كلهن كآبة/ عبير الشرقاوي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عبير الشرقاوي
    أديب وكاتب
    • 27-05-2012
    • 175

    كلهن كآبة/ عبير الشرقاوي

    كعادته ... دخل المقهى لتناول مشروبه المفضل...أخرج لفافات التبغ، أشعل سيجارة، نفث دخانها في ملل، وكان يختطف نظرات متفحصة للنساء من حوله عله يجد من تؤنس ليلته الكئيبة، كلهن كآبة، صاح صوت بداخله... لكن الحياة لا تحلو إلا بهن...

    في ركنٍ بعيد كانت تقف، ترمقه بنظرات شذرة، كنمرة تتحين الفرصة للوثوب على فريسة، لكنها أخذت نفسا عميقا لتهدأ، ذلك المحتال، أمسكتها الواقفة بجوارها من ذراعها تجذبها إليها... اهدأي أرجوكِ ، لا تفسدي ما نحن بصدده، عبثا تحاول أن تهدأ و نيرانها مشتعلة، صبرا ، هاهو يشرب كأسه الثاني، كأسٌ ثالث و لن يعرف أمه من عمه...

    دقائق مرت كسنوات عليها و الغضب يعتريها و تحاول أن تبدو طبيعية،كانت تعيش وهم الحب معه من قبل، وكانت تريده لنفسها، كانت مجرد اسم في دفتر يحوي العديد من الأسماء و أرقام الهواتف، كانت تحادثه كثيرا حتى ملها و انقطع فجأة عنها، باءت محاولاتها استرجاعه كلها بالفشل،
    فكرت عندما رأته ثانية بالتخفي في شكل امرأة أخرى لا يعرفها،و لا أفضل من التحدث معه في ذاك المكان الذي يختلط فيه كل شيء في الليل، و يمتزج الصخب بفوضى الحواس، كانت تفعل ذلك دون هدف واضح، ربما لتستعيد لحظاتها معه، ربما لتوقعه في حبها و تتركه بعدها، لم تعرف سوى أنها تريد التحدث إليه فقط و بأي شكل
    لكنها لم تفهم أنه لا يعود لسيجارة رماها على الأرض و داسها بقدمه، فهناك من هم متخصصون في التقاط أعقاب السجائر، بالتأكيد لم يعتد أن يكون واحدا منهم،

    ولجت إلى الحمام لإصلاح زينتها، قالت و هي تزيد رموشها كثافة بالماسكارا، أتظنين سأنجح ، ألن يعرفني، اجابتها بضحكة طويلة، ثقي لن يعرفك، لن ينظر في وجهك، تعرفين أين يركز نظراته، و تابعت... ثقي بنفسك و لا تخافي،ها هو من جديد، كوني ذكية هذه المرة ...كانت صديقتها واحدة من ضحاياه السابقات، تفرقا بسببه واجتمعا عليه مرة أخرى، هيا الآن...

    مرت أمامه تتمايل بحذائها ذا الكعب العالي جدا، و كان جسدها يتهادى كلما خطت بقدمها على الأرض، اختارت مقعدا بجانبه على البار و جلست جلسة مائلة بوقاحة، فلا يُرى منها سوى جانب وجهها، يغطيه شعرها المصفف باستفزاز لكل الرغبات المجنونة، و سرعان ما اقترب منها بلباقته المعهودة ليدعوها لشراب، تجاذب معها أطراف الحديث، و فجأة بدأت تبكي، انزعج و أبدى تأثرا... وكانت تعلم أنه يبدأ أحاديثه معهن بالشكوى من الحياة و جراحاتها فيتشاركان الألم معا، فذاك أقصر طريق للمواساة التي كان يجيدها بمهارة ليس لها مثيل...و بعد أن تبادلا مشاعر المؤازرة، تبادلا أرقام التيلفونات، و أصر على أن يقلها لمنزلها لكنها رفضت مؤكدة أن صديقتها ستقلها،

    كان يقود السيارة بسرعة جنونية، وكأنه يصرخ في الموت ليأتيه، و بكل أسف لا يأتيه و يصل بسلام! دخل بيته مترنحا قليلا لكن به قليل من وعي، لم يتذكر منها سوى ما أثار اهتمامه الرجولي، فلا يذكر وجهها و لا حتى اسمها، و أطلق ضحكة ساخرة و ما فائدة تذكر وجوه بأقنعة و أسماء مستعارة ، خلع معطفه و حذاءه و ألقى بجسده على فراشه محتضنا وسادته وغاب عن الوعي...

    استيقظ في الظهيرة ليجد رسالة منها على هاتفه النقال، قام بتثاقل ليقرأها، وماذا عساه يكون فيها، فرك عينيه و عبثا ظل يبحث عن نظارته فوجدها ملقاة بجانب وسادته، قرأها في ثانية و أغلق الهاتف و انطلق لأخذ دش بارد ، تهيأ للخروج ، استقل المصعد متجها لمربأ السيارات، استقل سيارته وانطلق لمكتبه وفي الطريق كان يستمع لأغانيه المفضلة ومعه قهوة في كوب حراري يرتشف منها كلما توقف في اشارة مرور، وما أكثر وقفاته، حتى وصل

    فتح الهاتف فوجد أكثر من 20 رسالة من أرقام متنوعة، قام بمسحها جميعا، و ارتدى الوقار و الجدية لينهي أعماله التي لا تنتهي ... و في الليل ... ارتاد المقهى و ظل ينظر نظرات متفحصة و هو يشرب كأسه و ينفث دخان سيجارته بملل ، وصاح الصوت بداخله كلهن كآبة...

    تمت
    أنا كل النساء
    شرقية حتى النخاع
    غربية الفكر و الإبداع
    عربية من أطهر البقاع
    مصرية الهوى والأطباع



    [BIMG]http://vb.arabseyes.com/uploaded/36207_1185315273.gif[/BIMG]

  • سالم وريوش الحميد
    مستشار أدبي
    • 01-07-2011
    • 1173

    #2
    أ. عبير
    صباح الورد الذي يضوع به عبيرك
    نص راق من قلم كله إبداع .. يحتاج مني لرجوع .. أحببت أن أسجل إعجابي به على عجالة
    لأكون أول من رد عليه .. الوقت يداهمني بسبب الدوام ..لي عودة
    تقديري لك وامتناني الكبير
    على الإنسانية أن تضع حدا للحرب وإلا فسوف تضع الحرب حدا للإنسانية.
    جون كنيدي

    الرئيس الخامس والثلاثون للولايات المتحدة الأمريكية

    تعليق

    • عبير الشرقاوي
      أديب وكاتب
      • 27-05-2012
      • 175

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة سالم وريوش الحميد مشاهدة المشاركة
      أ. عبير
      صباح الورد الذي يضوع به عبيرك
      نص راق من قلم كله إبداع .. يحتاج مني لرجوع .. أحببت أن أسجل إعجابي به على عجالة
      لأكون أول من رد عليه .. الوقت يداهمني بسبب الدوام ..لي عودة
      تقديري لك وامتناني الكبير

      أسعد الله صباحك بعبير الزهور

      شرف لي و أي شرف أن تكون أول من عبر هنا

      أنتظر عودك أستاذي ليزداد النص بريقا و توهجا

      تمنياتي بيوم طيب

      ودي و تقديري

      أنا كل النساء
      شرقية حتى النخاع
      غربية الفكر و الإبداع
      عربية من أطهر البقاع
      مصرية الهوى والأطباع



      [BIMG]http://vb.arabseyes.com/uploaded/36207_1185315273.gif[/BIMG]

      تعليق

      • محمد فطومي
        رئيس ملتقى فرعي
        • 05-06-2010
        • 2433

        #4
        تحيّة جميلة لك أستاذة عبير،
        في النصّ ما يشغل و هذه ميزة النّصوص الجيّدة،الّلغة مرنة و مطيعة هنا.
        أسلوب مقنع و صادق،
        قرأت لك نصّين من قبل و اللاّفت أنّك تتقدّمين بخطوات عملاقة و أراك تختصرين الطّريق بثبات.
        وددت أن أسوق لك ملاحظة:
        تجنّبي التّدخّل في شؤون الأحداث و الشّخصيّات،حاولي التزام الحياد و خلق مسافة بينك و بينها،هذا مهمّ جدّا.
        مثال من النصّ :
        لكنها لم تفهم أنه لا يعود لسيجارة رماها على الأرض و داسها بقدمه، فهناك من هم متخصصون في التقاط أعقاب السجائر،
        في هذا المثال يتجلّى رأي الكاتب و عتبه على الرّجل.

        تجنّبي أيضا الإغراق في التّفاصيل ،التي لو حذفناها لما تغيّر شيء في مجريات القصّة.(الفقرة الأخيرة)

        عموما أحببت النصّ و راقتني القراءة لك.
        مودّتي الصّافية.
        مدوّنة

        فلكُ القصّة القصيرة

        تعليق

        • غالية ابو ستة
          أديب وكاتب
          • 09-02-2012
          • 5625

          #5
          عبير السلام عليكم----------------
          قصة متكررة والعبرة لمن اعتبر
          ستمر الايام وسيدفع اللعوب الثمن
          شكراً على هذا الابداع الجميل
          تحياتي
          يا ســــائد الطيـــف والألوان تعشــقهُ
          تُلطّف الواقـــــع الموبوء بالسّـــــقمِ

          في روضــــــة الطيف والألوان أيكتهــا
          لـــه اعزفي يا ترانيــــم المنى نـــغمي



          تعليق

          • عبير الشرقاوي
            أديب وكاتب
            • 27-05-2012
            • 175

            #6
            المشاركة الأصلية بواسطة محمد فطومي مشاهدة المشاركة
            تحيّة جميلة لك أستاذة عبير،
            في النصّ ما يشغل و هذه ميزة النّصوص الجيّدة،الّلغة مرنة و مطيعة هنا.
            أسلوب مقنع و صادق،
            قرأت لك نصّين من قبل و اللاّفت أنّك تتقدّمين بخطوات عملاقة و أراك تختصرين الطّريق بثبات.
            وددت أن أسوق لك ملاحظة:
            تجنّبي التّدخّل في شؤون الأحداث و الشّخصيّات،حاولي التزام الحياد و خلق مسافة بينك و بينها،هذا مهمّ جدّا.
            مثال من النصّ :
            لكنها لم تفهم أنه لا يعود لسيجارة رماها على الأرض و داسها بقدمه، فهناك من هم متخصصون في التقاط أعقاب السجائر،
            في هذا المثال يتجلّى رأي الكاتب و عتبه على الرّجل.

            تجنّبي أيضا الإغراق في التّفاصيل ،التي لو حذفناها لما تغيّر شيء في مجريات القصّة.(الفقرة الأخيرة)

            عموما أحببت النصّ و راقتني القراءة لك.
            مودّتي الصّافية.
            أسعدني أن النص راق لك أستاذي

            و عميق تقديري لملاحظاتك القيمة جدا

            و التي مؤكد سأضعها في الاعتبار في نصوصي القادمة

            ودي كما احترامي
            أنا كل النساء
            شرقية حتى النخاع
            غربية الفكر و الإبداع
            عربية من أطهر البقاع
            مصرية الهوى والأطباع



            [BIMG]http://vb.arabseyes.com/uploaded/36207_1185315273.gif[/BIMG]

            تعليق

            • ريما ريماوي
              عضو الملتقى
              • 07-05-2011
              • 8501

              #7
              نعم هنالك قفزة نوعية في نصك هذا...
              وكثير من الفتيات خضن مثل تلك التجربة
              خصوصا في عالم النت الوهمي..

              أعجبني العنوان فلقد كان من عوامل الجذب
              للقراءة...

              تحيتي وتقديري.


              أنين ناي
              يبث الحنين لأصله
              غصن مورّق صغير.

              تعليق

              • عبير الشرقاوي
                أديب وكاتب
                • 27-05-2012
                • 175

                #8
                المشاركة الأصلية بواسطة غالية ابو ستة مشاهدة المشاركة
                عبير السلام عليكم----------------
                قصة متكررة والعبرة لمن اعتبر
                ستمر الايام وسيدفع اللعوب الثمن
                شكراً على هذا الابداع الجميل
                تحياتي
                لا أحد يفلت من دفع الثمن

                لا شيء مجاني في هذا العالم

                كل شيء له مقابل

                عدا المنح الربانية

                و لولاها لغرقنا جميعا في ديون تقصم الظهر

                غالي مرورك /غالية


                ♥♥♥
                أنا كل النساء
                شرقية حتى النخاع
                غربية الفكر و الإبداع
                عربية من أطهر البقاع
                مصرية الهوى والأطباع



                [BIMG]http://vb.arabseyes.com/uploaded/36207_1185315273.gif[/BIMG]

                تعليق

                • عبير الشرقاوي
                  أديب وكاتب
                  • 27-05-2012
                  • 175

                  #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة ريما ريماوي مشاهدة المشاركة
                  نعم هنالك قفزة نوعية في نصك هذا...
                  وكثير من الفتيات خضن مثل تلك التجربة
                  خصوصا في عالم النت الوهمي..

                  أعجبني العنوان فلقد كان من عوامل الجذب
                  للقراءة...

                  تحيتي وتقديري.
                  أهلا بكِ على أوراقي عزيزتي

                  و أبهجني أن راق نصي لعينيكِ

                  وصدقتِ فالمقهى قد يكون حقيقيا و قد يكون افتراضيا

                  و الحياة تزخر بالأوهام

                  ابقي دوما قريبة/ ريما


                  ♥♥♥
                  أنا كل النساء
                  شرقية حتى النخاع
                  غربية الفكر و الإبداع
                  عربية من أطهر البقاع
                  مصرية الهوى والأطباع



                  [BIMG]http://vb.arabseyes.com/uploaded/36207_1185315273.gif[/BIMG]

                  تعليق

                  يعمل...
                  X