التي تعطي العطر

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عيسى بن محمود
    أديب وكاتب
    • 06-12-2011
    • 39

    التي تعطي العطر

    لم يزهر النرجس بحديقتك هذا الموسم ، و لم يشكل الياسمين آيات الجمال على شباك نافذتك ، و هذا البري الذي حصرت له مساحة في الجانب الأيمن من مدخل المنزل إرتآى الغياب ، فلا نعمان بعد هذا القر و لا شقائق له تمتلك في بتلاتها حب التحدي،

    الرفاق على صفحات وجوههم كما طبقة من الزيت عطور الشرق ، مكي مدني ، شامي ، و حتى شينوي أيضا و اللواتي يتبخترن ينثرنه متفاوت الشذى ، متعدد التركيبات ، متناقض العبق ، ينبعث منهن من اللباس حينا ، و من غدو و انزياح خصلات الشعر آخر ، و يا لتلك الخصلات المعدة سلفا لخلق هذا الموقف تحديدا مع إلباس القوام حركات و ما هي بحركات و لا سكنات ، و لكنها تعمد الفتنة للغواية عن قصد و سبق تدرب و ترويض ، يعمل فيه الجسد بتناسق تدرك حواء قوة جذبه ، و يستلطفه آدم بدهشة مرة ، و بالتظاهر بها مرات.
    و التي تعطي العطر ليست بذي بعيد ، قال الصديق و قد سألته:
    مع استقالة حاسة الشم لدي إلا أني أشم فيك رائحة زكية ، من أين لك هذا الربيع؟
    شوقك و قد استحضر لك مشهدا بديعا ماكنت بخيالك الخصب قد صورته قبلا، فالتي تعطي العطر تجلس على ارجوحتها تدفع بها إلى قدام و إلى خلف برتابة ، يسراها على المقعد سندا و يمناها في حيز من الهواء تشكل بسبابتها حركات دائرية تارة و منحنية أو مستقيمة عموديا و أفقيا تارات ، كمن يرسم زهرة ، زهرتين ، حديقة من الأزهار ، و بدلع يقال أنه عفوي جدا يأتي كلامها كما الشعر يحافظ على نوتاته في التغني بالورود و مخاطبة الزبون في آن،
    حقيقة ما تقول ، سألته هذا الأسمر الكريم
    حقيقة حلوة كحلم جميل تتمنى لو يتكرر
    قلت أن محلها على بعد شارعين؟
    بل قل فصلين ، فهذا الشارع جاف كما الصيف لا غدو فيه و لا رواح و الذي بعده يتساقط به الهذر كما رذاذ الشتاء .
    سايرته و أنت تدرك أن الشاعر يمكنه تجميل الجميل و القبيح أيضا ، فلا قبح في قاموس صديقك هذا ، دائم التبسم ، تتسع حدقتاه كلما خطر لهن طيف أو لاح في عنفوان الشارع وشاح ، أو افتك صمت الاسفلت و البلاط وقع حذاء ، و الأذن التي تلتقط رتابة الوقع لا تخطيء التفعيلات ، و قد التقطت لتوها صدى ملامسة سريعة لحذاء أنيق و هو يردد:
    خببا تمشي الإبل فعلن فعلن فعلن فعل
    الوقت الذي أفضى الشارع إلى بنايات مقابلة، سألته :
    أين ؟
    أشار و لم ينطق ، و نظرت حيث الأرجوحة في حركة باهتة و تأوه:
    ليست هنا
    و لجتما المحل
    ليست موجودة التي تبيع من على العطر الأرجوحة؟
    تقديم و تأخير و ارتباك لم يستغربه الفتى بالمحل :
    أي خدمة؟
    شططا المطلب الذي تقدمتما به في تركيب عطر بمزج متعدد المراحل ، و كلما بلغ مرحلة كنتما تشمان القارورة و تطلبان مزيدا من التعقيد.
    و دفع بدلا عنك بإصرار:
    الشاعر هو من يدفع ثمن العطر
    أبقيتها بيدك تلك القارورة بعد أن رششت رذاذا عليه و عليك و أنتما تشقان طريقكما بين المارة ، و البعض منهم يلتفت ، فقد كانت الرائحة قوية كفاية لجذب انتباه من سلمت حاسة شمه من عفونة المدينة و عرق بناياتها ، و ما كنت لتهتم بتفاعلهم مع عطرك الذي تقبض عليه الآن بإحكام ، لكن الذي بخاطرك أن تجد التي تعطيكه حتى و إن كنت أنت من يسلمه لها لتعيده إليك ، فلا معنى للعطر مطلقا إن لم يأت من يد أنثى ، و لم تطل لا المشي و لا التفكير لما أوقفتكما و قد رد الشاعر عليها التحية قبل أن يرتد إليك فؤادك من جمال الصدفة ، بل و سارع أيضا إلى إفهامها بما يدور في خلدك و قد قرأ أفكارك:
    نسلمك العطر و تعيدين تسليمه للأستاذ ، ليس في الموضوع ريب .
    أمسكت برشاقة قارورة العطر ، قربتها من أنفها ، برفق دستها بحقيبتها .
    ستكون هدية مميزة منك أستاذ
    قالتها و هي تغادركما و ما نطقت أنت ببنت شفة و لا متعبة للسان ، لكنه الشاعر:
    صدقت ، لهن تصنع العطور.
  • عسقلة محمود
    عضو الملتقى
    • 18-05-2012
    • 21

    #2
    أين القصة هنا ؟!!...
    ؟؟؟؟؟؟؟؟

    تعليق

    • عيسى بن محمود
      أديب وكاتب
      • 06-12-2011
      • 39

      #3
      أما التي بمخيلتك فلن تجدها

      تعليق

      • آسيا رحاحليه
        أديب وكاتب
        • 08-09-2009
        • 7182

        #4
        ما أسهل أن يمر أحدنا ، و نحن نزعم كوننا قراءً ، قبل أي شيء ، على نصٍ
        فيترك نصف جملة عابرة مبتورة المعنى أو بضع علامات تعجّب
        أو استفهام ...و يمضي .
        لكن النص هنا...و مثبّت و تكاد القراءات تصل إلى المائة .
        و لا تعقيب و لا رؤية من أحد ... فما الأمر ؟
        بصراحة لا أدري ..
        شخصيا شاغبتني القصة و قرأتها أكثر من مرّة ..و هي قصة حقا بغض النظر عن الفقرة الثانية
        و التي لمست فيها شيئا من روح المقال ..أكثر من القص .
        في ثنايا هذه القصة جمالية ما ..سر..لم أستطع كشفه .
        تحيتي للأخ عيسى و ربما عدت .
        يظن الناس بي خيرا و إنّي
        لشرّ الناس إن لم تعف عنّي

        تعليق

        • عيسى بن محمود
          أديب وكاتب
          • 06-12-2011
          • 39

          #5
          " نزرع واثقين من أمر واحد هو أننا لا نزرع في البحر ، لا نزرع في سبخة ،ربما
          في بور...نعم .لكننا نثق في أن زرعنا سيتحدى البور ، و سينبت .سينبت إن اليوم ، إن غدا
          إن بعد غد ، إن على عشرات السنين ، أو حتى على قرن .
          ستحمل الرياح اللواقح البذور التي نزرعها ، إلى الحقول الخصبة ، و ستنبت .
          ستهب الرياح و تأتي بالغيث طال الزمن أم قصر . و سيحصد من يجيء بعدنا ."
          أستعيرها منك و أنت من أدرجتها كما الإمضاء للذي كنا نستحسن مناداته عمي الطاهر و كان يستحسنها بدوره
          الماجدة [QUOTE=آسيا رحاحليه;831192][COLOR=blue]
          قد يأتي على الأرض البور التي نزرع الرياح و هي مرتبطة في الخلفية المعرفية بـ اللواقح ، مثلما قد يأتي عليها الريح و هو مرتبط بـ صرصر عاتية ،
          لا أود الوقوف مع نصي و ما فعلتها قبلا ، فكلما توزعته المواقع او الصحف أضحى ملك القراء ، لكن للقص أسراره و تأثيثه و حبكته و بناء يقارب شعرة معاوية مع أجناس أدبية أخرى ، و لسنا نملك رشدا لمن لا يستبينه ،
          مرورك أسعدني فطالما قرأت لك في مواقع أدبية ، و لست أدري لما كان اللقاء فيها مؤجلا ، لكن ها نلتقي على الكلمة الكينونة ،
          لك الود و الورد و جليل الثناء.

          تعليق

          • ربيع عقب الباب
            مستشار أدبي
            طائر النورس
            • 29-07-2008
            • 25792

            #6
            أعلم أنك قلق .. ربما أنت مثلي
            و ربما أكثر جسارة و إيمانا بما تكتب
            فلا ضير إن ظللت مصلوبا هنا لبعض الوقت
            حتى نقرأ !!

            محبتي
            sigpic

            تعليق

            • عيسى بن محمود
              أديب وكاتب
              • 06-12-2011
              • 39

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
              أعلم أنك قلق .. ربما أنت مثلي
              و ربما أكثر جسارة و إيمانا بما تكتب
              فلا ضير إن ظللت مصلوبا هنا لبعض الوقت
              حتى نقرأ !!

              محبتي
              ليس بعد مرورك أستاذ ربيع ، أسعد الله أيامك ،
              تراها بنيات أفكارنا نصبها في القالب الذي يليق بالوهج الأصل ، و لا ضير ان عكس الزجاج لناظره غير ما بالداخل ، فلرب خروج عن الزاوية 90 درجة يوهمنا بأنها منفرجة ،
              لك الود و المجد من قبل و من بعد.

              تعليق

              • إيمان الدرع
                نائب ملتقى القصة
                • 09-02-2010
                • 3576

                #8
                نصّ مائز ..
                بلغته القوية..
                وصوره الغزيرة..
                وتعابيره الدافقة المتجدّدة..
                التي تبحث عن فضاء أوسع من أقفاص الأجناس الأدبية النمطيّة..
                وهذه الجرأة في الاقتحام ..محسوبة للكاتب..وتدلّل على ثقة كبيرة في النفس..
                والاستعداد لتداول النقد من أوسع أبوابه...بروحٍ رضيّة.
                فما كتبه هو مولود نشيط ،يحب الحياة، ويتفاعل معها، على كلّ وجوهها
                والأرض التي يقف عليها ثابتة، صلبة..
                لا يضيرها أي اهتزاز..
                سلمتْ يداك الأديب القدير: عيسى بن محمود...كنت هنا وقرأت بتأمّل، وإنصات..
                ااحترامي ...وحيّاااااااااااكَ..

                تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

                تعليق

                • عيسى بن محمود
                  أديب وكاتب
                  • 06-12-2011
                  • 39

                  #9
                  الماجدة إيمان الدرع;
                  درع جميل مرورك الكريم و نيشان هو تعليقك لنصي
                  حقيقة النمطية في الأجناس الأدبية تكون قد أذنبت في ايجاد أحكام جاهزة ، و أخال النصوص الحالية مطالبة بإيجاد فضاءات أوسع تصنعها بمبررات كافية ،
                  أتيت على ما أردت من النص أن يقفه
                  قرأت في متصفحك قبل قليل :ومع تصاعد رائحة القهوة الشهيّة الساخنة، وسحب الدخان، والنراجيل، وهمهمات الأصوات، التي تنفلت عنها بين لحظة وأخرى ضحكات، تطلق عنانها، ثمّ تلتفّ بخجلٍ من جديدٍ، كتهمةٍ مارقةٍ، رحتُ أبادله الحديث، ألملم عن كاهله شعث الزمن، أروي له حكايا قديمة عنه تشهد على رسوخه بأرواحنا، كقامة لاتنسى، وهو ينصت لي بفرحٍ يعطيه دفقةً، من دفءهاربٍ ، عن صرحٍ بات مهدّداً بالهدم.
                  أسقطته عن النص فيما لو أعطيناه دفء الإنسياب ، فيما لو زاوجنا فيه بين تحكم العقل على أساس كون النص يحمل الفكرة ، و طوفان العاطفة حيث أن القصة القصيرة تحديدا تقع قاب شعر و رواية كجنس أدبي يعتمد التكثيف و قليل الهلامية و جمالية الأسلوب مع القيمة الفنية و الابداعية المبتغاة.

                  لك المجد من قبل و من بعد و جليل الثناء اللائق بمقامك الكريم.

                  تعليق

                  يعمل...
                  X