فتحت عيني على ثلاثة وجوه تنظر لي من أعلى، جفنا وأمها وأخوها، كانوا صامتين ينظرون، صوت النار ووهجها كان يأتي من مكان وراء رأسي، لم أستطع تحريك أي شيء من جسمي، رغبت بشدة أن أبتسم لجفنا لكني لم أستطع، أعدت إغماض عينيّ على قول بون
-ما أجمل عينيها......فيهما لمعان غريب؟!
قالت له العجوز مستنكرة
-ما هذا يا بون!!!....الفتاة تكاد أن تموت وأنت لا همّ لك إلا عينيها ويديها وشعرها.....اصمت.
قالت جفنا
-بون معذور يا أمي......ألا ترين؟!؟!....جمالها يدير العقل.....حتى أسفل قدميها أنعم من الحرير لولا هذه الجروح التي أصابتها، من تكون يا ترى؟!؟!
-لابد أنها بنت أحد النبلاء ، وربّما فرّت من أهلها للجبال لسبب ما.
-مالذي يدعوك لقول ذلك يا أمي؟
-ألا ترين ملابسها؟!، إنها من وبر ناعم ومنسوجة بعناية شديدة، راحة يدها ناعمة وأظافرها لامعة ......بالتأكيد أنها لم تكن تعمل أي شيء بيدها وعندها الكثير من الخدم.....ربما من فرّت عنه سيأتي ليبحث عنها ويؤذيها، لا تذكرا أمرها لأحد حتى تفيق ونسألها.
-أمي......نسيت أن أخبرك، بالأمس جاء كبير الرهبان نابور، وسألني إن كنّا رأينا أي أحد غريب، هل تعتقدين أن الأمر له علاقة بهذه الفتاة.
-لا أظن يا ابنتي، تعرفين الخلاف بين نابور والملك، ونابور يخشى من تسلل رجال الملك للجبل المقدس ولا يهتم لأمر فتاة هاربة.......هل رأيتِ كيف أرسل الراهب كيخ بالنبيذ ليتأكد من هوية ضيفنا بالأمس.
-حسبته كرماً منه يا أمي.
-أيّ كرم ٍ يا ابنتي!!! ما زلت صغيرة وساذجة يا جفنا، لذلك خشيت عليك بالأمس عندما ذهبتِ مع هيت للجدول، كنت أراقبكما.
-لماذا كنتِ تراقبيننا يا أمي؟!......ماذا كنتِ تخافين؟!
-سأخبرك في وقت لاحق، الآن حاولي أن تسقي هذه المسكينة بعض الحليب.
كانت جفنا ترفع رأسي لصدرها وتضع كأس الحليب في فمي بين الفينة والأخرى، في المرة الثانية التي رفعتني فيها كنت قد استعدت حواسي وادراكي، عرفت أن الليل قد حل ورأيت انعكاس خيلاتنا على الخيمة بفعل النار، ابتسمت لها وابتسمت لي......أعادت رأسي للوسادة وهي تطلب مني النوم ثم تمددت بجانبي، أحسست بدفء وباطمئنان وغرقت في النوم.
صحوت ونور الشمس ساطع على أحد جوانب الخيمة، صوت جفنا وبون وأمهما يأتيني من قرب الباب المغلق في الخارج، استمعت لأصواتهم وضحكاتهم وأنا سعيدة، أحسست بالنشاط وأردت الخروج والجلوس معهم، تذكرت حوارهم في الليل وبدا لي أن كوني هاربة وخائفة سبب جيّد لأبقى معهم. سمعت جفنا تقول أنها ستدخل لترى إن كنت قد صحوت، تظاهرت أني مازلت نائمة، أردتها أن تقترب مني وترفع رأسي بيديها، ما ألطفها وما أشفقها!!! جلست عند رأسي ووضعت يدها على جبهتي، لم أحتمل حينها سعادتي فتبسمت ، لكني أبقيت عيني مغمضة......عندما لمحت جفنا بسمتي نادت على أمها مستبشرة
-أمي...أمي....تعالي إنها تضحك وهي نائمة!!!
أحسست بدخول العجوز وبون وجلوسهما بقربي، قالت العجوز
-تحسسي جبهتها، قد تكون تهذي من الحمى.
-ليست محمومة يا أمي.
حينها فتحت عينيّ، كانت ظفيرة جفنا تتدلى وهي منحنية بقربي ، قلبت بصري بين الوجوه الثلاثة المندهشة المبتسمة، أسرعت جفنا وأسندت ظهري لأجلس........كنت أشعر بالخجل الشديد من عيونهم، قالت العجوز
-كيف تشعرين يا ابنتي؟.....هل يؤلمك شيء؟
لم أستطع النظر لوجهها وإنما كنت أنظر لأسفل
-نعم......قدماي تؤلمانني.
-كنت تمشين حافية على الصخور! ولا تلبسين غير هذا الثوب الرقيق الذي لايقي من برد الجبال القارص خصوصاً في هذا الموسم.
لم أعرف بماذا أتكلم فبقيت ساكتة أنظر لأسفل، عادت العجوز للكلام
-يبدو أنك لم تأكلي غير الفاكهة لأيام طويلة، جسمك لم يحتمل البرد، من حسن حظك أن بون وجدك هناك.........من أنتِ يا ابنتي؟
كدت أن أجيبها بعفوية وأقول لها أني بنت دوائر الماء، لكني تذكرت وقلت "أنا هاربة".
-هاربة ممن؟
لم أعرف ما أقول فبقيت صامتة، تدخلت جفنا وقالت لأمها
-دعيها يا أمي، إنها متعبة ولعلها خائفة.
نهضت العجوز بصمت وخرجت من الخيمة، أما بون فبقي مكانه ينظر لي كأنه غائب عن الوعي أو كتمثال، استغرقت وقتاً طويلاً حتى فهمت نظراته وماكان يعتريه بقربي.
للقصة بقية........
-ما أجمل عينيها......فيهما لمعان غريب؟!
قالت له العجوز مستنكرة
-ما هذا يا بون!!!....الفتاة تكاد أن تموت وأنت لا همّ لك إلا عينيها ويديها وشعرها.....اصمت.
قالت جفنا
-بون معذور يا أمي......ألا ترين؟!؟!....جمالها يدير العقل.....حتى أسفل قدميها أنعم من الحرير لولا هذه الجروح التي أصابتها، من تكون يا ترى؟!؟!
-لابد أنها بنت أحد النبلاء ، وربّما فرّت من أهلها للجبال لسبب ما.
-مالذي يدعوك لقول ذلك يا أمي؟
-ألا ترين ملابسها؟!، إنها من وبر ناعم ومنسوجة بعناية شديدة، راحة يدها ناعمة وأظافرها لامعة ......بالتأكيد أنها لم تكن تعمل أي شيء بيدها وعندها الكثير من الخدم.....ربما من فرّت عنه سيأتي ليبحث عنها ويؤذيها، لا تذكرا أمرها لأحد حتى تفيق ونسألها.
-أمي......نسيت أن أخبرك، بالأمس جاء كبير الرهبان نابور، وسألني إن كنّا رأينا أي أحد غريب، هل تعتقدين أن الأمر له علاقة بهذه الفتاة.
-لا أظن يا ابنتي، تعرفين الخلاف بين نابور والملك، ونابور يخشى من تسلل رجال الملك للجبل المقدس ولا يهتم لأمر فتاة هاربة.......هل رأيتِ كيف أرسل الراهب كيخ بالنبيذ ليتأكد من هوية ضيفنا بالأمس.
-حسبته كرماً منه يا أمي.
-أيّ كرم ٍ يا ابنتي!!! ما زلت صغيرة وساذجة يا جفنا، لذلك خشيت عليك بالأمس عندما ذهبتِ مع هيت للجدول، كنت أراقبكما.
-لماذا كنتِ تراقبيننا يا أمي؟!......ماذا كنتِ تخافين؟!
-سأخبرك في وقت لاحق، الآن حاولي أن تسقي هذه المسكينة بعض الحليب.
كانت جفنا ترفع رأسي لصدرها وتضع كأس الحليب في فمي بين الفينة والأخرى، في المرة الثانية التي رفعتني فيها كنت قد استعدت حواسي وادراكي، عرفت أن الليل قد حل ورأيت انعكاس خيلاتنا على الخيمة بفعل النار، ابتسمت لها وابتسمت لي......أعادت رأسي للوسادة وهي تطلب مني النوم ثم تمددت بجانبي، أحسست بدفء وباطمئنان وغرقت في النوم.
صحوت ونور الشمس ساطع على أحد جوانب الخيمة، صوت جفنا وبون وأمهما يأتيني من قرب الباب المغلق في الخارج، استمعت لأصواتهم وضحكاتهم وأنا سعيدة، أحسست بالنشاط وأردت الخروج والجلوس معهم، تذكرت حوارهم في الليل وبدا لي أن كوني هاربة وخائفة سبب جيّد لأبقى معهم. سمعت جفنا تقول أنها ستدخل لترى إن كنت قد صحوت، تظاهرت أني مازلت نائمة، أردتها أن تقترب مني وترفع رأسي بيديها، ما ألطفها وما أشفقها!!! جلست عند رأسي ووضعت يدها على جبهتي، لم أحتمل حينها سعادتي فتبسمت ، لكني أبقيت عيني مغمضة......عندما لمحت جفنا بسمتي نادت على أمها مستبشرة
-أمي...أمي....تعالي إنها تضحك وهي نائمة!!!
أحسست بدخول العجوز وبون وجلوسهما بقربي، قالت العجوز
-تحسسي جبهتها، قد تكون تهذي من الحمى.
-ليست محمومة يا أمي.
حينها فتحت عينيّ، كانت ظفيرة جفنا تتدلى وهي منحنية بقربي ، قلبت بصري بين الوجوه الثلاثة المندهشة المبتسمة، أسرعت جفنا وأسندت ظهري لأجلس........كنت أشعر بالخجل الشديد من عيونهم، قالت العجوز
-كيف تشعرين يا ابنتي؟.....هل يؤلمك شيء؟
لم أستطع النظر لوجهها وإنما كنت أنظر لأسفل
-نعم......قدماي تؤلمانني.
-كنت تمشين حافية على الصخور! ولا تلبسين غير هذا الثوب الرقيق الذي لايقي من برد الجبال القارص خصوصاً في هذا الموسم.
لم أعرف بماذا أتكلم فبقيت ساكتة أنظر لأسفل، عادت العجوز للكلام
-يبدو أنك لم تأكلي غير الفاكهة لأيام طويلة، جسمك لم يحتمل البرد، من حسن حظك أن بون وجدك هناك.........من أنتِ يا ابنتي؟
كدت أن أجيبها بعفوية وأقول لها أني بنت دوائر الماء، لكني تذكرت وقلت "أنا هاربة".
-هاربة ممن؟
لم أعرف ما أقول فبقيت صامتة، تدخلت جفنا وقالت لأمها
-دعيها يا أمي، إنها متعبة ولعلها خائفة.
نهضت العجوز بصمت وخرجت من الخيمة، أما بون فبقي مكانه ينظر لي كأنه غائب عن الوعي أو كتمثال، استغرقت وقتاً طويلاً حتى فهمت نظراته وماكان يعتريه بقربي.
للقصة بقية........
تعليق