جلس إلى طاولة بمقهى فسيحة ذات اشجار وأزهار، كان يبغي أن يقرأ كتابا بين يديه ليعيده إلى المكتبة في أسرع وقت، فقد تأخر في قراءته بسبب عوامل ذاتية محضة..،غير أن شيئا ما منعه من المتابعة..شيئا كان يصفع أنفه..ياه! رائحة نتنة تداعب خياشيمه..تستفزه..أبدى تقززا..وضع يده على أنفه لإبعادها بذل مجهوادت كبيرة للتخلص منها..لا فائدة. قرر حينها الانتقال إلى طاولة أخرى بعيدة تكسبها العتمة غلالة حزن لتجنبها..و نكاية بها، انطلق إلى أقصى المقهى، حيث يزهو المكان بزهور و ورود و شذى و عطر فواح..عاد إلى كتابه..عادت الرائحة..ما استطاعت الأزهار و الورود مقاومتها..ذبلت..تمايلت و أخنت برؤوسها انهزاما، اعترفت بصمتها عدم قدرتها على المواجهة.. أما هي فلازالت تصر على أن تطارده..أن تعاقبه..ـن تمنعه من القراءة من متعتها ! طيب..
لابد من المقاومة: قال، سأصرف النظر عن هذا المكان جملة و تفصيلا..سأتركه لها تمرح و تسعد، فأرض الله واسعة..
و انطلق إلى مقهى أخرى، و انطلقت وراءه هي أيضا مطاردة..و إلى حديقة يقصدها الناس للترويح عن النفس و شم الهواء الطلق المنعش..هناك أيضا وجدها ملازمة له كظله..
في الأخير قرر رمي الكتاب بعيدا..تناثرت أوراقه فوق العشب الأخضر فاحترق..تصاعدت منه رائحة قوية جعلت الرواد يهربون..
و الآن، بم تشعر؟
عاد إلى المقهى، جلسإلى طاولة جديدة يتابع أحاديث العشاق يتلصص على عناق حروفهم السعيدة..تناثر رذاذها على وجهه فارتسمت ورود و أزهار و شذى فواح..لحظتئذ أدرك سرها..
تعليق