رمتني الحياة بعللها ، وصيرتني فوق نارها الهادئة قطعة فحم كالغراب يهرب منه الناس اتقاء شره و ابتعادا عن نحسه..
أخبرتني أمي أن ولادتي كانت في يوم ذي عواصف و أمطار هوجاء..و أنها وضعتني كما تضع النساء الأمازونيات..حتى إنها فكرت في التخلي عني و قد وجدتني نحيفا يكاد الموت يتخطفني، غير أن السماء قذفت في روحها محبتي، فرفعتني إلى حضنها باكية، و كان بكاؤها مضاعفا، ففي تلك الليلة الليلاء توفي أبي نتيجة صفقة تجارية خاسرة..ذهولها لموت أبي جعلها تنسى إقامة حفل عقيقتي، فقد بقيت بدون اسم لفترة و حين تيقظت، أطلقت علي اسم أبي العباس، لا أعرف إن كان ذلك له صلة بالولي الصالح الذي كانت تدمن على زيارته أم لسبب آخر؟..
كنت أفرد من الناس إفراد البعير الأجرب، و لولا حماية امي لي لكنت ضمن أصحاب القبور..و حين انتقلت إلى الرفيق الأعلى، صرت هدفا لأحجار الناس و شتائمهم..
اتخذت لنفسي مقاما قصيا، قمة جبل يطل على المدينة المنكوبة ..قيل بسببي..بنيت لي دارا ،صبغتها بالأبيض الناصع، و جعلتها إقامتي و مقر سكني، و كان طعامي مما تنبته الأرض من بقوليات، و ما تمنحه الأشجار من ثمار، و كان النبع الصافي موردي و مطفئ غلتي..بقيت معتكفا أتعبد إلى أن بدأ البياض يطرد السواد، و يعلن نفسه سلطانا، لحظتها انبعث مني سنا ضوء أنار ما حولي و بدد الحلكة..
لم أعد أهتم بما يجري في تحت، كانت الأصوات تأتيني غامضة و متداخلة بشكل يعبر عن عبثية الحياة..
و في يوم، كسر صمة مكاني حضور راع مغبر الثياب حائر النظرات ،ظل يبحث عن قطيعه المفقود مدة ثلاثة أيام، وجده إلى جوار سكني مطمئنا يأكل الحشائش بوداعة..قال لي ، و قد عاد إليه اطمئنانه المفقود:
_لقد اعتقدت أنني لن أعثر عليه أبدا، و استغربت وجوده بقربك لم تمسه أنياب الذئاب الساكنة بالجوار..
ثم أمدني بخروف، و لما رأى إعراضي، ذبحه و تركه أمامي مدرجا في دمائه..فلم يكن لي بد من قبول الهدية..
كان أول عهدي بتناول اللحم..
و بعد فترة حضر مجموعة من العجائز صفر الوجوه، ترهقهم الأحزان، و تأكل أرواجهم الحيرة، ظلوا مقيمين إلى جواري فترة، و لما أزف وقت رحيلهم، منحوني سلالا من التين و الزيتون و بعض البيض، و شكروني على سماحي لهم بالإقامة جنبي، مخبرين إياي على أنهم نالوا حظا من السعادة لم ينعموا بها في حياتهم إطلاقا، و أنهم قد شعروا براحة و سكينة لم يطعموهما من قبل..غادروا مخلفين وراءهم صمتا ثقيلا و أسئلة محيرة، ساعدت نفسي على تجاهلها لكي لا تؤرقني و تذهب عني راحة التعبد..و تفسد صفوي بمنغصات البحث عن أجوبة..
و بقيت وحيدا أذكر الله كثيرا ، و أشكره على نعمه الكثيرة و المتعددة.
و في صبيحة أحد أيام الربيع، استيقظت على صوت بكاء شديد، خرجت أستطلع الأمر، و إذا بي أفاجأ بجمع من الناس قد أطلقوا لأعينهم سيل الدمع، و لأفواههم الرجاء..
حين رأوني مقبلا، جثوا على ركبهم و رؤوسهم يكاد يأكلها التراب، ثم رجوني أن أغسلهم بدعواتي حتى يرفع عنهم البلاء..
طلبت منهم رفع رؤوسهم، و لما فعلوا، تبينت القوم الذين رجموني بشرهم، لم أتخذها فرصة للانتقام، فقد وهبت قلبا مسامحا، بعد أن طهرته بالعبادة و الإخلاص..و طهرت روحي بنداوة الفجر..
رفعت أكفي ارجو لهم الراحة و الصحة و ما ترضاه أنفسهم..
و أرجعتهم إلى مضاربهم راضين..
و أبت إلى بتي متسائلا عن سر حمل النفس البشرية كل هذا الشقاء..
أخبرتني أمي أن ولادتي كانت في يوم ذي عواصف و أمطار هوجاء..و أنها وضعتني كما تضع النساء الأمازونيات..حتى إنها فكرت في التخلي عني و قد وجدتني نحيفا يكاد الموت يتخطفني، غير أن السماء قذفت في روحها محبتي، فرفعتني إلى حضنها باكية، و كان بكاؤها مضاعفا، ففي تلك الليلة الليلاء توفي أبي نتيجة صفقة تجارية خاسرة..ذهولها لموت أبي جعلها تنسى إقامة حفل عقيقتي، فقد بقيت بدون اسم لفترة و حين تيقظت، أطلقت علي اسم أبي العباس، لا أعرف إن كان ذلك له صلة بالولي الصالح الذي كانت تدمن على زيارته أم لسبب آخر؟..
كنت أفرد من الناس إفراد البعير الأجرب، و لولا حماية امي لي لكنت ضمن أصحاب القبور..و حين انتقلت إلى الرفيق الأعلى، صرت هدفا لأحجار الناس و شتائمهم..
اتخذت لنفسي مقاما قصيا، قمة جبل يطل على المدينة المنكوبة ..قيل بسببي..بنيت لي دارا ،صبغتها بالأبيض الناصع، و جعلتها إقامتي و مقر سكني، و كان طعامي مما تنبته الأرض من بقوليات، و ما تمنحه الأشجار من ثمار، و كان النبع الصافي موردي و مطفئ غلتي..بقيت معتكفا أتعبد إلى أن بدأ البياض يطرد السواد، و يعلن نفسه سلطانا، لحظتها انبعث مني سنا ضوء أنار ما حولي و بدد الحلكة..
لم أعد أهتم بما يجري في تحت، كانت الأصوات تأتيني غامضة و متداخلة بشكل يعبر عن عبثية الحياة..
و في يوم، كسر صمة مكاني حضور راع مغبر الثياب حائر النظرات ،ظل يبحث عن قطيعه المفقود مدة ثلاثة أيام، وجده إلى جوار سكني مطمئنا يأكل الحشائش بوداعة..قال لي ، و قد عاد إليه اطمئنانه المفقود:
_لقد اعتقدت أنني لن أعثر عليه أبدا، و استغربت وجوده بقربك لم تمسه أنياب الذئاب الساكنة بالجوار..
ثم أمدني بخروف، و لما رأى إعراضي، ذبحه و تركه أمامي مدرجا في دمائه..فلم يكن لي بد من قبول الهدية..
كان أول عهدي بتناول اللحم..
و بعد فترة حضر مجموعة من العجائز صفر الوجوه، ترهقهم الأحزان، و تأكل أرواجهم الحيرة، ظلوا مقيمين إلى جواري فترة، و لما أزف وقت رحيلهم، منحوني سلالا من التين و الزيتون و بعض البيض، و شكروني على سماحي لهم بالإقامة جنبي، مخبرين إياي على أنهم نالوا حظا من السعادة لم ينعموا بها في حياتهم إطلاقا، و أنهم قد شعروا براحة و سكينة لم يطعموهما من قبل..غادروا مخلفين وراءهم صمتا ثقيلا و أسئلة محيرة، ساعدت نفسي على تجاهلها لكي لا تؤرقني و تذهب عني راحة التعبد..و تفسد صفوي بمنغصات البحث عن أجوبة..
و بقيت وحيدا أذكر الله كثيرا ، و أشكره على نعمه الكثيرة و المتعددة.
و في صبيحة أحد أيام الربيع، استيقظت على صوت بكاء شديد، خرجت أستطلع الأمر، و إذا بي أفاجأ بجمع من الناس قد أطلقوا لأعينهم سيل الدمع، و لأفواههم الرجاء..
حين رأوني مقبلا، جثوا على ركبهم و رؤوسهم يكاد يأكلها التراب، ثم رجوني أن أغسلهم بدعواتي حتى يرفع عنهم البلاء..
طلبت منهم رفع رؤوسهم، و لما فعلوا، تبينت القوم الذين رجموني بشرهم، لم أتخذها فرصة للانتقام، فقد وهبت قلبا مسامحا، بعد أن طهرته بالعبادة و الإخلاص..و طهرت روحي بنداوة الفجر..
رفعت أكفي ارجو لهم الراحة و الصحة و ما ترضاه أنفسهم..
و أرجعتهم إلى مضاربهم راضين..
و أبت إلى بتي متسائلا عن سر حمل النفس البشرية كل هذا الشقاء..
تعليق