قصة لم تكتمل

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عبدالحميد ناصف
    أديب وكاتب
    • 05-02-2013
    • 146

    قصة لم تكتمل

    قصة لم تكتمل


    لأول مرة منذ سنوات.أطرب لسماع حفيف أغصان الأشجار ...رائحة أزهار البرتقال تنشينى.

    كأني أشمها لأول مره... يا لها من رائحة زكيه ...طيور تغرد. تسكب الألحان في مسامعي...


    ينساب أمامي الماء في صفاء ووداعه. تغمره ألوان ذهبيه ألقتها شمس باسمة

    وهى تستعد للرحيل على هذا الجدول الذي أجلس إليه الآن..

    كثيرا ما أجلس إليه .أجتر أحلى ذكريات.. أكاد أراها منقوشة على صفحته...

    أشكو له وحدتي.. شجني..حزني الدفين على فراق حبيبتي..

    .لكنى الآن منتش أحس كل ما حولي من جمال وروعة.. أرى الكون جميلا.

    .ماذا حدث لي . لم أطالع وجه امرأة منذ رحيل حبيبتي.. سنوات وطيفها لم يفارق خيالي . ..

    ابتساماتها..نظرات الرضا والشوق في عيناها...كل لحظة عشناها معا استرجعها بأدق تفاصيلها...

    إلا هذه التي أرى صورتها منقوشة على الماء...منذ أن رأيتهاوغمرتني بنظرة حانية وأنا أبتاع بعض الأشياء

    من
    حانتها ..شدتني هذه النظرة ..جعلتني أطالع ذلك الوجه الذي أراد أن يبحث عما في داخلي من شجن ..

    منديل معصوب فوق حاجب مخطوط .وجتاتان خجلاتان. صوت حالم هامس

    جعلني أتطلع إلى عينين سوداوين لهما بريق أخاذ.أكاد أنفذ منهما إلى أعماق روحها

    أحسست أن هذه النظرة مست شيء خامل بداخلي .حركته..هزته..... تضحك عيناى وهى تكاد تحتضنها .

    وكأنها حبيبة أشتاق إليها رغم أنى أول مرة أراها.

    أخرج من حانتها ململما نظراتي التي تكاد تفضح ما أشعر به. لكنى ألتفت إليها..

    مازالت نظرات العينين السوداوين تغمرني تشدني إليها .. أتخلص منها ... وأسرع الخطى بعيدا..

    أي كيميا تحدث في المخ تجذبني إليها دون غيرها.... ألاحق طيفها في مخيلتي..

    .أصبح يبارى طيف حبيبتي الراحلة في الظهور..يزاحمه..
    .
    أصبحت أدور في فلكها .. جمال القد والطلعة وتلك النظرة المستعطفة تجذبني ...


    ثمة ذكريات مضت محفورة في وجداني تبعدني ...

    أصبحت مشدودا بين خيطين أيهما يجذبني... وهو ما يحلو لي.

    ويجعلني دائم الجلوس إلى هذا النهر.وكثير التردد على حانتها .

    لم أنس يوم قامت من مجلسها لتعرض على أنواع من العطور لأختار ما سأشريه.

    تحيطها هالة من الجاذبية ..........تغمرني رائحة الياسمين ..تجذبني...تهزني...

    .تلاشت الجدران والأرفف وأونى العطر وأصبحنا نسير بين أشجار باسقة وارفة الظلال..

    تتلصص أشعة الشمس من بين الأغصان لترسم أقمارا واهنة على الظلال الممتدة.

    نطأها بأقدامنا فتصعد لتداعب الوجه المشرق...أغار منها....نخرج من بين الظلال ....

    تختلط في أنفى أنفاس الربي. وعبقها الساحر. ورائحة الزهور...تنشينى ...

    شيء بداخلي يتحرك يريد أن يحتوى هذا الجسد الممشوق النابض حيوية ودلالا .. يتملكه .. ..

    نسمات رقيقة وشوق دفين وجاذبية لا تقاوم تعطفنى إليها .. ..

    أرتطم بالأرفف ..تتناثر أواني العطر. لأفيق... ..

    ألملم معها الأواني.وأفشل في لملمة ما قد بدا على وجهي من شوق ووله يفضح ما بداخلي

    وهى تقوم بترتيب أوانيها على الأرفف.مبعدة نظراتها عنى ربما تخاف أن تتلاقى النظرات..

    .أن تتهامس العيون...أن يفتضح ما بداخلها .

    أو ربما تكون هي الأخرى مشدودة بين خيطين..

    رغم أنى أحس تلاحق أنفاسها ..تسارع دقات قلبها..نفور الجسد ..حمرة الخجل على الوجنتين...ارتعاد

    الشفاه... .


    أنصرف دونما كلمة....متثاقل الخطى.خائر القوى.محموم الجسد..

    أود العودة لأعتذر...وأنعم برؤية حمرة الخجل....

    لكنى أخاف أن يغلبني الشوق وأحتوى الجسد والروح..أواصل السير هائما لا أدري ما حولي.........

    يعتريني إحساس أعرفه.أحسسته منذ زمن بعيد حين التقيت حبيبتي الراحلة لأول مرة

    أتذكره جيدا..رجفة تسرى في جسدي.. شوق للقاء ....طيف يلاحقني.

    أصبحت كثير التردد على حانتها لأشترى أشياء أريدها وأخرى لا أريدها..

    دائما تأخذني خطواتي إلى هناك..لأنعم بنظرة للوجه المشرق.متلهفا لسماع همسات صوتها الدافىء.

    أترقب نظراتها لي .لكنها أصبحت تتحاشى أن تتلاقى النظرات ....

    لا أقوى على محادثتها....تحدثها عيناى ..

    .أريدها.. ..صديقة تقرأني وأقرأها..حبيبة ...عشيقة....أريدها زوجة. ..

    ومضات بذاكرتي تصور لي لقاءات العشق والهوى مع محبوبتى الراحلة.

    لم تعد تشبع رغباتي المكبوتة..


    أتوق للمس الأنامل الرقيقة...لهمس العينين السوداويين.... لرضاب الشفاه الساحرة....

    لهذا الصدر الحاني...أتوق أن أحتوى هذا الجسد الثائر..أذوب معه في كيان واحد

    سحبت الشمس أشعتها الذهبية... حمرة الشفق تلون كل ما حولي بلون وردى ..

    وجاء الليل يتهادى ليزيح اللون الوردي. ويخيم بلونه الرمادي على كل ما حولي .

    ويمحو الصور المنقوشة أمامي.على صفحة النهر..

    وشعاع نظرات شمسي المتألقة يضيء شيء في أعماق الشعور.... يتوهج... يزداد وميضه الوردي..

    يضيء ليل وحدتي.. .يعيدني إلى الحياة. بعد أن فقدت الإحساس بها..

    .لن أدع هذا الوميض ينطفىء....سأذكى نوره .لابد من الوصل..

    سأذهب إليها..لن اكتفى هذه المرة بالنظرات ..بهمس العيون..

    سوف أبوح لها..

    انطلقت إلى تلك المدينة .تسبقني فرحتي...يغمرني إحساس جميل . أعرفه جيدا.شوق للقاء

    يعيدني إلى الزمن...


    أرتب الكلمات....كيف سأبدأ..

    هل أدعوها للقاء بتلك الحديقة الواقع على ضفة النهر.وأجلسها أمامي في مواجهة الشمس الذهبية

    وخلفها النهر....


    لا ... سنجلس بين أحواض الياسمين على تلك الخضرة.وأريح رأسي على صدرها

    .وألقى بكل ما يجيش في صدري...سأحدثها عن حبيبتي الراحلة ...عن هذا الإحساس الجميل

    الذي افتقدته من سنوات....عن شوقي وولهي بها.......

    اقترب من حانتها..أقف على الجانب الأخر من الشارع .سيارة فارهة تقف أمامه تحجب الرؤيا .

    أتحرك يمينا ويسارا لأتمكن من رؤيتها

    .أتطلع إلى مجلسها ..امرأة أخرى تجلس مكانها....أجوب بعيني جنبات الحانة .... لم أجدها...

    تصطدم نظراتي بالسيارة الواقفة هناك...أجدها جالسة بالمقعد الخلفي.

    .تتلاقى النظرات....تتعانق...لكن نظراتها حزينة...تقطر شجنا

    ليست تلك النظرات التي جذبتني...

    وتنساب دمعة على الخد الوردي.. أحسها دافئة..

    .تسدل جفناها.. هدبان كجناحي فراشة يحطان على أوراق وردة ندية............

    تحتضن رأس طفلة صغيرة.تجلس بجوارها ..تشبهها تماما...تداعب شعرها بهذا الخد المرتعد.

    وتنطلق السيارة من أمامي ساحبة ذلك الشعاع المضيء في وجداني..ليجثم ليل وحدتي .

    إلا من ومضة أضيفها إلى ومضات كامنة في أعماقي استدعيها وأنا أجالس ذاك النهر...




  • ميساء عباس
    رئيس ملتقى القصة
    • 21-09-2009
    • 4186

    #2
    أسلوب شيق
    مناخ رومانسي شاعري جميل
    قصة ممتعة
    والتداعيات كانت جميلة
    والخاتمة كانت رائعة
    حبذا لوتصلح ماتسسللها من أخطاء
    ليبدو النص أكثر ألقا

    ننتظر جديدك ومشاركاتك
    وفقك الله
    ميساء العباس
    مخالب النور .. بصوتي .. محبتي
    https://www.youtube.com/watch?v=5AbW...ature=youtu.be

    تعليق

    • عبدالحميد ناصف
      أديب وكاتب
      • 05-02-2013
      • 146

      #3
      [quote=ميساء عباس;927650]أسلوب شيق
      مناخ رومانسي شاعري جميل
      قصة ممتعة
      والتداعيات كانت جميلة
      والخاتمة كانت رائعة
      حبذا لوتصلح ماتسسللها من أخطاء
      ليبدو النص أكثر ألقا

      ننتظر جديدك ومشاركاتك
      وفقك الله
      ميساء العباس[/qu
      شكرا أستاذة ميساء
      لكلماتك الرقيقة وثناءك الرائع
      حبذا لو أصلحت أناملك ما تسللها من أخطاء
      لشرفت بذلك ولذدتى أنتى ألقا على ألق

      تعليق

      • عبدالحميد ناصف
        أديب وكاتب
        • 05-02-2013
        • 146

        #4
        .....القراءة النقدية لقصة " قصة لم تكتمل "....
        القصة للكاتب القدير أ / عبدالحميد
        يقدم االقراءة / عادل محمد
        قصة لم تكتمل
        للكاتب : أ/ عبدالحميد

        قبل أن أتعرض " لقصة لم تكتمل" أجاهد قلمي كثيرا كي لا تتحول مساحة القراءة النقدية إلى استطراد من المدح والثناء , فالقصة مبهرة بحق ومعالم الجمال فيها إن حاولنا تسليط الضوء عليها جميعها فتتحول المساحة بأكملها إلى إشادة بكل حرف سكن جنبات القصة . ولن تكفينا صفحات مطولة في وجهة نظري.
        المدرسة الرومانسية
        تعد المدرسة الرومانسية من أجمل المدارس الأدبية، وكيف لا تكون كذلك ؟ وقد جعلت من الإنسان ومشاعره موضوعها الأساسي , فاهتمت بكل ما يخص المشاعر الإنسانية وعلاقتها بالأخر وبالطبيعة .
        وهي ليست مدرسة قصص الغرام السخيفةأو الرخيصة ، بل هي المدرسة التي تجعل من قصة غرام العاشقين سيمفونية عشق يتغنى بهاالكون ، بحيث حين يحب شخص شخصًا آخر ، فإنه يحبه لأنه يحب الإنسانية جمعاء ، إن لم تكن مثالية لكنها عاطفة مشتعلة بالحب .
        أرى الكون جميلا



        من بين مفردات وألفاظ وحالات منقولة بلغة هي الأروع بين القصص المشاركة في المسابقة اخترت هذه الجملة , فهي خير عنوان لهذه المدرسة التي ينتمي إليها الكاتب. ولن أتحدث طويلا عن الحب – في حضور هذه القصة وحروفها الجميلة – هذا الحب الذي يلون الوجود بألوانه ..إما المشرقة أو المعذبة أو الحزينة .. , فالحديث عن الحب والرومانسية – مهما حاولت إنتقاء حروفي - في حضور حروف كاتبنا الجميل هو تشويه لمعنى الحب.. أو بمعنى أقرب لن نبيع الحب في حارة العشاق


        البداية ...
        تعلمنا أن بداية الأعمال الأدبية هي السر الذي سيحكم خط سير العمل – المساحة – أسلوب العرض - وربما يأتي دليل النجاح أو الفشل للعمل الأدبي دائما من البداية , وأضيف على ذلك أن بداية العمل تتحكم أيضا وبشكل كبير في أكثر ما ينشده الكٌتاب والأدباء ألا وهو الاستحواذ على القارئ . فجمهور الكُتاب – في الغالب - لا يميل لخلق عقدة في وسط العمل الأدبي يستحوذ بها على قراءه , ويفضل أن يسلب لب وخيال القارئ منذ السطر الأول .
        وهذا ما نجحت فيه قصة لم تكتمل .. فتبدأ بداية جميلة ساحرة .. و تثير علامات استفهام في نفس القاريء منذ السطر الأول ... ولننظر معا
        لأول مرة منذ سنوات.أطرب لسماع حفيف أغصان الأشجار



        لم أقتبس إلا الجملة الأولى فقط لتكون عنوانا لمساحة البداية كلها .. وانظروا معي قدر دهشتها ..ففي هذه الجملة فقط عرض لزمان ومكان وحالة للبطل ورسم علامة استفهام عند القراء ..!!( لماذا منذ سنوات لم يطرب لسماع حفيف أغصان الأشجار ؟ ) ( ما أروعك من كاتب )
        وتكتمل فصول الحرفية والمهارة مع البداية في أنه- الكاتب- لم يراهن فقط على لغته الساحرة أو روعة وصفه ليركز مع حالة واحدة أو فكرة بسيطة ,لكنه وبميزان الأدباء إستطاع أن يعطي كل ذي حق حقه . بين الوصف المكاني والزمني المبهر والانتقال بين أبطال العمل جميعهم ( البطل الراوي- حبيبة الماضي – حبيبة الحاضر ) ليس هذا وفقط بل يتخذ من كل ما هو سابق أساس لما هو لاحق من عقدة وصراع وحبكة ونهاية درامية ولا أروع.
        لاحظوا معي أن كل هذا ولم نبرح مقعد البداية بعد .. لذا سأحاول جاهدا محاربة قلمي المحب لهذه القصة والإيجاز قدر الاستطاعة.
        وصدقوني لولا الخوف من الإطالة لاسترسلت شارحاً في قدر الدهشة الساكنة حروف هذه البداية كلمة كلمة وجملة جملة وصولاً لمنطقة الوسط .
        منطقة الوسط
        لم يسرع القلم فيخبرني بتعلق البطل والبطلة في سطر واحد , لكنه استعان بكل أدواته القصصية من سرد ووصف وأحداث في منطقة الوسط تنقل لي هذا التعلق بشكل تدريجي وإن جاءت بدايته بشكل مباشر لكن النار لم تصبح جمرا إلا عن طريق ........ ( منطقة الوسط ) .....
        النهاية - منطقة التنوير
        حملت منطقة التنوير جوهر الحدث التي بنيت القصة من أجله ( عاشق محكوم عليه بالألم) وعلى الرغم من أن القصة تنتهي بمنطقة تنوير مؤلمة . لكننا ومن التركيز نجد
        - التمهيد الرائع لمنطقة للنهاية من خلال منطقة الوسط ومن بعدها, إذ أرى أنه لا مجال للفصل بين النهاية وبين ما سبقها من خيالات العاشق .. وكيف حلم بلقاءيهما .
        - أن الكاتب صنع لنا فلكاً دائرياً يعيش فيه البطل فأخذ بنا – عند النهاية - دون أن يدري إلى البداية من جديد .وبهذا ستتواجد صورتان للماضي يعيش بهما البطل إلى أن ....
        ولم يرغب الكاتب في أن تكون قصته كما الأفلام القديمة نصفق لها عند النهاية التي تحمل حل لكل المشاكل .
        لكنه صنع معاناة تترك أثرها في نفوسنا نحن القراء حتى وإن طوينا صفحة القصة
        _____
        عذراً إن أقحمت الحديث عن نسيج القصة قبل إكمال الحديث عن عناصر بناءها وسنعرف السر سوياً.
        اللغة ...
        رائعة وكفى ..
        السرد
        رائع وبسيط وأشد ما يميزه الإتزان, فقد تحكم الكاتب في السرد بميزان الأدباء فلم يقحمنا مع أحداث لا تفيد القصة ولم يبتر حدث واحد أو منطقة معينة أو حالة .فكانت كل كلمة تأخذنا الى الأخرى وكل حدث يضعنا في الأخر وكل حالة تبرر ما سيعقبها .
        الحوار
        دعونا نصف الكاتب بأنه إن لم يكن موهوبا حتى النخاع فهو كاتب عبقري. لماذا ؟
        بين المؤيد للحوار في القصة وبين المعارض يوجد مقعدي .. لكن مع طريقة السرد تلك أرى أن القصة لا تحتمل إي إفساد للوصف والصراع بوجود حوار مطول بداخلها .. أراه مهما اجتهد الكاتب ليضعه داخل النسيج الأساسي للعمل بلغة راقية كان لابد وسيخرجني من تلك الحالة الحالمة التي صنعتها القصة . لذا فأنا أشهد للكاتب بالعبقرية ومدى إدراكه لنقاط القوة في قلمه وجمال إختياره لنسيج القصة منذ البداية وحتى النهاية .

        الوصف ...
        كثيرا ما نمتدح الوصف في قصة لمجرد انه ينقل الصورة الزمنية والمكانية للأبطال بشكل جيد , ولكن ما بالنا مع- قصة لم تكتمل - بوصف يجعلني – كقارئ- أرى الصورة ثلاثية الأبعاد ويجبرني على التوحد مع البطل شئت أم أبيت, سواء كنت مقدراً للحب والعاطفة أم قارئ مادي عقلاني ...
        وهنا لابد أن نقفز خارج الوصف لنؤكد على نقطة بالغة الأهمية تجلت بوضوح داخل هذا العمل .
        التكامل
        سر الجمال في هذه القصة هو ثوب الكمال الذي اكتست به في عيوننا كقراء ... أو بمعني أدق أن القصة لم تتميز في نقطة وأهملت الأخرى فجاءت كل عناصر القصة تتكامل وتخدم بعضها البعض ..
        ودعونا نلاحظ معًا وبإيجاز شديد أهم نقاط التكامل
        - إختيار الراوي كأحد أبطال العمل خدم الصراع بشكل مبهر وجعلني كقارئ أتوحد مع البطل .
        - اللغة الراقية والمفردات الأخاذة خدمت الوصف بشكل مدهش .
        - الوصف خدم العقدة والصراع كأجمل ما يكون ..
        - الصراع والعقدة أهلّت القارئ للسقوط كما البطل مع النهاية الدرامية في النهاية .
        وكأننا بسبحة من الجمال كل حبة تأخذنا إلى الأخرى, أو أننا على درجات سلم الجمال , كل درجة من الرقي تخدم الأخرى ويخدمون جميعا حالة الصعود الرائعة نحو قمة الانبهار بداخل العمل الأدبي. وقبل كل هذا يخدمون بناء القصة وهذا هو سر إٌقحامي للحديث عن نسيج القصة قبل إكمال عناصر بناءها .
        ---------------------

        الأبطال
        إستطاع الكاتب أن يرسم أبطال عمله بمهارة شديدة ويجسد أفعالهم كصور تتحرك أمامنا, وبطول القصة لم يأتي فعل لا يحمل التبرير الكافي , حتى العيون الحزينة كنا نعرف كقراء سر حزنها.
        وإختيار الراوي كأحد أبطال القصة خدم كثيرا إغفال الكاتب ( البطل ) للخلفية الخاصة ( بالبطلة) , فهو لا يعرف أنها ... وأنها ... وحتى النهاية ظل .
        فانتهت القصة ولم يعرف إجابة العديد من الأسئلة .. وتركنا نبحث معه عن إجابتها
        الحبكة
        هنا نأتي لنقطة التكامل التي أشرت إليها إذ تتجلي بوضوح عند النظر الى فكرة القصة ومراجعة أحداثها ومدي حبكتها ومنطقيتها منذ السطر الأول وحتى النهاية . وسنرى ان القصة تحمل سلسلة منطقية من الأحداث صنعت الفكرة الكلية القصة .
        وحتى الإعجاب الأول للبطل مع صاحبة الحانوت والذي قد يعتقده البعض مبالغ فيه إذ كيف يراها ويقع – تقريبا في حبها منذ الوهلة الأولى .
        سنرى من بين السطور أربع نقاط موضوعة بمهارة بالغة بين السطور
        أن البطل لام نفسه على ما هو فيه وتعجب لحاله .. وكأن الكاتب برشاقة ومهارة يلقي بنا على مشيئة القدر التي ألقت ببذور الحب في قلبه منذ لقاءهما الأول.دون غيرها من النساء فمنذ أن رحلت حبيبته الأولى لم تستطع أنثى أن تزاحم صورتها .
        النقطة الثانية هي طبيعة البطل الحالمة المحبة والتي تجسدت بوضوح من الاختيار الزمني والمكاني والتي تعبر بشكل عميق عن طبيعة البطل الرومانسية جدا والتي قد يراها البعض ( مختلفة ) لكنها موجودة , ولننظر سوياً كيف بدأت القصة , وللنظر أيضا إلى الحدث المنقول ببراعة والتي جمع البطل والبطلة في الحانوت 0 عندما سقطت الأواني .. هنا رجل يتصرف ويتكلم ويصف و.... بقلبه .. ولا شيء غير قلبه
        أحسست أن هذه النظرة مست شيء خامل بداخلي .حركته..هزته


        النقطة الثالثة أن بطل بهذه الكيفية التي نقلها لنا الكاتب لا يستطيع أن يحيي بدون حب , فأما وقد حاصرته صورة حبيبته الراحلة لفترات طويلة فهذا لا يعني أبدا عدم تعطش أرض الحب بداخل روحه لنهر العشق , وعندما تتشقق أرواحنا بحثا عن الحب من جديد فإنها قد ترتوي- عندما تريد أو يريد القدر - بمياه جديدة حتى وإن كانت مالحة ... وهذا ما حدث مع البطل .. فما أن ظن أنه يطير من قفص الماضي فإذا جناحاه تسوقاه إلى قفص جديد من الألم .
        أو ربما تكون هي الأخرى مشدودة بين خيطين



        التشابة .. هناك أشياء تحكم إنجذابنا إلى الآخر لعل أبرزها هو التشابه .. ودائما ما يحكم تشابه الروح إنجذاب الروح للروح . ولن أسهب في تشابهما المعنوي الذي عرضه الكاتب بمهارة .. هو حبيس لماضي قد رحل .. وهي حبيسة لحاضر ترفضه .
        الصراع ..
        كما قلنا لقد خدم كل عنصر في القصة العنصر الأخر فخدمت اللغة والوصف وطريقة السرد ( الصراع ) , ورغم إعتماد الكاتب على الصراع الداخلي في معظم جوانب العمل , لكنه جاء مبهراً يشعرك كقاريء بالتوحّد التام والشعور الكامل بتلك النيران التي تشتعل بداخل البطل . وإن أختلفت مسمياتها بين الحنين الى الماضي وبين الخوف من المستقبل ,بين الحيرة وبين الرغبة , بين الإقبال والإدبار.وسنلاحظ ايضا أن بعض المشاهد القليلة التي إحتدم فيها الصراع الخارجي جاءت لتخدم الصراع الداخلي أكثر .. فالكاتب يريد أن يقصر عزفه على الروح ولا شيء غير الروح .

        الوحدة بين البناء والنسيج
        تناغم نسيج القصة مع بناءها بشكل أعجزني عن الفصل بينهما عند التطرق إليهما وتعد هذه نقطة غاية فى الروعة والجمال .
        القيمة الفكرية للعمل
        ربما تضعف القيمة الفكرية للعمل في نظر نقاده , إذ لا مجال لإمرأة متزوجة أن تحلق فى سماء الحب – ولو من خلال النظرات – بعيداً عن بيت زوجها وأسرتها- , ولكنني وعلى المستوى الشخصي وبعيداً عن تلك النظرة المثالية للأمور – لازلت أؤمن أن القصص لا تنفصل عنا , ومادام الأمر يحدث بيننا فلا عتاب على الكاتب . كما أن القصة تعاملت بطهر ونقاء بالغين . ولم تبتعد عن مشاعر طاهرة لا دخل للأبطال في وجودها. فالبطل لم يكن يدري أنها متزوجة .وفيما يخصها هي فالراوي لا يملك أن يضع لها تبريرا هو لا يعرفه .

        تعليق

        يعمل...
        X