السماء اختبأت في ملاءة سيدة حمقاء
و النجوم ضلت الطريق
فالتمست الهروب خوف الضياع
و القمر بين أحراش ألمه ينفخ الناى
حتى أغرق ثيابه !
السماء رغم اتساعها تختبئ في ملاءة سيدة ، و هنا نجد وجه الشبه بين السماء و الملاءة في السواد و الاتساع عندما تفتح الملاءة ، و قد نبحر فنجد شبه آخر و هو أن السماء لا ترفض كل من يمد لها يده و كذلك السيدة التي ترتدي الملاءة ، الملاءة حسب رؤيتي يكون الأديب قد أراد أن ينقب عن الأصالة المفقودة في الشوارع ، فجاءت الصرخة في كلمة حمقاء ، و لأن هناك فارق كبير بين كلمة سيدة و امرأة جاء هذا التوظيف التعبيري الدلالي الجميل .و النجوم ضلت الطريق
فالتمست الهروب خوف الضياع
و القمر بين أحراش ألمه ينفخ الناى
حتى أغرق ثيابه !
و عندما نتابع نجد الأديب ربيع عقب الباب تفنن في تعرية كل الأجرام التي تتوسد السماء ، فالنجوم تظهر ليلا و القمر كذلك ، و هي لا تظهر في النهار ، و هنا نطرح السؤال – لماذا لم يأتي على تعرية الشمس و التي أصلها في السماء ؟ - و هنا نعود إلى نقطة السواد التي ذكرتها في البداية .
وأنا بين الضفة و الضفة
أقطع لهاث المسافرين
بسؤالي المكسور : أصادفتم نجمة بين السهوب تطارد بتلات الفرح ، وتسرج لها النبضات لتصعد فوق الجرح ؟
" ما دلني أحد عليك "
الصمت بارود يحن للانفجار
و أنا ما بين صمتك و صمتي أحن للتلاشي !
و ينزاح الأديب ربيع إلى داخله ، فيصور حالة شتاته بتشبيه جد بليغ و هو حالة التواجد بين ضفتين ، لا يعرف أيها تكون المنجية من الهلاك القادم ، و ما قطعه للهاث المسافرين ، و اللهاث هنا تعبير عن الحيرة و التعب المتصلين بالسفر .
و هنا أقول لو استعمل كلمة الهاربين مكان المسافرين لكانت اضافة جمالية لسياق الفكرة ، لأن السفر يكون بمحض الارادة لكن الهروب يكون بالإرغام الداخلي .
و لو تمعنا في العبارة : أصادفتم نجمة بين السهوب تطارد بتلات الفرح ، وتسرج لها النبضات لتصعد فوق الجرح ؟ لوجدنا الترابط مع ما تكلمت عنه في الفقرة الأولى ، و هو تعرية كل الأجرام التي تسكن السماء .
سوف أقاسم القمر وجبة النشيج
رغم يقيني ..
بولع الأحراش بانكسارات الليل
ومرورها على أجساد الوجع راقصة
على وهج ما يحترق بيننا من قصيد
ومواعيد شنقت أرصفة الانتظار على مقصلة من وجد !
و يحاول الأديب ربيع في التصدي للقمر بتناوله لوجبة مسمومة بالبكاء ، و البكاء و العويل و النشيج قد سيطر على الحالة الخارجية لخاطر الكاتب ، رغم يقينه بأن الأحراش تحب الليل و سواده ، و هنا أقول أن الأديب قد استعمل الأحراش لأنه على يقين بأن الضوء لا يصل إليها و لا الشمس .
" ما دلني أحد عليك "
و أنت غرة الكون
كأن من مرّ على ساعدي نسي ذاكرته
و كأنني ..
بين ضلوع كابوس ..
مذ غيابك
مستمرئا لدغاته ..
وكأنني .. ما كنت سوى سؤال بين عينيك !
من هي التي أسرت أديبنا و لم يدله أحد عليها ؟ ، قد تكون وطن و قد تكون سيدة و قد تكون أمل ، لكننا عندما نمعن النظر بعد ذلك نجد أنه يقصد كينونة كانت هي البداية و لها من المكانة الكبيرة بين غيرها عندما استعمل كلمة غرة، و حز في داخله نسيانها رغم ما كانت عليه من التقدم و الرقي.
و يأتي لنا بقفلة لخص فيها عمق التدفق الشعوري ، إذ أقر أنه ما هو إلا سؤال قد تبصره ملهمته في هذا الخاطر عندما تزوره هنا .
هنا حاولت رفع الأوراق التي تساقطت فوق خاطرة الأستاذ الأديب ربيع عقب الباب ، كانت خضراء كلون العمر ، و الصور الدلالية و الانزياحات أخذتنا نحو حكاية كل منا يمكن أن يشعر بها عندما يجنح الليل .
تعليق