النهر مازال هنا
ليس بنفس الوجه
نفس البسمة
الرقصة التي تزغزغ القوارب و المراكب الشراعية و البيوت العائمة
وتغتال خمول السباحين وهجا و ابتداعا
لكنه هنا
يضطجع بين ضفتيه كشيخ هرم
و بين فينة و أخرى يتعكز على الريح
خطوات قليلة
ثم يكتشف كل الأشياء التي سرقها الوقت
في غفلة غروره وجريانه اللئلاء
يستأنس بصغار الموج حين تداعبه
يحط بينها مذهولا عن نفسه
وعن تلك الإلحاحات : ماذا عنك ؟
لم كل هذا الصمت و هذا الشرود ؟
كيف لم نعد نرى وجهك المترقرق بالبهاء و اللوز ؟
في أي القوارب نسيت ملامحك
و في أي الجزر تركت ثيابك المزركشة
ومع أي عرائسك اغتيلت بسمتك ؟
لم ضقت بنا
ورحت تضرب الحصى بنعليك
حتى كدت تقعي
و يخاصمك عكازك ؟
بين دهشة الصغار و نزوعهم لرسم الأحلام الطائرة
على دفترك الحزين
تدفن رأسك في ريم الصمت
وحشائش الركود
تعانق دمعتك الوهن الزاحف في عظامك كجريمة نائمة
رئات الفراغ
ترسم على وجه النهر
مكعبات البيوت
مثلثات الخيبة
و بلادة المخلوقات
كوعول هرمة
تتناحر و تأكل بعضها
ثم ترتمي ككميان تسفيها رياح السقوط
أو ييبسها نزيف الندى
وأقدام العجز
ليس غير عطش الأرواح
حنينا لما تسرب غفلة حين ضل السعي
و اختل الرضا
تقايأ ذاكرته
حين نهشته أنياب الحزن
تراكضت أمامه سنين عددا
سنين بددا
صرخ في وجهها مغاضبا
وهو يقضم ذيل القسوة :" لست لي .. اغربي عني بوجهك اللئيم .. لست لي .. ما كنت سوى ذاكرة مغتالة .. لا قيمة لها ".
صاخبة تماوجت
غلقت عليه سبل الرواح
تغنجت موجة :" يهيأ لك العمى أيها الأعمى
انظر في تغضن جلدك
تلك الأعشاب الجهنمية
دليلا على مروري بين ثناياك
إن قتلتني هنا سوف تنجو من وطأتي
هامدة بين رعشات غضبك
وعجزك
لا حيلة لك
لا حيلة لي ".
تزيحها أخرى
كصرخة تتمزق
ثم تنفرط كرمانة تتدحرج بين ساقيه :"
رصاصاتك الطائشة
أحلامك التي لم تعش
و أنت تجرع كؤوس المشاغبة
ألاعيب الأبجدية
تصهر عينيك كي ترى
في غزر المدينة
غيطانها
وخشوع مساجدها
تهصر ذاك الألم
كي يمتلئ بما يشفي بطن غليلك
عن سر الموت
زهور و سنبلات تسقط في الطرقات
على عتب بيوت لا ترى
و قلوب باعت شغافها للريح و السراب
كم مرة شنقت معرفتك
كم مرة نصبت مشنقة لأسئلة حامضة حموضة تواريخ المدن القديمة
و كم مرة مزقت جلدك بموسي الغضب و حلم كسيح ؟
يالقسوتك ..
انظر .. ألم تكن ذاك الغضوب
الباكي .. يهزم بعجزه الهزيمة
ويعجز الزمن الجبان حين طاردت وردتك
ألقيت بها على امتداد عجزك : ارحلي
و أنت تموت وجعا
تميت موتا لترى .. أي معجز أنتَ
في غرورك و تبنيك الهزائم
و على منسج يتدلى عاشق و شهيد
بينما كانت البومة
تغزل الماء
تزرع التبن
وتحزم الهواء بالهواء
هذا نحتي
بقعة الحزن ما بين عينيك
قرحة تتمدد في قناتك الجبانة
بثور سوداء تشقق صفاءك
كيف إذن .. ؟
حاضرة أنا .. مهما طوحت بي
بصقت في وجهي ..
أظل أجمل أحلامك
أروع هزائمك و انكساراتك
بين وقت و آخر تضخني
تملؤني برعشة الزهو و المتعة
حين تغرقني دموعك على امتداد خط الريح
ركض
ركض
ركض
ثم انكفأ
يزحف كدودة
حامت سمكات هزيلات و أخرى ناضرات
جعلت من أنفه و أذنيه
نتوءات وجيوبا تضع فيها بيضها
ترسم معالم جثة نال منها العطب
تزحف في ضبابة الفجر
تطارده بلا توقف
كأنها مشدودة بأوردة
كان ينفسح
يذوب على انقضاضات الكائنات
يهرى
يتيبس
يتفتت
يخرج من صدفة حزنه
ليعود بين ضفتيه كشيخ هرم
يضنيه الركود و الصمت الجبان
التقط شفرة
في قسوة نحر شريانه
انهار العجز
والموج هاج
اضطرب العمق
فتعانق الجزر والمد
ثار
ضرب الضفاف
وفار
الدم كان جسد النهر
و النهر كان لون الدم
ينتفض ..
النزف لا يتوقف
و الثورة في أعماقه
تضرب عمق النهر بساعديها
تحط الذاكرة
تتسلل من صرتها
في جنون تلاحقه
تتحرك قوارب و مركب شراعي
يرسم السباحون
خارطة لنهر جار
خرج من موته توا
بحثا عن ذاكرة حية
ووجه سكن بسمته و عشش فيها !
ليس بنفس الوجه
نفس البسمة
الرقصة التي تزغزغ القوارب و المراكب الشراعية و البيوت العائمة
وتغتال خمول السباحين وهجا و ابتداعا
لكنه هنا
يضطجع بين ضفتيه كشيخ هرم
و بين فينة و أخرى يتعكز على الريح
خطوات قليلة
ثم يكتشف كل الأشياء التي سرقها الوقت
في غفلة غروره وجريانه اللئلاء
يستأنس بصغار الموج حين تداعبه
يحط بينها مذهولا عن نفسه
وعن تلك الإلحاحات : ماذا عنك ؟
لم كل هذا الصمت و هذا الشرود ؟
كيف لم نعد نرى وجهك المترقرق بالبهاء و اللوز ؟
في أي القوارب نسيت ملامحك
و في أي الجزر تركت ثيابك المزركشة
ومع أي عرائسك اغتيلت بسمتك ؟
لم ضقت بنا
ورحت تضرب الحصى بنعليك
حتى كدت تقعي
و يخاصمك عكازك ؟
بين دهشة الصغار و نزوعهم لرسم الأحلام الطائرة
على دفترك الحزين
تدفن رأسك في ريم الصمت
وحشائش الركود
تعانق دمعتك الوهن الزاحف في عظامك كجريمة نائمة
رئات الفراغ
ترسم على وجه النهر
مكعبات البيوت
مثلثات الخيبة
و بلادة المخلوقات
كوعول هرمة
تتناحر و تأكل بعضها
ثم ترتمي ككميان تسفيها رياح السقوط
أو ييبسها نزيف الندى
وأقدام العجز
ليس غير عطش الأرواح
حنينا لما تسرب غفلة حين ضل السعي
و اختل الرضا
تقايأ ذاكرته
حين نهشته أنياب الحزن
تراكضت أمامه سنين عددا
سنين بددا
صرخ في وجهها مغاضبا
وهو يقضم ذيل القسوة :" لست لي .. اغربي عني بوجهك اللئيم .. لست لي .. ما كنت سوى ذاكرة مغتالة .. لا قيمة لها ".
صاخبة تماوجت
غلقت عليه سبل الرواح
تغنجت موجة :" يهيأ لك العمى أيها الأعمى
انظر في تغضن جلدك
تلك الأعشاب الجهنمية
دليلا على مروري بين ثناياك
إن قتلتني هنا سوف تنجو من وطأتي
هامدة بين رعشات غضبك
وعجزك
لا حيلة لك
لا حيلة لي ".
تزيحها أخرى
كصرخة تتمزق
ثم تنفرط كرمانة تتدحرج بين ساقيه :"
رصاصاتك الطائشة
أحلامك التي لم تعش
و أنت تجرع كؤوس المشاغبة
ألاعيب الأبجدية
تصهر عينيك كي ترى
في غزر المدينة
غيطانها
وخشوع مساجدها
تهصر ذاك الألم
كي يمتلئ بما يشفي بطن غليلك
عن سر الموت
زهور و سنبلات تسقط في الطرقات
على عتب بيوت لا ترى
و قلوب باعت شغافها للريح و السراب
كم مرة شنقت معرفتك
كم مرة نصبت مشنقة لأسئلة حامضة حموضة تواريخ المدن القديمة
و كم مرة مزقت جلدك بموسي الغضب و حلم كسيح ؟
يالقسوتك ..
انظر .. ألم تكن ذاك الغضوب
الباكي .. يهزم بعجزه الهزيمة
ويعجز الزمن الجبان حين طاردت وردتك
ألقيت بها على امتداد عجزك : ارحلي
و أنت تموت وجعا
تميت موتا لترى .. أي معجز أنتَ
في غرورك و تبنيك الهزائم
و على منسج يتدلى عاشق و شهيد
بينما كانت البومة
تغزل الماء
تزرع التبن
وتحزم الهواء بالهواء
هذا نحتي
بقعة الحزن ما بين عينيك
قرحة تتمدد في قناتك الجبانة
بثور سوداء تشقق صفاءك
كيف إذن .. ؟
حاضرة أنا .. مهما طوحت بي
بصقت في وجهي ..
أظل أجمل أحلامك
أروع هزائمك و انكساراتك
بين وقت و آخر تضخني
تملؤني برعشة الزهو و المتعة
حين تغرقني دموعك على امتداد خط الريح
ركض
ركض
ركض
ثم انكفأ
يزحف كدودة
حامت سمكات هزيلات و أخرى ناضرات
جعلت من أنفه و أذنيه
نتوءات وجيوبا تضع فيها بيضها
ترسم معالم جثة نال منها العطب
تزحف في ضبابة الفجر
تطارده بلا توقف
كأنها مشدودة بأوردة
كان ينفسح
يذوب على انقضاضات الكائنات
يهرى
يتيبس
يتفتت
يخرج من صدفة حزنه
ليعود بين ضفتيه كشيخ هرم
يضنيه الركود و الصمت الجبان
التقط شفرة
في قسوة نحر شريانه
انهار العجز
والموج هاج
اضطرب العمق
فتعانق الجزر والمد
ثار
ضرب الضفاف
وفار
الدم كان جسد النهر
و النهر كان لون الدم
ينتفض ..
النزف لا يتوقف
و الثورة في أعماقه
تضرب عمق النهر بساعديها
تحط الذاكرة
تتسلل من صرتها
في جنون تلاحقه
تتحرك قوارب و مركب شراعي
يرسم السباحون
خارطة لنهر جار
خرج من موته توا
بحثا عن ذاكرة حية
ووجه سكن بسمته و عشش فيها !
تعليق