جرعة دومينو

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • أوهيبة يحيى
    أديب وكاتب
    • 30-07-2012
    • 122

    جرعة دومينو


    كلما حل فصل الصيف, يضيق صدره حرجا كأنما يصعّد الى السماء, فمثله لا يعرف العطل, ولا السياحة, ولا السمر ولا السهر, كل ليلة هي مقدمة ليوم شاق من العمل, وليس أقسى على أعصابه من حلول هذا الليل, فرغم قصر زيارته الا أن لسانه سليط كسياط الجلاد, نباح الكلاب فوق أسطح الديار لا يكاد ينقطع, وكأن الكلاب تردد أغنية مقدسة كل ليلة, ويختلط مع نباح الكلاب نباح بشري شاذ, حديث هذا النوع من البشر يتغير فجأة في الليل الى صراخ وعويل وعواء, وتمتزج مع كل هذا الكم من الفوضى نوتة بعيدة للمخمورين تزداد حدة بالتدرج حتى تكاد تلمس طبلة أذنيه, وعندما يستلقي على فراشه تحضر نوتة جديدة تمنع عن جفنيه زيارة النعاس, فالشارع الذي يسكنه, تأتيه ليلا أرواح بشرية غريبة تلعب الدومينو طيلة الصيف دون كلل أو ملل, وتنتشر في أرجاء حيه كما ينتشر العفن في الخبز اليابس, يضربون بقوة قطع الدومينو على الطاولة وكأنها ترتطم برأسه, وكأنهم جميعا متفقون على ضرب قطعهم على رأسه ضربة رجل واحد, لطالما فكر في الذهاب إليهم بحديث لين كما ذهب موسى الى فرعون الذي طغى, ولكن قناعته باستحالة افتكاك كاس الخمر من المخمور, وافتكاك سيجارة مخدرة من يد مدمن في أوج الحلم, جعله يقتنع باستحالة افتكاك قطعة من يد هذه الأرواح البشرية المدمنة, لكنه فكر ثم فكر ثم قدر أن الانفعال سيأتي بضغط دمه يتدفق على ناصيته, ولربما لامس سكر البنكرياس قمة لسانه, فاستسلم الى ضرب القطع واستبدلها بنوتات موسيقية عذبة يتتبع وقعها واحدة واحدة, دو, ري, مي, فا, صول, لا, سي, دو, حتى يبتلعه النوم, هكذا أمسى ينام كل ليلة سريعا على جرعات الدومينو, حتى أضحى قلبه يخفق كل ليلة خوفا من أن تتوقف الأرواح عن اللعب.
    رابط القصة على مدونتي من هنا
    التعديل الأخير تم بواسطة أوهيبة يحيى; الساعة 29-09-2012, 09:03.

  • آسيا رحاحليه
    أديب وكاتب
    • 08-09-2009
    • 7182

    #2
    ما سر هذه الجرعة التي هنا من أسبوع ؟
    قلت في نفسي ..فدخلت لأقرأ .
    أعجبني تصوير هذا المشهد المزعج من ليلة صيفية ..
    و الأجمل تأقلم الشخص مع الأمر ليصبح إدمانا من نوع فريد .
    أعتقد أنّنا نقول يصعّد في السماء .
    و أيضا لاحظت كثرة حرف الفاء في بداية النص .
    عموما سررت بالقراءة لك .
    تقديري .
    يظن الناس بي خيرا و إنّي
    لشرّ الناس إن لم تعف عنّي

    تعليق

    • ميساء عباس
      رئيس ملتقى القصة
      • 21-09-2009
      • 4186

      #3
      أهلا بك
      ومرحبا أوهيبة الراقي
      نورت شرفاتنا
      قرأتك هنا قاصا جميلا
      لديه خيال جميل
      وانتقاء الموضوع جميل وغير مستهلك
      لوكانت القصة أكثر أحداثا
      وحبذا لو اتضحت العقدة لكانت أجمل
      أتمنى أن تقرأ للزملاء وخصوصا القصص المثبتة
      ننتظر جديدك بشغف
      كما ننتظرمشاركتك الأدباء

      ميساء العباس
      مخالب النور .. بصوتي .. محبتي
      https://www.youtube.com/watch?v=5AbW...ature=youtu.be

      تعليق

      • أوهيبة يحيى
        أديب وكاتب
        • 30-07-2012
        • 122

        #4
        السلام عليكم
        الزميلة آسيا ملاحظة صحيحة بخصوص يصعّد وهو ما قصدته, غير أني كتبتها من دون شدة...كاتب كسول أعترف, بالنسبة للفاء ملاحظة أيضا أبديت في منتديات أخرى وقد قمت بتقليص حضورها في النص, تحياتي

        تعليق

        • أوهيبة يحيى
          أديب وكاتب
          • 30-07-2012
          • 122

          #5
          الزميلة ميساء
          أصبحت أميل الى الكثافة في كتابة القصة, ولا أحب الاطناب كثيرا في سرد الأحداث, ورحلة البحث عن حل للتخلص من فوضى الحي هي عقدة القصة, والتي انتهت بخاتمة غير متوقعة في الأخير. أما بالنسبة لملاحظتك الأخيرة طبعا نحن نسعى دائما الى تحسين مستوانا بالقراءة والاطلاع على انتاج الآخر.

          تعليق

          • ريما ريماوي
            عضو الملتقى
            • 07-05-2011
            • 8501

            #6
            اذا هو في حيه أدمن الفوضى والأصوات
            الناتجة عن تساقط أحجار الدومينو
            واحدا إثر الآخر.

            نص عميق الرؤية.. لم أنجح باستشفافها
            تماما..

            تحيتي وتقديري.


            أنين ناي
            يبث الحنين لأصله
            غصن مورّق صغير.

            تعليق

            يعمل...
            X