وجهُكِ الأرابيسك / دينا نبيل

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • دينا نبيل
    أديبة وناقدة
    • 03-07-2011
    • 732

    وجهُكِ الأرابيسك / دينا نبيل

    وجهُكِ الأرابِيسك


    اعذريني .. هل تعذرينني؟!

    كلُّ ما في الأمر أنني خشيتُ عليكِ!

    أنا أعرف أنكِ لا تودين الرحيل، فآثرت بقاءنا هنا.

    سأوصد الأبواب علينا كما كانت من قبل .. لم يعكّر صفونا سوى الآخرين!


    تذكرين حينما فارقتُ الجميع من أجلكِ .. لم أعبأ.

    حينما عارضني القريبُ والبعيدُ بسببكِ .. لم أهتم.

    وأتيتكِ إلى حيث أنتِ في هذا البيت الكبير .. خارج تخوم العالم ، وهناك جلستُ في محرابكِ طويلاً، معتكفاً .. متأملاً تفاصيلكِ الأخّاذة المنسجمة التعاشيق .. تركيبها المتنامق يأبى الغطاء ، يُغري الضوء بالنفاذ إليك فيتكسّرُ حول ظلك طروباً.

    قديماً قيل لي إنّ حيازة الجمال جدُّ خطيرة ، وأنّ صاحبه لابد أن يمتلك قلباً حديدياً ورأساً زئبقياً! .. أدركتُ خطورتكِ .. فبنيتُ حولكِ السياج من الشجر والحجارة خشية أن تطالكِ النظرات .


    ذات تأملٍ ..

    حينما جاءتني تلك القرعاتُ المتسارعةُ من الباب ، متناهية إلى سمعي ..

    فتحت .

    وعيناي ترتجفان من نور الشمس المفاجئ .

    اخترقني ، بعينيه الزرقاوين .. ولكنته الأعجمية المتعثّرة .. وإزاحته ذراعي .

    حاولت منعه إلّا أنّه كان أسرع مني .. أشبّ مني ، التفتَ إليّ مباغتاً بوميض كاميرته .. أعماني ، أصبتُ بالدوار ولم أعد أستبين ما حولي.

    زعقت بكِ أن احكمي الأقفال ..

    أبيتِ!

    برأسك الصلد ترفضين إلا إبهاره ، حتى الطبيعة ترفض! .. تساعدكِ وتتآمر معكِ ، ألقت بضيّ أصيلها عليكِ حتى صرتِ بالغة الحمرة .. متوهّجة كما لم أركِ من قبل!

    جثا على ركبتيه ..

    " يا إلهي .. امرأة من أرابيسك !!"

    أسرع نحوي يقبض على يدي المرتعشتين يُقبّلهما .. يُصوّرهما .. يمسحُ بهما دموعه.

    " أنت فنّان .. لا ، بل أنت عبقري! "

    وكأنّ بالزهور في وجهكِ فجأة تتفتح.

    وكأنّك ترجين عيناً أخرى لتراكِ!.

    أخذت الخطوط الهندسية تلينُ لك .. تتلوّى مع خصرك أمام عينيه ، بينما ضوء الشمس يراقص تعشيقاتك فتلتمع .. والرجل تحت قدميكِ يلهث ، يكاد يلتهمك بعدسته.


    ثلاثة أيام بعدها فقط ..

    واقتحم محميتنا قنّاصون ممشوقون في بدلٍ سودٍ بقهقهاتهم الصاخبة.

    ولأول مرةٍ تتحول محميتنا إلى ساحة نزالٍ .. الأركان تصدح بالموسيقى وتضجّ بالدخان .. أُحِيط بي في دائرة سميكة، الكل فاتح فاه يتكلم دون أن أسمع حرفاً.

    لحظات وجيء بكِ محمولة بين أذرعهم ملفوفة بغطاءٍ حريري ، وضعوك في ساحة البيت وانحسر عنك غطاؤك قبل أن تتجاذبه الأيدي .

    ورأيتكِ تقفين .

    كيف لم أركِ من قبل!

    لم تصيري تمثال أرابيسك ، بل غدوتِ امرأةً خضعتْ لها هندسةُ الفراغاتِ فامتلأتْ .. انبثقت الدماء دافئةً في زواياها الحادة فذابت ، وتفتّحت نباتاتُها بالندى كحديقة تضوع بالعطر ..

    ووجهك ..

    وجهك الأرابيسك بابتسامته المواربة تنفرج ، فيطقطق .. تتلألأ أصدافه تحت بريق أضوائهم ، فتتورد ثمرتا وجنتيكِ.

    أرقُبُكِ .. عيناكِ بتحدٍ تصبّان في عينيّ الذابلتين .

    أرادت الأيدي أن تمتد إليكِ ، أسرعت أحجبكِ بجسمي المتعرّق .. وجدتك تحت ثقلي تئزّين .. تعبسين.

    أخذوني من يدي .. عرضوا عليّ الأموال .. يجب أن يُوضع التمثال بمتحفٍ .. لك حقوق الملكية .. سنحميها من السّراق .. وأنا أقول " لا " .. أنتم لا تفهمون هي لا تودّ الرحيل!

    ..

    ووقّعتُ ، أجل ..

    أحدهم همس في أذني محذّراً أنهم سيهشمُونها إن لم أفعل!

    فوقّعت..

    وانصرفوا.


    رحت أبحثُ عنكِ .

    أريد أن أبثّكِ همّي ولوعة شوقي لفراقكِ المحتوم ، ولكن ..

    كنتِ ثملة بنشوة الاستعراض ، لم تسمعيني.

    أمام المرآة منشغلة .. منتشية بتفاصيلكِ المزخرفة ، لم تنتبهي إليّ!.

    وقفتُ أمام وجهك ، كان أكثر ظلمة تحت ضوء الشموع .. بدا خاوياً أجوف ، أنفخ فيه فلا يرتد إلا حرُّ نفسي .

    لم أتردد .

    جلبت القادوم وضربتك .

    حطمت وجهكِ.

    ذراعك.

    كُلك.

    هويتُ عليكِ تهشيماً .

    بقدمي سحقتُ أزهاركِ .

    مثلثاتكِ ومربعاتكِ تفسّخت .. تشظّت.

    وأنت تحت قدمي تئنين ..

    ترتجفين.

    وأنت بين أصابعي تنزفين وتبللين طرف بنطالي .. بدمائكِ .

    ووجهك الأرابيسك ..

    مهشمٌ يرتعش مترجيّاً .. يستجمعُ ما بقي فيه من ملامح تثيرُ عطفي.

    باغتني ..

    علقت قدماي الحافيتان في أخشابه .. تعلّقت بي أزهاره .. توحشّت.

    أخذتْ تنهشُ في قدميّ وتتسلّقُ ساقيّ .. تلتفُّ حولهما وتجذبني إلى الأرض .

    أرتطم بها وترشقين بأضلعي .

    واختلط نزفانا .


    لم تكوني تودّين الرحيل .. أليس كذلك ؟!.

    فاعذريني!.
    التعديل الأخير تم بواسطة دينا نبيل; الساعة 09-06-2012, 06:38.

  • ربيع عقب الباب
    مستشار أدبي
    طائر النورس
    • 29-07-2008
    • 25792

    #2
    بيجامليون أنا
    و أنا بيجامليون الذي أنهى حلمه ذات نزق
    أيتحرك
    أيدافع عن نفسه
    أينطق بها
    أم يظل في صمته المميت ؟!

    الأرابيسك كان أنتِ صانعته دينا نبيل

    شكرا على ما أمتعت

    تقديري و احترامي
    sigpic

    تعليق

    • أحمد عيسى
      أديب وكاتب
      • 30-05-2008
      • 1359

      #3
      الله يا دينا
      رأيت الدهشة والجنون وعشق الصانع لصنعته ، عشقاً يصل الى حدود الجنون
      فعلاً كان يجماليون
      وكانت هي جلاتيا
      أرادت أن ترحل فحطمها
      انه بيجماليون العاشق المفتون ، الرومانسي الى آخر حد ، الفنان بلا حدود
      وانها جلاتيا التي أصابها الغرور ، واغترت بجمالها ، وتركت حبيبها الأول وصانعها

      أحييك أ دينا على استحضار الأسطورة في نصٍ باهر كهذا

      تقديري واعجابي بقلمك الرشيق
      ” ينبغي للإنسان ألاّ يكتب إلاّ إذا تـرك بضعة من لحمه في الدّواة كلّما غمس فيها القلم” تولستوي
      [align=center]أمــــوتُ .. أقـــــاومْ [/align]

      تعليق

      • ريما ريماوي
        عضو الملتقى
        • 07-05-2011
        • 8501

        #4
        هكذا الفنان عندما يعشق ما تصنعه يداه ...
        يصبح أنانيا، يدور في محراب عشقه لما
        أبدعته يداه، وجنون التملك يتمكن منه ...
        فيصبح عل استعداد لتحطيم ما أنشأه حتى
        لا يتلاعب به أحد...

        هي القصة المشهورة بإعادة صياغة مبهرة
        كعادتك...

        لكن أتمنى منك بعدها أن تكون القصّة كلّها
        من أفكارك وإبداعك وقادرة انت على أن
        تتفوقي على نفسك كما بالأرجوحة
        والروبابكيا...

        دمت مبدعة أ. دينا، ودام عطاءك المميز...

        محبتي وتقديري.

        تحيتي...



        أنين ناي
        يبث الحنين لأصله
        غصن مورّق صغير.

        تعليق

        • دينا نبيل
          أديبة وناقدة
          • 03-07-2011
          • 732

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
          بيجامليون أنا
          و أنا بيجامليون الذي أنهى حلمه ذات نزق
          أيتحرك
          أيدافع عن نفسه
          أينطق بها
          أم يظل في صمته المميت ؟!

          الأرابيسك كان أنتِ صانعته دينا نبيل

          شكرا على ما أمتعت

          تقديري و احترامي

          أستاذي الربيع القدير ..

          لطالما عشقت " بيجماليون " المسرحية الإنجليزية للأيرلندي برنارد شو .. أو " سيدتي الجميلة" لأودري هيبورن أو المسرحية للمهندس وشويكار ..

          لكن ربما بيجماليون هنا صار أشد صرامة وأكثر عبقرية في حبس إبداعه .. ذلك هو ( الأرابيسك ) إنه أصعب من نحت الرخام ، يحتاج الصبر والإصرار والفن العجيب .. ربما تحويل الأرابيسك إلى امرأة كان غريبا .. بل إنّ كلمة ( أرابيسك ) ذاتها وارتباطها بتمثال المرأة تحمل مدلولات أراها جديدة ..

          لكن هكذا تبقى الأساطير مادة خصبة للعمل الأدبي .. فقط كان سؤالي .. هل وُفقت في توظيف الأسطورة هنا ؟

          أشكرك أ / ربيع على مرورك وقراءتك التي أنارت النص ..

          لا حرمت طلّتك أستاذي العزيز ..

          تحياتي

          تعليق

          • دينا نبيل
            أديبة وناقدة
            • 03-07-2011
            • 732

            #6
            المشاركة الأصلية بواسطة أحمد عيسى مشاهدة المشاركة
            الله يا دينا
            رأيت الدهشة والجنون وعشق الصانع لصنعته ، عشقاً يصل الى حدود الجنون
            فعلاً كان يجماليون
            وكانت هي جلاتيا
            أرادت أن ترحل فحطمها
            انه بيجماليون العاشق المفتون ، الرومانسي الى آخر حد ، الفنان بلا حدود
            وانها جلاتيا التي أصابها الغرور ، واغترت بجمالها ، وتركت حبيبها الأول وصانعها

            أحييك أ دينا على استحضار الأسطورة في نصٍ باهر كهذا

            تقديري واعجابي بقلمك الرشيق
            القاص المبدع .. أ / أحمد عيسى

            كل التقدير لكلماتك الطيبة ومرورك الذي أُثمنّه بالكثير ..

            وكما ذكرت أنّ القصة تتشابه مع الأسطورة في كثير من النقاط لاسيما الجحود للصانع ..

            ولكن السؤال الذي يطرح نفسه .. هل السياج هو الحل الأمثل لجلاتيا هنا - في هذا النص ؟


            أشكرك على مرورك وتقييمك لقلمي ..

            تحياتي

            تعليق

            • ربيع عقب الباب
              مستشار أدبي
              طائر النورس
              • 29-07-2008
              • 25792

              #7
              كنت أخاف عليك ، لانغماسك في النقد و الدراسات حد الإجادة و التفرد .. لكنني الآن
              و بهذا العمل تأكدت ، أن النقد يضيف إلي القاصة ، بل أنه يبري قلمها و يحده ، و يعطيه
              أبعادا جديدة للكشف ، على مستوى اللغة و التشكيل ، و بناء الحدث !

              سعيد ( دينا نبيل ) بما تنجزين ، فلا تراجع .. بل خطا حثيثة للجمال و الحق و الخير !
              sigpic

              تعليق

              • ربيع عقب الباب
                مستشار أدبي
                طائر النورس
                • 29-07-2008
                • 25792

                #8
                هي حكاية تحدث و تقع كل يوم
                و ليست أسطورة
                و إن حاولت أن تلامسي بيجامليون بتحويلها لتمثال
                هي تمثال صنعه هو الرجل
                حين يكون معلما
                أو طبيبا
                أو نحات قادر على صنع الجمال في قلب أنثى
                أنت لم تذهبي إلي الأسطورة ، و لكن الأسطورة هي من سعت إليك
                حتى مع بعض الأباء ، حين ينجزون جمالا يضنون به على من سواهم
                و ربما حطموه ، و قضوا على ما قدموا
                هي الغيرة الحمقاء التي قد لا تكون مبررة
                إلا في حالة واحدة ، حين تخون جالاتيا ، حين تنساق وراء كلمات الإطراء ، مبهورة بالغواية التي تحكم العالم
                فالشاعر البهلول يلقي شصه ، على زوجة ، أو حبيبة لآخر
                مرة مرتين ثلاث ، حتى تأكل الغواية حرص الأنثى ، دون حتى أن يكون هناك حرمان قد نال منها ، أو دفع بها للاغتواء !!
                و أيضا من هم على هذه الشاكلة
                و صور الإغتواء من قديم .. ومن قبل الأسطورة ، و قد حكى لنا التاريخ كثيرا منها
                و تناولت السينما و المسلسلات الكثير منها
                و رأينا كيف تكون الخيانات !
                و كيف يكون العاشق .. إما إلي الجنون أو القتل أو الانتحار !
                sigpic

                تعليق

                • فاطمة يوسف عبد الرحيم
                  أديب وكاتب
                  • 03-02-2011
                  • 413

                  #9
                  العزيزة دينا
                  بكلماتك المنمقة صنعت لوحة أرابيسك مبهرة فنيا ولغويا وسردا، أما عن الصنعة والإبداع فهناك الكثير من الرجال يطورون سلوكيات المعشوقة وعندما تتميز يدمرونها بغرورهم وجبروتهم ، برنارد شو أبدع قصة واحدة ،لكن في حياتنا المعتادة نرى الكثير من الرجال يدمرون ما طوّروه من سلوكيات إناثهم حقدا وكيدا
                  رائعة بفكرتك المميزة
                  مع كل حب وتقدير

                  تعليق

                  • أحمد عيسى
                    أديب وكاتب
                    • 30-05-2008
                    • 1359

                    #10
                    المشاركة الأصلية بواسطة دينا نبيل مشاهدة المشاركة

                    القاص المبدع .. أ / أحمد عيسى

                    كل التقدير لكلماتك الطيبة ومرورك الذي أُثمنّه بالكثير ..

                    وكما ذكرت أنّ القصة تتشابه مع الأسطورة في كثير من النقاط لاسيما الجحود للصانع ..

                    ولكن السؤال الذي يطرح نفسه .. هل السياج هو الحل الأمثل لجلاتيا هنا - في هذا النص ؟


                    أشكرك على مرورك وتقييمك لقلمي ..

                    تحياتي
                    سؤالك أ دينا بين الواقع والأسطورة
                    في قصتك كان الهروب برغبة الجميع الا التمثال
                    فكان تمثالك لا يستحق التدمير
                    لأنه صنع من جمال
                    ولم يفعل شيئاً
                    الا أنه كان ناجحاً جميلاً متقناً
                    أما في الواقع فربما كان هذا التمثال
                    كما الأسطورة
                    قد تحول الى شخص حي
                    ولربما كان هذا الشيء أنثى
                    خانت
                    وتمردت
                    وأحبت آخر
                    فاستحقت تلك اللعنة
                    وكما قال الربيع الرائع
                    ربما هي زوجة أطرى عليها آخرون فاستمعت لكلمات الاطراء
                    وأصيبت بالغرور
                    وربما هي أنثى غرتها نفسها حين تهافت المعجبون
                    لكنها في النهاية لقيت مصيراً مؤسفاً
                    على يد من صنعها


                    مرة أخرى
                    أحييك على هذا الجمال
                    ” ينبغي للإنسان ألاّ يكتب إلاّ إذا تـرك بضعة من لحمه في الدّواة كلّما غمس فيها القلم” تولستوي
                    [align=center]أمــــوتُ .. أقـــــاومْ [/align]

                    تعليق

                    • دينا نبيل
                      أديبة وناقدة
                      • 03-07-2011
                      • 732

                      #11
                      المشاركة الأصلية بواسطة ريما ريماوي مشاهدة المشاركة
                      هكذا الفنان عندما يعشق ما تصنعه يداه ...
                      يصبح أنانيا، يدور في محراب عشقه لما
                      أبدعته يداه، وجنون التملك يتمكن منه ...
                      فيصبح عل استعداد لتحطيم ما أنشأه حتى
                      لا يتلاعب به أحد...

                      هي القصة المشهورة بإعادة صياغة مبهرة
                      كعادتك...

                      لكن أتمنى منك بعدها أن تكون القصّة كلّها
                      من أفكارك وإبداعك وقادرة انت على أن
                      تتفوقي على نفسك كما بالأرجوحة
                      والروبابكيا...

                      دمت مبدعة أ. دينا، ودام عطاءك المميز...

                      محبتي وتقديري.

                      تحيتي...

                      الغالية أ / ريما ريماوي ..

                      تقديري لمرورك أيتها العزيزة ..

                      وصدقتِ .. إنّ حب التملك يؤدي إلى الجنون !

                      ربما لو كان حبّاً طبيعياً من صانع لمصنوعته لكان مقبولاً ولما أدى إلى هكذا نتيجة .. فإنّ حبَ التملك يؤدي إلى الحرمان والحرمان يؤدي إلى نتائج لا تُحمد عقباها ..

                      المشكلة أنّ الجميع ينظر إلى الصانع ويتعاطف معه ، ولا أحد ينظر لتلك المصنوعة ويفكّر ما الذي أودى بها إلى ذلك .. هل هو مرض نفسي ؟ .. هل هي فعلاً جاحدة ؟ .. هل هو غرور لحظي فيمكن أن يُرد لها عقلها بالنصح ؟ .. أم أنّ الحل في التهشيم ؟!

                      أشكرك غاليتي على تعليقك .. وحقيقة أثناء الكتابة لم أنتبه إلى أنني كنت أسير على الأسطورة ، بل أردت بالفعل أن أجعلها شيئا آخر ، ولكن الحبكة هي ما حكمت الموقف فدفعتني دفعاً إلى الأسطورة !

                      ممتنة لمرورك الجميل ..

                      تحياتي

                      تعليق

                      • دينا نبيل
                        أديبة وناقدة
                        • 03-07-2011
                        • 732

                        #12
                        المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
                        كنت أخاف عليك ، لانغماسك في النقد و الدراسات حد الإجادة و التفرد .. لكنني الآن
                        و بهذا العمل تأكدت ، أن النقد يضيف إلي القاصة ، بل أنه يبري قلمها و يحده ، و يعطيه
                        أبعادا جديدة للكشف ، على مستوى اللغة و التشكيل ، و بناء الحدث !

                        سعيد ( دينا نبيل ) بما تنجزين ، فلا تراجع .. بل خطا حثيثة للجمال و الحق و الخير !
                        أستاذي الربيع

                        منذ زمن .. بالتحديد منذ بدأت في النقد .. ووجدت كم أنّ دراسته الأكاديمية ليست باليسيرة خاصة على من هم ليسوا متخصصين مثلي ، سألت أحد الأساتذة " ما فائدة النقد لي ؟ " .. فقال : " إنه لا يجعلك كالآخرين !"

                        فالناقد يخبر الخبايا ويعلم طرق النصوص ويفكر ألف مرة قبل كتابة حرف ، بل وتتجلى أمامه مكنونات ما يكتب فيحكم الصياغة وهذا على جميع المستويات سواء في الشكل أو المضمون ..

                        لكن أ / ربيع ، أ تعلم ما هو المرعب ؟

                        أن يكتب الناقد الإبداع بعقل الناقد فقط ، عندها يصير النص عويصاً لا يفهمه القارئ العادي ، فلابد للناقد الحقّ أن يعرف ما يجول بخاطر القارئ قبل أن يكتب وهل سيفهمه القارئ العادي أم انه يخاطب النخبة ، أم النقاد أمثاله ، فيتحوّل النص إلى أحجية وسباق لمعرفة من يسبق لمعرفة مقصدية الكاتب ؟!

                        إنه حقاً لطريق شاق ..

                        لا يخلو من المتعة والجمال!

                        تقديري لكلماتك تلك التي تشجعني .. بل ترسم خطاي من جديد..

                        تحياتي

                        تعليق

                        • منتظر السوادي
                          تلميذ
                          • 23-12-2010
                          • 732

                          #13
                          [align=justify]السلام عليكم ورحمة الله

                          بعد أن تمعنت في النصّ رأيته يحمل نبضاً نسوياً ، ولا أقصدُ مما أطرحه أن البطلة في النص هي الساردة .

                          كثيرون من جعلوا النساء في البيوت وكأنّها قطعة من البيت ، أو تمثال ، يجردونها من كلِّ المشاعر والأحاسيس بل حتى من الحركة أحيانا ، كما في التمثال ، وربما كان تبريرهم لجمالها الآخاذ ، وغيرتهم عليها من أن يراها أحدٌ أو .... ، وقد نسوا أنها كائن له شعور وله أحاسيس ، إنه من لحم ودم ، وليس تمثالاً جميلاً ، عالجت هذه القصة تلك المسألة ( الغيرة ) التي تؤدي بمن يملكها أَو من تسيطر على تصرفاته وأَفعاله الى قتل من يحبّ ، كما فعل ديك الجنّ ، عندما صنع من حبيبيه دنان خمرة يحتسي بها ( بحسب الرواية ) .
                          النص يعالج هذه الفكرة ، علاقة الرجل بالمرأة وكيفية نظرته إليها ، وقد نجحت الكاتبة في جعل البطلة مروزاً لها بالتمثال ، فليس شيء أقرب الى رؤية الرجل لها من كونها تمثالاً عديم من كل شيء بل سلبها حتى الحركة ، وقد استغرب كثيراً لما بدت تتحرك .
                          النص كان محكماً وكيف صوّر لنا مشاعر كل الطريفين ، المرأة التي أصرت القصة أن تقول أنها تمثالٌ ، ولمَ لا ؟ أنها تمثالٌ من المشاعر والأحاسيس ، وتمثالٌ من الجمال بعين صانعها وحبيبها ، فالرجل يجمدها ويحجرها ، ويقولُ بجمالِها أَيضاً ، فيقضي على كلِّ شيء ، لكنها اتفضت ، وأعلنت عن نفسها بحركتها وبغرورها ، وبغنجها ، مما أثار حميته التي أدت الى قتلها .
                          هل نجحت القاصة في معالجة هذه الفكرة التي نراها في النص ؟
                          التحطيم والاستسلام لمعول الهدم ، ربما يجعل من القارئ يرى فشلها بعدم انتصارها على القوى المسلطة عليها ، لكن إعادة النظر في الجسم المحطم ، وملاحظة كيف الدماء تلوث ثوب الفاتك ، عندها سيصاب المُحطم بحالة نفسية رهيبة وهي شعوره بالإثم تجاه ما فعله ، ويبقى يؤنبه ضميره ليل نهار ، تجاه ذلك التمثال المصنوع من الجمال .
                          فضلاً عن ذلك لم تبقَ البطلةُ على ما أراده لها حبيبُها ، وأنما تحركت وأظهرت أنوثتها ، لاسيما بالنظر إِلى المرآة ، وهنا دلالة أو لنقل تحملُ رسالةً إِلى ذلك الشخص بأَنَّها أُنثى خلقتْ للجمالِ ، وتحتاج إِلى رعاية له لا أن تهمل وتترك ، وفي هذا ثورة وانتصار للمرأة المغلوب على أمرها في الأغلب ، نعم فالموت بعد الحركة والإعلان النفس خير من البقاء تمثالاً محنطاً

                          هذه وجهة نظر نتمنى أن تنال شيئاً من القبول لدى القارئ الكريم

                          للكاتبة المبدعة دينا نبيل
                          تحية عراقية بصرية
                          تلميذك منتظر
                          [/align]
                          التعديل الأخير تم بواسطة منتظر السوادي; الساعة 20-05-2012, 06:32.
                          الدمع أصدق أنباء من الضحك

                          تعليق

                          • نجاح عيسى
                            أديب وكاتب
                            • 08-02-2011
                            • 3967

                            #14
                            استاذه دينا ..
                            مساء االخير ..
                            اراك هنا في تلك الرائعة ...ترصديم بكل براعة وأبداع هذا التماسّ الآزليّ بين التوأمين اللآزليين ايضاَ
                            العاشق ..والمعشوق ، الصانع والمصنوع ، الفنان والتمثال ..
                            حكايةٌ أزليّة طالعتنا في القص والآساطير ...وعلى مسرح الحياة شاهدناها الاف المرات ..
                            هذا العاشق المتيم .. أعمتهُ الغيرة ونهشت قلبه الظنون ، وتلك الغادة التي أعماها الغرور ..
                            وسيطرت النرجسية عليها فلم تعد ترى او تسمع إلا جمالها ومرأتها ...وتكون النهاية المحتومة
                            يسجنها ..يبعدها عن العالم ..يخفيها عن العيون ...تثور تتمرد تحطم الآسوار ...يحترق قلبه ..
                            يسقط صريع الغيرة والجنون ...يقتلها ...ليرتاح ...فيقضي بقية عمره وراء القضان أو تحت التراب .
                            كنت رائعة هنا استاذة دينا ..وكان هذا النص يتمواج بين الرومنسية ...والواقعية ..بين الرقة والقسوة
                            لغة سامقة المعاني والحروف ..وحبكة تثير الخيال والفضول ..فيلهث خلفها حتى نهاية السطور ..
                            اسعدني التنزه في رحاب هذا الجمال استاذتي الرائعه
                            مساؤك نور وزهور

                            تعليق

                            • ليندة كامل
                              مشرفة ملتقى صيد الخاطر
                              • 31-12-2011
                              • 1638

                              #15
                              السلام عليكم
                              قرأتها مرتين وما زلت أبحث عنها
                              يبدولي أنها الغيرة المفرطة التي تدفع بالعاشق الى دفن عشيقته خوفا من تهافات النظرات اليها
                              دائما متألقة يا دنيا حبي العميق
                              http://lindakamel.maktoobblog.com
                              من قلب الجزائر ينطلق نبض الوجود راسلا كلمات تتدفق ألقا الى من يقرأها

                              تعليق

                              يعمل...
                              X