل بيتهم أبدا بل إن كان له أن يسيل، لابد أن يمر "قريبا" من بيتهم، لكن أمنية القرب هذه جاءت مشفوعة بالمحال، بـ "يا ترى" على أعقاب "هل": "هل سيمر أنبوب الماء بالقرب من بيتنا يا ترى"؟ ومما يفاقم المفارقة ويقضي على هذا الرجاء أن السؤال التالي مباشرة يجعل من المحال تحديد موقع البيت والـ "نحن"، وبالتالي تحديد "قرب" أنبوب الماء: "ترى أين نحن؟" إذن ما أبعد مسار الماء "القريب" من بيت لا يعلم من فيه أين هم! هذا التباعد حتى داخل القطعة الواحدة، التي تبدو لوهلة أنها مترابطة، تعيدنا إلى بنية القصة نفسها بوصفها شذرات معزولة أو قطع متقطعة، بل هي بلغة القصة نفسها "شطوب"! هذه الشطوب تظهر حتى في المقطوعة/الشظية الأولى التي تبدو أكثر المقطوعات ترابطا. فالتبعاد والانعزال ليس مقصورا على انعزال العلب عما تحويه من مادة. بل إن الانتقال من "كنت" إلى "كنا" في السطر الأول، هو دليل تلاشي يعززه الصغر: "كنت أجمع أغطية علب الحليب في صغري". وبعد هذا الصغر، يتحول الراوي إلى جماعة تخفيه فلا يتميز عنها: "كنا وقتها نظن أننا إذا جمعنا الكثير منها استبدولنا إياها بسيارت حقيقية".

                              جميل هو تركيب هذه الجملة الأخيرة. كان بإمكان الراوي أن يقول الجملة بطرق مختلفة، لكنه أصر أن يقول "استبدلونا إياها بسيارات حقيقية"، وهنا نجد عدة إشكالات: لوهلة يظن القارئ أنهم استبدلوا الأطفال أنفسهم بسيارات، لكنه قاوم مثل هذا الغموض بالإصرار على المفعول (إياها: علب الحليب الجافة الفارغة)، حتى يستطيع الحفاظ على بعده واختلافه عن علب الحليب؛ الإشكالية الأخرى: أن هذا "الظن" تأكد أنه محض "ظن"، مجرد وهم لا حقيقة له ولا "حقيقة" حتى للسيارات "الحقيقية". المفارقة حادة جدا. فنحن على مستوى كلمات الجملة أمام "سيارات حقيقية" أما من حيث المعنى فلا وجود لسيارات حقيقة. وهنا تتفاعل المفارقة لتؤكد الانفصال والابتعاد، تؤكد الانفصال حتى على مستوى اللغة بين ما تؤكده صراحة وما تنقضه بهذا التصريح الصريح في الوقت نفسه. هذا التقطع ينتظم القطعة مبنى ومعنى. إليك مثلا الوازع الذي يحرك الحدث: جمع العلب والسيارات وعلاقتها بالأب، بل وعلاقة الأبن بالأب. فكد الأخير وغيابه الأبدي لا معنى له: "وأن لا معنى لغيابه طوال النهار من أجل قفة هزيلة. هي كذلك بالفعل..."! من يدقق في وصفه لمعنى غياب الأب وطول الغياب وسببه وما هي حقيقة نتيجته، يصل إلى نفس مفارقة اللغة السابقة. فالأب يغيب طويلا من أجل "قفة هزيلة" وهي "كذلك بالفعل"، قفة هزيلة هزال الحياة وبساطتها الموهمة! لكن ما هو "كذلك بالفعل" ليس هزال القفة، وإنما سذاجة/براءة فكر الراوي وقصر إدراكه، وهي الحال التي اكتشفها مباشرة ليدرك أن القفة الهزيلة مصدر حياة (حتى لو كانت حياة صعبة): "مع ذلك خذلتني الدنيا وجعلتني أذعن لضرورة العسر"!

                              الانفصال والتباعد يجد تجسيده الحسي المرئي (من "ترى") في القطعة الثانية، من خلال "انفراط" عقد اللؤلؤ المزيف، وفي محاولته هو نفسه محاكاة انفراط القعد، إذ هو بهذه المناسبة يحاول الانفصال عن ذاته ليصبح "فتى خارقا". وكان عليه أن يفيد من تصرف غفران فيما يخص العقد. فهي-- وإن انفصل عن جيدها عقد لؤلؤ—"لم تحاول جمعه. اعتقدت أنه لن يعود كما كان"! والأمر هو ما اعتقدته غفران، لن يعود العقد كما كان، حتى لو حاول فتى خارق استيلاده من حبة وحيدة احتضنها قطن لفترة طويلة. وإذا ادركت غفران انفصالها عن عقدها مباشرة، فإن الفتى الخارق لا بد أن يدرك الحقيقة بعد انفصال زمني طويل وربما مكاني بعيد، دام ستة أشهر! الزمن وحده تكفل بإثبات أهمية الانفصال وحماقة التفكير. ففي علاقته بعلب الحليب، اضطرته الدنيا أن يذعن لضرورة العسر، وهنا قاده الزمن لليأس، وابعدته الدنيا عن تحقيق ما سعى إليه، عن تحقيقه الخوارق. فمهما حاول، كان الفشل مسافة يقطعها بين لحظة وأخرى ليدرك كم ابتعد عن حاله وانفصل! أبوه في القطعة الأولى كان نقيضه، وفي القطعة الثانية كانت غفران النقيض! فهل سيقترب منها أم سيبتعد وينفصل! هل كان مصادفة أن يحلق زمانا ومكانا ليأتي بأسطورة روبن هود؟ أم سيجد نفسه مذعنا "لقانون العسر"؟

                              ولأنه كان البعيد المنفصل أو النقيض، كان لابد أن يفشل في القضاء على المسافة الفاصلة بينه وبين غفران، هذا الفشل جاء مشابها لمحاولته استيلاد عقد كامل من حبة حفظها مدة في قطن؛ لقد فصل الحبة عن سلسلتها، عن ما يمكن أن يتحول إلى عقد بشيء من الوصل لا الفصل! المفارقة أنه بهذا الفصل كان يسعى للوصل بينه وبين غفران، كان يسعى إلى تكوينه عقدا "مزيفا" من حبة مزيفة مفصولة عن عقدها! فهل سينجح في مهمة وصل أكثر أهمية من عقد مزيف؟ كان لا بد مما ليس منه بد، أن يخسر ويذعن لقانون الضرورة، وهكذا قال: "ليس من العدل أن لا تستجيب الكيمياء للرغبات الملحة جدا. الصادقة جدا"، وهكذا كان: "بعد ذلك خطبها أحدهم فقبلت به ورفضتني." مثل هذا الرفض وهذا الزواج هو انفصال أبدي شأنه شأن انفراط عقد اللؤلؤ وشأن انفصال المزيف عن الحقيقي! لقد سبق أن قال وهو يحاول أن يتحول إلى الفتى الخارق، قال: "سأنصرف دون أن أصغي لعبارات المديح" اسوة بـ"نبل روبن هود"! نعم، لقد انصرف في علاقته بغفران دون أن يصغي لعبارات المديح، وله أن يتبنى "نبل روبن هود"!

                              ولكي يؤكد أهمية الفصل والبعد والانفصال، فإن الراوي يفصل أيضا بين المقطوعتين السابقتين وبين بقية القصة وذلك من خلال الانتقال من التركيز على فشله وعلى موضوعة رغباته الملحة، ليقدم لنا حكمة فلسفية تتعلق بزوج غفران وألغاز الفتيات الجميلات وبعض الحيوانات. وليبني هذا الحاجز الفاصل بين ما سبق وما سيأتي، تحول الراوي خبيرا في معالجة الشقاء ودراية الفتيات بالرجال:

                              ((الذي قبلت به غفران لا يفهم أنّ عليك احتضان فتاتك شهرا كلّما روت لك حادثة شقاء في طفولتها. و لا يدرك أنّ للفتيات الجميلات مثلها ألغازا دقيقة ،هنّ على يقين، بأنّ الرّجال جواميس لا يقدّرونها.))

                              بعد هذا الدرس يعود الراوي إلى نفسه، ليحدثنا عن أعوام الدراسة بما فيها من أسئلة لا رابط بينها، ثم يتبعها بحيرته ومن يا "ترى" يستطيع الإجابة عنها. الدنيا كشفت له في الصف الرابع أمرين: "أن هناك مقدارا من الفرح لا يحق لنا أن نبلغة" وكشفت "لي حقيقة تُرى" وهو اليوم يحتاج حماقاته أكثر فأكثر، خاصة ما يتعلق بـ"ترى" نفسها. ما أهمية هذه الحاجة الملحة؟ أهميتها تبدو في "زيفها" أكثر من حقيقتها، فـ"ترى" دليل المحال غير المتحقق، وانسجاما مع أهمية الانفصال فهو سيجسدها أمنية، سيجعلها "شخصا" يستضيفها محتفلا، ليسألها عن الكثير مما يعلم وما لا يعلم، منها موت الكرمة ومرضها وما إذا كانت "غفران بخير" وبين سؤال الموت وامنية الخير لغفران هناك كتابة "فوق الشطوب":

                              "ترى.. أجيبي.. أ هناك من يشطب ما نكتب، أم ترانا دون أن ندري نكتب فوق الشطوب؟"

                              من فوق هذه الشطوب بين موت الكرمة وحال غفران جاء السؤال الأخير: "ترى ... هل غفران بخير؟" الجميل في السؤال أنه يقتضي مهلة دقائق للتفكير، وفي الأصل سؤال وليس طلبا لإجابة: "كنت أيضا سأسألها وأملها دقائق للتفكير"، وليس كمثل "ترى" بداية سؤال يقتضي مهلة وتفكير، والسؤال هنا ليس كمثل الأسئلة التي سبقته، فهناك كان الراوي يسأل "ترى" بداية بـ "ترى.. أجيبي..."، أما عن حال غفران فقد سقطت "أجيبي" في أحد شطوب الكتابة. ولا شك أن مهلة الدقائق للتفكير هي في الكتابة مهلة أبدية، لأن الكتابة نفسها لا تتم إلا بوصفها "شطوبا" وانفصالات متباعدة سواء كانت كتابة على كتابة أو كانت محوا يفسح المجال لكتابة جديدة. فدائما هناك شطب وهناك شطوب، والطروس أنموذج الكتابة العليا. ومن البداية كتبت القصةُ نفسَها فوق الشطوب وبينها ، ولنا هنا أن نسأل في مثل هذا الوضع "هل غفران بخير؟"
                              التعديل الأخير تم بواسطة الهويمل أبو فهد; الساعة 08-05-2012, 16:02.

                              تعليق

                              يعمل...
                              X